قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا كُتِبَ لَهُ وَمَنْ كَانَتِ الآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِى قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِىَ رَاغِمَةٌ ".
أخرجه هناد (2/355)، أحمد (5/183)، الترمذي (2465)، وابن ماجه (4105) واللفظ له،
وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (404، 949، 950).
قال المباركفوري في " تحفة الأحوذي ":
[ هَمَّهُ ] أَيْ قَصْدُهُ وَنِيَّتُهُ.
[ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ ] أَيْ جَعَلَهُ قَانِعًا بِالْكَفَافِ وَالْكِفَايَةِ كَيْ لَا يَتْعَبَ فِي طَلَبِ الزِّيَادَةِ.
[ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ ] أَيْ أُمُورَهُ الْمُتَفَرِّقَةَ بِأَنْ جَعَلَهُ مَجْمُوعَ الْخَاطِرِ بِتَهْيِئَةِ أَسْبَابِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِ.
[ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا ] أَيْ مَا قُدِّرَ وَقُسِمَ لَهُ مِنْهَا.
[ وَهِيَ رَاغِمَةٌ ] أَيْ ذَلِيلَةٌ حَقِيرَةٌ تَابِعَةٌ لَهُ لَا يَحْتَاجُ فِي طَلَبِهَا إِلَى سَعْيٍ كَثِيرٍ بَلْ تَأْتِيهِ هَيِّنَةً لَيِّنَةً عَلَى رَغْمِ أَنْفِهَا وَأَنْفِ أَرْبَابِهَا.
[ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ ] وَفِي الْمِشْكَاةِ: وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ طَلَبَ الدُّنْيَا.
[ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ] الِاحْتِيَاجِ إِلَى الْخَلْقِ كَالْأَمْرِ الْمَحْسُومِ مَنْصُوبًا بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
[ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ ] أَيْ أُمُورَهُ الْمُجْتَمَعَةَ.
قَالَ الطِّيبِيُّ: يُقَالُ جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ أَيْ مَا تَشَتَّتَ مِنْ أَمْرِهِ.
وَفَرَّقَ اللَّهُ شَمْلَهُ أَيْ مَا اِجْتَمَعَ مِنْ أَمْرِهِ , فَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ.
[ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ ] أَيْ وَهُوَ رَاغِمٌ, فَلَا يَأْتِيهِ مَا يَطْلُبُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِهِ وَأَنْفِ أَصْحَابِهِ.