غاية الأماني في نسب الفارسي عبدالقادر الكيلاني
بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين ، وبعد :
يدعي كثير من (الصوفية القبورية ، وبعض الأدعياء والمزورين) في مجال علم الأنساب أن الشيخ عبدالقادر الكيلاني عربي من الأشراف الهاشميين ، وهذا لبعدهم عن أصول ودراسة الأنساب فهم (حطاب ليل) يذكرون الرطب واليابس دون تمييز أو غربلة وترجيح. وحقيقة الحال أن الشيخ عبدالقادر بن جنكي دوست الكيلاني أعجمي فارسي من قبيلة بشتبر ، وأصله من منطقة كيلان من بلاد فارس. ويزعمون أي (الصوفية القبورية) أن النسب العربي العلوي الهاشمي المزعوم للشيخ عبدالقادر الكيلاني الفارسي ، هو كما يلي : ((عبد القادر بن موسى جنكي دوست بن عبد الله بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب)).
وهذا نسب باطل لا يصح ، ومركب وملامح الفارسية ظاهرة في نسبه فهو ابن (موسى جنكي دوست).
قال المؤرخ النسابة أحمد بن فضل الله العمري في مشجراته ص57 : ((نسبوا هذا الشيخ محي الدين عبدالقادر الكيلاني إلى عبدالله بن محمد بن الرومية يقال لولده بنو الرومية كما يقال محمد المذكور ، ولم يدع الشيخ عبدالقادر هذا النسب ولا أحد من أولاده وإنما ابتدأ بها ولده القاضي أبو صالح نصر بن أبي بكر بن عبدالقادر ولم يقم عليها البينة ولا عرفها له أحد على أن عبدالله بن محمد بن علي رجل حجازي لم يخرج من الحجاز وهذ الإسم أعني "جنكي دوست" أعجمي صريح كما تراه فلا طريق في إثبات هذا النسب إلا البينة العادلة وقد أعجزت القاضي أبا صالح وأقترن بها عدم موافقة جده الشيخ عبدالقادر وأولاده له والله سبحانه وتعالى أعلم)).
وقال الشيخ تاج إبن زهرة في غاية الاختصار في أخبار البيوتات العلوية المحفوظة من الغبار ص43 : ((وإلى بني الجون يدّعي النسب بيت الشيخ عبدالقادر الكيلاني المدفون بباب الأزج ببغداد رحمه الله ، يدعون النسب الى محمد بن داود بن موسى بن عبدالله بن موسى الجون. أظهر أولاد الشيخ العجائب ورووا عنه من الأخبار ما لا يصح نقله ولا يجوز إعتقاده ، وقام بعضهم بعد إنقراض الخلافة العباسية وإمكان إدعاء كل شيء يدعي النسب للحسن وفشت دعواهم ، وأهل النسب لا يقولون بها ويصرحون بكونهم ادعياء. والشيخ عبدالقادر رحمه الله كان رجلاً جليلاً صالحاً لم يدع هذه النسبة وادعاها أحفاده ، وهو من بطون بشتبر بن فارس ، والله أعلم)).
وقال الشيخ أبو العون السفاريني في حديث الشيخ عبدالقادر الكيلاني : ((حدثني العالم العلامة والحبر الفهامة بحر العلوم الشريفة ومنبع المعارف اللطيفة ومورد الأخبار الطريفة شيخي وأستاذي الفاضل عبدالغني بن إسماعيل النابلسي أن في الشام قوماً جعلوا للقطب أبي محمد محي الدين عبدالقادر الجيلاني نسباً موصولاً تارة بالحسن وأخرى بالحسين سبطي رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم ، فهو عندهم عبدالقادر بن موسى بن عبدالله بن جنكي دوست بن يحيى بن محمد داود بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ، أو هو من ذرية إسماعيل بن جعفر الصادق وكلاهما غير صحيح وقد أخترع بأخرة ولم يثبت أن الشيخ رحمه الله ادعى هذا النسب ولا يثبت أن أحداً من أولادة فعل ذالك)).
وقال المؤرخ النسابة جمال الدين أحمد بن عنبة في عمدة الطالب في الصفحات 153 و154 و155 و156 : ((وقد نسبوا الى عبدالله بن محمد بن يحيى بن محمد بن الرومية وهو الامير داود بن موسى الثاني بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض) الشيخ الجليل الباز الأشهب محيي الدين عبدالقادر الكيلاني فقالوا : هو عبدالقادر بن محمد بن جنكي دوست بن عبدالله المذكور ، ولم يدّع الشيخ عبدالقادر هذا النسب ولا أحد من أولاده وإنما ابتدأ بها ولد ولده القاضي أبو صالح نصر بن أبي بكر ابن عبدالقادر ولم يقم عليها بينة ولا عرفها له أحد ، على أن عبدالله بن محمد بن يحيى رجل حجازي ولم يخرج من الحجاز ، وهذا الإسم أعني جنكي دوست أعجمي صريح كما تراه ، وقد أعجزت القاضي أبا صالح واقترن بها عدم موافقة جده عبدالقادر الجيلاني وأولاده)).
وقال المؤرخ النسابة محمد بن علي الطقطقي في الأصيلي في أنساب الطالبيين ص95 : ((إعلم ان بيت عبد القادر الكيلاني المدفون بباب الازج ينتسبون الى محمد بن داود بن موسى الثاني ابي عمر بن عبدالله بن موسى الجون ، ويروى عن نصر أبي صالح قاضي القضاة شعر منه "نحن من أولاد خير الحسن" ، يعني الحسن بن علي عليهما السلام ، والى هذا التاريخ وهو شهر رمضان المبارك سنة ثمان وتسعين وستمائة لم تقم البينة الشرعية بصحته ، فلذلك لم يلحق).
وقال المؤرخ النسابة عمر بن شريف السلمي في مقالة "لا صله لقبيلة زعب القيسية بالشيخ عبدالقادر الكيلاني الفارسي" ، نشرها في جريدة الرياض : ((والصحيح في نسب عبدالقادر الجيلاني أنه عالم حنبلي من العجم أهل فارس لا صلة له بالعرب فضلاً عن آل البيت ، وكل من ينتسب إليه من الناس اليوم غير عرب حالهم حال الأكراد ، والشركس ، والأتراك ، وغيرهم في بلاد العرب ، وهم مسلمون لا ينقصهم نسبهم إلى الأعاجم بشيء فالمقياس الحقيقي هو التقوى)).
ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم ، والله أعلم.
_____________________
بحث وتحقيق : عمار بن حميد الطائي
باحث في التاريخ والأنساب
22 رجب 1430 هـ