طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع - الصفحة 111 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم المتوسط > قسم النشاطات الثقافية والبحوث واستفسارات الأعضاء > قسم البحوث و الاستفسارات و طلبات الأعضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-01-10, 23:31   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

محددات السياسة الخارجية



تتسم العلاقات بين دول الجنوب، بسمة أساسية تتمثل في محدودية قدرتها على تنمية المقومات الحضارية و الممكنات الاقتصادية و الثقافية في أبعادها المختلفة، إن سواء على صعيد العلاقات الثنائية أو المتعددة الأطراف، و لا تشد الدول الإسلامية عن هذه القاعدة، فعادة ما يصعب تكييف طبيعة التفاعلات بين هذه الدول و إرادتها في نسج علاقات تفاعلات متوازنة و قارة فيما بينها، و خاصة أن المعطيات الدولية المتغيرة لا تسمح إطلاقا بتواجد السياسات الانفرادية الخارجة عن المنطق العام الداعي إلى التكتل ضمن دول متحالفة أو مناطق اندماج إقليمية رائدة.
لقد حاول بعض رواد المدرسة الأمريكية للسياسة الخارجية الإجابة عن الاستفسارات المتعلقة بطبيعة العلاقات بين مكونات الدول الإسلامية، حيث عكفت هذه الاتجاهات على بسط النظريات المهيمنة في العالم الإسلامي المرتبطة بدراسة مجال التنمية الاقتصادية، أزمة الشرق الأوسط و البنيات الاقتصادية و الثقافية لهذه البلدان، حيث وجدت أن مطالب التحديث في هذه المنطقة تقودها الأنظمة العسكرية أ و المحافظة التقليدية، هذه الأخيرة فشلت إلى حد بعيد في جميع محاولاتها لتحديث شعوبها أولا، وفي الاندماج فيما بينها ثانيا.
إن هذه الحقائق البنيوية الفارقة، ساهمت في ظهور العديد من المقاربات لكـل من "Daniel lerner" و"Manfred halpern" و"Jhon Campbell " وآخرين ساهموا في نسج براد يغم عام لدراسة العالم الإسلامي وخاصة منطقة الشرق الأوسط وتدريسه في الجامعات الأمريكية فيما يعرف ببرامج دراسة المناطق "Area studies programs"( 1).

لا شك أن التوجهات السياسية لكل دولة، تنبثق من مجموع تصوراتها، إدراكاتها وقيمها بما لا ينفصل عن كيان وذات المجتمع وروحه ومحركاته التي تمتد عبر المظهر المادي المجرد إلى المقومات المعنوية فيه، فسلوك الدولة في حركة علاقاتها الخارجية، يصدر عن قرار والقرار سلوك سياسي يرتبط بتصور وإدراك صانع القرار.
كما أن الصورة التي يكونها الشعب عن ماضيه هي مرجعه الوحيد في مواجهة المستقبل، وعليه فإن تحليل مفهوم خبرة الشعب التاريخية، تعود لمعرفة بناء الإطار الاستراتيجي لسياسة خارجية، فالصدام بين دولة وأخرى هو في واقع الحال طرح بين تصورات ومدركات تجسدها إرادات الدول في شكل أسلوب أو أساليب معينة2

وعلى هذا الأساس، فإن مصطلح السياسة الخارجية، كما يطيب لبعض الباحثين التدليل عليه، هو سلوك الدولة في علاقاتها الخارجية، سواء كان ذلك السلوك على نحوإيجابي أو سلبي، وهو سلوك تظهر موجهاته في ميكانيزمات وعملية القرار ذاته، من حيث البحث في
3 "comportement Détermine" عوامل تشكيله البعيدة والتي يؤدي الترابط والاختلاف فيها إلى سلوك محدد
بناء على هذا التعريف البسيط للسياسة الخارجية، و اعتبارا لانتماء المغرب لدول الجنوب و الدول العربية الإسلامية، يجدر بنا التذكير أن الممارسة الدبلوماسية المغربية تحاول اكتساب حضور متواصل يسعى بالتأكيد إلى التعبير عن سلوك حذر ومعتدل؛ يهدف إلى التكيف مع حقائق المحيط الإقليمي و الدولي، والاعتماد على تصور عقلاني يأخذ بعين الاعتبار المؤثرات الداخلية ومتطلبات المحيط الذي تتفاعل ضمنه.
إن اعتبار المغرب بلدا عربيا إسلاميا؛ يجعله يبدو من الناحية المعنوية و التضامنية الخالصة، أكثر التصاقا والتزاما بجل القضايا العربية والإسلامية؛ وكل المؤشرات التاريخية والسياسية والدينية والثقافية تدل على الارتباط الحتمي بالعروبة والإسلام.

أولا: انعكاس الوضع الداخلي على توجهات السياسة الخارجية

إن قراءة وضعية المغرب الإقليمية بعد نهاية الحرب الباردة، ودراسة المؤثرات العامة في سلوكه الخارجي إزاء العالم الإسلامي، وجوانب القصور في هذه العلاقة، تقتضي منه دراسة وتبني سياسة خارجية مغربية إسلامية وفق تصور استراتيجي يهدف إلى دعم وتأكيد هذه العلاقات عن طريق استغلال كل الإمكانيات المحتملة، باعتبار أن المغرب من منظور القدرة والإمكانات الاقتصادية والعسكرية بلدا متوسطا، أو أقل من ذلك، يستطيع مواكبة وتكييف هذه المقدرات مع الرهانات الدولية والإقليمية وتجاوز الصعوبات والعراقيل التي تحول دون تحقيق اندماج وتفاعل بناء مع العالم الإسلامي، وخاصة أن السياسة الخارجية تراعي بالأساس تصور الدولة لمصالحها، بما أنها تشكل مجمل الأقوال التوجهات والاستراتيجيات والأفعال الصادرة عن صانعي تلك السياسة والتي يعبئوا مواردهم لتحقيقها4
إن العديد من المعطيات الذاتية والموضوعية، حتمت على المغرب بعد استقلاله من الوجهة الإستراتيجية والجيوسياسية، تبني خيارات ونهج سياسات متفاعلة مع البيئة الداخلية ومع كل التحولات التي عرفتها المنطقة وإن لم يكن في اتجاه تكريس فكرة التفوق و لعب ادوار حاسمة في المحيط الدولي، فعلى الأقل الدفاع عن مصالحه الراهنة و دوام استمرارية دور الدولة المغربية بالمنطقة والتفاعل مع سياسات واستراتيجيات باقي الفاعلين في المحيط الإقليمي5
فالسياسة الخارجية المغربية في محيطها العربي والإسلامي، تعني مجمل الممارسات المغربية في أبعادها المتداخلة والمتفاعلة من مواقف سياسية ومبادرات دبلوماسية وعسكرية وأيضا من سياسة اقتصادية وتجارية وثقافية، وكذا انشغالاته الأساسية في المنطقة التي تتمثل في استكمال الوحدة الترابية للمغرب، الاهتمام بمسالة التوازن الإقليمي بالمنطقة مع وجود جارين مقلقين (اسبانيا و الجزائر6
إذا كانت أهداف السياسة الخارجية تسير في اتجاه دعم حلقات الانتماء العربي الإسلامي، فهي مدعوة لأن تتأقلم مع معطيات البيئة الداخلية، حيث أن الرهانات المطلوبة تتجاوز محاولة التوفيق بين التوازنات و تتعداها إلى إيجاد حلول للمعضلات والإشكالات الأصلية التي يتخبط فيها المغرب، مع الرغبة في لعب دور محدد في الساحة الدولية، وذلك بدعم توجهاته العربية والإسلامية ودفع الدبلوماسية نحو آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية والثقافية، مع مراعاة أولوية القضايا الداخلية، وفي هذا الإطار فإن ملف الصحراء يعتبر من المنظور الاستراتيجي أحد الملفات- المفاتيح بالنسبة للدبلوماسية المغربية، إضافة إلى هدف بناء دولة ديمقراطية وحداثية.
انطلاقا من هذا التوضيح، تظهر صعوبة فصل العوامل الداخلية وبلورة دورها بكل وضوح في تحديد السلوك الخارجي؛ بالنسبة للمغرب فإن الترتيب المؤسساتي لدور هذه العوامل يضع أهم مكون من مكونات الحقل السياسي المغربي على رأس العمل الدبلوماسي، ويتعلق الأمر بالمؤسسة الملكية، حيث يعهد الدستور المغربي للملك الإشراف على وضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية، أما تنفيذ ومتابعة قضايا السياسة الخارجية فتعهد إلى مؤسسات حكومية، حيث تحتل وزارة الشؤون الخارجية مكانة متميزة رغم أن عمل هذه المؤسسة أصبح متأثرا بمعطيات ذات بعد تنظيمي ومؤسساتي.
يشير أحد المختصين المغاربة، أن التسلح بفكر العصر لإنجاح العمل الدبلوماسي لم يعد يقتصر على مهمة التمثيل الدبلوماسي فحسب، وخاصة إذا ما أردنا جعل الدبلوماسية المغربية دبلوماسية واعدة و أداة للتنمية والتطور(7 )،إن هذا الأمر يدعو إلى إعادة النظر في الإطار المؤسساتي للعمل الدبلوماسي، مع مراجعة كافة أدوار المؤسسات المعنية بقضايا السياسة الخارجية.
إن بناء السياسة الخارجية المغربية، ينطلق من توحد المعايير التي تقوم عليها الدولة المغربية؛ والتي تشهد على تداخل هذه العوامل، بيد أن المؤثرات التاريخية التي نمت وترعرعت في المجتمع الوطني على المستوى الداخلي، لعبت دورا رياديا في إبراز هذه السياسة، وتجدرت تدريجيا في الثقافة السياسية للمواطن المغربي، وهذه المبادئ تركز على السيادة الوطنية ، شرعية المطالب الترابية والتضامن العربي والإسلامي؛ على هذا الأساس يلتزم المغرب بحضور كافة المنتديات واللقاءات والمؤتمرات والمفاوضات التي تعهد إلى العاهل المغربي المساند من قبل الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية للقيام بدور المفاوض في القضايا العربية والإسلامية.

ثانيا: دور العوامل الشخصية
يشير جون جاك روسو رائد الليبرالية الديمقراطية إلى أن « الممارسة الخارجية للسلطة لا ترجع إلى الشعب، لأن مناهج الدولة ليست في متناوله؛ وإنما في يد الرؤساء الأكثر استنارة وإلماما بخصوص هذه القضايا»( ، عل غرار هذه المقولة، فإن الملك باعتباره أمير المؤمنين، يعد المنسق أو المهندس للسياسة الخارجية، حيث أنه يرأس مجلس الوزراء ويسهر على قيادة الدفاع ويشارك في المفاوضات الدولية، بمعنى أنه يملك كافة الوسائل التي تمكنه من القيام بهذا الدور بشكل فعلي بما في ذلك التوفيق بين المواقف الشعبية والرسمية والصراعات الداخلية بين الإرادات والإذعانات المختلفة المرتبطة بالمحيط الخارجي.
إن الارتكاز على نظرية المجال المحفوظ - التي أكدها الجنرال ديغول وكذلك فرانسوا ميتران- من حيث أن هندسة السياسة الخارجية والدفاع تدخل ضمن صلاحيات رئيس الدولة الملتزم شخصيا بمراقبة كل ما يمس بأمن الدولة، تجعل أن الملك يمارس كافة الاختصاصات التي تخوله مراقبة أمن الدولة المغربية الداخلي و الخارجي.
لا شك أن صفات ومعتقدات صانعي القرار الرئيسين تؤثر في مجمل نتائج قرارات السياسية الخارجية، لكن هل تلعب شخصية الملك دورا محوريا في السياسة الخارجية المغربية إزاء العالم الإسلامي؟ وهل تكفي وجود صداقات بين الشخصيات والرؤساء العرب و المسلمين لدعم توجه دولة ما نحو دولة أو تكتل ما؟ وما هي القيود والعوائق التي تحول دون اتخاذ القرارات الإستراتيجية على هذا المستوى؟
إن الفصل 19 من دستور 1996، يعطي للملك العديد من التسميات والألقاب التي تجعل منه المؤطر المركزي للسياسة الخارجية، باعتباره رمزا لوحدة الأمة وضامن دوام الدولة واستمرارها والساهر على احترام الدستور والضامن لاستقلال البلاد ووحدتها الترابية في حدودها الأصلية9+
إن هذا الفصل يفسر سلطة الملك في المجال الخارجي، حيث يتواجد بمنأى عن اليمين وعن اليسار وفوق الأحزاب السياسية والأجهزة التنفيذية الأخرى؛ اعتبارا من أنه يستمد هذه السلطات من عراقة التاريخ وسلطة الدين وهو يحدد مصير الأمة بذلك10
من الناحية الدستورية، لا يوجد نص يشير إلى المجال المحفوظ ولا أي شيء يحيل إلى الاختصاص المنفرد في الشؤون الخارجية وخاصة بالنسبة لقضية الصحراء؛ وكذلك العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، فليس هناك فضاء خاص يبرز فيه المجال المحفوظ وكذلك القواعد المحددة للشروط التي تنتج اختصاصا لمجال السيادة، وبالتالي فليس هناك مرجعية يمكن الاستناد إليها غير السلطات الملكية والسلطة التقديرية غير المحدودة للملك التي تسمح له بمعالجة الأمور التي تستأثر باهتمامه( 11)؛ الأمر الذي يدفعنا إلى القول بأن المجال المحفوظ هو امتياز ملكي فوق دستوري.
إضافة إلى هذه المركزية الدستورية، فإن شخصية الملك تزداد طفوحا في المشهد السياسي المغربي؛ حيث رآكم العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني تجربة سياسية طويلة وخبرة واسعة بالواقع الدولي في أبعاده المختلفة، وإدراك واقعي ومعتدل لميكانيزماته والقوى المتحكمة فيه، والاضطلاع بمسؤوليات متعددة في النظام العربي والإسلامي متشبثا في ذلك بالاعتدال وهي خاصية ميزت السياسة الخارجية المغربية برمتها، من خلال نهج سلوك يرتكز على استبعاد وسائل العنف وتفضيل أساليب الحوار والتشاور في العلاقات الدولية12

خلال فترة الثمانينيات نجد أن المغرب كان في نفس الوقت رئيسا لمؤتمر القمة العربية الثالثة عشر ورئيسا للمؤتمر الإسلامي ورئيسا للجنة القدس(13)، وكذلك في مرحلة التسعينيات، حرص المغرب على ممارسة نفس الدور باحتضانه وإسهامه في انعقاد العديد من المؤتمرات وخاصة العربية والإسلامية، إن هذا الموقع المحوري للملك في الحقل الخارجي لا ينبغي أن يفهم على أساس أنه احتكاري بشكل مطلق، بل أنه يدخل في إطار ضبط النظام نفسه، فقد يتم الاستعانة بفاعلين آخرين؛ وفي أحيان أخرى يتم العمل على إعادة موائمة أو تعديل بعض الممارسات على ضوء بعض ردود الفعل المسجلة داخل الرأي العام الوطني، دون التخلي عن جوهر الاختيارات التي توجه الممارسة الخارجية المغربية15
إن أقل ما يمكن وصف الملك الراحل الحسن الثاني، ما كتبته المجلة الشهرية "dialogue international" المختصة بإفريقيا والعالم العربي الصادرة في باريس، "الحسن الثاني رجل دولة استراتيجي، كان يشرف على تحديد إستراتيجية الأمة المغربية إزاء المحيط الدولي"، فإذا كانت الإستراتيجية الداخلية للعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني ترتكز على الحفاظ على التنمية المنسجمة للبلد والمجتمع، فإن إستراتيجيته على المستوى الخارجي هي الأكثر تميزا و سطوعا، حيث كان يشغل الرئيس الأول لاتحاد المغرب العربي ولجنة القدس ويتولى رئاسة مؤتمرات القمة العربية والإسلامية المنعقدة بالمغرب بمبادرة منه16
تتجلى أهمية العنصر الشخصي في الدور الذي مارسه الملك ضمن محور الاهتمامات العربية والدولية، حيث كان له من الحس السياسي ما يسمح له بدعم الصف العربي، وتقديم الدعم الكامل وغير المشروط للفلسطينيين؛ فجميع مؤتمرات القمة التي خصصت للاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كان قد احتضنها المغرب وهي كالتالي:
* مؤتمر الرباط 1974خلاله تم اعتراف الدول العربية بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
• قمة الدار البيضاء لسنة 1989 والتي سجل خلالها دعم الدول العربية المطلق لدبلوماسية منظمة التحرير الفلسطينية والقائمة على أساس قرارات منظمة الأمم المتحدة 242-338، فتح الطريق كذلك أمام اتفاق القاهرة الذي أعاد غزة وأريحا للفلسطينيين سنة 1994.
• رئاسة القمة الإسلامية السابعة بالدار البيضاء سنة 1994.
• احتضانه لمؤتمر القمة الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سنة 1996.
إن ميزة الاعتدال والمفاوض المقبول اللتان ميزتا شخصية العاهل المغربي، وكذا سياسته العقلانية، جعلته يقود اللجنة المكلفة بانضمام العالم العربي والإسلامي إلى قاطرة السلام وخاصة إذا علمنا علاقته المتميزة باليهود المغاربة الذين يعتبرون رعايا جلالة الملك حيث يرتبطون معه برابطة البيعة.
وعلى المستوى الإسلامي، فإن الدكتور حامد الغابد، الأمين العام السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي، صرح أن جلالة الملك كان وراء إنشاء هذه المنظمة وتطويرها وراكم داخلها العديد من الإنجازات؛ أهمها الإشراف على رئاسة لجنة القدس باعتبارها قضية محورية تندرج ضمن الاهتمامات الإستراتيجية لفكر العاهل المغربي.
لقد راكم الملك الراحل طيلة سنوات حكمه تجربة دبلوماسية فريدة مع العالم الإسلامي، وقد أشار أحد المفكرين وهو "jalonne rivez"( 17) "انطلاقا من نظرته الثاقبة حول التوازن الوطني والجهوي، فإن الملك الراحل يعتبر من أهم رؤساء الدول حضورا وتمثيلا لمسلسل السلام، فهو بحق قطب رحى الاستقرار الدولي وقيمة غير مسبوقة للاعتدال في العالم الإسلامي".
بصفة عامة، يتعلق الأمر بمهندس لدبلوماسية كونية واعية وإيجابية، مبدعة وحكيمة ومتميزة؛ بمعنى المبادرة والحركة في الوقت المناسب حسب تعبير الكاتب
18"Maurice Oruon"
إن الوظيفة المهيمنة للعاهل المغربي على مستوى العلاقات مع البلدان الإسلامية، تهدف إلى الحفاظ على القيم والاختيارات العقلانية للبلد، الهادفة إلى استكمال الوحدة الترابية، دعم حركات التحرير الوطنية، والحفاظ على السلم الدولي استنادا إلى سياسة الحياد، بناء المغرب العربي، دعم الشعب الفلسطيني، ومعالجة قضايا الأمة الإسلامية في شتى مناطق التوتر في العالم، مع الحرص على إعطاء صورة حقيقية للإسلام بأنه دين حضارة وتسامح وليس دين التطرف والعنف كما جاء في جواب الملك الراحل الحسن الثاني ردا على سؤال صحافي فرنسي19
إن التطرف، حسب ما كان يعبر عنه الملك الحسن الثاني، يتنافى مع مبادئ الإسلام الذي ينهي عن التطرف والغلو ويروم تدارك ما انزلق إليه أتباع الديانات السماوية من مهاوي الطائفية. يتضح من خلال هذه الحوارات، تركيز الملك الراحل على إعطاء العالم صورة لإسلام متفتح يتماشى مع إيقاعات الحداثة والتطور ويمقت أساليب العنف والتطرف المذهبي والديني.
إذا كان المغرب لا يخفى انتماءه العربي الإسلامي، ويعتبره ضمن مجالاته الحيوية في فضاء علاقاته الدولية من خلال التنصيص على ذلك في جل الدساتير منذ 1962 إلى دستور 1996( 20)، الذي يمثل أسمى قانون في البلاد، فإن هذه العلاقات بحكم الالتحام الجغرافي مع بعض البلدان الإسلامية وبعد المغرب عن البلدان الأخرى قد لا تخضع بشكل عام للمحدد الجيوسياسي وكذا الجغرافية السياسية التي لا تطرح مشكل الجوار مع الدول الإسلامية، فإن هذه العلاقات برمتها تعتمد على الجانب الشخصي للعاهل المغربي، على أساس تقاربه مع بعض قيادات الدول العربية والإسلامية؛ حيث كان يرتبط بعلاقات حميمة وبروتوكولية هامة مع العديد من البلدان وخاصة دول الخليج العربي كالمملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، وكذلك الأردن ومصر.

لاشك أن هذه العلاقات ما كانت لتعرف الاستمرار والتواصل لولا حنكة ومراس العاهل المغربي وقدراته على الحفاظ على المصالح الوطنية من خلال استقطاب هذه الدول للاستثمار في المغرب وكذلك الاستفادة من دعم هذه الدول من المواد الطاقية، فعلى المستوى الشخصي؛ لعب العاهل المغربي دورا كبيرا في حل بعض الخلافات، وتحقيق التوافقات الممكنة على الصعيد العربي والإسلامي خاصة في قضية الصراع العربي الإسرائيلي.

استطاع الملك محمد السادس بعد توليه للعرش أن يوظف مدركات و مفاهيم جديدة جعلت من الدبلوماسية أداة ناجعة لخدمة أهداف التنمية الاقتصادية، فالانتقال السلطة إليه بعد وفاة والده بطريقة سلسة ، الاستفادة من أجواء الاستقرار السياسي في البلاد ، و الشروع في انجاز شروط التحول الديمقراطي ، كلها عوامل ساهمت في تشبث العاهل المغربي بتوظيف الدبلوماسية و جعل السياسة الخارجية في خدمة البناء الداخلي للمغرب و تماسكه، والسهر على تحديث المؤسسات الدستورية، فتكررت الاستجابات للتقارير الدولية بخصوص موضوع حقوق الإنسان، و قام الملك بإطلاق العديد من الإشارات القوية (تسوية ملفات المعتقلين وضحايا الاختفاء القسري، قضايا حقوق الإنسان والحريات العامة)، كما حرص على استغلال شبكة العلاقات التي تربطه بمجموعة من الدول العربية والإسلامية كالكويت و الإمارات العربية المتحدة و المملكة العربية السعودية، لإقناعها بالاستثمار في المغرب (نموذج الاتفاقات المبرمة بين المغرب و هذه البلدان المتعلقة بتمويل المشاريع السياحية بضفة أبي رقراق)، و ذلك بتقديم ضمانات ملكية قوية للشركات المسئولة عن انجاز هذه المشاريع، مما يعني استثمار الدبلوماسية و توجهات السياسة الخارجية لخدمة التنمية الاقتصادية المنسجمة مع أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

إن هذا التصور الجديد يتماشى مع تحول الأدوات الاقتصادية في عالم اليوم إلى وسائل ناجعة للممارسة الدبلوماسية، ذلك أنه يتضح بالملموس أن الدول التي تتمتع بقدرات اقتصادية وصناعية وتكنولوجية متقدمة مثل اليابان وألمانيا استطاعت أن تجد لها موقعا في الخريطة الدولية عن طريق استخدام التأثير الاقتصادي على التوجهات السياسية للدول الكبرى، كما أن هذه الدول بإمكانها خدمة مصالحها الحيوية بإرغام الدول الصغيرة على إتباع سياسات أو مواقف معينة إزاء قضايا أو أزمات دولية21
لاشك أن تجربة المغرب مع بعض الدول الإسلامية وخاصة الخليجية منها، تعطي الانطباع أن تطبيق بعض التدابير والأدوات الاقتصادية الهادفة إلى تشجيع وتنمية روابط التبادل التجاري والاقتصادي وتقديم المنح والقروض والمساعدات الاقتصادية والمالية بإمكانها أن ترفع وثيرة التعاون، كما تساهم في نفس الوقت في سلسلة من تداخل التأثيرات بين المجالين السياسي والاقتصادي.
و على صعيد العلاقات المتعددة الأطراف، ما فتئ المغرب يطالب الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي بمواصلة جهودها الهادفة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي وتنسيق السياسات الاقتصادية فيما بينها، وذلك من أجل إتاحة أكبر قدر ممكن من عناصر التكامل بين اقتصادياتها، ولقد أكدت مؤتمرات القمة سواء التي احتضنها المغرب وغيرها من مؤتمرات وزراء الخارجية، إلى استحداث وسائل كفيلة بتقليص الآثار السلبية للنظام الاقتصادي الدولي على اقتصاديات العالم الإسلامي، كما دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير ملائمة لضمان مشاركة جميع البلدان على قدم المساواة في الفوائد الناجمة عن العولمة.
كما صادق المغرب على قرارات المؤتمرات الرامية إلى تحرير التجارة وزيادة فرص وصول المنتجات والخدمات إلى الأسواق التي تتمتع فيها البلدان الإسلامية بميزة نسبية، وكذلك الحصول على فرص نقل التكنولوجيا بشروط ميسرة والاستفادة من نظم الاستثمار والتكنولوجيا وتوسيع الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، تعاونها وتنسيقها في مجالات الوصول إلى الأسواق والسياسة التنافسية ونقل التكنولوجيا والخبرة الفنية والتمويل والاستثمار؛ وكذا تطوير شبكة معلومات متكاملة وبنية تحتية متطورة من اجل تحقيق الهدف المتمثل في قيام سوق إسلامية مشتركة( 22)، رغم أن الهدف يبدو حاليا بعيدا عن الإستراتيجية العامة للسياسة الخارجية للمغرب وكذلك الدول الإسلامية نظرا لاختلاف توجهات هذه الدول السياسية والاقتصادية، مما يجعلنا إزاء العديد من السياسات الخارجية بدل وجود سياسة موحدة جامعة لكلمة الدول الإسلامية.

إن الانشغالات الجوهرية للعاهل المغربي بقضايا التنمية البشرية والاقتصادية، ربما أثرت بشكل ملحوظ على دور المغرب كمحاور ومفاوض أساسي في الأزمات العربية والإسلامية حيث أصبح يكتفي بتسجيل حضور رسمي و محتشم في الملتقيات والمؤتمرات العربية الإسلامية، كما لم يعد يتدخل في صياغة مبادرات تتعلق بأزمة الشرق الأوسط، كما هو الشأن في مرحلة الثمانينات وبداية التسعينات، مع تسجيل تراجع لدور لجنة القدس التي ارتبطت مند بداية تأسيسها بالمغرب، و الحقيقة أن هذا التواري يعزى أيضا إلى فشل الدول العربية و الإسلامية و تكتلاتها الإقليمية ( جامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي) في توحيد مواقفها إزاء الأزمات الراهنة ( أفغانستان، العراق، لبنان ، الصومال)، بل مجرد اجتماع هده الدول في مؤتمر شكلي لا طائل من انعقاده بات انجازا كبيرا في حد ذاته، كما أن الأمل في نهج سياسة خارجية إسلامية متراصة و منسجمة ولد معدوما مند البداية، إن هدا المتغير التفسيري الثابت، يعطي الانطباع أن الملك المغربي بات يفضل –خلافا للراحل الحسن الثاني الذي حرص على لعب دور دولي دو أبعاد مختلفة- تقوية البناء الداخلي للبلاد و النهوض بها اقتصاديا من خلال محاربة الفقر مواجهة تحديات العولمة.
يبدو أن العوامل الشخصية والتوجهات العقدية لها أهمية لا تنكر في صناعة القرار الخارجي، بيد أن هذه العملية تعتريها العديد من القيود النابعة من البيئة الدولية، لذلك نجد أحد المحللين وهو كلمان يقول "من وجهة نظري الخاصة، فإن الخصائص الشخصية ذات أهمية محدودة نسبيا في التأثير على نتائج قرارات السياسية الخارجية".

ثالثا: معادلة التعاون أوالمصلحة

إن السياسة الخارجية المغربية اتسمت في الكثير من أبعادها الدائمة، وإستراتيجيتها العامة باستحضار مفهوم المصلحة بما فيه الجانب السياسي والاقتصادي والثقافي، ويختلف تأثير هذه الجوانب حسب الدول وما تقتضيه دينامية العلاقات الدولية بشكل عام، فهل التوجه نحو العام العربي والإسلامي أمر تقتضيه المصلحة السياسية والاقتصادية؟ أم مجرد إيحاء ورغبة في إنعاش شعارات التضامن الإسلامي؟
إن هناك شبه إجماع على أنه من بين أهداف السياسية الخارجية تستأثر خمسة منها بتأييد واسع تتمثل في استكمال الوحدة الترابية، تأمين الأمن الغذائي، جلب الاستثمارات الأجنبية، اكتساب أسواق خارجية، تحسين صورة المغرب في الخارج، وأخيرا تأمين و تقوية الدفاع الوطني23
لقد تزايد الاهتمام بالأوضاع السياسية في المغرب بعد مجيء حكومة التناوب في 1998، وكذلك بعد رحيل الملك الحسن الثاني في 1999، وقد دشن المغرب عهدا جديدا بتولي الملك محمد السادس مقاليد الحكم، حيث دخل المغرب بفضل هذه التحولات إلى مرحلة جديدة أطلق من خلالها العاهل الجديد إشارات وقرارات ذات إيحاءات قوية ترمي إلى الدخول في مسلسل إصلاحي، يرتكز على مفهوم جديد للسلطة يطال مختلف الميادين السياسية والاجتماعية وتلبي بذلك النقاش السياسي من أجل إصلاح هذه الأوراش من قبل الطبقة السياسة والنخبة الثقافية، حيث ترتب عن ذلك طرح العديد من القضايا قيد النقاش بإبرازها لإشكالية الانتقال الديمقراطي، الملكية الدستورية، التحديث السياسي وقضية التعليم والمرأة24
فعلى المستوى الداخلي، شدد الملك محمد السادس في خطاب العرش على "إن أسس السياسة الداخلية بارزة المعالم وواضحة السمات وأن المطلوب هو ترسيخها ودعمها، لذا فنحن متشبثون أعظم ما يكون التشبث بنظام الملكية الدستورية والتعددية الحزبية والليبرالية الاقتصادية وسياسة الجهوية واللامركزية وإقامة دولة الحق والقانون وصيانة حقوق الإنسان والحريات الفردية والجماعية وصون الأمن وترسيخ الاستقرار للجميع25
وكما ورد في خطاب الملك، فإننا سنجد التداخل والتأثير الكبير بين رسم السياسات الداخلية للدول وممارستها الخارجية، وقد أصبح ذلك يفرض نفسه من خلال العبارة الواردة في ديباجة الدستور "المبادئ المتعارف عليها عالميا" حيث تحتل مسألة حقوق الإنسان مكان الصدارة إلى جانب قواعد تنظم التجارة وتساهم في تنظيم العلاقات الدولية، مما يفرض على المغرب ممارسات معينة، وهذا ما أكدته الإرادة الملكية من خلال بلورة هذا الترابط بين السياسات الخارجية والداخلية للدول، ونشأت في السابق دائما صعوبات نتيجة تداخل عوامل شتى تؤثر على مسار التداخل بين هذه السياسات26
يحدث الترابط بين الدول، بحكم أن العلاقات الدولية مبنية على الإقرار بضرورة التعاون ليتأتى تنظيم تبادل المصالح، ويتم هذا الأمر بنوع من التوازن فيما بين الدول المتكافئة و عموما بين دول المركز؛ أما دول الهامش فلا بد لها أن تأخذ في الحساب عند صياغة سياستها الداخلية أن يكون سلوكها مقبولا من قبل المجتمع الدولي.
لقد أشرف المغرب في الفترة الواقعة ما بين 90 و93 على الأخذ بإصلاح دستوري وسياسي هام، وتكررت تصريحات الدول الشريكة للمغرب للثناء على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال حقوق الإنسان، فرغم أن ممارسة وتطبيقات حقوق الإنسان أمر داخلي، فإن الخطب الرسمية والتقارير الدولية التي صدرت هنا وهناك لم تتوان عن إثارة المسألة وإن كان ذلك يتم في إطار من اللباقة واحترام الشكليات.

في هذا السياق أيضا، يمكن الحديث عن المشروطية الاقتصادية كمعيار واقف لربط العلاقات مع بلد ما، حيث أن مصادقة البرلمان الأوربي على اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوربي اقترن باشتراط احترام المغرب لحقوق الإنسان27
كما أن تقرير البنك الدولي، تضمن ملاحظات صريحة بشأن وضع الإدارة المغربية وخطورة بعض الممارسات المنحرفة والانعكاسات السلبية لتركيز السلطة أو الثروة، وهذا يفيد أن المغرب منفتح على المفاهيم الدولية ويصرح بأنه يقبل بتطوير أساليبه وأدواته
إلا أن صورة المغرب في الخارج؛ والرغبة في تطبيع علاقاته مع المجتمع الدولي راجعة إلى اعتبارات موضوعية، لذا فإن انسجام دولة مع المبادئ والقواعد الدولية يستمد قوته من انسجامها مع مقتضيات توازناتها الداخلية.
ولقد ركز العاهل المغربي محمد السادس على حل الملفات الشائكة التي سادت بخصوصها نظرة سلبية من خلال التقارير والدراسات الأكاديمية، حيث أشار " فوكوياما" إلى أن المغرب لا يدرج ضمن فئة الدول الآخذة بالديمقراطية، في حين يدرج السنغال مثلا، وضمن لجنة حقوق الإنسان بجنيف لم يكن ملف المغرب ضمن الملفات الناصعة.
وعلى مستوى العربي والإسلامي، فقد أكد العاهل المغربي في خطاب العرش على اعتبار أن التوجه العربي والإسلامي من المرتكزات التي تقوم عليها المملكة من خلال قوله يحب أن نولي عناية بمختلف مشاكل أشقائنا العرب... وما نرمي لـه جميعا من مصالحة والتئام وتعاون في تجاوز سلبيات الواقع والنظر بعيدا إلى المستقبل على 28أساس من تاريخنا الحافل المشترك، ومن مقوماتنا الحضارية والثقافية، ومن القيم التي يزخر بها ديننا الحنيف في وسطيته واعتداله
لقد بات واضحا أن الانخراط ضمن دائرة العالم العربي والإسلامي، كان ولا يزال محور اهتمامات العاهل المغربي، ومن المؤكد أن اليوم وأكثر من أي وقت مضى تزداد الحاجة إلى ضرورة بلورة إستراتيجية واضحة وتصور شمولي لنوعية هذه العلاقات الضاربة بجذورها في التاريخ، لكن دون أن ترقى إلى مستوى إنجاز تكتل إقليمي قوي يساهم في الرفع من حجم التفاعلات مع العالم الإسلامي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
خلاصة
إن نجاح الدبلوماسية المغربية في العالم الإسلامي، يحتاج للمزيد من دعم القدرة المغربية لاستغلال جميع فرص التوسع والتبادل الاقتصادي من خلال دعم الصادرات المغربية وخاصة مع تسجيل التراجع في الصادرات المغربية نحو الدول الإسلامية من المواد الرئيسية كالفوسفات والألبسة الجاهزة والمواد الفلاحية، بسبب ارتباط الدول الإسلامية بدورها بدول الميتروبول أي طغيان الجانب السياسي على المبادلات التجارية من خلال ارتباط مصالح المغرب مع الاتحاد الأوربي ومع الولايات المتحدة الأمريكية من الناحية السياسية والاقتصادية؛ ودفاع المغرب أيضا عن قضية وحدته الترابية وتسخير الدبلوماسية الاقتصادية لأجل ذلك.
بناء على ما تقدم، فإن أهداف الدبلوماسية الاقتصادية المغربية في العالم الإسلامي تقوم على أساس خلق مصالح اقتصادية بديلة بالعمل على تنويع المبادلات التجارية وإعادة التوازن للمبادلات التجارية المغربية مع هذه الدول، والتي تبقى معظمها مرتبطة مع المغرب بعلاقات هامشية، فإذا ما استثنينا بعض الدول الخليجية ودول المغرب العربي تضل العلاقات الاقتصادية مع الدول الإسلامية الأسيوية والإفريقية غير ذات أهمية وخاصة مع بلدان ذات أهمية جيوستراتيجية بالغة كتركيا ،إيران،اندونيسيا، ماليزيا ودول القوقاز.
إن التعويل على استغلال الفرص الاقتصادية و دعم المبادرات الإنمائية الخلاقة بين الدول الإسلامية و دول الجنوب عموما، هو المستقبل الحقيقي لهده الدول لمواجهة مسار العولمة و اقتصاد السوق و الدخول إلى زمن التكنولوجيا الدقيقة و الرقمية لتقليص الهوة بينها و بين دول الشمال، و أعتقد أن المغرب بإمكانه الاستعاضة عن أهداف الدبلوماسية التقليدية المرتكزة على الدول الغربية كفرنسا و اسبانيا، و الانتقال إلى مرحلة استكشاف مزايا الحوار و التفاعل مع دول الجنوب سواء في أسيا ، أمريكا اللاتينية و إفريقيا.









 


رد مع اقتباس
قديم 2012-01-10, 23:35   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

ممكن يفيدك هذا


هنا










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-10, 23:37   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

وممكن هذا




مقاربات التكامل الدولي......

مقدمة:

سيطر منطق معاهدة واستفاليا على العلاقات الدولية إلى غاية نهاية الحرب العالمية الثانية ، ببداية حدوث اعتراف الدول بظاهرة التكامل الدولي، ثم اعتراف المنظرين بأن الإدراك الفعال للعلاقات الدولية يجب أن يتجاوز حدود مقولة أن الدولة هي الفاعل الوحيد في العلاقات الدولية .
وفترة ما بعد الحروب العالمية أنتجت قيم جديدة تتجاوز المضامين الكلاسيكية للمصلحة الوطنية، الطابع العقلاني والوحدوي للدولة ، وبالتالي أصبح الهدف ليس التمكين المطلق للدولة بقدر ما يجب العمل على التمكين المطلق للأفراد ، وهنا أصبحت الحروب قيم غير عقلانية ، وغير نافعة، وهذا ما يبرر موجة الإقبال على التجارب التكاملية ، بالرغم من أنه لا يوجد شيء أخطر على مفهوم الدولة الوطنية مثل الإقبال على التكامل .
وهكذا بدأ العالم يقبل بالتكاملات الجهوية لأنها تخلق جزر سلام في العلاقات الدولية كما قال "جوزيف ناي" خاصة وأن تزايد التبادل التجاري ، الاعتماد المتبادل ، التعاون الدولي انتهى بفرض منطق جديد على الدول بضرورة تنظيم هذه الظواهر التي تعبر الحدود ، وهذا ما يختصر في مقولة أن التكامل الدولي في شكليه العملي والنظري هوشكل من أشكال الاستجابات على قيم جديدة مست الأنظمة السياسية والعلاقات الدولية .
والتكامل المغاربي يندرج ضمن هذه التجارب التي تعبر عن نوع من الاستجابات على التحديات التي يفرضها نفس الامتداد الجغرافي، والإشراك في نفس الخلفيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
وعموما سنحاول في هذه المداخلة إثارة الطابع الإشكالي في التكامل الدولي المتعلق بالعلاقات السببية بين تزايد النزاعات الدولية وتزايد الرغبة في التكامل، تزايد الاعتماد المتبادل وفي نفس الوقت اكتمال تطور ونمو الدولة الوطنية.
وكل هذه العلاقات السببية يمكن التعبير عليها في التساؤل التالي:
? هل يمكن للتكامل الدولي أن يمثل آلية جادة لتفكيك بنيـة النزاعات في العلاقات الدولية، وإلى أي مدى ساهم في حل مشكلة الاعتماد المتبادل في النظام الدولي ؟.


?-تأثير التكامل الدولي على منظومة قيم النظم السياسية و العلاقات الدولية:
فرض تطور العلاقات الدولية والتاريخ الانساني بشكل عام نموذجين من الجماعات السياسية، نموذج سياسي داخلي وهو الدولة ،ونموذج سياسي دولي وهو النظام الدولي. فالنموذج الأول كان نتاج تطور منطق ممارسة السلطة و النفوذ ابتداءا بالدولة المدينة،ثم الإمبراطورية، ثم الدولة الدينية و بعدها الدولة القومية. أما النموذج الثاني فهو نتاج تطور اليات الضبط الدولية ابتداءا بقانون الشعوب ثم فيما بعد القانون الدولي، وصولا لأدوات ضبط متعلقة بتطور فكرة النظام الدولي خاصة بعدما اصبح معرفا بالدول.
اذا ابتداءا من معاهدة واستفاليا تكرس نموذجين من القيم، قيم سياسية داخل الدولة، وقيم سياسية في العلاقات الدولية.


1-المنظومة القيمية للنظم السياسية والعلاقات الدولية :
أ- المنظومة القيمية للنظم السياسية:
أسست النظم السياسية الحديثة - خاصة بعد ميلاد الدولة القومية-على عدة مفاهيم معرفة بالحدود: المصلحة معرفة بالحدود، المواطنة،الامن،و ادوار الدولة المختلفة ووظائفها مقترنة اساسا بالموارد الوطنية.
وكل هذه المفاهيم جعلت علم السياسة يقترن اساسا بهذه الحدود المفاهيمية التي جعلت منه علما لدراسة التفاعلات داخل الدولة، وهيمنت الدولة كوحدة تحليل أساسية و السلطة كموضوع جوهري لعلم السياسة.
وهذا المنطق الدولتي قسم العالم على حدود قطرية و جعل من النظام الدولي ساحة لتنافس المصالح وفق منطق عقلاني يعتمد على إدراكات قطرية لمضامين المصلحة الوطنية و الأمن القومي، و كل هذا اسس للمفهوم الكلاسيكي للأمن الذي يرتبط اساسا بأمن الجماعة الإنسانية داخل الرقعة الجغرافية للدولة.(1)
ب-المنظومة القيمية للعلاقات الدولية:
نفس الظروف التي فرضت القيم الساسية الداخلية هي التي فرضت منظومة قيم تشكل بشكل حاسم الإدراك الدولي للعلاقات الدولية.
لذلك فميلاد تخصص العلاقات الدولية اقترن بتطور مفهوم الدولة الامة و اصبحت الدولة هي الفاعل الاساسي في السياسة الدولية،و تتحرك في بيئة سميت بالنظام الدولي. و منظومة القيم الدولية مؤسسة على مقولات الدولة الوطنية كفاعل، و المصلحة الوطنية كغاية،و القوة العسكرية كوسيلة،و يعزز هذا الادراك مقولة ان درجة فقدان الامن و انعدام الثقة يجعل من تحقيق المصالح المختلفة من مهام الدولة وفق ما يسميه Kenneth woltz بمبدأ المساعدة الذاتيةself help .
لكن نجاح الثورة الصناعية وتطور منظومة القيم الليبيرالية و النظام الرأسمالي و اندلاع الحربين العالميتين ادخلت العديد من الشكوك في منظومات قيم الدولة وقيم العلاقات الدولية،وواحدة من اهم الاستجابات عن تحديات الحداثة نجد التكامل الدولي الذي ساهم في تفكيك الإدراكات المعرفة بالحدود القومية سواءا على المستوى المحلي او الدولي.
و نود أن نشير إلى أهمية هذا المدخل باعتباره يمثل مركز التحليل" Centre de gravité" و نقطة الانطلاقة الاساسية للتنظير في التكامل الدولي ،لأن كل أدبيات التكامل تنطلق من افتراض أن سبب تعاظم النزاعات الدولية - خاصة في أوروبا - هو طبيعة القيم التي تتأسس عليها البنى السياسية الداخلية و بنية النظام الدولي.
و فيما يلي نحاول ان نبحث في مدى مساهمة التكامل في تحول قيم النظم السياسية و قيم العلاقات الدولية.


2- التكامل الدولي و تحول قيم النظم السياسية و العلاقات الدولية:
أشرنا سابقا إلى أن عالم ما بعد واستفاليا أسس على مقولات قطرية و وطنية و بأن ربط المصلحة،القوة،الموارد و الامن بالحدود الجغرافية ادى الى تزايد النزاعات ،لأن الدول تعتمد على نفسها في بيئة دولية فوضوية تعرف حالة من ندرة الامن و تحت ضغط مخرجات الثورة الصناعية و النتائج المدمرة للحربين العالميتين و كذا اكتشاف اسلحة الدمار الشامل اصبحت الحروب قيم غير عقلانية و غير نافعة و توجهت الدول الغربية الى تغليب الحاجات الإنسانية على الحاجات السياسية، و هنا بدأ يحدث القبول بالتكامل الدولي كقيمة مؤسساتية جديدة مست النظم السياسية و العلاقات الدولية.

أ-تأثير التكامل الدولي على قيم النظم السياسية:
أدت الثورة الصناعية الى تزايد الطلب على الموارد،و شيئا فشيئا بدأنا نعرف حالة من الندرة أو الرغبة في توسيع تواجد رأس المال،و في هذا الوضع أصبحت الموارد لا تقع بالضرورة داخل الحدود الجغرافية للدولة،و تبع ذلك ضرورة الامتداد الى خارج الحدود و هنا أصبحت المصلحة الوطنية لا تُعر?ف بالحدود فقط ،أي أنها قد توجد خارج الدولة و تحقق بأدوات و آليات جديدة ليست بالضرورة أدوات وطنية.
و هنا ظهرت وظائف جديدة للدولة و طرحت اشكالية" تدخل الدولة" ، بمعنى أن المضامين الكلاسيكية لوظائف الدولة المعرفة بالحدود و الجماعة التي تقيم فيها اصبحت غير قادرة على ادارة هذه الوظائف الجديدة التي تقع خارج الحدود.(2)
و رافق هذا التحول قبول اكاديمي جديد بدأ يقر بان التجارب التكاملية يمكن أن تعبر عن طرح جديد لحفظ بقاء الدولة بدلا من الحروب ،و لتحقيق التنمية بدلا من التركيز فقط على الموارد الوطنية، و تغيير الأنظمة السياسية و الاجتماعية بدلا من التركيز على الدولة كأداة لقيادة التغييرين السياسي و الاجتماعي (3)
وبعدها ازدادت الثقة في التكامل الدولي باعتباره يقدم حلولا لوضعية المجتمعات غير الصناعية ،بحيث ان وجود فوارق في التحكم في التكنولوجا و فوارق في الموارد ، وكذا عجز الدول على ضمان التنمية و التغيير بمفردها ،كل هذا ادى الى ضرورة قبول شكل جديد للسلطات ،و مصادر جديدة للثروة وفق فرضية أن التكامل يحقق دعم مواطن العجز في الدول(إسبانيا ، البرتغال في أوربا).
والتكامل يجبر الدول على تغيير نفسها و قيمها، وهذا ما عبر عنه ديغول في الستينيات حينما قال بان الآلة اصبحت السيد المطلق"Absolute Master " الذي يدفع المجتمعات إلى التغيير ، ويدعم فرص السلام . (4)
ونفس الشيء بالنسبة لتركيا التي دخلت في ورشات اقتصادية وسياسية أملتها عليها الرغبة في الإنضمام إلى النموذج التكاملي الأوربي ، فالتكامل هنا يجبر الدول على تغيير منظومتها وقيمها الداخلية .

ب- التكامل وتحول قيم العلاقات الدولية :
أشرنا في السابق الى أن التكامل يتجاوب مع الحركية المتعلقة بالوظائف الجديدة للدولة، وفيما يلي سنحاول أن نفهم مدىمساهمة التكامل في تفكيك منظومة القيم الدولية التي سيطرت منذ ميلاد الدولة الوطنية ، بحيث أن تزايد ظاهرة التعاون الدولي والاعتماد المتبادل والنزاعات الداخلية، وتزايد مكانة الفرد في العلاقات الدولية أدى إلى تراجع القراءات الكلاسيكية لأدوار ووظائف الدولة ، وإلى ترسيخ مقولة أن عالم ما بعد الحروب العالمية لن يكون إلا عبر وطني يحتل فيه الفرد المكانة الأولى، وهذا ما أدى إلى تراجع فكرة الأمن للدولة إلى فكرة الأمن للإنسان، أي تراجع الحاجة السياسية ( الشرف ، الفخر، النصر) لصالح الحاجة الإنسانية ( الصحة ، التروة، الرفاه، الأمن من الجوع ، من الخوف....) (5)
وتشير الكتابات المتخصصة إلى وجود علاقة قوية بين تزايد ظاهرة الإعتماد المتبادل وتزايد الرغبة في التوجه إلى التكامل الدولي .
ب-1- التكامل كحل لمشكلة الإعتماد المتبادل في العلاقات الدولية :
من نتائج الثورة الصناعية زيادة ظاهرة الإعتماد المتبادل بين الدول ، وبالتالي زيادة درجة المبادلات وتداخل المصالح ، وهذا الوضع أصبح يشكل شيئا فشيئا مشكلة في النظام الدولي.
الاعتماد المتبادل يؤدي إلى وضع قلق باعتباره يؤسس لعلاقات تبادل غير منظمة ولا تخضع لأي نوع من انواع التنظيم أو المؤسسات ، لذلك يعتقد المختصون أن أهم مشكلة واجهت الدولة القومية المتقدمة هي تزايد ظاهرة الإعتماد المتبادل . وهذا الوضع فرض التكامل الجهوي كحل فعال لأن مخرجات الاعتماد المتبادل تتطلب شكل جديد من الرقابة والسلطة على الوظائف التي تحدث خارج اقليم الدولة الوطنية.
وكل هذا يعني بأن : زيادة الإهتمام بالصناعة أدى إلى زيادة المنتوج ، وهذا ما أدى الى زيادة الإتصالات ، وهذا الوضع أصبحت الأسواق الداخلية عاجزة عن احتوائها ، وبالتالي ظهرت وظائف خارج حدود الدولة القومية، وهذه الوظائف أصبحت مستحيلة الإدارة من طرف النماذج السلطوية المركزية ، وهذا ما فرض ضرورة التكامل ، و ضرورة تحويل القوة و السلطة من المستويات المحلية الوطنية .إلى المستويات الإقليمية الجهوية. (6)
ب-2- التكامل كشكل من أشكال الإستجابات على تحديات الحداثة :
مسار الثورة الصناعية وبعدها اندلاع الحروب العالمية ، ثم إكتشاف الأسلحة النووية التي مثلت قيمة إستراتيجية عليا باعتبارها رسخت قيمة أن الحرب الوحيدة المتبقية هي الحرب النووية ، كل هذا أدى إلى تطور الحركات عبر الوطنية Tansnational Movements و خاصة ذات التوجهات المناهضة للأسلحة النووية و التدخلات العسكرية و زيادة التسلح .
و كل هذه التوجهات عبر الوطنية ساهمت في تشكبل قيم جديدة لعالم ما بعد الحروب العالمية ، و كذا تشكيل رغبة حقيقية لتغيير السلوك الدولي حتى يتماشى مع هذه القيم الدولية الجديدة .
وهذه الخطابات مثلت أرضية جديدة لتمرير خطابات التعاون الدولي و الأمن الجماعي و التعددي ، وفيما بعد تمرير مشاريع التكامل الجهوي والدولي كآليات عملية و فعالة لتجاوز وضع ما بعد الثورة الصناعية و الحروب العالمية و كذا التجاوب مع مطالب الرأي العام الدولي الذي بدأ يؤثر على سلوكات الدول الوطنية كما تقول "إيليس بولدينغ" (7)
و كل هذا الكلام يفيدنا في تطوير إدراكنا للطابع الإشكالي الحقيقي الذي يتعامل معه التنظير في التكامل الدولي : بحيث أن منظومات القيم التي تطورت عبر تطور مسار العلاقات الدولية إنتهت في القرن العشرين إلى وضع قلق و إشكالي "paradoxal" المعبر عنه في تزايد ظاهرة الإعتماد المتبادل و في نفس الوقت إكتمال تطور الدولة الوطنية ، و هاتين الظاهرتين تمثلان وضع متناقض لا يمكن تجاوزه لأن الدولة الوطنية معرفة بإمكانياتها ووظائفها و مواردها و مواطنيها و أسواقها بالحدود الجغرافية ، في حين أن ظاهرة الإعتماد المتبادل تعتبر ظاهرة عبر حدودية وبالتالي تستهدف مكانة الدولة، و الحل هنا لا يمكن أن تقدمه سوى مؤسسات التكامل بإعتبارها تحافظ على وجود الدولة ولو مؤقتا ، و في نفس الوقت تنظم علاقات الإعتماد المتبادل .

وهذا الطابع الإشكالي هو الذي يقع في جوهر عملية التنظير للتكامل الدولي إبتداءا من الطروحات الفيديرالية و الوظيفية إلى غاية المقاربات المابين حكوماتية"les approches intergouvernementales " .

II - التكامل الدولي و إمكانية تجاوز العلاقة الإشكالية بين الإعتماد المتبادل و الدولة القومية :
معظم أدبيات التكامل الدولي تنطلق من الطابع الإشكالي للعلاقات الدولية في القرن العشرين، و هذه المفارقة تظهر في تزايد الهوة بين ظاهرتين:
1- تزايد و تعاظم ظاهرة الإعتماد المتبادل في العالم التي ساعدها العلم كثيرا.
2- و في نفس الوقت تزايد درجة إنقسام العالم على حدود السيادة والمفاهيم القطرية .(8)
وتزايد هذه الإشكالية أدى إلى ظهور عدة محاولات لتفكيكها بدءا بأعمال Alfred Ziman ، وRichard Caudenhove حول "الحركة الأوربية" mouvement pan-european " ثم فيما بعد أعمال" دافيد متراني" التي تتأسس على "نظام للتسويات الوظيفية" systeme d’arrangement fonctionnelle " .(9)
ويذكر الأستاذ "david mitrany" في كتابه "نظام سلم فعال" "working peace system " بأنه عايش حركية إجتماعية مزدوجة تمثلت في :
• تزايد المبادلات la croissance des échanges .
• و تدخل الدولة l’interventionnisme étatique
و الحركية الأولى أدت إلى ظهور تيار كبير يهتم بتأثير الإعتماد المتبادل الدولي ،والحركية الثانية أثارت سؤال الوظائف الجديدة للدولة ، والربط بين هذين الحركيتين يمثل أصالة طرح الأستاذ ميتراني خاصة عندما يربطها بالسلام .(10)
ونفس الشيء حاولت الوظيفية الجديدة أن تتعامل معه بإقتراحها لبرنامج عمل تدريجي يفكك الولاءات القومية و يؤسس لوعي قومي جديد " nouvelle conscience nationale " تتحول بمقتضاه الولاءات بشكل تدريجي من المستوى المحلي الوطني إلى مستوى الفوق وطني .

و كما أشرنا سابقا فإن التكامل الدولي جاء ليحل مشكلة الاعتماد المتبادل باعتبار هذا الأخير يعتبر وضع فوضوي غير منظم ، وفي نفس الوقت جاء ليكيف مضامين الدولة الوطنية مع الظواهر التي تعبر الحدود ، وبالتالي يمنحها فرصة لتسيير وإدارة الوظائف والمصالح الجديدة التي تقع خلف الحدود .
و هذا الوضع الإشكالي للعلاقات الدولية امتد إلى نظرية العلاقات الدولية بحيث يقر العديد
من المختصين بأنه يمثل الحوار الثالث في تاريخ نظرية العلاقات الدولية وهو ما سماه Maghroori بالحوار ما بين مقاربات الدولة المركز. والمقاربة العبر وطنية ، State – centrisme versus transnationlism .
و الخطاب التكاملي بهذا الشكل يدعو إلى ضرورة تجاوز الدولة ، وهذا ما عبر عنه "كلود" بقوله بأن "نظام الدولة يفرض نظاما تسلطيا وجامدا للتقسيم الهرمي للمجتمع الدولي ، وهذا ما يعرقل الوحدة بين وحدات النظام الدولي ويقسم العالم إلى محاور محمية من طرف سيادات وطنية غير قادرة على حل المشاكل الداخلية الرئيسية ، وغير مستعدة لترك وحدات أخرى تشارك في حل هذه المشاكل.(11)
وعموما أقبلت الدولة و خاصة في أوربا على تبني إستراتيجية دولية طويلة الأمد لتجاوز هذه الإشكاليات بالتأسيس لمسار تكاملي يحل مشكلة الإعتماد المتبادل من جهة ببناء مؤسسات وتطوير آليات لتنظيمها ،وبتجاوز منطق الدولة الوطنية بنقل منطق الحاجات من الحاجات السياسية التي تثير النزاعات إلى الحاجات الإنسانية التي تُؤسس على مسلمة الإشراك و السلام من جهة أخرى .
وهذا ما سنحاول تحريكه فيما بعد أي العلاقة بين التكامل والسلام في العلاقات الدولية

.
III - فعالية التكامل لتفكيك نية النزاعات الدولية :
يتعاطى المنظور الليبرالي بشكل عام مع العلاقات السببية بين الاعتماد المتبادل والسلام في العلاقات الدولية ، ويعود ذلك إلى كتابات" شارل مونتسيكو" الذي قال بأن "النتيجة الطبيعية للتجارة هي تحقيق السلام " ، وكتابات" بينتام " الذي قال بأن " كل تجارة هي في الجوهر مفيدة ، وكل حرب هي في جوهرها غير مفيدة و غير مقبولة " ، ونفس الشيء ذهب إليه "ستيورت ميل" الذي قال بأن " كل تجارة تؤدي إلى تراجع فرص الحرب لأنها تضاعف المصالح الشخصية وهذا ما يتعارض مع الإقدام على الحرب " ،وحديثا قال " ريتشارد كوبدن" بأن : التبادل الحر هو وسيلة تحقيق السلام العالمي الدائم " وكل هذه المقولات لخصها "جوزيف ناي" بقوله أن "التكاملات الجهوية خلقت جزر سلام في العلاقات الدولية ".(12)
و في دفاع المقاربة الليبرالية المؤسساتية عن أهمية الإعتماد المتبادل تتمسك بحجة قوية مفادها أن الإعتماد المتبادل يخلق مصالح متبادلة ، لدرجة أن التراجع عنها يصبح مكلفا في حالة تبني إستراتيجيات نزاعية .
ويمكن الحديث عن أربعة حجج أساسية للدفاع عن هذه العلاقات السببية بين الإعتماد المتبادل والسلام(13) :
- التجارة مفضلة عن الحرب : و هذا الطرح تسنده كتابات" ريتشارد كوبدن" و"نورمن انجل" في بدايات القرن التي تدافع على أن الدول الحديثة تختار أن تتجار أكثر من أن تتحارب ، وحديثا جاءت أعمال" ريتشارد روزيكرانس" التي تعتبر أن إدراكات الدول الحديثة تغيرت كثيرا ، وأصبحت بذلك الحرب قيمة غير عقلانية بالنسبة للدول التجارية ، بحيث تقدر بأن تحقيق نموها الاقتصادي يكون عن طريق التجارة وليس السياسات العسكرية ،و جوهر هذه الطروحات هو أن المجتمعات الصناعية تختلف عن المجتمعات العسكرية .
- الإعتماد المتبادل هو الخاصية الأساسية للنظام الدولي الحالي :
أشرنا سابقا إلى أن عالم ما بعد الثورة الصناعية لا يمكن أن يكون إلا عبر وطنية لذلك دافع "جوزيف ناي" و "روبرت كيوهان" على أهمية الفواعل الجديدة التي بدأت تزيح الدولة الوطنية من قلاعها الكلاسيكية مثل البنوك الدولية و الشركات الكبرى ..
و النظام الدولي الجديد يعبر عن شبكة متداخلة من العلاقات والتفاعلات التي ساهمت في ضرورة تطوير آليات وأدوات ضبط جديدة تختلف عن الأدوات الكلاسيكية كميزات القوى و الحروب و التحالفات الإستراتيجية .
- السلام يفترض وجود الإعتماد المتبادل يحول دون العودة إلى القوة ، و حتى في حالات الإعتماد المتبادل غير المتماثل فإن الدولة الأكثر إعتمادا على العلاقات التجارية لا تملك الجرأة على تفكيك علاقاتها التجارية بالدخول في نزاع لأن ذلك يصبح مكلفا جدا ، لذلك فالإعتماد المتبادل هو الذي يفسر الإستقرار الحادث في النظام الدولي لفترة ما بعد الحربين لأنه أنتج مصالح متبادلة ترغب الدول في الحفاظ عليها .
و تتطور علاقات الإعتماد المتبادل إلى درجة الإعتماد المتبادل المركب أي تشكيل ما يسميه "جوزيف ناي" و "روبرت كيوهان" بالشبكة الإجتماعية عبر الوطنية و في هذه المرحلة تتراجع العلاقات الصراعية.
- الإعتماد المتبادل يقرب بين الدول ، و بالتالي ظهور إمكانية التعاون وهنا يزداد التقارب و بالتالي ضرورة التنسيق فيما بين السياسات الوطنية، و هنا تظهر الميولات الجهوية .
و عموما فإن الإعتماد المتبادل يشجع تنامي الشفافية السياسية بين الدول خاصة التي تمثل جزءا من التجمع و بالتالي زيادة التعاون وبداية الأخذ في عين الإعتبار مصالح الآخرين .
ووفق وجهات نظر وظيفية فإن الإعتماد المتبادل يخلق مشاكل مشتركة تقود إلى ضرورة التعاون فيما بين الدول ، و هذا ما يفترض ضرورة العودة إلى بناء مؤسسات تؤطر هذا التعاون ، و قد أشار"ايرنست هاس" إلى ذلك حينما قال بأن الأهداف الإقتصادية المشتركة تسرع في التكامل الأوربي أكثر من شعارات الفخر لـ"شارلومان" ومن خطابات البابا و مقولات الحضارة الأوربية الغربية ، و حتى من فكرة الخوف من الإتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة الأمريكية(14) .
ومعنى هذا أن سلوك الفواعل الإجتماعية الرئيسية يتغير تجاه مسار التجربة التكاملية ليس إستجابة لقيم رمزية و مثالية بقدر ما كان إستجابة لقيم عقلانية لخدمة مصالح مباشرة وواضحة .
كما أن هذا التحول في قيم النخب الوطنية كان نتيجة لتزايد الإدراك بان مصالحها تتحقق بأكثر فعالية في مجال سياسي جديد أكثر من المجال الوطني القومي ، وشبئا فشيئا تقتنع النخب السياسية بضرورة التخلي عن سياسات القوة لتحقيق أهدافها ، لذلك قيل بأن التكاملات الجهوية تذيب علاقات القوة عكس المنظمات السياسية الدولية التي تجمد سياسات القوة في صروح دولية (عصبة الأمم وهيئة الأمم المتحدة).
و عمليا يمكن إعتبار التجربة الأوربية مجالا إمبريقيا لإختبار مصداقية هذا الطرح أي قدرة المقاربة الاقتصادية التي تعتمد على التجارة و تطوير علاقات الإعتماد المتبادل على تفكيك بنية النزاعات الدولية بين الدول الأوربية .
-IV القوى الدافعة لمسار التكامل و إشكالية ترتيب السياسة و الاقتصاد :
هناك نقاش حاد حول مكانة الدولة في مسار التكامل ،و يكاد يُجمع الباحثون على تصنيف أدبيات التكامل إلى قسمين :
- قسم يدافع على أن التكامل هو عملية أو سيرورة للتغيير الإجتماعي تقوده حركية تحتية و إقتصادية بالتحديد ، و بالتالي فهو عملية غير سياسية يقع في جوهرها الحاجيات الإنسانية ، وتحركها ديناميكيات إجتماعية و فواعل ما تحت الدولة ، وقسم آخر يدافع على أن مسار التكامل لا يمكن ان يكون آليا، بل يخضع لإدارة و إدراكات الدول والحكومات ، لأن الدول هي سيدة المسارات التكاملية كما يقول "ستانلي هوفمان" .
ونجد في القسم الأول أطروحات المدرسة الوظيفية الأصلية مع" دافيد متراني" التي تدافع على أهمية العوامل الإقتصادية و الفنية ، و تقر بأن الإنتشار يحدث بصفة آلية تحت ضغط ما تسميه باليد الخفية ، كما نجد الوظيفية الجديدة التي تحتفظ بالأسبقية للعوامل الإقتصادية و النخب الليبرالية ، وتتكلم عن تسييس تدريجي للولاءات القطرية .
ولكن أزمات الانتشار التي حدثت في الستينات مع ما يعرف بأزمة الكرسي الشاغر في عهد ديغول في مواجهة بريطانيا ، و أزمة الإنتشار الثانية في الثمانينات أدخلت الكثير من الشكوك في قدرة العامل الإقتصادي على تفكيك الولاءات القومية لذلك إعترف "هاس" في مقدمة الطبعة الثانية لكتابه بأنه لم يحن الوقت للقول بأسبقية الإقتصاد على السياسة ، كما أنه لم يحن الوقت للقول بنهاية الإيديولوجيات، لذلك لا يجب استبعاد الميولات الإيديولوجية في الإتحاد الأوربي(15) .
والذي شكك كثيرا في أسبقية العامل الإقتصادي على العامل السياسي هو عدم تحقق الوحدة السياسية في أكثر التجارب التكاملية جدية في تاريخ العلاقات الدولية و هو الإتحاد الأوربي .
و في القسم الثاني نجد الكتابات التي تحاول إعادة ترتيب ثنائية الإقتصاد و السياسة ، وتدافع على أن مسار التكامل محكوم دائما بمنطق الدول و النخب الرسمية ، و بالتالي فهو ليس عملية ميكانيكية كما يقول الوظيفيون بقدر ما هو خاضع لمنطق القرار السياسي و منطق الدولة كفاعل موجه ، وهذا ما يتنافى مع الطابع الليبرالي للنماذج التكاملية .
و وفق هذا الطرح يصبح محرك الدفع سياسيا و ليس إقتصاديا ، و الأصل أن الليبراليين يعتقدون بقدرة الإقتصاد على تحريك السياسة و ليس العكس .
وأهم إسم دافع على مكانة الدولة في عملية التكامل هو"ستانلي هوفمان" الذي يرى بأن كل القرارات التي اتخذت في تجربة التكامل هي قرارات سياسية ، لذلك يرفض ربط المسار التكاملي بالمحددات السوسيوإقتصادية كقوى دافعة ، و يعتبر أن التكامل محكوم بحسابات دولتية سيادية لذلك لا يمكنه أن ينتشر خارج حدوده الإقتصادية و كلما تحولنا إلى القطاعات الإستراتيجية و المصالح الحيوية إزدادت فرص التراجع .
و نتيجة ذلك تدافع المقاربة المابين حكوماتية على ثنائية السياسة الدنيا ، و السياسة العليا ، وموضوع التكامل هو السياسة الدنيا فقط .
و الإسم الثاني هو "اندرومورافيسك" الذي يفسر التكامل بربطه بالأفعال الحكومية ، لأن الحكومات هي التي تباشر العقد ، و يعتقد بأن المصالح الوطنية تجد مصادرها في المساومات الماتحت حكوماتية التي تحدث ما بين السلطات الحكومية و الفواعل الإجتماعية الداخلية قبل أن تلتقي الحكومات في إجتماعاتها .
و حسب"مورافيسك" فإن التكامل هو نتاج ضغط الفواعل الإجتماعية على الحكومات ، والذي يفسر عدم نجاح التكامل في السياسات الخارجية و الأمنية هو غياب مصالح الفواعل الإجتماعية في هذه القضايا(16) .
وكل هذا الكلام يثير إشكالية حقيقية تتعلق بنقطة بداية التكامل ، هل يبدأ إقتصاديا و ينتهي سياسيا ، أو يبدأ سياسيا و يُعمم فيما بعد على بقية القطاعات ؟
و هذا التساؤل يفيدنا في تقسيم و تصنيف مختلف التجارب التكاملية بما فيهم تجربة المغرب العربي :
القيمة التحليلية للإشكاليات السابقة في منطقة المغرب العربي : -v
أشرنا سابقا إلى أربعة عناصر أساسية يمكن أن نستعين بها كأدوات تحليلية لمحاولة فهم التجربة المغاربية أي توظيف :
- عنصر التكامل كنتاج لتحول منظومة القيم الداخلية و الدولية .
- التكامل الدولي و إمكانية تجاوز الدولة الوطنية و مشكلة الإعتماد المتبادل .
- التكامل كآلية لتفكيك بنية النزاعات بين الدول .
- التكامل وثنائية الإقتصاد و السياسة .


فالتحول في منظومة قيم الدول المغاربية لم يحدث باعتبارها دولا تستند لإدراكات تقليدية للقوة كامتلاك الموارد الطبيعية ، وتحقيق القوة العسكرية ، وبالتالي بقاء منطق الدولة في مواجهة الداخل ، كما أن الدول تعمل على تمرير مشاريع قيمية تحتفظ فيها بدور المصدر القيمي الأعلى "في إطار ما يمكن أم نسميه" بدولنة المجتمعات" .
بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يمكن تمرير مشاريع التكامل في منطقة المغرب العربي في غياب منظومة القيم الليبرالية التي تساعد على تعظيم الأرباح و الفرص للخواص و للنخب الإجتماعية ، أما قيم منطقة المغرب العربي كنظام إقليمي فرعي فإنها لم تتغير لكونها تغذت تاريخيا بمنطق نزاعي إبتداءا من مشاكل الحدود ثم فيما بعد قضية الصحراء الغربية التي أصبحت مشكلا هيكليا يفرض مخرجات تتجاوز بكثير قيمتها الإستراتيجية .
وفي المستوى الثاني بقي التكامل في منطقة المغرب العربي حبيس منطق الدول و المعروف أنها دول تتأسس على نماذج ثابتة للشرعية ، والتكامل هو عملية للتغيير يستهدف تفكيك الولاءات القطرية ، وهذا مالا يمكن للمنطقة أن تستوعبه باعتبار أن كل دول المغرب العربي لديها نفس المنطق و هو الحفاظ على استمرارية بقاء الأنظمة ، و لا يمكن لأنظمة ثابتة الشرعية أن تنخرط في مسار للتغيير الإجتماعي يستهدف بناء ولاءات جديدة و أشكال جديدة للسلطة .
أما ما يتعلق بالإعتماد المتبادل كمشكلة تسبق التكامل الدولي ، فعمليا لا يمكن أن نتكلم عن التكامل في منطقة إقليمية لا تتواصل فيما بينها و لا تتعدى نسب المبادلات التجارية فيها3 %، ولذلك لا يمكن للتكامل أن يحدث في غياب مشكلة الإعتماد المتبادل ، لأننا تعلمنا نظريا أن التكاملات الناجحة كانت دائما في مناطق تعرف حالة متقدمة من الإتصالات فيما بينها .
أما إستعمال التكامل كآلية لتفكيك المنطق النزاعي في منطقة المغرب العربي فإن التاريخ يطالعنا بالعكس و هو أن النزاعات هي التي كانت تتحكم في مصير التكامل ، و إذا كانت أوربا قد تبنت التكامل كآلية لتذويب سياسات القوة ، فإن دول المغرب العربي تستعمل قوتها و تصرعلى حضورها الرمزي و المادي و القطري في مختلف الإجتماعات ، لذلك فتفكيك بنية النزاعات متعلق برغبة حقيقية ، و هذا ما لا يوجد في المنطقة خاصة و أن العديد من الدراسات تدافع على أن النزاعات أُستعملت دائما لدعم شرعية الأنظمة داخليا .
أما ثنائية الإقتصاد و السياسة في مسار التكامل المغاربي ، أو حضور الدولة في التجربة المغاربية فيمكن تحريكها في التساؤلات التالية :
هل الإطار المؤسساتي لإتحاد المغرب العربي هو نتاج مسار تكاملي ، أم هو نتاج مساومات ما بين حكوماتية ؟ بمعنى هل التوجه إلى التكامل هو إستجابة لتطورات حاصلة في منظومة القيم المغاربية و تعبيرا عن تطور و نضج العقل المنفعي المغاربي ، أم هو حبيس الإدراكات القطرية شديدة التسييس ؟ و هل يمكن لمؤسسات الإتحاد المغاربي أن تعبر عن تحول للولاءات التي تتجاوز الحدود الإقليمية للأنظمة المغاربية ؟ .
و الإجابة عن هذه الأسئلة لا يمكن أن تتجاوز الفرضيتين التاليتين :
- تطور التجربة التكاملية المغاربية محكوم بالمنطق الإقتصادي ، وبالتالي برغبة وولاء النخب الإقتصادية ، أي الفواعل الإجتماعية غير الرسمية (النخب ذات الطبيعة الليبرالية)
- تطور التجربة المغاربية محكوم بالمنطق الدولتي ، أي أن الخطوات التكاملية رهينة الإدارة السياسية للدول .
بالنسبة للفرضية الأولى يبدو بأن إختبارها ليس صعبا لأن نسبة المبادلات التجارية لم تتجاوز الحد الأدنى الذي يؤسس للتكامل ، كما أن المنطقة غير صناعية و بالتالي لا يمكن أن تشهد تعاظما لظاهرة الإعتماد المتبادل ، التي تعتبر في التجربة الأوربية هي أساس تفسير المسار التكاملي(17) .
و بقي التفسير المتعلق أساسا بالفرضية الثانية بحيث أن التكامل هنا يصبح محكوم بمنطق الدول ، و بتوجهات النخب الرسمية وبالتالي ليس مسارا أو عملية ميكانيكية كما يقول الوظيفيون الجدد بقدر ما هو خاضع لمنطق القرار السياسي أي للعبة أحادية الفواعل .
وهذا ما يتنافى مع الطابع اللليبرالي للنماذج التكاملية .
لذلك فالمحرك الأساسي لعملية الالتكامل في منطقة المغرب العربي سياسي وليس إقتصادي والأصل أن الليبراليين يعتقدون بقدرةالإقتصاد على تحريك السياسة وليس العكس .
و حسب هذا الكلام فإن تقييم التجربة المغاربية يجب أن يكون نظريا أي ضرورة الفصل في طبيعة محرك المسار التكاملي ، فإذا كان منطقا إقتصاديا فإن الفواعل الرسمية في الإتحاد ليست الحكومات و رؤساء الدول ، و إنما رجال الأعمال أو ما يسمى بالفواعل ما تحت حكوماتية ، لأن التوجه إلى التكامل يكون دائما إستجابة لقيم نفعية أكثر منها سياسية ، و إذا كان سياسيا فإن الفواعل الأساسية ستكون الحكومات ، وموضوع هذا النوع من الإتحادات سيكون المواضيع السياسية و ليس الإقتصادية ، ولأن الإقتصاد خاضع للفواعل الليبرالية .


خاتمة :
الحديث عن التكامل هو حديث عن قيمة مؤسساتية في العلاقات الدولية ، تطورت نظريا و عمليا ، نتيجة تحولات عميقة مست قيم النظم السياسية و العلاقات الدولية لعالم ما بعد الثورة الصناعية و الحروب العالمية ، لذلك ففهم التكامل لا يمكن أن يكون بمعزل عن العلاقات السببية بين تطور الدولة الوطنية و تزايد ظاهرة الإعتماد المتبادل ، و كذا تزايد حدة النزاعات و فشل آليات ضبط الإستقرار في النظام الدولي خاصة فكرة العودة إلى الحروب لتحقيق المصالح الوطنية .
إذن التكامل الدولي عمليا هو آلية تتجاوز بحذر إرث معاهدة وستفاليا ، و تفكك منطق الدولة الوطنية تدريجيا ، و من الأسفل بدون أن تستهدف القضايا السياسية بشكل مباشر ، كما انه يعبر عن آلية مؤسساتية تقدم برنامج عمل لتفكيك الطبيعة النزاعية من خلال تطوير فكرة المصالح المشتركة ، الأمن المشترك ( الشامل كما يقول ميتراني ) .
و نظريا تقدم أدبيات التكامل مفاتيح جديدة لفهم السياسة الدولية ، بتجاوز فكرة الدولة الوطنية كفاعل وحيد في العلاقات الدولية وتجاوز الطابع الفوضوي المطلق للنظام الدولي ، و بهذا تقدم إدراكات جديدة لقضايا السلام و الإستقرار في العلاقات الدولية. و التكامل بشكل عام هو قيمة إنسانية أكثر منها حاجة سياسة ، لأنه يعبر عن نضج العقل المنفعي و عن تراجع الحروب كأداة لتحقيق أهداف كلاسيكية والتي أصبحت المنظومة الليبرالية لا تقبل بها. لأن عالم فلسفة داروين و اوغست كونت و المدرسة النفعية أزاحت الدول من مركز العمليات الإجتماعية و إستبدله بالإنسان كقيمة عليا توضع في خدمته جميع السياسات الإجتماعية والبرامج السياسية .
ووفق هذا الإدراك الفعال الذي تأسس في التجارب الغربية ، أصبحت الحركية الاجتماعية هي التي تحدد شكل المؤسسات وشكل السلطات ، وعالم ما بعد الحروب العالمية أصبح يتقبل سلطات جديدة و مؤسسات جديدة ليست بالضرورة الدول مادامت هذه المؤسسات تحقق نفس الأهداف و بنفس الفعالية .
و هكذا لا يمكن أن تتضح فكرة التكامل الجهوي في منطقة المغرب العربي بعيدا عن هذه القيم التي تأسست تاريخيا استجابة لظروف تاريخية و لتوجيهات الفلسفية عميقة مست جميع المستويات الغربية الحديثة ، و الذي يثبت هذا الكلام هو أن التجارب التكاملية الناجحة كانت دائما في بيئات ليبرالية و ارتبطت دائما بموجات التحول من الأنظمة التسلطية الريعية إلى أنظمة ديمقراطية ليبرالية (الآسيان في آسيا بعد تحول الأنظمة في اندونيسيا و ماليزيا ، و التجارب التكاملية في أمريكا اللاتينية بعد تحول الأنظمة في الثمانينيات..) .

الهوامش :
(1) Dario PATTISTILLA , théorie de relations internationales , Paris ,2003, p177.
(2) G . DEVIN , Que reste –t-il du fonctionnalisme internationale ? relire David Mitrany (1888,1975) , critique internationale . 2008 .1,N 38, p137.
(3) B.BUZAN, National security in the post –cold war third world , strategique review of south Africa ,Vol xvi , N01,1994,p33.
(4) ibid ,p36.
(5) Abdennour BENANTAR,concevoire la relation avec l’OTAN uniquement en terme de lute anti-terroriste serait une erreur stratégique , la tribune , jeudi 23-02-2003.
(6) B.BUZAN,op,cit ;p35.
(7) محمد احمد عبد الغفار ، فض النزاعات في الفكر والممارسة الغربية ، ج1، الجزائر، دار هومة ، 2003 ، ص ص 48،49.
(8) Dario PATTISTILLA , op,cit,p189.
(9) idem .
(10) G , DEVIN . . op,cit,p138.
(11) حسين بوقارة ، التكامل في العلاقات الدولية ، الجزائر ، دار هومة ، 2008 ، ص 29.
(12) Dario PATTISTILLA , op,cit,p150.
(13) Charles - PHILIPPE DAVID, Afaf BENESSAIH, la paix par l’intégration ? theories sur l’interdépendance et les nouveaux problèmes de sécurité , Revue études internationales, volume xxv111,N02,juin ,1997 ,pp 232.241.
(14) Dario PATTISTILLA,op,cit,p202
(15) ibid,p209.
(16) ibid,p212 .









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-10, 23:38   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

هذا ما وجدته ارجوا ان اكون قد افدتك










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-13, 10:04   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ياسين 1990
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي من فضلك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجوا منكم تلبية طلب مني من فضلكم

وهو اني اريد مشروع عن الدليل السياحي في الوادي
من فضلكم

والسلام عليكم










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-13, 14:58   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
radia-fidelité
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
أرجو تقديم المساعدة لي في انجاز فيديو عن فرحات عباس :صور،معلومات......وشكرا










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-15, 12:22   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
hicho96
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اسم العضو hicho96

الطلب :بحث حول حقوق الوالدين أمام أبنائهم بالفرنسية

المستوى :4 متوسط

أجل التسليم 22 جانفي
وشكرا










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-15, 19:50   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
goldway90
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

اسم العضو goldway90

الطلب :بحث حول سلوكات المستهلكين


المستوى :4 جامعي تخصص تسويق


أجل التسليم17 جانفي

وشكرا










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-16, 22:09   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة goldway90 مشاهدة المشاركة
اسم العضو goldway90

الطلب :بحث حول سلوكات المستهلكين


المستوى :4 جامعي تخصص تسويق


أجل التسليم17 جانفي

وشكرا


بحث حول سلوك المستهلك
خطة البحث :
المقدمة
المبحث الاول: سلوك المستهلك
مطلب اول : تعريف سلوك المستهلك
مطلب ثاني : العوامل المؤثرة على سلوك المستهلك
المبحث ثاني : دراسة سلوك المستهلك
مطلب اول : اهمية دراسة سلوك المستهلك بالنسبة للمنظمة
مطلب ثاني : اهمية دراسة سلوك المستهلك بالنسبة للاسرة والمجتمع
المبحث ثالث : طرق واساليب دراسة سلوك المستهلك
مطلب اول : المقابلة الشخصية المعمقة
مطلب ثاني : مقابلة جماعية المركزة
الخاتمة
المقدمة :

إن دارسة و تحليل سلوك المستهلك واحدة من أهم الأنشطة التسويقية في المنظمة , و التي أفرزتها تطورات المحيط الخارجي بسبب احتدام المنافسة و اتساع حجم و نوع البدائل المتاحة أمام المستهلك من جهة , و تغير و تنوع حاجاته ورغباته من جهة أخرى , بشكل أصبح يفرض على المنظمة ضرورة التميُز في منتجاتها سواء من حيث جودتها أو سعرها أو طريقة الإعلان عنها أو توزيعها و ذلك بما يتوافق مع المستهلك و إمكانياته المالية , و هذا لضمان دوام اقتنائها مما يمكن المؤسسة من النمو و البقاء , حيث تحولت السياسات الإنتاجية للمؤسسات من مفهوم بيع ما يمكن إنتاجه إلى مفهوم جديد يقوم على المستهلك باعتباره السيد في السوق وفق ما يسمى بإنتاج ما يمكن بيعه , و هذا لا يتأتى إلا من خلال نشاط تسويقي يرتكز على دراسة سلوك المستهلك و مجمل الظروف و العوامل المؤثرة و المحددة لتفضيلاته و أنماطه الاستهلاكية , من خلال التحري و الترصد المستمر لمجمل تصرفاته و آرائه حول ما يطرح عليه و ما يرغب و يتمنى الحصول عليه .
مبحث اول : سلوك المستهلك

تعريف سلوك المستهلك :
قبل التطرق إلى تعريف سلوك المستهلك وجب علينا أولا تحديد ماذا نعني بالمستهلك و الذي يعرف على انه : " الشخص الذي يشتري أو لديه القدرة لشراء السلع و الخدمات المعروضة للبيع , بهدف إشباع الحاجات و الرغبات الشخصية أو العائلية " . و يفهم من هذا التعريف أن كل شخص يعتبر مستهلك , بحيث يتمثل الدافع الأساسي له في هذا هو إشباع حاجاته و رغباته حسب ما هو متاح و متوفر من جهة , و حسب إمكانياته وقدراته الشرائية من جهة أخرى .
أما سلوك المستهلك فقد قدمت له العديد من التعاريف نذكر من بينها ما يلي :
- حسب محمد إبراهيم عبيدات فيعرف سلوك المستهلك على انه : " ذلك التصرف الذي يبرزه المستهلك في البحث عن شراء أو استخدام السلع و الخدمات و الأفكار , و التي يتوقع أنها ستشبع رغباته أو حاجاته حسب إمكانياته الشرائية المتاحة " .
- حسب محمد صالح المؤذن فان سلوك المستهلك يعرف على انه : " جميع الأفعال و التصرفات المباشرة و غير المباشرة , التي يقوم بها المستهلكون في سبيل الحصول على سلعة أو خدمة في مكان معين و في وقت محدد " .
- حسب محمد عبد السلام أبو قحف فيعرف سلوك المستهلك على انه : " مجموعة الأنشطة الذهنية و العضلية المرتبطة بعملية التقييم و المفاضلة و الحصول على السلع و الخدمات و الأفكار وكيفية استخدامها " .
ً
العوامل البيئية الخارجية للمستهلك :

وتشمل هذه العوامل المؤثرات البيئية الخارجية التي تؤثر في المستهلك وهي تشمل المؤثرات الحضارية والثقافية والمؤثرات الاجتماعية والمؤثرات الموقفية والمؤثرات التسويقية.
تأثير ثقافة المجتمع على سلوك المستهلك:
ان لكل مجتمع ثقافته وحضارته ذات الطابع الخاص به وهذه الثقافة تتشكل عبر مئات السنين وتشكل شخصيته بالمقارنة بالمجتمعات الأخرى فثقافة وحضارة المجتمع هي مجموعة القيم والعادات والتقاليد والمعتقدات السائدة، والحضارة تتكون من عنصرين أحدهما تجريدي أو معنوي ويتمثل في القيم الجوهرية للمجتمع وعاداته وتقاليده ومعتقداته والعنصر الآخر مادي يتمثل في الناتج المادي لأفراد المجتمع ويؤدي التفاعل المستمر بين المجتمع والفرد إلى تشكيل تفضيلات الفرد الشرائية والاستهلاكية بصورة تتلاءم مع القيم الجوهرية للمجتمع فتتحدد تبعاً لذلك أنواع المنتجات التي يسمح المجتمع بشرائها واستهلاكها، وتتمتع هذه القيم الجوهرية للمجتمع بالالزام حيث لا يستطيع أي فرد أن يحيد عنها، فعلى سبيل المثال هناك بعض المجتمعات التي تسمح لها حضارتها بأكل لحم الكلاب والخنازير كما تسمح بعض المجتمعات بأكل لحم السمك حياً أو بأكل الضفادع، وهذه السلوكيات غير مقبولة في مجتمعات أخرى وخاصة المجتمعات الإسلامية لأن قيمها الجوهرية لا تقر ذلك ولا تسمح به، ولذلك يجب على مندوبي التسويق الذين يخططون لبيع منتجاتهم في السوق الدولية أن تتفق برامجهم ومنتجاتهم مع قيم وتقاليد المجتمعات الأجنبية ولا تتعارض معها فتفشل وتتسبب في مقاطعة العملاء الأجانب لبضائعهم. وهكذا نرى أن قيم المجتمع ومعتقداته وعاداته وتقاليده في السلوك العام لأفراده تشكل سلوكهم الشرائي والاستهلاكي من عدة جوانب أهمها:
1 تحديد الهيكل الاستهلاكي والفلسفة الاستهلاكية: تقوم ثقافة المجتمع بتحديد شكل وفلسفة الاستهلاك لأفراده من خلال القيم والمعتقدات المكونة لها. فمثلاً تتركز فلسفة الاستهلاك في المجتمعات الغربية حول الرفاهية المادية وتستهدف تعظيم الاستهلاك الاستمتاعي في الدنيا، بينما تقلل الفلسفة الاستهلاكية في المجتمعات الإسلامية من المبالغة في الاستغراق في الاستمتاع المادي وتطالب الفرد بالحفاظ على التوازن بين الجانب المادي والجانب الروحي في حياته.
2 تحديد نوعية المنتجات المباعة داخل المجتمعات: فتحرم الثقافة الإسلامية مثلاً استهلاك بعض المواد الغذائية أو الإتجار فيها كالدم ولحم الخنزير والخمور كما تحرم الثقافة الهندوسية ذبح البقر وأكله.
3 تحديد الثقافة الأسباب التي من أجلها يتم الشراء: فالمستهلكون يشترون المنتجات تبعاً لثقافة مجتمعاتهم لأسباب منها:
اعتقاد المستهلكين بأن السلعة أو الخدمة المشتراة ستقوم بوظيفتها خير أداء.
شراء السلعة من أجل شكلها وهيئتها والصورة التي تباع عليها.
شراء السلعة من أجل معناها الرمزي مثل ارتباط بعض الأكلات بالمناسبات الدينية والوطنية الخاصة بالمجتمع
تأثير الطبقات الاجتماعية على السلوك الاستهلاكي :
لقد خلق الله الناس على اختلافهم في الحظوظ والثروات، فالناس ينقسمون إلى طبقات اجتماعية مختلفة في كل المجتمعات، فيتمتع أفراد الطبقة العليا من ذوي الثروة والمستوى التعليمي الأعلى بمراكز اجتماعية أفضل من تلك التي يتمتع بها أفراد الطبقتين الوسطى والدنيا. وتؤثر الطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الفرد على سلوكه الاستهلاكي والشرائي وتوجهه. فالقواعد والمعايير التي تحكم سلوك الأفراد المنتمين إلى طبقة اجتماعية معينة تؤثر في أنواع وأسعار السلع والخدمات التي يشترونها. ويمكن قياس الطبقات الاجتماعية للمستهلكين بعدة طرق منها ما يعتمد على الحكم الشخصي للأفراد (كتقدير الفرد للطبقة الاجتماعية التي ينتمي هو إليها أو تقديره للطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها الآخرون) ومنها ما يعتمد على معايير موضوعية مثل الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للأفراد.
ويمر إعداد الاستراتيجية التسويقية للطبقات الاجتماعية بأربع خطوات هي تحديد العلاقة بين المكانة الاجتماعية للفرد واستهلاكه للمنتج. وتحديد الطبقة الاجتماعية المستهدفة، وتصميم الموقع التنافسي للمنتج وإعداد المزيج التسويقي المناسب.
تأثير الأسرة على سلوك المستهلك :
يهتم مديرو التسويق بدراسة تأثير الأسرة على سلوك المستهلك فهناك منتجات كثيرة يتم شراؤها بغرض الاستهلاك الأسري كما أن الأفراد يتأثرون بآراء ونصائح باقي أفراد الأسرة في قراراتهم الشرائية ويقسم الكاتب الأسرة إلى ثلاثة أنواع هي:
الأسرة النواة: وهي التي تتكون من الأب والأم فقط أو الأب والأم والأولاد ويعيشون جميعاً في نفس المسكن.
الأسرة الممتدة: تشمل الأسرة الممتدة الأسرة النواة بالإضافة إلى بعض الأقارب كالأجداد أو الأعمام أو الأخوال أو العمات أو الخالات وأبنائهم وأبنائهن وبناتهن.
الوحدة المعيشية: وهي تتكون من فرد واحد أو عدة أفراد يعيشون تحت سقف واحد من الأقارب أو غير الأقارب فمثلاً قد تشمل الوحدة المعيشية أفراد الأسرة النواة أو الأسرة الممتدة بالإضافة إلى بعض العاملين بالمنزل مثل السائق والطباخة والشغالة.
وقد انصب اهتمام الباحثين على مدى تأثير كل من الزوجة والزوج على عملية اتخاذ القرارات الشرائية والاستهلاكية
ووجدوا أن هناك أربعة قرارات يتم اتخاذها داخل الأسرة:
قرارات يغلب الزوج على اتخاذها.
قرارات تغلب الزوجة على اتخاذها.
قرارات مشتركة.
قرارات فردية.
ويعتمد التأثير النسبي لكل من الزوجين في اتخاذ القرارات على عوامل عدة منها نوع السلعة أو الخدمة المشتراة وفلسفة الأسرة حول دور كل من الزوجين في اتخاذ قرار الشراء. ويتأثر النمط الاستهلاكي للأسرة بالتغيرات الحادثة في حياة الأسر نتيجة لازدياد نسبة الزوجات العاملات. كما أن للأطفال تأثير على قرارات الأسرة الشرائية تبعاً لعمر الطفل نفسه. وبشكل عام يتأثر السوك الاستهلاكي والشرائي للأسرة بحسب نوع الأسر وحجمها وخصائصها الديمغرافية ومكانتها الاجتماعية وأسلوبها المعيشي وحجم الإنتاج الداخلي لها، كما يتأثر هذا السلوك بعدد من العوامل الاجتماعية الأخرى مثل درجة التماسك الأسري ودرجة تكيف الأسرة مع البيئة وطبيعة الاتصالات الدائرة بين أفرادها.
المبحث ثاني : اهمية دراسة سلوك المستهلك

أهمية دراسة سلوك المستهلك بالنسبة للمنظمة

إن دراسة سلوك المستهلك نشاط جد مهم داخل المنظمة , تقوم به الإدارة التسويقية و ذلك لتحقيق جملة من الأهداف الخاصة بالمستهلك نفسه من جهة , و بالمنظمة من جهة أخرى . حيث يمكننا تلخيص أهمية و فوائد دراسة سلوك المستهلك بالنسبة للمنظمة في ما يلي :
- إن دراسة سلوك المستهلك و معرفة حاجاته و رغباته يساعد المنظمة في تصميم منتجاتها بشكل يضمن قبولها لدى مستهلكيها , الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد معدلات اقتنائها , و هو ما يقود إلى رفع حجم مبيعاتها و بالتالي زيادة عوائدها مما يمكنها من البقاء و الاستمرار . فكلما كانت المنظمة على دراية و فهم بما يجول و يحيط بمستهلكيها كانت اقدر على الاقتراب منهم لخدمتهم و إشباع حاجاتهم و رغباتهم لتحقيق أهدافها و أهدافهم على حد سواء .
- إن المفهوم التسويقي الحديث يقوم على فكرة أن المستهلك هو نقطة البداية و النهاية في العملية التسويقية , إذ أن الفلسفات التسويقية السابقة ( الإنتاجية و البيعية ) أثبتت فشلها و قصورها مع مرور الزمن , و هذا بسبب إهمالها دراسة سلوك و تصرفات المستهلك و تركيزها على طبيعة المنتجات و طريقة بيعها فقط , حيث إن عديدا من المنظمات التي تبنت هاته الفلسفات لم تستطع الصمود و المنافسة بسبب غياب الرابط بينها و بين أسواقها و المتمثل أساسا في دراسة سلوك المستهلك . لذا وجب على المنظمة الراغبة في النجاح أن تسعى لخلق أنشطة تسويقية تبنى على أساس تحليل سلوك المستهلك لتتلاءم و تتكيف معه بشكل يخدم مصالح المؤسسة و يحقق أهدافها خصوصا على المدى الطويل .
- إن دراسة سلوك المستهلك قد يحمل المنظمة على اكتشاف فرص تسويقية جديدة , و هذا عن طريق البحث في الحاجات و الرغبات غير المشبعة و الحديثة لدى المستهلكين , و الاستثمار فيها بشكل يساعد المنظمة على تنويع منتجاتها لرفع قدرتها التنافسية و زيادة حصتها السوقية , و هو ما يضمن نموها و توسعها .
- إن دراسة سلوك المستهلك و معرفة قدراته الشرائية يساعد المنظمة في رسم سياساتها التسعرية , إذ أن المنظمة الناجحة هي التي تستطيع تقديم سلع و خدمات تشبع رغبات مستهلكيها في حدود امكنياتهم الشرائية , فكثير من المنتجات فشلت في السوق و هذا برغم حاجة المستهلكين لها , لا لعيب فيها إلا لكونها لا تتناسب و قدرات المستهلكين الشرائية بسبب محدودية الدخول .
- إن دراسة سلوك المستهلك يساعد المنظمة في رسم سياساتها الترويجية , فمن خلال معرفة أذواق و تفضيلات المستهلكين تقوم الإدارة التسويقية بتحديد مزيج ترويجي مناسب يهدف للتأثير عليهم و إقناعهم باستهلاك منتجاتها . فمثلا من خلال دراسة سلوك فئة من المستهلكين و لتكن الشباب الرياضي تبين لأحدى المؤسسات المنتجة للملابس الرياضية أنهم شديدو الحرص على متابعة برنامج تلفزيوني رياضي محدد , فمن المناسب هنا أن تقوم هذه المنظمة بوضع إعلاناتها ضمن هذا البرنامج بالذات لتضمن وصوله إلى اكبر عدد ممكن منهم , و لزيادة التأثير عليهم تقوم المنظمة بالتعاقد مع شخصية رياضية محبوبة لديهم لتقوم بأداء هذا الإعلان , الأمر الذي يجعل من السياسة الترويجية لهذه المنظمة أكثر فعالية و قدرة على الوصول و الإقناع لأنها انطلقت من دراسة سلوك المستهلك و تفضيلاته المختلفة .
- إن دراسة سلوك المستهلك ذو أهمية بالغة في تحديد المنافذ التوزيعية لمنتجات المنظمة , فبواسطته تستطيع امعرفة أماكن تواجد و تركز مستهلكيها , الأمر الذي يساعدها في رسم خططها التوزيعية إما بالاعتماد على نقاط البيع الخاصة بها و التركيز على البيع الشخصي و رجال البيع للاتصال المباشر بالمستهلك و معرفة رد فعله و سلوكه الشرائي , أو بالاعتماد على الوسطاء و الوكلاء من تجار جملة و تجزئة أو غير ذلك من طرق الاتصال غير المباشر بالمستهلك , والتي تعتمد على مدى كفاءة الوسطاء في التأثير على السلوك الشرائي للمستهلك .
- إن دراسة سلوك المستهلك تمكن المنظمة من تحليل أسواقها و تحديد القطاعات المستهدفة , كما أنها تساعدها على دراسة عادات و دوافع الشراء بدقة لدى مستهلكيها , الأمر الذي يقودها إلى المعرفة الدقيقة لمن هو مستهلكها , وكيف و متى و لماذا يشتري , و ما هي العوامل و الظروف التي تؤثر على سلوكه و على قراره الشرائي .
- إن دراسة و تحليل سلوك المستهلك يمكن المنظمة من تقييم أداءها التسويقي , و يساعدها على تحديد مواطن القوة والضعف داخلها , فمن خلال معرفة رأي المستهلك حول المنتج و الطريقة التي قدم بها تتمكن المنظمة من المعالجة التسويقية إما بالحفاظ على المنتج و الاستمرار في تقديمه و عرضه , أو تعديله هو أو الطريقة التي قدم بها , أو إلغائه نهائيا. كل هذا يكون بالاعتماد على رأي و رغبة المستهلك باعتباره الفيصل في العملية التسويقية .
هذه جملة من النقاط التي تبرز أهمية و فائدة دراسة سلوك المستهلك في النشاط التسويقي للمنظمة , الأمر الذي يفرض عليها ضرورة الاهتمام بالأنشطة التي توصلها إلى ذلك و من أبرزها بحوث التسويق
اهمية دراسة سلوك المستهلك بالنسبة للاسرة والمجتمع
:
تفيد دراسات سلوك المستهلك الافراد والأسر في التعرف على أو التعرض الى كافة المعلومات والبيانات التي تساعدهم في الاختيار الامثل للسلع أو الخدمات المطروحة ووفق إمكاناتهم الشرائية وميولهم وأذواقهم.
تبرز الاهمية والفائدة الكبيرة لدراسة سلوك المستهلك على مستوى الاسرة ، حيث قد يتمكن المؤثرون على القرار الشرائي في الاسرة من اجراء كافة التحليلات اللازمة لنقاط القوة والضعف لمختلف البدائل السلعية أو الخدمية المتاحة واختيار البديل او الماركة من السلعة او الخدمة التي تحقق اقصى رضى ممكن للأسرة . كما تفيد ايضا دراسة سلوك المستهلك في تحديد مواعيد التسويق الافضل للأسرة و أماكن التسويق الاكثر مرغوبية وحسب الطبقة الاجتماعية للمشتري المستهلك.
المطلب ثالث : طرق دراسة سلوك مستهلك

أولا: المقابلة الشخصية المتعمقة :
تتلخص طريقة المقابلة الشخصية المتعمقة في قيام أحد الخبراء بعقد مقابلة شخصية طويلة مع كل فرد من أفراد العينة المختارة على حدة لمناقشة وإستيضاح رأى الفرد في مووضع تسويقي معين. يشبه هذا النوع المقابلات الشخصية التي يجربها إخصائيوا علم النفس الإكلينيكيون والأطباء النفسانيون من حيث كونها بدون هيكل محدد، حيث يقوم الباحث بإلقاء عدد من الأسئلة على المستهلك ويشجعه على الإطالة في الإجابة وشرح وجهة نظره ويدور النقاش بين الاثنين بتوجيه من الباحث للكشف عن الدوافع الشرائية لدى الفرد.
وتحتاج المقابلة الشخصية المتعمقة إلى وقت طويل قد يمتد إلى ساعتين أو أكثر، ويلعب الباحث دوراً حيوياً في نجاحها إذ يجب أن يكون على درجة عالية من التدريب والمهارة؛ حتى يشجع المستهلك على الكلام بحرية دون أن يؤثر عليه أو على من وقت لآخر على الرد على أسئلته وعلى التوسع في إجابته باستعمال أسئلة توضيحية على غرار الأسئلة الآتية:
1. هل يمكن أن تحدثني بتوسع عن ذلك.
2. هل من الممكن إعطائي مثالاً على ذلك؟
3. لماذا تقول ذلك؟
مزايا وعيوب المقابلة الشخصية المتعمقة :
تتصف المقابلة الشخصية المتعمقة ببعض المزايا وبعض العيوب، فمن ناحية يسعى الباحث إلى الحصول على المعلومات التي تهمه ويظل يشجع المستهلك على افدلاء بها حتى يحصل عليها في النهاية، ولكن من ناحية أخرى يعاب على هذه الطريقة أنها باهظة التكاليف وغير اقتصادية خاصة وأن هذا النوع من المقابلات يجب أن يتكرر مع عدة مسهلكين وربما يحتاج الأمر إلى تكراره مع نفس المستهلك أكثر من مرة، بالإضافة إلى ضرورة قيام باحث متخصص عالى المهارة بإجراء المقابلة، إلى جانب ذلك نجد أن نجاح المقابلة يعتمد إلى حد كبير على مهارة الباحث؛ نظراً لأن خط سير المقابلة يكون رهن توجيهاته. وأخيراً فهناك مشكلة أخرى تتعلق بمحاولة التفرقة بين ردود الفعل السطحية للمستهلك وبين دوافعه اللاشعورية، فتحليل وتفسير البيانات التي يحصل عليها الباحث تخضع إلى حد كبير لرأيه الشخصي؛ مما يجعل من الصعب تحديد التفسير الحقيقي لدوافع المستهلك . ولمعالجة هذه المشاكل يلجأ الكثيرون من مديرى التسويق إلى أسلوب المقابلات الجماعية المركزة كحل بديل للحصول على المعلومات المطلوبة مع تجنب معظم تلك الصعوبات.
وعلى صعيد السوق السعودية يمكن استخدام أسلوب المقابلة الشخصية المتعمقة بنجاح في دراسة الدوافع الشرائية للأفراد داخل المجتمع السعودي على شريطة أن يتم ترتيب اللقاء الشخصي بين الباحث وبين المستهلك من خلال طرف ثالث يعرفهما معا معرفة شخصية وذلك لإرساء الثقة بينهما.

المقابلة الجماعية المركزة:
تعتبر المقابلة الجماعية المركزة أو جماعات التركيز من أكثر أساليب البحث الكيفي انتشاراً في الوقت الحاضر وفيها يركز المجتمعون في النقاش على موضوع تسويقي معين تحت إشراف شخص مدرب تدريباً خاصاً . تقوم بعض الشركات المتخصصة في بحوث التسويق بإجراء هذا النوع من المقابلات بصورة دورية مع جماعات من المستهلكين العرب في كل من منطقتي الخليج وشمال أفريقية لصالح بعض الشركات المنتجة؛ بهدف استكشاف معتقدات ودوافع المستهلكين العرب حول عدد من السلع لخدمات والتعرف على آرائهم واتجاهاتهم النفسية نحوها.
وتتكون الجماعة الواحدة في هذا النوع من المقابلات من ثمانية إلى عشرة أفراد، وأحيانا تزيد على ذلك أن تنقص قليلاً، وبالرغم من أن عملية اختيار المستهلكين للاشتراك في المقابلة تتم بطريقة غير احتمالية إلا أن رغبة الباحث في تمثيلهم لمجتمع البحث تجعله يختارهم بحيث تتطابق مواصفاتهم مع مواصفات مجتمع البحث على قدر الإمكان؛ حتى تكون أراؤهم واتجاهاتهم وميولهم ممثلة لاتجاهات وميول وآراء المجتمع الأصلي. وغالباً ما يتم إجراء مقابلات لجماعات متعددة من المستهلكين يشبهون في صفاتهم مجتمع البحث الأصلي (أي السوق المستهدفة للشرككة المتنجة) فلا تعتمد الشركة على النتائج التي حصلت عليها من مقابلة مجموعة واحدة فقط.
ويراعى في تنظيم هذه الجماعات أن تكون درجة التجانس عالية بين أفراد كل جماعة من حيث الخصائص الاقتصادية والاجتماعية؛ حتى يشارك جميع أفرادها بالتساوى في المناقشة دون أن يسيرط أن المناقشة عدد محدود من الأفراد ، فمن الملاحظ مثلاً أنه إذا ضمت المجموعة الواحدة أفراداً تتفاوت مستوياتهم التعليمية أو مراكزهم الاجتماعية تفاوتاً كبيرا يميل الأفراد ذوو التعليم الأعلى أو المركز الاجتماعية الأعلى إلى الحديث معظم الوقت بينما ينأى الأفراد ذوو التعليم الأقل أو المراكز الاجتماعية الأدنى عن الاشتراك في الحديث أو الإدلاء بأرائهم في الموضوع المطروح للنقاش.
ويدير جلسة المناقشة شخص مدرب تدريباً جيداً يعرف اسم الوسيط (Moderator) ويتلخص دوره الاساسي في عرض موضوع النقاش وقيادة وتوجيه المناقشات داخل الجلسة، وتشجيع جميع أفراد الجماعة على الاشتراك في الحديث مع احتواء النقاش وتصحيح مساره بطريقة البقة ومهذبة إذا تفرعت الأحاديث وخرج المشاركون عن الموضوع الرئيسي على مووضعات أخرى لاتمت إليه ، ولعل هذه السمة من أهم الفروق الموجودة بين المقابلات الجماعية المركزة، وما اصطلح على تسميته بجلسات العصف الذهني التي لا يحدها أي حد من حيث الاتجاه الذي تأخذه المناقشات أو نوعية الأفكار والموضوعات التي يطرحها الأفراد أثناء النقاش.
وتعتبر المقابلات الجماعية المركزة من أساليب البحث الكيفي الاستشكافية ، وتعقد أحياناً بهدف الحصول على اقتراحات المشاركين حول الأفكار، والمفاهيم الحديثة للمنتجات الجديدة وتصفية وتعديل تلك الأفكار ثم إعادة اختبارها بجماعات تركيز أخرى إلى أن يبح مفهوم أو فكرة المنتج الجديد مقبولة تماماً من جانب المشتركين في المقابلة وقابلة للتنفيذ.
مزايا وعيوب المقابلات الجماعية المركزة :
وعموما يمكن تلخيص مزايا المقابلات الجماعية المركزة فيما يلي:
1. الحصول على معلومات أكثر غزارة: تؤدي الجهود المشتركة للجماعة والتفاعل بين أفرادها إلى الحصول على كم من المعلومات والأفكار والنظرات الثاقبة أكبر من مجموع الآراء الفردية لللمشاركين في النقاش.
2. القدرة على توليد أفكار جديدة: هناك احتمال أكبر من حالة المقابلات الجماعية بالمقارنة بالمقابلات الفردية أن تطرح بعض الأفكار القيمة، وأن يتم تطويرها وتهذيبها بصورة يمكن لمدير التسويق الاستفادة منها.
3. تضاعف المعلومات بسرعة: غالباً ما يؤدي تعليق أحد الأفراد داخل الجماعة إلى سلسلة من الردود من جانب الأفراد الآخرين .
4. وجود حافز على المشاركة: بعد المقدمة القصيرة التي يبدأ بها الباحث المقابلة عادة ما يرغب المشاركون في التعبير عن شعورهم وطرح أفكارهم أمام الآخرين كلما ازداد اهتمامهمم بموضوع النقاش.
5. شعور المشتركين بالأمان: في حالة الجماعة التي يتم انتقاؤها بعناية يجد الفرد نوعاً من الراحة في تشابه شعوره مع شعور الآخرين وفي عرضه لأفكاره دون الحاجة للدفاع عنها أو شرح أسبابها، وفي مثل هذه الحالات يميل الفرد إلى أن يكون أكثر صراحة في حديثه: لأن التركيز يكون عادة على الجماعة وليس على الفرد، ولأنه سريعاً ما يجد أن ما يقوله لا يرتبط بالضرورة بشخصه.
6. تلقائية الإجابة: عادة ما تكون استجابة الفرد في المقابلة الجماعية تلقائية وغير تقليدية؛ نظراً لعدم إلزام أي فرد بالرد على أي سؤال مطروح للنقشا، وقد تعكس الاجابة التقائية موقف الشخص من المسألة المطروحة بدقة أكثر. ومن الملاحظ في ا لمقابلات الجماعية أن الناس يتكلمون فقط عندما يكون لديهم شعور معين ورأى محدد في المسألة المطروحة وليس لمجرد أن هناك سؤالاً يحتاج إلى إجابة.
7. التخصص: تسمح المقابلة الجماعية باستخدام وسيط مدرب تدريباً عالياً لإدارة المقابلة مما يحقق اقتصاديات الحجم ويخفض من التكلفة.
8. الفحص والتمحيص: تسمح المقابلة الجماعية بدرجة أكبر من التمحيص من جوانب كثيرة، فمن جهة يمكن لعدد من المراقبين ملاحظة ما يجري في المقابلة وهم جلوس في غرفة أخرى من خلال مرآة مزدوجة مما يضمن نوعاً من الاتساق في تفسير النتائج، ومن جهة ثانية يمكن تسجيل المقابلة بالصوت فقط أو بالصوت والصورة مما يساعد على إعادة فحص تفاصيل المقابلة في وقت لاحق، والتغلب على الخلاف الذي قد ينشأ حول حقيقة ما قيل وما حدث فيها بالفعل.
9. السيطرة على موضوع النقاش: توفر المقابلة الجماعية سيطرة أكبر على الموضوعات المطروحة للحوار وعلى درجة التعمق في مناقشتها بالمقارنة بالمقابلة الفردية، فالقائم بالمقابلة يكون عادة أحد المشتركين فيها، وبالتالي تتوفر له فرصة إعادة فتح النقاش في الموضوعات التي لم تتلق معالجة كافية عند بداية عرضها.
10. السرعة في الإنجاز: يترتب على المقابلة الجماعية إنجاز المطلوب في وقت أسرع مما لو تمت مقابلات فردية مع أفراد المجموعة ، فالمقابلة الجماعية المركزة تأخذ ساعتين تقريباً لإتمامها، وبذلك يستطيع الباحث إتمام مقابلتين جماعيتين في يوم واحد مع عشرين مستهلكاً ، بينما يحتاج الأمر من الباحث إلى عدة أيام لإتمام نفس العدد من المقابلات في حالة المقابلة الفردية المتعمقة.
ويمكن تلخيص عيوب مقابلات الجماعات المركزة فيما يلي:
1- التفسير غير الموضوعي للنتائج: يعانى هذا الأسلوب البحثي من نفس عيوب أساليب البحث الكيفي عامة واهمها أن تفسير النتائج قد يختلف من باحث لآخر، وغالباً ما يكون هذا التفسير غير موضوعي؛ لأنه لا يستند إلى معايير أو اختبارات كمية محددة، وإنما يعتمد على خبرة الباحث ورأيه الشخصي وقدرته على استنتاج الاحداث وربطها ببعضها.
2- وجود وسيط ضعيف: ربما يفرض أحد المشاركين في المقابلة نفسه على المجموعة ، ويسيطر عليها في حالة وجود وسيط ضعيف مما يشجع به على التحدث طول الوقت أو معظمه وحرمان الآخرين من الحديث، وهذا يؤدي بلا شك إلى نتائج غير طبيعية وغير ممثلة لرأى الأغلبية.
3- جو المقابلة: قد لا تعقد الجلسات في الجو الطبيعي الذي تعود عليه الأفراد مما يؤثر في دقة إجاباتهم.
4- اختلاف القرار الجماعي على القرار الفردي: قد لا تنعكس المقابلة الجماعية آراء الفرد وقرارته بصورة صحيحة؛ حيث إن عملية اتخاذ القرار بين الفرد ونفسه ليست هي نفس العملية إذا تمت من خلال الجماعة فهناك – مثلاً – دلالئل تشير إلى أن الجماعة تميل إلى قبول درجة أعلى من المخاطرة عند اتخاذها القرار بالمقارنة بالقرار الفردي، وبذلك فالنتائج التي تعطيها المقابلة الجماعية ربما تعكس درجة من المخاطرة أعلى من الدرجة التي قد يقبلها الفرد وإذا اتخذ قراره بينه وبين نفسه بعيداً عن الجماعة.
5- استخدام النتائج كحل نهائي لمشكلة البحث: تستخدم بعض منشآت الأعمال نتائج المقابلات الجماعة المركزة كأساس لوضع حل نهائي لمشكلة البحث دون أن تتبع هذه المقابلات ببحوث أخرى أكثر دقة وأوسع مدى، ومن المعلوم أن هنا الأسلوب البحثي يقتصر دوره على كونه نوعاً من البحوث الاستكشافية وليس من البحوث النهائية.
الخاتمة:


يهتم مديرو التسويق بدراسة دوافع الشراء؛ لأن تحفيز المستهلكين على الشراء هو أحد الأهداف الرئيسية للجهود التسويقية، غير أن دوافع الشراء لا يمكن ملاحظتها بالعين المجردة، ويمن استنتاج السلوك الناتج عنها فقط، ومع ذلك فإن بذلك الجهد في فهم تلك الدوافع يفيد في تفسير أنماط السلوك الشرائى للأفراد والعائلات وفي إلقاء الضوء على نشأتها وتطورها وتكرار حدوثها.
ويتم قياس الدوافع باستخدام ثلاث طرق تنتمى إلى أساليب البحث الكيفي أو النوعى، هي: المقابلة الشخصية المتعمقة، والمقابلات الجماعية المركزة (أو جماعات التركيز)، وقد ناقشناها جميعا وأعطينا بعض الأمثلة على استخداماتها، كما ناقشنا مزاياها وعيوبها بالتفصيل.

قائمة المراجع :

كتب
د.محمد عبيدات – سلوك المستهلك – الطبعة الأولى- 1995- المستقبل للنشر و التوزيع.
د.أحمد علي سليمان – سلوك المستهلك بين النظرية و التطبيق – 2000.
د.حمد علي سليمان- سلوك المستهلك









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-15, 20:25   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
attefkon
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

من فضلكم مساعدة للامتحان لهذه المواضيع الاتية من فضلكم :

please help this for the examination :
have you ever been be tired-
who is the person responsabale of children mother or father-
what you prefer diplomate or money and why -










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-16, 21:56   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
maghboune
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

maghboune

الطلب : بحث حول مقتصدة مؤسسة عمومية استشفائية ( مهام مكتب الصفقات ومكتب المالية والوسائل )
المستوى : موظف في فترة تربص

أجل التسليم : الاحد 20 جانفي 2012










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-16, 22:10   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

أتمنى أن تفيدك هذه المعلومات حول سلوك المستهلك
https://www.4shared.com/file/OMtxaWm_/___.htm

https://www.4shared.com/document/9fFH...10bde4d43458ab
https://www.4shared.com/document/QK5r...fb_xd_fragment#?
=&cb=f392fc4e81ccefa&relation=parent&transport=f ra gment&frame=f8ae7c6d887835


https://www.4shared.com/document/QK5r...f8ae7c6d887835



https://www.4shared.com/document/uoDZrIbJ/___.htm










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-16, 22:11   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

  1. [PDF] أهﻼ ﺑﻜﻢ ﻓﻲ ﻟﻘﺎء ﺣﻮل ﺗﺤﻠﻴﻞ ﺳﻠﻮك اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ Consumer Behavior یﺼﺤﺒ


    لقد أجريت +1 لهذا بشكل عام.
    نوع الملف: PDF/Adobe Acrobat -
  2. اﻃﺎر ﻋﺎم ﻟﺪراﺳﺔ ﺳﻠﻮك اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ. •. اﻟﺗﻌرف ﻋﻟﯽ اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺗﯽ ﯾﻧﻔذھﺎ اﻟﻣﺳﺗﮭﻟك ﺧﻼل اﻟﻌﻣﻟﯾﺔ اﻟﺳﻟوﮐﯾﺔ وھ. :ﯽ. -أ. ادراك اﺣﺗﯾﺎﺟﺎﺗﮫ. ب. -. اﻟﺑﺣث ﻋن ﺑداﺋل اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت اﻟﺗﯽ ﺗﺷﺑﻊ ﺣﺎﺟﺎﺗﮫ. -ج. اﻟﻣﻔﺎﺿﻟﺔ واﻻﺧﺗﯾﺎر ﻣن ﺑﯾن اﻟﻣﻧﺗﺟﺎت ...

-----------------------------------------------------------------------**************************************-------------------------------------------------------------
  1. [PDF] ﺳﻠﻮك اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ

    لقد أجريت +1 لهذا بشكل عام.
    نوع الملف: PDF/Adobe Acrobat
    ﺕﻌﺮﻳﻒ ﺳﻠﻮك اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻚ. ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺠﻬﻮد ، واﻷﻥﺸﻄﺔ، واﻟﺘﺼﺮﻓﺎت. اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺪم ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﻬﻠﻜﻮن أﺛﻨﺎء ﺏﺤﺜﻬﻢ ﻋﻦ. اﻟﻤﻨﺘﺠﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن اﻟﻴﻬﺎ ﺏﻬﺪف. اﺵﺒﺎع ﺡﺎﺟﺎﺕﻬﻢ ، وأﺛﻨﺎء ﺕﻘﻴﻴﻤﻬﻢ ﻟﻬﺎ ،. وﺡﺼﻮﻟﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ، واﺳﺘﻌﻤﺎﻟﻬﻢ ...


اضغط على الكتابة باللون الازرق يحمل الملف
ارجوا ان اكون قد افدتك









رد مع اقتباس
قديم 2012-01-16, 22:42   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
maghboune
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

من فضلك يا استاذ ولو لمحة صغيرة جدا عن طلبي ؟؟

اتوسل اليك ساعدني فانا بامس الحاجة لانهاء التقرير قبل يوم الاحد

من فضلك










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-17, 16:12   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
MAMMERIRANDA
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية MAMMERIRANDA
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اسم العضو : abir mammeri

الطلب :تعبير باللغة الفرنسية عن وسائل الاتصال وتقدمها من الماضي ال الحاضر ونحو المستقبل

المستوى :الرابعة متوسط

أجل التسليم : غدا صباحا
ارجوكم ساعدوني














رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المستطاع, اوامر, تريدونه, تقدر, طلباتكم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:31

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc