تحركات سياسية دولية ضد سوريا
دعت الولايات المتحدة رعاياها إلى مغادرة سوريا وخاصة عائلات مبعوثيها الدبلوماسيين وموظفي السفارة غير الأساسيين، معلنة تخفيض حجم بعثتها في دمشق وإخلاء جزئيا للسفارة. ويأتي ذلك في ظل توجهات لإدانة دولية لسوريا بسبب ما وصف بقمعها للاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وقالت الخارجية الأميركية إنها أمرت بعض الموظفين غير الأساسيين بسفارتها في دمشق وجميع أسر العاملين بالسفارة بمغادرة البلاد بسبب "حالة عدم اليقين والاضطراب". كما نصحت مواطنيها في سوريا بمغادرتها، وطلبت من الأميركيين عدم السفر إلى هناك.
وفي بيان أصدرته في وقت متأخر من مساء الاثنين، نبهت الوزارة مواطنيها في سوريا بأن محاولات حكومة دمشق تحميل جهات خارجية مسؤولية الاضطرابات التي تشهدها البلاد حاليا ربما تؤدي إلي زيادة المشاعر المعادية للأجانب، وقد يواجه الأميركيون الذين يتم اعتقالهم تهما بالتجسس.
في الوقت نفسه، أوضحت الخارجية الأميركية أن سفارتها في دمشق ستبقى مفتوحة "لكن لتأدية خدمات محدودة".
وبالتوازي مع ذلك فقد أعلن مسؤول أميركي أن الخارجية استدعت السفير السوري لدى واشنطن عماد مصطفى للاحتجاج على استخدام العنف ضد المتظاهرين.
عقوبات منتقاة
وجاءت هذه الخطوة بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض أن واشنطن تدرس
جملة خيارات تتعلق بالأوضاع في سوريا بينها فرض "عقوبات منتقاة" رداً على ما تصفه إدارة الرئيس باراك أوباما بأعمال قمع وقتل المحتجين.
كما قال مسؤول أميركي أمس إن بلاده تدرس فرض عقوبات ضد مسؤولين بالحكومة السورية لزيادة الضغوط على الرئيس بشار الأسد من أجل إنهاء
حملة العنف ضد المحتجين.
ومن جانبه أدان الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي تومي فيتور ما وصفه بـ"العنف الوحشي الذي تستخدمه السلطات السورية ضد الشعب" مؤكدا أن عليها أن تستمع لمطالب الشعب، ومضيفا أن العقوبات التي تدرسها بلاده تهدف لإيصال رسالة مفادها أن السلوك الذي تتعامل به تلك السلطات مع المحتجين غير مقبول.
موقف أوباما تجاه سوريا اقتصر حتى الآن على التصريحات شديدة اللهجة
أوباما وأردوغان
في الوقت نفسه، أكد البيت الأبيض أن أوباما بحث الأوضاع في سوريا خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان حيث عبر عن القلق العميق من استخدام دمشق للعنف، واتفقا على أنه يتعين عليها "أن تنهي استخدام العنف الآن، وأن تنفذ على الفور إصلاحات ذات مغزى تحترم التطلعات الديمقراطية للمواطنين السوريين".
وتشير وكالة رويترز إلى أن رد أوباما على ما يجري في سوريا اقتصر حتى الآن على التصريحات شديدة اللهجة دون أن يتضمن إجراء ملموسا يُذكر ضد الحكومة السورية، في تباين مع ما تقوم به واشنطن من دور في الحملة الجوية التي ينفذها حلف شمال الأطلسي (ناتو) ضد قوات العقيد معمر القذافي في ليبيا.
وتضيف أن واشنطن تضع بحسبانها قدرتها المحدودة على التأثير على دمشق التي تربطها علاقات وثيقة بإيران، كما أنها تلزم الحذر بشأن أي تدخل عسكري آخر بالعالم الإسلامي الذي تخوض فيه حربين بالفعل بالعراق وأفغانستان.
مشروع قرار
في الأثناء، أعلن دبلوماسيون أمميون أن أربع دول أوروبية هي بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال تروج داخل مجلس الأمن الدولي لمشروع قرار يدين قمع المتظاهرين في سوريا، بهدف زيادة الضغوط على النظام السوري.
وكانت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي قد استنكرت أمس قمع الحكومة السورية المتزايد والعنيف للمتظاهرين السلميين في البلاد، ودعتها للوقف الفوري لاستخدام القوة المفرطة الذي تكثف خلال الأيام الأخيرة.
سوريون تظاهروا أمام سفارة بلادهم بالأردن قبل أيام احتجاجا على قمع المتظاهرين
وذكر مكتب المفوضة إنه تلقى لائحة باسم 76 شخصاً قتلوا خلال مظاهرات يوم الجمعة الماضي بسوريا، لكنه لفت إلى أن العدد قد يكون أكبر بكثير، مشيرا إلى أنه تلقى تقارير عن مقتل ما لا يقل عن 13 شخصاً في جنازات تشييع القتلى السبت.
وفي ردود الفعل الشعبية دوليا، شهدت الجزائر تجمع عشرات من السوريين والجزائريين أمام السفارة السورية بالجزائر العاصمة, للتنديد بما سموها المجازر التي ترتكبها قوات الأمن بحق المواطنين العزل, مطالبين برحيل الرئيس بشار الأسد.
كما شهدت إسطنبول التركية مظاهرات مماثلة، حيث عبر تجمع مواطنين أمام القنصلية السورية بالمدينة للتنديد بما وصفوها بالمجازر التي يتعرض لها الشعب السوري، حيث قاموا بحرق صور لبشار الأسد ورددوا هتافات تطالب بخروجه من سوريا وترك الشعب يقرر مصيره بنفسه.