شروح الأحاديث - الصفحة 13 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-09-25, 17:36   رقم المشاركة : 181
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: " عِرق النَّسا " وكيفية علاجه .

السؤال:


هل ورد في السنة تناول دهن الغنم لعلاج مرض عرق النسا؟


الجواب :


الحمد لله


روى ابن ماجة (3463) عن أَنَس بْن مَالِكٍ ، قال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( شِفَاءُ عِرْقِ النَّسَا، أَلْيَةُ شَاةٍ أَعْرَابِيَّةٍ : تُذَابُ ، ثُمَّ تُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ، ثُمَّ يُشْرَبُ عَلَى الرِّيقِ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ جُزْءٌ ) .

ورواه أحمد (13295) ولفظه :

: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصِفُ مِنْ عِرْقِ النَّسَا : أَلْيَةَ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ أَسْوَدَ ، لَيْسَ بِالْعَظِيمِ وَلَا بِالصَّغِيرِ ، يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ ، فَيُذَابُ ، فَيُشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ " .

ورواه الحاكم (3153) ولفظه : ( فِي عِرْقِ النَّسَا : يَأْخُذُ أَلْيَةَ كَبْشٍ عَرَبِيٍّ لَيْسَتْ بِأَعْظَمِهَا، وَلَا أَصْغَرِهَا، فَيَتَقَطّعُهَا صِغَارًا، ثُمَّ يُذِيبُهَا، فَيُجِيدُ إِذَابَتَهَا، وَيَجْعَلُهَا ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَيَشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءًا

عَلَى رِيقِ النَّفْسِ ) قَالَ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ - راويه عن أنس - : " فَلَقَدْ أَمَرْتُ بِذَلِكَ نَاسًا ، ذَكَرَ عَدَدًا كَثِيرًا ، كُلُّهُمْ يَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى " .

وقال الحاكم : " هذا حديث صحيح " .

وقال الذهبي في "التلخيص" :

" على شرط البخاري ومسلم " .

وقال الهيثمي في "المجمع" (5/ 88):

" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ " .

وقال البوصيري في "الزوائد" (4/ 60):

" إِسْنَاد صَحِيح رِجَاله ثِقَات " .

وقال محققو المسند :

" إسناده صحيح على شرط الشيخين " .

وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

التعريف به :

عرق النسا : قال ابن الأثير رحمه الله :

" عِرْق يَخْرج مِنَ الوَرِك فيَسْتَبْطِن الفَخذ "

انتهى من "النهاية" (5/ 51)

وقال ابن القيم رحمه الله :

" عِرْقُ النَّسَاءِ: وَجَعٌ يَبْتَدِئُ مِنْ مَفْصِلِ الْوَرِكِ وَيَنْزِلُ مِنْ خَلْفٍ عَلَى الْفَخِذِ، وَرُبَّمَا عَلَى الْكَعْبِ، وَكُلَّمَا طَالَتْ مُدَّتُهُ زَادَ نُزُولُهُ، وَتَهْزُلُ مَعَهُ الرِّجْلُ وَالْفَخِذُ

"انتهى من "زاد المعاد" (4/ 66) .

كيفية العلاج :

كما هو واضح في الحديث : تؤخذ إلية شاة أعرابية متوسطة الحجم - أو إلية كبش - ، فيقطعها قطعا صغيرة ، ويذيبها ، ويجعلها ثلاثة أجزاء

ويشرب كل يوم جزءا على الريق ، فيشفى بإذن الله ، وهذا نافع لأهل الحجاز ونحوهم خاصة .

قال ابن القيم :

" كَلَام رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: عَامٌّ : بِحَسْبِ الْأَزْمَانِ ، وَالْأَمَاكِنِ ، وَالْأَشْخَاصِ ، وَالْأَحْوَالِ .

وَالثَّانِي: خَاصٌّ: بِحَسْبِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَوْ بَعْضِهَا، وَهَذَا مِنْ هَذَا الْقِسْمِ، فَإِنَّ هَذَا خِطَابٌ لِلْعَرَبِ ، وَأَهْلِ الْحِجَازِ وَمَنْ جَاوَرَهُمْ ، وَلَا سِيَّمَا أَعْرَابُ الْبَوَادِي ، فَإِنَّ هَذَا الْعِلَاجَ مِنْ أَنْفَعِ الْعِلَاجِ لَهُمْ

فَإِنَّ هَذَا الْمَرَضَ يَحْدُثُ مِنْ يُبْسٍ ، وَقَدْ يَحْدُثُ مِنْ مَادَّةٍ غَلِيظَةٍ لَزِجَةٍ ، فَعِلَاجُهَا بِالْإِسْهَالِ ، وَالْأَلْيَةُ فِيهَا الْخَاصِّيَّتَانِ: الْإِنْضَاجُ ، وَالتَّلْيِينُ ، فَفِيهَا الْإِنْضَاجُ وَالْإِخْرَاجُ ، وَهَذَا الْمَرَضُ يَحْتَاجُ عِلَاجُهُ إِلَى هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ

وَفِي تَعْيِينِ الشَّاةِ الْأَعْرَابِيَّةِ لِقِلَّةِ فُضُولِهَا وَصِغَرِ مِقْدَارِهَا وَلُطْفِ جَوْهَرِهَا، وَخَاصِّيَّةِ مَرْعَاهَا؛ لِأَنَّهَا تَرْعَى أَعْشَابَ الْبَرِّ الْحَارَّةَ كَالشِّيحِ ، وَالْقَيْصُومِ ، وَنَحْوِهِمَا

وَهَذِهِ النَّبَاتَاتُ إِذَا تَغَذَّى بِهَا الْحَيَوَانُ صَارَ فِي لَحْمِهِ مِنْ طَبْعِهَا بَعْدَ أَنْ يُلَطِّفَهَا تَغَذِّيهِ بِهَا، وَيُكْسِبُهَا مِزَاجًا أَلْطَفَ مِنْهَا، وَلَا سِيَّمَا الْأَلْيَةُ

وَظُهُورُ فِعْلِ هَذِهِ النَّبَاتَاتِ فِي اللَّبَنِ أَقْوَى مِنْهُ فِي اللَّحْمِ، وَلَكِنَّ الْخَاصِّيَّةَ الَّتِي فِي الْأَلْيَةِ مِنَ الْإِنْضَاجِ وَالتَّلْيِينِ لَا تُوجَدُ فِي اللَّبَنِ " .

انتهى من "زاد المعاد" (4/ 66) .

وحاصل ذلك :

أنه ليس كل من يعاني من عرق النسا ينفعه هذا العلاج ، فهناك من الحالات ما لا ينفع فيها مثل هذا العلاج ، إما لاختلاف حدة الحالة

أو مزاج الشخص ، أو غير ذلك ، فلا بد في الحالة المعينة ، الخارجة عن أهل هذا الخطاب ، أن تعرض على الخبير بمثل هذا المرض ، ودوائه .

قال ابن مفلح رحمه الله :

"وَهَذَا الْخَبَرُ خِطَابٌ لِأَهْلِ الْحِجَازِ وَمَا قَارَبَهُمْ ... ثم ذكر نحو كلام ابن القيم السابق ، ثم قال : وَالْغَالِبُ عَلَى النَّاسِ اسْتِعْمَالُ الْأَدْوِيَةِ الْمُفْرَدَةِ

وَغَالِبُ أَطِبَّاءِ الْهِنْدِ وَالرُّومِ وَالْيُونَانِ يَعْتَنُونَ بِالْمُرَكَّبَةِ ، وَالتَّحْقِيقُ : اخْتِلَافُ الدَّوَاءِ بِاخْتِلَافِ الْغِذَاءِ ، فَالْعَرَبُ وَالْبَوَادِي غِذَاؤُهُمْ بَسِيطٌ فَمَرَضُهُمْ بَسِيطٌ ، فَدَوَاؤُهُمْ بَسِيطٌ ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " .

انتهى، من "الآداب الشرعية" لابن مفلح (2/396) .

والله تعالى أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 17:40   رقم المشاركة : 182
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الخوارج فرقة ضالة ، تظهر فترة بعد فترة ، ويستمر ظهورها حتى خروج الدجال

السؤال:

تحت ضوء الحديث الذي يقول فيه الرسول -صلى الله تعالى عليه و سلم- "ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج قرن قطع" [تتمته] قال ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

"كلما خرج قرن قطع ، أكثر من عشرين مرة ، حتى يخرج في عراضهم الدجال"، هل من الممكن أن توضحوا لنا من هم "الخوارج" المقصودون في هذا الحديث إلى يومنا هذا؟


الجواب:

الحمد لله

روى ابن ماجة (174) عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ

تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ ) أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً ( حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ )

وصححه البوصيري في "الزوائد" (1/ 26) ، وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

ورواه أحمد (5562) من وجه آخر عن ابن عمر قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( يَخْرُجُ مِنْ أُمَّتِي قَوْمٌ يُسِيئُونَ الْأَعْمَالَ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ

يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ عَمَلَهُ مِنْ عَمَلِهِمْ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهُمْ، فَطُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ، وَطُوبَى لِمَنْ قَتَلُوهُ

كُلَّمَا طَلَعَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قَطَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ )، فَرَدَّدَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِشْرِينَ مَرَّةً ، أَوْ أَكْثَرَ ، وَأَنَا أَسْمَعُ .

قال السندي رحمه الله :

" قَوْلُهُ (يَنْشَأُ نَشْءٌ) فِي الْقَامُوسِ: النَّاشِئُ : الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ جَاوَزَ حَدَّ الصِّغَرِ .

قَوْلُهُ (كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ) أَيْ ظَهَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ، (قُطِعَ) : اسْتَحَقَّ أَنْ يُقْطَعَ ، وَكَثِيرًا مَا يُقْطَعُ أَيْضًا ، كَالْحَرُورِيَّةِ : قَطَعَهُمْ عَلِيٌّ .

(فِي عِرَاضِهِمْ) فِي خِدَاعِهِمْ ، أَيْ أَنَّ آخِرَهُمْ يُقَابِلُهُمْ وَيُنَاظِرُهُمْ . وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (أَعْرَاضِهِمْ) وَهُوَ جَمْعُ عَرْضٍ ، بِمَعْنَى الْجَيْشِ الْعَظِيمِ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنَ الْعرْضِ بِمَعْنَى نَاحِيَةِ الْجَبَلِ، أَوْ بِمَعْنَى السَّحَابِ الَّذِي يَسُدُّ الْأُفُقَ

وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَظْهَرُ مَعْنًى " انتهى .

وروى أحمد (6952) والحاكم (8558) عن عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: ( يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا قُطِعَ قَرْنٌ نَشَأَ قَرْنٌ

حَتَّى يَخْرُجَ فِي بَقِيَّتِهِمُ الدَّجَّالُ ) وصححه الشيخ أحمد شاكر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ لَا يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ إلَى زَمَنِ الدَّجَّالِ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ لَيْسُوا مُخْتَصِّينَ بِذَلِكَ الْعَسْكَرِ [يعني : الذين قاتلوا عليا رضي الله عنه] " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (28/ 495-496)

فأفاد الحديث : أن الخوارج فرقة من فرق الأمة ، وأنها سيستمر وجودها إلى آخر الزمان ، غير أنها تظهر فترة بعد فترة

وكلما ظهرت طائفة منهم قُطعت ، وانتهى أمرها ، ثم تظهر طائفة أخرى ...

. وهكذا ، حتى يخرج الدجال في آخرهم .

وقد وردت في الخوارج نصوص كثيرة ، وآثار عن السلف ، تتحدث عن صفاتهم ، وجملة ذلك : أنهم أحداث الأسنان (صغار السن) ، سفهاء الأحلام

يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم [أي : لا يفهمونه ولا يصل إلى قلوبهم] ، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه.

يقتلون أهل الإيمان ، ويدعون أهل الأوثان، ويطعنون على أمرائهم، ويشهدون عليهم بالضلال , يدعون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيء، ولا يرون لأهل العلم والفضل مكانة

ويظنون أنهم أعلم منهم بالله ورسوله وكتابه ، ويتشددون في العبادة ، ويجتهدون فيها أشد الاجتهاد ، ولكن مع جهل وقلة فقه ، يكفرون كل من ارتكب كبيرة من المسلمين .

فهذه صفاتهم كما جاءت في الأحاديث ، وذكرها العلماء .

ولا يجوز لأحد أن يتهم أحدا بأنه من الخوارج لمجرد أنه خالفه في الرأي ، أو لمجرد أنه رأى منه بعض التشدد ، فليس كل متشدد من الخوارج

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 17:44   رقم المشاركة : 183
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التوفيق بين طلب الستر في قصة ماعز وبين عدم التهاون في إقامة الحدود في قصة المخزومية

السؤال:

في السيرة النبوية بدا لي أن فيها تعارض بين قصتين : الحادثة الاولى : قصة المرأة المخزومية التي سرقت والرسول أراد أن يقيم عليها الحد ، فحرك أهلها أسامة بن زيد ليشفع لها عند رسول الله

فغضب الرسول من أسامة وقال : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ... وهذا من حرصه صلى الله عليه وسلم على إقامة الحدود ، وعدم التهاون فيها . الحادثة الثانية :

قصة الصحابي ماعز الذي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطهره وأصر عليه ، حتى أقام النبي عليه حد الرجم . ملاحظة مهمة وهي : ان علمائنا ومشايخنا يصورون لنا في الحادثة الثانية :

أن الرسول كان يريد من "ماعز" أن يرجع وأن يتوب بينه وبين ربه ، ولا يقام عليه الحد الشرعي ، "ونفس الامر أيضا مع المرأة الغامدية التي زنت ، وجاءت للنبي وهي حُبلى" .

والسؤال المهم هنا : كيف نوفق بين الحادثتين الأولى : عدم التهاون في تنفيذ الحكم الشرعي في مخالفة السرقة ، وبين ما أوضحه لنا العلماء والمشايخ من أن النبي لم يرد أن يُقام حد الزنا على ماعز أو المرأة الغامدية ؟


الجواب :

الحمد لله

لا يوجد تعارض بين الحادثتين ، فكل حادثة منهما لها أحكامها التي لا تنطبق على الحادثة الأخرى .

أولا :

حادثة ماعز رضي الله عنه ثبت فيها الحد بإقراره ، ولم يثبت بالشهود .

روى البخاري ( 6825 ) ومسلم ( 1691 ) عن أَبَي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : ( أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ ، فَنَادَاهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي زَنَيْتُ - يُرِيدُ نَفْسَهُ

- فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي زَنَيْتُ ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ، فَجَاءَ لِشِقِّ وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَعْرَضَ عَنْهُ

فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ ، دَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَبِكَ جُنُونٌ ؟ قَالَ : لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : أَحْصَنْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ: اذْهَبُوا فَارْجُمُوهُ ) رواه البخاري ( 6825 ) ومسلم ( 1691 ) .

وفي لفظ للبخاري ( 6824 ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ : ( لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ ، أَوْ غَمَزْتَ ، أَوْ نَظَرْتَ ؟ قَالَ : لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ...) .

والحد الذي ثبت بالإقرار : فإنه لا يجب على الحاكم أن يبادر إليه ؛ بل يستحب له أن يُعَرِّض للمقر ليرجع عن إقراره ، فإن أصر المقر على إقراره ، أقام الإمام عليه الحد .

قال ابن القيم رحمه الله تعالى عن قصة ماعز :

" فتضمنت هذه الأقضية رجم الثيب ...

وأن الإمام يستحب له أن يعرض للمقر بأن لا يقر "

انتهى من " زاد المعاد " ( 5 / 30 ) .

قال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :

"وقد ذكر بعض العلماء أنه يستحب للإمام أو الحاكم الذي يثبت عنده الحد بالإقرار التعريض له بالرجوع ، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعرض عن ماعز حين أقر عنده

ثم جاء من الناحية الأخرى فأعرض عنه ، حتى تم إقراره أربعاً . ثم قال : (لعلك لمست) .

وفي "المغني" لابن قدامة (12/466)

: قال الإمام أحمد: لا بأس بتلقين السارق ليرجع عن إقراره ، وهذا قول عامة الفقهاء"

انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (12/466) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"إذَا جَاءَ هُوَ بِنَفْسِهِ فَاعْتَرَفَ وَجَاءَ تَائِبًا فَهَذَا لَا يَجِبُ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِ الإمام أَحْمَد ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهَا الْقَاضِي بِعِدَّةِ أَحَادِيثَ

وَحَدِيثُ الَّذِي قَالَ: (أَصَبْت حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ ...إلخ الحديث) يَدْخُلُ فِي هَذَا ، لِأَنَّهُ جَاءَ تَائِبًا .

وَإِنْ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا شَهِدَ بِهِ مَاعِزٌ والغامدية ، وَاخْتَارَ إقَامَةَ الْحَدِّ : أُقِيمَ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا فَلَا. كَمَا فِي حَدِيثِ مَاعِزٍ: (فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ؟) ، والغامدية : رَدَّهَا مَرَّةً

بَعْدَ مَرَّةٍ. فَالْإِمَامُ وَالنَّاسُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى مِثْلِ هَذَا؛ وَلَكِنْ هُوَ إذَا طَلَبَ ذَلِكَ أُقِيمَ عَلَيْهِ ، كَاَلَّذِي يُذْنِبُ سِرًّا ، وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ حَدًّا: لَكِنْ إذَا اخْتَارَ هُوَ أَنْ يَعْتَرِفَ وَيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أُقِيمَ"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (16/31-32) .

ثانيا :

أما حادثة المخزومية فقد رواها البخاري ( 3475 ) ومسلم ( 1688 ) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : ( أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ

فَقَالُوا : وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟ ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ) .

فالحد في هذه الحادثة لم يثبت باعترافها ، بل ورد في بعض روايات الحديث أنها أنكرت أن تكون سرقت ، وأن المال المسروق وُجد في بيتها ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها.

انظر : "فتح الباري" (12/92) .

فهناك فرق بين من ثبت الحد عليه باعترافه ، ومن يثبت الحد عليه بالبينة .

فالثاني هو الذي يجب إقامة الحد عليه .

ثالثا :

من الأصول المهمة ، وما يجب معرفته والعناية به هنا : أن الحدود يشرع تعافيها ، والعفو عنها ، فيما بين الناس ، ويشرع لمن شهد بعض ذلك أن يستر على من ألم به

ولا يفضحه ، ولا يجب عليه أن يشهد به عند ولي الأمر ؛ لكن من شهد الشهود بذلك عند ولي الأمر ، وقامت البينة به عنده : حرم الشفاعة فيه ، ووجب على ولي الأمر أن يقيم حد الشرع على صاحبه .

روى أبو داود (4376) وغيره ، عن عبدِ الله بنِ عمرو بنِ العاص، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "تعافَوُا الحُدُودَ فيما بينكم، فما بلغني مِن حدٍّ، فقد وَجَبَ" . وصححه الألباني .

قال ابن قدامة رحمه الله :

"وَلَا بَأْسَ بِالشَّفَاعَةِ فِي السَّارِقِ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (تَعَافُوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ وَجَب) .

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا بَلَغَ الْإِمَامَ ، لَمْ تَجُزْ الشَّفَاعَةُ فِيهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إسْقَاطُ حَقٍّ وَجَبَ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ غَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ شَفَعَ أُسَامَةُ فِي الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ

وَقَالَ : ( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ) ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ، فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي حُكْمِهِ"

انتهى .المغني (12/467) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 17:47   رقم المشاركة : 184
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث : (مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ البِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ ...)

السؤال:

أسأل عن الحديث التالي: عن أنس قال من السنة إذا تزوج الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم وإذا تزوج الثيب على البكر أقام عندها ثلاثا ثم قسم قال أبو قلابة ولو شئت لقلت

إن أنسا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن أيوب وخالد قال خالد ولو شئت قلت رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله "إذا تزوج البكر على الثيب"

هذا لا إشكال فيه أما قوله "وإذا تزوج الثيب على البكر" فكيف يكون الزواج على بكر. فكيف تكون الأولى أي المتزوج عليها بكرا، هل باعتبار بكارتها قبل زواجه منها. وللزواج بالثيب على الثيب حكم آخر ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

روى البخاري (5214) ومسلم (1461) عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: (مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ البِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ،

وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى البِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا ثُمَّ قَسَمَ) قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: "وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ: إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" واللفظ للبخاري .

والفرق بين البكر والثيب معروف .

قال العراقي رحمه الله في "طرح التثريب" (7/ 10):

" الْبِكْرُ هِيَ الْجَارِيَةُ الْبَاقِيَةُ عَلَى حَالَتِهَا الْأُولَى، وَالثَّيِّبُ الْمَرْأَةُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ " انتهى .

قال أبو عبد الله البابرتي الحنفي رحمه الله في "العناية شرح الهداية" (3/ 270)

" الْبِكْرُ هِيَ الَّتِي يَكُونُ مُصِيبُهَا أَوَّلَ مُصِيبٍ " انتهى .

ثانيا :

قوله في الحديث : (إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ البِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا) وقوله أيضا : (وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى البِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا) ، لا مفهوم له .

بمعنى : أن الزوجة الجديدة إذا كانت بكرا : فلها الحق في سبعة أيام ، سواء كانت الزوجة التي عنده قبلها ثيبا ، أم تزوجها بكرا .

فإذا كانت الزوجة الجديدة ثيبا فلها الحق في ثلاثة أيام ، سواء كانت الزوجة القديمة ثيبا أم بكرا.

فهذا الحق هو حق للزوجة الجديدة ، ولا يؤثر فيه كون الزوجة التي عنده بكرا أم ثيبا ، وإنما الذي يؤثر فيه حال الزوجة الجديدة .

وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه : "باب : إذا تزوج الثيب على البكر" .

قال السندي رحمه الله :

" قوله : (إذا تزوج الرجل البكر على الثيب) أي : القديمة . ولعل إطلاق الثيب بناء على أن القديمة عادة تكون ثيباً
.
وقوله : إذا تزوج الثيب على البكر ، أي : على من تزوجها بكراً ، وعلى من هي باقية على بكارتها ، فإذا كان حكم الثيب على البكر هو هذا ، كان على الثيب بالأولى ،

والله تعالى أعلم اهـ " حاشيته على البخاري (3/177) . وينظر : "الفجر الساطع على الصحيح الجامع" (7/107) .

وقد صرح بذلك غير واحد من أهل العلم :

قال البجيرمي في حاشيته على المنهج (12/416) الشاملة :

"قَوْلُهُ : (إذا تزوج البكر عَلَى الثَّيِّبِ) وَالثَّيِّبُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا الْبِكْرُ ... قَوْلُهُ : (وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا الثَّيِّبُ" انتهى .

ومثله في "حاشية الجمل" (4/284) أيضا . وينظر أيضا : "أسهل المدارك شرح إرشاد السالك" (1/97) .

ويؤيد هذا : أن بعض ألفاظ الحديث جاءت مطلقة ، فذكرت حال الزوجة الجديدة فقط ، ولم تذكر شيئا عن الزوجة الأخرى ، مما يدل على أن حالها غير مؤثر في الحكم .

ففي لفظ البخاري (4812) قَالَ أنس رضي الله عنه : (السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا) .

وروى مسلم (2653) عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (لِلْبِكْرِ سَبْعٌ ، وَلِلثَّيِّبِ ثَلاَثٌ).
وروى ابن ماجة وابن حبان (4208) والبيهقي (4631)

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : قال : (سَبْعٌ لِلْبِكْرِ ، وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ) وصححه الألباني في صحيح الجامع (9311) ، وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق صحيح ابن حبان : إسناده صحيح على شرط مسلم .

قال إسحاق بن منصور الكوسج ، في مسائله للإمامين : أحمد ، وإسحاق بن راهويه :

" قُلْتُ : إذا تزوج البكرَ على الثيبِ ، أو الثيبَ على البكرِ ؟

قَالَ : يُقيم عند البكرِ سبعًا ثم يدور ، وعند الثيبِ ثلاثًا ثم يدورُ .

قَالَ إسحاق : كمَا قَالَ ." مسائل أحمد وإسحاق (1/356) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 17:52   رقم المشاركة : 185
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ )

السؤال:

أسألتي ألا وهي : عن حديث دعوة الطعام لنبي صلى الله عليه وسلم مع الجارية والأعرابي بما يتعلق بالتسمية .

س1 : ما صحة الحديث ومن رواه ؟

س2 : ماذا يعني جارية وما مصدرها ؟

س3 : كيف الرسول يمسك يد الجارية ؟

س4 : ما المقصود " وأن الشيطان يستحل الطعام ؟

س5 : ما المقصود في " وأنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها " ؟

س6 : وما هو قصد النبي صلى الله عليه وسلم " أن يدي في يدها مع يد الشيطان " ؟

س7 : وما هو الأعرابي وهل له اشتقاق ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ : " كُنَّا إِذَا حَضَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا لَمْ نَضَعْ أَيْدِيَنَا حَتَّى يَبْدَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعَ يَدَهُ ، وَإِنَّا حَضَرْنَا مَعَهُ مَرَّةً طَعَامًا

فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ كَأَنَّهَا تُدْفَعُ ، فَذَهَبَتْ لِتَضَعَ يَدَهَا فِي الطَّعَامِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهَا ، ثُمَّ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ كَأَنَّمَا يُدْفَعُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا ، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ

فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ يَدِهَا ) " ، وهذا حديث صحيح ، رواه الإمام مسلم في صحيحه (1017) ، وكذا رواه أبو داود في سننه (3766) ، والإمام أحمد في مسنده (23249) .

ثانيا :

تطلق " الجارية " في اللغة ، ويراد بها عدة معان : منها : الفتية من النساء ، والصغيرة التي لم تبلغ – وهو الأشهر بأصل الوضع العربي كالغلام في الرجال- ، وتطلق على الرضيعة أيضا

كما روى أبو داود (376) عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ ، وَيُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ ) ، صححه الألباني في " صحيح أبي داود " ، كما تطلق على الأمة .

كما تطلق الجارية على الشَّمْس ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لجَرْيِها مِنَ القُطر إِلَى القُطْر ، قال الله تعالى : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) يس/38 .

وتطلق على السَّفِينَة ، قال تعالى : ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ ) الحاقة/11 ، سميت بذلك لأنها تجري في الماء .

وانظر : " لسان العرب " (14/141) ، " المعجم الوسيط " (1/119) .

قال أبو العباس الفيومي رحمه الله :

" الْجَارِيَةُ : السَّفِينَةُ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِجَرْيِهَا فِي الْبَحْرِ ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَمَةِ : جَارِيَةٌ عَلَى التَّشْبِيهِ ، لِجَرْيِهَا مُسْتَسْخَرَةً فِي أَشْغَالِ مَوَالِيهَا

وَالْأَصْلُ فِيهَا الشَّابَّةُ لِخِفَّتِهَا ، ثُمَّ تَوَسَّعُوا حَتَّى سَمَّوْا كُلَّ أَمَةٍ جَارِيَةً وَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا تَقْدِرُ عَلَى السَّعْيِ ، تَسْمِيَةً بِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ "

انتهى من " المصباح المنير " (1/98) .

فاشتقاق الجارية من الجري والخفة .

ثالثا :

المقصود بالجارية في هذا الحديث : البنت الصغيرة .

قال نشوان الحميري رحمه الله

: " [الجارية] : الفتاة الصغيرة "

انتهى من " شمس العلوم " (2/1048) .

وقال أبو العباس القرطبي رحمه الله :

" الجارية في النساء كالغلام في الرجال ، وهما يقالان على من دون البلوغ منهما "

انتهى من " المفهم "

وينظر : " شرح مسلم للنووي " (15/7) .

وقال القاري رحمه الله في شرح هذا الحديث :

" (فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ) : أَيْ بِنْتٌ صَغِيرَةٌ "

انتهى من " مرقاة المفاتيح " (7/ 2729)

وكذا قال في " عون المعبود " (10/ 172) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" يعني طفلة صغيرة "

انتهى من " شرح رياض الصالحين " (4/192) .

فهذه الجارية التي أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدها كانت طفلة صغيرة .

رابعا :

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَنْ لَا يُذْكَرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ ) .

قال النووي رحمه الله :

" مَعْنَى ( يَسْتَحِلُّ ) : يَتَمَكَّنُ مِنْ أَكْلِهِ ، وَمَعْنَاهُ : أَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَكْلِ الطَّعَامِ إِذَا شَرَعَ فِيهِ إِنْسَانٌ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَشْرَعْ فيه أحد فلا يتمكن "

انتهى من " شرح النووي على مسلم " (13/189) .

خامسا :

قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِيَسْتَحِلَّ بِهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا ، فَجَاءَ بِهَذَا الْأَعْرَابِيِّ لِيَسْتَحِلَّ بِهِ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ ) .

يعني : جاء بهما ليأكلا بدون تسمية ، فيستطيع أن يأكل معهما ، لأنه بذلك يكون طعاما لم يذكر اسم الله عليه ، فمنع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الأعرابي وهذه الجارية : جاء بهما الشيطان لأجل أن يستحل الطعام بهما ، إذا أكلا بدون تسمية ، وهما قد يكونان معذورين لجهلهما : هذه لصغرها

وهذا أعرابي ، لكن الشيطان أتى بهما من أجل أنهما إذا أكلا بدون تسمية ، شارك في الطعام "

انتهى من " شرح رياض الصالحين " (4/193) .

سادسا :

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ يَدَهُ فِي يَدِي مَعَ يَدِهَا ) .

قال النووي رحمه الله :

" هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ (يَدِهَا) وَفِي بَعْضِهَا (يَدِيهِمَا) ، وَالتَّثْنِيَةُ تَعُودُ إِلَى الْجَارِيَةِ وَالْأَعْرَابِيِّ ، وَمَعْنَاهُ : أَنَّ يَدِي فِي يَدِ الشَّيْطَانِ مَعَ يَدِ الْجَارِيَةِ وَالْأَعْرَابِيِّ . وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ يَدِهَا بِالْإِفْرَادِ :

فَيَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَى الْجَارِيَةِ وهو لا ينفي يد الأعرابي "

انتهى من " شرح النووي على مسلم " (13/189) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أن يد الشيطان مع أيديهما في يد النبي صلى الله عليه وسلم "

انتهى من " شرح رياض الصالحين " (4/193) .

والمعنى : أن يد الشيطان كانت مع يد الجارية والأعرابي فلما أمسك النبي صلى الله عليه وسلم يديهما أمسك يد الشيطان أيضا .

سابعا :

الأعراب : هم سكان البادية ، يغلب عليهم الجهل والجفاء ، وقد هذبهم الإسلام .

فالأعرابي : من سكن البادية ، واشتقاقه من " عرب " .

قال الجوهري رحمه الله :

" العرب : جيل من الناس ، والنسبة إليهم عَرَبيّ بيِّن العروبة ، وهم أهل الأمصار . والأعراب منهم سُكّانُ البادية خاصَّة . وجاء في الشعر الفصيح : الأعاريب . والنسبة إلى الأعراب أعرابيٌّ

لأنه لا واحد له . وليس الأعراب جمعاً لعرب ، وإنما العرب اسم جنسٍ "

انتهى من " الصحاح " (1/178) .

وانظر إجابة السؤال القادم

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 17:55   رقم المشاركة : 186
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى: (وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)

السؤال


(وَمِنْ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمْ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) سألني أحدهم عن معنى الآية السابقة

لكني لم أجبه لأني لا أعرف ، فهل بوسعكم رجاء إخباري بمعنى الآية السابقة ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

هذه الآية التي في سورة التوبة تتحدث عن الأعراب وليس عن العرب ، وفرق بين اللفظين ، فالعرب هم الجنس المعروف الذي ينقسم إلى حضر وبدو ، والحضر هم ساكنو المدن والقرى

أما البدو فهم " الأعراب " سكان البادية ، وهؤلاء هم الذين تخبر عنهم الآيات الكريمات في سورة التوبة .

قال النووي رحمه الله :

"أهل البادية هم الأعراب ، ويغلب فيهم الجهل والجفاء ، ولهذا جاء في الحديث : (من بدا جفا) ، والبادية والبدو بمعنًى [واحد] : وهو ما عدا الحاضرة والعمران . والنسبة إليها بدوي " انتهى .

"شرح مسلم" (1/169) .

وقال الدكتور جواد علي :

" المجتمع العربي : بدو وحضر . .

ويعرف الحضر ، وهم العرب المستقرون بـ " أهل المدر " ، عرفوا بذلك لأن أبنية الحضر إنما هي بالمدر . والمدر : قطع الطين اليابس .

وورد أن أهل البادية إنما قيل لهم " أهل الوبر " ، لأن لهم أخبية الوبر . تمييزاً لهم عن أهل الحضر الذين لهم مبان من المدر .

وتطلق لفظة " عرب " على أهل المدر خاصة ، أي على الحضر و " الحاضر " و " الحاضرة " من العرب ، أما أهل البادية فعرفوا بـ " أعراب ". " انتهى باختصار .

" المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام " (4/271).

ثانياً :

أما الآيات الواردة في ذلك في سورة التوبة ، فهي قول الله تعالى : ( الأعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ .

وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ

أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التوبة/97-99 .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

"أخبر تعالى أن في الأعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين ، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد ، وأجدر : أي : أحرى ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله..

.عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غَفَل ، ومن أتى السلطان افتتن) رواه أبو داود والترمذي وقال : حسن غريب ....

وقوله : (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) أي : عليم بمن يستحق أن يعلمه الإيمان والعلم ، (حَكِيمٌ) فيما قسم بين عباده من العلم والجهل والإيمان والكفر والنفاق ، لا يسأل عما يفعل لعلمه وحكمته .

وأخبر تعالى أن منهم (مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ) أي : في سبيل الله (مَغْرَمًا) أي : غرامة وخسارة ، (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ) أي : ينتظر بكم الحوادث والآفات

(عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ) أي : هي منعكسة عليهم والسوء دائر عليهم ، (وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أي : سميع لدعاء عباده ، عليم بمن يستحق النصر ممن يستحق الخذلان .

وقوله : (وَمِنَ الأعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ) ، هذا هو القسم الممدوح من الأعراب ، وهم الذين يتخذون ما ينفقون في سبيل الله قربة يتقربون بها عند الله

ويبتغون بذلك دعاء الرسول لهم ، (أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ) أي : ألا إن ذلك حاصل لهم (سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) " انتهى.

"تفسير القرآن العظيم" (4/201-202) .

وقال العلامة السعدي رحمه الله :

" يقول تعالى : (الأعْرَاب) وهم سكان البادية والبراري (أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا) من الحاضرة الذين فيهم كفر ونفاق ، وذلك لأسباب كثيرة :

منها : أنهم بعيدون عن معرفة الشرائع الدينية والأعمال والأحكام ، فهم أحرى (وَأَجْدَرُ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ) من أصول الإيمان وأحكام الأوامر والنواهي ، بخلاف الحاضرة

فإنهم أقرب لأن يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله ، فيحدث لهم - بسبب هذا العلم - تصورات حسنة ، وإرادات للخير الذي يعلمون ، ما لا يكون في البادية . وفيهم من لطافة الطبع والانقياد للداعي ما ليس في البادية

ويجالسون أهل الإيمان ، ويخالطونهم أكثر من أهل البادية ، فلذلك كانوا أحرى للخير من أهل البادية ، وإن كان في البادية والحاضرة ، كفار ومنافقون ، ففي البادية أشد وأغلظ مما في الحاضرة .

ومن ذلك أن الأعراب أحرص على الأموال ، وأشح فيها . فمنهم (مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ) من الزكاة والنفقة في سبيل اللّه وغير ذلك (مَغْرَمًا) أي : يراها خسارة ونقصا

لا يحتسب فيها ، ولا يريد بها وجه اللّه ، ولا يكاد يؤديها إلا كرها .

(ويَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ) أي : من عداوتهم للمؤمنين وبغضهم لهم ، أنهم يودون وينتظرون فيهم دوائر الدهر ، وفجائع الزمان ، وهذا سينعكس عليهم فعليهم دائرة السوء .

وأما المؤمنون فلهم الدائرة الحسنة على أعدائهم ، ولهم العقبى الحسنة ، (وَاللَّهُ سميع عليم) يعلم نيات العباد وما صدرت عنه الأعمال من إخلاص وغيره .

وليس الأعراب كلهم مذمومين ، بل منهم (مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) فيسلم بذلك من الكفر والنفاق ، ويعمل بمقتضى الإيمان . (وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ) أي : يحتسب نفقته

ويقصد بها وجه اللّه تعالى والقرب منه . ( و ) يجعلها وسيلة لـ ( صَلَوَاتِ الرَّسُولِ ) أي : دعائه لهم ، وتبريكه عليهم ، قال تعالى مبينا لنفع صلوات الرسول : (أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ) تقربهم إلى اللّه ، وتنمي أموالهم

وتحل فيها البركة . (سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ) في جملة عباده الصالحين إنه غفور رحيم ، فيغفر السيئات العظيمة لمن تاب إليه ، ويعم عباده برحمته التي وسعت كل شيء

ويخص عباده المؤمنين برحمة يوفقهم فيها إلى الخيرات ، ويحميهم فيها من المخالفات ، ويجزل لهم فيها أنواع المثوبات .

وفي هذه الآية دليل على أن الأعراب كأهل الحاضرة ، منهم الممدوح ومنهم المذموم ، فلم يذمهم اللّه على مجرد تعربهم وباديتهم ، إنما ذمهم على ترك أوامر اللّه ، وأنهم في مظنة ذلك .

ومنها : أن الكفر والنفاق يزيد وينقص ويغلظ ويخف بحسب الأحوال .

ومنها : فضيلة العلم ، وأن فاقده أقرب إلى الشر ممن يعرفه ، لأن اللّه ذم الأعراب ، وأخبر أنهم أشد كفرا ونفاقا ، وذكر السبب الموجب لذلك ، وأنهم أجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل اللّه على رسوله .

ومنها : أن العلم النافع الذي هو أنفع العلوم ، معرفة حدود ما أنزل اللّه على رسوله ، من أصول الدين وفروعه ، كمعرفة حدود الإيمان ، والإسلام ، والإحسان ، والتقوى

والفلاح ، والطاعة ، والبر ، والصلة ، والإحسان ، والكفر ، والنفاق ، والفسوق ، والعصيان ، والزنا ، والخمر ، والربا ، ونحو ذلك

فإن في معرفتها يُتَمَكَّن من فعلها - إن كانت مأمورا بها ، أو تركها إن كانت محظورة ، ومن الأمر بها ، أو النهي عنها .

ومنها : أنه ينبغي للمؤمن أن يؤدي ما عليه من الحقوق ، منشرح الصدر ، مطمئن النفس ، ويحرص أن تكون مغنما ، ولا تكون مغرما " انتهى .

" تيسير الكريم الرحمن " (394) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 18:00   رقم المشاركة : 187
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الدليل على اشتراط أخذ المال من حرزه لقطع يد السارق

السؤال :

ما الدليل على اشتراط الحرز في السرقة ؟

الجواب :

الحمد لله

ذهب جماهير العلماء ( ومنهم الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى ) إلى أن من شروط قطع يد السارق : أن يسرق المال من حرزه .

والحرز هو ما يحفظ فيه المال عادةً ، وهو يختلف باختلاف المال والأحوال .

انظر : " المغني " (12/426) ، و " الشرح الممتع " (14/341-346) .

وقد دل على هذا عدة أحاديث أُخذ منها هذا الحكم ، وإن كانت لم ترد بالنص الصريح على اشتراط الحرز .
فمن هذه الأحاديث :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؛

أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ ؟ فَقَالَ : ( مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ

وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ (1710) ، وَالنَّسَائِيُّ (4958) ، وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود " .

(الْجَرِينُ) هو الموضع الذي يجمع فيه التمر للتجفيف .

ففرَّق الرسول صلى الله عليه وسلم بين من أخذ من التمر وهو على الشجر ومن أخذ منه بعد نقله إلى الجرين ، فالأول لا قطع عليه ، وإنما يعزر ، والثاني عليه القطع

والفرق بينهما : أن الأول أخذ التمر من غير حرز ، والثاني أخذه من الحرز ، وقد جاءت أحاديث أخرى بهذا المعنى .

جاء في " عون المعبود شرح سنن أبي داود " :

" (غَيْر مُتَّخِذ خُبْنَة ) أَيْ : لَا يَأْخُذ مِنْهُ فِي ثَوْبه .

( فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ ) لَمْ يُفَسِّر الْعُقُوبَة فِي هَذِهِ الرِّوَايَة ، لَكِنْ جَاءَ فِي رِوَايَات أُخْرَى تَفْسِيرهَا ، فَفِي رِوَايَة أَحْمَد (6645) : ( وَمَنْ اِحْتَمَلَ فَعَلَيْهِ ثَمَنه مَرَّتَيْنِ وَضَرْب نَكَال ) .

قَالَ الطِّيبِيّ : فَإِنْ قُلْت : كَيْف طَابَقَ هَذَا جَوَابًا عَنْ سُؤَاله عَنْ التَّمْر الْمُعَلَّق فَإِنَّهُ سُئِلَ : هَلْ يُقْطَع فِي سَرِقَة التَّمْر الْمُعَلَّق ؟ وَكَانَ ظَاهِر الْجَوَاب أَنْ يُقَال : لَا ، فَلِمَ أَطْنَبَ ذَلِكَ الْإِطْنَاب ؟ قُلْت : لِيُجِيبَ عَنْهُ مُعَلِّلًا

كَأَنَّهُ قِيلَ : لَا يُقْطَع ، لِأَنَّهُ لَمْ يُسْرَق مِنْ الْحِرْز ، وَهُوَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِين " انتهى .

وقال الصنعاني رحمه الله في " سبل السلام " (2/437)

: " أُخِذَ مِنْهُ اِشْتِرَاط الْحِرْز فِي وُجُوب الْقَطْع ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( بَعْد أَنْ يَأْوِيه الْجَرِين ) " اِنْتَهَى .

وقال القرطبي رحمه الله في " المفهم " (16/1) :

" تنبيه : آيةُ السَّرقة وردت عامة مطلقة ، لكنها مخصَّصة مقيَّدة عند كافة العلماء ؛ إذ قد خرج من عموم السَّارق من سرق أقل من نصاب ، وغير ذلك . وتقيَّدت باشتراط الحِرز

فلا قطع على من سرق شيئًا من غير حرز بالإجماع ، إلا ما شذَّ فيه الحسن ، وأهل الظاهر ، فلم يشترطوا الحِرز" انتهى .

وقال ابن عبد البر رحمه الله في " التمهيد " (23/312) :

" هذا الحديث أصل عند جمهور أهل العلم في مراعاة الحرز واعتباره في القطع ...

قال أبو عبيد : الثمر المعلق هو الذي في رؤوس النخل لم يُجَذْ ولم يحرز في الجرين " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (28/331-332) :

" وَلَا يَكُونُ السَّارِقُ سَارِقًا حَتَّى يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ حِرْزٍ . فَأَمَّا الْمَالُ الضَّائِعُ مِنْ صَاحِبِهِ وَالثَّمَرُ الَّذِي يَكُونُ فِي الشَّجَرِ فِي الصَّحْرَاءِ بِلَا حَائِطٍ ، وَالْمَاشِيَةُ الَّتِي لَا رَاعِيَ عِنْدَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ

فَلَا قَطْعَ فِيهِ ، لَكِنْ يُعَزَّرُ الْآخِذُ وَيُضَاعَفُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ ، كَمَا جَاءَ بِهِ الْحَدِيثُ " انتهى .

وقال ابن رشد رحمه الله في " بداية المجتهد " (2/368) :

" وأما الشرط الثاني في وجوب هذا الحد فهو الحرز ، وذلك أن جميع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى

وأصحابهم متفقون على اشتراط الحرز في وجوب القطع ، وإن كان قد اختلفوا فيما هو حرز مما ليس بحرز .

والأشبه أن يقال في حد الحرز : إنه ما شأنه أن تحفظ به الأموال كي يعسر أخذها مثل الأغلاق والحظائر وما أشبه ذلك " انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 18:00   رقم المشاركة : 188
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



وقال ابن قدامة رحمه الله في " المغني " (12/426) :

" الشَّرْطُ الرَّابِعُ : أَنْ يَسْرِقَ مِنْ حِرْزٍ ، وَيُخْرِجَهُ مِنْهُ .

وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ .

وَهَذَا مَذْهَبُ عَطَاءٍ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَأَبِي الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَمَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ .

وَلَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافَهُمْ ، إلَّا قَوْلًا حُكِيَ عَنْ عَائِشَةَ ، وَالْحَسَنِ ، وَالنَّخَعِيِّ ، فِيمَنْ جَمَعَ الْمَتَاعَ ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ ، عَلَيْهِ الْقَطْعُ .

وَعَنْ الْحَسَنِ مِثْلُ قَوْلِ الْجَمَاعَةِ .

وَحُكِيَ عَنْ دَاوُد أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحِرْزُ ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ لَا تَفْصِيلَ فِيهَا .

وَهَذِهِ أَقْوَالٌ شَاذَّةٌ ، غَيْرُ ثَابِتَةٍ عَمَّنْ نُقِلَتْ عَنْهُ .

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : وَلَيْسَ فِيهِ خَبَرٌ ثَابِتٌ ، وَلَا مَقَالٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ ، إلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ ، فَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ ، وَالْإِجْمَاعُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ .... ثم ذكر الحديث المتقدم . ثم قال :

وَهَذَا الْخَبَرُ يَخُصُّ الْآيَةَ ، كَمَا خَصَّصْنَاهَا فِي اعْتِبَارِ النِّصَابِ " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 18:05   رقم المشاركة : 189
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجواب عن حديث المخزومية التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها ، مع أنها لم تسرق من حرز

السؤال:

ما الدليل على اشتراط الحرز في السرقة ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد المخزومية التي تستعير المتاع وتجحده ، مع أنها لم تسرق من حرز ؟

الجواب :

الحمد لله


أولاً :

سبق في الفتوى السابقة بيان الدليل على أنه لا قطع على السارق حتى يسرق المال من حرزه ، وذكرنا شيئا من أقوال العلماء في ذلك .

ثانياً :

روى مسلم (1316) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " كَانَتِ امْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهَا " .

وفي رواية أخرى عن عائشة رضي الله عنها – أيضاً - : أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَرْأَةِ المَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ ، فَقَالُوا : وَمَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالُوا :

وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟! ) ، ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ

ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ ، أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا ) رواه البخاري (3475) ، ومسلم (1688) .

وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله : في توجيه الرواية الأولى التي فيها أنها كانت تستعير المتاع وتجحد استعارته :
فذهب بعض العلماء – وهو مذهب الحنابلة

- : أن جاحد العارية ، تقطع يده ، حكمه في ذلك حكم السارق ، واستدلوا بظاهر الحديث .

وأما جمهور أهل العلم رحمهم الله ، فقد ذهبوا إلى أن جاحد العارية لا تقطع يده ، وأن حديث المخزومية محمول على أنها قد سرقت

ودللوا على ذلك بالرواية الأخرى التي فيها أنها سرقت ، وقالوا في لفظ : " أنها كانت تستعير المتاع وتجحده " أنه وصف اشتهرت به تلك المرأة ، وليس هو سببا في قطع يدها .

قال ابن قدامة رحمه الله :

" وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ , عَنْ أَحْمَدَ , فِي جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ , فَعَنْهُ : عَلَيْهِ الْقَطْعُ ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : " أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ وَتَجْحَدُهُ

, فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَطْعِ يَدِهَا ... الحديث " , قَالَ أَحْمَدُ : لَا أَعْرِفُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

وَعَنْهُ : لَا قَطْعَ عَلَيْهِ , وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ ... , وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ . وَهُوَ الصَّحِيحُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - ; لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( لَا قَطْعَ عَلَى الْخَائِنِ ) ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ السَّارِقِ ,

وَالْجَاحِدُ غَيْرُ سَارِقٍ , وَإِنَّمَا هُوَ خَائِنٌ , فَأَشْبَهَ جَاحِدَ الْوَدِيعَةِ , وَالْمَرْأَةُ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَعِيرُ الْمَتَاعَ إنَّمَا قُطِعَتْ لِسَرِقَتِهَا , لَا بِجَحْدِهَا , أَلَا تَرَى قَوْلَهُ : ( إذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ

, وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ قَطَعُوهُ ) ، وَقَوْلَهُ : ( وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَة بِنْت مُحَمَّدٍ , لَقَطَعْت يَدَهَا ) ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ رِوَايَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ عَنْ عَائِشَةَ , أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ ,

وَذَكَرَتْ الْقِصَّةَ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهَا سَرَقَتْ قَطِيفَةً , فَرَوَى الْأَثْرَمُ , بِإِسْنَادِهِ عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ : " لَمَّا سَرَقَتْ الْمَرْأَةُ تِلْكَ الْقَطِيفَةَ مِنْ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

أَعْظَمْنَا ذَلِكَ , وَكَانَتْ امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ , فَجِئْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْنَا : نَحْنُ نَفْدِيهَا بِأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً . قَالَ : تُطَهَّرَ خَيْرٌ لَهَا . فَلَمَّا سَمِعْنَا لِينَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ , أَتَيْنَا أُسَامَةَ ,

فَقُلْنَا : كَلِّمْ لَنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ سِيَاقِ عَائِشَةَ . وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ , وَأَنَّهَا سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ بِسَرِقَتِهَا , وَإِنَّمَا عَرَّفَتْهَا عَائِشَةُ بِجَحْدِهَا لِلْعَارِيَّةِ

; لِكَوْنِهَا مَشْهُورَةً بِذَلِكَ , وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا , كَمَا لَوْ عَرَّفَتْهَا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهَا , وَفِيمَا ذَكَرْنَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ , وَمُوَافَقَةٌ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَالْقِيَاسِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ , فَيَكُونُ أَوْلَى "

انتهى من " المغني " (9/94-95) .

وجاء في " طرح التثريب " (8/31) :

" اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ اسْتَعَارَ قَدْرَ نِصَابِ السَّرِقَةِ ، وَجَحَدَهُ ، ثُمَّ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ : قُطِعَ بِهِ ، وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ ، وَابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ ، وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ...

وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَى أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ .

وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ :

(أَحَدُهَا) : أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ شَاذَّةٌ ، فَإِنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِجَمَاهِيرِ الرُّوَاةِ ، وَالشَّاذَّةُ لَا يُعْمَلُ بِهَا ، حَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ .

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ : مَنْ رَوَى أَنَّهَا سَرَقَتْ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ مِنْ رِوَايَةِ أَنَّهَا كَانَتْ تَجْحَدُ الْمَتَاعَ ، وَانْفَرَدَ مَعْمَرٌ بِذِكْرِ الْجَحْدِ وَحْدَهُ مِنْ بَيْنِ الْأَئِمَّةِ الْحُفَّاظِ ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِحِفْظِهِ .....

وَقَالَ وَالِدِي [ يعني : الحافظ العراقي ] - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى الزُّهْرِيِّ : فَقَالَ اللَّيْثُ وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ : أَنَّهَا « سَرَقَتْ »

. وَقَالَ مَعْمَرٌ وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ : أَنَّهَا « اسْتَعَارَتْ وَجَحَدَتْ » ........ انْتَهَى .

وَعَكَسَ ابْنُ حَزْمٍ ذَلِكَ ، فَقَالَ : لَمْ يُضْطَربْ عَلَى مَعْمَرٍ وَلَا عَلَى شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ في ذَلِكَ، وَهُمَا فِي غَايَةِ الثِّقَةِ

وَالْجَلَالَةِ ، وَإِنْ خَالَفَهُمَا اللَّيْثُ وَيُونُسُ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ؛ فَإِنَّ اللَّيْثَ وَيُونُسَ قَدْ اُضْطُرِبَ عَلَيْهِمَا أَيْضًا ، وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا فَوْقَ مَعْمَرٍ وَشُعَيْبٍ فِي الْحِفْظِ ، وَقَدْ وَافَقَهُمَا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ . انْتَهَى .

(الْجَوَابُ الثَّانِي) : أَنَّ قَطْعَها إنَّمَا كَانَ بِالسَّرِقَةِ ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ الْعَارِيَّةُ تَعْرِيفًا لَهَا ، وَوَصْفًا ؛ لَا لِأَنَّهَا سَبَبُ الْقَطْعِ . وَبِذَلِكَ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ؛ فَإِنَّهَا قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ .

وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ أَكْثَرُ النَّاسِ ، وَحَكَاهُ الْمَازِرِيُّ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَالنَّوَوِيِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ السَّرِقَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ

لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا عِنْدَ الرَّاوِي ذِكْرُ مَنْعِ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ ، لَا الْإِخْبَارِ عَنْ السَّرِقَةِ انْتَهَى " انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 18:06   رقم المشاركة : 190
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)



وقد اختار ابن القيم رحمه الله العمل بظاهر الرواية التي تفيد أنها قطعت من أجل جحدها العارية ، فقال رحمه الله :
" وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّ جَاحِد الْعَارِيَة لَا يُسَمَّى سَارِقًا

لَكَانَ قَطْعه بِهَذَا الْحَدِيث جَارِيًا عَلَى وَفْقِ الْقِيَاس ، فَإِنَّ ضَرَره مِثْل ضَرَر السَّارِق ، أَوْ أَكْثَر ؛ إِذْ يُمْكِن الِاحْتِرَاز مِنْ السَّارِق بِالْإِحْرَازِ وَالْحِفْظ ، وَأَمَّا الْعَارِيَة فَالْحَاجَة الشَّدِيدَة الَّتِي تَبْلُغ الضَّرُورَة مَاسَّة إِلَيْهَا

وَحَاجَة النَّاس فِيمَا بَيْنهمْ إِلَيْهَا مِنْ أَشَدّ الْحَاجَات ، وَلِهَذَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنْ الْعُلَمَاء إِلَى وُجُوبهَا ، وَهُوَ مَذْهَب كَثِير مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ ، وَأَحَد الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَب أَحْمَد

فَتَرْتِيب الْقَطْع عَلَى جَاحِدهَا طَرِيق إِلَى حفظ أموال الناس ، وتركٌ لباب هَذَا الْمَعْرُوف مَفْتُوحًا ، وَأَمَّا إِذَا عُلِمَ أَنَّ الْجَاحِد لَا يُقْطَع ، فَإِنَّهُ يُفْضِي إِلَى سَدّ بَاب الْعَارِيَة فِي الْغَالِب .

وَسِرّ الْمَسْأَلَة : أَنَّ السَّارِق إِنَّمَا قُطِعَ ، دُون الْمُنْتَهِب وَالْمُخْتَلِس ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِن التَّحَرُّز مِنْهُ ؛ بِخِلَافِ الْمُنْتَهِب وَالْمُخْتَلِس ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَفْعَل ذَلِكَ عِنْد عَدَم اِحْتِرَاز الْمَالِك

وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْعَارِيَة فِيمَا بَيْن النَّاس أَمْر تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَة ، فَلَا يُمْكِن سَدّه وَالِاحْتِرَاز مِنْهُ ، فَكَانَ قَطْع الْيَد فِي جِنَايَته كَقَطْعِهَا فِي جِنَايَة السَّرِقَة ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق "

انتهى من " تهذيب السنن " (12/24) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فالمذهب أن الخائن في العارية يقطع ، واستدلوا بحديث المخزومية أنها كانت تستعير المتاع فتجحده ، فأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بقطع يدها .

وليست الخيانة في العارية ، كالخيانة في الوديعة ؛ لأن قابض العارية قبضها لمصلحته ، وأما الوديعة فلمصلحة المالك ، فمن قاسها عليها فقد أخطأ ؛ لأن الفرق بينهما ظاهر

ولأننا إذا قطعنا جاحد العارية امتنع الناس من جحدها ، وإذا لم نقطعهم تجرأ الناس على جحدها ، وفي هذا سد لباب المعروف ؛ لأن المُعير محسن ، فإذا كان المعير يُجْحَد ، ولا يؤخذ له حقه

إلا بالضمان فقط ، فإن الناس قد يمتنعون من العارية ، وهي واجبة في بعض الصور ، وهذا يؤدي إلى عدم القيام بهذا الواجب.

ثم نقول أيضاً : هي قسم برأسها ، افرض أنها لا تدخل في السرقة لغة ، فما دام فيها نص ، فما موقفنا أمام الله عزّ وجل إذا كان يوم القيامة ، والرسول صلّى الله عليه وسلّم قطع بها

وقال : ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) "

انتهى من " الشرح الممتع " (14/329) .

والحاصل :

أنه لا تعارض بين اشتراط الحرز في قطع يد السارق ، وبين حديث المرأة المخزومية ؛ لأنها إن كانت قطعت لسرقتها ، فلابد أنها سرقت المال من حرزه ، لأن السارق لا يقطع إلا بذلك .

وإن كانت قد قطعت لجحدها العارية فذلك حكم مستقل دلت عليه السنة .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-25, 21:04   رقم المشاركة : 191
معلومات العضو
طالب اجنة الفردوس
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

https://www.djelfa.info/xfoxnvbhnt51 عمل يعدل قيام وصيام الاف السنين حديث صحيح










رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 14:45   رقم المشاركة : 192
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالب اجنة الفردوس مشاهدة المشاركة
https://www.djelfa.info/xfoxnvbhnt51 عمل يعدل قيام وصيام الاف السنين حديث صحيح
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيك









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 14:50   رقم المشاركة : 193
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



معنى قوله عليه الصلاة والسلام : ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ )

السؤال:

كنت في المسجد بعد صلاة العشاء حين قام أحدهم وألقى درساً ذكر فيه أن شر الطعام طعام الوليمة ، يدعى إليه الأغنياء ويمنع منه الفقراء ، وساق الحديث على ذلك . فذهبت وبحثت عن هذا الحديث فوجدت كلاماً كثيراً للعلماء يؤيدونه .

ولاحظت أن هذا الحديث مذيل بزيادة تقول : ولكن إذا دعيتم فأجيبوا . فهل هذا الحديث صحيح ؟

لأنني بحثت عنه فلم أجد له مصدراً ، في حين أني وجدت أحاديث أخرى منفردة تحث على إجابة الدعوة وضرورة قبول اللبن والطيب ممن أعطاك . ثم أين يكمن الإشكال في طعام الوليمة إذا لم يدعى إليها الفقراء

خصوصاً إذا كانت مخصصة للأهل والأقارب ؟

وهل من الضروري في كل وليمة أن يدعى إليها الفقراء حتى تتخلص من الشر الذي وُصفت به ؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

هذا الحديث الذي سألت عنه حديث صحيح ؛ رواه البخاري (5177) ، ومسلم (1432) - والفظ له - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النبيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال : ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ

يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا ، وَيُدْعَى إِلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ ، فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ ) ، إلا أن البخاري أوقفه على أبي هريرة رضي الله عنه ، ولفظه : ( شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ ) .

والمقصود بالوليمة في هذا الحديث هي وليمة العرس خاصة ، وليست كل طعام دعي إليه أحد من الناس ،

كما قرره الصنعاني في " سبل السلام " (2/ 229) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" أَيْ أَنَّهَا تَكُون شَرّ الطَّعَام إِذَا كَانَتْ بِهَذِهِ الصِّفَة , وَلِهَذَا قَالَ اِبْن مَسْعُود : ( إِذَا خُصَّ الْغَنِيّ وَتُرِك الْفَقِير أُمِرْنَا أَنْ لَا نُجِيب )

انتهى من " فتح الباري " (9/245) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فسر هذه الوليمة التي طعامها شر الطعام وهي التي يدعى إليها من يأباها ويمنعها من يأتيها ، يعني يدعى إليها الأغنياء ، والغني لا يحرص على الحضور إذا دعي ؛ لأنه مستغن بماله ، ويمنع منها الفقراء

والفقير هو الذي إذا دعي أجاب ، فهذه الوليمة ليست وليمة مقرِّبةً إلى الله ؛ لأنه لا يدعى إليها من هم أحق بها ، وهم الفقراء ؛ بل يدعى إليها الأغنياء "

انتهى من " شرح رياض الصالحين " (3/ 102) .

ووليمة العرس تكون شكرا لنعمة النكاح ، وإشهارا للنكاح وإعلانا له ، وإظهارا للسرور ، وإذا كانت كذلك ، فلا ينبغي أن يخص بها الأغنياء دون الفقراء ، فإن ذلك يدل على تكبر صاحبها

بل الذي ينبغي أن يدعو الإنسان إليها أقاربه وجيرانه وأصحابه ومن يعرفهم من المسلمين ، وبالقطع سيكون في هؤلاء الغني والفقير ، وأما تخصيص الأغنياء بالدعوة ، فذلك الذي ذمه الحديث .

وقد يقاس على وليمة العرس في هذا : الولائم العامة التي يكون سببها من أسباب السرور كالعقيقة أو رجوع مسافر ، أو إتمام حفظ القرآن الكريم .... أو نحو ذلك .

وأما الولائم الخاصة كالتي يصنعها المسلم ، ليدعو إليها صديقا له ، أو قريبا ، أو خاصا من الناس : فلا حرج عليه أن تكون خاصة بمن صنعها من أجله .

وقد كان الصحابة يدعون النبي صلى الله عليه وسلم للطعام ويجيب دعوتهم .

غير أنه ينبغي في هذه الحالة أن لا يكون قد صنعها لفلان من أجل غناه ، بل من أجل قرابته له ، أو صلته به ، ونحو ذلك من المقاصد الحسنة التي يثاب عليها المسلم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 14:53   رقم المشاركة : 194
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا كان الذي يموت حرقا ، والذي يموت تحت الهدم من الشهداء ؟

السؤال :

أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن موتى الحرق والهدم شهداء، فما السبب في ذلك؟

الجواب:

الحمد لله


روى البخاري (653) ، ومسلم (1914) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ )

وروى أحمد (23804) ، وأبو داود (3111) ، والنسائي (1846) عن جَابِرَ بْنَ عَتِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ ؟) قَالُوا : الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى

. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ : الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ

وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ شَهِيدٌ ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ) أي : بسبب الحمل والولادة .

قال النووي رحمه الله :

" قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ الْمَوْتَاتُ شَهَادَةً ، بِتَفَضُّلِ اللَّهِ تَعَالَى ، بِسَبَبِ شِدَّتِهَا وَكَثْرَةِ أَلَمِهَا.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُرَادُ بِشَهَادَةِ هَؤُلَاءِ كُلِّهِمْ غَيْرِ الْمَقْتُولِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: أَنَّهُمْ يَكُونُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ثَوَابُ الشُّهَدَاءِ، وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَيُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-27, 14:57   رقم المشاركة : 195
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجمع بين كون الله تعالى مستوياً على العرش وأنه قِبَل وجه المصلي

السؤال:


أعلم أن الله تبارك وتعالى على العرش فوق خلقه ، لكنني قرأت في مكان ما على الانترنت أن الله قِبل وجه المصلي . فما شرح ذلك ؟

وهل هذا هو السبب في حرمة المرور بين يدي المصلي ؟


الجواب :


الحمد لله


أولا :

روى البخاري (406) ، ومسلم (547) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى بُصَاقًا فِي جِدَارِ الْقِبْلَةِ

فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ : ( إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى ) " .

فهو سبحانه وتعالى مستوٍ على عرشه حقيقة ، وهو قِبل وجه المصلي حقيقة ، على وجه يليق بجلاله .

قال ابن القيم رحمه الله :

" .. فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ، فَأَيْنَمَا وَلَّى الْمُصَلِّي فَهِيَ قِبْلَةُ اللَّهِ ، وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ وَجْهَ رَبِّهِ ; لِأَنَّهُ وَاسِعٌ ، وَالْعَبْدُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ تَعَالَى ، وَاللَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ بِوَجْهِهِ

كَمَا تَوَاتَرَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .... فَإِنَّهُ قَدْ دَلَّ الْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ وَجَمِيعُ كُتُبِ اللَّهِ السَّمَاوِيَّةِ : عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ فَوْقَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ

وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ كُلِّهَا ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مُحِيطٌ بِالْعَوَالِمِ كُلِّهَا ، فَأَيْنَمَا وَلَّى الْعَبْدُ فَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَقْبِلُهُ ، بَلْ هَذَا شَأْنُ مَخْلُوقِهِ الْمُحِيطِ بِمَا دُونَهُ ، فَإِنَّ كُلَّ خَطٍّ يَخْرُجُ مِنَ الْمَرْكَزِ إِلَى الْمُحِيطِ

فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ الْمُحِيطِ وَيُوَاجِهُهُ ، وَالْمَرْكَزُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ الْمُحِيطِ ، وَإِذَا كَانَ عَالِي الْمَخْلُوقَاتِ الْمُحِيطُ ، يَسْتَقْبِلُ سَافِلَهَا الْمُحَاطُ بِهِ بِوَجْهِهِ ، مِنْ جَمِيعِ الْجِهَاتِ وَالْجَوَانِبِ

فَكَيْفَ بِشَأْنِ مَنْ هُوَ بكل شَيْءٍ مُحِيطٍ ، وَهُوَ مُحِيطٌ وَلَا يُحَاطُ بِهِ ، كَيْفَ يُمْتَنَعُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْعَبْدُ وَجْهَهُ تَعَالَى حَيْثُ كَانَ ، وَأَيْنَ كَانَ ؟! "

انتهى من " مختصر الصواعق المرسلة " (1/417) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" يمكن الجمع بين ما ثبت من علو الله بذاته ، وكونه قِبَل المصلي من وجوه :

الأول: أن النصوص جمعت بينهما ، والنصوص لا تأتي بالمحال .

الثاني: أنه لا منافاة بين معنى العلو والمقابلة ، فقد يكون الشيء عالياً وهو مقابل ، لأن المقابلة لا تستلزم المحاذاة ، ألا ترى أن الرجل ينظر إلى الشمس حال بزوغها فيقول : إنها قبل وجهي , مع أنها في السماء

ولا يعد ذلك تناقضاً في اللفظ ولا في المعنى ، فإذا جاز هذا في حق المخلوق ، ففي حق الخالق أولى .

الثالث : أنه لو فُرض أن بين معنى العلو والمقابلة تناقضاً وتعارضاً في حق المخلوق ؛ فإن ذلك لا يلزم في حق الخالق ، لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في جميع صفاته

فلا يقتضي كونه قِبل وجه المصلي ، أن يكون في المكان أو الحائط الذي يصلي إليه ، لوجوب علوه بذاته ، ولأنه لا يحيط به شيء من المخلوقات ، بل هو بكل شيء محيط " .

انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (4/ 51) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" أما كونه لا يبصق قِبَلَ وجهِهِ ، فلأن الله سبحانه وتعالى قِبَلَ وجهِهِ ، ما من إنسان يستقبل بيتَ الله ليُصلِّي ، إلا استقبله الله بوجهه ، في أيِّ مكان ؛ لأن الله تعالى بكلِّ شيء محيط

كما قال تعالى : ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) البقرة/115 ، وليس من الأدب أن تبصُق بين يديك ، والله تعالى قِبَلَ وجهك "

انتهى من " الشرح الممتع " (3/ 269) .

ثانياً :

روى البخاري (509) ، ومسلم (505) عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ

فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلْيَدْفَعْهُ ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ ) .

وروى أبو داود (695) عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعِ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ ) وصححه الألباني

فتبين بذلك أن المنع من المرور بين يدي المصلي لا علاقة له بما ذكر من كون الرحمن قِبل وجه المصلي ، وإنما مقصوده : منع مرور الشيطان بين يدي المصلي

وأن يجمع المصلي قلبه على صلاته فلا ينصرف إلى شيء سوى صلاته .

قال في " عون المعبود " (2/275) :

" أي : لا يفوت عليه حضورها بالوسوسة والتمكن منها ، واستفيد منه أن السترة تمنع استيلاء الشيطان على المصلي ، وتمكنه من قلبه بالوسوسة ، إما كُلًّا

أو بعضاً ، بحسب صدق المصلي وإقباله في صلاته على الله تعالى ، وأنَّ عَدَمها يمكن الشيطان من إزلاله عما هو بصدده من الخشوع والخضوع " انتهى .

وقال النووي رحمه الله :

" قال الْعُلَمَاءُ : وَالْحِكْمَةُ فِي السُّتْرَةِ كَفُّ الْبَصَرِ عَمَّا وَرَاءَهُ ، وَمَنْعُ مَنْ يُجْتَازُ بِقُرْبِهِ " .

انتهى من " شرح مسلم " (4/216) .

وقال الكمال ابن الهمام رحمه الله :

" الْمَقْصُودُ جَمْعُ الْخَاطِرِ بِرَبْطِ الْخَيَالِ بِهِ كَيْ لَا يَنْتَشِرَ "

انتهى من " فتح القدير" (1/ 408) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:16

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc