*«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»* - الصفحة 15 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم الآدب و اللغات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

*«•¨*•.¸¸.»منتدى طلبة اللغة العربية و آدابها «•¨*•.¸¸.»*

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-01-24, 13:59   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


4 – موقفنا من المعنوية الغربية:

يحرص الغزاة وأعوانهم من الشعوبيين على قتل المعنوية العربية وإحلال المعنوية الغربية محلها ويكادون اليوم ينجحون في ذلك، فقد طلع في

السنوات الأخيرة أدب عربي جديد تنعكس فيه سمات النفسية الأوربية ومظاهر الأدب الغربي، وقد استعان الغزاة في عملهم هذا بوسائل معنوية

مكنتهم من اجتذاب الجيل العربي الناشئ الذي يملك بقلة علمه وتجاربه استعداداً فطرياً للتأثر. والوسيلة الكبرى للتأثير في اليافعين هي استعمال

القيم الرفيعة التي يحرصون عليها مثل الإنسانية والحرية، فباسم هذه القيم يتم تضليلهم فيوجهون توجيهاً يحطم المعنوية العربية.

أما الإنسانية فإن الشر الذي يتستر وراءها اليوم هو قولهم (الأدب العالمي). وبه يوحون لليافعين أن هناك أدباً عالمياً يتخطى الحدود ويعبر عن

نفسية الشعوب أجمعين. بمعزل عن ظروفها وشخصيتها، وأن هذا الأدب لا يناقش وإنما يقبل في كل مكان، فمن لم يقبله كان جامداً أو رجعياً أو

جاهلاً، وهم يضعون على عرش العالمية مجموعة من الأسماء الغربية في الغالب ويسألون الشباب أن يعجبوا بكل حرف يقوله أصحابها دونما

فحص ولا مناقشة. وأبرز هذه الأسماء تأثيراً في حياتنا جان بول سارتر الأديب الفيلسوف الفرنسي اليهودي. وسارتر من الناحية الأدبية ذو فكر

مبدع يسمو إلى الذرى العالية، وأنا أول من يقر له بالقيمة والقدرة.

وإنما وقع الانحراف المغرض في فرض آرائه على القارئ الطالع. ووجه ذلك أن الأديب الغربي قد يكون عظيم الشهرة ذا تأثير في أوربا كلها

دون أن يعني ذلك أن آراءه تنفعنا أو تتفق مع مطاليب حياتنا الاجتماعية والفكرية.

والواقع أن آراء سارتر أغلبها تناقض روحيتنا وحضارتنا فلا مصلحة لنا في اعتناقها إلا إذا أردنا أن نهدم أنفسنا. ذلك أن جان بول سارتر ناشر

فلسفة الغثيان، ومضمونها أن المجتمع بغيض وأن وجود الناس حولنا هو الجحيم، وأن الأخلاق والمثل والتقاليد سخافات يتلهى بها السطحيون!!

وأن الحياة خواء فارغ فلا يستحق الاهتمام فيه إلا الجسد والجنس، وأن الإنسان غير مسؤول لا أمام الله ولا أمام الضمير ولا أمام المجتمع. ولقد انتهى الجيل اليافع إلى تصديق خرافة العالمية فلم يقف عند الاعجاب بالأشكال الادبية واللفتات الفكرية والأساليب التعبيرية، وإنما قلد النظرة

واعتنق الآراء.


وأما القيمة الثانية التي يستغلونها في تضليل اليافعين العرب، فهي الحرية، وقد زعموا أنها معنى مطلق لا يتقيد بشيء فكل حرية أفضل من كل تقيد. وما من الحاد اجتماعي وأخلاقي أفظع من هذا. فإن المطلق معنى لا وجود له في الحياة الإنسانية، لأن منفعة الجماعات تتحكم فيه فتقيده

وتشذبه، وهذا الزعم يجعل الحرية تتعارض مع الفضيلة. ولا ينبغي للأخلاق أن يتعارض شيء منها مع شيء. وحسبنا دليلاً على ذلك التعارض،

أن الحرية المطلقة للفرد تناقض مصلحة المجتمع، ولذلك تقيد بحفظ حقوق الآخرين، ومصلحة الجماعة كلها. وعلى هذا تبطل حجة الذين ينادون

بحرية الأديب في نشر أدب الجنس والإلحاد، فإن هذا الأدب يهدم المجتمع ومن حق الجماعة أن ترفضه. فلا يحق للمواطن أن يطعن أمته في صميم كيانها الروحي والخلقي بدعوى حقه في الحرية.

وهكذا اتجه أدبنا الحديث بدوافع من (الإنسانية وحرية الفكر) إلى ترديد آراء الغربيين دونما فحص أو مناقشة فانتشرت روحية التشاؤم في أدبنا

شاع الاحساس بأن الحياة عبث وأن العدم خير من الوجود، وأن المشاعر الطيبة قيد للإنسان، وأن الإنسان غير مسؤول أمام شيء، ولا يمكن

للباحث المتأمل إلا أن يلاحظ مدى بعد هذه النظرة عن طبيعة الحياة العربية اليوم، فنحن نمر بفترة خصيبة رائعة، وقد رأينا مدننا الكبيرة تنهض

من الفراغ في ظرف ثلاثين سنة فقط، وشهدنا الاستقلال من الحكم الأجنبي وقيام الحكومات الوطنية ونهوض التعليم، ورأينا كيف اختلف جيلنا في

معارفه وأسفاره وعلومه عن جيل آبائنا. واليوم نعيش فترة انتصارات القومية العربية وتكاد أعيننا تكتحل بفجر الوحدة. وما من شك في أن الفرد

العربي أحسن حالاً وأكثر أملاً مما كان فلا ندري من أين يأتي هؤلاء الأدباء بالعدمية واليأس وإنكار الحياة. أترى حياتنا الأدبية تسير في اتجاه معاكس لحياتنا القومية؟ ونبحث عن الجواب عند نقادنا فلا نجد لديهم أكثر مما نسمع من الناقد الغربي من أن هذا الجيل – (كما يقولون) – (ذو تركيبة مزاجية معقدة تعقد الحياة التي يحياها) فكأنهم لا يرون الفرق العظيم بين الفرد العربي والفرد الأوربي. والواقع أن بيننا وبين الغرب ثلاثة فروق جوهرية.

(الأول):

أننا أبناء أمة بالروح والروحيات وتضعها فوق المادة، بينما ما زال الغرب يؤمن بالمادة والماديات. ومن مظاهر إيمان الفرد البسيط هنا

بالروح أنه يتوكل على الله في أموره كلها فلا يعرف اليأس ولا القنوط وهو مؤمن بالحياة كل الإيمان تنحدر إليه هذه النظرة من عهود سحيقة.

وقد عرفنا في التراث العربي كله صفة الإيمان والتفاؤل، فحتى شعر الزهاد كان مليئاً بالحياة بما فيه من تطلع إلى الله، وإيمان بالأخلاق

والتضحية ومساعدة الآخرين.

(الثاني):

أننا نختلف عن الغرب في الظروف التاريخية التي نمر بها، فنحن نمر بفترة حياة وانبعاث تهتز لها أرضنا كلها، إن مشاكلنا القومية

وزحفنا نحو فلسطين، ومعركتنا في حرب الفقر والجهل والمرض والبطالة كل ذلك يمنحنا هدفاً يستغرق حياتنا وكياننا. والمعروف عند علماء

النفس أن المشغولين لا يجدون وقتاً للقلق، واليأس والإحساس بالفراغ. وفي مقابلنا يجد الغربي نفسه فارغاً له كثير من الوقت وقليل من الأهداف.

إن في حياته فراغاً روحياً عميقاً سببه عدم إيمانه بالله، وخلو حياته من الهدف الكبير الذي يضفي الجمال والرونق على الحياة.

(الثالث):

وآخر الفروق بيننا وبينهم أن الغربي يرى غذاءه يصل إليه من طريق استعمار الأمم وسرقة قوتها، ومن ثم فهو يحس قلقاً غامضاً لا

يعرفه العربي الذي يأكل القليل الحلال ويحمد الله وينهض إلى عمله. وقد أشار الفيلسوف الألماني المعاصر (البرت شفايتزر) في كتابه (فلسفة

الحضارة) ترجمة الدكتور عبدالرحمن بدوي، إلى أثر هذا الظلم في نفسية الفرد الأوربي الذي أصبح لا يقوى على الإحساس بجمال الحياة.


إن هذه الفروق بيننا وبين الغرب تجعل نقلنا لموقف اليأس والعدمية والفراغ أمراً لا معنى له سوى تخلينا عن كرامتنا ومصلحتنا وشخصيتنا.

فكأننا نبكي في يوم عيدنا، ويحاول بعض الأدباء أن يبرروا الموقف بقولهم: إن هذا الحيل اليافع هو جيل المأساة الذي شهد ضياع فلسطين، فهو

ينكر الحياة ويدعو إلى الموت لذلك السبب، وذلك تعليل أبعد عن الحقيقة من السابق، فإن المأساة التي وقعت عام 1948م قد ألهبت الوطن

العربي كله بنار الكفاح والعروبة فقامت الثورات العظيمة في القاهرة والجزائر وبيروت وبغداد واليمن، وعبر هذه السنين لم تكن نفسيتنا متخاذلة

فقد انبعثت آمال عظيمة، ونهضت العزة القومية في القلوب، وشهدنا لحظات سعادة عميقة، وانتصارات لا تنسى. فاللون الذي يغلب على حياتنا

لون أخضر بهيج، وفي مثل هذا الإطار المشرق يصبح الأدب المتشائم المعلق على الصلبان أبعد ما يكون عن التعبير عن نفسية الأمة. إن أدباءنا

وقفوا عن التعبير عن مشاعرهم وراحوا يكررون ما يقول الأديب الغربي. ولذلك نجد القومية العربية تغني بينما مسجلاتهم تذيع النواح وصراخ

العدم، والفجر يتنفس على روابينا أجمل ما يكون بنيما تشع قصائدهم الظلام والموت.

يتبع /.....









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-01-24, 14:04   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

5 – الحلول والمقترحات:

يبدو أن الدواء الناجع في مثل أزمتنا أن تكون لنا فلسفة شاملة تمس كل ما هو جوهري في الحياة العربية، وتقرر المبادئ والمثل الكاملة التي

ترفع مجتمعنا إلى ذروة الكمال. ومن دون هذه الفلسفة لا نستطيع أن نجابه عدواً غزا حياتنا على الجهات كلها. والحق أن افتقارنا إلى نظرية

فلسفية كاملة للحياة العربية بأبعادها كلها يجعلنا مضيعين لا ندري أين نتجه ولا ماذا نأخذ أو ندع. فلقد دخل حياتنا من العلوم والفنون والفلسفات ما

قلب تفكيرنا وأحدث في جونا الفكري بلبلة خطيرة وانشقاقاً في وجهات النظر. ولذلك نرى المثقفين في العالم العربي منشعبين في الموضوعات

كلها، كل يدين بمذهب. وقد يقال: إن هذا من الحيوية، فنقول: أنه ليس كذلك، فإنما يكون الخلاف من علامات الحيوية حين يكون المخالفون قلة

في مقابل إجماع الأغلبية على شيء ما. أما عندما يزول الاجتماع ولا يبقى إلا الخلاف فإن ذلك ناقوس الخطر يدل على قيام تخلخل ذاهب في

الأساس الفكري للأمة.



أما بنود هذه الفلسفة التي نطلبها فينبغي أن تدعو إلى وضعها الحكومات العربية، على أن تجمع لها أهل العلم والفضل والنظر والعربية، فيتفقوا

على ما ينفع ويضر، ويحددوا الطريق. فإذا اجتمعوا على شيء أخذت الحكومات على نفسها تطبيق هذه الفلسفة تطبيقاً كاملاً بالوسائل التالية:
تعديل مناهج التعليم في المدارس العربية تعديلاً يتناول الجذور والأسس مع الإلحاح على موضوع اللغة العربية، وإضافة موضوع الأخلاق إلى السنوات كلها.

1 - تعديل مناهج التعليم في المدارس العربية تعديلاً يتناول الجذور والأسس مع الإلحاح على موضوع اللغة العربية، وإضافة موضوع الأخلاق

2- إنشاء مؤسسة عربية كبيرة تشرف على الترجمة وتنسق جهود المترجمين العرب في ديارهم

كلها. وسيكون من واجب هذه المؤسسة أن تدرس ما يحتاج المواطن العربي إلى ترجمته دونما نظر إلى عالمية الأسماء، فقد يكون الأديب عالمياً وتكون فلسفته مناقضة لأهدافنا فتسيء إلينا بدلاً من أن تخدمنا.


3 - إنشاء قانون جديد للطباعة والنشر يجعل الصحافة والإنتاج في خدمة الأمة العربية لا في مصلحة المؤسسات الأجنبية وتجار الأفكار والقيم.

وهذا كفيل بأن يطهر الأسواق من كتب الجنس والابتذال والسطحية.


4 - تحديد مجال الإذاعات وخاصة المرئية منها، ووضع فلسفة عامة لمناهجها تراعى فيها مصلحة المواطن وستترفع هذه الفلسفة عن إقرار أفلام

العصابات والسفاكين وروايات التفسخ الخلقي، لأن مشاهدة الصبيان والبنات لمثل هذه الأشرطة كل مساء حري بأن يهدم كل ما تبنيه المدرسة

والتربية المنزلية من مثل أخلاقية. -انتهى -










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-24, 14:08   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

سيميولوجيا التواصل وسيميولوجيا الدلالة

مساهمة الدكتور:جميل حمداوي*




تمهيــــــد:
من أهم المناهج الأدبية واللسانية التي ظهرت في الساحة النقدية العربية الحديثة والمعاصرة المنهج السيميولوجي الذي يدرس النص الأدبي والفني باعتبارهما علامات لغوية وغير لغوية تفكيكا وتركيبا. وقد تعرف المفكرون العرب على هذا المنهج نتيجة الاحتكاك الثقافي مع الغرب ونتيجة الاطلاع على مستجدات الحقل اللساني و تمثل تصورات ما بعد البنيوية وعبر البعثات العلمية المتوجهة إلى جامعات الغرب و نتيجة فعل الترجمة. إذاً، ماهي السيميولوجيا والسيميوطيقا ؟ وما هي مرتكزات منهجية التحليل السيميوطيقي؟ وما هي أهم اتجاهاتها النظرية والتطبيقية؟ وما الفرق بين سيميولوجيا التواصل وسيميولوجيا الدلالة؟ هذا ما سنعرفه في موضوعنا هذا.



1- مفهوم السميولوجيا وخطواتها المنهجية: السيميولوجيا هو علم العلامات أو الإشارات أو الدول اللغوية أو الرمزية سواء أكانت طبيعية أم اصطناعية، ويعني هذا أن العلامات إما يضعها الإنسان اصطلاحا عن طريق اختراعها واصطناعها والاتفاق مع أخيه الإنسان على دلالاتها ومقاصدها مثل: اللغة الإنسانية ولغة إشارات المرور، أو أن الطبيعة هي التي أفرزتها بشكل عفوي وفطري لادخل للإنسان في ذلك كأصوات الحيوانات وأصوات عناصر الطبيعة والمحاكيات الدالة على التوجع والتعجب والألم والصراخ مثل: آه، آي…..



وإذا كانت اللسانيات تدرس كل ماهو لغوي ولفظي، فإن السيميولوجيا تدرس ما هو لغوي وماهو غير لغوي، أي تتعدى المنطوق إلى ماهو بصري كعلامات المرور ولغة الصم والبكم والشفرة السرية ودراسة الأزياء و طرائق الطبخ. وإذا كان فرديناند دو سوسير F.De.Saussure يرى أن اللسانيات هي جزء من علم الإشارات أو السيميولوجيا ٍSémiologie ، فإن رولان بارت R.Barthes في كتابه" عناصر السيميولوجيا" يقلب الكفة فيرى بان السيميولوجيا هي الجزء واللسانيات هي الكل. ومعنى هذا أن السيميولوجيا في دراستها لمجموعة من الأنظمة غير اللغوية كالأزياء والطبخ والموضة والإشهار تعتمد على عناصر اللسانيات في دراستها وتفكيكها وتركيبها . ومن أهم هذه العناصر اللسانية عند رولان بارت نذكر: الدال والمدلول،واللغة والكلام، والتقرير والإيحاء، والمحور الاستبدالي الدلالي والمحور التركيبي النحوي. وإذا كان الأنگوسكسونيون يعتبرون السيميولوجيا إنتاجا أمريكيا مع شارل ساندرس ﯧيرس Perce في كتابه" كتابات حول العلامة"، فإن الأوربيين يعتبرونها إنتاجا فرنسيا مع فرديناند دوسوسير في كتابه " محاضرات في علم اللسانيات" سنة 1916م. وإذا كانت السيميولوجيا الأمريكية مبنية على المنطق وفلسفة الأشكال الرمزية الأنطولوجية ( الوجودية) والرياضيات، فإن السيميولوجيا الفرنسية مبنية على الدرس اللغوي واللسانيات



وإذا كان مصطلح السيميولوجيا يرتبط بالفرنسيين وبكل ماهو نظري وبفلسفة الرموز وعلم العلامات والأشكال في صيغتها التصورية العامة ، فإن كلمة السيميوطيقا الأمريكية Sémiotique قد حصرها العلماء في ماهو نصي و تطبيقي و تحليلي. ومن هنا يمكن الحديث عن سيميوطيقا المسرح وسيميوطيقا الشعر وسيميوطيقا السينما. وعندما نريد الحديث عن العلامات علميا أو نظريا أو تصوريا نستخدم كلمة السيميولوجيا Sémiologie.



وتتعدد الاتجاهات السيميولوجية ومدارسها في الحقل الفكري الغربي، إذ يمكن الحديث عن سيميولوجيا بيرس، وسيميولوجيا الدلالة، وسيميولوجيا التواصل، وسيميولوجيا الثقافة مع المدرسة الإيطالية ( أمبرطو إيكو Eco وروسي لاندي Landi)، والمدرسة الروسية" تارتو Tartu" ( أوسبنسكي Uspenski ويوري لوتمان Lotman وتوبوروڤ Toporov وإڤانوڤ Ivanov وبياتيگورسكي Pjtigorski )، ومدرسة باريس السيميوطيقية مع جوزيف كورتيس Cortés وگريماس Greimas وميشيل أريفي M.Arrivé وجان كلود ****ه Coquet وكلام Calame وفلوش Floche وجينيناسكا Geninasca وجيولتران Gioltrin ولوندوڤسكي Landovski ودولورم Delorme، واتجاه السيميوطيقا المادية التي تجمع بين التحليلين: النفسي والماركسي مع جوليا كريستيڤا J.kréstiva، ومدرسة ليون التي تتمثل في جماعة أنتروڤرن Groupe d’Entroverne، ومدرسة إيكس AIXمع جان مولينو J.molino وجان جاك ناتيي J.Natier التي تهتم بدراسة الأشكال الرمزية على غرار فلسفة إرنست كاسيرر Cassirer . ولكن على الرغم من هذه الاتجاهات العديدة يمكن إرجاعها إلى قطبين سيميولوجيين وهما: سيميولوجيا التواصل وسيميولوجيا الدلالة. إذاً، ماهي منهجية التحليل السيميوطيقي؟













رد مع اقتباس
قديم 2013-01-24, 14:27   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


2- خطوات المنهج السيميولوجي: قلنا سابقا إن السيميولوجيا علم الدوال اللغوية وغير اللغوية ، أي تدرس العلامات والإشارات والرموز والأيقونات البصرية. كما تستند السيميولوجيا منهجيا إلى عمليتي التفكيك والتركيب ( تشبه هذه العملية تفكيك أعضاء الدمية وتركيبها) على غرار البنيوية النصية المغلقة. و نعني بهذا أن السيميوطيقي يدرس النص في نظامه الداخلي البنيوي من خلال تفكيك عناصره وتركيبها من جديد عبر دراسة شكل المضمون وإقصاء المؤلف والمرجع والحيثيات السياقية والخارجية والتي لا ننفتح عليها إلا من خلال التناص لمعرفة التداخل النصي وعمليات التفاعل بين النصوص وطبيعة الاشتقاق النصي وتيئير الترسبات الخارجية والمستنسخات الإحالية داخل النص المرصود سيميائيا. وعليه، فالسيميوطيقا هي لعبة التفكيك والتركيب تبحث عن سنن الاختلاف ودلالاته. فعبر التعارض والاختلاف والتناقض والتضاد بين الدوال اللغوية النصية يكتشف المعنى وتستخرج الدلالة. ومن ثم، فالهدف من دراسة النصوص سيميوطيقيا وتطبيقيا هو البحث عن المعنى والدلالة و استخلاص البنية المولدة للنصوص منطقيا ودلاليا. ونحصر منهجية السيميوطيقا في ثلاثة مستويات وهي:




أ- التحليل المحايث: ونقصد به البحث عن الشروط الداخلية المتحكمة في تكوين الدلالة وإقصاء كل ماهو إحالي خارجي كظروف النص والمؤلف وإفرازات الواقع الجدلية. وعليه، فالمعنى يجب أن ينظر إليه على أنه أثر ناتج عن شبكة من العلاقات الرابطة بين العناصر. ب- التحليل البنيوي: يكتسي المعنى وجوده بالاختلاف وفي الاختلاف. ومن ثم، فإن إدراك معنى الأقوال والنصوص يفترض وجود نظام مبني على مجموعة من العلاقات. وهذا بدوره يؤدي بنا إلى تسليم بأن عناصر النص لا دلالة لها إلا عبر شبكة من العلاقات القائمة بينها. ولذا لا يجب الاهتمام إلا بالعناصر التي تبلور نسق الاختلاف والتشاكلات المتآلفة والمختلفة. كما يستوجب التحليل البنيوي الدراسة الوصفية الداخلية للنص ومقاربة شكل المضمون وبناه الهيكلية والمعمارية.










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-24, 14:34   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

تحليل الخطاب: إذا كانت اللسانيات البنيوية بكل مدارسها واتجاهاتها تهتم بدراسة الجملة انطلاقا من مجموعة من المستويات المنهجية حيث تبدأ بأصغر وحدة وهي الصوت لتنتقل إلى أكبر وحدة لغوية وهي الجملة والعكس صحيح أيضا، فإن السيميوطيقا تتجاوز الجملة إلى تحليل الخطاب. و تسعفنا هذه المستويات المنهجية كثيرا في تحليل النصوص ومقاربتها. ففي مجال السرد يمكن الحديث عن بنيتين : البنية السطحية والبنية العميقة على غرار لسانيات نوام شومسكي Chomsky. فعلى المستوى السطحي يدرس المركب السردي الذي يحدد تعاقب وتسلسل الحالات والتحولات السردية، بينما يحدد المركب الخطابي في النص تسلسل أشكال المعنى وتأثيراتها.


وإذا انتقلنا إلى البنية العميقة فيمكن لنا الحديث عن مستويين منهجيين: المستوى السيميولوجي الذي ينصب على تصنيف قيم المعنى حسب ما يقوم بينهما من العلاقات والتركيز على التشاكلات السيميولوجية، والمستوى الدلالي وهو نظام إجرائي يحدد عملية الانتقال من قيمة إلى أخرى ويبرز القيم الأساسية والتشاكل الدلالي .



ت- تحليل الخطاب: إذا كانت اللسانيات البنيوية بكل مدارسها واتجاهاتها تهتم بدراسة الجملة انطلاقا من مجموعة من المستويات المنهجية حيث تبدأ بأصغر وحدة وهي الصوت لتنتقل إلى أكبر وحدة لغوية وهي الجملة والعكس صحيح أيضا، فإن السيميوطيقا تتجاوز الجملة إلى تحليل الخطاب. و تسعفنا هذه المستويات المنهجية كثيرا في تحليل النصوص ومقاربتها. ففي مجال السرد يمكن الحديث عن بنيتين : البنية السطحية والبنية العميقة على غرار لسانيات نوام شومسكي Chomsky. فعلى المستوى السطحي يدرس المركب السردي الذي يحدد تعاقب وتسلسل الحالات والتحولات السردية، بينما يحدد المركب الخطابي في النص تسلسل أشكال المعنى وتأثيراتها.



وإذا انتقلنا إلى البنية العميقة فيمكن لنا الحديث عن مستويين منهجيين: المستوى السيميولوجي الذي ينصب على تصنيف قيم المعنى حسب ما يقوم بينهما من العلاقات والتركيز على التشاكلات السيميولوجية، والمستوى الدلالي وهو نظام إجرائي يحدد عملية الانتقال من قيمة إلى أخرى ويبرز القيم الأساسية والتشاكل الدلالي .



ويعد المربع السيميائي Le Carré Sémiotique حسب گريماس المولد المنطقي والدلالي الحقيقي لكل التمظهرات السردية السطحية عبر عمليات ذهنية ومنطقية و دلالية يتحكم فيها التضاد والتناقض والتضمن أو الاستلزام. أما سيميولوجيا الشعر فتحلل النص من خلال مستويات بنيوية تراعي أدبية الجنس الأدبي كالمستوى الصوتي، والمستوى الصرفي، والمستوى الدلالي ، والمستوى التركيبي في شقيه: النحوي والبلاغي، والمستوى التناصي. أما فيما يتعلق بالمسرح فيدرس من خلال التركيز على العلامات المسرحية اللغوية والعلامات غير اللغوية. و بتعبير آخر يدرس المسرح عبر تفكيك العلامات المنطوقة ( الحوار والتواصل اللغوي بصراعه الدرامي وتفاعل الشخصيات والعوامل الدرامية….) والعلامات البصرية ( السينوغرافيا- التواصل- الديكور- الركح- الإنارة- الأزياء- الإكسسوارات- البانتوميم- الكوريغرافيا…).



3- سيميولوجـــيا التواصـــــل : يستند التواصل حسب رومان جاكبسون R.Jakobson إلى ستة عناصر أساسية وهي: المرسل والمرسل إليه والرسالة



3- سيميولوجـــيا التواصـــــل : يستند التواصل حسب رومان جاكبسون R.Jakobson إلى ستة عناصر أساسية وهي: المرسل والمرسل إليه والرسالة والقناة والمرجع واللغة. وللتوضيح أكثر نقول: يرسل المرسل رسالة إلى المرسل إليه حيث تتضمن هذه الرسالة موضوعا أو مرجعا معينا، وتكتب هذه الرسالة بلغة يفهمها كل من المرسل والمتلقي. ولكل رسالة قناة حافظة كالظرف بالنسبة للرسالة الورقية، والأسلاك الموصلة بالنسبة للهاتف والكهرباء، والأنابيب بالنسبة للماء، واللغة بالنسبة لمعاني النص الإبداعي… هذا، و تهدف سميولوجيا التواصل عبر علاماتها وأماراتها وإشاراتها إلى الإبلاغ والتأثير على الغير عن وعي أو غير وعي. وبتعبير آخر تستعمل السيميولوجيا مجموعة من الوسائل اللغوية وغير اللغوية لتنبيه الآخر والتأثير عليه عن طريق إرسال رسالة وتبليغها إياه .ومن هنا فالعلامة تتكون من ثلاثة عناصر: الدال والمدلول والوظيفة القصدية . كما أن التواصل نوعان: تواصل إبلاغي لساني لفظي (اللغة) وتواصل إبلاغي غير لساني ( علامات المرور مثلا).



ويمثل هذه السيميولوجيا كل من برييطو Prieto ومونان Mounin وبويسنس Buyssens الذين يعتبرون الدليل مجرد أداة تواصلية تؤدي وظيفة التبليغ وتحمل قصدا تواصليا. وهذا القصد التواصلي حاضر في الأنساق اللغوية وغير اللغوية. كما أن الوظيفة الأولية للغة هي التأثير على المخاطب من خلال ثنائية الأوامر والنواهي، ولكن هذا التأثير قد يكون مقصودا وقد لايكون مقصودا. و يستخدم في ذلك مجموعة من الأمارات والمعينات Indications التي يمكن تقسيمها إلى ثلاث: 1- الأمارات العفوية وهي وقائع ذات قصد مغاير للإشارة تحمل إبلاغا عفويا وطبيعيا مثال : لون السماء الذي يشير بالنسبة لصياد السمك إلى حالة البحر يوم غد. والأمارات العفوية المغلوطة التي تريد أن تخفي الدلالات التواصلية للغة كأن يستعمل متكلم ما لكنة لغوية ينتحل من خلالها شخصية أجنبية ليوهمنا بأنه غريب عن البلد.3- والأمارات القصدية التي تهدف إلى تبليغ إرسالية مثل : علامات المرور، وتسمى هذه الأمارات القصدية أيضا بالعلامات. وكل خطاب لغوي وغير لغوي يتجاوز الدلالة إلى الإبلاغ والقصدية الوظيفية، يمكننا إدراجه ضمن سيميولوجيا التواصل . وكمثال لتبسيط ما سلف ذكره : عندما يستعمل الأستاذ داخل قسمه مجموعة من الإشارات اللفظية وغير اللفظية الموجهة إلى التلميذ ليؤنبه أو يعاتبه على سلوكاته الطائشة فإن الغرض منها هو التواصل والتبليغ.












رد مع اقتباس
قديم 2013-01-24, 14:35   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


4- سيميولوجــــيا الدلالــــــة: يعتبر رولان بارت خير من يمثل هذا الاتجاه، لأن البحث السيميولوجي لديه هو دراسة الأنظمة والأنسقة الدالة. فجميع الوقائع والأشكال الرمزية والأنظمة اللغوية تدل. فهناك من يدل باللغة وهناك من يدل بدون اللغة المعهودة، بيد أن لها لغة خاصة. ومادامت الأنساق والوقائع كلها دالة، فلا عيب من تطبيق المقاييس اللسانية على الوقائع غير اللفظية أي الأنظمة السيميوطيقية غير اللسانية لبناء الطرح الدلالي. وقد انتقد بارت في كتابه " عناصر السيميولوجيا" الأطروحة السوسسيرية التي تدعو إلى إدماج اللسانيات في السيميولوجيا مبينا بأن" اللسانيات ليست فرعا ، ولو كان مميزا، من علم الدلائل، بل السيميولوجيا هي التي تشكل فرعا من اللسانيات".




وبالتالي، تجاوز رولان بارت تصور الوظيفيين الذين ربطوا بين العلامات والمقصدية، وأكد وجود أنساق غير لفظية حيث التواصل غير إرادي، ولكن البعد الدلالي موجود بدرجة كبيرة. وتعتبر اللغة الوسيلة الوحيدة التي تجعل هذه الأنساق والأشياء غير اللفظية دالة. حيث "إن كل المجالات المعرفية ذات العمق السوسيولوجي الحقيقي تفرض علينا مواجهة اللغة، ذلك أن " الأشياء" تحمل دلالات. غير أنه ما كان لها أن تكون أنساقا سيميولوجية أو أنساقا دالة لولا تدخل اللغة ولولا امتزاجها باللغة. فهي، إذاً، تكتسب صفة النسق السيميولوجي من اللغة. وهذا مادفع ببارت إلى أن يرى أنه من الصعب جدا تصور إمكان وجود مدلولات نسق صور أو أشياء خارج اللغة، فلا وجود لمعنى إلا لما هو مسمى، وعالم المدلولات ليس سوى عالم اللغة".




أما عناصر سيمياء الدلالة لدى بارت فقد حددها في كتابه" عناصر السيميولوجيا" ، وهي مستقاة على شكل ثنائيات من الألسنية البنيوية وهي: اللغة والكلام، والدال والمدلول، والمركب والنظام، والتقرير والإيحاء( الدلالة الذاتية والدلالة الإيحائية). وهكذا حاول رولان بارت التسلح باللسانيات لمقاربة الظواهر السيميولوجية كأنظمة الموضة والأساطير والإشهار… الخ ويعني هذا أن رولان بارت عندما يدرس الموضة مثلا يطبق عليها المقاربة اللسانية تفكيكا وتركيبا من خلال استقراء معاني الموضة ودلالات الأزياء وتعيين وحداتها الدالة ومقصدياتها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والثقافية. ونفس الشيء في قراءته للطبخ والصور الفوتوغرافية والإشهار واللوحات البصرية.




ويمكن إدراج المدارس السيميائية النصية التطبيقية التي تقارب الإبداع الأدبي والفني ضمن سيميولوجيا الدلالة، بينما سيميوطيقا الثقافة التي تبحث عن القصدية والوظيفة داخل الظواهر الثقافية والإثنية البشرية يمكن إدراجها ضمن سيميولوجيا التواصل. ولتبسيط سيميولوجيا الدلالة نقول: إن أزياء الموضة وحدات دالة إذ يمكن أثناء دراسة الألوان والأشكال لسانيا أن نبحث عن دلالاتها الاجتماعية والطبقية والنفسية. كما ينبغي البحث أثناء تحليلنا للنصوص الشعرية عن دلالات الرموز والأساطير ومعاني البحور الشعرية الموظفة ودلالات تشغيل معجم التصوف أو الطبيعة أو أي معجم آخر.










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-24, 14:36   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


خاتمــــة:




يتبين لنا من خلال هذا العرض الوجيز أن السيميولوجيا باعتبارها علما للأنظمة اللغوية وغير اللغوية قسمان: سيميولوجيا تهدف إلى الإبلاغ والتواصل من خلال ربط الدليل بالمدلول والوظيفة القصدية. أما سيميولوجيا الدلالة فتربط الدليل بالمدلول أو المعنى. وبعبارة أخرى إن سيميولوجيا الدلالة ثنائية العناصر( ترتكز العلامة على دليل و مدلول أو دلالة)، بينما سيميولوجيا التواصل ثلاثية العناصر( تنبني العلامة على دليل و مدلول ووظيفة قصدية). وإذا كان السيميوطيقيون النصيون يبحثون عن الدلالة والمعنى داخل النص الأدبي والفني، فإن علماء سيميوطيقا الثقافة يبحثون عن المقصديات والوظائف المباشرة وغير المباشرة.










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-29, 16:38   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
rimel rimoucha
عضو جديد
 
الصورة الرمزية rimel rimoucha
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

احتاج خاطرة تبين عظمة الخالق ومدى قداسة وعظمة مختوقاته










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-31, 01:40   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

قصيدة مؤثرة للشيخ محمد حسان تبين عظمة الخالق


لله في الآفاق آيات لعلّ أقلها هو ما إليه هداك

و لعل ما في النفس من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك

و الكون مشحون بأسرار إذا حاولت تفسيرًا لها أعياك

قل للطبيب تخطفته يد الردى: من يا طبيب بـطـبّه أرداك ؟

قل للمريض نجا و عوفيّ بعدما عجزت فنون الطب: من عافاك ؟

قل للصحيح يموت لا من علة: من بالمنايـا يـا صحيح دهاك ؟

قل للبصير و كان يحذر حفرة، فهوى بها: من ذا الذي أهواك ؟

بل سائل الأعمى خطا بين الزحام بلا اصطدام: من يـقود خطاك ؟

قل للجنين يعيش معزولا بلا راع و مرعى: ما الذي يرعاك ؟

قل للوليد بكى و أجهش بالبكاء لدى الولادة: ما الذي أبكاك ؟

و إذا ترى الثعبان ينفث سمه فسأله: من ذا بالسموم حشاك ؟

و اسأله: كيف تعيش يا ثعبان أو تحيا و هذا السم يملأ فاك ؟

و اسأل بطون النحل كيف تقاطرت شهدا… و قل للشهد: من حلّـاك ؟

بل سائل اللبن المصفى كان بين دم و فرث: ما الذي صفّاك ؟

و إذا رأيت الحيّ يخرج من حنايا ميت فسأله: من يا حيّ قد أحياك ؟

قل للنبات، يجف بعد تعهد و رعاية: من بالجفاف رماك ؟

و إذا رأيت النبت في الصحراء يربو وحده فسأله: من أرباك ؟

و إذا رأيت البدر يسرى ناشرا أنواره فسأله: من أسراك ؟

و اسأل شعاع الشمس يدنو، و هي أبعد كل شيء: ما الذي أدناك ؟

قل للمرير من الثمار: من الذي بالمر من دون الثمار غذاك ؟

و إذا رأيت النخل مشقوق النوى فسأله: من يا نخل شق نواك ؟

و إذا رأيت النار شبّ لهيبها فسأل لهيب النار: من أوراك ؟

و إذا ترى الجبل الأشمّ مناطحا قمم السحاب فسله : من أرساك ؟

و إذا ترى صخرا تفجر بالمياه فسله: من بالماء شق صفاك ؟

و إذا رأيت النهر بالعذب الزلال سرى فسله: من الذي أجراك ؟

و إذا رأيت البحر بالملح الأجاج طغى فسله : من الذي أطغاك ؟

و إذا رأيت الليل يغشى داجيا فسأله: من يا ليل حاك دجاك ؟

و إذا رأيت الصبح يسفر ضاحيا فسأله: من يا صبح صاغ ضحاك ؟

ستجيب ما في الكون من آياته عجب عجاب لو ترى عيناك

ربى لك الحمد العظيم لذاتك… حمدا… و ليس لواحد إلاك

يا مدرك الأبصار و الأبصار لا تدرى لَهُ و لِـكُنهِ إدراكا

إن لم تكن عيني تراك فإنني في كل شئ أستبين علاك

و أرى مُنبِتَ الأزهار عاطرة الشذى … ما خاب يوما من دعا و رجاك

يا مجرى الأنهار عاذبة الندى: ما خاب يوما من دعا و رجاك

يا أيها الإنسان : مهلا ما الذي بالله جلّ جلاله أغراك ؟؟؟










رد مع اقتباس
قديم 2013-01-31, 01:41   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
omarzant
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

قصيدة جميلة في عظمة الخالق سبحانة

رائعة شعريه للشاعر:
"إبراهيم علي بديوي

لله في الآفاق آيات لعـــل * * * أقلهـــا هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته * * * عجبٌ عجابٌ لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا * * * حاولت تفسيراً لهــا أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى * * * من يا طبيـــب بطبه ارداكا
قل للمريض نجا وعوفي بعدما * * * عجزت فنـون الطب من عافاكا
قل للصحيح يموت لا من علة * * * من بالمنـــايا ياصحيح دهاكا
قل للبصير وكان يحذر حفرة * * * فهــوى بها من ذا الذي أهواكا
بل سآئل الأعمى مشى بين الزحـ * * * ـام بلا إصطدام من يقود خطاكا
قل للجنين يعيش معزولا بلا * * * راع ومرعى مالذي يرعاكا
قل للوليد بكى وأجهش بالبكا * * * عند الولادة مالذي أبكاكا
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه * * * فاسأله من ذا بالسموم حشاكا
واسأله كيف تعيش يا ثعبان أو * * * تحيا وهذا السم يملأ فاكا
واسأل بطون النحل كيف تقاطرت * * * شهداً وقل للشهد من حلاكا
بل سائل اللبن المصفى كان بين * * * دم وفرث مالذي صفاكا
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا * * * ميت فاسأله من يا حي قد أحياكا
قل للنبات يجف بعد تعهــد * * * ورعايـــــة من بالجفاف رماكا
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو * * * وحده فاساله من أرباكا
وإذا رايت البدر يسري ناشراً * * * أنواره فاساله من أسراكا
واسأل شعاع الشمس يدنو وهي * * * أبعد كل شيء مالذي أدناكا
قل للمرير من الثمار من الذي * * * بالمر من دون الثمار غذاكا
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى * * * فاسأله من يانخل شق نواكا
وإذا رأيت النار شب لهيبها * * * فاسأل لهيب النار من أوراكا
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحا * * * قمم السحاب فسله من أرساكا
وإذا ترى صخرا تفجر بالمياه * * * فسله من بالماء شق صفاكا
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال * * * سرى فسله من الذي أجراكا
وإذا رايت البحر بالماء الأجاج * * * طغى فسله من الذي اطغاكا
وإذا رأيت الليل يغشى داجياً * * * فاسأله من ياليل حاك دجاكا
وإذا رأيت الصبح يسفر ضاحكاً * * * فاسأله من يا صبح صاغ ضحاكا
ستجيب ما في الكون من آياته * * * عجبٌ عجابٌ لوترى عيناكا
ربي لك الحمد العظيم لذاتك * * * حمداً وليس لواحد إلاكا
يا منبت الأزهار عاطرة الشذى * * * ما خاب يوماً من دعا ورجاكا
يا مجري النهار عاذبة الندى * * * ما خاب يوماً من دعا ورجاكا
يا أيها الإنسان مهلاً مالذي * * * بالله جل جلاله أغراكا










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 20:30   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

هذا ملخص لرواية ريح الجنوب لعبد الحميد بن هدوقة تتبعه دراسة حول البينة الدالة في الرواية وجدتها في احد المنتديات فاحببت نقلها اليكم




لقد شهد الأدب الجزائري محاولات قصصية مطولة تنحو منحى روائيا ، وأول عمل من هذا النوع كتبه صاحبه سنة 1849 وهو "حكاية العشاق في الحب والاشتياق" لمحمد بن إبراهيم المدعو الأمير مصطفى ، ثم تبعته محاولات أخرى مثل "غادة أم القرى" لأحمد رضا حوحو، "الطالب المنكوب" لعبد المجيد الشافعي ، " الحريق" لنور الدين بوجدرة ... (1) .

إلا أن النشأة الجادة لرواية فنية ناضجة ارتبطت برواية "ريح الجنوب" ، وقد كتبها عبد الحميد بن هدوقـة في فترة كان فيها الحديث جديا عن الثورة الزراعية فأنجزها في 5/11/1970 ، ثم كان التطبيق الفعلي لهذا المشروع في 8/11/1971 ، فدشن الرئيس هواري بومدين أول تعاونية للثورة الزراعية في قرية خميس الخشنة في 17/06/1972 ، ثم دشنت بعد ذلك أول قرية اشتراكية في عين نحالة بتاريخ 17/06/1975 (2) .

تنطلق الرواية في صباح يوم الجمعة ، - وهو يوم سوق أين يستعد عابـد بن القاضي للذهاب إلى السوق مع ابنه عبد القادر ، فيقف قرب الدار متأملا أراضيه وقطيع الغنم الذي يقوده الراعي رابح ، وعلى صدره هم ينغص راحة باله ، ذلك أن هناك إشاعات بدأت تروج منذ صدور القرارات المتعلقة بالتسيير الذاتي حول الإصلاح الزراعي ، ثم خطرت بباله فكـرة بعثت في نفسه السرور حين نظر من الخارج إلى غرفة ابنته نفيسة ، يتلخص مضمونها في تزويج ابنته إلى مالك شيخ البلدية والذي يقوم بتأميم الأراضي ، في ذلك الوقت كانت نفيسـة داخل غرفتها تعاني الضيق و الشعور بالضجر تقول أكاد أتفجر، أكاد أتفجر في هذه الصحراء (3) ، ثم تضيـف " كل الطلبة يفرحون بعطلهم ، أما أنا فعطلتي أقضيها في منفى " (4) ، و فجأة تهدأ نفيسة من حالة الاضطراب ، عندما تسمع صوت أنغام حزينة كان يعزفها الراعي رابح ، فتطرب ولا يخرجها من ذلك إلا صوت العجوز رحمة منادية على أخيها عبد القادر من بعيد ، معلنة عن قدومها ، كي تذهب مع خيرة والدة نفيسة- إلى المقبرة ، فترغب هذه الأخيرة في الذهاب معهما " أرغب في ذلك يا خالة ! أود أن أرى الدنيا ، إنني اختنقت في هذا السجن" (5) .

بعد أيام تحتفل القرية بتدشين مقبرة لأبناء الشهداء الذين سقطوا أيام حرب التحرير، فيستقبل عابد بن القاضي أهل القرية في بيتـه رغبة منه في التأثير في مالك و إعادة ربط ما بينهما من صلات قديمـة فمالك كان خطيب زليخـة – ابنة عابد بن القاضي- والتي استشهدت أيام الثورة ، حين أعد مالك ورفاقـه من المجاهدين لغما كان من المفترض أن يستهدف قطارا عسكريا ، لكنه خطأ استهدف قطارا مدنيا كانت زليخة من ركابه ، مما أثار غيظ ابن القاضي فوشى بالمجموعة لقوات الاحتلال ، فأثر ذلك في نفس مالك و أصبح يتهرب منه ، وفي هذا اليوم يوم الاحتفال يدعو عابد بن القاضي مالكا لرؤية زوجته خيرة ، لأنها ترجو ذلك منه ، فيقبل دعوتها، وعندما يدخل الغرفة ما إن يقع نظره على نفيسة حتى يبهت لما رأى ، فهي شديدة الشبـه بأختها وخطيبته السابقة زليخة .

ويسعى عابد بن القاضي لإشاعة خبر خطوبة مالك لابنته نفيسة على الرغم من تحفظ مالك ، فتعلن خيرة هذا الخبر لابنتها فترفض بشدة لأنها لا ترغب بالبقاء في القرية ، كما انه لا تريد الزواج بشخص يكبرها سنا ولا تعرفه جيدا وحين يصر الأب على قراره وتفشل في صده ، تستنجد بخالتها التي تسكن في الجزائر فتكتب لها رسالة ، تطلب من رابح أن يحملها إلى القرية المركزية ويضعها في البريد ، فيعجب بها رابح لأنها تكلمت معه بلطف ، وظنها معجبة به ، فقرر زيارتها ليلا، وبالفعل يقوم بذلك، وعندما تجده فجأة أمام سريرها تدفعه وتشتمه: " أخرج من هنا أيها المجرم ! ، أيها القذر أيها الراعي القذر " (6) ، فخرج مطأطأ رأسه حزينا ، وبقيت تلك الكلمة المؤلمة تدوي في سمعه " أيها الراعي القذر " ، ومن يومها يقرر ترك الرعي ويشتغل حطابا.

تمر الأيام ولا يزال الأب مصمما على تزويج ابنتـه لمالك ، فتفكر طويلا في حل لمشكلتـها ، فتفكـر في إدعاء الجنون ثم الانتحار ، وأخيرا يقـع اختيـارها على حل نهائي وهو " الفرار" ، فتضع خطة محكمة للهروب ، وتقرر تنفيذ خطتها يوم الجمعة لأن الرجال يتوجهون إلى السوق بينما النساء يتوجهن إلى المقبرة ، فتخرج متنكرة مرتدية برنس والدها حتى لا يعرفها أحد ، فتتجه إلى المحطة عبر طريق ذا طابع غابي فتظل ويلدغها ثعبان ، فيغمى عليها، ويصادف أن يجدها رابح – الذي أصبح حطابا- فيتعرف عليها ، و يعود بها إلى بيته أين يعيش مع أمه البكماء ، ولا يطلع والدها لأنها لا تريد العودة " دار أبي لن أعود إليها أبدا " (7) ، لكن الخبر يشيع في القرية فيعلم والـدها ، ويعزم على ذبح رابح ، فينطلق إلى بيته ، ويهجم عليـه بقوة شاهرا " موسه البوسعادي " فتنهار قوى رابح ، فتسرع أمه إلى فأس ضاربة عابد بن القاضي على رأسه فتنفجر الدماء من رأسه ومن عنق رابح ، فتنصرف الأم مسعفـة ابنها و البنت مسعفة أباهـا ، ثم قامت الأم ودفعت نفيسة إلى خارج البيت وبدأت تصرخ ، فأقبل الناس فزعين ، واتجهت نفيسة راجعة إلى بيت أبيها، بعد أن فشلت محاولتها في الهرب.


(1) ينظر عمر بن قينة ، في الأدب الجزائري الحديث ، ص 197/198

(2) ينظر عمر بن قينة ، الأدب العربي الحديث ، شركة دار الأمة للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزائر ، ط1 ،1999 ص 168

(3) عبد الحميد بن هدوقة ، ريح الجنوب ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، ط5 ، ص10

(4) عبد الحميد بن هدوقة ، ريح الجنوب ، ص10

(5) المصدر السابق ، ص20

(6) عبد الحميد بن هدوقة ، ريح الجنوب ، ص108

(7) المصدر السابق ، ص246















رد مع اقتباس
قديم 2013-02-14, 00:26   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
DJAMEL.DZ17
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي طريقة حساب معدل السداسي للسنة الأول لغة و أدب عربي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
نشكر القائمين على على قسم اللغة العربية وخاصة صاحبة النشاط ذو العزف المنفرد """ دلال""""
شكرا جزيلا على الخدمة الجليلة
وبقي أن أسالك عن كيفية حساب المعدل للسداسي الأول سنة أولى تخصص لغة وأدب عربي
المطلوب:
1- ماهي وحدات السداسي الأول؟
2- و ما هومعامل كل مادة؟
3-وكيف يحسب المعدل؟










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-15, 20:52   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة djamel.dz17 مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
نشكر القائمين على على قسم اللغة العربية وخاصة صاحبة النشاط ذو العزف المنفرد """ دلال""""
شكرا جزيلا على الخدمة الجليلة
وبقي أن أسالك عن كيفية حساب المعدل للسداسي الأول سنة أولى تخصص لغة وأدب عربي
المطلوب:
1- ماهي وحدات السداسي الأول؟
2- و ما هومعامل كل مادة؟
3-وكيف يحسب المعدل؟

انا درست كلاسيك اخي

ولا ادري صراحة ماهي وحدات السداسي الاول لديكم

لكن كنا نحسب المعدل وفق المعامل طبعا كل مادة لديها حصة نظرية وتطبيقية معاملها 2 والباقي 1

تضرب النقظة في المعدل وتقسم على مجموع المعاملات


هذا ما كنا نقوم به

موفق اخي









رد مع اقتباس
قديم 2013-02-15, 21:32   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










Icon24

السيميائية و السميولوجيا عند بيرس و دي سوسير


أجمع النقاد المحدثين على أنَ ( بيرس ) لم يلتقِِ ، أو لم يقرأ عن سوسير والعكس صحيح أيضاً ، إلاَ أنَ معطياتهما تكاد تكون متقاربة ومنسجمة في بعض المواضع ، فكلاهما أسس لعلم نقدي لغوي شامل ، وهو علم السيميائية ( Semiotique ) أو علم العلامات ، وكلاهما انطلق من تأسيس ذلك من خلال الحديث عن معطيات العلامة وتصنيفاتها ومداخلها ، وميادين تنظيرها وتطبيقها ، وكلاهما أسهم في إنعاش الحركة النقدية والمعرفية الأوربية ، وعُدت معطياتهما طرائق يُهتدى بها في السلوك التحليلي الفلسفي والنقدي واللغوي الحديث .
يُعدَ شارل ساندرس بيرس مؤسس المنهج الفلسفي الحديث البراغماتية ( Pragmatism ) أو ما يطلق عليــه : ( الذرائعية ، التداولية ) وهو منهج أكدته النتائج العلمية ، وراهنت على صحته المؤسسات البرجوازية ومفاده : أنَه ليس هناك معرفة أولية في العقل تُستنتج منها نتائج صحيحة ، بل الأمر كله مرهون بنتائج التجربة الفعلية العملية التي تحل للإنسان مشكلاته ، وأنَ الأفكار والنظريات والمعارف والنتائج تشكل بمجموعها وسائل وذرائع دائمة لبلوغ غايات جديدة ، وأنَ معيار صدق الأفكار والآراء هو في قيمة عواقبها العملية ، وأنَ الحقيقة وفقاً لهذا المنهج تُعرف بنجاحها ، وإن الإله ( موجود ) بقدر تعلق الأمر بانتظام المجتمع حسب ، وقد شارك بيرس في تأسيس تلك المعطيات : وليم جيمس (-1910) ، وجون ديوي (-1952) . ( ينظر : البراجماتزم أو مذهب الذرائع ، يعقوب فام ) .
ولقد أطلقت الدوائر الأوربية والأوساط السياسية شعارات ومناهج عمل انطلقت من مبادئ الذرائعية ، ومنها : ( الغاية تبرر الوسيلة ) ، و( الوقت هو المال ) … الخ ، وكان من نتائج ذلك تراجع القيمة الإنسانية ، وتعزيز القيمة الرأسمالية ، فضلاً عن انحسار الأخلاق أو اندحارها ، وكان لهذا السلوك الاجتماعي أثر كبير على مجمل المعطى النقدي والتحليلي .
وأسس بيرس أيضاً الخطوات المنهجية لدراسة العلامة وتقسيماتها وأهمية دراستها ، وتصنيف الحقول التي تسهم العلامة في الاشتغال فيها ، ويمكن القول أنَها تعمل بنشاط في كل ميادين الحياة المختلفة ، وتتسم خطوات بيرس هذه بميزتين


الأولى : أنَها تحليل فلسفي منطقــي .
الثانية : الإيغال في التقسيم والتفصيل .
فيما يتعلق بالنقطة الأولى اتسم تحليل بيرس للعلامات بوصفه تحليلاً فلسفياً منطقياً من حيث استخدام المصطلح الفلسفي ، ثم تصنيف العلامات وفقاً لذلك ، ولا غرابة في هذا لأن
(ش.س. بيرس ) هو فيلسوف ، واشتغاله في الميدان الفلسفي أوسع وأكبر من اشتغاله بالميدان النقدي ، أما فيما يتعلق بالميزة الثانية فقد كانت تقسيمات بيرس للعلامة وفروعها ، تقسيمات ثلاثية حتى قيل : " أن مزاج بيرس ثلاثي التفريع ، أما مزاج سوسير فثنائي التفريع " ( ينظر: بيرس أو سوسير ، جيرار لودال ، ت : عبد الرحمن بو علي ، مجلة العرب والفكر العالمي ، العدد 3 لسنة 1988 : 117 ) .
إنَ المفهوم الأساسيّ لسيميائية بيرس هو : الصيرورة الدلالية أي دلالة لا نهائية ( السيموزيس : Semiosis) التي يعمل بموجبها شيء ما بوصفه دليلاً ، وتحوي هذه الصيرورة على
عوامل ثلاثة : ( الممثل ، والموضوع ، والمؤول ) وهي أقسام العلامة كما صنفها بيرس ، والمهمة الأساسية ـ عنده ـ تكمن في تحليل اشتغال الدليل في الاستعمال الفردي للصيرورة بوصفهه ذات وظيفة دلائلية تواصلية ، وهذه الوظيفة هي خاصية جوهرية للغة محددة بقوانين القواعد ، والوحدات اللسانية ( ينظر : الاتجاهات السيميولوجية المعاصرة ، مارسيلو داسكال ، ت : حميد لحمداني وآخرون ) .
لقد استند التحليل السيميائي عند كل من بيرس وسوسير إلى ميراث فلسفي ينطلق من فجر الطرح الفلسفي مع اليونانيين : أفلاطون وأرسطو (-322 ق.م ) ، والرواقيين ( Stoics ) ، والشكيين ( Scepticum ) مروراً بأوغسطين (- 430 م ) وتوما الأكويني (- 1274 م ) وديكارت (- 1650م ) ، وهيجل (-1831م ) ، ولوك (- 1704 م ) وانتهاءً بأنجلز (- 1895 ) وماركس (-1883م ) ودوركايم ، وقد تحدث تودوروف بشكل مفصل عن ولادة السيميائية الغربية في كتابه : (Theories of the symbol , Tra : C. Porter : 19 ) ، وبيَـن أنَ مسيرة السيميائية ممتدة زمنياً ، ولا يمكن اختصارها ، فمعطياتها متشابكة ، وطرحها الفلسفي والنقدي يلفّ العالم أجمعه ، ويطمح إلى رسم فهم للوجود من خلال تفسير العلامات وتحليلها ، وبيان وظائفها وفاعليتها ومساهمتها في إنشاء التواصل بين مختلف الموجودات .
ومن هذا المنطلق توسعت مباحث السيميائية وشملت مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بل وحتى النفسية ، ودخلت بشكل كبير ومباشر إلى المعطيات النقدية لما بعد البنيوية ، حتى عُدت ركناً مهماً من أركان التحليل النقدي لما بعد البنيوية ، وقد اتسمت مسيرة السيميائية بالتطور المتنامي المتسارع ، لأنَها شكلت الأداة والمنهجية الدقيقة في تفسير سلوك العلامات وبيان وظائف علاقاتها ، وهذه العلاقات تتسم بقدرتها على التوالد والاستمرار والصيرورة ، إذ بلغت السيميائية مكاناً متميزاً بين المناهج الفلسفية والنقدية العالمية المختلفة ، لقد ابتدأت من تحليل العلامة فقدمت تفسيراً للموجودات ، وفهماً لحركة العالم ، وشرحاً لأنظمة الكون ، وصيغاً لا نهائية لمشاريع مستقبلية تتخذ من سلطان العلامة إطاراً موسوعياً لإبداع رؤى جديدة .
إنَ تنوع الأبحاث السيميائية هو تنوع في أنساب الجوانب الفلسفية التي تريد فهم الموجودات ، والتواصل الحاصل فيها هو تواصل بين الوجود والموجود ، بين النظام والوظيفة ، بين الدلالة والسياق ، بين المادة والماهية ، بين فعل الخَلق وفعل الإنتاج ، إنَ مسيرة السيميائية هي مسيرة التسلسل المعرفي والنقدي الذي يقابل التأمل بالتحليل ، والنسق بالتأويل .
إنَ التحليل السيميائي عند بيرس وسوسير هو : عبارة عن بيان شبكة من العلاقات تستهدف دراسة أوجه النشاطات والفعاليات الإنسانية في مظاهرها الدالة ، ودلالاتها الممكنة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، ويستهدف معرفة كيفية عمل الأنظمة الدلالية : ( اللسانية وغير اللسانية ) ، لذلك استخدمت المجاميع والمدارس النقدية المختلفة طرائق متباينة لاستعمال التحليل السيميائي ما بين تحليل سيميائي للتواصل ، وآخر للدلالة ، وللثقافة (ينظر: دروس في السيميائيات ، حنون مبارك : 100).
ويتضح الفرق النقدي بين معطيات سوسير عن السيميائية ، ومعطيات بيرس عنها بالنقاط الآتية :
1. إنطلاقة سوسير المنهجية كانت لغوية لسانية - الدال و المدلول- خصوصا ، أما بيرس فمنطلقه فلسفي منطقـي أي أن سيميولوجية سوسير لغوية جزئية و سيميائية بيرس كونية شاملة فهو يرى أن الكون رمز كبير و كل ماتحت قبة هذا الكون الفسيح رمز و أن العلم الوحيد الذي يدرس هذه الرموز هو علم السيميائيات.
2. العلامة عند سوسير ثنائية المبنى تتكون من دال ومدلول ، أي : تجمع بين الصورة العيانية والصورة الذهنية ولا تجمع بين الشيء ومسماه( الإعتباطية) ، في حين أنَ العلامة عند بيرس ثلاثية المبنى تتكون من الممثل (المحمول Interpretant)، والرابطة (الوسيلة Connective )، والموضوع (Object) وهي مبنية على قاعدة رياضية تقول: إنَ كل نظام لابد أن يكون ثلاثياً.
3. أكدَ سوسير بشكل كبير أهمية العلامة داخل نظامها في النص ، دون الارتباط بعالم المرجعية خارج النص ، ودرس اللغة من خلال وصفها نظاماً أجزاؤه مرتبطة فيما بينها، في حين أكدَ بيرس أهمية العلامة في علاقتها بعوالم ثلاثة : (عالم الممكنات ـ المقولة الأولانية ، وعالم الموجودات ـ المقولة الثانيانية ، وعالم الواجبات ـ المقولة الثالثانية) ، وقد استمد بيرس هذه المقولات من مقولات الظاهراتيــة : ( فلسفة الكائن ، ومقولة الوجود ، ومحاولة الفكر لتفسير الظواهر ). ( ينظر: ما هي السيميولوجيا ، برنـار توسان ، ت: محمد نظيف ) .
4. العلامة عند سوسير لغوية - حصراً - وتمتاز بكونها تباينية واعتباطية في علاقة دالها بمدلولها ، أما العلاقة عند بيرس فهي لغوية وغير لغوية .
5. تتحدد العلامة بعلاقة الدال والمدلول ، ويتحدد الرمز بعلاقة المرموز والمرموز له ، ولا تحوي العلامةُ الرمزَ عند سوسير ، أما عند بيرس فالعلامة تتحدد بعلاقةالحامل مع المحمول مع الموضوع ، فضلاً عن علاقة الآيقون والرمز والإشارة ، بمعنى أنَ العلامة عند بيرس تحوي الرمزَ ويشكل جزءاَ منها .
6. علامة سوسير هي أساس السيميولوجيا ( Semiology ) ، وتعدّ جزءاً من علم النفـس (Psychology ) ، أما علامة بيرس فهي أساس السيميوطيقا (Semiotic) ، وتعد جزءاً من علم المنطق ( Logicology ) و .


7. تشكل اللسانيات جزءاً من السيميائية عند سوسير لأن اللغة فعل سيميائي ، في حين تشكل المقولات الفلسفية عن الوجود والعالم صورة التحليل السيميائي عند بيرس .
إنَ السيميائية في معالجتها للعلامات المنبثقة من الأشيـاء والأفعال ، أعطت وحمَلت منهجية ما بعد البنيوية إمكانية السيطرة على الممارسات المعرفية ، من خلال امتلاك إدارة تأويل العلامة ، وتحديث صيغ دلالية يستدعي بعضها البعض من خلال عملية تحول دقيقة تجري بين نظاميّ : (العلامة / النسق ) ، و ( الناقد / المعنى ) ، فغاية الناقد ـ المُؤوِّل بشكل عام ـ تفسير العلامة المُتموضِعة في نسقها للوصول إلى المعنى ، في حين يسعى ناقد ما بعد البنيوية للوصول إلى اختلافات المعنى ، وعدم الاقتناع والتسليم بحدَ معين ، والغاية هي الدخول في لعبة يغيب فيها المدلول ، ويحيل فيها الدال إلى دوال أخرى ، وبهذا اتسم تحليل ما بعد البنيوية بصفة التحليل العدمي ، وبلا نهائية الدلالة ( الدلالة غير محدودة ) .
ومن النتائج المهمة الأخرى التي قدمتها السيميائية للمسار النقدي لما بعد البنيوية هو : ذوبان الإنسان ـ حسب كيلر ـ في سلسلة من الأنظمة ، ومعالجة الثقافات الإنسانية بوصفها علامات ، فضلاً عن دراسة المشاريع المعرفية المستقبلية بوصفها علامات أيضاً ، واكتشاف طبيعة الأبحاث والحقول المختلفة التي تجعل الاتصال الأدبي ممكناً ، وتمييز الاختلافات بين الخطاب الأدبي والخطاب اللاأدبي ، وإحالة الدلالة إلى أنَ الأشكال والمفاهيم لا توجد مستقلة ، بل إنَ دوالها ومدلولاتها هي كيانات علائقية ناتجة من نظم الاختلاف ، وبهذا يمكن للسيميائية أن تقدم فرعاً معرفياً تحليلياً يجمع في منظور شامل ، سلسلة كبيرة من الظواهر تستجيب للمعالجة بطريقة مشتركة عن طريق تفسير العلامات وتحليلها ، ولأجل ذلك كله وُصِفت السيميائية بكونها حركة إمبريالية ( Imperialism ) تتحرك فوق الميادين المعرفية في العلوم الاجتماعية والإنسانية. (ينظر: البحث عن الإشارات، جوناثان كيلر، ت: محمد درويش ، مجلة الرواد ، العدد 1 لسنة 1998 :79 ) .
أما على صعيد تأثير بيرس وسوسير في المدارس والمفاهيم والنقاد ، فقد كانت حصة سوسير هي الأكبر ، وذلك نتيجة للمسوغات اللسانية واللغوية المستخدمة في تحليلاته وكانت هي الأقرب للتوظيف عند النقاد ، لوضوحها وبعدها عن الإيغال في التبويب والتقسيم والمداخلات المنطقية والفلسفية .
ولم يكن الحال كذلك مع بيرس الذي استند في تحليلاته العلامة على التقسيم الفلسفي والمنطقـي ، مما جعل هذا التقسيم بعيداً عن الميدان الالسني ، قريبا من التنظير المنطقي ، ومِن أبرز النقاد الذين تأثروا ببيرس ـ بشكل كبير ـ ناقدين اثنين هما : ( كريماس ، وسيبيوك ) ، أُشتهِر كريماس بتحليلاته السيميائية المنطقية لميدان السرديات ( Narratives ) ، وبتقسيماته الدلالية المتعددة لوحداته ، مستخدما منهجية بيرس في تحليل العلامة ، وتحصيل الدلالة .
وقد ذكر في مقالته : ( نحو سيميائيات للعالم الطبيعي ) ، أنَ السيميائيات لا تمثل إلاَ شبكة من العلاقات ، وأنَ هذه العلاقات هي التي تحدد سمات العالم الطبيعي : (The Natural World) وهي المحرك لتفسير الموجودات ، فضلا عن اعتماد عناصر التواصل الإنساني على الأبعاد الدلالية لتلك العلاقات .
وأكد أيضاً دور الصيرورة ( Semiosis ) في تحديد حركية العلامات بوصفها موجودات في عوالم الدوال ، وإمكانية السيميائية في تمثيل البعد التاريخي للعالم الإنساني ، وعدم الانفصال بشكل كليّ عن مستواه الظاهري . (See: On meaning , selected writings in Semiotic theory, Tra : Paul J. Perren & Frank H. Gollins: 17).
لقد شكلت جدلية ( الصيرورة ) البرنامج الدينامي لتمثل الدوال التي يحيل بعضها على بعض ، والسعي إلى إنتاج المعنى وتحويله من دلالته في الصورة العيانية ، إلى دلالات أخرى تخضع لآلية التأويل ، ويرى كريماس أنَ الخطاب السيميائي هو خطاب إيحائي يتضمن التعبير عن دلالات أيديولوجية ومعرفية وثقافية ، أي أنَ هذا الخطاب يمثل ـ بالضرورة ـ رصيداً معرفياً ، ومعيناً دلالياً مهماً .
وصنَف في الإطار نفسه إمكانية الانفصال إلى حركات عدة : ( الحركة الإسنادية ، والحركة النظامية ، والحركة الإيحائية ، والحركة اللاعبة ، والحركة الاتصالية ) ، وتمثل هذه الحركات ـ حسب كريماس ـ مشاريع ثقافية وخطابات تنظم البنيات الاقتصادية والاجتماعية .
وقد أُشتهِر كريماس بنظريته حول المربع السيميائي : (The Semiotic Sqaure) ، الذي يشير إلى أنَ طبيعة العلامات يمكن أن تُدرك من خلال علاقات التضاد والتناقض ، ويتكون هذا المربع من الأجزاء الآتية :
1. علاقة التناقض بين كل من طرفي التعارض في النص .
2. علاقة الإثبات القائمة في الطرفين المتناقضين المنفيين .
3. علاقة التضاد بين الطرفيين الأولييــن .
ويشير كريماس إلى أنَ العلاقة بين أجزاء ( علاقات الإثبات ) هي علاقات إيجابية ، بمعنى أنَ تحولات العلامات فيها يكون على مستوى الاتصال ، في حين تكون العلامة بين أجزاء ( علاقات التضاد والتناقض ) علاقات سلبية ، بمعنى أن تحولات العلامات فيها يكون على مستوى الانفصال . وبهذا يتكون المربع السيميائي من عناصر ستة هي :
1. القاصــد : Sujet .
2. المقصـود : Objet .
3. المناصـر : Adjudaut .
4. المعارض : Opposant .
5. المؤتي – المانـح : Destinateure .
6. المؤاتي – الممنوح estinataire .

أما سيبيوك فقد أُشتهِر بدراسته لمقاييس الصيرورة ( Criteria of Semiosis ) ، ودراسته النظرية العامة للعلامات عند بيرس ، والأسس المنطقية للسيميائية (Logical Basis of semiotics) ، فضلاً عن علاقة السيميائية بفن العمارة ( Architecture ) والموسيقى ، والتمثيل (Representations) ، والسيرك (Circus) ، والثقافة واللاهوت ، والطب والأدب. (See: Aperfusion of signs , T. A. Sebeok : 22).
وتشكل نظرية العلامات عند بيرس ـ حسب سيبيوك ـ نظرية في التجربة الدلالية ، ونظرية في الوعي ، لأنَها تدرس إمكانيات علاقة البنية مع الفكر من خلال تحليل العلامة ، واكتشاف فاعلية الصيرورة في النظام العلامي الذي يكتنز معلومات دلالية ، وأبعاد معرفية وثقافية.
وقد تدخل السيميائية في علاقتها مع الثقافة إلى اللجوء لعملية السمطقة :
(Semiotization) التي تبين ـ حسب ريفاتير ـ شعرية النص أو أدبيته (See: Text production , Michael Riffaterre , Tra : Terese Lyons : 114) ، وتنعش هذه العملية طاقة العلامات من خلال إخفاء السمة الإيحائية على المعطى الثقافي ، وتحويله إلى نسق منمذج للعالم ، وبهذا يكون المقياس الدلالي للصيرورة الذي تحدث عنه سيبيوك ، هو تحديد فلسفة علامية ، تسند لنفسها تقديم رؤية شمولية للمفاهيم والمقولات .
ويشكل المقياس الدلالي للصيرورة عملية التحول إلى تشكيل العلامات ، وتحول الشيء إلى علامة يعني الدخول في سياق الصيرورة الذي يقتضي أسبقية النظام والبنية على الاستعمال ، وأسبقية اللغة على الكلام ، ويشكل هذا السياق فرضية العمل : ( البراكسيس - Praxies ) ، وحيوية الصيرورة التي يعمل بموجبها شيء ما بوصفه علامة ، ويقترب هذا الإجراء من المعطى النقدي لعملية السمطقة ، ويتم دراسة ذلك كلَه في أحد حقول السيميائية ومكوناتها وهي : التداولية ( Pragmatic ) بوصفها قاعدة السانيات ، وطرقاً لمعالجة العلامة بين العلامات ومستخدميها ، ومعالجة علاقة العلامات بمؤولاتها ، ومعالجة المظاهر الحياتية للصيرورة بطريقة شاملة ، ودراسة الأفعال اللسانية والسياقات التي تتم فيها ، فضلاً عن فهم اللغة الشامل عن طريق استعمال تنسيقات العلامات وتحويلاتها .
أما بالنسبة لتأثير سوسير على المدارس النقدية واللغوية ، فقد كان كبيراً جداً في مجمل الأوساط اللغوية والنقدية والإجتماعية ، انطلاقاً من المدارس البنيوية ، مروراً بمدارس السيميائية واتجاهاتها ، وانتهاءً بنظريات تحليل الخطاب ، ونظريات الاستقبال والتلقي ، ومنهج ما بعد البنيوية ، وحسب ما ذهب إليه تودوروف في مقالته : ( سيميائيات سوسير ) ، فإنَ أثر سوسير في الطرح النقدي ـلاسيما حديثه عن العلامات ـ سيكون له مهمة تكملة نظام التعبير العالمي الشامل ، ويمكن أن تتمثل بالطرح الألسني ، وتكون النموذج المتفرد لجميع فروع اللغة ، والمعين الثرّ للنظام السيميائي العالمي .
وتكمن قيمة سوسير النقدية في ميزان الوسط النقدي لما بعد البنيوية ـ بوصفه أباً ـ بدوره في إرساء قواعد نزع الصفة الجوهرية عن علاقة الدال بالمدلول. ( ينظر: رومان ياكوبسون أو البنيوية الظاهراتية ، المارهو لنشتاين ، ت : عبد الجليل الازدي : 60 ) ، ونعت تلك العلاقة بأنها اعتباطية ، وقد دفع هذا الطرح من توسيع عمليات الفصل بين الدال والمدلول ، بمعنى توسيع عقلنة الدال بوصفه حضوراً ، وعدم ضبط حدود المدلول بوصفه غياباً .
وقد أدى هذا الطرح أيضاً إلى استغلال إمكانية الدال في الإحالة إلى دوال أخرى ، بمعنى تحويل المسار التقليدي للدال بالإحالة إلى المدلول ، إلى مسار معرفي جديد يقتضي إحالة الدال إلى دال آخر ، في عملية ذات قصد عدمي لتغييب المدلول أو تعمد فقدانه ، وقد استثمر ( جاك دريدا ) هذا الطرح موظِفاً إيَاه في مجمل الطرح النقدي لما بعد البنيوية ، إذ أصبحت المؤسسات النقدية تتحدث عن تضايف المعنى ، وليس عن حقيقته ، وأصبحت نظرية اللعب التفكيكية لدريدا مخططاً نقدياً ، وصيغة عقلانية يمكن البرهنة عليها وتبني فاعليتها ، والحكم على منتقديها بالعبث والتطرف .
إنَ تأثير سوسير في الطرح النقدي واللغوي كان شاملاً وممتداً في مختلف المجاميع النقدية العالمية ، ولم تخلُ مدرسة لغوية أو نقدية من التأثير السوسيري ـ ولو كان يسيريسيراً ـ فمدارس الألسنية : الوظيفية : ( Functionalism ) ، والتوزيعية : ( Distributionalism ) ، والتوضيحية : ( Glossematiosm ) ، وما بعد السوسيرية : ( Post – Sausurianism ) ، التي تشمل التوليدية والتحويلية لشومسكي : ( Geneticism and Transformatism ) وغيرها ، كلها وقعت تحت تأثير الطرح اللغوي والنقدي لسوسير ، ويمكن إجمالاً القول أنّ دروس سوسير في اللسانيات أسهمت في مدّ العديد من الاتجاهات والمدارس الألسنية والنقدية والمنهجية بالتمفصلات المعرفية ، والأصول اللغوي.
















رد مع اقتباس
قديم 2013-02-22, 13:04   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
**د لا ل**
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي


كيف يتعامل الأدب الإسلامي مع قضية القدم والحداثة؟


إن الخصومة بين القديم والحديث، أو بين ما يسمَّى الآن "الأصالة والحداثة"، أو "التراث والمعاصرة"، أو غير ذلك من تسميات - هي قضية قديمة حديثة؛ ففي كل زمان ومكان يوجد مَن يتعصَّب لقديم أو حديث، أو يتعصَّب - في مقابل ذلك - على القديم أو الحديث.



وفي عصرنا مَن فهم الحداثة على أنها "الخروج على جميع ما سلف"، أو أنها التغيير الجذري لكل ما عُرف، أو ما سمي "ألمًا قبل" بتعبير بعضهم؛ فاحتقر التراث العربي الإسلامي جميعه، وعدَّه ساقطًا باليًا، في مقابل إنجازات الحداثة المعاصرة، التي دخلتْ من أوسع الأبواب إلى أدبنا الحديث، وهي - في غالبيتها - إنجازات الحداثة الغربية، وقد صدرتْ عن حضارة أخرى، وعن ثقافة غربية، مخالفة في القيم والتصوراتِ الفكرية والفنية لحضارتنا وثقافتنا.


ويتبنَّى الأدب الإسلامي الذي ندْعو إليه منهجَ الوسطية والاعتدال في التعامل مع هذه القضية المهمة الحاضرة باستمرار، وهذه الوسطية هي من جوهر الإسلام، الذي يقتبس منه الأدب الإسلامي؛ فالإسلام دين الوسطية في كل شأن من شؤون الحياة والكون والإنسان.


إن وسطية الأدب الإسلامي في التعامل مع قضية " القدم والحداثة" تمثلها - في رأينا - مجموعةٌ من التصورات، يمكن إبراز أهمها في النقاط التالية:

1- على حد تعبير ابن قُتَيبة: لم يقصر الله العلم والأدب والثقافة على قومٍ دون قومٍ، ولا خصَّ بها ناسًا دون ناس، من القدماء أو المحدَثين، بل مِن عدلِه أن ذلك حظ مشترك بين الجميع؛ فلا يجوز - بسبب من ذلك - التعصب لقديم أو حديث، أو التعصب على قديم أو حديث لمجرد الزمن وحده؛ فإن مقياس الزمن غير ثابت؛ فالقديم كان حديثًا في يوم من الأيام، والحديث اليوم سيغدو بعد حين قديمًا.



2- وبناءً على ما سبق؛ فإن ما يسمى "الخصومة بين القدم والحداثة" ما هو في حقيقته إلا خصومة بين القيم، بين الحق والباطل، اللذين تضبطهما قواعدُ الدين وأُسس الشرع، وقد يكون كل منهما مع هؤلاء أو أولئك من قدماء ومحدَثين؛ فلا خصومة أو صراع إذًا بين سلف وخلف، أو آباء وأبناء، كما تتمثَّل ذلك بعضُ التصورات الفكرية الحديثة.



3- لا يسعى الأدب الإسلامي وراء التجديد لذاته، شأن الاتجاهات الحداثية التي جعلتْ ذلك وكدها، فأعلتْ من شأن كل جديد لمجرد أنه جديد، وسفَّهتْ من شأن كل قديم لمجرد أنه قديم، ولكنه يسعى إلى الجديد الرشيد، الذي يحمل الحقَّ والخير، ويُغنِي التجرِبة الإنسانية، وهو ينفر من كل جديد أو حديث إذا كان شاذًّا، أو مخالفًا لشرع الله، كما هو شأن كثير مما تحمله بعض الاتجاهات الفكرية المعاصرة.



4- لا يعني التجديدُ الخروجَ المطلقَ على كل تراث أو قديم؛ ففي ثقافتنا ثوابتُ لا يجوز الخروج عليها؛ لأن هذا الخروج يعدُّ خروجًا من الدين، ومروقًا من العقيدة، ولكن التجديد الرشيد - الذي أشرنا إليه - هو في المتغيرات التي لم يَرِدْ فيها نص قطعي الدلالة.



5- يميز الأدبُ الإسلامي بين التجديد في المضمون والتجديد في الشكل؛ فالأشكال الفنية هي - غالبًا - محايدة، ولكن المضامين تمثِّل عقيدة الأمة التي أنتجتْها، فينبغي أن يتعامل معها بحذر، فلا يؤخذ منها إلا ما يتفق مع الإسلام.


6- إن التجديد مطلبٌ حيوي في الأدب الإسلامي؛ فهو نوعٌ من التحسين والتجميل، فيحرص عليه، ويسعى إليه، على أن يكون رشيدًا مفيدًا.


وإن المبدع المسلم مثقَّف ينفتح على ثقافات العصر، ولكن بوعيٍ وبصيرة، وإن الأدب الإسلامي لا يحقق حضورَه وذيوعَه إلا من خلال هذا الانفتاح، مع المحافظة على شخصيته وأصالته.


د. وليد قصاب ... منقووول









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
*«•¨*•.¸¸.»منتدى, اللغة, العربية, «•¨*•.¸¸.»*, طلبة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc