جريدة الاحداث
https://www.elahdath.net/index.php/social/index.1.html
العنوان : 1,شارع بشير عطار, ساحة أول ماي الجزائر العاصمة
الهاتف : 85 06 66 021 - 87 06 66 021
الفاكس : 41 06 66 021
رفضها يزيد يوما بعد يوم و تتعدد الأسباب
الخدمة الوطنية واجب يتهرب من أدائه أغلبية الشباب
06/05/2013 17:08:00 إيمان حميدي
حجم الخط: Decrease font enlarge font نص عادي نص عادي نسخة للطباعة نسخة للطباعة email أرسل إلى صديق
الخدمة الوطنية واجب وطني مقدس تهدف لتكوين المواطن حتى يكون قادرا على حماية البلاد والمحافظة على استقلال وسلامة التراب الوطني. هذه الأفكار التي كانت سائدة بعد الإستقلال والتي كان الشباب وقتها ينادون بها وينتظرون بلوغهم السن المناسب لتأديتها والبرهنة على مدى عشقهم لوطنهم، لم تبق على حالها اليوم، حيث أصبحت الخدمة الوطنية كابوسا مرعبا يهرب منه أغلبية الشباب، معتبرين أنها حجر عثرة في طريقهم نحو الوظيفة المناسبة وتفقدهم الحرية والراحة التي اعتادوها ويرون أن تأدية الخدمة الوطنية أو عدمه لا يعكس بالضرورة مقدار حب الوطن إنما يعكس رغبات وطموحات هذا الجيل في حياة تقل
فيها الصعاب والمشاق التي يتعرضون لها أثناء تأدية الخدمة الوطنية.
حاورت ‘’الأحداث’’ بعض من أدى الخدمة الوطنية ومن لم يؤدِها لرصد آرائهم حول تأدية الخدمة الوطنية ومعرفة السبب وراء عزوف العديد من الشباب عن الرغبة في تأديتها والذي ظهر بشكل كبير وملفت للنظر مؤخرا، حيث طالب البعض بإعفاء كل الشباب منها عبر مختلف مواقع التواصل الإجتماعي وحتى خلال أحاديثهم اليومية.
أفكار قبلية تغزو عقول الشباب
أغلبية الشباب اليوم لديهم أفكار معينة حول الخدمة الوطنية وهي التي جعلتهم يعزفون عنها فهي لم تعد كما كانت عليه في السابق حسبهم، حيث ‘’كانت مدرسة تعلم الرجولة، تغرس الروح الوطنية، فرصة للشاب للعثور على أصدقاء حقيقيين لم يجدوهم خارجا، باختصار لا يندم الشاب على ما قضاه من أوقات فيها’’ حسبما أفادنا به حبيب 40 سنة، أما اليوم فهي مكان لا يحتمل العديد العيش فيه لبضعة أيام فكيف والفترة تتعدى السنة، حيث قال (ع.ج)’’لم أتحمل وجودي بالثكنة، شعرت بأنني مسجون هناك وتركت حريتي خارجا.’’ مضيفا أن تغيير المناطق التي يتواجد فيها تؤثر أيضا على مدى إندماجه مع الظروف الجديدة فالمناطق النائية والخالية من السكان تجعل الإندماج صعبا جدا. كما أن الصرامة الشديدة التي يتحدث عنها البعض تجعل الكثير من الشباب متخوفا من تأدية الخدمة الوطنية خاصة من اعتاد على الحياة الكريمة منهم وهذا ما يجعلهم يبحثون عن الأعذار للتملص منها، فكل واحد منهم يحكي تجربته الخاصة واعتقاداته حول ما عاشه هناك ويقوم الشباب بتطبيق ما عاشه وعاينه غيرهم على أنفسهم، غير مهتمين باختلاف شخصية كل واحد منهم والظروف التي يمر بها وما قد يتعرض لها عند أدائها.
الخدمة الوطنية منفذ لشريحة أخرى من الشباب بسبب الظروف الإجتماعية التي يعيشونها، فيفضل العديد منهم قضاء حوالي سنتين في الخدمة عوض البقاء في مكان لم يجلب له سوى المشاكل والأرق وهو في مقتبل العمر. وأكد محمد عن استعداده لتأديتها ‘’رغم أنها صعبة حسبما أخبروني به وقد لا أستطيع تحملها لكنني أشعر أنها مهمة فقد لاحظت مدى تغير طباع صديقي الذي كان مستهترا كسولا إلى درجة لا يمكن تصورها لكنه اليوم بعد أداء الخدمة الوطنية أصبح أكثر إنضباطا وتنظيما ولولا معرفتي الحقيقية به لما صدقت ما هو عليه اليوم”.
الخدمة الوطنية مضيعة للوقت وللمستقبل
هذا ما يراه معظم من لا يريد تأدية الخدمة الوطنية لأنها لا تعلم الكثير في نظرهم سوى طرق القتال والحراسة بغض النظر عن الصرامة والغلظة التي يعاملون بها أثناء فتر ة الخدمة، كما أنهم يعتبرون أنها تمنعهم من فرص إيجاد عمل مناسب بعد التخرج. ياسين من بين من أكدوا ذلك فقال ‘’أديت الخدمة الوطنية من 15 سبتمبر 2010 حتى 15 مارس 2012 وكانت واجبا علي لكنني بالمقابل لم أتمتع بحقوقي”. كما أن الخدمة الوطنية تقضي على طموح الشباب، حيث يخطط العديد منهم لمستقبلهم بعد التخرج لكن كل أحلامهم تضيع سدا لأن المنصب الذي درسوا وسهروا الليالي لبلوغه لا ينتظرهم ما يقارب السنتين لأن العمل لا يتوقف عليه. والحل في اعتقاد هذه الفئة هو أن تمنح الشاب المتخرج فرصة لإيجاد عمل أولا فيضمن أنه بعد إنهاء الخدمة الوطنية يجد وظيفة مناسبة له وترضي طموحه. وأكد بعض خريجي الجامعات أنهم الفئة الأكثر طلبا للخدمة الوطنية وأنهم لا يعفون بسهولة منها عكس الشباب الذين لم يواصلوا دراستهم، حيث لا يكون الطلب عليهم كبيرا مقارنة مع حاملي الشهادات مما يدفع العديد منهم إلى الغش بادعاء المرض واستعمال الماسح الضوئي (سكانير) للتزوير لكن صرامة المراقبة الطبية والإدارية تقف لهذه المحاولات بالمرصاد.
ومن جهة أخرى فحتى مَن يتهرب مِن أداء الخدمة وهو مطالب بذلك فلا يهنأ بوظيفة ولا يرضي أي جزء من طموحه خاصة من أنهى دراسته وهو حال سمير الذي حدثنا عن تجربته الخاصة لإيجاد وظيفة في الوقت الذي كانت فيه شروط الوظيفة تتطلب الحصول على إعفاء أو أداء الخدمة، فاضطر لإنتظار ثلاث سنوات قبل حصوله على الإعفاء وبعد هذه المدة بدأ المشاركة في مسابقات التوظيف ‘’فضلت لو أنني أديتها في سنة ونصف عوض أن أضيع ضعف هذه المدة دون عمل .. فالخسائر كانت لتكون أقل بالنسبة لي’’. وفي سياق متصل أكد أحد المتهربين من أدائها أنه عندما اكتشفوا أمره تم أخذه على الفور إلى الثكنة ولم يقبلوا منه أية أعذار أو تأجيل ‘’الطريقة التي أخذوني بها جعلتني أفضل الذهاب بإرادتي وعدم التهرب؛ على الأقل لحفظ كرامتي التي لم أستطع الدفاع عنها لأنني المخطئ”.
أداء الخدمة الوطنية
لم يعد مشكلا
لم يعد أداء الخدمة الوطنية مشكلا كما في السابق، لأن في ملفات التوظيف لا يشترطون أداءها أو الإعفاء منها إنما أصبح يطلب من الشاب توضيح وضعيته السليمة تجاه الخدمة الوطنية بتقديم وثيقة التأجيل أو الإستدعاء، التأهيل، التجديد، التأدية ويعود عدم تطبيقها في إدارات بعض الولايات إلى جهل الطرفين (المتقدم للوظيفة أو المستقبل لها) بهذه التعليمة الصادرة في 2008 والتي تلغي إجبارية الإعفاء أو الأداء من ملفات التوظيف.
رؤية النصف المملوء من الكأس
أما يوسف فيرى أن الخدمة الوطنية هي الدواء الشافي للكثير من الشباب الذين يعانون من الضياع الفكري والإجتماعي بسبب البطالة، الإستهتار وعدم الإنضباط لأنها تعلمهم الإنضباط، التنظيم، تحمل المسؤولية واحترام الوقت وأشياء أخرى لا يمكن لغير الخدمة الوطنية أن تعلمها، مضيفا أن ما عاشه أو يعيشه الشباب أثناء تأدية الخدمة هو أسهل بكثير من الذي قد يواجهه في الواقع أثناء الأزمات، لأن العدو لا يرحم. وأشار إلى أن هذا الشاب الذي درس حوالي16 سنة أو أكثر مجانا وتكوَن مجانا وعُولج مجانا ..طيلة هذه المدة لا يستطيع تلبية نداء وطنه عندما احتاجه لفترة لا تعادل حتى ثمن ما قدمت له. أما أنيس فيعتبرها شكلا من أشكال الطاعة والولاء وأن التهرب من أدائها في نظره عصيان وتمرد مؤكدا أنه يفضل التضحية بسنة ونصف من حياته لتأدية واجبه الوطني بإرادته على أن يتهرب منها لعشر سنوات تضيع أيضا من حياته وبإرادته. وذهب البعض إلى أنه حتى بفرض وجود حل برلماني لمشكلة هؤلاء الشباب يعفيهم من تأدية الخدمة الوطنية، فمن سيحمي الوطن ويحمي عائلته لو واجه أي أزمة لأن الجيش الإحتياطي في مثل هذه الحالات غير موجود.
ورغم كل شيء يبقى أمل بعض هؤلاء الشباب قائما في إعفائهم من تأدية الخدمة الوطنية وانتظار مرسوم رئاسي بمناسبة عيد الإستقلال أو أي مناسبة وطنية ضمن سياسة الإعفاءات التي تنتهجها الحكومة من فترة لأخرى.