![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
هل يلزم من قيام الحجة فهمها ؟؟؟
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 166 | |||||
|
![]() كَشِيشُ أفعى أجْمَعَتْ لِعَضِّ * فهي تَحُكُّ بعضَها ببعضِ! اقتباس:
من ذا الذي ادعى العصمة لشيخ الإسلام أو لغيره من علماء الإسلام ؟ لماذا الانتقاد موجهٌ إلى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- بالذات ؟ فما ذلك إلا أنه قضَّ مضاجع أسيادك الأولين، وبيَّن تناقضهم وكشف اضطرابهم، فَهَتَكَ أستارهم وفضح مخازيهم وشرَّد بهم من خلفهم ، فهو شيخ الإسلام بحق، شاء من شاء وأبى من أبى ![]() ![]() ![]() قاعدة "المعقول الصريح لا يناقض المنقول الصحيح" قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- :
(الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يخبرون بما تعجز عقول الناس عن معرفته, لا بما يعرف الناس بعقولهم أنه ممتنع، فيخبرون بمحارات العقول لا بمحالات العقول، ويمتنع أن يكون في أخبار الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما يناقض صريح المعقول، ويمتنع أن يتعارض دليلان قطعيان، سواء كانا عقليين أو سمعيين, أو كان أحدهما عقليا والآخر سمعيا.) الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان (235) وقال: (ومعلوم أن الأنبياء عليهم السلام أعظم من الأولياء, والأنبياء جاءوا بما تعجز العقول عن معرفته، ولم يجيئوا بما تعلم العقول بطلانه، فهم يخبرون بمحارات العقول، لا بمحالات العقول، وهؤلاء الملاحدة يدعون أن محالات العقول صحيحة، وأن الجمع بين النقيضين صحيح، وأن ما خالف صريح المعقول وصحيح المنقول صحيح). وقال : (ولا يجوز أن يخبر الرسل بشيء يعلم بالعقل الصريح امتناعه، بل لا يجوز أن يخبروا بما لا بعلم بالعقل ثبوته، فيخبرون بمحارات العقول,لا بمحالات العقول، ويجوز أن يكون في بعض ما يخبرون به ما يعجز عقل بعض الناس عن فهمه وتصوره، فإن العقول متفاوتة) درء تعارض العقل والنقل (2/314) فلو أن أحد المعتزلة أو الجهمية ، لـَمَّا يأتي لرؤية الله في الدار الآخرة وينفيها عن الله بشبهة الاستحالة العقلية يُرَدُّ عليه بهذه القاعدة النفيسة
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : 167 | |||
|
![]() فإن رؤية الله في الدار الآخرة يجيزها العقل وليست هي مستحيلة، فالأنبياء جاءوا بما تعجز العقول عن معرفته, ولم يجيئوا بما تعلم العقول بطلانه فالذي تحار فيه العقول لعجزها وضعفها ليس مستحيلا وإنما هو مما يجيزه العقل والأمر الذي تحار فيه العقول هو الذي لا تحكم باستحالته ولكنها لا تدرك كيفيته ولا كنهه وهذا معنى أنها تحار فيه، وعدم إدراك العقل لكيفية الشيء أو حقيقته لا يلزم منه أنه يحكم باستحالته ولذلك نحن نقول للجهمية والمعتزلة حيرة العقل في كيفية الصفات وعدم إدراكه للكيفية لا يعني عدم ذلك ولا يعني امتناع الصفة، فَعَدَمُ عِلْمِكَ بِالشَيْءِ لاَ يَدُلُ عَلَى العِلْمِ بِعَدَمِهِ قال الله تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَم يُحِيْطُوا بِعِلْمِهِ وَلَـمَّا يَأْتِهم تَأْوِيْلُهُ ﴾ قال الحسن البصري - رحمه الله- : (لو علم العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا ولتقطعت كبودهم كمداً) قال الله جل في علاه :
﴿مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6)﴾ سورة العنكبوت |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 168 | ||||
|
![]() اقتباس:
وَإِنِّي لَأَدْعُو اللهَ حَتَّى كَأَنَّنِي * أَرَى بِجَمِيْلِ الظَنِّ مَا اللهُ صَانِعُ من دعائه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- (اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ؛ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ إِنِي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والْعَدْلِ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْغِنَى وَ الْفَقْرِ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ،وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ) رواه النسائي(3/ 54 - 55 ) وأحمد (4/384) قال الألباني: صحيح. انظر: صحيح سنن النسائي (1/281) (وأسألك لذَّةَ النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، في غير ضرَّاء مضرة ولا فتنة مضلة) قال طبيب القلوب ابن القيم -رحمه الله-: "جمع في هذا الدعاء بين أطيب ما في الدنيا، وهو الشوق إلى لقائه وأطيب ما في الآخرة وهو النظر إليه" عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، (ص269) فيا نظرة أهدت إلى الوجوه نضرة * أضاء لها نورٌ من الفجر أعظم للهِ أفراح المحبين عندما * يخاطبهم من فوقهم ويُسلِّم وللهِ أبصار ترى الله جهرة فلا * الضيم يغشاها ولا هي تسأم ![]() |
||||
![]() |
رقم المشاركة : 169 | |||
|
![]() لمحة سريعة لكشف حبايا أصحاب البلايا اتفق المؤرخون على أن الضعف بدأ يدب بالخلافة في نهاية خلافة المعتصم 227هـ عندما تدخل الفرس وبدأوا يديرون مفاصل الخلافة واستشرى الفساد والضعف الذي استمر أكثر من أربعة قرون يعتبرها الكثيرون بأنها هي سبب تدهور حالة العرب والمسلمين بعد ذلك وذلك في عهد دولة بني بويه عام 334 هـ في بلاد فارس – وكانت دولة شيعية – توطدت العلاقة بين الشيعة والمعتزلة وارتفع شأن الاعتزال أكثر في ظل هذه الدولة فعين القاضي عبد الجبار رأس المعتزلة في عصره قاضياً لقضاء الري عام 360هـ بأمر من الصاحب بن عباد وزير مؤيد الدولة البويهي، وهو من الروافض المعتزلة، يقول فيه الذهبي: " وكان شيعياً معتزلياً مبتدعاً " ويقول المقريزي: " إن مذهب الاعتزال فشا تحت ظل الدولة البويهية في العراق وخراسان وما وراء النهر ". وممن برز في هذا العهد: الشريف المرتضى الذي قال عنه الذهبي-رحمه الله-: " وكان من الأذكياء والولاة المتبحرين في الكلام والاعتزال والأدب والشعر لكنه إمامي جلد ". - بعد ذلك كاد أن ينتهي الاعتزال كفكر مستقل إلا ما تبنته منه بعض الفرق كالشيعة وغيرهم.
- ثم عاد فكر الاعتزال من جديد في الوقت الحاضر، على يد بعض الكتاب والمفكرين، الذين يمثلون المدرسة العقلانية الجديدة . |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 170 | |||
|
![]()
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 171 | |||
|
![]() ومن دعاة الفكر الاعتزالي الحديث - سعد زغلول الذي نَادَى بنزع الحجاب عن المرأة المصرية وقاسم أمين مؤلف كتاب "تحرير المرأة" و "المرأة الجديدة"، ولطفي السيد الذي أطلقوا عليه: " أستاذ الجيل " وطه حسين الذي أسموه " عميد الأدب العربي " وهؤلاء كلهم أفضوا إلى ما قدموا من الشر والبلاء، هذا في البلاد العربية. أما في القارة الهندية؛ فظهر السير أحمد خان، الذي منح لقب سير من قبل الاستعمار البريطاني. وهو يرى أن القرآن الكريم لا السُنَّة هو أساس التشريع وأحل الربا البسيط في المعاملات التجارية. ورفض عقوبة الرجم والحرابة، ونفى شرعية الجهاد لنشر الدين، وهذا الأخير قال به لإرضاء الإنجليز لأنهم عانوا كثيراً من جهاد المسلمين الهنود لهم. - وجاء تلميذه سيد أمير علي الذي أحل زواج المسلمة بالكتابي وأحل الاختلاط بين الرجل والمرأة. - ومن هؤلاء أيضاً مفكرون علمانيون، لم يعرف عنهم التدين ولا الالتزام بالإسلام..
مثل زكي نجيب محمود صاحب (الوضعية المنطقية) وهي من الفلسفة الوضعية الحديثة التي تنكر كل أمر غيبي.. فهو يزعم أن الاعتزال جزء من التراث ويجب أن نحييه، وعلى أبناء العصر أن يقفوا موقف المعتزلة من المشكلات القائمة (انظر كتاب تجديد الفكر العربي ص123). - ومن هؤلاء أحمد أمين صاحب المؤلفات التاريخية والأدبية مثل فجر الإسلام وضحى الإسلام وظهر الإسلام، فهو يتباكى على موت المعتزلة في التاريخ القديم وكأن من مصلحة الإسلام بقاؤهم، ويقول في كتابه: ضحى الإسلام: " في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة ". |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 172 | |||
|
![]() - ومن المعاصرين الأحياء الذين يسيرون في ركب الدعوة الإسلامية - زعموا - من ينادي بالمنهج العقلي الاعتزالي في تطوير العقيدة والشريعة مثل الدكتور محمد فتحي عثمان في كتابه "الفكر الإسلامي والتطور".. والدكتور حسن التُّرابي =( ترَّبَ اللهُ وَجهَهُ ) في دعوته إلى تجديد أصول الفقه حيث يقول: " إن إقامة أحكام الإسلام في عصرنا تحتاج إلى اجتهاد عقلي كبير، وللعقل سبيل إلى ذلك لا يسع عاقل إنكاره، والاجتهاد الذي نحتاج إليه ليس اجتهاداً في الفروع وحدها وإنما هو اجتهاد في الأصول أيضاً " أنظر كتاب (المعتزلة بين القديم والحديث ص138)، وأنظر كتاب (الصارم المسلول في الرد على الترابي شاتم الرسل) - وهناك كُتَّاب كثيرون معاصرون، ومفكرون إسلاميون يسيرون على المنهج نفسه،
ويدعون إلى أن يكون للعقل دور كبير في الاجتهاد وتطويره، وتقويم الأحكام الشرعية، وحتى الحوادث التاريخية.. ومن هؤلاء فهمي هويدي ومحمد عمارة - صاحب النصيب الأكبر في إحياء تراث المعتزلة والدفاع عنه - وخالد محمد خالد و محمد سليم العوا -وغيرهم-. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 173 | ||||
|
![]() اقتباس:
القاعدة الأنفس هو أن تعلم أن قول العالم -وإن بلغ ما بلغ من العلم- ليس بحجة، بل الحجة فيما يقدمه بين يديه، من دليل صحيح من القرآن الكريم أو من السنة الصحيحة الثابتة، أو يحيلنا إلى المنطق العقلي؛ لأن الحجة على الإنسان تقوم لتمتعه بهذا المنطق، ولو زال عنه لارتفع التكليف! علينا أن ندرك أن الشيخ ابن تيمية كغيره من أهل العلم، يؤخذ منه ويرد ويحاجج.. ولا إشكال! لكن صنيع كثير من أتباعه يدل على خلاف ذلك، بل أحيانا يقدم قوله على آية قرآنية صريحة؛ فالآية الكريمة {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير} لا يمكن أبدا قبول (تحرير) ابن تيمية فيها؛ لأنها محاولة واضحة متكلفة للخروج من ظاهرها اللغوي الصريح، إلى فلسفة لا تخفى على المتأمل، لكن حتما لن تخطر ببال الكثير من المتدبرين! ومحكمات القرآن الكريم، هي أوضح من أن تفهم بهذه الطريقة الفلسفية، وأكرر ذلك.. لا أريد أن يزيف وعينا حتى فيما هو محكم واضح جلي! حذار.. يمكن أن نضحي بمحكمات القرآن الكريم، التي جعلت في الأصل حكما، كما قد نضحي بصفات الله الكمالية، ونفي الرؤية فيها تنزيه، وإثباتها دعوة إلى التشبيه.. كل ذلك من أجل قول فلان وفلان من الناس! يجب أن نعلم أننا يمكن أن نفهم من الآيات القرآنية، ما نفوت به أكبر العلماء {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}؛ لأن المسألة ليست في كثرة المعلومات -مع أهميتها-، ولكن في التوفيق الإلهي وتسديده، والرغبة الصادقة لمعرفة الحق! وقول الشيخ ابن تيمية "الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يخبرون بما تعجز عقول الناس عن معرفته، لا بما يعرف الناس بعقولهم أنه ممتنع، فيخبرون بمحارات العقول لا بمحالات العقول" فتح باب لتبرير قول النصارى، إن الله ثالث ثلاثة! فالأب هو الله، والابن هو الله وروح القدس هو الله، وكلهم هو الله.. أرجو أن تسلموا بهذا ولا تعملوا عقولكم، هذا ما ورد في الإنجيل، وأيضا إياكم أن تسألوا عن ثبوت ذلك تواترا من عدمه! فعلا، قاعدته.. فيها تضييع للبوصلة السليمة، ما دام أنه يراد لنا أن نسلم معه بتلك المقولة، وأغلب الظن أن القاعدة اخترعت، لأجل أن يسلم الأتباع بكثير من الروايات، التي تفيد التشبيه والتجسيم، ومنها اعتقاد الرؤية! والصحيح الواضح أن العقل يدرك كمالات الله تعالى وصفاته، ويستشعر كل ما فيه قدح أو لا يليق بجلاله، ثم إن النصوص لا تأت أبدا بخلاف ذلك، وأتحدى من يثبت أن في النص القرآني ما يشعر بقدح أو ذم أو نقص في ذات الله تعالى! حاشاه ثم حاشاه عن ذلك! ولذلك تقوم على الإنسان الحجة عندما يصل عقله حد الإدراك، لأنه يعقل الكمالات ويفهمها ويستشعر كل نقص، فهل الرسالة وصلت! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : 174 | |||
|
![]() أولا أقول: لَوْ كُلَّ كَلبٍ عَوَى أَلْقَمْتَهُ حَجَراً لأَصْبَحَ الصَخْرُ مِثْقَالاً بِدِينَارِ ![]() ![]() ولا شك بأهمية الاجتهاد وتحكيم العقل في التعامل مع الشريعة الإسلامية ولكن ينبغي أن يكون ذلك في إطار نصوصها الثابتة وبدوافع ذاتية وليس نتيجة ضغوط أجنبية وتأثيرات خارجية لا تقف عند حد، وإذا انجرف المسلمون في هذا الاتجاه - اتجاه ترويض الإسلام بمستجدات الحياة والتأثير الأجنبي بدلاً من ترويض كل ذلك لمنهج الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه - فستصبح النتيجة أن لا يبقى من الإسلام إلا اسمه ولا من الشريعة إلا رسمها ويحصل للإسلام ما حصل للرسالات السابقة التي حرفت بسبب إتباع الأهواء والآراء حتى أصبحت لا تمت إلى أصولها بأي صلة. الخلاصة أن حركة المعتزلة كانت نتيجة لتفاعل بعض المفكرين المسلمين في العصور الإسلامية مع الفلسفات السائدة في المجتمعات التي اتصل بها المسلمون. وكانت هذه الحركة نوع من ردة الفعل التي حاولت أن تعرض الإسلام وتصوغ مقولاته العقائدية والفكرية بنفس الأفكار والمناهج الوافدة وذلك دفاعاً عن الإسلام ضد ملاحدة تلك الحضارات بالأسلوب الذي يفهمونه. ولكن هذا التوجه قاد إلى مخالفات كثيرة وتجاوزات مرفوضة كما فعل المعتزلة في إنكار الصفات الإلهية تنزيها لله سبحانه عن مشابهة المخلوقين.
ومن الواضح أيضاً أن أتباع المعتزلة الجدد وقعوا فيما وقع فيه أسلافهم، وذلك أن ما يعرضون الآن من اجتهادات إنما الهدف منها أن يظهر الإسلام بالمظهر المقبول عند أتباع الحضارة الغربية والدفاع عن النظام العام قولاً بأنه إن لم يكن أحسن من معطيات الحضارة الغربية فهو ليس بأقل منها. ولذا فلا بد أن يتعلم الخلف من أخطاء سلفهم ويعلموا أن عزة الإسلام وظهوره على الدين كله هي في تميز منهجه وتفرد شريعته واعتباره المرجع الذي يقاس عليه الفلسفات والحضارات في الإطار الذي يمثله الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح في شمولهما وكمالهما. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 175 | |||
|
![]() إن العلماء قد حددوا مجال استعمال العقل بعدد من الضوابط منها: - أن لا يتعارض مع النصوص الصحيحة. - أن لا يكون استعمال العقل في القضايا الغيبية التي يعتبر الوحي هو المصدر الصحيح والوحيد لمعرفتها. - أن يقدم النقل على العقل في الأمور التي لم تتضح حِكْمَتُهَا (وهي ما يعرف بالأمور التوقيفية ) ولا شك أن احترام الإسلام للعقل وتشجيعه للنظر والفكر لا يعدمه على النصوص الشرعية الصحيحة. خاصة أن العقول متغيرة وتختلف وتتأثر بمؤثرات كثيرة تجعلها لا تصلح لأن تكون الحكم المطلق في كل الأمور. ومن المعروف أن مصدر المعرفة يتكون من. 1- الحواس وما يقع في مجالها من الأمور الملموسة من الموجودات. 2- العقل وما يستطيع أن يصل إليه من خلال ما تسعفه به الحواس والمعلومات التي يمكن مشاهدتها واختبارها وما يلحق ذلك من عمليات عقلية تعتمد في جملتها على ثقافة الفرد ومجتمعه وغير ذلك من المؤثرات. 3- الوحي من كتاب وسنة حيث هو المصدر الوحيد والصحيح للأمور الغيبية، وما لا تستطيع أن تدركه الحواس وما أعده الله في الدار الآخرة، وما أرسل من الرسل إلخ … وهكذا يظهر أنه لا بد من تكامل العقل والنقل في التعامل مع النصوص الشرعية كل فيما يخصه وبالشروط التي حددها العلماء.
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 176 | |||
|
![]() إتحاف أهل السنة بجواز الخلاف في مسألتي العذر بالجهل وتارك الصلاة رسالة للمشنعين على المخالفين لهم في هاتين المسألتين ومن تأثر بهم الجزء الأول (مسألة العذر بالجهل في مسائل التوحيد) كتبه أبومحمد عبدالله بن محمد العبدالكريم بسم الله الرحمن الرحيم فإن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أمرانا بعدل، وحرما الظلم علينا فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:8)، ومن العدل الذي أمرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إنزال المسائل الشرعية وأصحابها منازلهم، من غير إفراط ولا تفريط، أو من غير غلو ولا جفاء، فالمسائل الجزئية الفرعية لا يصح أن تنزل منزلة المسائل الكلية والأصولية، والمخالف في المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف لا يصح أن يساوى بالمخالف في المسائل الخلافية التي لا يسوغ فيها الخلاف. أقول ذلك لِـما بدأ يظهر على السطح من تشنيع بعض طلبة العلم على إخوانهم في بعض المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف بين أهل العلم، والتي احتمل أهل السنة الخلاف فيها، قبل ظهور هؤلاء المشنعين، وصار هؤلاء المشنعون يرمون بالبدعة والفرقة كالإرجاء كل من خالفهم في هذه المسائل الاجتهادية، ومن ذلك مسألة العذر بالجهل في مسائل الشرك، ومسألة كفر تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً، حيث اختار هؤلاء المشنعون القول بعدم العذر بالجهل، وتكفير تارك الصلاة تكاسلاَ، وأتبعوا ذلك برمي من خالفهم بالجهل تارة، وبالبدعة أو الفرقة تارة أخرى. فأردت أن أبين لكل منصف من أهل السنة والجماعة أن هاتين المسألتين مسألة العذر بالجهل في مسائل الشرك، ومسألة كفر تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً من المسائل الاجتهادية، التي هي داخلة جميعاً تحت مذاهب أهل السنة والجماعة، والتي يعذر فيها كل من أخذ بأحد القولين، مع وجوب البيان والنصيحة بين المختلفين بالتي هي أحسن ورفع الملام عن المخطئ مع بقاء الإخوة الدينية، وليس من شأني في هذه الوريقات بيان الراجح من المرجوح، أو الصواب من الخطأ في هذه المسائل -مع أني قد أذكر شيئاً من أدلة الفريقين- بل المراد كما تقدم بيان إعذار المخالف في هاتين المسألتين مسألة العذر بالجهل في مسائل الشرك، والمسألة الثانية مسألة كفر تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً، علماً أني أدين الله في مسألة الصلاة أن تركها كفر أكبر مخرج عن الملة، لكن هذا لا يعني مصادرة الرأي الآخر السائغ عند أهل السنة، ورمي أصحابه بالجهل والبدع. المسألة الأولى: مسألة العذر بالجهل في مسائل التوحيد والشرك. أولاً: بيان أن المسألة مسألة اجتهادية، ليست من المسائل التي يضلل بها المخالف ويرمى بسبب المخالفة فيها بالبدعة. تحرير محل النزاع: وقبل الشروع في ذلك أود التنبيه إلى أن المراد بهذه المسألة هو الشخص المعين ممن تسمى باسم الإسلام، ثم وقع في ناقض من نواقضه المتعلقة بالتوحيد والشرك، وليس المراد هنا النوع أو الفعل الكفري، وليس المراد الكافر الأصلي كاليهودي أو النصراني أو المجوسي، بل المراد الشخص المعين من المتسمين باسم الإسلام بعد وقوعه في الشرك الأكبر لجهله. قد اختلف أهل السنة في هذه المسألة على قولين نقلهما جمع من أهل العلم منهم: 1-العلامة الشيخ محمد بن عثيمين، فقال: وهذه المسألة ـ أعني مسألة العذر بالجهل ـ مسألة عظيمة شائكة، وهي من أعظم المسائل تحقيقاً وتصويراً، فمن الناس من أطلق وقال: لا يعذر بالجهل في أصول الدين كالتوحيد، فلو وجدنا مسلماً في بعض القرى أو البوادي النائية يعبد قبراً أو ولياً، ويقول: إنه مسلم، وإنه وجد آباءه على هذا ولم يعلم بأنه شرك فلا يعذر. والصحيح أنه لا يكفر؛ لأن أول شيء جاءت به الرسل هو التوحيد، ومع ذلك قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} فلا بد أن يكون الإنسان ظالماً، وإلا فلا يستحق العذاب... وبناءً على هذا يتبين حال كثير من المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية الذين يستغيثون بالأموات، وهم لا يعلمون أن هذا حرام، بل قد لُبِّس عليهم أن هذا مِمَّا يقرب إلى الله، وأن هذا وليٌّ لله وما أشبه ذلك، وهم معتنقون للإسلام، وغيورون عليه، ويعتقدون أن ما يفعلونه من الإسلام، ولم يأت أحد ينبههم، فهؤلاء معذورون، لا يؤاخذون مؤاخذة المعاند الذي قال له العلماء: هذا شرك، فيقول: هذا ما وجدت عليه آبائي وأجدادي، فإن حكم هذا الأخير حكم من قال الله تعالى فيهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} . -ثم قال- فإن القول الراجح أن أصحاب الفترة يمتحنون يوم القيامة بما شاء الله، أما هؤلاء فإنهم يعتقدون أنهم على الإسلام ولم يأتهم من يعلمهم، بل قد يكون عندهم من علماء الضلالة من يقول: إنَّ ما هم عليه هو الحق.ا.هـ من الشرح الممتع (6/193).ا.هـ وقال رحمه الله في فتاوى أركان الإسلام، ومجموع الفتاوى للشيخ: هل يعذر الإنسان بالجهل فيما يتعلق بالعقيدة؟ الجواب: الاختلاف في مسألة العذر بالجهل كغيره من الاختلافات الفقهية الاجتهادية، وربما يكون اختلافاً لفظياً في بعض الأحيان من أجل تطبيق الحكم على الشخص المعين أي أن الجميع يتفقون على أن هذا القول كفر، أو هذا الفعل كفر، أو هذا الترك كفر، ولكن هل يصدق الحكم على هذا الشخص المعين لقيام المقتضى في حقه وانتفاء المانع، أو لا ينطبق لفوات بعض المقتضيات، أو وجود بعض الموانع.ا.هـ 2-الشيخ العلامة مقبل الوادعي، حيث قال: قد اختلف أهل السنة أنفسهم في هذه القضية في شأن العذر بالجهل في التوحيد، والذي يظهر أنه يعذر بالجهل لقوله عز وجل ) وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً( - ثم قال - فهذه الأدلة تدل على أنه يعذر بالجهل، والذين لا يقولون بالعذر بالجهل ليس لهم أدلة ناهضة ا.هـ من كتاب " غارة الأشرطة على أهل الجهل والسفسطة " (2/ 447- 448 ). 3-الشيخ عبدالمحسن العباد في كتابه شرح آداب المشي للصلاة، ونقل ذكر الخلاف عن الشيخ عبدالعزيز بن باز، حيث قال في بيان الخلاف في هذه المسألة: يجب صرف جميع أنواع العبادة لله، ولا يجوز صرف شيء منها لغيره تعالى، فالصلاة لله، والركوع والسجود لله، والاستغاثة بالله، والدعاء لله والتوكل على الله، والاستعاذة بالله، وهكذا جميع أنواع العبادة لله، قال الله عزّ وجلّ: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ، ومن صرف شيئاً من أنواع العبادة لغير الله، فهو مشرك كافر، وهذا الحكم إنما هو على الإطلاق وعلى من بلغته الحجة، وأما الشخص المعين فإذا حصل منه صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله، كدعاء الأموات والاستغاثة بهم، وهو جاهل فإنه يتوقّف في تكفيره حتى يُبَيَّن له وتقام عليه الحجّة، وهذا أحد قولين في المسألة، ذكرهما شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله في جواب سؤال عن بعض أهل البدع، جاء فيه: "كذلك التوسل بالأولياء قسمان: الأول: التوسل بجاه فلان أو حق فلان، هذا بدعة وليس كفراً. التوسل الثاني:هو دعاؤه بقوله: يا سيدي فلان انصرني أو اشف مريضي، هذا هو الشرك الأكبر وهذا يسمونه توسلاً أيضاً، وهذا من عمل الجاهلية، أما الأول فهو بدعة، ومن وسائل الشرك، قيل له: وقولهم: إنما ندعوه لأنه ولي صالح وكل شيء بيد الله وهذا واسطة. قال: هذا عمل المشركين الأولين، فقولهم: مدد يا بدوي، مدد يا حسين، هذا جنس عمل أبي جهل وأشباهه، لأنهم يقولون: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ، {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ، هذا الدعاء كفر وشرك بالله عزّ وجلّ، لكن اختلف العلماء هل يكفر صاحبه أم ينتظر حتى تقام عليه الحجّة وحتى يبيّن له، على قولين: أحدهما: أن من قال هذا يكون كافراً كفراً أكبر لأن هذا شرك ظاهر لا تخفى أدلّته، والقول الثاني: أن هؤلاء قد يدخلون في الجهل وعندهم علماء سوء أضلّوهم، فلابد أن يبين لهم الأمر ويوضح لهم الأمر حيث يتضح لهم، فإن الله قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} ، فإذا وضح لهم الأمر وقال لهم: هذا لا يجوز، قال الله كذا وقال الرسول كذا، بين لهم الأدلة، ثم أصروا على حالهم، كفروا بهذا، وفي كل حال فالفعل نفسه كفر شرك أكبر، لكن صاحبه هو محل نظر هل يكفر أم يقال: أمره إلى الله، قد يكون من أهل الفترة لأنه ما بيّن له الأمر فيكون حكمه حكم أهل الفترات، أمره إلى الله عزّ وجلّ، لأنه بسبب تلبيس الناس عليه من علماء السوء" انتهى. نقلاً من كتاب "سعة رحمة رب العالمين للجهال المخالفين للشريعة من المسلمين" لسيد بن سعد الدين الغباشي، والقول الثاني من القولين وهو التوقف في التكفير، قرّره كثيرون من العلماء، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب.ا.هـ آخر تعديل فقير إلى الله 2012-09-12 في 22:33.
|
|||
![]() |
رقم المشاركة : 177 | |||
|
![]() ثانياً: بعض أهل العلم من أهل السنة بل من أئمة السنة الذين قالوا بالعذر بالجهل في مسائل الشرك. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 178 | |||
|
![]() ثالثاً: نظرة ومناقشة سريعة لأدلة القول بعدم العذر بالجهل في مسألة التوحيد والشرك. كتبه: أبومحمد عبدالله بن محمد العبدالكريم |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 179 | |||
|
![]()
إتحاف أهل السنة بجواز الخلاف في مسألتي العذر بالجهل وتارك الصلاة رسالة للمشنعين على المخالفين لهم في هاتين المسألتين ومن تأثر بهم الجزء الثاني (مسألة كفر تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً) كتبه أبومحمد عبدالله بن محمد العبدالكريم السعودية-الزلفي-29/3/1430هـ بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الكتاب بجزئيه أقول ذلك لِـما بدأ يظهر على السطح من تشنيع بعض طلبة العلم على إخوانهم في بعض المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الخلاف بين أهل العلم، والتي احتمل أهل السنة الخلاف فيها، قبل ظهور هؤلاء المشنعين، وصار هؤلاء المشنعون يرمون بالبدعة والفرقة كالإرجاء كل من خالفهم في هذه المسائل الاجتهادية، ومن ذلك مسألة العذر بالجهل في مسائل الشرك، ومسألة كفر تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً، حيث اختار هؤلاء المشنعون القول بعدم العذر بالجهل، وتكفير تارك الصلاة تكاسلاَ، وأتبعوا ذلك برمي من خالفهم بالجهل تارة، وبالبدعة أو الفرقة تارة أخرى، فأردت أن أبين لكل منصف من أهل السنة والجماعة أن هاتين المسألتين مسألة العذر بالجهل في مسائل الشرك، ومسألة كفر تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً من المسائل الاجتهادية، التي هي داخلة جميعاً تحت مذاهب أهل السنة والجماعة، والتي يعذر فيها كل من أخذ بأحد القولين، مع وجوب البيان والنصيحة بين المختلفين بالتي هي أحسن ورفع الملام عن المخطئ مع بقاء الإخوة الدينية، وليس من شأني في هذه الوريقات بيان الراجح من المرجوح، أو الصواب من الخطأ في هذه المسائل -مع أني قد أذكر شيئاً من أدلة الفريقين- بل المراد كما تقدم بيان إعذار المخالف في هاتين المسألتين مسألة العذر بالجهل في مسائل الشرك، والمسألة الثانية مسألة كفر تارك الصلاة تهاوناً وتكاسلاً، علماً أني أدين الله في مسألة الصلاة أن تركها كفر أكبر مخرج عن الملة، لكن هذا لا يعني مصادرة الرأي الآخر السائغ عند أهل السنة، ورمي أصحابه بالجهل والبدع. وقد تقدم الكلام عن المسألة الأولى في الجزء الأول، وهذا هو الجزء الثاني في بيان المسألة الثانية، وهي حكم تارك الصلاة تهاوناً أو كسلاً، والله أسأل أن يوفقني لما يحبه ويرضاه، إنه سميع مجيب. المسألة الثانية: مسألة حكم تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً الفصل الأول بيان أن هذه المسألة مسألة اجتهادية، من موارد النزاع بين أهل السنة، وليست من المسائل التي يضلل بها المخالف ويرمى بسبب المخالفة فيها بالبدعة. قال ابن عبدالبر في الاستذكار (2/149): أجمع المسلمون على أن جاحد فرض الصلاة كافر يقتل إن لم يتب من كفره ذلك.ا.هـ وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين، ومورد النزاع هو فيمن أقر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلها وأما من لم يقر بوجوبها فهو كافر باتفاقهم.ا.هـ وأما ترك الصلاة تهاوناً وكسلاً فقد اختلف أهل السنة في هذه المسألة على قولين، ونقل الخلاف فيها عن أهل السنة والحديث جمع من أهل العلم، ومنهم: 1-أبو عبدالله محمد بن نصر المروزي، قال رحمه الله تعالى –في تعظيم قدر الصلاة-: قد ذكرنا في كتابنا هذا ما دل عليه كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم من تعظيم قدر الصلاة وإيجاب الوعد بالثواب لمن قام بها والتغليظ بالوعيد على من ضيعها والفرق بينها وبين سائر الأعمال في الفضل وعظم القدر ثم ذكرنا الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه و سلم في إكفار تاركها وإخراجه إياه من الملة وإباحة قتال من امتنع من إقامتها ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم ثم عن الصحابة رضي الله عنهم في إكفار تاركها وإيجاب القتل على من امتنع من إقامتها.ا.هـ من تعظيم قدر الصلاة (2/925). ثم قال المروزي بعد أن ساق كلام القائلين بالتكفير وأدلتهم: قد حكينا مقالة هؤلاء الذين أكفروا تارك الصلاة متعمدا وحكينا جملة ما احتجوا به وهذا مذهب جمهور أصحاب الحديث وقد خالفتهم جماعة أخرى عن أصحاب الحديث فأبوا أن يكفروا تارك الصلاة إلا إن يتركها جحودا أو إباء واستكبارا واستنكافا ومعاندة فحينئذ يكفر وقال بعضهم تارك الصلاة كتارك سائر الفرائض عن الزكاة وصيام رمضان والحج وقالوا الأخبار التي جاءت في الإكفار بترك الصلاة نظير الأخبار التي جاءت في الإكفار بسائر الذنوب نحو قوله صلى الله عليه و سلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.ا.هـ من تعظيم قدر الصلاة (2/936)، فانظر رعاك الله كيف جعل هذا القول قولاً لأهل الحديث ثم نقله عن بعض أئمتهم من غير تشنيع ولا تبديع. 2-الإمام الصابوني فقد قال: واختلف أهل الحديث في ترك المسلم صلاة الفرض متعمدا، فكفره بذلك أحمد بن حنبل وجماعة من علماء السلف، وأخرجوه به من الإسلام، للخبر الصحيح: " بين العبد والشرك ترك الصلاة، فمن ترك الصلاة فقد كفر" وذهب الشافعي وأصحابه وجماعة من علماء السلف رحمة الله عليهم أجمعين إلى أنه لا يكفر ما دام معتقدا لوجوبها، وإنما يستوجب القتل كما يستوجبه المرتد عن الإسلام، وتأولوا الخبر من ترك الصلاة جاحدا كما أخبر سبحانه عن يوسف عليه السلام أنه قال: (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون) ولم يك يتلبس بكفر فارقه، ولكن تركه جاحدا له. ا.هـ من عقيدة السلف أصحاب الحديث - (1 / 29) فتأمل رعاك الله كيف جعل الصابوني هذا القول قولاً لأهل الحديث ثم نقله عن بعض أئمتهم من غير تشنيع ولا تبديع. 3-الإمام أبو بكر الإسماعيلي: حيث قال حاكياً اعتقاد أهل السنة: واختلفوا في متعمد ترك الصلاة المفروضة حتى يذهب وقتها من غير عذر. فكفره جماعة: لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة " وقوله :" من ترك الصلاة فقد كفر ومن ترك الصلاة فقد برئت منه ذمة الله " وتأول جماعة منهم أنه يريد بذلك من تركها جاحداً لها كما قال يوسف عليه السلام ( إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله ) ترك جحود الكفر ا.هـ من اعتقاد أهل السنة ص40. فهذا الصابوني والإسماعيلي يذكرون هذا القول عند أهل السنة ولا يصفونه بقول أهل البدع، زد على ذلك أن هذا البيان جاء في كتب عقائد أهل السنة وليست في كتب الفقه، مما يدل على أنهم قصدوا بيان أن المسألة اجتهادية عند أهل السنة، ولو كانت من أقوال أهل البدع لبينوها ولما أقروا الخلاف فيها. 4-ابن عبدالبر رحمه الله، حيث قال مبيناً الخلاف في المسألة وأن القولين من أقوال أهل السنة الذين يقولون الإيمان قول وعمل: وابن شهاب –أي الزهري- القائل ما ذكرنا –أي عدم كفر التارك للصلاة وأنه يعزر حتى يصلي- هو القائل أيضا في قول النبي صلى الله عليه و سلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله كان ذلك في أول الإسلام ثم نزلت الفرائض بعد وقوله هذا يدل على أن الإيمان عنده قول وعمل والله أعلم، وهو قول الطائفتين اللتين ذكرنا قولهم قبل قول ابن شهاب كلهم يقولون الإيمان قول وعمل وقد اختلفوا في تارك الصلاة كما علمت.ا.هـ من التمهيد (4/241) ولم ينسب -رحمه الله- القول بعدم كفر تارك الصلاة إلى المرجئة كما فعل المشنعون على إخوانهم المخالفين لهم في هذه المسألة. 5-شيخ الإسلام ابن تيمية قال في كتابه الإيمان: وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا : أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور . وعن أحمد في ذلك نزاع، واحدى الروايات عنه : أنه يكفر من ترك واحدة منها، وهو اختيار أبي بكر وطائفة من أصحاب مالك كابن حبيب . وعنه رواية ثانية : لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط، ورواية ثالثة : لا يكفر إلا بترك الصلاة، والزكاة إذا قاتل الإمام عليها . ورابعة : لا يكفر إلا بترك الصلاة . وخامسة : لا يكفر بترك شيء منهن، وهذه أقوال معروفة للسلف.ا.هـ من الإيمان(237)، فجعل القول بعدم كفر تارك الصلاة من أقوال أهل السنة، بل نقله عن إمامهم أحمد في رواية عنه، ولو كان هذا قولاً للمرجئة لما أقر ابن تيمية بنسبته للإمام أحمد. وقال في الإيمان الأوسط: أما مع الإقرار بالوجوب إذا ترك شيئا من هذه الأركان الأربعة ففي التكفير أقوال للعلماء هي روايات عن أحمد : أحدها : أنه يكفر بترك واحد من الأربعة حتى الحج وإن كان في جواز تأخيره نزاع بين العلماء فمتى عزم على تركه بالكلية كفر وهذا قول طائفة من السلف وهي إحدى الروايات عن أحمد اختارها أبو بكر والثاني : أنه لا يكفر بترك شيء من ذلك مع الإقرار بالوجوب وهذا هو المشهور عند كثير من الفقهاء من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وهو إحدى الروايات عن أحمد اختارها ابن بطة وغيره . و الثالث لا يكفر إلا بترك الصلاة وهي الرواية الثالثة عن أحمد وقول كثير من السلف وطائفة من أصحاب مالك والشافعي وطائفة من أصحاب أحمد . والرابع : يكفر بتركها وترك الزكاة فقط . والخامس : بتركها وترك الزكاة إذا قاتل الإمام عليها دون ترك الصيام والحج. .ا.هـ من الإيمان الأوسط(155) فجعل القول بكفر تارك الصلاة قول طائفة من السلف، فدل ذلك على أن القول الآخر قول الطائفة الثانية من السلف، بل نقله عن إمامهم أحمد بن حنبل في رواية عنه، ولو كان هذا قولاً للمرجئة لما أقر ابن تيمية بنسبته لطائفة من السلف ولا للإمام أحمد. 6-الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى. كما في " الدرر السنية " (1/102) جوابا على من سأله عما يكفر الرجل به ؟ وعما يقاتل عليه ؟ فقال رحمه الله: أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ثم الأركان الأربعة إذا أقر بها وتركها تهاونا فنحن وإن قاتلناه على فعلها فلا نكفره بتركها والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان.ا.هـ فهل محمد ابن عبدالوهاب يقول بقول المرجئة؟! 7-الشيخ عبد الرحمن بن حسن، من أئمة الدعوة السلفية في نجد رحمه الله تعالى. فقد سئل عن مذهب الخوارج... فأجاب: أما مذهب الخوارج، فإنهم يكفرون أهل الإيمان بارتكاب الذنوب، ما كان منها دون الكفر والشرك، وإنهم قد خرجوا في خلافة علي رضي الله عنه وكفروا الصحابة بما جرى بينهم من القتال، واستدلوا على ذلك بآيات، وأحاديث، لكنهم اخطؤوا في الاستدلال. فما دون الكفر والشرك من المعاصي، فلا يكفر فاعله، لكنه ينهى عنه إذا أصر على كبيرة ولم يتب منها، فيجب نهيه والقيام عليه؛ وكل منكر يجب إنكاره، من ترك واجب، أو ارتكاب محرم، لكن لا يكفر إلا من فعل مكفرا، دل الكتاب والسنة على أنه كفر، وكذلك ما اتفق العلماء على أن فعله، أو اعتقاده كفر، كما إذا جحد وجوب ما هو معروف من الدين بالضرورة، أو استحل ما هو معروف بالضرورة أنه محرم، فهذا مما أجمع العلماء على أنه كفر إذا جحد الوجوب، لا إذا ترك الصلاة تهاونا وكسلا، فالمشهور في مذهب أحمد أنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل كافرا، وأما الثلاثة فلا يكفرونه بالترك، بل يعدونه من الكبائر؛ وكذلك إذا فعل كبيرة كما تقدم، فلا يكفر عند أهل السنة والجماعة إلا إذا استحلها.ا.هـ من الدرر السنية (10/348) فأين هؤلاء الذين يشنعون على المخالفين لهم عن كلام أئمتهم في هذه المسألة. 8-عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن: قال رحمه الله: والخلاف - في أعمال الجوارح هل يكفر أو لا يكفر - واقع بين أهل السنة، والمعروف عند السلف تكفير من ترك أحد المباني الإسلامية كالصلاة والزكاة والصيام والحج. والقول الثاني: إنه لا يكفر إلا من جحدها. والثالث : الفرق بين الصلاة وغيرها. وهذه الأقوال معروفة. ا.هـ من مجموعة الرسائل والمسائل النجدية - (3/ 14) 9-الشيخ حمد بن ناصر بن معمر من أئمة الدعوة السلفية في نجد: حيث قال رحمه الله: اختلف العلماء، رحمهم الله، في تارك الصلاة كسلاً من غير جحود: فذهب أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، ومالك، إلى أنه لا يحكم بكفره; واحتجوا بما رواه عبادة. وذهب إمامنا أحمد بن حنبل والشافعي في أحد قوليه، وإسحاق بن راهويه وعبد الله بن المبارك والنخعي، والحكم وأيوب السختياني وأبو داود الطيالسي، وغيرهم من كبار الأئمة والتابعين، إلى أنه كافر، وحكاه إسحاق بن راهويه إجماعاً، وذكره في كتاب الزواجر عن جمهور الصحابة والتابعين. وقال الإمام محمد بن حزم: سائر الصحابة والتابعين ومن بعدهم يكفِّرون تارك الصلاة مطلقاً.ا.هـ من الدرر السنية (4/201)، لاحظ أن الشيخ ينقل الإجماع هنا عن بعض أهل العلم على كفر تارك الصلاة، لكنه في نفس الوقت يعتبر الخلاف فيه، لا كما يفعل المشنعون حين ظنوا أن حكاية الإجماع كافية للتشنيع، وسيأتي الكلام عن توجيه الخلاف مع نقل الإجماع –إن شاء الله-. 10-اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية برئاسة ابن باز وعضوية المشائخ بكر أبو زيد وصالح الفوزان وعبد الله بن غديان وعبد العزيز آل الشيخ الفتوى رقم ( 18415 ) س: هل باستطاعة أي مسلم أن يكفر شخصا ما إذا رأى أن ذلك الشخص فعل ناقضا من نواقض الإسلام ؟ ج: أهل السنة والجماعة لا يكفرون أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله كما تفعله الخوارج والمعتزلة، ما عدا من ترك الصلاة متعمدا فإنه يكفر ولو لم ينكر وجوبها على الصحيح من قولي العلماء ، لما جاء في الأدلة في كفر تارك الصلاة. (27/424). فهذه اللجنة الدائمة لم تنعت القول الآخر بأنه قول المرجئة بل جعلته قولاً معتبراً فجعلت القول بالتكفير هو الراجح، والقول بعدم التكفير هو الرجيح. 11-العلامة الشيخ محمد بن عثيمين. قال: هذه المسألة من مسائل العلم الكبرى، وقد تنازع فيها أهل العلم سلفاً وخلفاً.ا.هـ من رسالته حكم تارك الصلاة. فنقل رحمه الله التنازع في هذه المسألة عن السلف ولم يقل هو ولا غيره: إن الخلاف في هذه المسألة بين السلف والمرجئة. 12-الشيخ عبدالمحسن العباد. سئل –حفظه الله- من قال: إن تارك الصلاة لا يكفر، فهل هذا القائل أخرج العمل من مسمى الإيمان فكان قوله موافقاً لقول المرجئة؟ الجواب: لا، ليس هذا بصحيح؛ لأن الذين يقولون بأن تارك الصلاة لا يكفر هم كثيرون من أهل العلم، وفيهم الذين يقولون: إن العمل جزء من الإيمان، فلا يعتبر من قال ذلك مُرجئاً؛ لأنهم رأوا أنه لا يكفر لأدلة رأوها ولفهم فهموه، فليس كل من قال: تارك الصلاة لا يكفر -وهو قول أكثر أهل العلم- يكون مرجئاً، وعليه تنبني الدندنة الموجودة الآن برمي الشيخ الألباني رحمه الله بأنه يرى فكر الإرجاء لقوله بعدم التكفير! وهذا من الغلط، ولو كان هذا صحيحاً لكان كل الذين قالوا من المتقدمين بأن تارك الصلاة لا يكفر هم من المرجئة! وهذا لا يمكن أن يكون أبداً.ا.هـمن شرحه لسنن أبي داوود. فهل رأى أولئك المشنعون أحداً من هؤلاء الأئمة أو غيرهم من أئمة السنة رمى القول بعدم كفر تارك الصلاة بأنه مذهب المرجئة، (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ)، فأنشدهم بالله أن يتبعوا سلفهم ولا يحدثوا بعدهم. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 180 | |||
|
![]() إشكال عند المشنعين والجواب عنه: والجواب من وجوه: الوجه الأول: أن الإجماع كغيره من الأدلة الصحيحة كالكتاب والسنة والقياس الصحيح، قد يوجد لدى أحد طرفي الخلاف في المسألة، لكن هذا لا يعني مصادرة الرأي الآخر ووصمه بالبدعة، وإلا للزم على ذلك تبديع أكثر المخالفين في المسائل المتنازع عليها. فإن قالوا: إن الإجماع يختلف عن غيره من الأدلة، فهو يرفع الخلاف، فالجواب بالوجه الثاني. الوجه الثاني: أن الإجماع مثل غيره من الأدلة الصحيحة، يعتذر للسني في مخالفته، كما يعتذر له في مخالفة آية صريحة، أو سنة ثابتة، بأحد الأعذار التي ساقها ابن تيمية في كتابه رفع الملام، ومنها عدم التسليم بثبوت الدليل أو دلالته، لذا قال المروزي لما ذكر أدلة القول بتكفير تارك الصلاة: ذكرنا الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه و سلم في إكفار تاركها وإخراجه إياه من الملة وإباحة قتال من امتنع من إقامتها ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك ولم يجئنا عن أحد منهم خلاف ذلك ثم اختلف أهل العلم بعد ذلك في تأويل ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم ثم عن الصحابة رضي الله عنهم في إكفار تاركها وإيجاب القتل على من امتنع من إقامتها.ا.هـ من تعظيم قدر الصلاة (2/925). الوجه الثالث: أن السلف نقلوا الإجماع عن الصحابة في تكفير تارك الصلاة، ومع ذلك احتملوا الخلاف من المخالف في هذه المسألة، كما تقدم النقل عن المروزي وغيره، وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في اتباع من خلف. الوجه الرابع: ليس كل مسألة نُقل فيه الإجماع عن الصحابة أو من بعدهم يصير الخلاف فيها من مسائل التبديع والافتراق، فالمسائل التي نقل فيها الإجماع ومع ذلك احتمل أهل السنة الخلاف فيها فيما بينهم ليست قليلة، ومنها: 1-مسألة قضاء الصلاتين التي تجمع للحائض بعد الطهر، كما ذكر ابن تيمية في منهاج السنة، قال –رحمه الله-: الحائض إذا طهرت في وقت العصر فهي حينئذ مأمورة بالظهر والعصر وتكون مصلية للظهر في وقتها أداء وكذلك إذا طهرت آخر الليل صلت المغرب والعشاء وكانت المغرب في حقها أداء كما أمرها بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الرحمن بن عوف وابن عباس وأبو هريرة رضي الله عنهم ولم ينقل عن صحابي خلافه. ا.هـ 2-ومنها مسح بعض الرأس للوضوء، ذكر ذلك ابن حزم، كما في المحلى، حيث قال –بعد سياق الآثار عن الصحابة-: ولا يعرف عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم خلاف لما رويناه عن ابن عمر في ذلك، ولا حجة لمن خالفنا فيمن روى عنه من الصحابة وغيرهم مسح جميع رأسه، لأننا لا ننكر ذلك بل نستحبه، وإنما نطالبهم بمن أنكر الاقتصار على بعض الرأس في الوضوء فلا يجدونه.ا.هـ 3-ومنها المنع من بيع الهر ذكر ذلك ابن حزم، قال ابن حزم في المحلى –بعد سياق نهي جابر رضي الله عنه عن بيع الهر- : فهذه فتيا جابر ولا نعرف له مخالفا من الصحابة.ا.هـ ونقل ابن القيم كلام ابن حزم في زاد المعاد وأقره. 4-ومنها المنع من بيع الكلاب، ذكر ذلك ابن حزم: قال –في المحلى بعد سياقه لكلام المجيزين-: وهذا مما خالفوا فيه الآثار المتواترة وصاحبين لا يصح خلافهما عن أحد من الصحابة.ا.هـ 5-ومنها استقبال جهة القبلة حيث نفى الخلاف بين الصحابة ابن تيمية في شرح العمدة وابن رجب في فتح الباري، فقال ابن تيمية بعد أن ذكر القول باستقبال جهة القبلة، قال: لأن ذلك إجماع الصحابة رضي الله عنهم.ا.هـ ثم ساق بعض الآثار عن الصحابة، وقال ابن رجب في فتح الباري: روي هذا المعنى - أيضا - عن عثمان وعلي وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - ، ولا يعرف عن صحابي خلاف ذلك.ا.هـ 6-ومنها تحديد النفاس بأربعين يوماً، ذكر ذلك ابن عبدالبر في الاستذكار، قال رحمه الله: وليس في مسألة أكثر النفاس موضع للاتباع والتقليد إلا من قال بالأربعين فإنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا مخالف لهم منهم وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم لأن إجماع الصحابة حجة على من بعدهم.ا.هـ 7-ومنها أن خروج الدم الكثير ينقض الوضوء دون القليل، ذكر ذلك ابن قدامة، كما في المغني، فقال رحمه الله: روي ذلك عن ابن وابن عباس وأبي هريرة فروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء وعن أبي هريرة قال : أقل ما فيه الوضوء ولا نعلم لهم مخالفا في الصحابة.ا.هـ 8-ومنها الوضوء من تغسيل الميت ذكر ذلك ابن قدامة، قال –رحمه الله- في المغني: روي ذلك عن ابن وابن عباس وأبي هريرة فروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء وعن أبي هريرة قال : أقل ما فيه الوضوء ولا نعلم لهم مخالفا في الصحابة.ا.هـ 9-ومنها المنع من تجاوز الميقات بلا إحرام ذكر ذلك ابن تيمية في شرح العمدة حيث قال: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا يدخل مكة تاجر ولا طالب حاجة إلا وهو محرم رواه سعيد والاثرم وفي رواية قال لا يدخلن أحد من الناس مكة من أهلها ولا من غيرهم غير حرام رواه حرب ولا يعرف له مخالف.ا.هـ فتلك مسائل نقل بعض أهل العلم الإجماع عليها، ومع ذلك لازال أهل السنة يختلفون فيها ولا يبدعون ولا يفرقون من أجلها. فإن قيل: إن ذلك يلغي حجية الإجماع على المخالفين لأهل السنة، وسيعتذرون بمثل هذه المعاذير في ترك أقوال أهل السنة التي نقلوا الإجماع عليها. فالجواب: أن المسائل التي نُقل فيها الإجماع عن أهل السنة على نوعين: الأول: المسائل التي استقر فيها إجماع أهل السنة ولم يحتملوا فيها الخلاف، ورموا القول المخالف لهم بالبدعة، كنفي الأسماء والصفات، فهذه المسائل ليس للمخالف فيها أن يعتذر بشيء من المعاذير المتقدمة. الثاني: المسائل التي نقل فيها الإجماع لكن لم يستقر الإجماع بين أهل السنة، بمعنى: أنه وقع بين أهل السنة أنفسهم الخلاف في الإقرار بثبوت هذا الإجماع، واحتملوا بينهم خلاف بعضهم البعض في ذلك، ولم يرموا القول المخالف لهذا الإجماع المحكي بالبدعة، كالمسائل المتقدمة، ومنها أيضاً مسألة تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً، فهذا النوع من المسائل يجب على السني أن يحتمل المخالف فيها، ولا يجوز له أن يرمي القول فضلاً عن صاحبه بالبدعة، وتَرِدُ عليه الأجوبة المتقدمة حين احتجاجه بالإجماع في تبديع القول الآخر. الفصل الثاني بعض أهل العلم من أهل السنة بل من أئمة السنة الذين قالوا بعدم كفر تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً نُقل هذا القول عن جمع من أئمة السنة والحديث، منهم: 1-الزهري. 2-الشافعي. 3-أبو ثور. 4-أبو عبيد. قال المروزي: وكان ممن ذهب هذا المذهب من علماء أصحاب الحديث الشافعي رضي الله عنه وأصحابه أبو ثور وغيره وأبو عبيد في موافقيهم ثم نقل ذلك بإسناده عن الزهري-.ا.هـ من تعظيم قدر الصلاة (2/956) 5-مالك. نقل ذلك عنه جمع من أهل العلم منهم ابن القيم كما في كتابه الصلاة قال رحمه الله في بيان الروايات عن الإمام أحمد في مسألة تارك الصلاة، وبعد أن بين أن الرواية الأولى عن أحمد هي القول بكفره، ثم قال: والثانية: يقتل حداً لا كفراً وهو قول مالك والشافعي.ا.هـ 6-أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، فقد قال في وصيته لتلميذه الإمام الحافظ مسدد بن مسرهد: ولا يخرج الرجل من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحداً بها فإن تركها كسلاً أو تهاوناً : كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الإيمان: وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا : أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور . وعن أحمد في ذلك نزاع، وإحدى الروايات عنه : أنه يكفر من ترك واحدة منها، وهو اختيار أبي بكر وطائفة من أصحاب مالك كابن حبيب . وعنه رواية ثانية : لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط، ورواية ثالثة : لا يكفر إلا بترك الصلاة، والزكاة إذا قاتل الإمام عليها . ورابعة : لا يكفر إلا بترك الصلاة . وخامسة : لا يكفر بترك شيء منهن، وهذه أقوال معروفة للسلف.ا.هـ من الإيمان(237). 7-محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى كما في " الدرر السنية " (1/102) جوابا على من سأله عما يكفر الرجل به ؟ وعما يقاتل عليه ؟ فقال رحمه الله : أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ثم الأركان الأربعة إذا أقر بها وتركها تهاونا فنحن وإن قاتلناه على فعلها فلا نكفره بتركها والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلا من غير جحود ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان.ا.هـ فهل لأحد من أهل السنة والحديث أن يصف هؤلاء الأمة المرضيين، بأنهم مرجئة أو دخلت عليهم شبهة الإرجاء؟! لا يقول ذلك بعد هذا البيان إلا أحد رجلين: إما أنه لا يعرف معنى الإرجاء، وإما أنه لا يعرف من هم سلفه وأئمته في المعتقد. هذا آخر ما أردت بيانه من المسألة الثانية وهي جواز الخلاف في حكم تارك الصلاة، وبها تم المقصود من الكتاب بجزئيه، والحمد لله رب العالمين. كتبه: أبومحمد عبدالله بن محمد العبدالكريم السعودية-الزلفي-29/3/1430هـ |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الحدث, يلزم, فهمها, قيام |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc