فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 15 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-02-12, 15:18   رقم المشاركة : 211
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا تعارض بين الآية : ( لا إكراه في الدين ) وبين الأحاديث الدالة على قتل المرتد

السؤال

كيف التوفيق بين الآية ) لا إكراه في الدين ( ، وبين حكم قتل المرتد في الإسلام ؟

الجواب

الحمد لله

لا تعارض بين قوله تعالى : ( لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، وبين النصوص الدالة على قتل المرتد

فالآية محمولة على الكافر الأصلي الذي لم يدخل الإسلام ابتداء

فهذا لا يُكره على الدخول في الإسلام ، وأما من دخل في الإسلام طواعية ، ثم ارتد عنه

فهذا لا تشمله الآية ، بل قتل مثل هذا تقتضيه الحكمة والمصلحة ؛ ففي قتله صيانة للدين ولأهله .

قال ابن حزم رحمه الله :

" وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : ( لَا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ ) ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ الْأُمَّةِ كُلِّهَا فِي أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ : لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا ; لِأَنَّ الْأُمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى إكْرَاهِ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ "

انتهى من " المحلى " (12/119) .

وقال ابن تيمية رحمه الله :

" فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلْ ذَلِكَ – أي المرتد - لَكَانَ الدَّاخِلُ فِي الدِّينِ يَخْرُجُ مِنْهُ ، فَقَتْلُهُ حِفْظٌ لِأَهْلِ الدِّينِ وَلِلدِّينِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ النَّقْصِ ، وَيَمْنَعُهُمْ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْهُ ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (20/102) .

وقال ابن عاشور رحمه الله :

" وَحِكْمَةُ تَشْرِيعِ قَتْلِ الْمُرْتَدِّ - مَعَ أَنَّ الْكَافِرَ بِالْأَصَالَةِ لَا يُقْتَلُ - أَنَّ الِارْتِدَادَ خُرُوجُ فَرْدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْجَامِعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، فَهُوَ بِخُرُوجِهِ مِنِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ

يُنَادِي عَلَى أَنَّهُ لَمَّا خَالَطَ هَذَا الدِّينَ وَجَدَهُ غَيْرَ صَالِحٍ ، وَوَجَدَ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَصْلَحَ ، فَهَذَا تَعْرِيضٌ بِالدِّينِ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِ .

وَفِيهِ أَيْضًا تَمْهِيدُ طَرِيقٍ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يَنْسَلَّ مِنْ هَذَا الدِّينِ ، وَذَلِكَ يُفْضِي إِلَى انْحِلَالِ الْجَامِعَةِ ، فَلَوْ لَمْ يُجْعَلْ لِذَلِكَ زَاجِرٌ ، مَا انْزَجَرَ النَّاسُ ، وَلَا نَجِدُ شَيْئًا زَاجِرًا مِثْلَ تَوَقُّعِ الْمَوْتِ ، فَلِذَلِكَ جُعِلَ الْمَوْتُ هُوَ الْعُقُوبَةَ لِلْمُرْتَدِّ

حَتَّى لَا يَدْخُلَ أَحَدٌ فِي الدِّينِ إِلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ ، وَحَتَّى لَا يَخْرُجَ مِنْهُ أَحَدٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنِ الْإِكْرَاهِ فِي الدِّينِ الْمَنْفِيِّ

بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( لَا إِكْراهَ فِي الدِّينِ ) [الْبَقَرَة: 256] عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ فِي الدِّينِ هُوَ إِكْرَاهُ النَّاسِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ أَدْيَانِهِمْ وَالدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَمَّا هَذَا فَهُوَ مِنِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَقَاءِ فِي الْإِسْلَام ".

انتهى من " التحرير والتنوير " (2/ 336) .

والله أعلم .








 


قديم 2019-02-12, 15:23   رقم المشاركة : 212
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " خلق الله سبع أَرضين ، فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ ، وَآدَمُ كَآدَمِكُمْ ، وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى كَعِيسَى " ؟

السؤال

لماذا ارتبك الصحابي الجليل عبد الله بن عباس -حبر هذه الأمة- نفسه في تفسير الآية 12 من سورة الطلاق وحتى أنه خاف من أن يكفر سائله ؟ وتفاصيل هذه الحادثة كما يلي

: " عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ , قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ , فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) سورة الطلاق آية 12، مَا هُوَ ؟

فَسَكَتَ عَنْهُ ابْنُ عَبَّاسٍ حَتَّى إِذَا وَقَفَ النَّاسُ , قَالَ لَهُ الرَّجُلُ : مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُجِيبَنِي ؟ ،

قَالَ : " وَمَا يُؤْمِنُكَ أَنْ لَوْ أَخْبَرْتُكَ أَنْ تَكْفُرَ ؟ " ، قَالَ : فَأَخْبِرْنِي فَأَخْبَرَهُ ، قَالَ : " سَمَاءٌ تَحْتَ أَرْضٍ وَأَرْضٌ فَوْقَ سَمَاءٍ مَطْوِيَّاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ يَدُورُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ كَمَا يَدُورُ بِهَذَا الكِرْدَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الْغَزْلُ" [تتمته

إلى] "سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم ، وآدم كآدم ، ونوح كنوح ، وإبراهيم كإبراهيم ، وعيسى كعيسى" (وقال البيهقي عقبه : إسناد هذا صحيح عن ابن عباس). وهل صحيح

كما فسرها العديد من عوام الناس ، بأن تفسير هذه الآية يعني بأن الله تعالى خلق من كل إنسان ، إنسان آخر مثله ولكن في كون آخر (أو كما تسمى هذه النظرية في الإنجليزية بالمصطلح "parallel universes")؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

قال الله تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) الطلاق/ 12 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" أخبر تعالى أنه خلق الخلق من السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن، وما بينهن، وأنزل الأمر، وهو الشرائع والأحكام الدينية التي أوحاها إلى رسله لتذكير العباد ووعظهم

وكذلك الأوامر الكونية والقدرية التي يدبر بها الخلق ، كل ذلك لأجل أن يعرفه العباد ويعلموا إحاطة قدرته بالأشياء كلها

وإحاطة علمه بجميع الأشياء فإذا عرفوه بأوصافه المقدسة وأسمائه الحسنى وعبدوه وأحبوه وقاموا بحقه

فهذه الغاية المقصودة من الخلق والأمر معرفة الله وعبادته، فقام بذلك الموفقون من عباد الله الصالحين ، وأعرض عن ذلك الظالمون المعرضون " .

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 872) .

وانظر جواب السؤال القادم

ثانيا :

روى الطبري في "تفسيره" (23/469) ، والحاكم (3822) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (832)

عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ) قَالَ: " فِي كُلِّ أَرْضٍ مِثْلُ إِبْرَاهِيمَ ، وَنَحْوُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْخَلْقِ " .

وفي لفظ :

( سَبْعَ أَرَضِينَ فِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ ، وَآدَمُ كآدمَ ، وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى كَعِيسَى ) .

ثم روى الطبري (23/ 469) عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: " لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم ، وكفركم تكذيبكم بها " .

قال البيهقي : " إِسْنَادُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا صَحِيحٌ، وَهُوَ شَاذُّ بِمُرَّةَ ، لَا أَعْلَمُ لِأَبِي الضُّحَى عَلَيْهِ مُتَابِعًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله في "المنتخب" (ص125):

" عن أَحْمَد بْن أَصْرَمَ الْمُزَنِيّ ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ شَرِيكٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ، وَنُوحٌ كَنُوحِكُمْ، وَآدَمُ كَآدَمَكُمْ ".

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : هَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة َ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لا يَذْكُرُ هَذَا، إِنَّمَا يَقُولُ : " يَتَنَزَّلُ الْعِلْمُ وَالأَمْرُ بَيْنَهُنَّ " .

وَعَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ اخْتَلَطَ، وَأَنْكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثَ " .

وقال الذهبي في "كتاب العلو" (ص 75) ما ملخصه :

" رواه الْبَيْهَقِيُّ فِي الصِّفَاتِ ، ورُوَاته ثِقَات ، وَرُوِيَ عَن عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ مُطَوَّلا بِزِيَادَةٍ

غَيْرَ أَنَّنَا لَا نَعْتَقِدُ أن لذَلِكَ أصلا ، فَقَالَ الْبَيْهَقِيّ: أخبرنَا الْحَاكِم أَنبأَنَا أَحْمد بن يَعْقُوب الثَّقَفِيّ حَدثنَا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ

: " سبع أَرضين، وَفِي كُلِّ أَرْضٍ نَبِيٌّ كَنَبِيِّكُمْ، وَآدَمُ كَآدَمِكُمْ، وَنُوحٌ كَنُوحٍ، وَإِبْرَاهِيمُ كَإِبْرَاهِيمَ، وَعِيسَى كَعِيسَى "

شَرِيكٌ وَعَطَاءٌ فِيهِمَا لِينٌ لَا يَبْلُغُ بِهِمَا رَدَّ حَدِيثِهِمَا ، وَهَذِهِ بَلِيَّةٌ تُحَيِّرُ السَّامِعَ ، كَتَبْتُهَا اسْتِطْرَادًا لِلتَّعَجُّبِ ، وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ: اسْمَعْ وَاسْكُتْ " انتهى .

وقال السيوطي رحمه الله في "الحاوي" (1/ 462):

" هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ وَقَالَ: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ شَاذٌّ بِمَرَّةٍ

وَهَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْبَيْهَقِيِّ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ صِحَّةُ الْمَتْنِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَصِحَّ الْإِسْنَادُ وَيَكُونُ فِي الْمَتْنِ شُذُوذٌ أَوْ عِلَّةٌ تَمْنَعُ صِحَّتَهُ

وَإِذَا تَبَيَّنَ ضَعْفُ الْحَدِيثِ أَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَأْوِيلِهِ ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الْمَقَامِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ الْأَحَادِيثُ الضَّعِيفَةُ " انتهى .

وقال ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية" (1/ 42):

" مَا يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَتَلَقَّاهُ عَنْهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ عُلَمَائِنَا مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ مِنْ تُرَابٍ، وَالَّتِي تَحْتَهَا مِنْ حَدِيدٍ، وَالْأُخْرَى مِنْ حِجَارَةٍ مِنْ كِبْرِيتٍ، وَالْأُخْرَى مِنْ كَذَا

. فَكُلُّ هَذَا إِذَا لَمْ يُخْبَرْ بِهِ وَيَصِحَّ سَنَدُهُ إِلَى مَعْصُومٍ فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ .

وَهَكَذَا الْأَثَرُ الْمَرْوِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " فِي كُلِّ أَرْضٍ مِنَ الْخَلْقِ مِثْلُ مَا فِي هَذِهِ الْأَرْضِ حَتَّى آدَمَ كَآدَمِكُمْ

وَإِبْرَاهِيمَ كَإِبْرَاهِيمِكُمْ " فَهَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مُخْتَصَرًا، وَاسْتَقْصَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ إِنْ صَحَّ نَقْلُهُ عَنْهُ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَهُ عَنِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى .

فهذا الأثر لا يصح عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وعلى تقدير صحته : يكون مما أخذه ابن عباس عن أهل الكتاب ، ولا حجة في هذا .

فلا يصح أن يقال بمقتضى هذا الأثر ، وهو قول مستنكر لا دليل عليه .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-12, 15:27   رقم المشاركة : 213
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قول الله تعالى : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ... )

السؤال

ما تفسير قوله تعالى في نهاية سورة الطلاق : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) .

الجواب

الحمد لله

يقول الله عز وجل : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ) الطلاق/ 12.

فيخبر عز وجل أنه خلق سبع سموات وسبع أرضين ، يتنزل بينهن أمره ، وهي شرائعه وأحكامه التكليفية ، وأوامره الكونية والقدرية التي يدبر بها الأمر ويُصرّف بها الآيات

ليعلم عباده أن له الخلق والأمر سبحانه ، وله الحكمة البالغة والقدرة التامة

وله الأسماء الحسنى والصفات العلى ، ولا يخرج عن قدرته وعلمه مثقال ذرة من شيء في السماء العليا ولا الأرض السفلى ، وليعلموا أنه قادر على إحياء الخلق بعد إماتتهم

وبعثهم ونشورهم من قبورهم ؛ فيحبوه ويعبدوه ويقوموا على طاعته وطاعة رسله ، وهو الأمر الذي خلق الخلق من أجله .

قال ابن كثير رحمه الله :

" يقول تعالى مخبرا عن قدرته التامة وسلطانه العظيم ليكون ذلك باعثًا على تعظيم ما شرع من الدين القويم : ( اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ ) أي سبعا أيضا "

انتهى من تفسير ابن كثير (8/ 156) .

وقال الشوكاني رحمه الله : " (ومن الأرض مثلهن ) أي وخلق من الأرض مثلهن ، يعني سبعا، واختلف في كيفية طبقات الأرض : قال القرطبي في تفسيره

: واختلف فيهن على قولين :

أحدهما وهو قول الجمهور أنها سبع أرضين طباقا بعضها فوق بعض ، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والأرض

وقال الضحاك :

إنها مطبقة بعضها على بعض من غير فتوق بخلاف السموات ، والأول أصح ؛ لأن الأخبار دالة عليه "

انتهى من "فتح القدير" (5/ 346) .

وقال السعدي رحمه الله :

" أخبر تعالى أنه خلق الخلق من السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع ومن فيهن، وما بينهن ، وأنزل الأمر ، وهو الشرائع والأحكام الدينية التي أوحاها إلى رسله لتذكير العباد ووعظهم

وكذلك الأوامر الكونية والقدرية التي يدبر بها الخلق ، كل ذلك لأجل أن يعرفه العباد ويعلموا إحاطة قدرته بالأشياء كلها ، وإحاطة علمه بجميع الأشياء

فإذا عرفوه بأوصافه المقدسة وأسمائه الحسنى وعبدوه وأحبوه وقاموا بحقه ، فهذه الغاية المقصودة من الخلق والأمر معرفة الله وعبادته، فقام بذلك الموفقون من عباد الله الصالحين، وأعرض عن ذلك الظالمون المعرضون "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 872) .

وروى الطبراني في "المعجم الكبير" (8987) بسند حسن عن ابن مسعود قال :

" ما بين السماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمسمائة عام وما بين كل سماء مسيرة خمسمائة عام " .

فالسموات سبع ، والأرضون سبع ، وذلك من تمام قدرة الله تعالى ، يتنزل بينهن أمر الله الشرعي والقدري .

والذي يجب علينا هو الوقوف عند حد المعلوم شرعا دون عدوان ، وقد أخبرنا القرآن وأخبرتنا السنة الصحيحة أنهن سبع سموات وسبع أرضين .

وقد علمنا من السنة أن لكل سماء ساكنيها ، ولم يأت لغير الأرض التي نحن عليها خبر عن أحوالها ، فوجوب الوقوف على ما جاءت به الأخبار ، والإيمان بأنها سبع أرضين

دون التنقيب والتحري عما وراء ذلك ، وهل هو مما أثبته العلم الحديث أو نفاه

وغير ذلك مما قد يورث الشك والارتياب ، بل يجب الإيمان بأن الإحاطة الكاملة والقدرة التامة لهذه العوالم العلوية والسفلية إنما هي لله وحده ، وهذا من تمام علمنا بأنه على كل شيء قدير

وأنه قد أحاط بكل شيء علما ، ونحن مع ذلك نقول سمعنا وأطعنا وصدقنا .

والله أعلم .









قديم 2019-02-12, 15:33   رقم المشاركة : 214
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل نسخ القتال في الأشهر الحرم ؟

السؤال


ما الراجح في نسخ تحريم القتال في الأشهر الحرم ؟

وهل نُسخت كل أحكام الأشهر الحرم ؟

أم فقط القتال عند من قالوا بالنسخ ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

الأشهر الحرم أربعة أشهر ، وهي : رجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، وقد أشار إليها القرآن الكريم

وذلك في قول الله تعالى : (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ

أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) التوبة/36.

وورى البخاري (3197) ومسلم (1679) عن أبي بكرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خطب الناس يوم النحر في حجة الوداع ، فكان مما قال : (إِنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ

لسَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ ، شَهْرُ مُضَرَ ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) .

قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره (ص336) :

"(مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) وهي: رجب الفرد، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها.

(فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) يحتمل أن الضمير يعود إلى الاثنى عشر شهرا، وأن اللّه تعالى بين أنه جعلها مقادير للعباد، وأن تعمر بطاعته

ويشكر اللّه تعالى على مِنَّتِهِ بها، وتقييضها لمصالح العباد، فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها.

ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم، وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها، خصوصا مع النهي عن الظلم كل وقت، لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها.

ومن ذلك النهي عن القتال فيها، على قول من قال: إن القتال في الأشهر الحرام لم ينسخ تحريمه ، عملا بالنصوص العامة في تحريم القتال فيها" انتهى .

وقال القرطبي رحمه الله :

"قوله تعالى: (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) على قول ابن عباس راجع إلى جميع الشهور.

وعلى قول بعضهم إلى الأشهر الحرم خاصة، لأنه إليها أقرب ، ولها مزية في تعظيم الظلم، لقوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج)[ البقرة: 197 ] لا أن الظلم في غير هذه الأيام جائز على ما نبينه.

ثم قيل: في الظلم قولان: أحدهما : لا تظلموا فيهن أنفسكم بالقتال، ثم نسخ بإباحة القتال في جميع الشهور.
الثاني : لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب"

انتهى من "تفسير القرطبي" (8/134) .

وقال الألوسي :

" والجمهور على أن حرمة المقاتلة فيهن منسوخة ، وأن الظلم مؤول بارتكاب المعاصي ، وتخصيصها بالنهي عن ارتكاب ذلك فيها ، مع أن الارتكاب منهي عنه مطلقا لتعظيمها

ولله سبحانه أن يميز بعض الأوقات على بعض ، فارتكاب المعصية فيهن أعظم وزرا كارتكابها في الحرم وحال الإحرام"

انتهى من "روح المعاني" (10/91) .

ثانيا :

القتال في الأشهر الحرم له حالان :

الأولى : أن يكون قتال دفع ، بمعنى أن يبتدئ المعتدون القتال في الأشهر الحرم ، فيجوز للمسلمين قتال هؤلاء المعتدين باتفاق العلماء .

قال ابن مفلح رحمه الله :

" وَيَجُوزُ القتال في الشهر الحرام دفعا ، إجماعا "

انتهى من "الفروع" (10/ 47) .

وانظر : "زاد المعاد" (3/ 301).

الحال الثانية : أن يكون قتال ابتداء ، بمعنى أن يبتدئ المسلمون القتال في الأشهر الحرم : فذهب جمهور العلماء إلى أن تحريم بدء القتال في الأشهر الحرم : منسوخ .

وذهب آخرون إلى أنه غير منسوخ

لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ ) المائدة/ 2 ، ولما رواه أحمد (14583) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: ( لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ إِلَّا أَنْ يُغْزَى

- أَوْ يُغْزَوْا - فَإِذَا حَضَرَ ذَاكَ، أَقَامَ حَتَّى يَنْسَلِخَ ) وصححه محققو المسند .

قال ابن كثير رحمه الله :

" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَحْرِيمِ ابْتِدَاءِ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ: هَلْ هُوَ مَنْسُوخٌ أَوْ مُحْكَمٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا -وَهُوَ الْأَشْهَرُ: أَنَّهُ مَنْسُوخٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) وَأَمَرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَظَاهِرُ السِّيَاقِ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ أَمْرًا عَامًّا، فَلَوْ كان محرما فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ

لَأَوْشَكَ أَنْ يُقَيِّدَهُ بِانْسِلَاخِهَا؛ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاصَرَ أَهْلَ الطَّائِفِ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ -وَهُوَ ذُو الْقَعْدَةِ -كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: (أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى هَوَازِنَ فِي شَوَّالَ

فَلَمَّا كَسَرَهُمْ وَاسْتَفَاءَ أَمْوَالَهُمْ، وَرَجَعَ فَلُّهم، فَلَجَئُوا إِلَى الطَّائِفِ -عَمد إِلَى الطَّائِفِ فَحَاصَرَهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَفْتَتِحْهَا) فَثَبَتَ أَنَّهُ حَاصَرَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ.

وَالْقَوْلُ الْآخَرُ: أَنَّ ابْتِدَاءَ الْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ حَرَامٌ، وَأَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ تَحْرِيمَ الْحَرَامِ،

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ) وَقَالَ: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) الْآيَةَ

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ عَمَّا قَبْلَهُ،

وَأَنَّهُ حُكْمٌ مُسْتَأْنَفٌ، وَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّهْيِيجِ وَالتَّحْضِيضِ، أَيْ: كَمَا يَجْتَمِعُونَ لِحَرْبِكُمْ إِذَا حَارَبُوكُمْ ، فَاجْتَمِعُوا أَنْتُمْ أَيْضًا لَهُمْ إِذَا حَارَبْتُمُوهُمْ، وَقَاتِلُوهُمْ بِنَظِيرِ مَا يَفْعَلُونَ.

وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَذِنَ للمؤمنين بقتال الْمُشْرِكِينَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ إِذَا كَانَتِ الْبُدَاءَةُ مِنْهُمْ

كَمَا قَالَ تَعَالَى: (الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ) وَقَالَ تَعَالَى: (وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) الْآيَةَ .

وَهَكَذَا الْجَوَابُ عَنْ حِصَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ، وَاسْتِصْحَابِهِ الْحِصَارَ إِلَى أَنْ دَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ، فَإِنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ قِتَالِ هَوَازِنَ وَأَحْلَافِهَا مِنْ ثَقِيفٍ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ ابْتَدَءُوا الْقِتَالَ

وَجَمَعُوا الرِّجَالَ، وَدَعَوْا إِلَى الْحَرْبِ وَالنِّزَالِ، فَعِنْدَها قَصَدَهُمْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَمَّا تَحَصَّنُوا بِالطَّائِفِ ذَهَبَ إِلَيْهِمْ لِيُنْزِلَهُمْ مِنْ حُصُونِهِمْ، فَنَالُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَقَتَلُوا جَمَاعَةً،

وَاسْتَمَرَّ الْحِصَارُ بِالْمَجَانِيقِ وَغَيْرِهَا قَرِيبًا مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ فِي شَهْرٍ حَلَالٍ، وَدَخَلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ، فَاسْتَمَرَّ فِيهِ أَيَّامًا، ثُمَّ قَفَلَ عَنْهُمْ ، لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ، وَهَذَا هُوَ أَمْرٌ مُقَرَّرٌ، وَلَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 149-150).

قال ابن القيم رحمه الله :

" ... وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَهِيَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا، وَلَيْسَ فِيهَا مَنْسُوخٌ: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ) .

وَقَالَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ)

فَهَاتَانِ آيَتَانِ مَدَنِيَّتَانِ بَيْنَهُمَا فِي النُّزُولِ نَحْوُ ثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ نَاسِخٌ لِحُكْمِهِمَا، وَلَا أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى نَسْخِهِ .

وَمَنِ اسْتَدَلَّ عَلَى نَسْخِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) وَنَحْوِهَا مِنَ الْعُمُومَاتِ، فَقَدِ اسْتَدَلَّ عَلَى النَّسْخِ بِمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ .

وَمَنِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أبا عامر ، فِي سِرِّيَّةٍ إِلَى أَوْطَاسٍ

فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَقَدِ اسْتَدَلَّ بِغَيْرِ دَلِيلٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ تَمَامِ الْغَزْوَةِ الَّتِي بَدَأَ فِيهَا الْمُشْرِكُونَ بِالْقِتَالِ، وَلَمْ يَكُنِ ابْتِدَاءً مِنْهُ لِقِتَالِهِمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ "

انتهى من "زاد المعاد" (3/ 301-303).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" اختلف العلماء هل حرمة القتال فيها باقية أو نسخت؟ على قولين: الجمهور على أنها نسخت وأن تحريم القتال فيها نسخ، وقول آخر: أنها باقية ولم تنسخ ، وأن التحريم فيها باقي ولا يزال، وهذا القول أظهر من جهة الدليل "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (18/ 433).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" القول الراجح من أقوال العلماء: أنه لا يجوز القتال فيها ، إلا ما كان دفاعاً ، أو كان قد انعقدت أسبابه من قبل، بمعنى: أنه لا يجوز أن نبدأ قتال الكفار في هذه الأشهر الحرم

إلا إذا كان دفاعاً، بمعنى أنهم هم الذين بدءونا في القتال، أو كان ذلك امتداداً لقتال سابق على هذه الأشهر "

انتهى من "اللقاء الشهري" (27/ 3) بترقيم الشاملة.

ثانيا :

على القول بنسخ القتال في الأشهر الحرم . فالمنسوخ هو القتال فقط ، أما تعظيمها وتعظيم الذنوب فيها فهو باق ، وقد ورد في حديث رواه أبو داود استحباب الصيام فيها ، إلا أن إسناده ضعيف .

وينظر للفائدة السؤالين القادمين

والله أعلم .









قديم 2019-02-12, 15:35   رقم المشاركة : 215
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الصوم في شهر رجب

السؤال


هل ورد فضل معين للصيام في شهر رجب ؟.

الجواب

الحمد لله


أولاً :

شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم التي قال الله تعالى فيها : ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36

, والأشهر الحرم هي : رجب , وذو العقدة , وذو الحجة , والمحرم .

وروى البخاري (4662) ومسلم (1679) عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

: ( السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا , مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ , ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ , وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ) .

وقد سميت هذه الأشهر حرماً لأمرين :

1- لتحريم القتال فيها إلا أن يبدأ العدو .

2- لأن حرمة انتهاك المحارم فيها أشد من غيرها .

ولهذا نهانا الله تعالى عن ارتكاب المعاصي في هذه الأشهر فقال : ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) التوبة/36 , مع أن ارتكاب المعصية محرم ومنهي عنه في هذه الأشهر وغيرها , إلا أنه في هذه الأشهر أشد تحريماً .

قال السعدي رحمه الله (ص 373) :

" ( فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ ) يحتمل أن الضمير يعود إلى الاثني عشر شهرا , وأن اللّه تعالى بَيَّن أنه جعلها مقادير للعباد , وأن تعمر بطاعته , ويشكر اللّه تعالى على مِنَّتِهِ بها , وتقييضها لمصالح العباد

, فلتحذروا من ظلم أنفسكم فيها .

ويحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم , وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها خصوصاً ، مع النهي عن الظلم كل وقت , لزيادة تحريمها , وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها " انتهى .

ثانياً :

وأما صوم شهر رجب , فلم يثبت في فضل صومه على سبيل الخصوص أو صوم شيء منه حديث صحيح .

فما يفعله بعض الناس من تخصيص بعض الأيام منه بالصيام معتقدين فضلها على غيرها : لا أصل له في الشرع .

غير أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم ( ورجب من الأشهر الحرم ) فقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( صُمْ مِنْ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ )

رواه أبو داود (2428) وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود .

فهذا الحديث - إن صح - فإنه يدل على استحباب الصيام في الأشهر الحرم , فمن صام في شهر رجب لهذا , وكان يصوم أيضاً غيره من الأشهر الحرم فلا بأس , أما تخصيص رجب بالصيام فلا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (25/290) :

" وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، لا يعتمد أهل العلم على شيء منها ، وليست من الضعيف الذي يروى في الفضائل ، بل عامتها من الموضوعات المكذوبات . . .

وفي المسند وغيره حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصوم الأشهر الحرم : وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم . فهذا في صوم الأربعة جميعا لا من يخصص رجبا " انتهى باختصار .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" كل حديث في ذكر صيام رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى " انتهى من "المنار المنيف" (ص96) .

وقال الحافظ ابن حجر في "تبيين العجب" (ص11) :

" لم يرد في فضل شهر رجب , ولا في صيامه ولا صيام شيء منه معين , ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة " انتهى .

وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/383) :

" وصيام رجب ليس له فضل زائد على غيره من الشهور , إلا أنه من الأشهر الحرم , ولم يرد في السنة الصحيحة أن للصيام فضيلة بخصوصه , وأن ما جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به " انتهى .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن صيام يوم السابع والعشرين من رجب وقيام ليلته .

فأجاب :

" صيام اليوم السابع العشرين من رجب وقيام ليلته وتخصيص ذلك بدعة , وكل بدعة ضلالة " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (20/440) .









قديم 2019-02-12, 15:42   رقم المشاركة : 216
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سبب نزول آية السيف

السؤال

ما سبب نزول الآية الخامسة من سورة التوبة ؟

الجواب


الحمد لله


أولا :

قال الله عز وجل : ( بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ

* وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُو

ا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ

* فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التوبة/1- 5 .

ومعنى هذه الآيات : أن هذه براءة من الله ومن رسوله إلى جميع المشركين المعاهدين : أن لهم أربعة أشهر يسيحون في الأرض على اختيارهم ، آمنين من المؤمنين ، وبعد الأربعة الأشهر فلا عهد لهم ، ولا ميثاق .

وهذا لمن كان له عهد مطلق غير مقدّر ، أو مقدّر بأربعة أشهر فأقل

أما من كان له عهد مقدر بزيادة على أربعة أشهر ، فقد أمر الله بأن الله يتم لهم عهدهم إلى المدة المتفق عليها ، ما لم يخف منه خيانة ، ولم يبدأ بنقض العهد .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " حَدَّ اللَّهُ لِلَّذِينِ عَاهَدُوا رَسُولَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

يَسِيحُونَ فِي الْأَرْضِ حَيْثُمَا شَاءُوا ، وَأَجَّلَ أَجَلَ مَنْ لَيْسَ لَهُ عَهْدٌ ، انسلاخَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ، مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى انْسِلَاخِ الْمُحَرَّمِ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ لَيْلَةً ، فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ أَمَرَهُ بِأَنْ يَضَعَ السَّيْفَ فَيمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ " .

وروى البخاري (369) - واللفظ له - ، ومسلم (1347) عن أبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: " بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الحَجَّةِ - أي التي أمَّر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر

على الحج في السنة التاسعة قبل حجة الوداع بسنة - فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ ، نُؤَذِّنُ بِمِنًى: ( أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ) .

قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٌ ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ: (لاَ يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ) .

وَقَالَ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا:

" بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْمَوْسِمِ سَنَةَ تِسْعٍ ، وَبَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثِينَ آيَةً أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً مِنْ "بَرَاءَةَ" فقرأها عَلَى النَّاسِ ، يُؤَجِّلُ الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَسِيحُونَ فِي الْأَرْضِ

فَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ ، أجَّل الْمُشْرِكِينَ عِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمِ ، وَصَفَرٍ ، وَشَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَعَشْرًا مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَقَرَأَهَا عَلَيْهِمْ فِي مَنَازِلِهِمْ ، وَقَالَ: لَا يَحُجَّنَّ بَعْدَ عَامِنَا هَذَا مُشْرِكٌ ، وَلَا يَطُوفَنَّ بِالْبَيْتِ عُرْيَانُ " .

ثم رغب تعالى المشركين بالتوبة ، ورهبهم من الاستمرار على الشرك فقال: ( فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ) ، بل أنتم في قبضته

قادر أن يسلط عليكم عباده المؤمنين ، (وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) في الدنيا بالقتل والأسر، والجلاء ، وفي الآخرة ، بالنار، وبئس القرار.

ثم قال تعالى : ( إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) .

أي هذه البراءة التامة المطلقة من جميع المشركين ، إلا الذين عاهدتم منهم واستمروا على عهدهم

ولم يجر منهم ما يوجب النقض، فلا نقصوكم شيئا ، ولا عاونوا عليكم أحدا، فهؤلاء أتموا لهم عهدهم إلى مدتهم ، قَلَّتْ، أو كثرت، لأن الإسلام لا يأمر بالخيانة وإنما يأمر بالوفاء .

فإذا انسلخ الأشهر الحرم التي حرم فيها قتال المشركين المعاهدين، وهي أشهر التسيير الأربعة ، وتمام المدة لمن له مدة أكثر منها، فقد برئت منهم الذمة:

(فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) في أي مكان وزمان ، (وَخُذُوهُمْ) أسرى (وَاحْصُرُوهُمْ) أي: ضيقوا عليهم ، فلا تدعوهم يتوسعون في بلاد الله وأرضه،

فهؤلاء ليسوا أهلا لسكناها، لأن الأرض أرض الله ، وهم أعداؤه المنابذون له ولرسله، المحاربون الذين يريدون أن يخلو الأرض من دينه ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون .

(وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) أي: اقعدوا لهم على كل ثنية وموضع يمرون عليه ، ورابطوا في جهادهم وابذلوا غاية مجهودكم في ذلك ، ولا تزالوا على هذا الأمر حتى يتوبوا من شركهم .

ولهذا قال: (فَإِنْ تَابُوا) من شركهم (وَأَقَامُوا الصَّلاةَ) أي: أدوها بحقوقها (وَآتُوا الزَّكَاةَ) لمستحقيها (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) أي: اتركوهم ، وليكونوا مثلكم ، لهم ما لكم ، وعليهم ما عليكم.

(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يغفر الشرك فما دونه، للتائبين ، ويرحمهم بتوفيقهم للتوبة ، ثم قبولها منهم .

انظر : "تفسير ابن كثير" (4/ 102-103)

"تفسير السعدي" (ص 328-331)

، "فتح القدير" (2/ 380-386)

"زاد المعاد" (3/ 345) .









قديم 2019-02-12, 15:42   رقم المشاركة : 217
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


ثانيا :

أما الآية الخامسة وهي قوله تعالى : ( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ

وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فيطلق عليها العلماء " آية السيف "

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ هِيَ آيَةُ السَّيْفِ "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 99) .

ونزلت - في قول الجمهور - ناسخة لجميع الآيات التي فيها الصفح والكف عن المشركين ، آمرة بقتالهم
.
وقال بعض أهل العلم : ليست آية السيف ناسخة لتلك الآيات ، ولكن الأحوال تختلف ؛ فإذا قوي المسلمون وصارت لهم قوة استعملوا آية السيف ، وما جاء في معناها

وقاتلوا جميع الكفار ، وإذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع : فلا بأس أن يقاتلوا بحسب قدرتهم ، ويكفوا عمن كف عنهم ، فيكون الأمر بحسب المصلحة والنظر في العواقب ، وهذا القول هو الراجح .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فلما أتى الله بأمره الذي وعده من ظهور الدين ، وعز المؤمنين أمر رسوله بالبراءة إلى المعاهدين ، وبقتال المشركين كافة ، وبقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون .

فكان ذلك عاقبة الصبر والتقوى اللذين أمرهم بهما في أول الأمر

وكان إذ ذاك لا يؤخذ من أحد من اليهود الذين بالمدينة ولا غيرهم جزية

وصارت تلك الآيات في حق كل مؤمن مستضعف لا يمكنه نصر الله ورسوله بيده ولا بلسانه

فينتصر بما يقدر عليه من القلب ونحوه ، وصارت آية الصغار على المعاهدين في حق كل مؤمن قوي ، يقدر على نصر الله ورسوله بيده أو لسانه .

وبهذه الآية ونحوها كان المسلمون يعملون في آخر عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

وعلى عهده خلفائه الراشدين ، وكذلك هو إلى قيام الساعة ؛ لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمين على الحق ، ينصرون الله ورسوله النصر التام .

فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف ، أو في وقت هو فيه مستضعف : فليعمل بآية الصبر والصفح عمن يؤذي الله ورسوله ، من الذين أوتوا الكتاب والمشركين .

وأما أهل القوة : فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين ، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون."

انتهى من "الصارم المسلول" (221) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" قال العلماء - رحمة الله عليهم -: إن هذه الآية ناسخة لجميع الآيات التي فيها الصفح والكف عن المشركين والتي فيها الكف عن قتال من لم يقاتل ، قالوا: فهذه آية السيف ، هي آية القتال ، آية الجهاد

آية التشمير عن ساعد الجد ، وعن المال والنفس لقتال أعداء الله ، حتى يدخلوا في دين الله ، وحتى يتوبوا من شركهم ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام.

هذا هو المعروف في كلام أهل العلم من المفسرين وغير المفسرين ، كلهم قالوا فيما علمنا واطلعنا عليه من كلامهم : إن هذه الآية

وما جاء في معناها ناسخة لما مضى قبلها من الآيات التي فيها الأمر بالعفو والصفح وقتال من قاتل والكف عمن كف، ومثلها قوله جل وعلا في سورة الأنفال: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)

ومثلها قوله جل وعلا في سورة براءة بعد ذلك: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)

ومثلها قوله جل وعلا: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) ...

وذكر بعض أهل العلم أن آية السيف ليست ناسخة ولكن الأحوال تختلف ، وهكذا قوله جل وعلا: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) الآية

وقوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) ، وهكذا قوله سبحانه: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) .

فهذه الآيات وما في معناها : قال بعض أهل العلم ليست ناسخة لآيات الكف عمن كف عنا وقتال من قاتلنا ، وليست ناسخة لقوله: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)

ولكن الأحوال تختلف فإذا قوي المسلمون وصارت لهم السلطة والقوة والهيبة استعملوا آية السيف وما جاء في معناها ، وعملوا بها ، وقاتلوا جميع الكفار حتى يدخلوا في دين الله ، أو يؤدوا الجزية .

وإذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع : فلا بأس أن يقاتلوا بحسب قدرتهم ، ويكفوا عمن كف عنهم ، إذا لم يستطيعوا ذلك ، فيكون الأمر إلى ولي الأمر

إن شاء قاتل وإن شاء كف ، وإن شاء قاتل قوما دون قوم على حسب القوة والقدرة والمصلحة للمسلمين ، لا على حسب هواه وشهوته ، ولكن ينظر للمسلمين وينظر لحالهم وقوتهم ...

وهذا القول ذكره أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - واختاره ...

وهذا القول اختاره جمع من أهل العلم

واختاره الحافظ ابن كثير - رحمه الله –

وهذا القول أظهر وأبين في الدليل ؛ لأن القاعدة الأصولية أنه لا يصار إلى النسخ إلا عند تعذر الجمع بين الأدلة ، والجمع هنا غير متعذر ، كما تقدم بيانه "

انتهى باختصار من "مجموع فتاوى ابن باز" (3/ 189-194) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-13, 15:40   رقم المشاركة : 218
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



ما المقصود بـ "الكتاب" في قوله تعالى : ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) ؟

السؤال

في أثناء قراءتي للآيات (38-40) من سورة النمل شد انتباهي قدرة الجن على التحرك بسرعة كبيرة ، وتمكن الرجل الذي عنده علم من الكتاب من نقل العرش بلمح البصر فما المقصود بالكتاب ؟

وهل هو علم ديني أم دنيوي ؟

فأنا اعتقد أنّه في ذلك الوقت كان هناك كتاب يتعلم الناس منه تحريك الأشياء عن بعد ، أو التحكم في الوقت

وأنه من الممكن أن يكون هذا الكتاب لا يزال موجوداً حتى يومنا هذا ، في مكان ما في هذا العالم ؛ فما رأيكم بهذه النظرية ؟


الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى في قصة سليمان عليه السلام مع ملكة سبأ

: ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ *

قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) النمل/38- 40 .

وكان "الذي عنده علم من الكتاب ، فيما قيل

" : رجلا من صالحي الإنس وعلمائهم ، وليس من الجن ، وكان يعلم اسم الله الأعظم ، والمشهور أن اسمه " آصف بن برخيا " .
انظر جواب السؤال القادم

والذي عليه جمهور المفسرين أن هذا الرجل الصالح دعا الله عز وجل باسمه الأعظم فاستجاب له .

قال القرطبي رحمه الله :

" أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا، وَهُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ صِدِّيقًا يَحْفَظُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ " .

انتهى من" تفسير القرطبي" (13/ 204) .

وانظر : " تفسير ابن عطية" (4/ 261)

"تفسير ابن كثير" (6/ 193) .

فحملت الملائكة العرش ، وأتت به سليمان عليه السلام .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" والذي عنده علمٌ من الكتاب ، لمّا قال عفريتٌ من الجنّ لسُليمان: ( أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وإِنِّي عَلَيهِ لقَوِيّ أَمِين قال الَّذي عِنْدَه عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ أَنا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) أتته به الملائكة

كذلك ذكره المفسرون عن ابن عبّاس وغيره: أن الملائكة أتته به أسرع مما كان يأتي به العفريت "

انتهى من "النبوات" (2/ 1066) .

وقد اختلف المفسرون في المقصود بـ "الكتاب" في هذه الآية ، فقيل : هو الكتاب المنزل من الله ، التوراه أو الزبور .
وقيل : كتاب آتاه الله تعالى سليمان عليه السلام ، كان خاصا به .

وقيل: المراد بذلك الكتب التي تضمنت الحكمة ، فاكتسب منها ذلك الشخص الصلاح والتقوى.

قال ابن عطية رحمه الله :

" دعا الذي عنده علم من التوراة، وهو الْكِتاب المشار إليه ، باسم الله الأعظم" .

انتهى من" تفسير ابن عطية " (4/ 260) .

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله :

" (قال الذي عنده علم من الكتاب) المنزلُ ، وهو علم الوحي والشرائع .

وقيل: كتاب سليمان .

وقيل: اللوح المحفوظ .

قال البقاعي: ولعله التوراة والزبور "

انتهى من "السراج المنير" (3/ 60) .

وقال ابن عاشور رحمه الله :

" أَيْ عِنْدَهُ عِلْمٌ مُكْتَسَبٌ مِنَ الْكُتُبِ ، أَيْ مِنَ الْحِكْمَةِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ التَّوْرَاةَ " .

انتهى من"التحرير والتنوير" (19/ 271)

والمقصود أن هذا الرجل كان من علماء بني اسرائيل ، يعلم الكتب التي أنزلها الله ، ويعلم الحكمة ، فدعا الله باسمه الأعظم فاستجاب له .

فلم يكن هذا الكتاب من كتب العلوم الدنيوية ، في قول عامة المفسرين

ولا هو كتاب يتعلم الناس منه التحكم في الأشياء ، أو تحريكها عن بعد ، كما يدعي ذلك البعض الآن ، ولا هو من هذه التوهمات ، والأماني الكاذبات بسبيل ؛ فدع عنك أخي السائل تلك الخيالات :

خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ * في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن زُحَلِ

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-13, 15:45   رقم المشاركة : 219
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من هو المعنيّ بقوله تعالى : ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) ؟

السؤال

أنا طالب علم تعلمت في بعض المدارس الإسلامية بسريلانكا ، ولدي شكوك للاستفسار

: ما تفسير قول الله تعالى في سورة النمل : ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ

قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ )

: 1.من هو ذو العلم ؟

2.أهو من الجن أو الإنس ؟

3. ما اسمه ؟


الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى في قصة سليمان مع ملكة سبأ : ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ *

قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا

رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) النمل/38- 40 .

رد سليمان عليه السلام الرسول إلى بلقيس وأهل مملكتها ، وقال له : (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) أي بالهدية ( فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، فلما رجع الرسول إلى بلقيس تجهزت للمسير إلى سليمان .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ :

" لما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان ، قَالَتْ : قَدْ وَاللَّهِ عَرَفْتُ مَا هَذَا بِمَلِكٍ ، وَمَا لَنَا بِهِ مِنْ طَاقَةٍ

وَمَا نَصْنَعُ بمكابرته شَيْئًا ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ : إِنِّي قَادِمَةٌ عَلَيْكَ بِمُلُوكِ قَوْمِي لِأَنْظُرَ مَا أَمْرُكَ وَمَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مِنْ دِينِكَ "

انتهى من " تفسير ابن كثير" (6/ 172) .

فلما علم سليمان بمسيرها إليه قال لمن حوله : ( أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ، قال ابن كثير رحمه الله :

" أَرَادَ بِإِحْضَارِ هَذَا السَّرِيرِ إِظْهَارَ عَظَمَةِ ما وهب الله له من الملك ، وما سخر لَهُ مِنَ الْجُنُودِ الَّذِي لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ

وَلِيَتَّخِذَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَ بِلْقِيسَ وَقَوْمِهَا لِأَنَّ هَذَا خَارِقٌ عَظِيمٌ أَنْ يَأْتِيَ بِعَرْشِهَا كَمَا هُوَ مِنْ بِلَادِهَا قَبْلَ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، هَذَا وَقَدْ حَجَبَتْهُ بِالْأَغْلَاقِ وَالْأَقْفَالِ وَالْحَفَظَةِ " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 173) .

فقال له عفريت من الجن ممن حضر هذا المجلس : ( أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ)

قال ابن كثير :

" قَالَ ابْنُ عباس رضي الله عنه: يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَجْلِسِكَ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ :

مَقْعَدِكَ ، وَقَالَ السُّدِّيُّ وَغَيْرُهُ : " كَانَ يَجْلِسُ لِلنَّاسِ لِلْقَضَاءِ وَالْحُكُومَاتِ وَلِلطَّعَامِ ، مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ .

(وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ قَوِيٌّ عَلَى حَمْلِهِ ، أَمِينٌ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْجَوْهَرِ، فقال سليمان عليه الصلاة والسلام : أُرِيدُ أَعْجَلَ مِنْ ذَلِكَ " .

انتهى من " تفسير ابن كثير" (6/ 173) .

فــ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ)

وكان "الذي عنده علم من الكتاب" : رجلا من صالحي الإنس وعلمائهم ، وليس من الجن ، والمشهور أن اسمه " آصف بن برخيا " ويقال : " برخياء " ، قيل: كان يعلم اسم الله الأعظم .

قال البغوي رحمه الله :

" وَاخْتَلَفُوا فِيهِ : فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ جِبْرِيلُ . وَقِيلَ: هُوَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .

وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: هُوَ آصف بن برخيا ، وَكَانَ صِدّيقًا يَعْلَمُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى " .

انتهى من "تفسير البغوي" (6/ 164) .

وقال السعدي رحمه الله :

" قال المفسرون: هو رجل عالم صالح عند سليمان يقال له: " آصف بن برخيا " كان يعرف اسم الله الأعظم الذي إذا دعا الله به أجاب، وإذا سأل به أعطى " .

انتهى من " تفسير السعدي" (ص 605) ، وينظر : "تفسير ابن كثير" (6/ 173) .

(فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ)

" حمد الله تعالى على إقداره وملكه وتيسير الأمور له و ( قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ) أي : ليختبرني بذلك. فلم يغتر عليه السلام بملكه وسلطانه وقدرته كما هو دأب الملوك الجاهلين

بل علم أن ذلك اختبار من ربه فخاف أن لا يقوم بشكر هذه النعمة

ثم بين أن هذا الشكر لا ينتفع الله به وإنما يرجع نفعه إلى صاحبه فقال: ( وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) غني عن أعماله

كريم كثير الخير ، يعم به الشاكر والكافر، إلا أن شكر نعمه داع للمزيد منها وكفرها داع لزوالها "

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 605) .

وراجع للفائدة إجابة السؤال القادم

والله أعلم .









قديم 2019-02-13, 15:52   رقم المشاركة : 220
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عالم الجن

السؤال

قرأت في القرآن الكريم عن ما هم الجن، ولكني لا أدري ما هم في الحقيقة.

أرجو تزويدي بمزيد من المعلومات عنهم إن أمكن. والسلام عليكم.


الجواب

الحمد لله

لقد دلت نصوص الكتاب والسنة على وجود الجن وأن لإيجادهم غاية في هذه الحياة وهي عبادة الله وحده لا شريك له قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات : 56

وقال تعالى : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي ) الأنعام : 130

وعالم الجن عالم مستقل بذاته ، له طبعه الذي يتميز به وصفاته التي تخفى على عالم البشر. وبينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بالعقل

والإدراك ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر. وسموا جنا لاجتنانهم أي استتارهم عن العيون قال تعالى ( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) الأعراف : 27

أصل الجن :

أخبرنا الله في كتابه الكريم عن أصل خلق الجن فقال تعالى : ( والجان خلقناه من قبل من نار السموم )

وقال تعالى : ( وخلق الجان من مارج من نار ) الرحمن : 15 وفي الحديث عن عائشة عن النبي قال : " خلقت الملائكة من نور وخلق الجان من نار وخلق آدم مما وصف لكم " رواه مسلم 5314 .

أصناف الجن :

خلق الله الجن على أصناف مختلفة . فمن الجن من يتحول إلى أشكال مختلفة كالكلاب والحيات ومنهم الريح الطيارة ذوو الأجنحة ومنهم من يحل ويضعن . عن أبي ثعلبة الخشني قال

قال رسول الله : " الجن ثلاثة أصناف : صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وكلاب وصنف يحلون ويظعنون ." رواه الطحاوي في مشكل الآثار (4/95)

ورواه الطبراني في الكبير (22/214) وقال الشيخ الألباني في المشكاة (2/1206 رقم 4148) : ورواه الطحاوي وأبو الشيخ بسند صحيح .

الجن وابن آدم :

كل فرد من بني آدم قد وكل به قرينه من الجن . عن ابن مسعود أنه قال

: قال رسول الله : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن . قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير .

رواه مسلم (2814) قال النووي في شرحه لمسلم (17/175) :

فأسلم .. صار مسلما مؤمنا وهذا هو الظاهر

قال القاضي :

واعلم أن الأمة مجتمعة على عصمة النبي من الشيطان في جسمه وخاطره ولسانه . وفي هذا الحديث إشارة إلى التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه فأعلمنا بأنه معنا لنحترز منه بحسب الإمكان .ا.هـ.

قدراتهم :

أعطى الله الجن قدرة لم يعطها للبشر ، وقد حدثنا الله عن بعض قدراتهم فمن ذلك سرعة الحركة والانتقال فقد تعهد عفريت من الجن لنبي الله سليمان بإحضار عرش ملكة اليمن إلى بيت المقدس

في مدة لا تتجاوز قيام الرجل من جلوس قال تعالى : ( قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين . قال الذي عنده

علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ) النمل : 39-40 .

طعام الجن وشرابهم :

الجن يأكلون ويشربون : عن ابن مسعود قال : قال رسول الله : " أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن قال : فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم وسألوه الزاد

فقال : لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم لحما وكل بعرة علف لدوابكم فقال النبي :

" فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم "

رواه مسلم (450) . وفي رواية : إِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ وَنِعْمَ الْجِنُّ فَسَأَلُونِي الزَّادَ فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لا يَمُرُّوا بِعَظْمٍ وَلا بِرَوْثَةٍ إِلا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا . "

رواه البخاري 3571

فالمؤمنون من الجن لهم كل عظم ذكر اسم الله عليه لأن الرسول لم يبح لهم متروك التسمية ، وأما متروك التسمية فإنه لكفرة الجن

دواب الجن :

في حديث ابن مسعود السابق أن الجن سألوا الرسول الزاد فقال : .. وكل بعرة علف لدوابكم .

مساكن الجن :

الجن يسكنون هذه الأرض التي نعيش فوقها ويكثر تواجدهم في الخراب ومواقع النجاسات كالحمامات والحشوش والمزابل والمقابر ولهذا جاء الهدي النبوي باتخاذ الأسباب عند الدخول على مثل هذه الأماكن وذلك

الأذكار المشروعة ومن ذلك ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث

. رواه البخاري (142) ومسلم (375)

قال الخطابي :

الخُبُث جماعة الخبيث . والخبائث جمع الخبيثة يريد ذكران الشياطين وإناثهم .

الجنّ منهم المؤمن ومنهم الكافر

قال الله عزّ وجل عن الجنّ : وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) سورة الجنّ

بل المسلمون منهم يتفاوتون في الصلاح والطاعة ، قال تعالى في السورة نفسها : ( وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا(11)

وقصة إسلام أوائل الجن في هذه الأمة قد جاءت عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ

: " انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا مَا لَكُمْ

فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ قَالُوا مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلا شَيْءٌ حَدَثَ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَف

أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِنَخْلَةَ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ

فَقَالُوا هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي

إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ . "

رواه البخاري 731

حسابهم يوم القيامة

والجن سيحاسبون يوم القيامة ، قال مجاهد رحمه الله في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَلِمَتْ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ ) قال : سَتُحْضَرُ لِلْحِسَابِ . صحيح البخاري : باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم .

الوقاية من أذى الجن

لما كان الجن يروننا ولا نراهم علّمنا النبي صلى الله عليه وسلم سبلا كثيرة للوقاية من أذاهم مثل الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ومثل قراءة سورة الفلق وسورة الناس .

ومثل الاستعاذة الواردة في قوله تعالى : ( وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ(97)وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ(98) سورة المؤمنون

وكذلك فإن التسمية وهي قول بسم الله قبل دخول البيت وقبل الطعام والشراب وقبل الجماع يمنع الشيطان من المبيت ومشاركة الإنسان في مطعمه ومشربه ومنكحه

وكذلك ذكر اسم الله قبل دخول الخلاء وقبل خلع اللباس يمنع الجنّ من رؤية عورة الإنسان ومن إيذائه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

" سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمْ الْخَلاءَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللَّهِ رواه الترمذي 551 وهو في صحيح الجامع 3611

وقوة الإيمان والدّين عموما لدى الإنسي تمنع الجنّ من إيذائه بل ربما لو تقابلا في معركة لانتصر صاحب الإيمان كما روى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

قال : لَقِيَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ رَجُلا مِنْ الْجِنِّ فَصَارَعَهُ فَصَرَعَهُ الإِنْسِيُّ فَقَالَ لَهُ الإِنْسِيُّ إِنِّي لأَرَاكَ ضَئِيلا شَخِيتًا كَأَنَّ ذُرَيِّعَتَيْكَ ذُرَيِّعَتَا كَلْبٍ فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ مَعْشَرَ الْجِنِّ أَمْ أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ كَذَلِكَ

قَالَ لا وَاللَّهِ إِنِّي مِنْهُمْ لَضَلِيعٌ وَلَكِنْ عَاوِدْنِي الثَّانِيَةَ فَإِنْ صَرَعْتَنِي عَلَّمْتُكَ شَيْئًا يَنْفَعُكَ قَالَ نَعَمْ قَالَ تَقْرَأُ :

اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ .. ( وهي آية الكرسي ) ، قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّكَ لا تَقْرَؤُهَا فِي بَيْتٍ إِلا خَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ لَهُ خَبَجٌ كَخَبَجِ الْحِمَارِ ثُمَّ لا يَدْخُلُهُ حَتَّى يُصْبِحَ

. قَالَ أَبُو مُحَمَّد الضَّئِيلُ الدَّقِيقُ وَالشَّخِيتُ الْمَهْزُولُ وَالضَّلِيعُ جَيِّدُ

الأَضْلاعِ وَالْخَبَجُ الرِّيحُ رواه الدارمي 3247

هذه نبذة عن الجنّ وخلقتهم وطبيعتهم والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين .

للمزيد يُراجع كتاب عالم الجن والشياطين : عمر سليمان الأشقر .

: الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2019-02-13, 15:58   رقم المشاركة : 221
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قول الله تعالى عن نبيه موسى عليه السلام : ( أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ )

السؤال


جاء في القرآن الكريم أنّ نبي الله موسى عليه السلام استعاذ بالله من أن يكون من الجاهلين

ولكن أشكل علي فهم ذلك لعلمي أنّ العلم المطلق لا يكون إلا لله عز وجل ، وأنّ علم البشر محدود وذلك يستلزم جهل البشر ، فما المقصود بالجهل المذكور في الآية ؟


الجواب


الحمد لله

أولا :

يطلق الجهل على معان :

منها : عدم العلم .

ومنها : عدم العمل بالعلم ، ولذلك يقال لكل من عصى الله ، أو أساء الخلق ، أو فعل ما لا ينبغي له أن يفعله : يقال له : جاهل .

وقد ورد إطلاق " الجهل" على هذا المعنى الثاني في القرآن الكريم في آيات كثيرة .

منها : قول الله تعالى : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) النساء/17 .

قال ابن جرير رحمه الله :

"اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ : (بِجَهَالَةٍ) فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِيهِ ، أَنَّ عَمَلَهُ السُّوءَ هُوَ الْجَهَالَةُ الَّتِي عَنَاهَا. [يعني : أن الجهالة هي عمل السوء].

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :

عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ : كُلُّ ذَنْبٍ أَصَابَهُ عَبْدٌ فَهُوَ بِجَهَالَةٍ.

وعَنْ قَتَادَةَ في قوله تعالى: (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) قَالَ : اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَوْا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ عَصَى بِهِ فَهُوَ جَهَالَةٌ ، عَمْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ .

وعَنْ مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) قَالَ

: كُلُّ مَنْ عَصَى رَبَّهُ فَهُوَ جَاهِلٌ ، حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) قَالَ : مَنْ عَمِلَ السُّوءَ فَهُوَ جَاهِلٌ ، مِنْ جَهَالَتِهِ عَمِلَ السُّوءَ.

وقَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ : ( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) قَالَ : الْجَهَالَةُ : كُلُّ امْرِئٍ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ فَهُوَ جَاهِلٌ أَبَدًا حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهَا

وَقَرَأَ : (هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ) ، وَقَرَأَ : (وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأُكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ) ، قَالَ : مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ."

انتهى من " تفسير ابن جرير الطبري" (6/506-509) باختصار .

وينظر : " التحرير والتنوير " لابن عاشور (3/361) .

ومنها قول الله تعالى على لسان يوسف عليه السلام : ( قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) يوسف/33 .

قال القرطبي رحمه الله :

"(وأكن من الجاهلين) أي ممن يرتكب الإثم ويستحق الذم ، أو ممن يعمل عمل الجهال" .

انتهى من " تفسير القرطبي " (9/185) .

وقال الألوسي رحمه الله :

"(وأكن من الجاهلين) أي : الذين لا يعملون بما يعلمون ، لأن من لا جدوى لعلمه فهو ومن لا يعلم سواء .

أو : من السفهاء ، بارتكاب ما يدعونني إليه من القبائح ؛ لأن الحكيم لا يفعل القبيح ، فالجهل بمعنى السفاهة : ضد الحكمة ، لا بمعنى عدم العلم "

انتهى من " روح المعاني " (12/236) .

وهذا المعنى من معاني الجهل (وهو عدم العمل بالعلم ، وسوء الخلق ، وفعل ما لا ينبغي) هو المراد من قول موسى عليه السلام : (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) أي الذي يسيئون الأعمال والأخلاق

فيستهزؤون بعباد الله ، وليس المراد بذلك نفي الجهل الذي هو ضد العلم .

وبيان ذلك :

قال الله تَعَالَى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ

قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ) البقرة .

قال ابن جرير رحمه الله :

" ولا ينبغي أن يكون من أنبياء الله -فيما أخبرت عن الله من أمر أو نهي- هزؤ أو لعبؤ. فظنوا بموسى أنه في أمره إياهم -عن أمر الله تعالى ذكره بذبح البقرة عند تدارئهم في القتيل إليه - أنه هازئ لاعب .

ولم يكن لهم أن يظنوا ذلك بنبي الله ، وهو يخبرهم أن الله هو الذي أمرهم بذبح البقرة ..
.
فأخبرهم موسى -إذْ قالوا له ما قالوا- أن المخبر عن الله جل ثناؤه بالهزء والسخرية، من الجاهلين. (2) وبرأ نفسه مما ظنوا به من ذلك فقال: (أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) ، يعني من السفهاء

الذين يروون عن الله الكذب والباطل."

انتهى من " تفسير ابن جرير " (2/182) .

وقال الألوسي رحمه الله :

"(قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين) أي : من أن أعد في عدادهم ، والجهل كما قال الراغب له معان :

عدم العلم ، واعتقاد الشيء بخلاف ما هو عليه ، وفعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل ، سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا أو فاسدا، وهذا الأخير هو المراد هنا ".

انتهى من " روح المعاني " (1/76) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"(أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) أي أعتصم بالله أن أكون من أولي الجهل ، فأتخذ عباد الله هزواً؛ والمراد بـ "الجهل" هنا السفه ، كما في قوله تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة) [النساء: 17]

. أي بسفاهة . (ثم يتوبون من قريب) [النساء: 17]" .

ثم قال :

"من فوائد الآية : ومنها: أن الاستهزاء بالناس من الجهل وهو الحمق، والسفه؛ لقول موسى عليه الصلاة والسلام: ( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين )" .

انتهى من " تفسير سورة البقرة " (1/235، 241) .

ثانيا :

على فرض أن المراد من الآية نفي الجهل الذي هو ضد العلم ، فليس في ذلك أي إشكال ، لأنه ليس المراد من نفي الجهل : إثبات العلم المطلق الذي لا يكون إلا لله تعالى ، بل المراد نفي الجهل الذي يقبح بالإنسان أن يتصف به

أما العلم الذي لا يستطيع الإنسان أن يصل إليه ، وليس ذلك في مقدوره ، فلا يذم الإنسان على فقده

ولا يوصف ، من لم يبلغه بأنه : جاهل ، أصلا ؛ وإلا لما انقسم الناس إلى عالم وجاهل ، وهذا مما تعارف الناس عليه ، لا ينكرونه ، ولا يستنكرونه .

والله أعلم .









قديم 2019-02-13, 16:02   رقم المشاركة : 222
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثمة تناقض بين الخلق للعبادة والخلق للابتلاء ؟

السؤال

قال الله في كتابه إنه ما خلقنا إلا لعبادته ، لكننا نجد أيضاً في مواضع أخرى من القرآن أنه خلقنا ليبتلينا ؛ أفلا يُعد هذا تناقضًا ؟


الجواب

الحمد لله


ليس ثمة تناقض بين الخلق للعبادة ، والخلق للابتلاء :

فالعبادة ذاتها اختبار من الله تعالى لعباده ، فيعلم من يؤمن أو يكفر ، من يعصي أو يطيع ، فيجزي المحسن على إحسانه ، والمسيء على إساءته .

والابتلاء ـ أيضا ـ : حكمته أن يتبين حال العبد عند المصائب : أيصبر ، أم يجزع ؟ ويظهر حاله عند ابتلائه بالنعم ، والمصائب : أيشكر ، أم يكفر ؟!

ولعل سبب توهم السائل وجود التناقض بين الأمرين ظنه أن الابتلاء يقتصر على المصيبة ، فمن صبر نال المثوبة ، ومن جزع وكفر نال الإثم والعقوبة .

وهذا تصور مجتزأ لمعنى " الابتلاء "

والتصور الصحيح هو أن الابتلاء المقصود به هنا هو الاختبار ، فهو أعم من " المصيبة "، والاختبار يدخل في جميع شؤون ابن آدم وأعماله ، وفي تفاصيل حياته وأموره ، فحياته ابتلاء ، وصحته ابتلا

، ومرضه ابتلاء ، وسعادته ابتلاء ، وماله ابتلاء ، ورزقه ابتلاء ، ومحيطه ابتلاء ، وعلمه ابتلاء ، في كل ذلك اختبار من الله تعالى لسلوك هذا الإنسان

إن كان سينحو ذات اليمين أو ذات الشمال ، في طاعة الرحمن أم في طاعة الشيطان

لذلك كله يقول الله عز وجل : ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُور ) الملك/2

ويقول عز وجل : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) هود/7

ويقول سبحانه : ( وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون ) المائدة/48،

وقال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) الأنعام/165.

كل هذه الآيات تدل على أن " الاختبار " هو السر في خلق الإنسان ، وهذا الاختبار يشمل تكليف العبادة أيضا ، فمن أدى العبادة – بمفهومها الشامل لكل خير – فقد فاز وربح ، ومن قصر خسر بقدر تقصيره .

يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله :

" أخبر سبحانه عن خلق العالم ، والموت ، والحياة ، وتزيين الأرض بما عليها ، أنه للابتلاء والامتحان ، ليختبر خلقه أيهم أحسن عملا

فيكون عمله موافقا لمحاب الرب تعالى ، فيوافق الغاية التي خلق هو لها ، وخلق لأجلها العالم ، وهي عبوديته المتضمنة لمحبته وطاعته ، وهي العمل الأحسن ، وهو مواقع محبته ورضاه "

انتهى من " روضة المحبين " (61) .

ويقول العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله –

في تفسير قوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات/56 -:

" التحقيق - إن شاء الله - في معنى هذه الآية الكريمة ( إلا ليعبدون ) أي : إلا لآمرهم بعبادتي وأبتليهم ، أي أختبرهم بالتكاليف ، ثم أجازيهم على أعمالهم ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .

وإنما قلنا إن هذا هو التحقيق في معنى الآية ، لأنه تدل عليه آيات محكمات من كتاب الله ، فقد صرح تعالى في آيات من كتابه أنه خلقهم ليبتليهم أيهم أحسن عملا ، وأنه خلقهم ليجزيهم بأعمالهم .

قال تعالى في أول سورة الكهف : ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا )

فتصريحه - جل وعلا - في هذه الآيات المذكورة بأن حكمة خلقه للخلق هي ابتلاؤهم أيهم أحسن عملا ، يفسر قوله : ( ليعبدون ). وخير ما يفسر به القرآن – القرآن .

ومعلوم أن نتيجة العمل المقصودة منه ، لا تتم إلا بجزاء المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، ولذا صرح تعالى بأن حكمة خلقهم أولا ، وبعثهم ثانيا : هو جزاء المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته

وذلك في قوله تعالى في أول يونس : ( إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون )، وقوله في النجم

: ( ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ).

وقد أنكر تعالى على الإنسان حسبانه وظنه أنه يترك سدى ، أي مهملا ، لم يؤمر ولم ينه ، وبين أنه ما نقله من طور إلى طور

حتى أوجده ؛ إلا ليبعثه بعد الموت ، أي ويجازيه على عمله

قال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ) إلى قوله: ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) " .

انتهى من " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن " (7/ 445) .

والله أعلم .









قديم 2019-02-13, 16:11   رقم المشاركة : 223
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التفصيل في التفاضل بين البكر والثيب في الدنيا والآخرة

السؤال

ما سبب أفضلية البكر على الثيب فقد ذكر القرآن الكريم أنّ النساء في الجنة هن من الأبكار ما يعني أنّ لهن فضيلة تميزهن عن غيرهن؟

ولماذا قال الله سبحانه وتعالى أنه سيزوج النبي صلى الله عليه وسلم من نساء ثيبات

وهل ذلك يستلزم ذلك فضل الثيب على البكر؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

لم يخالف الشرع ، ولم يأمر بغير ما تميل النفوس إليه وتهواه من نكاح الأبكار

بل أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليه ، إرشاد رعاية وعناية ؛ قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ: أَتَزَوَّجْتَ؟

قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: فَهَلَّا بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ .

رواه البخاري (5247) ومسلم (715) .

قال ابن عاشور رحمه الله :

" الْبِكْرُ أَشَدُّ حَيَاءً وَأَكْثَرَ غِرَارَةً وَدَلَّا ، وَفِي ذَلِكَ مَجْلَبَةٌ لِلنَّفْسِ، وَالْبِكْرُ لَا تَعْرِفُ رَجُلًا قَبْلَ زَوْجِهَا ، فَفِي نُفُوسِ الرِّجَالِ خَلْقٌ مِنَ التَّنَافُسِ فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْ إِلَيْهَا غَيْرُهُمْ "

انتهى من "التحرير والتنوير" (28/ 362) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" البكر أفضل؛ لأنها لم تطمح إلى رجال سابقين، ولم يتعلق قلبها بأحد قبله، ولأن أول من يباشرها من الرجال هذا الرجل، فتتعلق به أكثر "

انتهى من "الشرح الممتع" (12/ 15)

ولكن قد يكون الزواج بالثيب أفضل لاعتبارات أخرى

قال الشيخ ابن عثيمين :

" قد يختار الإنسان الثيب لأسباب، مثل ما فعل جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ فإنه اختار الثيب

لأن والده عبد الله بن حرام ـ رضي الله عنه ـ استشهد في أحد، وخلف بناتاً يحتجن

إلى من يقوم عليهن، فلو تزوج بكراً لم تقم بخدمتهن ومؤنتهن، فاختار ـ رضي الله عنه ـ ثيباً لتقوم على أخواته، ولهذا لما أخبر النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك أقره النبي

عليه الصلاة والسلام ، فإذا اختار الإنسان ثيباً لأغراض أخرى ، فإنها تكون أفضل، وفي هذا دليل على اعتبار الأمور، وأن التفضيل يرجع إلى هذه الاعتبارات "

انتهى من الشرح الممتع" (12/ 16).

ثالثا :

نساء أهل الجنة حور أبكار ، ليس فيهن ثيب

قال تعالى : (إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا) الواقعة/ 35 - 37.

وذلك لأن أهل الجنة في أعظم نعيم وأتم سرور ، والبكر ألذ استمتاعا ، وأكثر تعلقا بالزوج وقربا ، وهو بها أسعد وأهنأ .

ثم إن الله تعالى من تمام نعمته جعل الحور العين لم يمسهن قبل إنس ولا جان ، كما قال عز وجل : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) الرحمن/ 56 ، ولا شك أن هذا أحظى عند الزوج ، وأحب إليه .

رابعا :

قال الله عز وجل :

(عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) التحريم/ 5

وهذا وعد من الله تعالى لنبيه ، صلى الله عليه وسلم : أنه إن طلق نساءه ، زوجه ربه خيرا منهن : (مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) .

والمقصود بقوله : (ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) : أنهن على خير حال ، في جميل العشرة ، وحسن التبعل ، وكمال الطاعة والرضا والصلاح ، سواء كنّ ثيبات أو أبكارا.

قال السعدي رحمه الله :

" (ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) أي: بعضهن ثيب ، وبعضهن أبكار ، ليتنوع صلى الله عليه وسلم، فيما يحب

" انتهى من "تفسير السعدي" (ص: 873) .

أما تقدم ذكر الثيب على البكر ، فليس لأن الثيب أفضل

فإن العطف بـ"الواو" : لا يقتضي ترتيبا بين المتعاطفين ، بأصل وضعه ؛ وقد قيل في حكمة ذلك : إنه لمراعاة أن أكثر نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن ثيبات .

قال ابن عاشور :

" تَقْدِيمُ وَصْفِ ثَيِّباتٍ لِأَنَّ أَكْثَرَ أَزوَاج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجْهُنَّ : كُنَّ ثَيِّبَاتٍ "

انتهى من "التحرير والتنوير" (28/ 362) .

وقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج لمجرد التمتع بما أحل الله له ، بل كان زواجه من نسائه رضي الله عنهن لحكم كثيرة ، ذكرناها في جواب السؤال المذكور .

ففرق بين أن يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم النساء وأكثرهن ثيبات ، لحكم شرعية جليلة ، ومصالح ومقاصد دينية تنفع عموم الأمة

وكذلك الرجل يتزوج ، فيختار أحيانا الثيب لبعض الأسباب والمصالح

وبين حال أهل الجنة الذين يتزوجون لمحض المتعة واللذة ، وكمال النعيم والفرح والحبور ، ليس وراء زواجهم من مقصد سوى ذلك ، فيكون زواجهم بالأبكار هو الأفضل .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-13, 16:16   رقم المشاركة : 224
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سبب نزول " سورة الإخلاص " .

السؤال

هل ثبت أن : سبب نزول سورة الإخلاص أن مشركي قريش طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم بنسب الله عز وجل؟ وسبب نزول سورة الكافرون :

أن كفار قريش عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة فنزلت السورة ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

تقدم في جواب السؤال القادم ذكر سبب نزول سورة " الكافرون "

وهو أن كفار قريش عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يعبدوا الله سبحانه وتعالى ويقبلوا ما جاء به ، بشرط أن يشاركهم في عبادة آلهتهم الباطلة ، فنزلت هذه السورة للبراءة من الشرك وأهله .

ثانيا :

أما سبب نزول سورة (قل هو الله أحد ) فقد روى الترمذي (3364) ، وأحمد (21219) ، والحاكم (3987) ، والبيهقي في "الشعب" (100)

وابن خزيمة في "التوحيد" (1/95) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (88) من طريق أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ

عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : " أَنَّ المُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ) "

وهذا إسناد ضعيف ، أبو جعفر الرازي - واسمه عيسى بن أبي عيسى ماهان - ضعيف الحديث ، قال أحمد والنسائي: ليس بالقوى . وقال ابن المدينى: ثقة كان يخلط .

"ميزان الاعتدال" (3 /320) .

وفيه علة أخرى ، وهي الإرسال ، فقد رواه الترمذي عقب هذه الرواية (3365)

من طريق عُبَيْد اللَّهِ بْن مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، به مرسلا ، وقال الترمذي : " وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَهَذَا أَصَحُّ".

لكن لهذا الحديث شواهد :

- فرواه الطبراني في "الأوسط" (5687) ، والطبري في "تفسيره" (24/ 687) ، والبيهقي في "الشعب" (2319) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/335) من طريق إِسْمَاعِيل بْن مُجَالِدٍ ، عَنْ مُجَالِدٍ

عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَنَزَلَتْ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) "

وإسناده ضعيف ، مجالد ، هو ابن سعيد ، ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني وغيرهم

انظر : "الميزان" (3/438) .

وقال عنه الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص109) : " صدوق يخطىء "

- ورواه الهروي في "ذم الكلام" (4/ 106) من طريق مُحَمَّد بْن حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ حَدَّثَنِي

أَهْلُ بَيْتِي عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ به نحوه ، وهذا ضعيف أيضا ؛ لجهالة من رواه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه .

انظر : "التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 59) .

- ورواه أبو الشيخ في "العظمة" (89) ، والهروي في "ذم الكلام" (4/111) من طريق قَيْس بن الربيع ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ: " قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه السورة " .

وهذا مرسل ، وقيس بن الربيع ضعيف ، ضعفه وكيع وابن معين وابن المديني وغيرهم

انظر "التهذيب" (8/351) .

- وقد روي من طرق مرسلا

قال ابن كثير في "تفسيره" (8/ 489):

" أَرْسَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ " انتهى .

وقال البغوي في "تفسيره" (5/ 329):

" وقال الضحاك وقتادة ومقاتل: جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا:

صف لنا ربك يا محمد لعلنا نؤمن بك ، فإن الله أنزل نعته في التوراة ، فأخبرنا من أي شيء هو ؟

وهل يأكل ويشرب ؟ فأنزل الله هذه السورة " .

وكذا أرسله محمد بن عمرو ، كما رواه أبو الحسن السكري في "مشيخته" (104)

- وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 38) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ

" َنَّ الْيَهُودَ، جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه السورة ".

حسنه الحافظ في "الفتح" (13/ 356)

ولأجل تعدد طرقه ، وكثرة مخارجه : حسنه الحافظ ابن حجر - كما تقدم - وكذا حسنه السيوطي في "الدر المنثور" (8/669)

وكذا الألباني في "صحيح الترمذي". وهو حديث مشهور متداول في كتب أئمة السنة ، ويورده شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرا .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-13, 16:19   رقم المشاركة : 225
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سبب نزول سورة الكافرون

السؤال


ما هو سبب نزول سورة " الكافرون " ؟ وما هي قصتها ؟


الجواب


الحمد لله

جاء في سبب نزول هذه السورة أن كفار قريش عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يعبدوا الله سبحانه وتعالى ويقبلوا ما جاء به ، بشرط أن يشاركهم في عبادة آلهتهم الباطلة بعض الزمان

فنزلت هذه السورة تقطع كل مفاوضات لا تفضي إلى تحقيق التوحيد الكامل لله رب العالمين .

فعن ابن عباس رضي الله عنهما :

(أن قريشا وعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ، ويزّوجوه ما أراد من النساء ، ويطئوا عقبه ، فقالوا له : هذا لك عندنا يا محمد

وكفّ عن شتم آلهتنا ، فلا تذكرها بسوء ، فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة ، فهي لك ولنا فيها صلاح . قال : ما هي ؟

قالوا : تعبد آلهتنا سنة : اللات والعزي ، ونعبد إلهك سنة ، قال : حتى أنْظُرَ ما يأْتي مِنْ عِنْدِ رَبّي . فجاء الوحي من اللوح المحفوظ : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) السورة، وأنزل الله :

(قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) ... إلى قوله : (فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) .

رواه ابن أبي حاتم في " التفسير " (10/3471)

والطبري في " جامع البيان " (24/703)،

والطبراني في " المعجم الصغير " (751)

جميعهم من طريق أبي خلف عبد الله بن عيسى الخزاز الحداد ، ثنا داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما به .

وقال الطبراني : لم يروه عن داود بن أبي هند إلا عبد الله بن عيسى ... أحاديثه أفراد كلها . انتهى .

وعبد الله بن عيسى الخزاز ضعيف عند عامة العلماء ، لا سيما رواياته عن داود بن أبي هند.

انظر ترجمته في " تهذيب التهذيب " (5/353) .

وعن سعيد بن مينا مولى البَختري قال :

لقي الوليد بن المُغيرة والعاص بن وائل ، والأسود بن المطلب ، وأميَّة بن خلف ، رسولَ الله

فقالوا : يا محمد ! هلمّ فلنعبد ما تعبد ، وتعبدْ ما نعبد ، ونُشركك في أمرنا كله ، فإن كان الذي جئت به خيرا مما بأيدينا كنا قد شَرِكناك فيه

وأخذنا بحظنا منه ; وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك كنت قد شَرِكتنا في أمرنا ، وأخذت منه بحظك ، فأنزل الله : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) حتى انقضت السورة .

رواه الطبري في " جامع البيان " (24/703)

قال : حدثني يعقوب ، قال : ثنا ابن عُلَية ، عن محمد بن إسحاق ، قال : ثني سعيد بن مينا مولى البَختري به .

وسعيد بن ميناء من أوساط التابعين ، فروايته مرسلة ضعيفة .

وقال السيوطي رحمه الله :

"أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن وهب قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : إن سرك أن نتبعك عاما وترجع إلى ديننا عاما ، فأنزل الله : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) إلى آخر السورة .

وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن قريشا قالت : لو استلمت آلهتنا لعبدنا إلهك ، فأنزل الله : ( قل يا أيها الكافرون ) السورة كلها" انتهى .

"الدر المنثور" (8/655) .

والحاصل : أن الآثار السابقة – وإن ضعفت أسانيد أفرادها – إلا أنها تتقوى بمجموعها ، ويشهد بعضها لبعض ، خاصة وأنه ليس في متنها ما يستنكر ، ووافقت ظاهر القرآن الكريم

ولذلك صحح مضمونها الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح السيرة النبوية " (201)

وانظر : " السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية " (ص/175) .

وأما معنى السورة :

فقال ابن جرير الطبري رحمه الله :

" يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم - وكان المشركون من قومه فيما ذكر عرضوا عليه أن يعبدوا الله سنة ، على أن يعبد نبيّ الله صلى الله عليه وسلم آلهتهم سنة - فأنزل الله معرفة جوابهم في ذلك :

( قُلْ ) يا محمد لهؤلاء المشركين الذين سألوك عبادة آلهتهم سنة ، على أن يعبدوا إلهك سنة (يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) بالله ( لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) من الآلهة والأوثان الآن (وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) الآن (

وَلا أَنَا عَابِدٌ ) فيما أستقبل ( مَا عَبَدْتُمْ ) فيما مضى ( وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ ) فيما تستقبلون أبدا ( مَا أَعْبُدُ ) أنا الآن ، وفيما أستقبل . وإنما قيل ذلك كذلك

لأن الخطاب من الله كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أشخاص بأعيانهم من المشركين ، قد علم أنهم لا يؤمنون أبدا ، وسبق لهم ذلك في السابق من علمه

فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يؤيسهم من الذي طمعوا فيه ، وحدّثوا به أنفسهم ، وأن ذلك غير كائن منه ولا منهم في وقت من الأوقات ، وآيس نبي الله صلى الله عليه وسلم من الطمع في إيمانهم

ومن أن يفلحوا أبدا ، فكانوا كذلك لم يفلحوا ولم ينجحوا ، إلى أن قتل بعضهم يوم بدر بالسيف ، وهلك بعض قبل ذلك كافرا ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، وجاءت به الآثار " انتهى .

" جامع البيان " (24/702) .

والله أعلم .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:41

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc