مصطلح الحديث - الصفحة 14 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مصطلح الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-09-28, 16:17   رقم المشاركة : 196
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التعريف بكعب الأحبار ، وبروايته الإسرائيليات ، والموقف منها .

السؤال:

أخرج الإمام مسلم في صحيحه حديث أبي هريرة : قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِى فَقَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ فِيهَا يَوْمَ الأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ فِيهَا يَوْمَ الاِثْنَينِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ

وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبَعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَق آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ الْخَلْقِ فِى آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ )

وقد قرأت على الشبكة العنكبوتية أنّ العلماء ضعفوا الحديث وأعلوه ، وأنّ أبا هريرة أخذ الحديث من كعب الأحبار وهو معروف بروايته للإسرائيليات ، فلماذا يروى أبو هريرة عن من ليس بثقة ؟

وأليس كل أحاديث صحيح مسلم هي صحيحة ؟ أرجو منكم شرح المسألة .


الجواب :

الحمد لله


أولا :

تقدم أن هذا الحديث المذكور رواه مسلم في صحيحه (2789) ، وأنه قد أعله غير واحد من أهل العلم ، وحكم الإمام البخاري وغيره أنه من كلام كعب الأحبار

أخذه عنه أبو هريرة رضي الله عنه

ثانيا :

كعب الأحبار هو كعب بن ماتع الحميري أبو إسحاق ، أدرك الجاهلية وأسلم في أيام أبي بكر وقيل : في أيام عمر ، روى عن عمر وصهيب وعائشة

وروى عنه بعض الصحابة كمعاوية وأبي هريرة وابن عباس ومالك بن أبي عامر الأصبحي .

وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الشام وقال : " كان على دين يهود فأسلم وقدم المدينة ثم خرج إلى الشام فسكن حمص حتى توفي بها سنة ثنتين وثلاثين في خلافة عثمان " .

انظر : " تهذيب التهذيب " (8/438-439) .

وقال الذهبي رحمه الله :

" هُوَ كَعْبُ بنُ مَاتِعٍ الحِمْيَرِيُّ ، اليَمَانِيُّ ، العلَّامة ، الحَبْر ، الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً فَأَسْلَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَدِمَ المَدِيْنَةَ مِنَ اليَمَنِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , فَجَالَسَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ,

فَكَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الكُتُبِ الإِسْرَائِيْليَّةِ ، وَيَحْفَظُ عَجَائِبَ ، وَيَأْخُذُ السُّنَنَ عَنِ الصحابة , وكان حسن الإسلام ، مَتِيْنَ الدّيَانَةِ ، مِنْ نُبَلاَءِ العُلَمَاءِ "

انتهى من " سير أعلام النبلاء " (4/472) .

وقال الحافظ في " التقريب " (ص/461) : " ثقة " .

وانظر : " الإصابة " (5/482) .

فكعب الأحبار تابعي ثقة ، وكان من علماء اليهود ، عنده علم غزير ، وله اطلاع تام على كتب بني إسرائيل وكان يحدث بأشياء كثيرة منها .

ثالثا :

اتفق العلماء على أن كل الأحاديث التي رواها البخاري أو مسلم أنها كلها صحيحة ، وفي أعلى مراتب الصحة . إلا بعض الأحاديث القليلة بل النادرة التي تكلم عليها بعض الحفاظ

فإذا تكلم الحفاظ على حديث أو حديثين أو ثلاثة في صحيح مسلم ، فإن ذلك لا يطعن في صحة الكتاب الذي بلغت أحاديثه ثمانية آلاف حديث

رابعا :

لما أسلم كعب الأحبار ، وكان عنده علم أهل الكتاب ، كان بعض الصحابة يستمعون إلى أحاديثه وينقلونها ، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في التحديث عن أهل الكتاب

كما روى البخاري (3461) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ )

ومع ذلك فلم يكن الصحابة رضي الله عنهم يأخذون عنه كل ما يخبر به ، بل ردوا عليه كثيرا قاله مما يخالف الحق الذي بأيدينا .

قال ابن كثير رحمه الله :

" ... فَإِنَّ كَعْبَ الْأَحْبَارِ لَمَّا أَسْلَمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ كَانَ يَتَحَدَّثُ بَيْنَ يَدَيْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَشْيَاءَ مِنْ عُلُومِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَيَسْتَمِعُ لَهُ عُمَرُ تَأْلِيفًا لَهُ وَتَعَجُّبًا مِمَّا عِنْدَهُ مِمَّا يُوَافِقُ كَثِيرٌ مِنْهُ الْحَقَّ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ الْمُطَهَّرُ

فَاسْتَجَازَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ نَقْلَ مَا يُورِدُهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ ; لِهَذَا الْمَعْنَى ، وَلَمَّا جَاءَ مِنَ الْإِذْنِ فِي التَّحْدِيثِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، لَكِنَّ كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيمَا يَرْوِيهِ غَلَطٌ .

وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي كَعْبِ الْأَحْبَارِ : " وَإِنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو عَلَيْهِ الْكَذِبَ "

انتهى من " البداية والنهاية " (1/34-35) .

وقال رحمه الله أيضا :

" أَسْلَمَ فِي زَمَنِ عُمَرَ وَكَانَ يَنْقُلُ شَيْئًا عَنْ كُتُبِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَسْتَحْسِنُ بَعْضَ مَا يَنْقُلُهُ ; لِمَا يُصَدِّقُهُ مِنَ الْحَقِّ ، وَتَأْلِيفًا لِقَلْبِهِ فَتَوَسَّعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي أَخْذِ مَا عِنْدَهُ

وَبَالَغَ أَيْضًا هُوَ فِي نَقْلِ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَثِيرٌ مِنْهَا مَا يُسَاوِي مِدَادَهُ ، وَمِنْهَا مَا هُوَ بَاطِلٌ لَا مَحَالَةَ ، وَمِنْهَا مَا هُوَ صَحِيحٌ لِمَا يَشْهَدُ لَهُ الْحَقُّ الَّذِي بِأَيْدِينَا "

انتهى من " البداية والنهاية " (3/36) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لَمَّا دخل عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْبَيْتَ الْمُقَدَّسَ وَأَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ مُصَلًّى لِلْمُسْلِمَيْنِ : قَالَ لِكَعْبِ ؟ أَيْنَ أَبْنِيهِ ؟ قَالَ ابْنِهِ خَلْفَ الصَّخْرَةِ .

قَالَ : خَالَطَتْك يَهُودِيَّةٌ يَا ابْنَ الْيَهُودِيَّةِ ؛ بَلْ أَبْنِيهِ أَمَامَهَا [ وذلك لأن اليهود تعظم تلك الصخرة ، ولم يأت ديننا بأي فضيلة لها ] .

وَلِهَذَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إذَا دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ صَلَّى فِي قبلَيْهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَى الصَّخْرَةِ . وَكَانُوا يُكَذِّبُونَ مَا يَنْقُلُهُ كَعْبٌ : أَنَّ اللَّهَ قَالَ لَهَا : أَنْتَ عَرْشِي الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ :

مَنْ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَيْفَ تَكُونُ الصَّخْرَةُ عَرْشَهُ الْأَدْنَى ؟ "

انتهى " مجموع الفتاوى " (15/153) .

فعلى القول بأن هذا الحديث إنما أخذه أبو هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار ، فهو مما رأى أبو هريرة رضي الله عنه أن الرخصة في التحديث عن أهل الكتاب تشمله . ولكنه لا يكون حجة ولا دليلا شرعيا .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-09-28, 16:30   رقم المشاركة : 197
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لم يثبت أن من لبس لباساً جديداً يوم الجمعة ، فإنه يُعفى من السؤال عن اللباس يوم القيامة

السؤال:

سمعت أن من لبس لباساً جديداً يوم الجمعة فإنه يُعفى من السؤال عن اللباس يوم القيامة ، فهل هذا صحيح أم لا ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

هذا الكلام لا أصل له في الشرع ، ولا يجوز أن ينسب إليه . – وفيما نعلم- لم يرد هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه ، ولا نعرف أحدا من العلماء قال ذلك .

ثم هذا الكلام مع كونه لا أصل له في الشرع ، فهو مخالف لما عُرف في الشرع من أن الإنسان سيسأل يوم القيامة عن ثيابه ويحاسب عليه .

فيُسأل أولا : كيف حصل على هذه الثياب ؟ هل اشتراها بمال حلال أو حرام ؟

هل أخذها على سبيل الرشوة من أحد ... إلخ ؟

ثم يُسأل أيضا عن نوع الثياب هل كان مباحا أو حراما ؟

كثياب الحرير ، فإنها محرمة على الرجال .

ثم يسأل عن قصده من لبس هذه الثياب ، هل كان قصده أن يستر عورته ويتزين كما أمر الشرع ، أو كان قصده أن يتفاخر بثيابه ويتعالى على الناس ؟

ثانيا :

الذي جاء في السنة النبوية : أنه يستحب للرجل أن يتنظف ويتطيب ويلبس أحسن ثيابه يوم الجمعة .

روى أبو داود (343) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ ، وَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ

ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلَمْ يَتَخَطَّ أَعْنَاقَ النَّاسِ ، ثُمَّ صَلَّى مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ جُمُعَتِهِ الَّتِي قَبْلَهَا) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وروى البخاري (886) ، ومسلم (2068) عن ابْن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، رَأَى حُلَّةً سِيَرَاءَ [مصنوعة من الحرير] عِنْدَ بَابِ المَسْجِدِ

فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ ، فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الجُمُعَةِ وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لاَ خَلاَقَ لَهُ فِي الآخِرَةِ ) " .

وكان عمر رضي الله عنه لم يبلغه أن لبس الحرير حرام على الرجال ، فاقترح على النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاقتراح ، وأقره الرسول صلى الله عليه وسلم على مشروعية لبس الثياب الحسنة الجميلة يوم الجمعة

ولكنه بين له أن هذا النوع من الثياب (الحرير) حرام على الرجال .

ولذلك قال النووي رحمه الله في شرح الحديث :

" في الحديث اسْتِحْبَابِ لِبَاسِ أَنْفَسِ ثِيَابِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَعِنْدَ لِقَاءِ الْوُفُودِ وَنَحْوِهِمْ "

انتهى من " شرح صحيح مسلم " (14/38) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-28, 16:36   رقم المشاركة : 198
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خبر الرجل الذي جاء في عهد عمر إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يا رسول الله استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا

السؤال:

ما صحة الحديث التالي، وإذا لم يكن صحيحاً فلماذا أورده العلماء الأوائل في كتبهم على أنه صحيح ، ولماذا لا يمكننا إتباعهم في هذا التصنيف للحديث؟ أم أنهم لم يكونوا على القدر الكافي من العلم؟

عن مالك الدار قال : أصاب الناسَ قحطٌ في زمن عمر بن الخطاب فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، استَسْقِ الله لأمّتك فإنهم قد هلكوا ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام

فقال : ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّكُمْ مسْقِيُّونَ وَقُلْ لَهُ : عَلَيْكَ الْكَيْسُ، عَلَيْكَ الْكَيْسُ ، فأتى الرجل فأخبر عمر ، فقال : يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه. رواه البيهقي في دلائل النبوة

وبن أبي شيبة في المصنف بسلسلة صحيحة، كما أشار إلى ذلك بن كثير في البداية والنهاية، وبن حجر في الفتح في كتاب الاستسقاء الجزء الثالث. وأورده الذهبي في السير.

وقال ابن حجر : أن مالك الدار هو وزير عمر على بيت المال ، وأن الرجل الذي رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه هو بلال بن الحارث.


الجواب:

الحمد لله

هذا الأثر رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (6/ 356) والبخاري في "التاريخ الكبير" (7/304) - مختصرا - والبيهقي في "الدلائل" (7/47) ، وابن عساكر في "تاريخه" (44/345) من طريق أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ مَالِكِ الدَّارِ، قَالَ:

أَصَابَ النَّاسَ قَحْطٌ فِي زَمَنِ عُمَرَ ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اسْتَسْقِ لِأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا

فَأَتَى الرَّجُلَ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهُ : " ائْتِ عُمَرَ فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّكُمْ مسْقِيُّونَ وَقُلْ لَهُ : عَلَيْكَ الْكَيْسُ ، عَلَيْكَ الْكَيْسُ "، فَأَتَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ فَبَكَى عُمَرُ ثُمَّ قَالَ : يَا رَبِّ لَا آلُو إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ .

وهذا إسناد ضعيف لا يحتج به ، ومالك الدار مجهول كما سيأتي .

أما قول الحافظ رحمه الله في " الفتح " (2/ 495) :

" رواه ابن أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ مَالِكٍ الدَّارِ "

فمقصوده أنه صحيح الإسناد إلى أبي صالح فقط ، ولم يحكم على جميع الإسناد بأنه صحيح ، ولذلك لم يقل : رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح ، كما هي العادة في تصحيح الأخبار .

وأيضاً : قول الذهبي رحمه الله في " السير" (2/412) :

" وقال الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار ... فإنه لم يحكم بصحته ولا بضعفه وإنما ذكر الإسناد فقط .

وقد أجاب الشيخ الألباني رحمه الله عن هذا الأثر ، فننقل كلامه بطوله لفائدته : قال رحمه الله ، بعد أن حكى قول الحافظ ابن حجر المتقدم :

" والجواب من وجوه:

الأول : عدم التسليم بصحة هذه القصة ؛ لأن مالك الدار غير معروف العدالة والضبط ، وهذان شرطان أساسيان في كل سند صحيح ، كما تقرر في علم المصطلح

وقد أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " ، ولم يذكر راوياً عنه غير أبي صالح هذا ، ففيه إشعار بأنه مجهول ، ويؤيده أن ابن أبي حاتم نفسه - مع سعة حفظه واطلاعه - لم يَحْكِ فيه توثيقاً فبقي على الجهالة

ولا ينافي هذا قول الحافظ :

" بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان ..

. " لأننا نقول : إنه ليس نصاً في تصحيح جميع السند ، بل إلى أبي صالح فقط ، ولولا ذلك لما ابتدأ هو الإسنادَ من عند أبي صالح ، ولقال رأساً : "عن مالك الدار ... وإسناده صحيح"

ولكنه تعمد ذلك ، ليلفت النظر إلى أن ههنا شيئاً ينبغي النظر فيه ، والعلماء إنما يفعلون ذلك لأسباب منها: أنهم قد لا يحضرهم ترجمة بعض الرواة

فلا يستجيزون لأنفسهم حذف السند كله ، لما فيه من إيهام صحته لاسيما عند الاستدلال به ، بل يوردون منه ما فيه موضع للنظر فيه ، وهذا هو الذي صنعه الحافظ رحمه الله هنا

وكأنه يشير إلى تفرد أبي صالح السمان عن مالك الدار كما سبق نقله عن ابن أبي حاتم ، وهو يحيل بذلك إلى وجوب التثبت من حال مالك هذا أو يشير إلى جهالته. والله أعلم.

وهذا علم دقيق لا يعرفه إلا من مارس هذه الصناعة، ويؤيد ما ذهبت إليه أن الحافظ المنذري أورد في "الترغيب"

(2/41-42) قصة أخرى من رواية مالك الدار عن عمر ، ثم قال: "رواه الطبراني في "الكبير"، ورواته إلى مالك الدار ثقات مشهورون، ومالك الدار لا أعرفه ". وكذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد (3/125) .

الوجه الثاني: أنها مخالفة لما ثبت في الشرع من استحباب إقامة صلاة الاستسقاء لاستنزال الغيث من السماء ، كما ورد ذلك في أحاديث كثيرة

وأخذ به جماهير الأئمة ، بل هي مخالفة لما أفادته الآية من الدعاء والاستغفار، وهي قوله تعالى في سورة نوح : (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً .

.. ) وهذا ما فعله عمر بن الخطاب حين استسقى وتوسل بدعاء العباس .

وهكذا كانت عادة السلف الصالح كلما أصابهم القحط أن يصلوا ويدعوا، ولم ينقل عن أحد منهم مطلقاً أنه التجأ إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم

وطلب منه الدعاء للسقيا، ولو كان ذلك مشروعاً لفعلوه ولو مرة واحدة، فإذا لم يفعلوه دل ذلك على عدم مشروعية ما جاء في القصة.

الوجه الثالث : هب أن القصة صحيحة ، فلا حجة فيها، لأن مدارها على رجل لم يسم (وهو قوله في الرواية :

فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فهو مجهول أيضاً، وتسميته بلالاً في رواية سيف لا يساوي شيئاً، لأن سيفاً هذا - وهو ابن عمر التميمي - متفق على ضعفه عند المحدثين

بل قال ابن حبان فيه : "يروي الموضوعات عن الأثبات ، وقالوا : إنه كان يضع الحديث ". فمن كان هذا شأنه لا تقبل روايته ولا كرامة ، لا سيما عند المخالفة .

الوجه الرابع : أن هذا الأثر ليس فيه التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، بل فيه طلب الدعاء منه بأن يستسقي الله تعالى أمته ، وهذه مسألة أخرى

ولم يقل بجوازها أحد من علماء السلف الصالح رضي الله عنهم ، أعني الطلب منه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "القاعدة الجليلة" (ص19-20) :

" لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بل ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للناس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصالحين، ويستشفعوا بهم، لا بعد مماتهم، ولا في مغيبهم

فلا يقول أحد: يا ملائكة الله اشفعوا لي عند الله، سلو الله لنا أن ينصرنا أو يرزقنا أو يهدينا، وكذلك لا يقول لمن مات من الأنبياء والصالحين: يا نبي الله يا ولي الله ادع الله لي، سل الله لي، سل الله أن يغفر لي

... ولا يقول: أشكو إليك ذنوبي أو نقص رزقي أو تسلط العدو علي، أو أشكو إليك فلاناً الذي ظلمني، ولا يقول: أنا نزيلك، أنا ضيفك، أنا جارك، أو أنت تجير من يستجيرك

. ولا يكتب أحد ورقة ويعلقها عند القبور، ولا يكتب أحد محضراً أنه استجار بفلان، ويذهب بالمحضر إلى من يعمل بذلك المحضر، ونحو ذلك مما يفعله أهل البدع من أهل الكتاب والمسلمين

كما يفعله النصارى في كنائسهم، وكما يفعله المبتدعون من المسلمين عند قبور الأنبياء والصالحين أو في مغيبهم، فهذا مما علم بالاضطرار من دين الإسلام، وبالنقل المتواتر وبإجماع المسلمين

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع هذا لأمته، وكذلك الأنبياء قبله لم يشرعوا شيئاً من ذلك، ولا فعل هذا أحد من أصحابه صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان، ولا استحب ذلك أحد من الأئمة المسلمين

لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولا ذكر أحد من الأئمة لا في مناسك الحج ولا غيرها أنه يستحب لأحد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره أن يشفع له أو يدعو لأمته، أو يشكو إليه ما نزل بأمته من مصائب الدنيا والدين

وكان أصحابه يبتلون بأنواع البلاء بعد موته، فتارة بالجدب، وتارة بنقص الرزق، وتارة بالخوف وقوة العدو، وتارة بالذنوب والمعاصي، ولم يكن أحد منهم يأتي إلى قبر الرسول

ولا قبر الخليل ولا قبر أحد من الأنبياء فيقول: نشكو إليك جدب الزمان أو قوة العدو، أو كثرة الذنوب ولا يقول: سل الله لنا أو لأمتك أن يرزقهم أو ينصرهم أو يغفر لهم

بل هذا وما يشبهه من البدع المحدثة التي لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين، فليست واجبة ولا مستحبة باتفاق أئمة المسلمين "

انتهى كلام الشيخ الألباني من " التوسل- أنواعه وأحكامه" (ص 118-122) .

فتبين بهذا البحث القيم للشيخ الألباني رحمه الله :

- أن هذا الأثر لا يثبت ، فلا يجوز أن يُحتَج به .

- وأنه خلاف ما عليه عمل السلف الصالح ، من الصحابة والتابعين ومن تبعهم من أئمة المسلمين .

- وأن من صحّحّ هذا الإسناد فإنما يصححه إلى مالك الدار فقط ، وقد علم أنه مجهول .

- وعلى فرض أن أحدا من أهل العلم صححه ، فكل يؤخذ منه ويرد عليه ، فهو مردود بقول من حكم على مالك الدار بأنه مجهول ، كالمنذري والهيثمي وغيرهما

والعلماء يتفاوتون في العلم ، فربما علم أحدهم ما لم يعلمه الآخر ، ومثل هذا لا يقدح في علمهم وفضلهم ، لكنه تصديق قوله تعالى : (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) يوسف/ 76 .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-30, 15:25   رقم المشاركة : 199
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




هل فتحت نافذة فوق قبر الرسول صلى الله عليه وسلم للاستسقاء ؟

السؤال

أريد جوابا تفصيليا عن مدى صحة الحديث الذي يقول به الصوفيون ، من حديث عائشة التي تخبر فيه بفتح نافذة في قبر الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل نزول المطر؟

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الحديث المقصود يرويه أبو الجوزاء أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : ( قُحِطَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قَحْطاً شَدِيداً

فَشَكَوْا إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ : انْظُرُوا قَبْرَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فَاجْعَلُوا مِنْهُ كِوًى إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى لاَ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ سَقْفٌ . قَالَ : فَفَعَلُوا ، فَمُطِرْنَا مَطَراً حَتَّى نَبَتَ الْعُشْبُ وَسَمِنَتِ الإِبِلُ

حَتَّى تَفَتَّقَتْ مِنَ الشَّحْمِ ، فَسُمِّىَ عَامَ الْفَتْقِ ) .

(كوى) جمع "كوة" وهي الفتحة .

رواه الدارمي (1/56) رقم (92) تحت باب : ما أكرم الله تعالى نبيه بعد موته .

قال الدارمي : حدثنا أبو النعمان ، ثنا سعيد بن زيد ، ثنا عمرو بن مالك النكري حدثنا أبو الجوزاء أوس بن عبد الله قال : . . . ثم ذكر الحديث .

وهذا الأثر ضعيف ، لا يصح ، وقد بَيَّن العلامة الألباني ضعفه ، فقال في كتابه : "التوسل" (ص128)
:
"وهذا سند ضعيف لا تقوم به حجة لأمور ثلاثة
:
أولها : أن سعيد بن زيد وهو أخو حماد بن يزيد فيه ضعف

. قال فيه الحافظ في "التقريب" : صدوق له أوهام

. وقال الذهبي في "الميزان" : "قال يحيى بن سعيد : ضعيف .

وقال السعدي : ليس بحجة ، يضعفون حديثه

. وقال النسائي وغيره : ليس بالقوي .

وقال أحمد : ليس به بأس ، كان يحيى بن سعيد لا يستمرئه" .

وثانيها : أنه موقوف على عائشة وليس بمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولو صح لم تكن فيه حجة ، لأنه يحتمل أن يكون من قبيل الآراء الاجتهادية لبعض الصحابة مما يخطئون فيه ويصيبون ، ولسنا ملزمين بالعمل بها .

وثالثها : أن أبا النعمان هذا هو محمد بن الفضل يعرف بعارم وهو وإن كان ثقة فقد اختلط في آخر عمره . وقد أورده الحافظ برهان الدين الحلبي

في "الاغتباط بمن رمي بالاختلاط" تبعا لابن الصلاح حيث أورده في ( المختلطين ) من كتابه "المقدمة" وقال : "والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط

ولا يقبل من أخذ عنهم بعد الاختلاط ، أو أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده" .

قلت (الألباني) : وهذا الأثر لا يُدرى هل سمعه الدارمي منه قبل الاختلاط أو بعده ، فهو إذن غير مقبول ، فلا يحتج به .

وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الرد على البكري"

: "وما روي عن عائشة رضي الله عنها من فتح الكوة من قبره إلى السماء لينزل المطر فليس بصحيح ، ولا يثبت إسناده ، ومما يبين كذب هذا :

أنه في مدة حياة عائشة لم يكن للبيت كوة بل كان باقيا كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، بعضه مسقوف ، وبعضهم مكشوف

وكانت الشمس تنزل فيه ، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفيء

. بعد ولم تزل الحجرة كذلك حتى زاد الوليد بن عبد الملك في المسجد في إمارته لما زاد الحجر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم . .

ومن حينئذ دخلت الحجرة النبوية في المسجد ثم إنه بنى حول حجرة عائشة التي فيها القبر جداراً عالياً وبعد ذلك جعلت الكوة لينزل منها من ينزل إذا احتيج إلى ذلك لأجل كنس أو تنظيف .

وأما وجود الكوة في حياة عائشة فكذب بَيِّن" انتهى .

ثانيا :

ليس في هذا الحديث دليل لما يعتقده غلاة الصوفية من جواز الاستغاثة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فأنت لا تجد في الحديث شيئا يدل على ذلك من قريب أو من بعيد

وغاية ما فيه إثبات كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته ، كما وصفها الدارمي في "مسنده" في تبويب الحديث ، وهي بركة جسده الطاهر ، وقدره الشريف عند الله تعالى

ولا يعني ذلك جواز أن يذهب المسلمون إليه ليستغيثوا به وهو في قبره ، والصحابة رضوان الله عليهم لم يفعلوا ذلك ، إنما كشفوا كوة من سقف حجرته ليواجه السماء

ولم يطلب أحد منهم السقيا من النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا خاطبوه بحاجتهم إلى ذلك .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص/338) :

" قصد القبور للدعاء عندها ، ورجاء الإجابة بالدعاء هناك رجاء أكثر من رجائها بالدعاء في غير ذلك الموطن : أمرٌ لم يشرعه الله ولا رسوله ولا فعله أحد من الصحابة ولا التابعين ولا أئمة المسلمين

ولا ذكره أحد من العلماء والصالحين المتقدمين

بل أكثر ما ينقل من ذلك عن بعض المتأخرين بعد المائة الثانية .

وأصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجدبوا مرات ، ودهمتهم نوائب غير ذلك ، فهلا جاءوا فاستسقوا واستغاثوا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم ؟!

بل خرج عمر بالعباس فاستسقى به (أي بدعائه) ، ولم يستسق عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم.

بل قد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها كشفت عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم لينزل المطر ، فإنه رحمة تنزل على قبره ، ولم تستسق عنده ، ولا استغاثت هناك" انتهى .

وبهذا يظهر أنه لا حجة في هذا الأثر للصوفية على جواز الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم ، أو التوسل بذاته أو جاهه إلى الله تعالى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-30, 15:32   رقم المشاركة : 200
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *عبدالرحمن* مشاهدة المشاركة
حديث : ( يا ابن آدم ! لك هواك ولي هواي ، ولا يكون إلا هواي ) حديث باطل لا أصل له .

السؤال :


ما صحة الحديث القدسي التالي الذي يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي: يقول رب العزة " يا ابن آد م، لك هواك ولي هواي ولا يكون إلا هواي

إذا أطعت هواي منحتك هواك وإن خالفت هواي حرمتك من هواك ولا يكون إلا هواي " ؟

وهل يوجد حديث بهذا المعنى ؟


الجواب :

الحمد لله


هذا الكلام المذكور ليس بحديث ، وليس في السنة المطهرة حديث بهذا المعنى ، وهو متن منكر ؛ وذلك لما يلي :

- أنه لا يجوز إطلاق الهوى على الله تعالى ؛ لأن أسماء الله وصفاته توقيفية ، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله : " لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله ، لا يتجاوز القرآن والحديث "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (5/26) .

وليس في الكتاب والسنة وصف الله تعالى بأنه يهوى .

راجع لذلك جواب السؤال القادم

- أن الهوى لا يرد في نصوص الشرع إلا على الذم غالبا ، وهو في مقابل الهدى ، قال تعالى : ( إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى ) النجم/ 23

وقال عز وجل : ( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) الروم/ 29 .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" لم يذكر الله تعالى الهوى في كتابه إلا ذمه ، وكذلك في السنة لم يجئ إلا مذموما إلا ما جاء منه مقيدا كقوله : (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) - حديث ضعيف

- وقد قيل الهوى كمين لا يؤمن ، قال الشعبي : وسمي هوى لأنه يهوي بصاحبه ، ومطلقه يدعو إلى اللذة الحاضرة من غير فكر في العاقبة

ويحث على نيل الشهوات عاجلا وإن كانت سببا لأعظم الآلام عاجلا وآجلا ، فللدنيا عاقبة قبل عاقبة الآخرة ، والهوى يعمي صاحبه من ملاحظتها " .

انتهى من "روضة المحبين" (ص 469-470) .

ويغني عن ذلك الكلام الباطل : حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ

وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ ) .

رواه الترمذي (2465) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

والله أعلم .
[/color]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة *عبدالرحمن* مشاهدة المشاركة
[/size]
استكمال لهذا الباب


ما هو الضابط في الأسماء التي يصح إطلاقها على الله تعالى ؟

السؤال

هل يصح أن يسمى الله بالمتكلم أو الباطش لأنه ورد أنه يفعل ذلك ؟.


الجواب

الحمد لله


أسماء الله تعالى كلها توقيفية أي ( أنه يجب الوقوف فيها على ما جاء في الكتاب والسنة فلا يزاد فيها ولا ينقص )

وعليه فلا يصح أن يسمى الله إلا بما سمى به نفسه في كتابه أو أطلقه عليه رسوله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من الأحاديث

لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء فوجب الوقوف على النص لقوله تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ) الإسراء/26

. ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى فوجب سلوك الأدب في ذلك ، والاقتصار على ما جاء به النص .

وأما ما ورد في القرآن والسنة على سبيل الوصف أو الخبر فقط ، بحيث لم يرد تسمية الله به ، فلا يصح أن نسميه به ، وذلك لأن من صفات الله ما يتعلق بأفعاله ، وأفعال الله لا منتهى لها كما أن أقواله لا منتهى لها .

ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله الفعلية ( المجيء والإتيان ، والأخذ ، والإمساك ، والبطش ) إلى غير ذلك من الصفات التي لا تحصى كما قال تعالى : ( وجاء ربك ) الفجر/22

وقال : ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ) الحج /65

وقال : ( إن بطش ربك لشديد ) البروج /12

فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ، ولا نسميه بها فلا نقول إن من أسمائه الجائي والآتي والآخذ والممسك والباطش ، ونحو ذلك وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به ."

والله أعلم .

يراجع : ( القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى 13 , 21 ) للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-30, 15:37   رقم المشاركة : 201
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل تقتص المرأة من زوجها إذا ضربها ظلما ؟

السؤال :

ما صحة الحديث هذا الحديث ؟

الذي ذكره الرازي في تفسيره الكبير في سبب نزول الآية رقم 34 من سورة النساء والذي نصه : " قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي بِنْتِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَزَوْجِهَا سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ أَحَدِ نُقَبَاءِ الْأَنْصَارِ

فَإِنَّهُ لَطَمَهَا لَطْمَةً فَنَشَزَتْ عَنْ فِرَاشِهِ ، وَذَهَبَتْ إِلَى الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَذَكَرَتْ هَذِهِ الشِّكَايَةَ، وَأَنَّهُ لَطَمَهَا ، وَأَنَّ أَثَرَ اللَّطْمَةِ بَاقٍ فِي وَجْهِهَا، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( اقْتَصِّي مِنْهُ )، ثُمَّ قَالَ لَهَا :

( اصْبِرِي حَتَّى أَنْظُرَ ) ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ) ، أَيْ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَدَبِهِنَّ وَالْأَخْذِ فَوْقَ أَيْدِيهِنّ َ، فَكَأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ أَمِيرًا عَلَيْهَا

وَنَافِذَ الْحُكْمِ فِي حَقِّهَا، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَرَدْنَا أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّه أَمْرًا ، وَالَّذِي أَرَادَ اللَّه خَيْرٌ )" .


الجواب :

الحمد لله

قال الطبري رحمه الله في " تفسيره " (8/ 291) :

حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الأعلى قال ، حدثنا سعيد، عن قتادة قال، حدثنا الحسن: " أنّ رجلا لطمَ امرأته ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأراد أن يُقِصّها منه

فأنزل الله: ( الرجالُ قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )، فدعاه النبيّ صلى الله عليه وسلم فتلاها عليه، وقال: " أردتُ أمرًا وأراد الله غيرَه ) " .

وهذا إسناد صحيح ، لكنه مرسل .

ورواه ابن أبي حاتم في " تفسيره " (3/940) عن قتادة أيضا ، ولفظه :

" جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَعْدِي عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ لَطَمَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْقِصَاصُ ) ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) فَرَجَعَتْ بِغَيْرِ قِصَاصٍ " .

قال ابن كثير رحمه الله :

" وَكَذَلِكَ أَرْسَلَ هَذَا الْخَبَرَ : قَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَالسُّدِّيُّ ، أَوْرَدَ ذَلِكَ كُلَّهُ ابْنُ جَرِيرٍ .

وَقَدْ أَسْنَدَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّسَائِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ بن الْأَشْعَثُ ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ

قال: حدثنا أَبِي عَنْ جَدِّي، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ علي ، قَالَ : " أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِامْرَأَةٍ لَهُ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ زَوْجَهَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ الْأَنْصَارِيُّ

وَإِنَّهُ ضَرَبَهَا فَأَثَّرَ فِي وَجْهِهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ له ذلك . فأنزل الله تعالى : ( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ) ؛ أي : فِي الْأَدَبِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَرَدْتُ أَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ غَيْرَهُ ) "
.
انتهى من " تفسير ابن كثير" (2/ 256) .

وهذا إسناد واه ، محمد بن محمد بن الأشعث : متهم بالوضع ، قال ابن عدي : أخرج إلينا نسخة ، قريبا من ألف حديث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن آبائه ، بخط طري ؛ عامتها مناكير

وقال السهمي : سألت الدارقطني عنه فقال: آية من آيات الله ، وضع ذاك الكتاب - يعني العلويات .

" لسان الميزان" (5/ 362) .

والحاصل :

أنه هذا حديث روي متصلا ، من طريق واه لا يصح .

والصحيح فيه : مرسلا ، والمرسل من أنواع الحديث الضعيف ، كما هو معلوم .

وينظر : " تخريج أحاديث الكشاف" ، للزيلعي (1/312) .

وقد ضعفه الشيخ مصطفى العدوي حفظه الله

، وقال : " ويكفي في القول بأنها لا تقتص منه قوله تعالى: ( وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) ، ولم يرد أنها تضرب زوجها " انتهى .

وانظر : "سلسلة التفسير" لمصطفى العدوي (8/ 15) بترقيم الشاملة .

وينظر للفائدة جواب السؤال القادم

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-30, 15:42   رقم المشاركة : 202
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السبب في تفضيل الزوج وجعل القوامة بيده

السؤال


أنا فتاة مسلمة والحمد لله وقرأت كثيرا وسمعت من العلماء عن حق الزوج على زوجته وكم هو عظيم سمعت أحاديث تشدد من عصيان المرأة لزوجها وإني لأمتثل لأمر الله ورسوله إذا تزوجت بإذن الله تعالى

ولكن لدى استفسار إن جاز لي

السؤال حيث هو استفسار يدور برأس الكثيرات ويخجلن من ذكره خوفا من اتهامهن بالجهل أو إنكار أمر الله ورسوله وهو ما هو فضل الزوج حتى يستحق كل هذا الحق علينا معشر النساء حتى إنه يفوق حق ؟.


الجواب

الحمد لله

عظم حق الزوج على زوجته أمر قررته الشريعة

كما في قوله سبحانه : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228

وقوله : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء/34

وقوله صلى الله عليه وسلم "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه "

رواه ابن ماجه (1853) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .

ومعنى القتب : رحل صغير يوضع على البعير .

إلى غير ذلك من النصوص .

والحكمة بينها الله تعالى بقوله : ( بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) فهذا تفضيل قضاه الله عز وجل وحكم به ، لا يسأل سبحانه عما يفعل وهم يسألون

ثم لما يقوم به الرجل من الإنفاق على أهله والسعي في طلب رزقهم .

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/363) : ( وقوله : " وللرجال عليهن درجة " أي في الفضيلة في الخَلق والخُلق والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة

كما قال تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم " ) . اهـ.

وقال أيضا (1/653) : ( يقول تعالى : "الرجال قوامون على النساء" أي الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت

" بما فضل الله بعضهم على بعض" أي لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة "

رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه

وكذا منصب القضاء وغير ذلك ، "وبما أنفقوا من أموالهم" أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه

وله الفضل عليها والإفضال ، فناسب أن يكون قيما عليها ، كما قال الله تعالى : " وللرجال عليهن درجة" الآية ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: "الرجال قوامون على النساء" يعني أمراء

عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله ) اهـ.

وقال البغوي في تفسيره (2/206) :

( بما فضل الله بعضهم على بعض ، يعني : الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية ، وقيل : بالشهادة ، لقوله تعالى : " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " وقيل : بالجهاد

وقيل : بالعبادات من الجمعة والجماعة ، وقيل : هو أن الرجل ينكح أربعاً ولا يحل للمرأة إلا زوج واحد ، وقيل : بأن الطلاق بيده ، وقيل : بالميراث ، وقيل : بالدية ، وقيل : بالنبوة ).

وقال البيضاوي في تفسيره (2/184):

( " الرجال قوامون على النساء " يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية ، وعلل ذلك بأمرين، وهبي وكسبي فقال : "بما فضل الله بعضهم على بعض" بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير

ومزيد القوة في الأعمال والطاعات ، ولذلك خصوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر ، والشهادة في مجامع القضايا ، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها

وزيادة السهم في الميراث وبأن الطلاق بيده . "وبما أنفقوا من أموالهم" في نكاحهن كالمهر والنفقة ) انتهى بتصرف يسير .

والحاصل أن الرجل أعطي القوامة لهذين السببين المذكورين في الآية ، وأحد السببين هبة من الله تعالى ، وهو تفضيل الله الرجال على النساء والآخر يناله الرجل بكسبه ، وهو إنفاقه المال على زوجته .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-30, 15:47   رقم المشاركة : 203
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

حديث : ( الويل لمن لا يراني يوم القيامة : من ذُكرت عنده فلم يصل عليّ ) لا أصل له .

السؤال:

تناقلت مواقع التواصل الحديث أدناه فما صحته ؟

قالت السيدة عائشة : " كنت في حجرتي أخيط ثوباً لي فانكفأ المصباح ، وأظلمت الحجرة ، وسقط المخيط أي الإبرة ، فبينما كنت في حيرتي أتحسس مخيطي إذ أطل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه من باب الحجرة

رفع الشملة وأطل بوجهه ، قالت : فوالله الذي لا إله إلا هو ، لقد أضاءت أرجاء الحجرة من نور وجهه ، حتى لقد التقطت المخيط من نور طلعته ، ثم التفتُ إليه فقلت : بأبي أنت يا رسول الله

ما أضوأ وجهك! ، فقال: ( يا عائشة الويل لمن لا يراني يوم القيامة ) ، قالت : ومن ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله ؟ ، قال: ( الويل لمن لا يراني يوم القيامة )

قالت : ومن ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله ؟ قال: ( من ذكرت عنده فلم يصل عليّ ) .


الجواب:


الحمد لله

لا نعرف أصلا لهذا الحديث بهذا التمام

وإنما رواه ابن عساكر في " تاريخه " (3/ 310)

من طريق مسعدة بن بكر الفرغاني أنبأنا محمد بن أحمد بن أبي عون أنبأنا عمار بن الحسن أنبأنا سلمة بن الفضل بن عبد الله عن محمد بن إسحاق بن يسار عن يزيد بن رومان وصالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت :

" استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنت أخيط بها ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسقطت مني الإبرة فطلبتها ، فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة من شعاع نور وجهه

فضحكت ، فقال : ( يا حميراء لم ضحكت ؟ ) ، قلت : كان كيت وكيت ، فنادى بأعلى صوته : ( يا عائشة الويل ثم الويل - ثلاثا - لمن حرم النظر إلى هذا الوجه ، ما من مؤمن ولا كافر إلا ويشتهي أن ينظر إلى وجهي ) .

وهذا حديث منكر باطل ، والمتهم به مسعدة بن بكر

قال الذهبي :

" مسعدة بن بكر الفرغانى ، عن محمد بن أحمد ابن أبي عون : بخبر كذب " .

انتهى من "ميزان الاعتدال" (4/ 98) ، يعني به هذا الحديث .

وقال الحافظ ابن حجر في " اللسان " (6/ 22) :

" وجدت له حديثا آخر : قال الدارقطني في غرائب مالك : حدثنا أبو سعيد مسعدة بن بكر بن يوسف الفرغاني قدم حاجا ، قال حدثنا الحسن بن سفيان ،

قال حدثنا أبو مصعب عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما رفعه : ( مثل المنافق مثل الشاة العائرة ... ) الحديث ، قال الدارقطني : هذا باطل بهذا الإسناد " انتهى .

وقال الشيخ عثمان الخميس حفظه الله عن حديث الترجمة :

" لا يصح هذا الحديث "

والصحيح : ما رواه الترمذي (3546) وصححه

عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( البَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي" .

وقد ورد في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة صحيحة ، تغني عن هذا الحديث الموضوع ، فانظر :

- " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم" لإسماعيل الجهمي ، بتحقيق الألباني .

- " جلاء الأفهام " لابن قيم الجوزية .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 01:18   رقم المشاركة : 204
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تخريج حديث : (مَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ)

السؤال :

ما صحة الآتي : من قرأ سورة يس في رمضان كانت له كأجر قراءة المصحف كاملاً عشر مرات .

الجواب :

الحمد لله

هذا الحديث بذكر رمضان فيه : لا نعلم له أصلا .

أما بغير ذكر رمضان : فقد روي من طرق كلها ضعيفة ، وبعضها أشد ضعفا من بعض ، وإليك البيان :

1- رواه الترمذي (2887) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (1035)

من طريق هَارُونَ أَبِي مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَقَلْبُ القُرْآنِ يس ، وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ القُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ ) .

وقال الترمذي عقبه : " هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَبِالبَصْرَةِ لَا يَعْرِفُونَ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ. وَهَارُونُ أَبُو مُحَمَّدٍ شَيْخٌ مَجْهُولٌ " انتهى .

وقال الألباني في "ضعيف الترمذي" : " موضوع " .

وقال الذهبي في ترجمة هارون هذا

: " أنا أتهمه بما رواه القضاعى في شهابه ... " ثم ساق له هذا الحديث .

"ميزان الاعتدال" (4/ 288) .

وقال أبو حاتم الرازي - كما في " العلل " لابنه (4/578) :

" مُقَاتِلٌ هَذَا هُوَ: مُقَاتِل بْنُ سُلَيمان ، رأيتُ هذا الحديثَ في أوَّلِ كتابٍ وضعَهُ مُقاتِلُ بْن سُلَيمان ، وهو حديثٌ باطلٌ لا أصلَ له " انتهى .

2- ورواه البيهقي في " الشعب " (2232) :

أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ ، أَخْبَرَنا أَبُو مَنْصُورٍ النَّضْرَوِيُّ ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ

عَنْ أُسَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخَثْعَمِيِّ ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَرَأَ يس فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ عَشْرَ مَرَّاتٍ ) .

وهذا معضل ، حسان بن عطية من أتباع التابعين .

وإسماعيل بن عياش مدلس وقد عنعنه ، وصفه بالتدليس : ابن معين وابن حبان ، كما في "طبقات المدلسين" (ص37) .
3- ورواه البيهقي أيضا (2238)

من طريق سُويد أبِي حَاتِمٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ: ( مَنْ قَرَأَ يس مَرَّةً فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ عَشْرَ مَرَّاتٍ )

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: ( مَنْ قَرَأَ يس مَرَّةً ، فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ مَرَّتَيْنِ ) قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: حَدِّثْ أَنْتَ عَمَّا سَمِعْتَ وَأُحَدِّثُ أَنَا بِمَا سَمِعْتُ " .

سويد واه ، ضعفه النسائي ، والساجي ، وابن عدي ، وغيرهم ، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات .


"تهذيب التهذيب" (4 /238)

وقال أبو حاتم - كما في " العلل " (4/ 631) : " هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ " .

4- ورواه القضاعي في " مسند الشهاب " (1036) من طريق مَخْلَد بْن عَبْدِ الْوَاحِدِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ مرفوعا بلفظ : (

إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا، وَإِنَّ قَلْبَ الْقُرْآنِ يس ، وَمَنْ قَرَأَ يس وَهُوَ يُرِيدُ بِهَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ، وَأُعْطِي مِنَ الْأَجْرِ كَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً ... ) الحديث .

ومخلد بن عبد الواحد واه ، قال ابن حبان : منكر الحديث جدا.

"ميزان الاعتدال" (4 /83) .

وقال الألباني في " الضعيفة " (5870) : موضوع .

5- وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ - كما في " المطالب العالية " (15/ 136):

حدثنا يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ الصَّفَّارُ الْبَصْرِيُّ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ الله عَنْه ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ الله عَنْهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( مَنْ قَرَأَ " يَس " يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ تعالى غُفِرَ لَهُ ، وَمَنْ قَرَأَ " يَس " فَكَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً ... ) .

ويوسف بن عطية متروك ، تركه ابن معين والبخاري ، وقال ابن عدى : عامة أحاديثه غير محفوظة .

"ميزان الاعتدال" (4 /470) .

وشيخه هارون بن كثير هذا مجهول ، كما في " الميزان " (4/286) .

6- ورواه المستغفري في " فضائل القرآن " (865) من طريق إبراهيم بن سليمان الزيات ، حَدَّثَنا عبد الحكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لكل شيء قلبا

وإن قلب القرآن ( يس) فمن قرأها مرة واحدة كما أنزلت فكأنما قرأ القرآن عشر مرات ، وَمن قرأها عند الميت وهو ينزع كان أهون لنزعه) .

وعبد الحكم هذا ، هو القسملي ، قال البخاري: منكر الحديث ، وقال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ، وقال أبو حاتم : ضعيف .

"ميزان الاعتدال" (2 /536) .

7- ورواه أيضا (866) من طريق سوار بن مصعب ، عَن أبي إسحاق عن البراء مرفوعا بلفظ :

( إن لكل شيء قلبا ، وإن قلب القرآن يس ، من قرأها في ليلة أضعفت له على سائر القرآن عشرا ، وَمن قرأها في صدر النهار بين يدي حاجته قضيت له حاجته ) .

وسوار بن مصعب متروك ، تركه ابن معين ، والبخاري ، والنسائي ، وأبو داود ، وقال أبو عبد الله الحاكم : روى عن الأعمش وابن خالد المناكير وعن عطية الموضوعات ، وقال ابن عدى : عامة ما يرويه ليس بمحفوظ ، وهو ضعيف .

" لسان الميزان " (3 /128) .

وله عند " المستغفري " طرق أخرى أيضا ، سوى ما ذكرناه ، كلها واهية ، لا يعتمد على شيء منها .

وبالجملة :

فهذا حديث منكر لا يصح .

وللعلامة الشيخ محمد عمرو عبد اللطيف - رحمه الله - جزء في جمع طرق هذا الحديث ، وبيان ضعفها : " حديث : قلب القرآن يس ، في الميزان " . فليراجع للفائدة .

وقد سئل ابن باز رحمه الله

عن هذا الحديث : ( من قرأ سورة يس كمن قرأ القرآن عشر مرات )

فأجاب :

" ليس له أصل ، ضعيف "

انتهى . من موقع الشيخ .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 01:23   رقم المشاركة : 205
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل الذي يردد الأذان خلف المؤذن يكون له مثل أجره ، سواء بسواء ؟

السؤال:


سمعت أحد المشايخ يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن المؤذن : ( وله أجر من صلى معه ) ، وأنه قال رجل للنبي عليه الصلاة والسلام : إن المؤذنين يفضلوننا

فقال عليه الصلاة والسلام : ( قل كما يقولون ) ، فقال الشيخ : " فإذا رددت الأذان خلف مؤذن الحرم مثلا كان لك مثل أجر من صلى معه في الحرم " ؛ فهل استنباطه هذا صحيح ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

روى النسائي (646) من طريق قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْكُوفِيِّ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ

وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ ) .

قال ابن الملقن في " البدر المنير " (3/ 385):

" إسناده جيد " ، وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

لكن الحديث أعلَّه ابن رجب بقوله : " وأبو إسحاق هذا ، قال أحمد : ما أظنه السبيعي . وذكر الترمذي في " العلل " أنه لا يعرف لقتادة سماعاً من أبي إسحاق الكوفي "

انتهى ، من " فتح الباري " - لابن رجب (5/ 226) .

وأعلّه - أيضا - من المعاصرين : الشيخ مُقِبل الوادعي ، رحمه الله في كتابه : " أحاديث معلة ظاهرها الصحة " برقم (56) .
وقال محققو مسند الإمام أحمد ، ط الرسالة : " حديث صحيح دون قوله : " وله مثل أجر من صلى معه "

انتهى من " حاشية المسند " (30/446) .

قال السندي رحمه الله :

" قَوْله : ( مَنْ صَلَّى مَعَهُ ) أَيْ : إِنْ كَانَ إِمَامًا ، أَوْ مَعَ إِمَامه إِنْ كَانَ مُقْتَدِيًا بِإِمَامٍ آخَر، لِحُكْمِ الدَّلَالَة ، لَكِنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُخَصّ بِمَنْ حَضَرَ بِأَذَانِهِ

وَالْأَقْرَب الْعُمُوم ، َخْصِيصًا لِلْمُؤَذِّنِ بِهَذَا الْفَضْل ، وَفَضْل اللَّه أَوْسَع ، وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم "

انتهى من " حاشية السندي على سنن النسائي " (2/ 13) .

ثانيا :

روى أبو داود (524) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَجُلًا ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا ، فَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُلْ كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَهْ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

وروى الطبراني في " الكبير" (802) عن مُعَاوِيَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ فَقَالَ مِثْلَ مَا يَقُولُ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ) .

قال المنذري رحمه الله :

" رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي الْكَبِير من رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الْحِجَازِيِّينَ ، لَكِن مَتنه حسن ، وشواهده كَثِيرَة "

انتهى من " الترغيب والترهيب " (1/ 115) .

وضعفه الألباني في " ضعيف الترغيب والترهيب " (168) .

وعلى فرض ثبوت هذا اللفظ ، والحديث الذي قبله : فليس معناه : أن له مثل أجره سواء بسواء ، ولكن : من حيث أصل الأجر ، فالمِثْلية لا تقتضي المساواة من كل وجه .

قال المناوي رحمه الله :

" (فله مثل أجره) أي فله أجر كما للمؤذن أجر ، ولا يلزم منه تساويهما في الكم والكيف "

انتهى من " فيض القدير " (6/ 155) .

وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ( صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا ، وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ ) رواه البخاري (1976)، ومسلم (1159) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَوْله : ( مِثْل صِيَام الدَّهْر ) : يَقْتَضِي أَنَّ الْمِثْلِيَّةَ لَا تَسْتَلْزِمُ التَّسَاوِي مِنْ كُلّ جِهَة لِأَنَّ الْمُرَاد بِهِ هُنَا : أَصْلُ التَّضْعِيفِ ، دُونَ التَّضْعِيفِ الْحَاصِلِ مِنْ الْفِعْل , وَلَكِنْ يَصْدُقُ عَلَى فَاعِل ذَلِكَ أَنَّهُ صَامَ الدَّهْر مَجَازًا "

انتهى من " فتح الباري " (4/ 220) .

وروى الترمذي (2325) وصححه ، عن أبي كَبْشَةَ الأَنَّمَارِيُّ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ

عَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ المَنَازِلِ ، وَعَبْدٍ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالًا لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلَانٍ فَهُوَ بِنِيَّتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ... ) الحديث
.
قال ابن القيم رحمه الله في " عدة الصابرين " (ص 255)

: " قوله (وأجرهما سواء) فإن كلا منهما نوى خيرا وعمل ما يقدر عليه ، فالغنى نواه ونفذه بعلمه ، والفقير العالم نواه ونفذه بلسانه

فاستويا في الأجر من هذه الجهة ، ولا يلزم من استوائهما في أصل الأجر، استواؤهما في كيفيته وتفاصيله ، فإن الأجر على العمل والنية

له مزية على الأجر على مجرد النية التي قارنها القول ، ومن نوى الحج ولم يكن له مال يحج به ، وإن أثيب على ذلك ؛ فإن ثواب من باشر أعمال الحج مع النيه : له مزية عليه " انتهى .

وعلى ذلك : فلا يقال : " من ردد الأذان خلف مؤذن الحرم كان له مثل أجر من صلى معه في الحرم " ، وإنما له مثل أجر المؤذن من حيث أصل الأجر ، لا من حيث تضعيفه .

وهذا التخريج على فرض ثبوت الحديث ، وإلا فقد سبق الكلام في كلا اللفظين .

راجع للفائدة إجابة السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 01:26   رقم المشاركة : 206
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إجابة المؤذن أفضل من قراءة القرآن

السؤال:

إذا أذن المؤذن وأنا أقرأ القران في المسجد هل أكمل في القراءة ، وبعد الأذان أردد من بداية الأذان كأني أردد مع المؤذن أم أردد مع المؤذن ؟


الجواب :

الحمد لله

إذا كان الإنسان يقرأ القرآن ، فأذن المؤذن ، فالأفضل في حقه أن يترك القراءة ، ويشتغل بمتابعة المؤذن

وذلك امتثالاً لعموم قوله عليه الصلاة والسلام : ( إِذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ) روى مسلم (384) ، ولأن الأذان يفوت وقته .

قال الإمام النووي رحمه الله :

" ولو سمع المؤذن قطع القراءة وأجابه بمتابعته في ألفاظ الأذان والإقامة ثم يعود إلى قراءته وهذا متفق عليه عند أصحابنا "

انتهى . من "التبيان في آداب حملة القرآن" (126) .

سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :

إذا أذن المؤذن والإنسان يقرأ القرآن ، فهل الأفضل له أن يرجع معه فيقول مثل ما يقول ، أم إن اشتغاله بالقرآن يعتبر أفضل باعتبار تقديم الفاضل على المفضول ؟

فأجاب : " السنة إذا كان يقرأ وسمع الأذان : أن يجيب المؤذن ؛ امتثالا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه

بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة ) رواه مسلم في صحيحه

من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .

وفي الصحيحين ، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ) ، وفي صحيح البخاري

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا

الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة ) ، زاد البيهقي بإسناد حسن : ( إنك لا تخلف الميعاد ) ، ولأن إجابة المؤذن سنة تفوت إذا استمر في القراءة ، والقراءة لا تفوت ، وقتها واسع ، وفق الله الجميع "

انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (10/ 358) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل ، مثاله : قراءة القرآن من أفضل الذكر ، والقرآن أفضل الذكر ، فلو كان رجل يقرأ وسمع المؤذن يؤذن

فهل الأفضل أن يستمر في قراءته أو أن يجيب المؤذن ؟ هنا نقول : إن الأفضل أن يجيب المؤذن ، وإن كان القرآن أفضل من الذكر

لكن الذكر في مكانه أفضل من قراءة القرآن ؛ لأن قراءة القرآن غير مقيدة بوقت متى شئت فاقرأ ، لكن إجابة المؤذن مربوطة بسماع المؤذن "

انتهى من "لقاءات الباب المفتوح".

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 01:34   رقم المشاركة : 207
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث ( ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة ) حديث ضعيف لا يثبت .

السؤال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أصر من استغفر ، وإن عاد في اليوم سبعين مرة )

1- هل هذا الحديث صحيح ؟

2- إن صح هذا الحديث ، كيف نعمل به ومن شروط التوبة الندم وعدم العودة وهنالك أيضا من أهل العلم من يعتبر "الإصرار على المعصية" من الكبائر ؟

3- إذا صح هذا الحديث أيضا، قد يعتبره البعض من صميم عقيدة بعض الفِرق وأنه "لا يضر مع الإيمان معصية . فأرجو التوضيح كي لا تختلط علينا الأمور.


الجواب :


الحمد لله

أولا :

هذا الحديث رواه أبو داود (1514) ، والترمذي (3559) عن مولى لأبي بكر الصديق عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة ) .

وهذا إسناد ضعيف ، لجهالة مولى أبي بكر رضي الله عنه .

وقال الترمذي عقبه : " ليس إسناده بالقوي " .

وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود " (2/96) .

ورواه الطبراني في " الدعاء" (1797)

من طريق أبي شَيْبَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مرفوعا به .

وأبو شيبة : هو إبراهيم بن عثمان الكوفي ؛ متروك الحديث

انظر : "التهذيب" (1/126) .

وانظر : " السلسلة الضعيفة " للشيخ الألباني رحمه الله (4474) .

وروى القضاعي في "مسند الشهاب" (853) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ) .

وإسناده ضعيف ، وذكره الألباني في "الضعيفة" (4810) وقال : " منكر " .

فهذا الحديث ضعيف لا تصح نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

ثانيا :

على فرض صحته : فهو محمول على استغفار التائبين الذين يذنبون فيتوبون إلى الله توبة صادقة ، ثم تغلبهم أنفسهم فيذنبون فيستغفرون ويتوبون توبة صادقة .

فهؤلاء ليسوا من المصرين ، وإن عادوا إلى فعل الذنب ، إذا كانوا صادقين في توبتهم ، والمقصود حث المذنبين على التوبة وترغيبهم في الرجوع إلى الله وعدم إقناطهم ، لا حضهم على الذنب والاستمرار فيه .

هناك فرق كبير بين "الإصرار" على الذنب ، والعودة إلى ذلك الذنب ، بعد التوبة أو الاستغفار . فقد جعل الله تعالى حال المستغفرين ، مقابلة لحال المصرين :

( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) آل عمران/ 135 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" قَوْلُهُ ( وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) أَيْ : تَابُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَرَجَعُوا إِلَى اللَّهِ عَنْ قَرِيبٍ ، وَلَمْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَيُصِرُّوا عَلَيْهَا غَيْرَ مُقْلِعِينَ عَنْهَا، وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُمُ الذَّنْبُ : تَابُوا عَنْهُ "

انتهى من " تفسير ابن كثير" (2/ 109) .

روى البخاري (7507) ، ومسلم (2758) عن أبي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا - وَرُبَّمَا قَالَ أَذْنَبَ ذَنْبًا - فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ - وَرُبَّمَا قَالَ : أَصَبْتُ - فَاغْفِرْ لِي

فَقَالَ رَبُّهُ : أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا، أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ - أَوْ أَصَبْتُ – آخَرَ ، فَاغْفِرْهُ ؟ فَقَالَ : أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ ؟

غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا ، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا، قَالَ: قَالَ: رَبِّ أَصَبْتُ - أَوْ قَالَ أَذْنَبْتُ – آخَرَ ، فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاَثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ ) .

وفي لفظ لمسلم : ( اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ )
.
قال النووي رحمه الله :

" لَوْ تَكَرَّرَ الذَّنْبُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَتَابَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ وَسَقَطَتْ ذُنُوبُهُ ، وَلَوْ تَابَ عَنِ الْجَمِيعِ تَوْبَةً وَاحِدَةً بَعْدَ جَمِيعِهَا صَحَّتْ تَوْبَتُهُ .

وقوله : (اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) مَعْنَاهُ : مَا دُمْتَ تُذْنِبُ ثُمَّ تَتُوبُ ؛ غَفَرْتُ لَكَ انتهى .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي الْمُفْهِم : يَدُلّ هَذَا الْحَدِيث عَلَى عَظِيم فَائِدَة الِاسْتِغْفَار ، وَعَلَى عَظِيم فَضْل اللَّه وَسَعَة رَحْمَته وَحِلْمه وَكَرَمِهِ ، لَكِنَّ هَذَا الِاسْتِغْفَار هُوَ الَّذِي ثَبَتَ مَعْنَاهُ فِي الْقَلْب ، مُقَارِنًا لِلِّسَانِ

لِيَنْحَلّ بِهِ عَقْد الْإِصْرَار ، وَيَحْصُل مَعَهُ النَّدَم ، فَهُوَ تَرْجَمَة لِلتَّوْبَةِ ... " انتهى .

وروى الإمام أحمد في "الزهد" (ص 227) عن سَعِيد الْجُرَيْرِيّ قَالَ: " قُلْتُ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ ، الرَّجُلُ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ ، ثُمَّ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ ، ثُمَّ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ ، ثُمَّ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ ، حَتَّى مَتَى؟

قَالَ: " مَا أَعْلَمُ هَذَا إِلَّا مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ " .

وفي رواية : " قيل للحسن : ألا يستحيي أحدُنا من ربه يستغفِرُ من ذنوبه ، ثم يعود، ثم يستغفر، ثم يعود، فقال: " ودَّ الشيطانُ لو ظَفِرَ منكم بهذه ، فلا تملُّوا من الاستغفار"

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (2/ 485) .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عَنْ قَوْلِهِ

: ( مَا أَصَرَّ مَنْ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةَ سَبْعِينَ مَرَّةً) : هَلْ الْمُرَادُ ذِكْرُ الِاسْتِغْفَارِ بِاللَّفْظِ ؟ أَوْ أَنَّهُ إذَا اسْتَغْفَرَ يَنْوِي بِالْقَلْبِ أَنْ لَا يَعُودَ إلَى الذَّنْبِ ؟ وَهَلْ إذَا تَابَ مِنْ الذَّنْبِ وَعَزَمَ بِالْقَلْبِ أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهِ وَأَقَامَ مُدَّةً ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ

أَفَيَكُونُ ذَلِكَ الذَّنْبُ الْقَدِيمُ يُضَافُ إلَى الثَّانِي؟ أَوْ يَكُونُ مَغْفُورًا بِالتَّوْبَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ؟

فَأَجَابَ:

" الْحَمْدُ لِلَّهِ، بَلْ الْمُرَادُ : الِاسْتِغْفَارُ بِالْقَلْبِ مَعَ اللِّسَانِ ؛ فَإِنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ؛ كَمَا قيل : ( لَا كَبِيرَةَ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ ، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ الْإِصْرَارِ ) ؛ فَإِذَا أَصَرَّ عَلَى الصَّغِيرَةِ :

صَارَتْ كَبِيرَةً ، وَإِذَا تَابَ مِنْهَا : غُفِرَتْ . قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ إذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) الْآيَةَ " .

انتهى بتصرف يسير من " مجموع الفتاوى " (11/699) .

ثالثا :

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" نص العلماء على أن الإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة , لما في ذلك من الدلالة على أن صاحبها لم يقم في قلبه من تعظيم الله ما يوجب انكفافه عنها "

انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (15/ 138) .

فهذا في حق المصر الذي يضمر المعاودة ، ولم يندم على ذنبه ، ولم يستغفر منه ؛ أما التائب المستغفر ، الذي يحب التوبة ويسعى إليها جهده

ويكره الذنب ولكن ربما غلبته نفسه : فليس من المصرين ، والفرق بينهما واضح بأدنى تأمل.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" :

" الإِصْرَارُ لُغَةً : مُدَاوَمَةُ الشَّيْءِ وَمُلازَمَتُهُ وَالثُّبُوتُ عَلَيْهِ .

وَاصْطِلاحًا : الإِصْرَارُ : هُوَ الْعَزْمُ بِالْقَلْبِ عَلَى الأَمْرِ وَعَلَى تَرْكِ الإِقْلاعِ عَنْهُ . وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ الإِصْرَارُ فِي الشَّرِّ وَالإِثْمِ وَالذُّنُوبِ ... " .

" مُبْطِلاتُ الإِصْرَارِ :

أ - يَبْطُلُ الإِصْرَارُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بِالتَّوْبَةِ ، حَيْثُ لا إِصْرَارَ مَعَ التَّوْبَةِ ، لِمَا رُوِيَ : " مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ ، وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً " .

وَلِلْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَةِ : " لا كَبِيرَةَ مَعَ الاسْتِغْفَارِ ، وَلا صَغِيرَةَ مَعَ الإِصْرَارِ " .

ب - يَبْطُلُ الإِصْرَارُ بِتَرْكِ الْمُصَرِّ عَلَيْهِ وَاتِّبَاعِ غَيْرِهِ " .

انتهى، من "الموسوعة الفقيهة" (5/54-55) .

رابعا :

القول بأنه لا يضر مع الإيمان ذنب هو قول ينسب إلى غلاة المرجئة ، وليس قول كل طوائفهم ، بل لا يعلم له قائل معين ، ممن ينتسب إلى العلم والدين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَإِنْ قَالُوا: إنَّهُ لَا يَضُرُّهُ تَرْكُ الْعَمَلِ فَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ ؛ وَبَعْضُ النَّاسِ يُحْكَى هَذَا عَنْهُمْ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ : إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ فَرَائِضَ وَلَمْ يُرِدْ مِنْهُمْ أَنْ يَعْمَلُوهَا وَلَا يَضُرُّهُمْ تَرْكُهَا وَهَذَا قَدْ يَكُونُ قَوْلَ الْغَالِيَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ:

لَا يَدْخُلُ النَّارَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ أَحَدٌ لَكِنْ مَا عَلِمْت مُعَيَّنًا أَحْكِي عَنْهُ هَذَا الْقَوْلَ وَإِنَّمَا النَّاسُ يَحْكُونَهُ فِي الْكُتُبِ

وَلَا يُعَيِّنُونَ قَائِلَهُ وَقَدْ يَكُونُ قَوْلُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ ؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفُسَّاقِ وَالْمُنَافِقِينَ يَقُولُونَ: لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ أَوْ مَعَ التَّوْحِيدِ وَبَعْضُ كَلَامِ الرَّادِّينَ عَلَى الْمُرْجِئَةِ وَصَفَهُمْ بِهَذَا "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/181) .

وليس لهذه المقالة الباطلة علاقة بما قدمنا تقريره ، أيا كان قائلها

كما يظهر بأدنى نظر؛ فإن القول السابق : ما أصر ، إنما هو في حق من قام بعبودية الاستغفار ، فحلت عنه عقدة الإصرار ، ورفعته عن مقام المصرين ، إلى مدح المستغفرين التائبين .

ثم إن ذلك لم يتعرض لمقامه ، وهل يستضر بذلك الذنب ، أو يبقى عليه شيء منه ، ولم ينسب ذلك أيضا إلى كل من انتسب إلى الإيمان

ولو بالقول دون العمل ، إنما هو في حال قوم عملوا عملا من أعظم أعمال الطاعات ، وهو التوبة والاستغفار.

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 01:39   رقم المشاركة : 208
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خبر مكذوب في حادثة الإسراء والمعراج .

السؤال:


هل يوجد أي دليل صحيح من القرآن والسنة أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد من معراجه وجد ملاءة سريره مازالت دافئة ، وأن إناء من الماء قد قلبه بعد أن رحل مازال يقطر ماءً على الأرض

وأن طرف سلسلة الباب كانت تتذبذب كما كان لحين غادر حجرته قبل الرحلة ؟


الجواب :

الحمد لله


لا نعرف لهذا الذي ذُكر في السؤال أصلا : من كون النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من معراجه وجد ملاءة السرير دافئة ، ووجد الإناء الذي قلبه قبل معراجه لا يزال يقطر ماء

ووجد سلسلة الباب لا تزال تتذبذب ، ومثل هذا الكلام لا تجوز حكايته لما فيه من التكلف السمج الظاهر .

ولا نعرف أحدا ذكر أنه كان لسرير رسول الله صلى الله عليه وسلم ملاءة ، وإطلاق اسم الملاءة على فَرش السرير إطلاق محدث ، والملاءة في لغة العرب هي الملحفة أو الإزار .

انظر : "لسان العرب" (1/160) ، و"النهاية" (4/352).

قال الشيخ الشقيري ، رحمه الله :

" وَمَسْأَلَة ذَهَابه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورجوعه لَيْلَة الْإِسْرَاء وَلم يبرد فرَاشه ، لم تثبت ، بل هِيَ أكذوبة من أكاذيب النَّاس "
انتهى من "السنن والمبتدعات" (143) .

كما لا يعرف أنه كان لباب بيت النبي صلى الله عليه وسلم سلسلة يغلق بها ، وقد كانت عامة البيوت أول الأمر لا أبواب لها ، قال عبد الرحمن بن زيد في قوله تعالى : ( وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ) ..

. إلى قوله : ( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) قال : إنما كان هذا في الأوّل ، لم يكن لهم أبواب ، وكانت الستور مرخاة " .

انتهى من " تفسير الطبري" (19/ 221).

ومما يدل على بطلان هذا الكلام أيضا ما رواه البخاري (3342) ، ومسلم (163)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانَ أَبُو ذَرٍّ ، يُحَدِّثُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَفَرَجَ صَدْرِي ، ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ

ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي ، ثُمَّ أَطْبَقَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ ... ) فذكر الحديث .

فهذا يدل على أنه عرج به صلى الله عليه وسلم إلى السماء مباشرة ، عن طريق فرجة في السقف لا عن طريق الباب .

وراجع للفائدة إجابة السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-03, 01:47   رقم المشاركة : 209
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الرد على من زعم أن الإسراء والمعراج خرافة

السؤال:

لقد تجرأ أحد المتعالمين منا في ليبيا على حادثة الإسراء والمعراج ، فقال في مقالة نشرتها إحدى الصحف : إن حادثة المعراج هي محض خرافات

ولا يمكن أن تحدث لبشر، واستدل بذلك بالآية الكريمة في سورة الإسراء التي يقول الله عزل وجل فيها : ( أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)الإسراء/93؛

فقال إن القرآن ينفي إمكانية رقي الرسول صلى الله عليه سلم للسماء ، وقال : إن ذلك يخالف القران بنص الآية ، وأن المعراج مجرد رؤية مناميه واستدل بالآية : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ )الإسراء/60.

وفي النهاية أقول لفضيلتكم : إن هذا الموضوع أدخل علي شبهة ، ولكني مؤمن بأنها معجزة ؛ أرجو الإجابة والتوضيح ، بحيث ينتفي التعارض بين الآية التي تنفي رقي البشر ، وبين معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم

علما بأنني مؤمن بأنه لا تعارض في القرءان . أفيدونا جزاكم الله خيرا .


الجواب :

الحمد لله

أولا :

لا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل ، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة

وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه ، قال الله سبحانه وتعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الإسراء/1 .

وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماوات ، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة ، فكلمه ربه سبحانه بما أراد

وفرض عليه الصلوات الخمس ، وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة ، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف

حتى جعلها خمسا ، فهي خمس في الفرض ، وخمسون في الأجر , لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه .

وقد اختلف الناس في الإسراء والمعراج ، فمنهم من قال : إنه كان مناما ، والصحيح أنه أسري وعرج به يقظة ؛ لأدلة كثيرة يأتي ذكرها .

قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة :

" والمعراج حق ، وقد أسري بالنبي وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء ، ثم إلى حيث شاء الله من العلا ، وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى

ما كذب الفؤاد ما رأى ؛ فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى " انتهى .

وقال ابن أبي العز الحنفي في "شرح الطحاوية" رحمه الله :

" اختلف الناس في الإسراء :

فقيل : كان الإسراء بروحه ولم يُفْقد جسدُه ، نقله ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية رضي الله عنهما ، ونقل عن الحسن البصري نحوه . لكن ينبغي أن يعرف الفرق بين أن يقال كان الإسراء مناما وبين أن يقال كان بروحه دون جسده

وبينهما فرق عظيم ، فعائشة ومعاوية رضي الله عنهما لم يقولا كان مناما ، وإنما قالا : أسري بروحه ولم يفقد جسده ، وفرق ما بين الأمرين أن ما يراه النائم قد يكون أمثالا مضروبة للمعلوم في الصورة المحسوسة

فيرى كأنه قد عرج إلى السماء وذهب به إلى مكة ، وروحه لم تصعد ولم تذهب ؛ وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال ، فما أرادا أن الإسراء كان مناما ، وإنما أرادا أن الروح ذاتها أسري بها

ففارقت الجسد ثم عادت إليه ، ويجعلان هذا من خصائصه فإن غيره لا تنال ذات روحه الصعود الكامل إلى السماء إلا بعد الموت .

وقيل : كان الإسراء مرتين : مرة يقظة ، ومرة مناما ...

وكذلك منهم من قال : بل كان مرتين : مرة قبل الوحي ومرة بعده ، ومنهم من قال : بل ثلاث مرات : مرة قبل الوحي ومرتين بعده ؛ وكلما اشتبه عليهم لفظ زادوا مرة للتوفيق

وهذا يفعله ضعفاء أهل الحديث ، وإلا فالذي عليه أئمة النقل أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة قبل الهجرة بسنة ، وقيل بسنة وشهرين ، ذكره ابن عبد البر ...

وكان من حديث الإسراء أنه أسري بجسده في اليقظة على الصحيح ، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، راكبا على البراق صحبة جبرائيل عليه السلام

فنزل هناك وصلى بالأنبياء إماما ، وربط البراق بحلقه باب المسجد ، وقد قيل : إنه نزل بيت لحم وصلى فيه ، ولا يصح عنه ذلك ألبتة .

ثم عرج به من بيت المقدس تلك الليلة إلى السماء الدنيا ، فاستفتح له جبرائيل ففتح لهما ، فرأى هناك آدم أبا البشر ، فسلم عليه فرحب به ورد عليه السلام وأقر بنبوته ، ثم عرج به إلى السماء الثانية..."

إلى أن قال رحمه الله :

" ومما يدل على أن الإسراء بجسده في اليقظة قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) الإسراء /1 ؛ والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح

كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح ؛ هذا هو المعروف عند الإطلاق ، وهو الصحيح ؛ فيكون الإسراء بهذا المجموع ، ولا يمتنع ذلك عقلا

ولو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة ؛ وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة وهو كفر "

انتهى من "شرح الطحاوية" (1/245).

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/33)

: " ثم اختلف الناس : هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه ، أو بروحه فقط ؟ على قولين ، فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً

ولا ينكرون أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قبل ذلك مناماً ، ثم رآه بعد يقظة

لأنه كان عليه السلام لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، والدليل على هذا قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) الاسراء/

1، فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام ، فلو كان مناماً لم يكن فيه كبير شيء ، ولم يكن مستعظماً ، ولما بادرت كفار قريش إلى تكذبيه

ولما ارتدت جماعة ممن كان قد أسلم ، وأيضاً فإن العبد عبارة عن مجموع الروح والجسد ، وقال تعالى : ( أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ) وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) الاسراء /60،

قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، والشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم ، رواه البخاري [ 2888 ]

وقال تعالى :
( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) النجم/17 ، والبصر من آلات الذات لا الروح .

وأيضاً فإنه حمل على البراق ، وهو دابة بيضاء براقة لها لمعان ، وإنما يكون هذا للبدن ، لا للروح لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه ، والله أعلم " انتهى .

وقال الشيخ حافظ الحكمي في "معارج القبول" (3/1067) :

" ولو كان الإسراء والمعراج بروحه في المنام لم تكن معجزة ، ولا كان لتكذيب قريش بها وقولهم : كنا نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس

شهرا ذهابا وشهرا إيابا ، ومحمد يزعم أنه أسرى به اللية وأصبح فينا إلى آخر تكذيبهم واستهزاءهم به صلى الله عليه وسلم لو كان ذلك رؤيا مناما لم يستبعدوه ولم يكن لردهم عليه معنى

لأن الإنسان قد يرى في منامه ما هو أبعد من بيت المقدس ولا يكذبه أحد استبعاد لرؤياه ، وإنما قص عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرى حقيقة يقظة لا مناما فكذبوه واستهزؤوا به استبعاد

لذالك واستعظاما له مع نوع مكابرة لقلة علمهم بقدرة الله عز وجل وأن الله يفعل ما يريد ولهذا لما قالوا للصديق وأخبروه الخبر قال : إن كان قال ذلك لقد صدق . قالوا وتصدقه بذلك ؟

قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك في خبر السماء يأتيه بكرة وعشيا أو كما قال " انتهى .

وقال الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية في كتابه ( التنوير في مولد السراج المنير ) : " وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأبي ذر ومالك بن صعصعة

وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس ، وشداد بن أوس وأبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حبة وأبي ليلى الأنصاريين ، وعبد الله بن عمرو وجابر وحذيفة وبريدة

وأبي أيوب وأبي أمامة وسمرة بن جندب وأبي الحمراء ، وصهيب الرومي وأم هانىء ، وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين

منهم من ساقه بطوله ، ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد ، وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة ، فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون

وأعرض عنه الزنادقة والملحدون يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون "

انتهى نقلا عن "تفسير ابن كثير" (3/36).

ثانيا :

لا ينقضي العجب من هذا المسلك الذي سلكه الكاتب المذكور في الاستدلال ، فإنه اقتصر على ذكر مطلب واحد من مطالب الكفار ، فأوهم أن الجواب القرآني : (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) منصب على هذا المطلب

وهو الرقي في السماء ، وأن هذا يدل على عدم إمكانه . والحق أن هذا الجواب وارد على مجموع ما طلبه المشركون تعنتا وتفننا في الجحود والإنكار

وإليك هذه المطالب كما بينها القرآن : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً *

أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً *

أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) الاسراء/90- 93

فتأمل في هذه المطالب التي لا يحسن في جوابها إلا الجواب القرآني : ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً ) .

فهل بإمكان من هو بشر أن يفجر الأرض ، والأنهار ، ويسقط السماء ، ويأتي بالله ! وبالملائكة ! ويرقى في السماء فيأتي منها بكتاب موجه إلى كل كافر ! كما جاء في التفسير عن مجاهد وغيره

وهو موافق لقوله تعالى : ( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) المدثر /52 . لا شك أن ذلك ليس من خصائص البشر ، ولا هو في إمكانهم ، فهذا الاستبعاد منصب على مجموع هذه المطالب

لا على آحاد كل منها ، وإلا ففيها مطالب مما هو ممكن عادة ، فقد ثبت أن الماء نبع من بين أصبعيه الشريفتين صلى الله عليه وسلم ، كما في صحيح البخاري (3576) ، وغيره ،

فكيف بتفجير نبع من الأرض ، ولا استحالة ـ أيضا ـ في أن يكون له جنة من نخيل .. ، على نحو ما طلبوا ، إلا أن هؤلاء لم يكن له غرض في حصول هذه الأشياء حقيقة

إنما هي من باب المبالغة في العناد ، والتعنت مع الرسول ، من أجل التمادي في طغيانهم .

قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله :

" ولما كان اقتراحهم اقتراح مُلاجّة [ المبالغة في الخصومة ] وعناد ، أمره الله بأن يجيبهم بما يدل على التعجب من كلامهم بكلمة ( سبحان ربي) التي تستعمل في التعجب .

. ثم بالاستفهام الإنكاري ، وصيغة الحصر المقتضية قصر نفسه على البشرية والرسالة قصرا إضافيا ، أي لست ربا متصرفا أخلق ما يطلب مني ، فكيف آتي بالله والملائكة ، وكيف أخلق في الأرض ما لم يخلق فيها " .

انتهى ."التحرير والتنوير" ( 15/210-211) .

ثالثا :

احرص على قلبك يا عبد الله ، وكن على دينك أحرص منك على الدرهم والدينار ؛ فلا تدع لشياطين الإنس والجن سبيلا أن يسترقوا اليقين من قلبك ، أو يزعزعوا الإيمان فيه ؛ وما دمت لم تحصل من العلم الشرعي

ما يحصنك ضد شبهات المشككين ، ففر من هؤلاء ، ومجالسهم ، ومنتدياتهم ، ولا تسمع لزخارف قولهم ، فإنك لا تدري إذا نزلت الشبهة في قلبك متى تخرج منه ، وإذا عرضت الفتنة ، هل أنت ناج منها أم من المفتونين .

نسأل الله تعالى لنا ولجميع عباده الموحدين الهداية والتوفيق والسداد .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-10-05, 17:16   رقم المشاركة : 210
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




الكلام على حديث : ( ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ، وَقُرْبِ غِيَرِهِ ) سندا ومتنا .


السؤال :

ما قول العلماء في الحديث القدسي التالي : ( عجب ربُّنا مِنْ قُنوط عباده وقرب غِيَرِهِ , ينظُر إليكم أزلين قنطين ، فيظل يضحك ، يعلمُ أنَّ فرجكم قريب ) . رواه أحمد ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى ابن ماجة (181) ، وأحمد (16187) ، والطبراني في "الكبير" (469) عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ

وَقُرْبِ غِيَرِهِ ) قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَ يَضْحَكُ الرَّبُّ، قَالَ: (نَعَمْ) ، قُلْتُ: لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا " .

وهذا إسناد ضعيف ، وكيع بن حدس - ويقال ابن عدس - مجهول

قال الذهبي في "الميزان" (4/ 335):

" لا يعرف ، تفرد عنه يعلى بن عطاء " .

ورواه ابن خزيمة في "التوحيد" (2/ 462) ، والحاكم (8683) ، وعبد الله بن أحمد في " زوائد المسند " (16206) من طريق عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ السَّمَعِيُّ

عَنْ دَلْهَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَمِّهِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في حديث طويل ، وفيه : ( ضَنَّ رَبُّكَ بِمَفَاتِيحِ خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ )

وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقُلْتُ : مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ ، قَالَ: (عَلِمَ الْمَنِيَّةَ، قَدْ عَلِمَ مَتَى مَنِيَّةُ أَحَدِكُمْ وَلَا تَعْلَمُونَهُ ، وَعَلِمَ يَوْمَ الْغَيْثِ ، يُشْرِفُ عَلَيْكُمْ آزِلِينَ مُشْفِقِينَ

فَيَظَلُّ يَضْحَكُ ، قَدْ عَلِمَ أَنَّ غَوْثَكُمْ قَرِيبٌ ) قَالَ لَقِيطٌ : فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَنْ نَعْدَمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ " .

وهذا إسناد ضعيف ، عبد الرحمن بن عياش ودلهم بن الأسود وأبوه مجهولون لا يعرفون .

قال الشيخ الألباني رحمه الله ، متعقبا على الهيثمي في توثيق رجاله :

" .. فإن عبد الرحمن السمعي ودلهم بن الأسود وأبيه ثلاثتهم لا يعرفون إلا بهذا الإسناد ، وقد صرح الذهبي في " الميزان " في ترجمة دلهم بأنه لا يعرف ، وأشار فيه إلى أن الآخرين كذلك " .

انتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6/ 735)

وينظر : "مجمع الزوائد" (10/ 340) .

وقال محققو المسند :

" إسناده ضعيف ، مسلسل بالمجاهيل ، عبد الرحمن بن عياش ، ودلهم بن الأسو د، وأبوه الأسود بن عبد الله بن حاجب : مجهولون " .

وقال ابن كثير رحمه الله :

" هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَأَلْفَاظُهُ فِي بَعْضِهَا نَكَارَةٌ " .

انتهى من "البداية والنهاية" (7/ 339) .

ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (4892) عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ مِنْكُمْ أَزِلِينَ بقُرْبِ الْغَيْثِ مِنْكُمْ )

قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَاهِلَةَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوَ إِنَّ رَبَّنَا لَيَضْحَكُ ؟ قَالَ: (نَعَمْ) قَالَ: فَوَاللَّهِ , لَا عَدِمْنَا الْخَيْرَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ " .
وهذا إسناد رجاله ثقات ، إلا أنه معضل ، فإسماعيل بن أمية من أتباع التابعين .

ورواه ابن خزيمة في "التوحيد" (2/ 574) من طريق سَلْم بْن سَالِمٍ الْبَلْخِيّ ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَائِشَةَ

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَضْحَكُ مِنْ إِيَاسَةِ الْعِبَادِ وَقُنُوطِهِمْ ، وَقُرْبِهِ مِنْهُمْ ) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي

أَوَ يَضْحَكُ رَبُّنَا؟ قَالَ: (أَيْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّهُ لَيَضْحَكُ) ، قَالَ: فَقُلْتُ إِذًا لَا يَعْدِمُنَا مِنْهُ خَيْرًا إِذَا ضَحِكَ " .

وهذا إسناد واه ، خارجة بن مصعب متروك ، تركه أحمد ، وابن معين ، والنسائي ، وابن سعد ، وغيرهم

انظر "التهذيب" (3/ 77) .

وسلم ين سالم ضعيف ، ضعفه أحمد ، وابن معين ، وأبو زرعة ، والنسائي .

انظر "الميزان" (2/185) .

وقد ذهب إلى تقوية الحديث : شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، فحَسَّنه في " مجموع الفتاوى " (3/ 139) ، وحسنه – أيضا – بطرقه : الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" (2810)

وانتصر لذلك ابن القيم بقوة

قال رحمه الله :

" هَذَا حَدِيثٌ كَبِيرٌ جَلِيلٌ ، تُنَادِي جَلَالَتُهُ وَفَخَامَتُهُ وَعَظَمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ مِشْكَاةِ النُّبُوَّةِ ، لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدني

وَرَوَاهُ أَئِمَّةُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي كُتُبِهِمْ ، وَتَلَقَّوْهُ بِالْقَبُولِ ، وَقَابَلُوهُ بِالتَّسْلِيمِ وَالِانْقِيَادِ ، وَلَمْ يَطْعَنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِيهِ ، وَلَا فِي أَحَدٍ مِنْ رُوَاتِهِ .

وَقَالَ ابن منده : رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيُّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَدْ رَوَاهُ بِالْعِرَاقِ بِمَجْمَعِ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ الدِّينِ :

جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ ، وأبو حاتم ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَلَمْ يُتَكَلَّمْ فِي إِسْنَادِهِ

بَلْ رَوَوْهُ عَلَى سَبِيلِ الْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ ، وَلَا يُنْكِرُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا جَاحِدٌ أَوْ جَاهِلٌ أَوْ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ " .

انتهى من "زاد المعاد" (3/ 591) .

ثانيا :

قوله (أزلين) الْأَزْلُ - بِسُكُونِ الزَّايِ - الشِّدَّةُ . وَالْأَزِلُ عَلَى وَزْنِ كَتِفٍ هُوَ الَّذِي قَدْ أَصَابَهُ الْأَزْلُ ، وَاشْتَدَّ بِهِ حَتَّى كَادَ يَقْنَطُ .
"
زاد المعاد" (3/ 593)
.
وقوله : ( وقرب غِيَره ) أي قرب تغييره الحال .

وقال ابن منظور رحمه الله :

" الأَزْلُ: الضَّيِّقُ وَالشِّدَّةُ ، والأَزْلُ: الْحَبْسُ. وأَزَلَه يَأْزِلُه أَزْلًا: حَبَسَهُ ، والأَزْلُ: شِدَّةُ الزَّمَانِ ، يُقَالُ: هُمْ فِي أَزْلٍ مِنَ الْعَيْشِ ، وأَزْلٍ مِنَ السَّنَة ، وآزَلَتِ السَّنَةُ: اشْتَدَّتْ .. وأَصبح الْقَوْمُ آزِلِينَ ، أَي فِي شِدَّةٍ "

انتهى من " لسان العرب " (11/13) .

قال ابن رجب رحمه الله :

" وَالْمَعْنَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَعْجَبُ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ عِنْدَ احْتِبَاسِ الْقَطْرِ عَنْهُمْ وَقُنُوطِهِمْ وَيَأْسِهِمْ مِنَ الرَّحْمَةِ ، وَقَدِ اقْتَرَبَ وَقْتُ فَرَجِهِ وَرَحْمَتِهِ لِعِبَادِهِ ، بِإِنْزَالِ الْغَيْثِ عَلَيْهِمْ

وَتَغْيِيرِهِ لِحَالِهِمْ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ، وَقَالَ تَعَالَى: { فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ - وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ} [الروم: 48 - 49] .." .

انتهى من "جامع العلوم والحكم" (1/491) .

وقال السندي رحمه الله :

" الْمَعْنَى أَنَّهُ تَعَالَى يَضْحَكُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَأْيُوسًا مِنَ الْخَيْرِ بِأَدْنَى شَرٍّ وَقَعَ عَلَيْهِ ، مَعَ قُرْبِ تَغْيِيرِهِ تَعَالَى الْحَالَ مِنْ شَرٍّ إِلَى خَيْرٍ وَمِنْ مَرَضٍ إِلَى عَافِيَةٍ وَمِنْ بَلَاءٍ وَمِحْنَةٍ إِلَى سُرُورٍ وَفَرْحَةٍ " .

انتهى من "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" (1/ 78) .

ثالثا :

في الحديث إثبات صفة الضحك لله تعالى ، وكذا صفة العجب ، وهما صفتان ثابتتان لله تعالى على الوجه الذي يليق بذاته وجلاله .

قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله :

" هَذَا الْحَدِيثُ يُثْبِتُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ صِفَةَ العَجَب ، وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ( عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ شابٍّ لَيْسَ لَهُ صَبْوَةٌ ) ، وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} ؛ بِضَمِّ التَّاءِ عَلَى أنَّها ضميرٌ للرَّبِّ جَلَّ شَأْنُهُ .

وَلَيْسَ عَجَبُهُ سُبْحَانَهُ نَاشِئًا عَنْ خَفَاءٍ فِي الْأَسْبَابِ ، أَوْ جَهْلٍ بِحَقَائِقِ الْأُمُورِ ؛ كَمَا هُوَ الْحَالُ فِي عَجَبِ الْمَخْلُوقِينَ ؛ بَلْ هُوَ مَعْنًى يَحْدُثُ لَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى مُقْتَضَى مَشِيئَتِهِ وَحِكْمَتِهِ

وَعِنْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ ، وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْهُ.

وَهَذَا العَجَب الَّذِي وَصَفَ بِهِ الرسولُ ربَّه هُنَّا مِنْ آثَارِ رَحْمَتِهِ ، وَهُوَ مِنْ كَمَالِهِ تَعَالَى ، فَإِذَا تأخَّر الْغَيْثُ عَنِ الْعِبَادِ مَعَ فَقْرِهِمْ وشدَّة حَاجَتِهِمْ

وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمُ الْيَأْسُ وَالْقُنُوطُ ، وَصَارَ نَظَرُهُمْ قَاصِرًا عَلَى الْأَسْبَابِ الظاهرة ، وحسبوا أن لا يَكُونَ وَرَاءَهَا فرجٌ مِنَ الْقَرِيبِ الْمُجِيبِ ؛ فَيَعْجَبُ اللَّهُ مِنْهُمْ.

وَهَذَا محلٌّ عجيبٌ حَقًّا؛ إِذْ كَيْفَ يَقْنَطُونَ وَرَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كلَّ شَيْءٍ ، وَالْأَسْبَابُ لِحُصُولِهَا قَدْ توفَّرت ؟! فَإِنَّ حَاجَةَ الْعِبَادِ وَضَرُورَتَهُمْ مِنْ أَسْبَابِ رَحْمَتِهِ

وَكَذَا الدُّعَاءُ بِحُصُولِ الْغَيْثِ وَالرَّجَاءِ فِي اللَّهِ مِنْ أَسْبَابِهَا ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَتُهُ سُبْحَانَهُ فِي خَلْقِهِ أَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ الْيُسْرَ مَعَ الْعُسْرِ، وَأَنَّ الشِّدَّةَ لَا تَدُومُ

فَإِذَا انضمَّ إِلَى ذَلِكَ قُوَّةُ الْتِجَاءٍ وَطَمَعٍ فِي فَضْلِ اللَّهِ ، وَتَضَرُّعٌ إِلَيْهِ ودعاء ؛ فتح اللهم عَلَيْهِمْ مِنْ خَزَائِنِ رَحْمَتِهِ مَا لَا يَخْطُرُ عَلَى الْبَالِ .."
.
انتهى من " شرح العقيدة الواسطية " (169-171).

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الحديث و علومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:40

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc