فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 14 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-02-10, 15:07   رقم المشاركة : 196
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قصة شداد بن عاد ، وبيان بطلانها .

السؤال

ورد في الأثر أنّ شداد مات قبل أن يدخل جنته ، فهل يعرف الآن مكان هذه الجنة ؟

الجواب


الحمد لله


ذكر بعض المفسرين عند تفسير قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ) الفجر/ 6 - 8

أن شداد بن عاد كان ملكا ذا بأس شديد ، ولما سمع بذكر جنة عدن التي وعد الله عباده المؤمنين قال : أبني في الأرض مثلها ، فبنى مدينة عظيمة هائلة

فلما أتم بناءها ، وسار إليها بأهل مملكته بعث الله عليها صيحة من السماء فهلكوا أجمعين ، ولم يدخلها شداد بن عاد هذا ولا من معه ، وصار خبر هذه المدينة وخبر هذا الملك من آيات الله في عباده وبلاده .

قال القرطبي رحمه الله :

" وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لِعَادٍ ابْنَانِ: شَدَّادٌ وَشَدِيدٌ، فَمَلَكَا وَقَهَرَا، ثُمَّ مَاتَ شَدِيدٌ، وَخَلَصَ الْأَمْرُ لِشَدَّادٍ فَمَلَكَ الدُّنْيَا، وَدَانَتْ لَهُ مُلُوكُهَا، فَسَمِعَ بِذِكْرِ الْجَنَّةِ

فَقَالَ: أَبْنِي مِثْلَهَا. فَبَنَى إِرَمَ في بعض صحاري عدن ، في ثلاثمائة سَنَةٍ ، وَكَانَ عُمُرُهُ تِسْعَمِائَةِ سَنَةٍ. وَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ، قُصُورُهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَسَاطِينُهَا مِنَ الزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ،

وَفِيهَا أَصْنَافُ الْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ الْمُطَّرِدَةِ. وَلَمَّا تَمَّ بِنَاؤُهَا سَارَ إِلَيْهَا بِأَهْلِ مَمْلَكَتِهِ ، فَلَمَّا كَانَ مِنْهَا عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَيْحَةً مِنَ السَّمَاءِ فَهَلَكُوا.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قِلَابَةَ : أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لَهُ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِمَّا ثَمَّ، وَبَلَغَ خَبَرُهُ مُعَاوِيَةَ فَاسْتَحْضَرَهُ، فَقَصَّ عَلَيْهِ،

فَبَعَثَ إِلَى كَعْبٍ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هِيَ إِرَمُ ذَاتُ الْعِمَادِ، وَسَيَدْخُلُهَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي زَمَانِكَ، أَحْمَرُ أَشْقَرُ قَصِيرٌ،

عَلَى حَاجِبِهِ خَالٌ، وَعَلَى عَقِبِهِ خَالٌ، يَخْرُجُ فِي طَلَبِ إِبِلٍ لَهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَأَبْصَرَ ابْنَ قِلَابَةَ، وَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ " .

انتهى من "تفسير القرطبي" (20/ 47)

وقد أنكر العلماء المحققون هذه القصة ، وعدوها من خرافات القصاصين والمفسرين، ومما أخذوه عن كَذَبة بني إسرائيل .

قال ابن كثير رحمه الله :

" الْمُرَادُ إِنَّمَا هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ إِهْلَاكِ الْقَبِيلَةِ الْمُسَمَّاةِ بِعَادٍ، وَمَا أَحَلَّ اللَّهُ بِهِمْ مِنْ بَأْسِهِ الَّذِي لَا يُرَد، لَا أَنَّ المراد الإخبار عن مدينة أو إقليم.

وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِكَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، مِنْ ذِكْرِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا: (إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قُصُورُهَا وَدَوْرُهَا وَبَسَاتِينُهَا،

وَإِنَّ حَصْبَاءَهَا لَآلِئٌ وَجَوَاهِرُ، وَتُرَابُهَا بَنَادِقُ الْمِسْكِ، وَأَنْهَارُهَا سَارِحَةٌ، وَثِمَارُهَا سَاقِطَةٌ، وَدُورُهَا لَا أَنِيسَ بِهَا، وَسُورُهَا وَأَبْوَابُهَا تَصْفَرُّ، لَيْسَ بِهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٍ. وَأَنَّهَا تَنْتَقِلُ فَتَارَةٌ تَكُونُ بِأَرْضِ الشَّامِ، وَتَارَةٌ بِالْيَمَنِ، وَتَارَةٌ

بِالْعِرَاقِ، وَتَارَةٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْبِلَادِ -فَإِنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ خُرَافَاتِ الْإِسْرَائِيلِيِّينَ، مِنْ وَضْعِ بَعْضِ زَنَادِقَتِهِمْ، لِيَخْتَبِرُوا بِذَلِكَ عُقُولَ الْجَهَلَةِ مِنَ النَّاسِ أَنْ تُصَدِّقَهُمْ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ.

وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَعْرَابِ -وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قِلابة-فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ ذَهَبَ فِي طَلَبِ أَبَاعِرَ لَهُ شَرَدَتْ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتِيهُ فِي ابْتِغَائِهَا، إِذْ طَلَعَ عَلَى مَدِينَةٍ عَظِيمَةٍ لَهَا سُورٌ وَأَبْوَابٌ

فَدَخَلَهَا فَوَجَدَ فِيهَا قَرِيبًا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ صِفَاتِ الْمَدِينَةِ الذَّهَبِيَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، وَأَنَّهُ رَجَعَ فَأَخْبَرَ النَّاسَ، فَذَهَبُوا مَعَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي قَالَ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ قِصَّةَ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ هَاهُنَا مُطَوَّلَةً جِدًّا !!

فَهَذِهِ الْحِكَايَةُ لَيْسَ يَصِحُّ إِسْنَادُهَا، وَلَوْ صَحَّ إِلَى ذَلِكَ الْأَعْرَابِيِّ ، فَقَدْ يَكُونُ اخْتَلَقَ ذَلِكَ، أَوْ أَنَّهُ أَصَابَهُ نَوْعٌ مِنَ الهَوَس وَالْخَبَالِ ، فَاعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ حَقِيقَةٌ فِي الْخَارِجِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَهَذَا مِمَّا يُقْطَعُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ.

وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا يُخْبِرُ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْجَهَلَةِ وَالطَّامِعِينَ وَالْمُتَحَيِّلِينَ، مِنْ وُجُودِ مَطَالِبَ تَحْتَ الْأَرْضِ

فِيهَا قَنَاطِيرُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَلْوَانِ الْجَوَاهِرِ وَالْيَوَاقِيتِ وَاللَّآلِئِ وَالْإِكْسِيرِ الْكَبِيرِ، لَكِنْ عَلَيْهَا مَوَانِعُ تَمْنَعُ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهَا وَالْأَخْذِ مِنْهَا، فَيَحْتَالُونَ عَلَى أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ وَالضَّعَفَةِ وَالسُّفَهَاءِ

فَيَأْكُلُونَهَا بِالْبَاطِلِ ، فِي صَرْفِهَا فِي بَخَاخِيرَ وَعَقَاقِيرَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْهَذَيَانَاتِ، ويَطْنزون بِهِمْ [أي يسخرون ويستهزؤون بهم] .

وَالَّذِي يُجْزَمُ بِهِ أَنَّ فِي الْأَرْضِ دَفَائِنَ جَاهِلِيَّةً وَإِسْلَامِيَّةً ، وَكُنُوزًا كَثِيرَةً، مَنْ ظَفَرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَمْكَنَهُ تَحْوِيلُهُ .

فَأَمَّا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي زَعَمُوهَا : فَكَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ وَبُهْتٌ، وَلَمْ يَصِحَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يَقُولُونَ إِلَّا عَنْ نَقْلِهِمْ ، أَوْ نَقْلِ مَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْهَادِي لِلصَّوَابِ " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (8/ 395-396) .

وقال ابن خلدون رحمه الله :

" وأبعد من ذلك وأعرق في الوهم ما يتناقله المفسّرون في تفسير سورة والفجر

في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ) فيجعلون لفظة إرم اسما لمدينة وصفت بأنّها ذات عماد أي أساطين .... "
.
وذكر مثل ما ذكره القرطبي ، ثم قال : " وهذه المدينة لم يسمع لها خبر من يومئذ في شيء من بقاع الأرض .

وصحارى عدن الّتي زعموا أنّها بنيت فيها : هي في وسط اليمن، وما زال عمرانه متعاقبا، والأدلّاء تقصّ طرقه من كلّ وجه، ولم ينقل عن هذه المدينة خبر، ولا ذكرها أحد من الأخباريـّين ولا من الأمم .

ولو قالوا إنّها درست فيما درس من الآثار لكان أشبه ، إلّا أنّ ظاهر كلامهم أنّها موجودة، وبعضهم يقول إنّها دمشق

بناء على أنّ قوم عاد ملكوها ، وقد ينتهي الهذيان ببعضهم إلى أنّها غائبة ، وإنّما يعثر عليها أهل الرّياضة والسّحر، مزاعم كلّها أشبه بالخرافات " .

انتهى من "تاريخ ابن خلدون" (1/ 18-19) .

والحاصل :

أن قصة شداد بن عاد ، ومدينته التي بناها : هي خرافة من خرافات القصاص والأخباريين ، ليس لذكرها أصل صحيح يعتمد عليه .

والله تعالى أعلم .








 


قديم 2019-02-10, 15:22   رقم المشاركة : 197
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

شخص يدعي أن جمع الرجل بين أكثر من أربع زوجات جائز ولا دليل على تحريمه

السؤال

ما الجواب على من يقول :

" في عقيدتي أنا ، التعدد جائز شرعا سواء زوجتين حرتين ، أو ثلاث حرائر ، أو أربع حرائر ، أو خمس حرائر ، أو ست ، أو تسع مثل النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن

أو حتى تسع وتسعون زوجة حرة لانتفاء المانع الشرعي ، شريطة العدل بينهن ، فإن لم تعدلوا فواحدة ، وكان على كلام العرب حيث يتوقفون في كلامهم مثنى وثلاث ورباع كما الملائكة في سورة فاطر

"أولي اجنحة مثنى وثلاث ورباع" ، هل يعني هذا أن هذا عدد الأجنحة فقط ؟

وثبت عن النبي أن لجبريل ستمائة جناح ، وأما قول الفقهاء إن هذا خاص بالنبي فهذا تصريف غير مقبول ! ولا دليل عليه

وكذلك حديث " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل ويفشو الزنا ويشرب الخمر وتكثر النساء ويقل الرجال حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد" ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

لا يحل لمن لم يعرف اللسان العربي الذي نزل القرآن به

ولا يعرف السنة النبوية

ولا مواضع إجماع العلماء

لا يحل لمن هذا شأنه أن يتكلم في تفسير القرآن الكريم

ولا أن يستدل به على الأحكام

فإنه ، إن فعل ذلك : سوف يضل ضلالا مبينا ، وهذا السؤال مثال لذلك ، فإن هذا الشخص خالف القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وإجماع العلماء .

وبيان ذلك :

قال الله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ) النساء/3.

وهذه الآية الكريمة دلت على أن أكثر ما يتزوجه الرجل من النساء : أربع ، وهو ما فهمه العلماء منها ، وذلك من عدة وجوه :

1- أن الآية لم تذكر أكثر من أربع ، فيدل ذلك على أنه لا يجوز للرجل أن يتجاوز هذا العدد

كما لو قيل : قسِّم هذه الدراهم بين هؤلاء الرجال درهمين درهمين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة ، لم يكن له أن يعطي أحدا أكثر من أربعة .

2- لو كانت الآية تدل على عدم الحصر بعدد معين ، لكان ذكر العدد في في الآية لغو لا فائدة منه ، لأن العموم مستفاد من قوله : (ما طاب لكم من النساء) .

3- أن الآية سيقت في معرض الامتنان على الرجال بما أحل الله لهم ، فلو جاز للرجل أن يتزوج أكثر من أربع ، لكان ذكره في الآية أولى ، لأنه كلما كثرت النعم والمباحات ، كانت المنة أتم .

قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله تعالى :

" ( مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) فظاهر هذا التخصيص : تقسيم المنكوحات إلى : أن لنا أن نتزوج اثنين اثنين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة

ولا يجوز لنا أن نتزوج خمسة خمسة ، ولا ما بعد ذلك من الأعداد . وذلك كما تقول : اقسم الدراهم بين الزيدين

درهمين درهمين ، وثلاثة ثلاثة ، وأربعة أربعة ، فمعنى ذلك : أن تقع القسمة على هذا التفصيل دون غيره ، فلا يجوز لنا أن نعطي أحدا من المقسوم عليهم خمسة خمسة "

انتهى من " البحر المحيط " (3 / 171) .

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" المقام مقام امتنان وإباحة ، فلو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لذكره " .

انتهى من " تفسير ابن كثير " (2 / 209) .

وأما السنة النبوية فقد أكدت هذا الحكم وبينت أن الآية تدل على أنه لا يجوز للرجل أن يتجاوز هذا العدد :

روى الترمذي (1128) ، وابن ماجه (1953) عَنْ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

عَنْ ابْنِ عُمَرَ : " أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَلَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ ، فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَخَيَّرَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ " .

قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :

" وبالجملة فالحديث صحيح بمجموع طريقيه عن سالم عن ابن عمر . وقد صححه ابن حبان والحاكم والبيهقى وابن القطان ، لاسيما وفى معناه أحاديث أخرى " .

انتهى من " ارواء الغليل " (6 / 294) .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" فوجه الدلالة أنه لو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لسوغ له رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرهن في بقاء العشرة وقد أسلمن معه

فلما أمره بإمساك أربع وفراق سائرهن دل على أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من أربع بحال ، وإذا كان هذا في الدوام ، ففي الاستئناف بطريق الأولى والأحرى ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (2 / 211) .

وقد جاءت أحاديث أخرى بهذا المعنى .

فعَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ الْأَسَدِيِّ أو قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ : " أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي ثَمَان نِسْوَةٍ

فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا )

"رواه أبوداود (2241) وحسنه الألباني في " ارواء الغليل " (6 / 295) .

وروى الشافعي في كتابه " الأم " (5 / 652) بسنده عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ

: " أَسْلَمْت وَعِنْدِي خَمْسُ نِسْوَةٍ ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمْسِكْ أَرْبَعًا أَيَّتُهُنَّ شِئْت وَفَارِقْ الْأُخْرَى ) " وضعفه أهل العلم بسبب الانقطاع في السند .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" فهذه كلها شواهد بصحة ما تقدم من حديث غيلان ، كما قاله الحافظ أبو بكر البيهقي ، رحمه الله "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (2 / 212) .

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى :

" فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن انتهاء الله عز وجل في العدد بالنكاح إلى أربع ، تحريم أن يجمع رجل بنكاح بين أكثر من أربع "

انتهى من " الأم " (6 / 131).

وأما الإجماع ، فقد نقله عدد من أهل العلم ، على أنه لا يجوز للرجل أن يتجاوز هذا العدد .

قال ابن حزم رحمه الله تعالى :

" واتفقوا على أن نكاح أكثر من أربع زوجات ، لا يحل لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

انتهى من " مراتب الإجماع " (ص 115).

وقال البغوي رحمه الله تعالى :

" وهذا إجماع : أن أحدا من الأمة لا يجوز له أن يزيد على أربع نسوة ، وكانت الزيادة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ، لا مشاركة معه لأحد من الأمة فيها ".

انتهى من " تفسير البغوي" (2 / 161) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، وهو يذكر مفاسد القول بجواز التحليل :

" ومنها : أنه يجمع ماءه في أكثر من أربع نسوة ، بل أكثر من عشر ، وهو ما أجمع الصحابة على تحريمه "

انتهى من " الفتاوى الكبرى " (6 / 264) .

ثانيا :

أما الاستدلال بزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من أربع ، فهو استدلال باطل .

لأن السنة وإجماع الأمة ، قد بينا أن هذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم

كما مرّ بيان ذلك ، والله تعالى يقول :

( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) النساء /115 .

ثالثا :

أما قول الله تعالى :

( الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) فاطر /1 .

فهذه الآية لا يصح الاعتراض بها على الاستدلال السابق ، لأن الآية نفسها قد جاء فيها ما يشير إلى أنه يوجد من الملائكة من له أجنحة أكثر من هذا العدد ، وذلك في قوله تعالى : ( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ) .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى :

" وذلك زيادته تبارك وتعالى في خلق هذا الملك من الأجنحة على الآخر ما يشاء ، ونقصانه عن الآخر ما أحب

وكذلك ذلك في جميع خلقه ، يزيد ما يشاء في خلق ما شاء منه ، وينقص ما شاء من خلق ما شاء ، له الخلق والأمر ، وله القدرة والسلطان ".

انتهى من " تفسير الطبري " (19 / 327) .

كما بيّنت السنة النبوية أن من الملائكة من له أجنحة أكثر من أربع ، كذلك بيّنت أنه لا يجوز للرجل أن يجمع بين أكثر من أربع زوجات .

فيجب علينا الرجوع إلى السنة في فهم القرآن في جميع الأحوال ولا نتخيّر ونتبع الهوى .

رابعا :

أما حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا ، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ

وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ ) رواه البخاري (81) ، ومسلم (2671) : فليس فيه دلالة على جواز الجمع بين أكثر من أربع زوجات ، للآتي :

1-الحديث في مقام الإخبار عن فتن آخر الزمان ، وليس في مقام بيان المباحات ، فالحديث فيه ( وَيَظْهَرَ الزِّنَا )

فهل يستدل به عاقل على إباحة الزنا ؟!

2- لفظة " القيّم " لا تطلق على الزوج فقط ؛ بل على كل من يقوم على شؤون المرأة وقضاء مصالحها ، فالرجل يجتمع عنده من البنات وبناتهن ومحارمه : ما يصل إلى الخمسين نفسا .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :

" وقال القرطبي في التذكرة : يحتمل أن يراد بالقيم من يقوم عليهن ، سواء كن موطوءات أم لا .

ويحتمل أن يكون ذلك يقع في الزمان الذي لا يبقى فيه من يقول الله الله ، فيتزوج الواحد بغير عدد جهلا بالحكم الشرعي .

قلت : وقد وجد ذلك من بعض أمراء التركمان وغيرهم من أهل هذا الزمان ، مع دعواه الإسلام . والله المستعان "

انتهى من " فتح الباري " (1 / 179) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-11, 14:59   رقم المشاركة : 198
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



شكوك تراوده حول حديث القرآن عن ظاهرة الغروب والشهب


السؤال

قرأت مؤخراً أنّ هناك آيات تقول : بأن الشمس تغرب في عين حمئة ، وأنّ الشهب يرسلها الله لضرب الجن ، كما أنّ هناك بعض النصارى الذين يدَّعون أنّ المسلمين على ضلال

وقد خدعهم الشيطان . ولتفنيد الشبه أستمع عادة لمحاضرات الدكتور زاكر نايك ، ولكنني أجد في بعض الأحيان أنّ ليس كل ما يقوله بصحيح . ثم قرأت أنّ القرآن قد كتبه الصحابة على الورق والحجر

. وكل ذلك يلقي بالشك في قلبي ، وفي كل مرة تساورني الشكوك قبل النوم أنطق بالشهادتين ثم أنام .

فهل وقعت في الكفر من حيث لا أعلم ، فأنا أخشى عذاب النار

وأسأل الله دائماً أن يغفر لي ذنوبي ، ويهديني سواء السبيل . لذا أرجو منكم مساعدتي للتخلص من هذه الشبهات التي وردت علي بسبب هذه الآيات ، وما ذكرت من طريقة حفظ القرآن .


الجواب

الحمد لله

لا تفتأ النفس الأمارة تُسَول لصاحبها الضلال بعد الهدى ، وتقرب إليه الكفر بعد الإيمان ، حتى تستنزف ما فيه من طمأنينة ويقين .

إياك - أخانا السائل - أن تنطلي عليك حيل المحتالين

الذين لا يسعون إلى التلبيس عليك فحسب

، بل أول ما يسعون إليه هو إشغال قلبك بمثل هذه الشبهات ، وإيرادها تباعا عليك ، الواحدة بعد الأخرى ، حتى لو كانت شبها ساقطة كاذبة ، المهم أن يكاثروها في قلبك

لتغرك كثرتها ، ويؤثر فيك تواردها ، فتكون حيلتهم قد نجحت لا قدر الله .

ولو تأملت معنا أي حقيقة ناصعة ، وما يمكننا إيراده على هذه الحقيقة ولو اعتباطا ، لأدركت سر ما نقول . حتى الشمس في رابعة النهار ، لو كنت تراها بأم عينيك

وأحد الملبِّسين يجلس بجانبك ، ويسألك مشككا برؤيتك للشمس : لعلك في حلم ولست في يقظة ! ولعل نظرك يغرك كما أنه يغرك حين ترى السراب في الصحراء !!

وما الذي يجعلك تؤمن يقينا بحاسة النظر عندك!! كم مرة أخطأ نظرك في نقل الحقيقة إليك !! ألا ترى ألعاب الخفة والخدع السحرية كيف تؤكد لك عدم الثقة بحواسك بحال من الأحوال !!

ألا يحتمل أن يكون هذا التوهج الذي تراه أشعة منعكسة وأنوارا متلألئة مصدرها غير الشمس المعروفة !! إلى آخر مثل هذه الأسئلة التشكيكية .

ثم تخيل معنا أن مثل هذه الأسئلة ترد عليك يوميا ، وأصحابها ينوِّعون أساليبهم في عرضها ، ويستفرغون وسعهم في تعداد وجوهها وقوتها . فأي تأثير تظنه ستحدثه في قلبك ونفسك !!

والآية الكريمة التي ذكرتها

وهي قوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) الكهف/86 ، ليس فيها أي إشكال ولا ما هو مثار للتشكيك

ولكن الخطأ في فهم الآية سببه الجهل باللغة العربية وأساليبها وبلاغتها التي تتيح لك وصف غروب الشمس بما يبدو للناظر ، حتى لو وقف على شاطئ البحر وشهد غروب الشمس

وصفه العربي بأن قرص الشمس سقط في الماء ؛ وهو يعلم أن الشمس أكبر من أن يحويها البحر ، وأنها ستعاود الرجوع في اليوم التالي ، ولكنه وصفها بأنها غربت " في الماء " لأن هذا ما يبدو للعين البسيطة

وليس لأن هذه الحقيقة ، وهو ما وقع لذي القرنين ، ولهذا وصف القرآن الكريم ذلك بقوله ( وجدها )، أي هكذا وجدها ذو القرنين

وعلى هذا الشكل بدت له في ظاهر الأمر ، وليس هو تقرير من القرآن الكريم لمشهد الغروب .

بل هو وصف لما خطر في ذهن ذي القرنين عندما رأى المشهد . وهذا ما بينه المفسرون قبل مئات السنين ، وقبل صعود الإنسان للقمر وتصويره الأرض بجميع ما فيها .

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" أي : رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه "

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (5/191) .

وهو تعبير دقيق أيضا من الحافظ ابن كثير رحمه الله

– وهو من أشهر المفسرين في القرن الثامن الهجري

حيث يقول : " يراها كأنها تغرب في البحر ".

فانظر كيف استعمل كلمة ( كأنها ) الأمر الذي يدلك على الدقة البالغة للغة العربية ، وللقرآن الكريم .

ولهذا فحقيقة غروب الشمس بوصفها ظاهرة فلكية

مختلفة بصورة كلية عن هذا الذي ظهر للعين المجردة أمر معلوم مستقر في القرآن الكريم في آيات عديدة ظاهرة

كما قال تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّار) الزمر/5. فتأمل معنا كلمة ( يكور )

التي تعني الكروية والاستدارة ، لتدرك حقيقة التطابق التام بين حقائق الكون وحقائق القرآن الكريم .

وأما حركة الشهب في السماء ، فليس ثمة عالم على وجه الأرض يدعي أنه يعلم السبب الذي يتحرك به كل شهاب منها ، أو يعلم الباعث الأول الذي أدى إلى انطلاقها

وإنما نحن نملك تفسير هذه الظاهرة ببعض الأسباب الكونية المشاهدة أو المختبرة ، وفي بعض أحوالها .

أما أن ندعي أننا نملك التفسير المطلق الوحيد لكل شهاب انطلق في الماضي أو سينطلق في المستقبل ، ونعتقد أن حركة الشهب ناتجة عن هذا التفسير فحسب

فهذا لا سبيل إليه ، ونحن نعلم أن الكون والمجرات وعالم الفضاء أوسع من أن نحيط بجزئه ، فكيف بعالمه الفسيح
.
قال تعالى : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ . وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ . إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) الحجر/16-18.

وقال عز وجل : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ

. وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ . لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ . دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ . إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات/6-10.

وهذه النصوص ليس فيها ما يدل على أن كل شهاب ظهر في السماء فإنما رُمي به شيطان ، فقد يكون هناك أسباب أخرى لظهور الشهب لم يتعرض لها القرآن الكريم .

ثم إن الإيمان – أخانا السائل –

يقوم على ركن عظيم من الإيمان بالغيب ، أي ما وراء الطبيعة ، فنحن نشاهد كل ما في الكون من أسباب ، وفي الوقت نفسه نقول: إن ثمة مسببا أعظم وهو الله.

ونرى الأمطار والأرزاق تقسم بين الناس بالأسباب الطبيعية المشاهدة ، وفي الوقت نفسه نؤمن بالملائكة التي تسوق هذه الأقدار .

ونعيش أيامنا وليالينا ونواجه ما فيهما من أحداث جسام ، ونلمس أسباب تلك الأحداث ونقف على ظروفها ، وفي الوقت نفسه نقول : إنها قضاء الله وقدره .

ولا يشكل علينا هذا الإيمان بالغيب بشيء ، ولا نستشعر أن ثمة تناقضا بين " الأسباب الطبيعية " في هذا الكون

وبين " الأسباب الغيبية ". وهو ما تميزنا به نحن المسلمين ، أننا جمعنا بين العلم والدين ، وبين الدنيا والآخرة ، وبين الطبيعة والغيب .

فأي ضير بعد ذلك أن نؤمن بأن الله تعالى يرسل الشهب على الشياطين التي تسترق السمع ، وتريد أن تستمع إلى ما تقوله الملائكة في السماء .

ولماذا ننسى أن أركان الإيمان الستة كلها تقوم على فكرة " الغيب "

وهي الفكرة نفسها التي يشاركنا فيها اليهود والنصارى أيضا - على تفاوت ظاهر في بعض الأركان -، فالنصراني الذي يطعن في القرآن بسبب تفسيره لبعض ظواهر الشهب

فالأولى بالطعن عندئذ عقيدته كلها التي تسلم بالإله الخالق مسببا ومكونا لجميع ما في هذا الكون !!

ونحن دائما نذكِّر الناس بأن العقل البشري الذي يعجز عن تفسير ظاهرة الموت ، التي يشاهدها في كل حين ، ويقف على أسبابها في كل وقت

ويعاني منها عبر تاريخ الإنسانية كلها، ومع ذلك يقف أسيرا أمامها ، مقهورا لوقوعها ، عاجزا عن الوقوف حتى على حدودها.

فكيف سيتجرأ هذا الإنسان الكليل الضعيف على الاعتداء على الفضاء البعيد الواسع ، فينفي عنه كل أسباب غيبية ، ويجازف في إطلاق " الأسباب المطلقة " التي يفسر بها كل شيء !

وقد بحثنا في كتب علماء الفلك والفضاء ، فلم نجد أحدهم يدعي هذه التفسيرات المطلقة لكل شيء ، بل كلهم يتحدث عن مشاهدات لنشأة تلك الشهب ، لا تتناقض أبدا مع ما ورد في القرآن الكريم .









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-11 في 14:59.
قديم 2019-02-11, 15:01   رقم المشاركة : 199
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء السؤال الآتي :

كيف نوفق بين الدين والعلم في أمور ظاهرها التعارض بينهما ، فمثلا عرفنا في الدين : أن النجوم خلقت لثلاثة أشياء : خلقت زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وجعلت علامات يهتدي بها .

وقرأنا في الجغرافيا : أنها مجموعة أجرام لها نظام معين في الدوران ، وأن ما نشاهده ليلا يحترق ويسقط ، إنما هو نيازك وشهب تخرج من جاذبية إلى جاذبية الأرض ، فتحترق وتسقط بسرعة 45 ميلا في الثانية .

فأجابت :

" إن الذي أنزل القرآن المجيد ، وأوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بشريعة الإسلام : هو الله العليم الحكيم الذي خلق السماوات والأرض

وخلق كل شيء وسخره لما خلق له ، وعلم ما أودعه فيه من الخصائص والأسرار

فلا يمكن أن يتناقض ما أخبر به أو شرعه مع ما خلقه وسخره لعباده

بل كل ذلك متسق ، اتفق فيه خبره وشرعه مع كونه وقدره ، فخبره يطابق الواقع، وتكوينه وتسخيره يصدق مقتضى خبره ، فإن ظن إنسان التعارض بين خبر الله في كتابه

أو خبر نبيه صلى الله عليه وسلم الثابت بالنقول الصحيحة ، فإنما أُتِيَ من قبل قصور عقله ، أو سوء فهمه وقلة اطلاعه أو تحصيلِه للعلوم الكونية والنصوص الشرعية .

مثال ذلك : ما جاء في كتاب الله تعالى من قوله سبحانه : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ )

( وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ )

( لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ )

( دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ )

( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ )

وقوله : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ )

وقوله : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ )

( وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ) ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ )

وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )

وقوله : ( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ )

وجاء في السنة الصحيحة شيء من ذلك يتفق مع نصوص القرآن في المعنى .

ومن نظر في هذه الأخبار وجدها واضحة في بيان بعض خواص النجوم وفوائدها ، وليس فيها ما يدل على حصر فوائد النجوم ومزاياها في الأمور الثلاثة التي ذكرت فيها

كما أنه ليس فيها ما يدل على حصر الشهب التي نراها فيما ترجم به الشياطين من شهب النجوم ويرمى به مسترقو السمع منهم ، كما أنه ليس فيها تعرض لشهب أخرى نفيا أو إثباتا

يعرف ذلك من درس لغة العرب ، وعرف ما في أساليبها من أدوات القصر التي يضمنونها كلامهم لإفادة الحصر والدلالة عليه .

فإذا ثبت في العلوم الكونية أن هناك حجارة وأجراما منتثرة في الجو

وأنها مجموعات تقع كل مجموعة منها في دائرة جاذبية كوكب أكبر منها

وأنها إذا انحرفت عن دائرة جاذبية هذا الكوكب ، فبعدت منه وقربت من دائرة جاذبية كوكب آخر : سقطت بسرعة ، وتولد عن احتكاك سطحها بسطوح أخرى شعلة نارية هي الظاهرة الكونية التي تسمى : الشهب إذا ثبت هذا

فإنه لا يتنافى مع ما جاء في نصوص الشريعة الإسلامية من النصوص التي فيها مجرد الإخبار برجم الشياطين بشهب من النجوم ، إذ من الممكن أن تحدث ظاهرة الشهب من الأمرين ...

أما النيازك التي ذكرها السائل ، فهي عند علماء الجغرافيا رجوم

، إذا سقطت إلى سطح الأرض لا تحترق ولا تتحول إلى رماد ، فليست نوعا من الشهب ، بل نوع من الرجوم مقابل للشهب ، فعلى السائل أن يتثبت في معلوماته ، وأن يتبصر في شؤون دينه ودنياه . ورحم الله امرءا عرف قدره

ووقف فيما يستشكل عند حدود مستواه .

الشيخ عبد العزيز بن باز – الشيخ عبد الرزاق عفيفي – الشيخ عبد الله بن غديان – الشيخ عبد الله بن قعود "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (1/ 627-629) .

والخلاصة :

أن غروب الشمس في عين حمئة الوارد في القرآن الكريم معناه أنها هكذا تبدو للناظر

وليس إخبارا من القرآن الكريم عن حقيقة ظاهرة الغروب . وأن رجم الشياطين بالشهب لا يتعارض مع العلم الحديث ، ولا يستطيع أحد – مهما بلغ من العلم – أن يثبت عكس هذا .

وعلوم الفضاء الحديثة لا تدعي الوقوف على الباعث والمسبب الأول الذي تنطلق بسببه الشهب.

وفي جميع الأحوال فاعتمال بعض الشبهات في قلبك لا يعني الوقوع في الكفر والردة لا قدر الله، بشرط أن تستمر في مدافعتها ومجاهدتها ، وأن تبادر بصرف النظر عنها

وسؤال العلماء عن الجواب عليها ، وأن تبتعد عن مواطن إثارتها ، وتشغل قلبك وفكرك وعقلك : بما ينفعك في أمر دينك .

والله أعلم .


وللمزيد يمكنكم مراجعة الفتاوى الآتية :

تفسير قوله تعالى :(ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين).

و تم شرحها سابقا

و ظاهرة الشهب في القرآن الكريم .

تابع الشرح القادم









قديم 2019-02-11, 15:07   رقم المشاركة : 200
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ظاهرة الشهب في القرآن الكريم .

السؤال


ظاهرة الشهب كيف فسرها القرآن ؟

هل هي مجرد أجسام صلبة تدخل المجال الجوي للأرض ؟

أم أنها راجمات للجن والشياطين الذين يستمعون لما يجري في السماء من أخبار؟


الجواب

الحمد لله

قد جاء ذكر الشهب في كتاب الله في غير ما آية :

فقال تعالى : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) الحجر/ 16 – 18 .

وقال تعالى : ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات/ 10 .

وقال الله تعالى عن الجن : ( وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) الجن/ 8 ، 9 .

وقال عز وجل : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ) الملك/ 5 .
فالشهب الراجمة نار منفصلة من النجوم ، تنطلق بقدرة الله تعالى لترجم هؤلاء الشياطين

فالمقصود بجعلها رجوما للشياطين أنه يخرج منها شهب من نار ، فتصيب هذه الشياطين ، ولا يعني ذلك أنها بذواتها يُقذف بها ، فالشهب : نيازك تنطلق من النجوم يرجم بها الشياطين

راجع : "التسهيل لعلوم التنزيل" لابن جزي(ص2423)

"تفسير ابن كثير" (8 / 177)

وقد روى البخاري (4800) عن أبي هريرة قال : إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال َ: ( إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ

فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟

قَالُوا لِلَّذِي قَالَ : الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ . فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ ، فَيَسْمَعُ الْكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ ثُمَّ يُلْقِيهَا الْآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوْ الْكَاهِنِ

فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ، فَيُقَالُ أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا ؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنْ السَّمَاءِ ) .

ورواه ابن حبان في صحيحه (36) بلفظ : ( فربما أدركه الشهاب قبل أن يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه ، وربما لم يدركه الشهاب حتى يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه ) .

قال ابن كثير رحمه الله :

" جعل الله الشُهب حرسًا لها من مَرَدة الشياطين، لئلا يسمعوا إلى الملأ الأعلى، فمن تمرد منهم وتقدم لاستراق السمع ، جاءه شِهَابٌ مُبِينٌ فأتلفه

فربما يكون قد ألقى الكلمة التي سمعها قبل أن يدركه الشهاب إلى الذي هو دونه ، فيأخذها الآخر ، ويأتي بها إلى وليه ، كما جاء مصرحا به في الصحيح "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4 /528) .

وهذا يعني أن هذه الشهب يقذف بها في جو السماء ، ولا يمنع ذلك من دخولها المجال الجوي للأرض بعد قذف الشيطان ورجمه بها ، وقد تنزل إلى الأرض وتحدث بها تصدعا .

والشهب في النظريات الفلكية الحديثة : ظاهرة ضوئيّة خاطفة تبدو عادةً في صفحة السماء ليلاً أو نهاراً

ولكنها في الفترة الليليّةِ تكون أكثر وضوحاً. ويظهر الشهاب في الأغلب خطّاً متألقاً يقوده رأس ساطع يظهر هاوياً باتجاه الأرض كأنه سهم ناريٌّ منقضٌ سرعان

ما يتلاشى في أعالي الجوِّ، أو قد يبدو في سقوطه مثل كرة ناريّةً متوهجة منقذفة من السماء نحو الأرض بسرعة خاطفةٍ .

وهذا يوافق في الجملة المعنى الشرعي للشهب .

وقد ظهر التوافق بين ما ذكر في كتاب الله عن الشهب وبين ما يذكره أهل هذا العلم من عدة نواحٍ :

- قال تعالى : (وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ) قال الشوكاني رحمه الله : " الرجم في اللغة هو الرمي بالحجارة "

"فتح القدير" (3 /179)

فإذا أخذنا في الاعتبار أن أصل الرجم هو الرمي بالحجارة فإن في واقع الشهب ما يوافقهُ ؛ إذ إن قسماً كبيراً من المستشهبات هو حجارة بالمعنى الكامل للكلمة ، وأكثر المستشهبات المعهودة هي في الواقع حصيّات .

- ثبتَ علميّاً أن الشهب لا تظهر ولا تنطلق إلاّ في الأيونوسفير بطبقاته الثلاث ، أي في الفضاءِ من فوق الأرض المحتلِّ لارتفاع معدّله من نحو 60كم أو 70كم إلى 1000كم تقريباً،

وبناء على هذا، فالأيونوسفير هو فضاء السماء الدنيا ، وهو ما يتوافق وقوله تعالى ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح ) .

فالأيونوسفير طبقة مزيّنة بمصابيح، وهي نفسها مسرح الشهب أيضاً .

- عُلم بقوله تعالى ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ * وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ * لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ * دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ) الصافات/ 6 – 9

أن هذا الرجم مستمر ؛ لأن حفظ السموات دائم ، ولا يزال هؤلاء الشياطين يحاولون استراق السمع .

وقد اكتشفت علوم الفلك والجيوفيزياء أن هناك رجماً دائباً بقذائف داحرة تنقذف في السماء الدنيا باستمرارٍ، وفي جميع الاتجاهات .

- المستشهب في الأصل، قبل الهويِّ والانقضاض، لا يكون متّقداً ولا منيراً، ولكن يتّقد ويتوهّج وينير أثناء الانقضاض . وهو ما يوافق معنى قوله تعالى ( فأتبعه شهاب ثاقب ) .

أي مستنير شديد الإضاءة .

"التسهيل" (ص 1697) – "تفسير ابن كثير" (7/7)

وقال القرطبي رحمه الله :

" الثاقب : المضيء ، ومنه (شِهَابٌ ثَاقِبٌ) ، يقال : ثقب يثقب ثقوبا وثقابة : إذا أضاء ، وثقوبه : ضوئه. والعرب تقول : أثقب نارك ؛ أي أضئها "

انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (20 /3) .

والخلاصة :

أن الشهب في كتاب الله هي تلك المقذوفات التي تنطلق بقدرة الله تعالى من الكواكب لترجم هؤلاء الشياطين المردة الذين يسترقون السمع من السماء

فربما أدرك الشهاب الشيطان قبل أن يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه ، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي هو أسفل منه .

والقرآن ليس كتاب فلك أو فيزياء حتى يعنى بهذه الشهب من حيث تكوينها ومصادرها ومسارها ونحو ذلك

إنما يتكلم عنها من جهة ما يخص الشريعة ، فيذكر أن منها شهبا ترجم الشياطين الذين يسترقون السمع ؛ فتُحفظ السماء من هؤلاء المردة ، ويعلم الناس أن الذي عليه الكهنة والعرافون باطل .

والله أعلم .









قديم 2019-02-11, 15:11   رقم المشاركة : 201
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجمع بين قوله تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً ) ، وقوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) .

السؤال


كيف نجمع بين قوله عزوجل

: ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولا )

وبين قوله : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ؟ ؟


الجواب

الحمد لله


أولا :

بيّن الله تعالى أنه أقام الحجة على عباده ، بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، للأمم كافةً

كما قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24 ، وقال تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .

انظر جواب السؤال القادم

فكل الأمم سبقت فيها النذر ، وجاءتها الرسل .

ثانيا :

أخبر سبحانه أنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه ، بإرسال الرسول إليه ، كما قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء/15.

وقال تعالى : ( كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ) الملك/ 8 ، 9 .

فبين الله تعالى أنه أرسل في كل أمة رسولا ، بشيرا ونذيرا ، وأنه ما من أمة إلا خلا فيها نذير ، وهذا تأويل قوله تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً ) ونحو ذلك من الآيات .

إلا أن ذلك لا يمنع من وجود مَن لم تبلغه دعوة الرسل من أفراد هذه الأمم ، إما لكونه في بلاد نائية ، أو كان في الفترة بين رسول ورسول

أو كان أصم أو أبكم أو معتوها ، فلم تبلغه الرسالة ، ولم تقم عليه الحجة ، فهؤلاء يمتحنون يوم القيامة فمن أطاع دخل الجنة ، ومن عصى دخل النار ، وهذا من تأويل قوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ).

قال السعدي رحمه الله :

" والله تعالى أعدل العادلين ، لا يعذب أحدا حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ثم يعاند الحجة.

وأما من انقاد للحجة أو لم تبلغه حجة الله تعالى فإن الله تعالى لا يعذبه.

واستدل بهذه الآية على أن أهل الفترات وأطفال المشركين، لا يعذبهم الله حتى يبعث إليهم رسولا لأنه منزه عن الظلم "

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 455) .

وينظر جواب السؤالين الاخرين

والله أعلم .









قديم 2019-02-11, 15:13   رقم المشاركة : 202
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مصير الكفّار الذين لم يبلغهم الإسلام

السؤال


ما هو مصير الكفار الذين لم يبلغهم الإسلام ؟ .

الجواب

الحمد لله


من عدل الله عزّ وجلّ أنه لا يُعذّب قوما إلا بعد البلاغ وقيام الحجّة عليهم ولا يظلم ربّك أحدا ، قال الله عزّ وجلّ : ( وما كنّا معذّبين حتى نبعث رسولا )

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية :

قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" إخبار عن عدله تعالى وأنه لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بإرسال الرسول إليه

كقوله تعالى "كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير"

وكذا قوله "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين" .. "

فالذي لم يسمع عن الإسلام ولا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم تبلغه الدّعوة بشكل صحيح فإنّ الله لا يعذّبه على موته على الكفر

فإن قيل : فما مصيره فالجواب أنّ الله يمتحنه يوم القيامة فإن أطاع دخل الجنّة وإن عصى دخل النّار والدليل على ذلك حديث الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ أَرْبَعَةٌ [يحتجون] يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَصَمُّ لا يَسْمَعُ شَيْئًا وَرَجُلٌ أَحْمَقُ وَرَجُلٌ هَرَمٌ وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ فَأَمَّا الأَصَمُّ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا وَأَمَّا الأَحْمَقُ فَيَقُولُ رَبِّ لَقَدْ جَاءَ الإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي

بِالْبَعْرِ وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ رَبِّي لَقَدْ جَاءَ الإِسْلامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ رَبِّ مَا أَتَانِي لَكَ

رَسُولٌ فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلامًا

وفي رواية : فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلامًا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا الحديث رواه الإمام أحمد وابن حبان وصححه الألباني : صحيح الجامع 881

فكلّ من وصلته دعوة الإسلام بطريقة سليمة فقد أُقيمت عليه الحجّة ومن مات ولم تصل إليه أو وصلته غير صحيحة فأمره إلى الله ، هو أعلم بخلقه ولا يظلم ربّك أحدا والله بصير بالعباد .

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2019-02-11, 15:17   رقم المشاركة : 203
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل هناك أنبياء أرسلوا إلى أهل إفريقيا وأوربا؟

السؤال

لماذا ظهر الأنبياء جميعهم في منطقة واحدة من العالم ، ولم يظهر نبي في مناطق أخرى ، مثل أوروبا ؟ .

الجواب

الحمد لله


أولاً :

من المقرر في شريعتنا : أن الله تعالى أقام الحجة على العباد ، بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب

ولم يكن هذا الإرسال لأمة دون أخرى ، ولا لقارة دون غيرها ، بل كان إرسالاً للأمم كافةً ، على اختلاف مكانها ، وزمانها ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24

وقال تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .

ولذا كان من عدل الله تعالى أنه قضى أنه لا يعذِّب أحداً لم تبلغه دعوة الأنبياء والرسل ، كما قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الإسراء/ 15

وقال تعالى : ( ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ) الأنعام/ 131 .

إلا أن الله تعالى لم يقص علينا خبر جميع الرسل ، بل قص علينا خبر بعضهم ، وأكثرهم لم يقص علينا خبره ، كما قال الله تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ).

وعليه ؛ فالقول بأن الأنبياء لم يكونوا إلا في منطقة واحدة من العالَم : قول غير صحيح ، بل أرسل الله الرسل إلى جميع أمم الأرض .

ثانياً :

من المعلوم أن أغلب الحضارات التي قامت على مر التاريخ : سكنت هذه البلاد ، وهي ما يسمى بـ "منطقة حوض البحر المتوسط" وما قاربها

وهي : الشام ، ومصر ، والعراق ، وجزيرة العرب ، وبالتالي كانت الكثافة السكانية ـ في الأغلب ـ في تلك البلاد ، وهذا مناسب جداً لكون أكثر الرسل أرسلوا إلى أهل هذه البلاد .

وأما الحكمة من أن الله تعالى قص علينا قصص أنبياء ورسل هذه المناطق دون غيرها :

1. أن العبر والعظات في قصص أولئك الأنبياء والرسل الكرام أعظم من غيرها .

قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :

"وإنَّما ترك الله أن يقصّ على النّبي صلى الله عليه وسلم أسماء كثير من الرسل للاكتفاء بمن قصّهم عليه : لأنّ المذكورين هم أعظم الرسل ، والأنبياء ، قصصاً ذات عبر" انتهى .

"التحرير والتنوير" (6/35) .

2. أن هؤلاء الرسل بحكم وجودهم في منطقة العرب وما حولها كانت أخبارهم معروفة عند العرب

وعند أهل الكتاب المتواجدين في هذه المنطقة ، وهذا يكون أقوى في إقامة الحجة على هؤلاء ، وتأثير الموعظة والعبرة بما وقع لهؤلاء .

والله أعلم

......









قديم 2019-02-11, 15:22   رقم المشاركة : 204
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هو حال من جهل الحق، ومن لم يسمع بالإسلام ، يوم القيامة ؟

السؤال

أسأل عن الشيعة والباطنية الذين يظنون أنفسهم على حق ، ولم يجدوا من يهديهم للحق ، والمشركين اللذين لم يسمعوا بالإسلام أصلا فيما إذا كانوا يخلدون في النار وهل يبعث الله لهم رسلا يوم القيامة يهدونهم الى الحق ؟

الجواب

الحمد لله

من عدل الله تعالى ورحمته بعباده أنه لا يعذب أحدا إلا بعد إقامة الحجة عليه .

قال الله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء/15.

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ

: ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ ، إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) رواه مسلم ( 240 ) .

قال النووي رحمه الله تعالى :

" وفي مفهومه دلالة على أن من لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور " .

انتهى من " شرح صحيح مسلم " ( 2 / 188 ) .

فإذا كان من عدل الله تعالى ورحمته ألا يعذب من لم تبلغه دعوة الإسلام

فإنه كذلك قضى ألا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ ) رواه البخار ( 3062 ) ، ومسلم ( 111 ) .

فعلى هذا ، فما هو منزل الكافر يوم القيامة ، إذا لم تكن الدعوة قد بلغته ؟

والجواب : أن السّنة قد بينت حال هؤلاء ، وأن الله تعالى يمتحنهم يوم القيامة فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار .

عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَرْبَعَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : رَجُلٌ أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا ، وَرَجُلٌ أَحْمَقُ ، وَرَجُلٌ هَرَمٌ ، وَرَجُلٌ مَاتَ فِي فَتْرَةٍ ، فَأَمَّا الْأَصَمُّ فَيَقُولُ : رَبِّ

لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَسْمَعُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الْأَحْمَقُ فَيَقُولُ : رَبِّ ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَالصِّبْيَانُ يَحْذِفُونِي بِالْبَعْرِ ، وَأَمَّا الْهَرَمُ فَيَقُولُ : رَبِّ ، لَقَدْ جَاءَ الْإِسْلَامُ وَمَا أَعْقِلُ شَيْئًا ، وَأَمَّا الَّذِي مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ فَيَقُولُ

: رَبِّ ، مَا أَتَانِي لَكَ رَسُولٌ . فَيَأْخُذُ مَوَاثِيقَهُمْ لَيُطِيعُنَّهُ ، فَيُرْسِلُ إِلَيْهِمْ أَنْ ادْخُلُوا النَّارَ ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، لَوْ دَخَلُوهَا لَكَانَتْ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَسَلَامًا ) رواه أحمد في " المسند " ( 26 / 228 ) .

ورواه أيضا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، مِثْلَ هَذَا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ : ( فَمَنْ دَخَلَهَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا ، وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا يُسْحَبُ إِلَيْهَا ) . " المسند " ( 26 / 230 ) .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " أحاديث هذا الباب قد تضافرت وكثرت ، بحيث يشد بعضها بعضا ، وقد صحح الحفاظ بعضها ، كما صحح البيهقي وعبد الحق وغيرهما حديث الأسود بن سريع .

وحديث أبي هريرة إسناده صحيح متصل "

انتهى . " أحكام أهل الذمة " ( 2 / 1149 ) .

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوى بالصحيح والحسن .

وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط ، أفادت الحجة عند الناظر فيها "

انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .

وقال ابن حجر رحمه الله تعالى :

" وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ، ومن مات في الفترة ، من طرق صحيحة "

انتهى من " فتح الباري " ( 3 / 246 ) .

وصححه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة " ( 3 / 418 – 419 ) .

وهذا القول رجحه كثير من العلماء المحققين كشيخ الإسلام ابن تيمية " الجواب الصحيح " ( 2 / 298 )

وابن القيم " أحكام أهل الذمة " ( 2 / 1137 )

وابن كثير " تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) ، وغيرهم .

وهذا الحكم إنما هو من حيث العموم ، من غير أن نقطع لشخص بعينه أنه معذور ، أو أنه يختبر يوم القيامة ، أو لا .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" والله يقضى بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ، ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل ، فهذا مقطوع به في جملة الخلق .

وأما كون زيد بعينه ، وعمرو بعينه ، قامت عليه الحجة أم لا ؟ فذلك مما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه

بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر ، وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول . هذا في الجملة ، والتعيين موكول إلى علم الله عز وجل وحكمه "

انتهى من " طريق الهجرتين "( 2 / 900 ) .

وأما المسلم الذي يعتقد الإسلام ، ويلتزمه ظاهرا وباطنا ، لكنه يضل في بعض مسائله بسبب الجهل

وعدم وجود من يبصره بالحق ، وليس له قدرة على العلم ببطلان ما هو عليه من الخطأ ، فهذا مسلم ، بأصل إسلامه ، ولا يخرج عن الإسلام إلا بيقين ، يدل على انقطاع حجته ، وزوال عذره فيما علمه .

وهو معذور في الدنيا ، كما هو معذور في الآخرة ؛ لأن الله لا يعذب إلا من بلغه الحق ثم أعرض عنه .

والله أعلم
.









قديم 2019-02-11, 15:28   رقم المشاركة : 205
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف تكون الشكوى إلى الله تعالى وحده ؟

السؤال

هل يمكنكم شرح كيف تكون الشكوى لله سبحانه وتعالى وحده ؟

ففي سورة يوسف يقول الله تعالى على لسان يعقوب عليه السلام

: ( إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، وأعلم من الله ما لا تعلمون )

وفي سورة المجادلة : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إنّ الله سميع بصير ) .


الجواب

الحمد لله

ينبغي أن تكون الشكوى إلى الله تعالى وحده ، فإن ذلك من تمام عبودية العبد وتوكله وفقره وحاجته إلى ربه ، ومن تمام استغنائه به سبحانه عن الناس .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الشَّكْوَى إِنَّمَا تَكُونُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ : (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) "

انتهى من "منهاج السنة النبوية" (4/ 244) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" أَمَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ ، وَالصَّفْحِ الْجَمِيلِ ، وَالْهَجْرِ الْجَمِيلِ

فَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ - يَقُولُ: الصَّبْرُ الْجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لَا شَكْوَى فِيهِ ، وَلَا مَعَهُ ، وَالصَّفْحُ الْجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لَا عِتَابَ مَعَهُ. وَالْهَجْرُ الْجَمِيلُ هُوَ الَّذِي لَا أَذَى مَعَهُ ،

وَالشَّكْوَى إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا تُنَافِي الصَّبْرَ. فَإِنَّ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَدَ بِالصَّبْرِ الْجَمِيلِ

وَالنَّبِيُّ إِذَا وَعَدَ لَا يُخْلِفُ. ثُمَّ قَالَ: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) يوسف/ 86، وَكَذَلِكَ أَيُّوبُ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ وَجَدَهُ صَابِرًا مَعَ قَوْلِهِ: (مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الأنبياء/ 83 .

وَإِنَّمَا يُنَافِي الصَّبْرَ شَكْوَى اللَّهِ ، لَا الشَّكْوَى إِلَى اللَّهِ ، كَمَا رَأَى بَعْضُهُمْ رَجُلًا يَشْكُو إِلَى آخَرَ فَاقَةً وَضَرُورَةً ، فَقَالَ: يَا هَذَا، تَشْكُو مَنْ يَرْحَمُكَ إِلَى مَنْ لَا يَرْحَمُكَ؟ ثُمَّ أَنْشَدَ:

وَإِذَا عَرَتْكَ بَلِيَّةٌ فَاصْبِرْ لَهَا ** صَبْرَ الْكَرِيمِ فَإِنَّهُ بِكَ أَعْلَمُ

وَإِذَا شَكَوْتَ إِلَى ابْنِ آدَمَ إِنَّمَا ** تَشْكُو الرَّحِيمَ إِلَى الَّذِي لَا يَرْحَمُ ؟.

انتهى من "مدارج السالكين" (2/ 160) .

وقال أيضا :

" الشكوى نوعان : أحدهما: الشكوى إلى الله فهذا لا ينافي الصبر،

كما قال يعقوب: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ) مع قوله: (فصبر جميل) وقال أيوب: (مسني الضر) مع وصف الله له بالصبر، وقال سيد الصابرين صلوات الله وسلامه عليه (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتى ... ).

والنوع الثاني : شكوى المبتلى بلسان الحال والمقال ، فهذه لا تجامع الصبر ، بل تضاده وتبطله ، ففرق بين شكواه والشكوى إليه "

انتهى من "عدة الصابرين" (ص 17) .

وقال السعدي رحمه الله :

" الشكوى إلى الله لا تنافي الصبر، وإنما الذي ينافيه، الشكوى إلى المخلوقين ".

انتهى "تفسير السعدي" (ص 411) .

فالشكوى إلى الله : أن يكون العبد بحيث إذا أصابه شيء ، أو نزل به أمر ، أو افتقر إلى حاجة : اشتكى إلى الله وحده ، ورفع حاجته إليه ، وأنزلها به

- كما هو حال الأنبياء عليهم السلام في حاجاتهم وشكاياتهم -، فذكر ربه ودعا وتضرع ، وتاب وأناب ، وتقرب إليه بأنواع العبادات ؛ لأن ذلك من تمام عبوديته وتوكله على الله .

والله تعالى أعلم .


.....

الشكوى للمخلوق


السؤال

ما حكم الشرع فيمن اشتكى لغير الله بعد شكواه لله عز وجل ، حيث إن نفس الإنسان تضيق به إذا وقع في محنة

فهل يجوز له أن يجد سلوى في عباد الله فيخرج لهم ما يضيق به صدره وربما سألهم النصح والإرشاد ، أم إن ذلك عدم ثقة في إجابة الله عز وجل ؟

الجواب

الحمد لله


إخبار المخلوق بالحال

عن كانت للاستعانة بإرشاده أو معاونته أو التوصل إلى إزالة الضرر ، لم يقدح ذلك في الصبر ، كإخبار المريض للطبيب بشكايته

وإخبار المظلوم لمن ينتصر به بحاله ، وإخبار المبتلى ببلائه لمن كان يرجو أن يكون فرجه على يديه ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المريض يسأل عن حاله

ويقول : ( كيف تجدك ؟ ) رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما

وقال النووي : إسناده جيد ، وهذا إستخبار منه واستعلام عن حاله

وانظر عدة الصابرين للإمام ابن القيم ( 323 ) .

والله أعلم .

كتاب مسائل ورسائل /محمد المحمود النجدي









قديم 2019-02-11, 15:33   رقم المشاركة : 206
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المعنى والعبرة من قوله تعالى : (ولولا أن يكون الناس أمّة واحدة ... )

السؤال

ما هو تفسير أو معنى الآيات رقم 33 و34 و35 من سورة الزخرف ؟

وكيف الموعظة منها ؟

وهل العبرة منها هي ردّ على من يقولون لماذا يعيش الكافر في نعيم ويعيش المسلم في حالة من الكرّب والفقر والتعاسة ؟

وهل لهذه الآيات علاقة بقصة قارون ؟ وهل لنزول هذه الآيات سبب ؟


الجواب

الحمد لله


قال الله تعالى : ( وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ *

وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ) الزخرف/ 33- 35 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" أَيْ : لَوْلَا أَنْ يَعْتَقِدَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الْجَهَلَةِ أَنَّ إِعْطَاءَنَا الْمَالَ دَلِيلٌ عَلَى مَحَبَّتِنَا لِمَنْ أَعْطَيْنَاهُ ، فَيَجْتَمِعُوا عَلَى الْكُفْرِ لِأَجْلِ الْمَالِ - هَذَا مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ

وَالسُّدِّيِّ ، وَغَيْرِهِمْ- (لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ) أَيْ: سَلَالِمَ وَدَرَجًا مِنْ فِضَّةٍ - قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ: وَابْنُ زَيْدٍ، وَغَيْرُهُمْ- (عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ) ، أَيْ: يَصْعَدُونَ.

(وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا) أَيْ: أَغْلَاقًا عَلَى أَبْوَابِهِمْ (وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ) ، أَيْ: جَمِيعُ ذَلِكَ يَكُونُ فِضَّةً، (وَزُخْرُفًا) ، أَيْ: وَذَهَبًا .
ثُمَّ قَالَ: (وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) أَيْ: إِنَّمَا ذَلِكَ مِنَ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ الْحَقِيرَةِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ: يُعَجِّلُ لَهُمْ بِحَسَنَاتِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا مَآكِلَ وَمَشَارِبَ، لِيُوَافُوا الْآخِرَةَ وَلَيْسَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنَةٌ يَجْزِيهِمْ بِهَا .

ثُمَّ قَالَ: (وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) أَيْ: هِيَ لَهُمْ خَاصَّةً لَا يُشَارِكُهُمْ : فِيهَا أَحَدٌ غَيْرُهُمْ "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 226-227)

وانظر " تفسير السعدي " (ص765).

ثانيا :

العبرة من هذه الآيات : أنها وردت مورد الذم للحياة الدنيا ، فهي لا تزن عند الله جناح بعوضة

ولو شاء لأعطى الكافر منها كل ما يشتهي ، من هوانها عليه وهوانه عليه سبحانه ، ولكنه برحمته لم يفتح عليهم أبواب الدنيا كلها ، لئلا يفتن الناس بذلك ، فيتسارعوا في الكفر ، وينسوا الآخرة .

روى ابن أبي شيبة (7/105) بسند صحيح عن ابن مسعود قال : " إِنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ , وَلَا يُعْطِي الْإِيمَانَ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ , فَإِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا أَعْطَاهُ الْإِيمَانَ " .

ولهذا كان الواجب على المسلم ، إذا كان في ضيق من الدنيا ، وهو يرى الكافر في سعة منها : ألا يحزن ، بل يحسن الظن بالله ، وأن الله جل جلاله لم يمنعه الدنيا لهوانه عليه ، ولم يعطها الكافر لكرامة له

بل الأمر على العكس من ذلك .

روى البخاري (4913) ، ومسلم (1479) : " أن عمر رضي الله عنه دخل على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقد نام على حصير أثَّر في جنبه صلى الله عليه وسلم ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ [جلد] حَشْوُهَا لِيفٌ

قال عمر : فَرَأَيْتُ أَثَرَ الحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ فَبَكَيْتُ ، فَقَالَ : (مَا يُبْكِيكَ ؟) ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ! فَقَالَ: ( أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ؟ ) ".

ثالثا :

لا نعلم سببا مخصوصا لنزول هذه الآيات الكريمة ، وإنما هي على نسق ما نزل من الآيات في ذم الدنيا وذم أهلها ، وفي الحث على حرث الآخرة وأجرها ومنازلها وما أعد الله فيها لأهلها من النعيم المقيم

كما قال تعالى : (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران/ 185، وقال تعالى : (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) الأنعام/ 32.

أما قصة قارون ، فهي بيان عملي ، وبرهان واقعي ، على ما دلت عليه هذه الآيات وغيرها ، من ذم الدنيا ، وبطشها بأهلها الذين انشغلوا بها عن الحياة الآخرة ، وركنوا إليها ، فألهتهم وصرفتهم عن طاعة الله وعبادته .

وأن الدنيا إذا انفتحت على الناس بطروا وبغوا ، ونسوا شكر النعمة .

وأن الخوف من فتنتها : مما ينبغي أن يزهد فيها ، ويرغب في الآخرة ، ويحض على استعمال النعمة في طاعة الله ، فإنه من تمام شكرها .

قال تعالى : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) القصص/ 83 .

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-11, 15:40   رقم المشاركة : 207
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الجمع بين قوله تعالى : ( وأما بنعمة ربك فحدث ) وبين حديث : " استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان ، فإن كل ذي نعمة محسود " .

السؤال

كيف أوفق بين هذه الآية ( وأما بنعمة ربك فحدث )

وهذا الحديث : " استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود "

لأن أخي سألني عن هذا الحديث ولم أعرف الرد عليه حتى الآن ؟


الجواب

الحمد لله


لا تعارض بين الآية والحديث ، على فرض صحته ، وقد وفق العلماء بينهما :

فالكتمان يكون قبل حصول الحاجة ، فإذا حصلت ، وأنعم الله عليه ببلوغه ما يريد ، فإنه يتحدث بالنعمة ويشكر الله عليها ، ما لم يخش من حاسد .

قال المناوي رحمه الله :

" ( استعينوا على إنجاح الحوائج ) لفظ رواية الطبراني : (استعينوا على قضاء حوائجكم ) (بالكتمان )

أي : كونوا لها كاتمين عن الناس ، واستعينوا بالله على الظفر بها

ثم علل طلب الكتمان لها بقوله : ( فإن كل ذي نعمة محسود ) يعني : إن أظهرتم حوائجكم للناس حسدوكم فعارضوكم في مرامكم ، وموضع الخبر الوارد في التحدث بالنعمة : ما بعد وقوعها ، وأمن الحسد "

انتهى من " فيض القدير " (1/493) .

ويدل على جواز كتمان النعم ، خوفاً من الحسد

قوله تعالى : ( قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) .

قال ابن كثير رحمه الله :

"قوله تعالى : ( قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك ... )

يؤخذ من هذا ، الأمر بكتمان النعمة حتى توجد وتظهر ، كما ورد في حديث : ( استعينوا على قضاء الحوائج بكتمانها ، فإن كل ذي نعمة محسود ) "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (4/318) .


وقد ذهب بعض العلماء إلى أن المقصود من التحديث بالنعمة :

هو القيام بشكرها ، وإظهار آثارها ، فإذا أنعم الله عليه بالمال شكر الله تعالى على هذه النعمة

وأكثر من التصدق والكرم والجود

حتى يقصده الفقراء والمحتاجون كان هذا هو المقصود بالتحديث بالنعم

وليس المراد تعديد ثروته ، وإخبار الناس بما عنده ، فإن هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا هو ـ أيضا ـ من فعل ذوي الحزم والهيئات .


قال القاسمي رحمه الله :

"(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) أي : بشكرها وإظهار آثارها، فيرغب فيما لديه منها، ويحرص على أن يصدر المحاويج عنها. وهذا هو سر الأمر بالتحدث بها.

وفي الآية تنبيه على أدب عظيم ، وهو التصدي للتحدث بالنعمة وإشهارها، حرصا على التفضل والجود والتخلق بالكرم، وفرارا من رذيلة الشح الذي رائده كتم النعمة والتمسكن والشكوى.

قال الإمام [يعني : الشيخ محمد عبده] : من عادة البخلاء أن يكتموا مالهم ، لتقوم لهم الحجة في قبض أيديهم عن البذل ، فلا تجدهم إلا شاكين من القل ، أما الكرماء فلا يزالون يظهرون بالبذل ما آتاهم الله من فضله

ويجهرون بالحمد لما أفاض عليهم من رزقه. فلهذا صح أن يجعل التحديث بالنعمة كناية عن البذل وإطعام الفقراء وإعانة المحتاجين.

فهذا هو قوله: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) أي : إنك لما عرفت بنفسك ما يكون فيه الفقير، فأوسع في البذل على الفقراء. وليس القصد هو مجرد ذكر الثروة

فإن هذا من الفخفخة التي يتنزه عنها النبيّ صلى الله عليه وسلم. ولم يعرف عنه في امتثال هذا الأمر أنه كان يذكر ما عنده من نقود وعروض. ولكن الذي عرف عنه أنه كان ينفق ما عنده ويبيت طاويا.

وقد يقال: إن المراد من النعمة النبوة. ولكن سياق الآيات يدل على أن هذه الآية مقابلة لقوله: (وَوَجَدَكَ عائِلًا) فتكون النعمة بمعنى الغنى"

انتهى من "محاسن التأويل" (9/493)

وينظر : "تفسير جزء عم" للشيخ محمد عبده (112) .

على أن التحديث بالنعم لا يلزم أن يكون على سبيل التفصيل ، بل قد يكون إجمالاً ، بأن يقول : إن الله أنعم علىَّ بالصحة والغنى والهداية ، ولا يفصل في ذكر هذه النعم .

قال السعدي رحمه الله :

"(وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) : وهذا يشمل النعم الدينية والدنيوية ؛ أي : أثن على الله بها ، وخُصها بالذكر ، إن كان هناك مصلحة ، وإلا ؛ فحدث بنعم الله على الإطلاق

فإن التحدث بنعمة الله داع لشكرها ، وموجب لتحبيب القلوب إلى من أنعم بها ؛ فإن القلوب مجبولة على محبة المحسن"

انتهى من " تفسير السعدي " (ص 928) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-12, 15:03   رقم المشاركة : 208
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يفيد أكل التين والزيتون في تخفيف أعراض الهرم والشيخوخة ؟

السؤال

هل صحيح أن التين والزيتون يفيدان في تفادي أعراض الهرم والشيخوخة تماما، أو على الأقل يخففان من حدة أعراضهما ، كما يدعي بعض عامة المسلمين؟


الجواب

الحمد لله

أقسم الله عز وجل في كتابه بالتين والزيتون ، فقال تعالى : ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ) التين/ 1 – 3 .

قال الطبري رحمه الله :

" الصواب من القول في ذلك عندنا: قول من قال: التين: هو التين الذي يُؤكل، والزيتون: هو الزيتون الذي يُعصر منه الزيت، لأن ذلك هو المعروف عند العرب " .

انتهى من "تفسير الطبري" (24/ 503) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" (والتين) هو الثمر المعروف ، (والزيتون) معروف، وأقسم الله بهما لأنهما يكثران في فلسطين، (وطور سينين) أقسم الله به

لأنه الجبل الذي كلم الله عنده موسى صلى الله عليه وعلى آله وسلم. (وهذا البلد الأمين) أقسم الله به أعني مكة لأنها أحب البقاع إلى الله، وأشرف البقاع عند الله عز وجل.

قال بعض أهل العلم: أقسم الله بهذه الثلاثة، لأن الأول (والتين والزيتون) أرض فلسطين التي فيها الأنبياء، وآخر أنبياء بني إسرائيل هو عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام

وبطور سينين لأنه الجبل الذي أوحى الله تعالى إلى موسى حوله، وأما البلد الأمين فهو مكة الذي بعث الله منه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم "

انتهى من "تفسير العثيمين" جزء عم (ص 252) .

وهذا القسم يشير إلى كثرة فوائد "التين" و "الزيتون" ، وأن المنة في خلقهما عظيمة .

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله شيئا من فوائدهما ، فقال :

" وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُقْسَمَ بِهِ: هُوَ التِّينُ الْمَعْرُوفُ، وَأَجْوَدُهُ: الْأَبْيَضُ النَّاضِجُ الْقِشْرِ، يَجْلُو رَمْلَ الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ

ويؤمن من السموم ، وهو أغذى من جميع الْفَوَاكِهِ ، وَيَنْفَعُ خُشُونَةَ الْحَلْقِ وَالصَّدْرِ، وَقَصَبَةِ الرِّئَةِ ، وَيَغْسِلُ الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ ، وَيُنَقِّي الْخَلْطَ الْبَلْغَمِيَّ مِنَ الْمَعِدَة ِ، وَيَغْذُو الْبَدَنَ غِذَاءً جَيِّدًا.

وَاللَّحْمُ مِنْهُ أَجْوَدُ ، وَيُعَطِّشُ الْمَحْرُورِينَ، وَيُسَكِّنُ الْعَطَشَ الْكَائِنَ عَنِ الْبَلْغَمِ الْمَالِح ِ، وَيَنْفَعُ السُّعَالَ الْمُزْمِنَ ، وَيُدِرُّ الْبَوْلَ، وَيَفْتَحُ سُدَدَ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ

وَيُوَافِقُ الْكُلَى وَالْمَثَانَةَ، وَلِأَكْلِهِ عَلَى الرِّيقِ مَنْفَعَةٌ عَجِيبَةٌ فِي تَفْتِيحِ مَجَارِي الْغِذَاءِ، وَخُصُوصًا بِاللَّوْزِ وَالْجَوْزِ "

انتهى من "زاد المعاد" (4/ 268) .

وقال عن زيت الزيتون :

" يَنْفَعُ مِنَ السُّمُومِ، وَيُطْلِقُ الْبَطْنَ ... وَجَمِيعُ أَصْنَافِهِ مُلَيِّنَةٌ لِلْبَشَرَةِ، وَتُبْطِئُ الشَّيْب

وَمَاءُ الزَّيْتُونِ الْمَالِحِ يَمْنَعُ مِنْ تَنَفُّطِ حَرْقِ النَّارِ، وَيَشُدُّ اللِّثَةَ ، وَوَرَقُهُ يَنْفَعُ مِنَ الْحُمْرَةِ ..... وَمَنَافِعُهُ أَضْعَافُ مَا ذَكَرْنَا "

انتهى من "زاد المعاد" (4/ 291) .

وهناك أبحاث علمية حديثة تفيد أن تناول التين والزيتون يعمل على زيادة مناعة الجسم ، والحفاظ على الصحة العامة ، وتأخير الشيخوخة .

وقد أفادت بعض هذه البحوث العلمية الحديثة أن تناول التين المخلوط بزيت الزيتون : يكافح عوامل الأكسدة داخل الجسم ، وهي العوامل التي تعجل بالشيخوخة، وتضر الأعضاء الحيوية على المدى البعيد .

والحاصل :

أنه ليس في كتاب الله ، ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما نعلم - ما يدل على أن تناول التين والزيتون يؤخران أعراض الهرم والشيخوخة

ولكن بعض أهل الطب القديم ، وبعض دراسات الطب الحديث : كلاهما أفاد أن تناول التين والزيتون ينفع من كثير من الأمراض ، ويساعد على نضارة الوجه والبدن ، ويبطئ الشيب ، ويقاوم عوامل الشيخوخة .

والله أعلم بحقيقة الحال .









قديم 2019-02-12, 15:07   رقم المشاركة : 209
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قوله تعالى : ( قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي ) ، هل فيه ما يدل على الضلال ؟

السؤال

أرجو الرد على الشبهة التالية حيث قرأتها على موقع متخصص في نشر الشبه عن الإسلام

: جاء في سورة سبأ : ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ )

وهذا يعني احتمالية أنّ يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد ضل ، وهذا يعني احتمالية ضلال كل من تابعه على ما جاء به ، خصوصاً وأنّ الكثير يأخذونه أسوة لهم في كل أموره .


الجواب

الحمد لله

قوله تعالى : ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي ) سبأ / 50 .

ليس في الآية ما يدل على احتمالية أن يكون عليه الصلاة والسلام قد وقع في الضلال ، حاشاه من ذلك عليه الصلاة والسلام ، وليس الإشكال في الآية

فمعناها واضح لكل ذي فهم صحيح ، وذوق سليم ، وإنما بلية المشكك فيها من جهله بلغة العرب ، ومرض قلبه الذي يهول له الأمور ، ويخيل إليه أنه قد وقع على خلل وعيب ؛ وحاشا لله أن يكون في كتابه شيء من ذلك.

والآية : إنما سيقت على سبيل الإنصاف للخصم في المجادلة ، وفتح فرص التفكر السليم

والتنزل معه في الحوار ؛ فالمعنى : أنه إذا افترضنا جدلا ، أنه قد وقع من النبي صلى الله عليه وسلم شيء من ضلال ، فإنما أثر هذا الضلال

وعاقبته : على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ وحاشاه من ذلك

وحاشاه أن يضل في شيء من أمر دينه ، وقد ظهر للعالمين بيانه ، وسطعت لهم حجته ، وما قبضه ربه حتى أعلى مناره ، وجعله عاليا على ما سواه من الأديان .

قال الشيخ السعدي رحمه الله – مفسراً للآية - :

" وأنه إن ضل - وحاشاه من ذلك ، لكن على سبيل التنزل في المجادلة - فإنما يضل على نفسه ، أي : ضلاله قاصر على نفسه ، غير متعد إلى غيره ... " .

انتهى من " تفسير السعدي " (ص/683) .

وتعليق الشيء على شرط ، لا يلزم منه وقوع ذلك الشرط ، بل لا يلزم منه إمكان وقوع ذلك الشرط ، أو احتمال صحته . فقد جاء ذلك كثيرا في القرآن الكريم في الأمور المستحيلة

فمن ذلك قوله تعالى : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ) الأحقاف/8.

قال الشوكاني رحمه الله :

" أَيْ : قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ ، عَلَى سَبِيلِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ ، كَمَا تَدَّعُونَ فَلَا تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تَرُدُّوا عَنِّي عِقَابَ اللَّهِ ، فَكَيْفَ أَفْتَرِي عَلَى اللَّهِ لِأَجْلِكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى دَفْعِ عِقَابِهِ " .

انتهى من " فتح القدير " (5/18) .

ومنه – أيضاً – قوله تعالى : ( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) الزخرف/81 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" يقول تعالى : ( قل ) يا محمد : ( إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) أي : لو فرض هذا : لعبدته على ذلك ، لأني عبد من عبيده ، مطيع لجميع ما يأمرني به ، ليس عندي استكبار ولا إباء عن عبادته

فلو فرض كان هذا ، ولكن هذا ممتنع في حقه تعالى ، والشرط لا يلزم منه الوقوع ، ولا الجواز أيضا "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (7/241) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في معرض كلامه على قوله تعالى :

( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) – :

" التعليق بالشرط لا يدل على إمكان المشروط ، لأننا نفهم من آيات أخرى أنه لا يمكن أن يكون ، وهذا كقوله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ )

وهو صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يَشك ، ولكن على فرض الأمر الذي لا يقع ، كقوله تعالى : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ )

فإنه لا يمكن أن يكون فيهما آلهة سوى الله عز وجل ، فتبين بهذا أن التعليق بالشرط لا يدل على إمكان المشروط ، بل قد يكون مستحيلاً غاية الاستحالة "

انتهى من " تفسير سورة الكهف " (ص14) .

وعليه ، فقوله تعالى : ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ ... الآية ) لا يدل على احتمال وقوع الضلال منه صلى الله عليه وسلم ، فإن هذا لا تدل عليه اللغة .

وننصحك أيها السائل ، أن لا تطالع ما يكتبه أعداء الإسلام عن الإسلام من شبه ، مادام ليس عندك شيء من العلم تدفع به تلك الشبه

وللفائدة في هذا ينظر في جواب السؤال القادم

والله أعلم .









قديم 2019-02-12, 15:12   رقم المشاركة : 210
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يرد على شبهات النصارى ويطلب النصح يستمر أم لا ؟

السؤال

هناك موقع نصراني يبث شبهات كثيرة حول الإسلام وشرائع الإسلام ، وأقوم - بفضل الله - برد هذه الشبهات من خلال المواقع الإسلامية ، ومواقع الرد على الشبهات

ويقومون في هذا المنتدى بسب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهل أكمل في هذا المنتدى في رد شبهاتهم بفضل الله ؟

أم إذا بقيت في المنتدى ينطبق عليَّ قول الله تعالى ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ

فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) سورة النساء ( 140 )

( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) سورة الأنعام ( 68 ) ؟ .


الجواب

الحمد لله

نشكر لك أخي الفاضل غيْرتك على دين الله ، ونثمِّن موقفك في الدفاع عنه ضد أعدائه من المشككين ، ولكن لا يمنعنا هذا من نصحك وتوجيهك لما فيه الخير لك ولدين الله تعالى الذي تغار عليه .

وهذه النصيحة تتلخص في عدم الدخول في معترك الشبهات والردود عليها إلا بعد أن تتقوى معرفتك بأحكام الإسلام وشرائعه ، ويتقوى إيمانك ويقينك

وليس هذا من باب الاستحباب بل هو واجب في حقك ، وفي حق كل من يدخل في معترك الشبهات والردود على أهل البدع والضلال والأديان المحرَّفة ، وفي هذا الأمر عدة فوائد مهمة :

1. الحفاظ على دين الله وشريعته من المتحمسين الذين ليس عندهم زاد علمي ، فترى الشبهة التي يطرحهما أعداء الدين غير التي يردون عليها ، وترى – أحياناً أخرى – الرد ضعيفاً يقوِّي الباطل ويُضعف الحق .

2. الحفاظ على المسلمين المتحمسين لتلك الردود من الانجراف وراء الشبهة وأهلها ، فكثير من الداخلين في هذا المعترك يدخلون بزاد قليل ، فتخطف الشبهةُ قلوبَهم

ولا يجد لها جواباً عنده ، فيحار ، ويتشكك ، كما أن كثرة النظر في الشبهات تُضعف القلب .

قال ابن القيم رحمه الله :

وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه - وقد جعلت أورد عليه إيراداً بعد إيرادٍ - :

" لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة ، فيتشربها ، فلا ينضح إلا بها ، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها

ولا تستقر فيها ، فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته ، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات " أو كما قال .

فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك .

" مفتاح دار السعادة " ( 1 / 140 ) .

ونقل الإمام الذهبي رحمه الله عن سفيان الثوري رحمه الله قولَه :

" من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه ، لا يلقها في قلوبهم " .

فعلَّق عليه بقوله :

قلت : أكثر أئمة السلف على هذا التحذير ، يروْن أن القلوب ضعيفة ، والشُّبَه خطَّافة .

" سير أعلام النبلاء " ( 7 / 261 ) .

3. الحفاظ على الوقت وعدم إهداره مع المعاندين والجاحدين ، وعدم إهدار الوقت في باب واحد من العلم يجب أن يسبقه أبواب ، فلا يصلح الرد على أولئك الطاعنين في الدين إلا بعد الإلمام بالقرآن

وصحيح السنَّة ، وهذا يستغرق من الطالب وقتاً طويلاً ، فبعض الشبهات الرد عليها من باب اللغة ، وبعضها من باب التفسير ، وأخرى من باب الحديث ، وأخرى من باب المنطق ، فأين المبتدئ المتحمس من هذا كله ؟! .

4. اختيار الطريقة المناسبة للدعوة ، فالدعوة إلى الله تحتاج لعلمٍ من الداعي ، وتحتاج لحكمة حتى يضع الأمور في مكانها المناسب

فمن المدعوين من يكون هيناً ليِّناً قريباً للحق ، ومنهم من يكون معانداً ، فيحتاج الداعي لسلوك الطريق المناسبة مع كل واحدٍ من هؤلاء ، بالغلظة مع قوم ، وباللين والرقة مع آخرين .

قال الله تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل/125 ، وقال سبحانه ( : وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ) العنكبوت/46 .

فكيف سيعرف المبتدئ الطريقة المناسبة للتعامل مع هؤلاء ؟

وكيف سيسلكها ؟

ومتى سيتوقف عنها ؟

كل ذلك يحتاج لأن يكون الداعي على قدر من العلم والحكمة ، وهذا ما لا يوجد في غالب المتحمسين المبتدئين .

ومنه يُعرف جواب سؤال الأخ الفاضل : هل يبقى في المنتدى مع رؤيته لسب الله تعالى ورسوله ودينه أم يخرج ؟

وهل ينطبق عليه ما ذكره من الآيات القرآنية في صلب السؤال ؟
.
ليس على ذلك جواب محدَّد ، إلا أن نعرف حال المنتدى ، وحال الداعي ، وحال الشبهات ، وهل يُسمح له بالرد والتعقب ، أم يقرأ فقط ولا يشارك ؟ إن معرفة هذه الأحوال تكوِّن فكرة عن الجواب اللائق المناسب .

وقد رأينا بعض إخواننا المتحمسين للدعوة يدخل غرف الزنادقة في " البال توك " الذين يسبون الصحابة ويكفرونهم ، ويؤذون المسلمين بفحش كلامهم ، وهم مع هذا يمنعون الأخ المسلم الداعية من أن يعلِّق بلسانه

بل ولا يكتب ببنانه ! فأي وجه في بقائه بتلك الغرف الفاسدة ؟

إنه هنا ينطبق عليه ما ذُكر من الآيات في السؤال ، وهذا بخلاف من استمع ليجمع أقوالهم ويوثقها ، أو من استمع ليُفسَح له المجال في الرد عليها ، فمثل هذا لا ينطبق عليه ما ذُكر من الآيات القرآنية في السؤال .

وهذه وصية جامعة ، نسأل الله أن ينفع بها :

قال الشيخ العثيمين :

لا يجوز للإنسان أن يقرأ كتاباً مضلاً من كتب اليهود ، أو النصارى ، أو المشركين ، أو أهل البدع ؛ إلا إذا كان عنده رصيد قوي يمكن أن يتحصن به

وأما إذا كان مبتدئاً في القراءة : فلا يجوز له أن يبدأ بقراءة هذه الكتب الباطلة

لأنه ربما تأثر بما فيها من الباطل ، فهؤلاء ننصحهم بأن يتركوا هذه الكتب ، حتى يحصنوا أنفسهم بالعلوم الشرعية الصحيحة قبل أن يدخلوا في هذه الكتب المضلة

فالإنسان إذا أراد أن يتحصن من السيل : أخذ في بناء السدود والمصارف قبل مجيء السيل ، لا يفعل ذلك بعد مجيئه ، فنقول : أولاً : حصنوا أنفسكم بمعرفة الشريعة ، واغرسوها في قلوبكم

حتى إذا تمكنتم : فلا بأس أن تقرءوا ، لتردوا على شبهات القوم وأباطيلهم .

" لقاءات الباب المفتوح " ( 47 / السؤال رقم 7 ) .









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:09

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc