المجتمع الإسلاميُ وظهُور طبقة العُبَّاد
نشأ المجتمع الإسلامي الأول نشأة طبيعية متكاملة غير متكلفة, جمعت بين بقايا من الفطرة السليمة والوحي المنزل من عند الله سبحانه وتعالى, كان العرب يومها وخاصة أهل المدن كقريش و الأوس والخزرج أقرب إلى الفطرة من الأمم الأخرى, فلا ريب أن الله اختار لنبيه أفضل الأجيال, رباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكنفه ورعايته فكانوا: [كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا]. [ سورة الفتح / 29].
وعندما يبدر من أحدهم أي اجتهاد يخالف الحنيفية السمحة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحح لهم الطريق ويعود بهم إلى الجادة المستقيمة, وعندما همّ ثلاثة من الصحابة بترك الدنيا من نساء وأموال بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بردهم إلى الطريق الوسط قائلاً لهم: " أما أنا فأصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج النساء, فمن رغب عن سنتي فليس مني "[ جامع الأصول لابن الأثير 1/294 باب الاقتصاد في الأعمال]
فالتوسط هو الأصل " وإذا نظرت في عمومات الشريعة, فتأملها تجدها حاملة على الوسط, فطرف التشديد يؤتي به في المقابلة من غلب عليه الانحلال, وطرف التخفيف في مقابلة من غلب عليه الحرج الشديد فإذا لم يكن هذا ولا ذاك رأيت التوسط لائحاً وهو الأصل الذي يرجع إليه " [الموافقات للشاطبي 2/113. ط . دار الفكر بتعليق الخضر حسين].
كان الصحابة رضوان الله عليهم فيهم الفقير والغني, وفيهم التاجر والمزارع والعامل وكان بعضهم يتناوب الحضور للتعلم من النبي صلى الله عليه وسلم ويبلغه للآخرين, وأما أهل الصفة فإنهم لم ينقطعوا للعبادة أو العلم باختيارهم وإنما كان أحدهم إذا وجد عملاً ترك حاله الأولى, هكذا كانت حياة الصحابة حياة طبيعية تجمع بين العلم والعمل والجهاد في سبيل الله, وبينما هو متعلم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو بين أهله وولده وضيعة يمارس حياته اليومية المعتادة. والتزام أحدهم بعبادة معينة أكثر من الآخرين كفعل عبد الله بن عمرو بن العاص لا يغير من الصورة شيئاً, فهو شخصية متكاملة ولا تزال الفوارق الفردية تمايز بين الناس في جانب دون آخر. فهم كما وصفهم الإمام الجويني: " ولم يرهق وجوههم الكريمة وهج البدع والأهواء ولم يقتحموا جراثيم اختلاف الآراء كالبيضة التي لا تتشظى"
[عبد الملك بن عبد الله الجويني: الغيائي/42].
وكان التابعون وكثير من تابعي التابعين على مثل ذلك, يجمعون بين العلم والعمل, بين العبادة والبعد عن الناس مع علمهم وفضلهم والتزامهم بآداب الشريعة, ولأسباب معينة قد يغلب على أحدهم الخوف الشديد والبكاء المستمر, فهؤلاء وإن كانت أحوالهم عالية جداً, ولكن أحوال الصحابة ومن اقتفى أثرهم من التابعين أفضل, ولذلك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لأصحابه: " أنتم أكثر صوماً وصلاة من أصحاب محمد وهم كانوا خيراً منكم قالوا: لم يا أبا عبد الرحمن؟ قال: لأنهم كانوا أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة" [ابن تيمية: الفتاوى 22/304] .
ومن هؤلاء العباد في المدينة:
عامر بن عبد الله بن الزبير: كان يواصل في الصوم فيقول والده: رأيت أبا بكر وعمر ولم يكونا هكذا.
صفوان بن سليم: من الثقات قال عنه أحمد بن حنبل: يستشفى بحديثه وينزل القطر من السماء بذكره, وكان يصلي على السطح في الليلة الباردة لئلا يجيئه النوم, وقد أعطى الله عهداً أن لا يضع جنبه على فراش حتى يلحق بربه, توفي سنة 132ﻫ [ الإمام الذهبي: سير أعلام النبلاء 5/219].
فإذا كان ما أورده الذهبي صحيحاً فهذا خلاف قوله صلى الله عليه وسلم ( وأصلي وأنام ). ومنهم في البصرة طلق بن حبيب العنزي, من كبار العاملين, وعطاء السلمي بكى حتى عمش [سير أعلام النبلاء 4/601].
ومنهم كرز بن وبر الحارثي نزيل جرجان: من العباد والزهاد قال عنه الذهبي:" هكذا كان زهاد السلف وعبادهم أصحاب خوف وخشوع وتعبد وقنوع لا يدخلون في الدنيا وشهواتها ولا في عبارات أحدثها المتأخرون من الفناء والاتحاد" [المصدر السابق 6/86].
ومنهم في الكوفة: الأسود بن يزيد بن قيس: كان يجهد نفسه في الصوم والعبادة حتى يصفرَّ جسمه [ابن الجوزي: صفة الصفوة 3/23].داود الطائي, يذكر عنه أنه ورث بيتاً فكان لا يعمره إذا خربت ناحية منه حتى خرب البيت كله وجلس في زاوية منه, وقد نحل جداً من قلة الأكل [ المصدر السابق 3/139].
ويبدو أن من أسباب ظهور طبقة العباد والزهاد في القرن الثاني الهجري هو إقبال الناس على الدنيا يجمعون منها ويتفاخرون [ابن خلدون: المقدمة/467]., فكانت ردة الفعل عند البعض هي الابتعاد الكلي عنها, ولا بد أن هناك أسباباً أخرى قد تكون شخصية, وقد تكون من أثر إقليم معين أو مدينة معينة, فإن من الخطأ تفسير ظاهرة ما بسبب واحد.
ثم حدثت مرحلة انتقالية بين هذا الزهد المشروع وبين التصوف حين أصبح له تآليف خاصة, ويمثل هذه النقلة مالك دينار فنراه يدعو إلى أمور ليست عند الزهاد السابقين, منها التجرد أي ترك الزواج, وهو نفسه امتنع عن الزواج وكان يقول: " لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة ويأوي إلى مزابل الكلاب" [سير أعلام النبلاء 8/156, عبد الرحمن بدوي : تاريخ التصوف 198ـ حلية الأولياء 2/359. وقد علق محقق السير الشيخ شعيب على هذا الكلام فقال: " منزلة الصديقين لا تنال بهذا النسك الأعجمي المخالف لما صح عنه صلى الله عليه وسلم من ترك التبتل والرهبنة"].
ويقول: " إنه لتأتي عَلَيّ السنة لا آكل فيها لحماً إلا في يوم الأضحى, فإني آكل من أضحيتي" [ تاريخ التصوف /193].
وكثيراً ما يقول: قرأت في بعض الكتب, قرأت في التوراة,ويروى عن عيسى عليه السلام: " بحق أقول لكم, إن أكل الشعير والنوم على المزابل مع الكلاب لقليل في طلب الفردوس " أو قوله: " أوحى الله إلى نبي من الأنبياء " أو " قرأت في الزبور ... " [ انظر ترجمة في حلية الأولياء 2/357 ].
فمن الواضح ومن خلال قراءة ترجمته في كتب الطبقات أنه متأثر بما ترويه الكتب القديمة عن الزهاد والرهبان .. ومن الواضح أن هذه الكتب قد حرفت ولسنا مأمورين بقراءتها بل منهيون عن الأخذ منهم وتقليدهم.
وربما يكون عبد الواحد بن زيد ورابعة العدوية [ تكلم فيها أبو داود السجستاني واتهمها بالزندقة, فلعله بلغه عنها أمر, توفيت بالقدس سنة 185ﻫ. انظر : ابن كثير/ البداية والنهاية 10/186 . قال ابن تيمية: قال بعضهم : مَنْ عَبَدَ الله بالحب وحده فهو زنديق, ومَنْ عَبَدَ الله بالخوف وحده فهو مؤمن موحد. انظر الفتاوى 10/81].
من أقطاب هذه المرحلة الانتقالية, واستحدثت كلمة العشق للتعبير عن المحبة بين العبد والرب ويرددون أحاديث باطلة في ذلك مثل: " إذا كان الغالب على عبدي الاشتغال بي جعلت نعيمه ولذته في ذكري عشقني وعشقته " وبدأ الكلام حول العبادة لا طمعاً في الجنة ولا خوفاً من النار, وإنما قصد الحب الإلهي, وهذا مخالف للآية الكريمة: [ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ] الأنبياء/90.
ومثل قول رابعة لرجل رأته يضم صبياً من أهله ويقبله: " ما كنت أحسب أن في قلبك موضعاً فارغً لمحبة غيره تبارك اسمه " [ سير أعلام النبلاء 8/156].. وهذا تعمق وتكلف لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقبل أولاد ابنته ويحبهم.
يقول ابن تيمية : ملاحظاً : هذا التطور : " في أواخر عصر التابعين حدث ثلاثة أشياء : الرأي , والكلام, والتصوف, فكان جمهور الرأي في الكوفة, وكان جمهور الكلام والتصوف في البصرة, فإنه بعد موت الحسن وابن سيرين ظهر عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وظهر أحمد بن علي الهجيمي[ كان تلميذ شيخ البصرة عبد الواحد بن زيد, وكان يتكلم في القدر, وقف داراً بالبصرة لمتعبدين. قال الدارقطني : متروك الحديث قال الذهبي : ما كان يدري الحديث, ولكنه عبد صالح وقع في القدر نعوذ بالله من ترهات الصوفية. توفي سنة 200ﻫ انظر: سير أعلام النبلاء 9/408].
وبنى دويرة للصوفية وهي أول ما بني في الإسلام ( أي دار خاصة للالتقاء على ذكر أو سماع ) وصار لهم من التعبد المحدث طريق يتمسكون به, مع تمسكهم بغالب التعبد المشروع, وصار لهم حال من السماع والصوت, وكان أهل المدينة أقرب من هؤلاء في القول والعمل, وأما الشاميون فكان غالبهم مجاهدين "[ الفتاوى : 10/359].
كما لخص هذا التطور الإمام ابن الجوزي فقال : " في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كانت كلمة مؤمن ومسلم, ثم نشأت كلمة زاهد وعابد, ثم نشأ أقوام وتعلقوا بالزهد والتعبد واتخذوا في ذلك طريقة تفردوا بها, هكذا كان أوائل القوم ولبَّس عليهم إبليس أشياء ثم على من بعدهم إلى أن تمكن من المتأخرين غاية التمكن " [ تلبيس إبليس /161].
هؤلاء الذين اتخذوا طريقة تفردوا بها ويسميهم ابن الجوزي ( أوائل القوم ) الذين جمعوا بين الزهد وبين التعمق والتشدد والتفتيش على الوساوس والخطرات مما لم يكن على عهد السلف الأول.
نماذج من الطرق الصوفية:
[ الطريقة القادرية وتسمى الجيلانية: أسسها عبدا لقادر الجيلاني المتوفى سنة 561 ﻫ , يزعم أتباعه انه أخذ الخرقة والتصوف عن الحسن البصري عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما, كما نسبوا إليه من الأمور العظيمة فيما لا يقدر عليها إلا الله تعالى من معرفة الغيب, وإحياء الموتى وتصرفه في الكون حيا أو ميتا , بالإضافة إلى مجموعة من الأذكار والأوراد والأقوال التي منها: من استغاث بي في كربة كشفت عنه, ومن نادني في شدة فرجت عنه ومن توسل بي في حاجة قضيت له.
[ الطريقة الرفاعية: تنسب إلى أبي العباس أحمد بن أبي الحسين الرفاعي ويطق عليها البطائحية نسبة إلى مكان ولاية بالقرب من قرى البطائح بالعراق, وجماعته يستخدمون السيوف ودخول النيران في إثبات الكرامات. قال عنهم الشيخ الألوسي "وأعظم الناس بلاء في هذا العصر على الدين والدولة مبتدعة الرفاعية, فلا تجد بدعة إلا ومنهم مصدرها وعنهم موردها فذكرهم عبارة عن رقص وغناء وعبادة مشايخهم".
[ البدوية: وتنسب إلى احمد البدوي 634 ﻫ ولد بفاس, حج ورحل إلى العراق, واستقر في طنطا بمصر حتى وفاته, له فيها ضريح مقصود, حيث يقام له كغيره من أولياء الصوفية احتفال بمولده سنويا يمارس فيه الكثير من البدع والانحرافات العقدية من دعاء واستغاثة وتبرك وتوسل ما يؤدي إلى الشرك المخرج من الملة, وأتباع طريقته منتشرون في بعض محافظات مصر, ولهم فيها فروع كالبيومية والشناوية وأولاد نوح والشعبية وشارتهم العمامة الحمراء.
[ الطريقة الدسوقية: تنسب إلى إبراهيم الدسوقي 676 ﻫ المدفون بمدينة دسوق في مصر, يدعي المتصوفة انه احد الأقطاب الأربعة الذين يرجع إليهم تدبير الأمور في هذا الكون.
[ الطريقة الأكبرية: نسبة إلى الشيخ محيي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر 638 ﻫ, وتقوم طريقته على عقيدة وحدة الوجود والصمت والعزلة والجوع والسهر, ولها ثلاث صفات: الصبر على البلاء, و الشكر على الرخاء, و الرضا بالقضاء.
[ الطريقة الشاذلية: وهي طريقة صوفية تنسب إلى أبي الحسن الشاذلي يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية وان كانت تختلف في أسلوب سلوك المريد أو السالك وطرق تربيته, إضافة إلى اشتهارهم بالذكر المفرد "الله" أو مضمرا " ﻫ ", ويفضلون اكتساب العلوم عن طريق الذوق وهو تلقي الأرواح للأسرار الطاهرة في الكرامات وخوارق العادات, كذلك معرفة الله تعالى معرفة يقينية ولا يحصل ذلك إلا عن طريق الذوق أو الكشف. كما أن من معتقداتهم السماع وهو سماع الأناشيد والأشعار التي قد تصل إلى درجة الكفر والشرك كرفع الرسول إلى مرتبة ليست موجودة في الكتاب والسنة.
[ الطريقة البكداشية: كان الأتراك العثمانيون ينتمون إلى هذه الطريقة, وهي لا تزال منتشرة في ألبانيا, كما أنها اقرب إلى التصوف الشيعي, وكان لهذه الطريقة اثر بارز في نشر الإسلام بين الأتراك والمغول.
[ الطريقة المولوية: أنشأها الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي 672 ﻫ والمدفون بقونية, أصحابها يتميزون بإدخال الرقص والإيقاعات في حلقات الذكر, وقد انتشروا في تركيا وغرب آسيا, ولم يبق لهم في الأيام الحاضرة إلا بعض التكايا في تركيا وحلب وفي بعض أقطار المشرق.
[ الطريقة النقشبندية: تنسب إلى الشيخ بهاء الدين محمد بن البخاري الملقب بشاه نقشبند 791 ﻫ وهي طريقة تشبه الطريقة الشاذلية, انتشرت في فارس وبلاد الهند.
[ الطريقة الملامتية: مؤسسها أبو صالح حمدون بن عمار المعروف بالقصار 271 ﻫ أباح بعضهم مخالفة النفس بغية جهادها ومحاربة نقائصها, وقد اظهر الغلاة منهم في تركيا حديثا بمظهر الإباحية والاستهتار وفعل كل أمر دون مراعاة للأوامر والنواهي الشرعية.
[ الطريقة التيجانية: طريقة صوفية يؤمن أصحابها بجملة الأفكار والمعتقدات الصوفية ويزيدون عليها الاعتقاد بإمكانية مقابلة النبي مقابلة مادية واللقاء به لقاء حسيا في هذه الدنيا, وان الرسول قد خصهم بصلاة الفاتح التي تحتل لديهم مكانة عظيمة هذه الطريقة أسسها أبو العباس احمد التيجاني 1230 ﻫ , الذي ولد بالجزائر ويدعي انه التقى النبي لقاء حسيا ماديا وانه تعلم منه صلاة الفاتح وأنها تعدل قراءة القرآن ستة آلاف مرة. ويلاحظ على أصحاب هذه الطريقة شدة تهويلهم للأمور الصغيرة وتصغيرهم للأمور العظيمة على حسب هواهم ما أدى إلى أن يفشو التكاسل بينهم لما شاع بينهم من الأجر العظيم على اقل عمل يقومون به, ويرون أن لهم خصوصيات ترفعهم عن مقام الناس الآخرين من أهمها: أن تخفف عنهم سكرات الموت وان الله يظلهم في ظل عرشه وان لهم برزخا يستظلون به وحدهم.
وأهل هذه الطريقة كباقي الطرق الصوفية يجيزون التوسل بذات النبي , وقد بدأت هذه الطريقة في مدينة فاس وصار لها أتباع في السنغال ونيجيريا وشمال إفريقيا ومصر والسودان.
[ الطريقة الختمية: وهي طريقة صوفية تلتقي مع الطرق الصوفية الأخرى في كثير من المعتقدات مثل الغلو في شخص رسول الله وادعاء لقياه واخذ تعاليمهم وأورادهم وأذكارهم التي تميزوا بها, عنه مباشرة, هذا إلى جانب ارتباط الطريقة بالفكر والمعتقد الشيعي وأخذهم من أدب الشيعة وجدالهم. وقد أسس هذه الطريقة محمد عثمان الميرغني ويلقب بالختم إشارة إلى انه خاتم الأولياء, ومنه اشتق اسم الطريقة الختمية, كما تسمى الطريقة الميرغنية ربطا لها بطريقة جد المؤسس عبد الله الميرغني المحجوب.. وقد بدأت هذه الطريقة من مكة والطائف, وأرست لها قواعد في جنوب وغرب الجزيرة العربية, كما عبرت إلى السودان ومصر, وتتركز قوة الطريقة من حيث الإتباع والنفوذ الآن في السودان.. وعلى هذا فان الطريقة الختمية طائفة صوفية تتمسك بمعتقدات الصوفية وأفكارهم وفلسفاتهم حيث تبنوا فكرة وحدة الوجود التي نادى بها ابن عربي وقالوا بفكرة النور المحمدي, واستخدموا مصطلحات الوحدة والتجلي والانبجاس والظهور والفيض وغيرها من المصطلحات الفلسفية الصوفية, وأسبغوا على الرسول من الأوصاف ما لا ينبغي أن يكون إلا لله تعالى, ويدعي مؤسس الطريقة بأنه خاتم الأولياء وان مكانته تأتي بعد الرسول , والطريقة الختمية تهتم بإقامة الاحتفالات الخاصة بإحياء ذكر مولد النبي وإقامة ليالي الذكر أو الحولية.
[ الطريقة البريلوية: وهي فرقة صوفية نشأت في شبه القارة الهندية الباكستانية في مدينة بريلي بالهند أيام الاستعمار البريطاني وقد اشتهرت بمحبة وتقديس الأنبياء والأولياء بعامة, والنبي بخاصة. مؤسس هذه الطريقة هو احمد رضا خان 340 ﻫ ولقد سمى نفسه عبد المصطفى!, ويعتقد أبناء هذه الطائفة بان الرسول لديه القدرة التي يتحكم بها في الكون, ولقد غالوا في نظرتهم إلى النبي حتى أوصلوه إلى قريب من مرتبة الإلوهية, يقول احمد رضا خان "إي يا محمد لا استطيع أن أقول لك الله, ولا استطيع أن افرق بينكما, فأمرك إلى الله هو اعلم بحقيقتك". كما أن هذه الطائفة لديها عقيدة الشهود حيث أن النبي في نظرهم حاضر وناظر لأفعال العباد في كل زمان ومكان, كما أنهم يشيدون القبور ويعمرونها ويتبركون بها, ويؤمنون بالإسقاط وهي صدقة تدفع عن الميت بمقدار ما ترك من صلاة أو صيام أو سائر العبادات وهي مقدار صدقة الفطر. وأعظم أعيادهم هو ذكرى المولد النبوي. وهم يكفرون المسلمين لأدنى سبب مثل الرئيس الباكستاني الراحل ضياء الحق وشيخ الإسلام ابن تيمية والإمام محمد بن عبد الوهاب.