شروح الأحاديث - الصفحة 11 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

شروح الأحاديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-09-10, 04:58   رقم المشاركة : 151
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من الأذكار التي تقال بعد الصلاة ، وعند النوم .

السؤال :

ما صحة هذا الحديث : عن ابن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قال في دبر الصلوات ، وإذا أخذ مضجعه : الله أكبر كبيراً ، عدد الشفع والوتر، وكلمات الله الطيبات المباركات - ثلاثاً -

، ولا إله إلا الله - مثل ذلك - كن له في القبر نوراً ، وعلى الحشر نوراً ، وعلى الصراط نوراً، حتى يدخل الجنة " أخرجه بن أبي شيبة 10/229. والهندي في " الكنز " ، وقال عنه حسن الإسناد ؟


الجواب :

الحمد لله

قال ابن أبي شيبة رحمه الله في "مصنفه" (29256) :

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ طَيْسَلَةَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " مَنْ قَالَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا عَدَدَ الشَّفْعِ

وَالْوِتْرِ، وَكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ الطَّيِّبَاتِ الْمُبَارَكَاتِ ، ثَلَاثًا، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلُ ذَلِكَ، كُنَّ لَهُ فِي قَبْرِهِ نُورًا، وَعَلَى الْجِسْرِ نُورًا، وَعَلَى الصِّرَاطِ نُورًا حَتَّى يُدْخِلْنَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ ) .

وهذا إسناد صحيح :

- طيسلة هو ابن علي ، ويقال : ابن مياس ، وثقه ابن معين وابن حبان ، وروى عنه جمع من الثقات ، وقال الحافظ رحمه الله في التقريب (ص284) : " مقبول " . فرده الشيخ الألباني رحمه الله بقوله :

" قوله في ( طيسلة ) : " مقبول " غير مقبول منه ، بل هو ثقة كما قال ابن معين فيما رواه ابن أبي حاتم عنه ( 2 / 1 / 501 ) وهو مما ذكره ابن شاهين في " ثقاته " عن يحيى ، يعني ابن معين ، وحكاه المزي في "

تهذيبه " ( 13 / 467 ) عنه ، وروى عنه جمع من الثقات " .

انتهى من "السلسلة الصحيحة" (6 /397)

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله :

" طيسلة ، وثقه ابن معينٍ ، وهو: ابن علي اليمامي، ويقال: ابن مياسٍ " .

انتهى من "فتح الباري" لابن رجب (7/ 398) .

- ومحمد بن عبد الرحمن ، هو محمد بن عبد الرحمن بن عبيد القرشي التيمى مولى آل طلحة ، ثقة من رجال مسلم ، وثقه ابن معين والترمذي وأبو علي الطوسي ويعقوب بن سفيان

وقال أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود : صالح الحديث . وقال النسائي: ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات .

"تهذيب التهذيب" (9 /267)

وقال ابن رجب في هذا الإسناد :

" ذكر الإسماعيلي : أن محمد بن عبد الرحمن ، هو: مولى آل طلحة، وهو ثقةٌ مشهورٌ، وخرّج له مسلمٌ "

انتهى من "فتح الباري" (7/ 397) .

- ومسعر ، وهو ابن كدام ، ويزيد بن هارون : ثقتان مشهوران من رجال الكتب الستة .

فإسناد هذا الأثر صحيح ، وقال المتقي الهندي رحمه الله في "

كنز العمال " (2/ 641) :

" سنده حسن " .

وهو كما قال ، أو أعلى .

وهذا الأثر هو من قول ابن عمر لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن قد يقال : إن له

حكم الرفع ، فمثل هذا لا يقال بالاجتهاد ، ولا هو مما يمكن أن يتلقاه الصحابي عن أهل الكتاب ، وخاصة إذا جاء عن مثل ابن عمر رضي الله عنهما ، وهو المعروف بتحريه والتزامه السنة وعنايته بها على التمام .

وينظر للفائدة جواب السؤال سابق

بعنوان

أذكار النوم الصحيحة

والله تعالى أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-09-10, 05:05   رقم المشاركة : 152
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

توجيه النصوص الشرعية التي فيها عدم قبول توبة التائب

السؤال :

يقول الله تعالى في القرآن : إنه يغفر الذنوب جميعا ، ولكننا نجد في الحديث الذي رواه الترمذي أن من شرب الخمر فإن الله لا يقبل له صلاة أربعين يوما فإن تاب تاب الله عليه ، وهكذا ثلاث مرات

فإن شربها في الرابعة فإن الله لا يقبل صلاته ، ولا يقبل توبته ، ويعاقبه بالشرب من نهر الخبال يوم القيامة .الحديث ، فكيف نوفق إذاً بين هذا الحديث وبين الآيات القرآنية الكثيرة التي تنص على أن الله غفار للذنوب ؟


الجواب :


الحمد لله

أولاً :

ثبت بالأدلة القطعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة أن الله تعالى يقبل توبة من تاب إليه ، من أي ذنب كان

كقول الله تعالى : ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 >

وكقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) الشورى/25.

وكقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر) رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وحسنه الألباني .

فإذا جاء في نص من نصوص الشريعة أن الله لا يقبل توبة من تاب فإن الواجب أن يحمل هذا النص على معنى من المعاني الصحيحة التي لا تتعارض مع الأصل المتقدم ، لأن نصوص الشريعة لا يمكن أن تتعارض .

ومن هذه النصوص : الحديث الوارد في السؤال وقد رواه الترمذي (1862) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا

فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ ، لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ

لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَإِنْ تَابَ ، لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَسَقَاهُ مِنْ نَهْرِ الخَبَالِ ) ، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في " صحيح سنن الترمذي " .

والمشكل في الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم في المرة الرابعة : (فإن تاب لم يتب الله عليه) .

وقد ورد مثل هذا أيضا في القرآن الكريم

في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الضَّالُّونَ ) آل عمران/90 .

وقد اتفق العلماء على أن الكافر إذا تاب من كفره وأسلم : فإن الله تعالى يقبل توبته .

فتنوعت أقوال العلماء في معنى الآية الكريمة ، غير أنهم متفقون على أنها لابد أن تفسر بمعنى لا يتعارض مع قبول الله التوبة ممن تاب إليه .

ونقتصر هنا في بيان معنى الآية على الأقوال التي يصح أن تقال أيضا في الحديث الوارد في السؤال .

فذهب بعض المفسرين إلى أن معنى ( لن تقبل توبتهم ) : أنهم لن يتوبوا إلا بعد أن يحضرهم الموت ، وتلك توبة لا تنفع ولا تقبل .

وذهب آخرون إلى أن المعنى : أنهم لن يتوبوا أصلا ، بل سيستمرون على الكفر حتى يموتوا عليه ، فجعل هؤلاء عدم قبول التوبة ، كناية عن عدم توبتهم .

فتكون هذه الآية الكريمة – على هذين المعنيين - كقول الله تعالى : (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) النساء/18 .

وقال آخرون : إن معنى (لن تقبل توبتهم) أنهم لن يوفقهم الله للتوبة ، وهذا في حقيقته هو القول السابق ، وحاصله : أنهم لن يتوبوا ، بل سيموتون على الكفر

وعدم توفيق الله لهم للتوبة إنما هو بسبب ذنوبهم وإعراضهم ، كما سيأتي الآيات الدالة على ذلك .

ومن المفسرين من اقتصر على القول الأول في تفسير الآية ، كابن كثير والبغوي رحمهما الله.

قال ابن كثير في تفسيره (2/71) :

" لا يقبل الله لهم توبة عند مماتهم، كما قال تعالى : ( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) ... " انتهى .

وقال البغوي رحمه الله في تفسيره (2/65) :

" فإن قيل : قد وعد الله قبول توبة من تاب ، فما معنى قوله : ( لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُم الضَّالُّونَ) ؟

قيل: لن تُقبل توبتُهم إذا رجعوا في حال المعاينة " انتهى .

ومن المفسرين من اقتصر على القول الثاني ، كالسعدي رحمه الله – وإن كان في كلامه ما يشير إلى القول الأول أيضا - فإنه قال في تفسيره (ص137) :

"يخبر تعالى أن من كفر بعد إيمانه ، ثم ازداد كفرا إلى كفره بتماديه في الغي والضلال، واستمراره على ترك الرشد والهدى، أنه لا تقبل توبتهم، أي: لا يوفقون لتوبة تقبل ، بل يمدهم الله في طغيانهم يعمهون

قال تعالى : (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) ، (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) فالسيئات ينتج بعضها بعضا، وخصوصا لمن أقدم على الكفر العظيم ، وترك الصراط المستقيم

وقد قامت عليه الحجة ، ووضح الله له الآيات والبراهين ، فهذا هو الذي سعى في قطع أسباب رحمة ربه عنه ، وهو الذي سد على نفسه باب التوبة ، ولهذا حصر الضلال في هذا الصنف

فقال (وأولئك هم الضالون) وأي: ضلال أعظم من ضلال من ترك الطريق عن بصيرة " انتهى .

ومن المفسرين من ذكر القولين في تفسير الآية ، وقد يضيف إليهما أقوالا أخرى ، ويؤخذ من كلام أكثرهم أنهم يختارون هذين القولين أو أحدهما .

قال الشنقيطي رحمه الله فيه "أضواء البيان" (1/234) :

"قال بعض العلماء : يعني إذا أخروا التوبة إلى حضور الموت ، فتابوا حينئذ ، وهذا التفسير يشهد له

قوله تعالى : (وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن وَلاَ الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) [ النساء : 18 ] .

وقد تقرر في الأصول حمل المطلق على المقيد ، ولا سيما إذا اتحد الحكم والسبب كما هنا .

وقال بعض العلماء : معنى : (لن تقبل توبتهم) لن يوفقوا للتوبة حتى تقبل منهم ، ويشهد له

قوله تعالى : (إِنَّ الذين آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازدادوا كُفْراً لَّمْ يَكُنْ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) [ النساء : 137 ]

فعدم غفرانه لهم لعدم هدايتهم السبيل الذي يغفر لصاحبه . ونظيرها قوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ) [ النساء : 168-169 ]" انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-10, 05:06   رقم المشاركة : 153
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

وقال القاسمي في تفسيره "محاسن التأويل" (2/348) :

وقد أشكل على كثير قوله تعالى (لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) مع أن التوبة عند الجمهور مقبولة ، كما في الآية قبلها، وقوله سبحانه: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) [الشورى: 25] ، وغير ذلك.

فأجابوا: بأن المراد عند حضور الموت. قال الواحديّ في (الوجيز) : لن تقبل توبتهم لأنهم لا يتوبون إلا عند حضور الموت، وتلك التوبة لا تقبل- انتهى- . وقيل : عدم قبول توبتهم كناية عن عدم توبتهم ، أي : لا يتوبون" انتهى .

وقد اختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله المعنى الأول في تفسير الآية فقال -كما في "مجموع الفتاوى" (4/117) :

"فإن قيل : فقد قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ) [ آل عمران : 90 ]

وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا) [ النساء : 137 ] ؟

قيل : إن القرآن قد بيَّن توبة الكافر، وإن كان قد ارتد ثم عاد إلى الإسلام في غير موضع،

كقوله تعالى : (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [ آل عمران : 86 - 89 ]

وقوله : (كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ) أى : إنه لا يهديهم مع كونهم مرتدين ظالمين؛ ولهذا قال : (وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، فمن ارتد عن دين الإسلام لم يكن إلا ضالًا، لا يحصل له الهدى إلى أى دين ارتد .

والمقصود أن هؤلاء لا يهديهم الله ولا يغفر لهم إلا أن يتوبوا ..

.. وهو ـ سبحانه ـ في آل عمران ذكر المرتدين، ثم ذكر التائبين منهم

ثم ذكر من لا تقبل توبته، ومن مات كافرًا

فقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) [ آل عمران : 90، 91 ] .

وهؤلاء الذين لا تقبل توبتهم قد ذكروا فيهم أقوالًا؛ ..

.. وقال الأكثرون، كالحسن وقتادة وعطاء الخراساني والسدي : لن تقبل توبتهم حين يحضرهم الموت، فيكون هذا

كقوله : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) [ النساء : 18 ] .

وكذلك قوله : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا) [ النساء : 137 ] ، قال مجاهد وغيره من المفسرين : ازدادوا كفرًا : ثبتوا عليه حتى ماتوا .

قلت : وذلك لأن التائب راجع عن الكفر، ومن لم يتب فإنه مستمر يزداد كفرًا بعد كفر، فقوله : (ثُمَّ ازْدَادُواْ) بمنزلة قول القائل : ثم أصروا على الكفر

واستمروا على الكفر، وداموا على الكفر، فهم كفروا بعد إسلامهم ، ثم زاد كفرهم ، ما نقص، فهؤلاء لاتقبل توبتهم، وهى التوبة عند حضور الموت" انتهى باختصار .

ثانيا :

هذان القولان اللذان قد قيلا في معنى الآية الكريمة ، يمكن أن يقالا أيضا في الحديث الوارد في السؤال .

فيكون معنى عدم قبول توبة شارب الخمر في المرة الرابعة : أنه سيؤخر التوبة ، فلا يتوب إلا حين الموت ، فلا تقبل توبته .

أو أنه لن يوفق للتوبة ، وسيموت مصرا على شرب الخمر .

أما من تاب ، قبل حضور الموت : فإن توبته مقبولة .

وقد صرح بعض العلماء أن هذا الحديث كالآية التي ذكرنا تفسيرها .

قال السندي في شرحه لسنن النسائي :

"وَهَذَا مُشْكِل... وَالْمُرَاد بِعَدَمِ قَبُول التَّوْبَة : أَنَّهُ لَا يُوَفَّق لِلتَّوْبَةِ غَالِبًا، وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم" انتهى .

وقال علي القاري في " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (6/2386) :

" ( فَإِنْ تَابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْوَعِيدِ وَالزَّجْرِ الشَّدِيدِ ، وَإِلَّا فَقَدَ وَرَدَ : ( مَا أَصَرَّ مَنِ اسْتَغْفَرَ وَإِنْ عَادَ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

... قَالَ الطِّيبِيُّ : وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : أَنَّ قَوْلَهُ : ( إِنْ تَابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ ) مَحْمُولٌ عَلَى إِصْرَارِهِ وَمَوْتِهِ عَلَى مَا كَانَ ، فَإِنَّ عَدَمَ قَبُولِ التَّوْبَةِ لَازِمٌ لِلْمَوْتِ عَلَى الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي ، كَأَنَّهُ قِيلَ :

مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَأَصَرَّ عَلَيْهِ مَاتَ عَاصِيًا وَلِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ ( وَسَقَاهُ ) أَيِ اللَّهُ ( مِنْ نَهْرِ الْخَبَالِ ) . اهـ ....

وَلَعَلَّ نَقْضَ التَّوْبَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِمَّا يَكُونُ سَبَبًا لِغَضَبِ اللَّهِ عَلَى صَاحِبِهَا ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ

قَوْلُهُ تَعَالَى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ) النساء : 137

وَكَأنَ الْغَالِبَ أَنَّ صَاحِبَ الْعَوْدِ إِلَى الذَّنْبِ ثَلَاثًا : لَمْ تَصِحِّ لَهُ التَّوْبَةُ ، كَمَا أَشَارَتْ إِلَيْهِ الْآيَةُ بِعَدَمِ الْهِدَايَةِ وَالْمَغْفِرَةِ

قَالَ الطِّيبِيُّ : وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ) آل عمران : 90 " انتهى .

وهذا التوجيه لمعنى الحديث ، بما يتوافق مع أصول الشريعة المستمرة المقطوع بها ، هو بتقدير أن تكون هذه اللفظة : ( فَإِنْ تَابَ لَمْ يَتُبِ اللَّهُ عَلَيْهِ ) محفوظة في الحديث .

وإلا ، فالحديث رواه أحمد (4917) ، من حديث عبد الله بن عمر ، بنحوه ، ولم يذكر فيه ذلك ، وإنما فيه : ( .. فإن عاد، كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ تَعَالَى أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ نَهَرِ الْخَبَالِ )، قِيلَ: وَمَا نَهَرُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: ( صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ ) .

وينظر : التعليق على "مسند الإمام أحمد "، ط الرسالة (8/514) .

بل قد روي هذا الحديث ، من مسند عبد الله بن عمرو بن العاص ، أيضا .

وفي رواية الإمام أحمد له في " المسند " (6644) : أن عبد الله بن الديلمي قال لعبد الله بن عمرو رضي الله عنه : بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ: أَنَّه : ( مَنْ شَرِبَ شَرْبَةَ خَمْرٍ لَمْ يَقْبَلِ اللهُ لَهُ تَوْبَةً أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ... ) .

فقال عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو: إِنِّي لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ !!

سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ شَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ شَرْبَةً لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ

- قَالَ: فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ - فَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدْغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .

فأنكر عبد الله بن عمرو أن يكون روى عدم قبول توبة شارب الخمر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم رواه بنحو رواية ابن عمر التي لم يذكر فيها عدم قبول التوبة .

وينظر : التعليق على " المسند " (11/220) وما بعدها ، وأيضا (11/387) .

والنفس أميل إلى عدم ثبوت هذه اللفظة في الحديث ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فليس إسناده بذاك الذي يقوم بمثل هذا المتن المُشكل .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-12, 01:06   رقم المشاركة : 154
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




هل يمكن أن يصل التائب من المعصية إلى أعلى مراتب الشهداء ؟.

السؤال :

ذكرتم في جواب سؤال مراتب الشهداء ، وأنّ أفضل الشهداء هو : "الشَّهِيدُ الْمُفْتَخِرُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ , لا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ "

ويليه "رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ مُحِيَتْ ذُنُوبُهُ وَخَطَايَاهُ , إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءُ الْخَطَايَا , وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ"

فهل المرتبة الثانية تعني أنّ هذا الشهيد لن يكون في خيمة الله ؟

وكوني إنسانا فقد ارتكبت المعاصي ، فهل هذا يعني أنني لن أتمكن من تحقيق أعلى مرتبة من مراتب الشهادة ونيل ثوابها؟ وما هي شروط كل مرتبة منهما ؟

وكيف يمكن لشخص أن يصل أعلى مرتبة من مراتب الشهادة إن كان قد ارتكب بعض المعاصي في حياته ؟


الجواب :

الحمد لله

عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْقَتْلى ثَلاثَةٌ : رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَاتَلَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ

, فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ , لا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ، مُحِيَتْ ذُنُوبُهُ وَخَطَايَاهُ

, إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءُ الْخَطَايَا, وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ , فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ , وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ , وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ

وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يُقْتَلَ فَإِنَّ ذَلِكَ فِي النَّارِ , السَّيْفُ لا يَمْحُو النِّفَاقَ ) .

رواه أحمد ( 17204 ) وجوَّد إسنادَه المنذري في " الترغيب والترهيب " ( 2 / 208 ) وحسنه الألباني في " صحيح الترغيب " ( 1370 ) .

وقد ضعفه آخرون ، فضعفه البوصيري في "إتحاف المهرة" ، وضعفه محققو مسند الإمام أحمد (29/204) .

وقوله : (الشهيد الممتحن) هذا هو الصواب ، وقد وقع في بعض الكتب : (الشهيد المفتخر) وأثبته محققو المسند (الممتحن) من نسخة مصححة . وقالوا : "وهو الموافق لما في مصادر التخريج" انتهى .

وأما معناه ؛ فقال الطيبي رحمه الله ، في "شرح مشكاة المصابيح" (7/312) :

" والممتحن : المجرب ؛ من قولهم: امتُحن فلان لأمر كذا ، جُرِّب له ، ودرب للنهوض به ، فهو مضطلع ، غيرُ وانٍ عنه، والمعنى أنه صابر علي الجهاد ، قوي علي احتمال مشاقه " انتهى .

وقال العيني رحمه الله في "نخب الأفكار" (16/497)

: " "فذلك الشهيد الممتحن" أي المصفى المهذب، من محنت الفضة إذا صفيتها وخلصتها بالنار" انتهى .

وقال الأزهري رحمه الله في "تهذيب اللغة" (2/142) : " هو المصفَّى المهذَّب المُخلص " انتهى .

وهذا الحديث ذكر منزلتين من منازل الشهداء، وذكر أصحابهما .

أما الأول : فرجل جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى قتل ، فهذا أفضل الشهداء ، لأنه لم يُبق شيئا إلا وبذله في سبيل الله ، ولذلك كان من أعلى درجات الشهداء ، قال الله تعالى :

(لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة/ 88، 89 .

وروى البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟) ، قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ ، قَالَ: (وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" فيه دليل على فضيلة هذه الحال النادرة، أن يخرج الإنسان مجاهدا في سبيل الله بنفسه وماله ، وماله يعني: سلاحه ومركوبه، ثم يقتل ويؤخذ سلاحه ومركوبه يأخذه العدو، فهذا فقد نفسه وماله في سبيل الله، فهو من أفضل

المجاهدين، فهذا أفضل من العمل الصالح في أيام العشر، وإذا وقع هذا العمل في أيام العشر تضاعف فضله " انتهى

من " شرح رياض الصالحين " (5/ 303)

وأما الثاني : فـ (رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ، مُحِيَتْ ذُنُوبُهُ وَخَطَايَاهُ)

فقوله: (رَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا) الاقتراف: الاكتساب، واقترف أَي اكتَسب، واقْتَرَفَ ذنباً أَي أَتاه وفَعَلَه، ويقال: قَرَفَ الذنبَ واقْتَرَفه: إذا عمله، وقارَفَ الذنبَ وغيرَه: داناهُ ولاصَقَهُ.

انظر: "لسان العرب" (9 /279) .

والفرق بين هذا المجاهد والمجاهد الأول : أن الأول لم يذكر عنه مقارفته الذنب ، فمفهومه أنه كان على الاستقامة في دينه ، لا انشغال لنفسه بالأهواء والمعاصي، وليس معنى ذلك أنه لا ذنب له مطلقا ، فذاك لا يوجد في الناس

ولكن اجتنب الكبائر ، فكفر الله عنه الصغائر ، أو سبقت له التوبة النصوح من الله ، قبل أن يخرج في جهاده ، والتائب من الذنب

كمن لا ذنب له ، ثم منّ الله عليه بالجهاد ، فخرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع منهما بشيء ، فذلك الشهيد الممتحن ، وهو أفضل الشهداء .

أما الثاني : فهو وإن جاهد بنفسه وماله حتى قتل ، إلا أنه كان قد قارف الذنوب والخطايا ، ثم خرج مجاهدا في سبيل ربه ، قد خلط عمل صالحا ، وآخر سيئا ، ولم يتبع سيئته بتوبة نصوح تمحوها .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ دَرَجَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنِ اجْتَرَحَ السَّيِّئَاتِ ، مُسَاوَاةُ الْمُؤْمِنِ الْكَامِلِ فِي الْمَنْزِلَةِ ؛ لِأَنَّ دَرَجَاتِ الشُّهَدَاءِ مُتَفَاوِتَةٌ ؛ كَنَظِيرِهِ مِنَ الْعُصَاةِ ، إِذَا قُتِلَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا

مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ ...

وَأَمَّا الْحَدِيثُ .. الصَّحِيحُ : ( إِنَّ الشَّهِيدَ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ ، إِلَّا الدَّيْنَ ) ؛ فَإِنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ : أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُكَفِّرُ التَّبِعَاتِ ، وَحُصُولُ التَّبِعَاتِ لَا يَمْنَعُ حُصُولَ دَرَجَةِ الشَّهَادَةِ ؛

وَلَيْسَ لِلشَّهَادَةِ مَعْنًى إِلَّا أَنَّ اللَّهَ يُثِيبُ مَنْ حَصَلَتْ لَهُ ثَوَابًا مَخْصُوصًا ، وَيُكْرِمُهُ كَرَامَةً زَائِدَةً . وَقَدْ بَيَّنَ الْحَدِيثَ أَنَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنْهُ مَا عَدَا التَّبِعَاتِ ؛ فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ لِلشَّهِيدِ أَعْمَالًا صَالِحَةً

وَقَدْ كَفَّرَتِ الشَّهَادَةُ أَعْمَالَهُ السَّيِّئَةَ غَيْرَ التَّبِعَاتِ ؛ فَإِنَّ أَعْمَالَهُ الصَّالِحَةَ تَنْفَعُهُ فِي مُوَازَنَةِ مَا عَلَيْهِ مِنَ التَّبِعَاتِ ، وَتَبْقَى لَهُ دَرَجَةُ الشَّهَادَةِ خَالِصَةً .

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ : فَهُوَ فِي الْمَشِيئَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ " .

انتهى، من "فتح الباري" (10/193) .

ومن هنا يتبين الجواب عن سؤالك : إذا كانت لي معاصي ، فكيف أبلغ المرتبة الأولى ، من مراتب الشهداء ؟

وجوابها ، كما يتبين مما سبق : بالتوبة النصوح التي أمر الله بها عباده ، كما قال : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) النور/31 .

وقال تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) التحريم/8

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" الذَّنْبُ الَّذِي يَضُرُّ صَاحِبَهُ هُوَ مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَوْبَةٌ ، فَأَمَّا مَا حَصَلَ مِنْهُ تَوْبَةٌ فَقَدْ يَكُونُ صَاحِبُهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ قَبْلَ الْخَطِيئَةِ

وَلَوْ كَانَتْ التَّوْبَةُ مِنْ الْكُفْرِ وَالْكَبَائِرِ ؛ فَإِنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ هُمْ خِيَارُ الْخَلِيقَةِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّمَا صَارُوا كَذَلِكَ بِتَوْبَتِهِمْ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ الْكُفْرِ وَالذُّنُوبِ ، وَلَمْ يَكُنْ مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ التَّوْبَةِ نَقْصًا وَلَا عَيْبًا "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (15 /54) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-12, 01:10   رقم المشاركة : 155
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اشكال حول حديث زواج فاطمة بنت قيس بأسامة بن زيد

السؤال:

في الفتوى سابقة تفضلتم بالإجابة على السائل ، وفي الإجابة قلتم :

"ولذلك ، لما أراد معاوية رضي الله عنه خطبة فاطمة بنت قيس ، وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن خطبتها ؛ أشار عليها ألا تتزوج منه

لأنه فقير !! رواه البخاري ومسلم" برجاء توضيح الحديث وشرحه ، وهل يتعارض مع حديث : ( ... دينه وخلقه فزوجوه )، لأنه لم يذكر الفقر والغني كضابط ؟


الجواب :

الحمد لله

أما الحديث الأول : فعن فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ ، قالت : " إِنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُكْنَى ، وَلَا نَفَقَةً

قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي ) ، فَآذَنْتُهُ ، فَخَطَبَهَا مُعَاوِيَةُ ، وَأَبُو جَهْم ٍ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْد ٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: ( أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ تَرِبٌ ، لَا مَالَ لَهُ ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ ، وَلَكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ) ، فَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا: أُسَامَةُ ! أُسَامَةُ ! ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( طَاعَةُ اللهِ

وَطَاعَةُ رَسُولِهِ خَيْرٌ لَك ، قَالَتْ : فَتَزَوَّجْتُهُ ، فَاغْتَبَطْتُ ) رواه مسلم (1480) .

وأما الحديث الثاني :

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ ، إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ ) رواه الترمذي (1084) .

، ورواه الترمذي أيضا (1085) ، من حديث أَبِي حَاتِمٍ المُزَنِيِّ رضي الله عنه .

وليس بين هذين الحديثين تعارض ، بحمد الله .

وبيان ذلك :

أن حديث أبي هريرة ضعفه جمع من الأئمة كالإمام البخاري وابن القطان والذهبي .

وبناء على هذا ؛ فلا تعارض بين حديث صحيح وآخر ضعيف ، لأن الحديث الضعيف قد ترجح أن الرسول صلى الله لم يقله ، فلا يستفاد منه حكم ، ولا يعارض به حديث آخر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن حديث أبي هريرة وإن كان سنده ضعيفا ، إلا أنه يتقوى بحديث أبي حاتم المزنى ، ويرتقى إلى درجة "الحسن" ، ومن هؤلاء : الترمذي ، والألباني .

انظر : " إرواء الغليل " (6/266) رقم (1868) .

وعلى هذا القول أيضاً : فلا تعارض بين الحديثين ، لإمكان التوفيق بينها .

فحديث أبي هريرة يأمر بتزويج صاحب الدين والخلق ، وأن يكون الدين والخلق مقدما على المال والنسب ... وغير ذلك من الصفات التي يقصدها الناس ويزوجون صاحبها .

وحديث فاطمة بنت قيس ليس فيه ما ينافي هذا المعنى ، لأنه ليس فيه رفض معاوية من أجل فقره ، ثم تذهب فاطمة وتتزوج رجلا غنيا ليس ذا دين وخلق ، مثلا !!

بل حديث فاطمة فيه المفاضلة والاختيار بين ثلاثة رجال ، كلهم ذوو دين وخلق ، فقدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسامة لأنه ليس عنده ما يعاب به ، بخلاف معاوية وأبي جهم رضي الله عنهم .

فالمفاضلة كانت بين رجل ذي دين وخلق ولكنه فقير ، وآخر ذي دين وخلق أيضا ، وهو غير فقير ، فلا شك أن الثاني هو المقدم ، وهو ما أشار به الرسول صلى الله عليه وسلم .

وجواب آخر :

أن المرأة لو تقدم لها رجل ذو دين وخلق ، ولكنه كان فقيرا ، فلا يجب على المرأة قبوله ، بل لها أن ترده من أجل فقره

رجاء أن يتقدم لها رجل ذو دين وخلق وليس فقيرا ، وذلك لأن المرأة تتضرر بفقر زوجها ، ولم يلزمها الشرع بتحمل هذا الضرر أو المشقة .

قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (5/2176) :

"قوله صلى الله عليه وسلم : (لَا مَالَ لَهُ) : يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي غَايَةٍ مِنَ الْفَقْرِ وَالْفَاقَة ِ، حَتَّى قَالَ فِي حَقِّهِ: (إِنَّهُ صُعْلُوكٌ) ...

وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ ، عَلَى مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ .

وَفِيهِ تَصْرِيحٌ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى جَوَازِ ذِكْرِ عَيْبٍ فِي الزَّوْجِ ، لِتَحْتَرِزَ الزَّوْجَةُ مِنْه ُ، لِئَلَّا تَقَعَ الزَّوْجَةُ فِي الْمَشَقَّةِ" انتهى .

وفي "المنتقى شرح الموطأ" (4/106) :

"وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ ) رَاعَى فِي ذَلِكَ حَاجَةَ النِّسَاءِ إلَى الْمَالِ يَكُونُ عِنْدَ الزَّوْجِ ، لِمَا لَهُنَّ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ ، وَالْكِسْوَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ " انتهى .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (28/230) :

"فَبَيَّنَ لَهَا أَنَّ هَذَا فَقِيرٌ قَدْ يَعْجِزُ عَنْ حَقِّك" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمن في "لقاءات الباب المفتوح" (14/231) الشاملة .

"وهذا دليل على أن للمرأة أن ترد الخاطب إذا كان فقيراً، ولكن الأفضل إذا كان ذا خلق ودين أن تتزوج به " انتهى .

ويشبه هذا ما رواه النسائي (3221) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : " خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَاطِمَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهَا صَغِيرَةٌ )

فَخَطَبَهَا عَلِيٌّ ، فَزَوَّجَهَا مِنْهُ ) رواه النسائي (3221) ، وصححه الألباني إسناده كما في " صحيح سنن النسائي " .

قال الشيخ محمد بن آدم الإثيوبيى :

" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم : ( إِنَّهَا صَغِيرَةٌ ) : أي وكلّ منكما لا يوافقها في السنّ ، والمقصود من النكاح دوام الألفة

وبقاء العشرة ، فإذا كان أحد الزوجين في غير سنّ الآخر ، لم يحصل الغرض كاملاً ، فربّما أدّى إلى الفُرقة المنافية لمقصود النكاح " .

انتهى من " ذخيرة العقبى " (27 / 57) .

فالثلاثة (أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم) كلهم ذو دين وخلق في أعلى الدرجات ، وكانت المفاضلة ترجح عليا لسب آخر ، غير الدين والخلق ، وهو السن ، لأنه أقرب منها سنا.

وخلاصة هذا الجواب : أن صاحب الدين والخلق ينبغي قبوله زوجا ، ما لم يكن هناك عيب فيه ، أو مانع يمنع من ذلك ، أو يترجح غيره عليه من وجه معتبر شرعا .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-12, 01:13   رقم المشاركة : 156
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نكاح المؤمنين أزواجهم في الجنة .

السؤال:

ما تفسير الحديث التالي : " روى الطبري عن أبي أمامة قال : " سئل النبي صلى الله عليه وسلم يتناكح أهل الجنة؟

قال: ( نعم بذكر لا يمل وشهوة لا تنقطع ، دحماً دحماً) ، وفي رواية : لكن لا مني ولا منية ) ، وفي رواية : هل ينكح أهل الجنة؟

قال: (نعم ، ويأكلون ويشربون ) " ؟


الجواب :

الحمد لله

روى ابن حبان في "صحيحه" (7402) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : " أَنَطَأُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: ( نَعَمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، دَحْمًا دَحْمًا، فَإِذَا قَامَ عَنْهَا رَجَعَتْ مُطَهَّرَةً بكرا ) " .

وقال محققه الشيخ شعيب الأرناؤوط : " إسناده حسن " .

وصححه الألباني في "الصحيحة" (3351) .

وقوله : " دحما دحما " قال في لسان العرب (12/ 196):

" الدَّحْمُ : الدَّفْعُ الشَّدِيدُ ، والدَّحْمُ : النِّكَاحُ. ودَحَمَ المرأَة يَدْحَمُها دَحْماً: نَكَحَهَا "

وقال الأزهري في "التهذيب" (4/ 251):

" أَي يَدْحَمون دَحْماً، وَهُوَ شِدَّةُ الجِمَاع " .

وهذا يدل على شدة الشهوة ، مع كمال اللذة ، وهذا من تمام النعيم .

وأما سائر ألفاظ الحديث التي ذُكرت في السؤال فهي ضعيفة لم تثبت .

روى الطبراني في "الكبير" (7479) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (367) ، والبيهقي في "البعث والنشور" (367) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ :

" أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، سُئِلَ أَيُجَامِعُ أَهْلُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ: (دَحَامًا دَحَامًا، وَلَكِنْ لَا مَنِيَّ، وَلَا مَنِيَّةَ) " .

وقال البيقي عقبه : " تَفَرَّدَ بِهِ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ " .

وضعفه بهذا اللفظ البوصيري في " إتحاف الخيرة" (8/ 237) .

وقوله : " لا مني ولا منية " يعني لا مني ينزل منهم ، ولا يحصل لهم موت فيقطعهم عن نعيم الجنة ، قال ابن القيم رحمه الله : " أي لا إنزال ولا موت " .

انتهى من "حادي الأرواح" (ص 239) .

والمقصود : حصول كمال اللذة ، مع اندفاع الأذى والقذر عنهم .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في قوله تعالى : (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ) البقرة/ 25 :

" فيها إثبات الأزواج في الآخرة ، وأنه من كمال النعيم ؛ وعلى هذا يكون جماع ، ولكن بدون الأذى الذي يحصل بجماع نساء الدنيا؛ ولهذا ليس في الجنة مَنِيّ ، ولا مَنِيَّة

والمنيّ الذي خلق في الدنيا إنما خُلق لبقاء النسل ؛ لأن هذا المنيّ مشتمل على المادة التي يتكون منها الجنين ، فيخرج بإذن الله تعالى ولداً

لكن في الآخرة لا يحتاجون إلى ذلك ؛ لأنه لا حاجة لبقاء النسل؛ إذ إن الموجودين سوف يبقون أبد الآبدين لا يفنى منهم أحد "

انتهى من "تفسير القرآن" (3 /60) بترقيم الشاملة.

وروى الطبراني في "الكبير" (7541) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (262) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: " سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، هَلْ يَنْكِحُ أَهْلُ الْجَنَّةِ ؟ قَالَ: (نَعَمْ، وَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ) .

وفي إسناده سعيد بن يوسف ، ضعفه أحمد ، وابن معين ، والنسائي ، وغيرهم .

انظر: "التهذيب" (4/103) .

وورى الطبراني في "الكبير" أيضا (7674) ، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (368) عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ : " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ ، يَتَنَاكَحُ أَهْلُ الْجَنَّةِ؟ ، فَقَالَ: (نَعَمْ، بِذَكَرٍ لَا يَمَلُّ ، وَشَهْوَةٍ لَا تَنْقَطِعُ دَحْمًا دَحْمًا) .

وفي إسناده سليمان بن سلمة الخبائري ، وهو متروك ، وقال ابن الجنيد: كان يكذب. "ميزان الاعتدال" (2/ 209) .

وروى البزار (9416) نحوه عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ، وهو ضعيف .

قال البوصيري في " إتحاف الخيرة" (8/ 236):

" مداره على الأفريقي وهو ضعيف " .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-12, 01:18   رقم المشاركة : 157
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح حديث : ( عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنَ النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام ) .

السؤال:


ذكرتم في الفتوى أنه قد يكون المراد بالحديث محمود الغزنوي والوليد بن عبدالملك ، وهنا أتساءل :

هل يمكن أن يراد به أيضا أورنكزيب عالم كير؟

لأنه المسلم الوحيد الذي غز الهند كلها بما في ذلك بنجلادش وباكستان

بينما الباقون غزوا مدنا بعينها وليس البلاد بكاملها ؟

وكذلك شير شاه سوري غزا أجزاءً من الهند وباكستان وبنجلادش


الجواب:

الحمد لله

روى النسائي (3175) ، وأحمد (22396) عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (

عِصَابَتَانِ مِنْ أُمَّتِي أَحْرَزَهُمَا اللَّهُ مِنَ النَّارِ: عِصَابَةٌ تَغْزُو الْهِنْدَ، وَعِصَابَةٌ تَكُونُ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَام )وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .

فأفاد هذا الحديث الصحيح أن هناك جماعتين من المسلمين ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنجاتهما من النار : جماعة تغزو الهند ، وجماعة تكون مع عيسى عليه السلام .

ولم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهما إلا بالوصف المذكور ، فلا يُعرف عنهما إلا ذلك .

أما جماعة المسيح عليه السلام : فلا ينبغي الاختلاف عليها ، وأنها تكون زمان نزول المسيح عليه السلام .

وأما الجماعة التي تغزو الهند : فلم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها إلا أنها تغزو الهند ، فلا نتعدى في تعريفها ذلك .

وقد غزا المسلمون الهند ، مرة في عهد الوليد بن عبد الملك بقيادة القاسم بن محمد الثقفي ، ومرة في زمان العباسيين ، بقيادة محمود بن سُبُكتِكين .

أما السلطان " أورنك زيب " رحمه الله : فقد كان سلطان الهند ، وليس من فاتحيها الذين ابتدءوا فتحها، وغزاها من خارجها ، فقد ولد في الهند

وأبوه السلطان " شاه جيهان " من سلاطين دولة المغول في الهند ، إلا أنه رحمه الله كان قائدا مجاهدا ، حرص على نشر الإسلام ، وتصحيح العقيدة ، ونبذ البدع ، ومحاربة أهلها

فغزا كثيرا من أقاليم بلاد الهند ، حتى دانت له ، فنشر الدين ، وأخذ الجزية من كفار الهند ، وفتح الفتوحات العظيمة ، وأعزّ الله به الإسلام وأهله بتلك البلاد .

وأما شير شاه السوري: فهو أيضا سلطان من سلاطين الهند وملوكها .

وهو السلطان العادل شير شاه بن حسن خان بن إبراهيم السوري، وكان اسمه فريد خان. و"سور" قبيلة من الأفغان، وهم ينتسبون إلى الملوك الغورية .

قال عبد الحي الحسني في "نزهة الخواطر" (4/ 353):

" انتقل جده إبراهيم من جبال روه ، إلى أرض الهند ، وتوسل ولده حسن خان بالأمير جمال خان الأفغاني وأحسن الخدمة ، فأقطعه جمال خان سهسرام وخواص بور، وكان فريد خان أكبر أولاد أبيه

وكان من خيار السلاطين ، عادلاً باذلاً ، كريماً رحيماً، شجاعاً مقداماً محظوظاً جداً، كان لا يقصد باباً مغلقاً إلا انفتح ، ولا يقدم على أمر مهم إلا اتضح ، وكان وزع أوقاته من يوم وليلة

شطراً منها للعبادة ، وشطراً للعدل والقضاء، وبعضاً منها لإصلاح العسكر، فكان ينتبه من النوم في ثلث الليل الآخر ويغتسل ويتهجد ويشتغل بالأوراد إلى أربع ساعات نجومية ، ثم ينظر في حسابات الإدارات المختلفة

ويرشد الأمراء فيما يهمهم من الأمور في ذلك اليوم ، ويهديهم إلى برنامج العمل اليومي لئلا يشوشوا أوقاته بعد ذلك بالأسئلة ، ثم يقوم ويتوضأ لصلاة الفجر ويصليها بالجماعة

ثم يحضر لديه الأمراء فيسلمون عليه ، ثم يقوم ويصلي صلاة الإشراق ، ثم يسأل الناس عن حوائجهم ويعطيهم ما يحتاجون إليه من خيل وأقطاع وأموال وغير ذلك ، لئلا يسألوه في غير ذلك من الأوقات

ثم يتوجه إلى المظلومين والمستغيثين ويجتهد في إغاثتهم " انتهى باختصار .

وبالجملة : فقد كان محمود السيرة ، يقوم بالعدل بين الناس ، صاحب عبادة وصلاح ، إلا أنه كان يميل إلى التصوف ، ويحافظ على أورادهم ، كالمسبعات العشر وغيرها ، كما يعرف ذلك من ترجمته .

وهو أيضا ليس ممن غزا الهند ابتداء، لأنه مولود بها ، ولكنه غزا بعض أقاليمها.

والخلاصة :

أن حديث ثوبان رضي الله عنه في فضل هذه العصابة التي تغزو الهند لم ينص على جماعة بعينها ، ولا عيّن زمانها ، فلا نستطيع القطع بهذا الفضل لأحد من الناس ، جماعات أو أفرادا

ولكننا نحسن الثناء على كل من جاهد في سبيل الله ، وأعان على رفع كلمة الله ، واجتهد في إقامة الدين والعدل بين الناس ، ونسأل الله له الفوز بالجنة ، والنجاة من النار .

والأقرب إلى ظاهر الحديث ـ والله أعلم ـ أنه فيمن غزا الهند ابتداء ، فمن غزاها ابتداء كان أولى بهذا الفضل ممن عاش فيها ، ثم غزا بعض أقاليمها .

والله يؤتي فضله من يشاء ، والله واسع عليم ، سبحانه ، وجل وعلا .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-12, 01:24   رقم المشاركة : 158
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل المشي حافيا أحيانا من السنة ؟

السؤال:

هل المشي حافيا سنة ؟

الجواب :

الحمد لله

روى أبو داود في " السنن " (4160) ، وأحمد في " المسند " (23969) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ : " أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَلَ إِلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ بِمِصْرَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ .

فَقَالَ : أَمَا إِنِّي لَمْ آتِكَ زَائِرًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ أَنَا وَأَنْتَ حَدِيثًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَكَ مِنْهُ عِلْمٌ .

قَالَ: وَمَا هُوَ؟

قَالَ: كَذَا وَكَذَا.

قَالَ: فَمَا لِي أَرَاكَ شَعِثًا وَأَنْتَ أَمِيرُ الْأَرْضِ ؟

قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْهَانَا عَنْ كَثِيرٍ مِنَ الإِرْفَاهِ .

قَالَ: فَمَا لِي لَا أَرَى عَلَيْكَ حِذَاء؟

قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا " ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال ابن الأثير في "النهاية" (2/ 247): " (الْإِرْفَاهِ) : هُوَ كثْرةُ التَّدهُّن والتَّنَعُّم.

وَقِيلَ : التَّوسُّع فِي المَشْرَب والمَطْعَم، وَهُوَ مِنَ الرِّفْهِ: وِرْد الْإِبِلِ، وَذَاكَ أَنْ تَرِد الماءَ مَتَى شاءَت .

أرادَ : تَرْك التَّنَعُّم والدَّعة ولينِ الْعَيْشِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِيّ العَجم وأرْباب الدُّنيا " انتهى .

وقوله : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا أَنْ نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا "

أي : نمشى حفاة ، حينا بعد حين .

فذهب غير واحد من أهل العلم إلى أنه يستحب الاحتفاء أحيانا .

والحكمة من هذا: تعويد النفس على الخشونة ، وإبعادها عن الدعة ، وتطبيعها على الزهد ، واحتقار الدنيا .

قال القاري رحمه الله :

" ( نَحْتَفِيَ أَحْيَانًا ) أَيْ نَمْشِيَ حُفَاةً ؛ تَوَاضُعًا ، وَكَسْرًا لِلنَّفْسِ ، وَتَمَكُّنًا مِنْهُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ ، وَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ: (أَحْيَانًا) : أَيْ حِينًا بَعْدَ حِينٍ " .

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (7/2827).

وقال ابن عبد القوي رحمه الله في "منظومته" :

وَسِرْ حَافِيًا أَوْ حَاذِيًا وَامْشِ وَارْكَبَنْ ** تَمَعْدَدْ وَاِخْشَوْشِنْ وَلَا تَتَعَوَّدِ

قال السفاريني رحمه الله :

" (وَسِرْ) حَالَةَ كَوْنِك (حَافِيًا) بِلَا نَعْلٍ أَحْيَانًا، اقْتِدَاءً بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَوْ) سِرْ فِي حَالِ كَوْنِك (حَاذِيًا) أَيْ مُنْتَعِلًا "

انتهى من "غذاء الألباب" (2/340).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" لبس النعال من السنة ، والاحتفاء من السنة أيضا، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كثرة الإرفاه ، وأمر بالاحتفاء أحيانا

فالسنة أن الإنسان يلبس النعال لا بأس، لكن ينبغي أحيانا أن يمشي حافيا بين الناس ، ليظهر هذه السنة التي كان بعض الناس ينتقدها، إذا رأى شخصا يمشي حافيا قال: ما هذا؟

هذا من الجهال! وهذا غلط؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كثرة الإرفاه ، ويأمر بالاحتفاء أحيانا " .

انتهى من "شرح رياض الصالحين" (6/ 387) .

فيستحب للإنسان أن يمشي حافيا أحيانا ، إلا إذا كان بأرض إذا مشى فيها حافيا تعرض للضرر والأذى ، فإنه حينئذ لا يمشي إلا منتعلا .

قال المناوي رحمه الله :

" إن أمن تنجس قدميه ، ككونه في أرض رملية مثلا ولم يؤذه : فهو محبوب أحيانا - يعني المشي حافيا - بقصد هضم النفس وتأديبها

ولهذا ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي حافيا ومنتعلا، وكان الصحب يمشون حفاة ومنتعلين " .

انتهى من "فيض القدير" (1/ 317) .

وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله :

"إذا كانت الأرض فيها أمور تقتضي الانتعال ، فإن الإنسان ينتعل ، فإذا كانت الأرض مثلاً فيها زجاج أو فيها حديد أو كان فيها حجارة أو شوك

أو رمضاء في شدة حرارة الشمس : فإن الإنسان يجعل هذه الوقاية التي أنعم الله تعالى بها عليه، وهي استعمال النعال .

ولكن كونه يترك النعال في بعض الأحيان : هذا هو الذي جاء في هذا الحديث عن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم

وأنه كان يأمرهم بالاحتفاء أحياناً، وذلك حتى لا يحصل هناك تنعم زائد ومغالاة فيه، وإنما يحصل شيء من الخشونة والبذاذة ، ولكن لا يكون ذلك دائماً وأبداً، وإنما يكون في بعض الأحيان "
.
انتهى من "شرح سنن أبي داود" (23 /273) بترقيم الشاملة .

والحاصل :

أن المشي حافيا أحياناً من السنة ، ولكن يقيد ذلك بما إذا لم يكن في هذا الفعل في هذا البلد شهرة في حق الشخص الذي يفعله .

وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين أن الرجل إذا كان قدوة في بلده ومشهورا بالعلم فإنه يمشي حافيا أحياناً أمام الناس ، لأنهم يعلمون بذلك أن هذا من السنة .

أما إذا لم يكن الرجل كذلك ، وستناله الألسنة ، فإنه يمكن أن يكتفي بفعلها في بيته ، أو حيث لا يراه الجهال .

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-14, 13:41   رقم المشاركة : 159
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




رد بعض الشبهات حول حرمة إمساك الزوجة الزانية


السؤال:

ذكرتم في فتواكم ما معناه أن على المرأة أن لا تنجس فراش زوجها بماء غيره، وأن هذا جريمة ، وعليه يطلقها ، وأنَّ إمساكها دياثة ينافي الفطرة. وأنا أقول : ماذا تقول في حديث بن عباس عليه السلام في حديث

: ( إن امرأتي لا ترد يد لامس ) ، وماذا تقول في قوله صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش ) ، فوالله إن قول الولد للفراش يعني أشياء أنت تفهمها وكل إنسان عاقل يفهمها

فما حاجة النبي صلي الله عليه وسلم لقول ذلك ؟ لما صلي الله عليه وسلم لم يكتفي بقول الزنا حرام وخلاص وانتهينا ، لكن ليبين الرسول أشياء في مسائل النسب

ويعلم النبي صلي الله عليه وسلم أن ابن الجارية ليس ولد سيدها ، فماذا تقول وقد عُرِفَ الزنا في الاسلام ، وعرف النسب في الاسلام ، وعرف الدياثة في الاسلام

أليس في هذا تناقض في الفتوى السابقة ، وعدم وضوح ، وقول أشياء تنافي القواعد الفقهية الشرعية سواء في النسب أو في مفهوم الدياثة ؟

الجواب :

الحمد لله


الأمر على ما جاء في الفتوى المحال عليها في سؤالك : من أنه لا يحل للرجل أن يمسك زوجته غير العفيفة ، التي يعلم من حالها أنها تقع في الفاحشة ؛ وإلا كان ديوثا .

وهذا الحكم مستقر في الشرع الشريف وفي الفطر السوية غير المنتكسة .

أما معارضتك أيها السائل لهذا الحكم

بما رواه أبو داود (2049) ، والنسائي (3229) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

: إن عندي امرأة هي من أحب الناس إلي ، وهي لا تمنع يد لامس ، قال : ( طلقها ) ، قال لا أصبر عنها ، قال : ( استمتع بها ) ".

فإنها معارضة في غير موضعها ؛ لأن هذا الحديث ضعيف ؛ بل منكر على الصحيح من أقوال أهل العلم
.
وعلى فرض صحته فليس فيه ما يدل على أن هذه المرأة كانت تأتي الفاحشة التي هي الزنا, وقد سبق بيان هذا مفصلا في الفتوى رقم : (198540).

وأما معارضتك له بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش ، وللعاهر الحجر ) رواه البخاري (2053) ، ومسلم (1457) : ففي غير موضعها أيضا

لأن هذا الحديث موضوعه إثبات نسب الولد ، ومعناه أن الولد ينسب للفراش ، أي للزوج ، إذا كانت المرأة فراشا أي متزوجة ,

فأين هذا من إمساك الزوجة الزانية ؟ إن الناظر في هذا الحديث ليدرك بأدنى تأمل أنه لا علاقة له بإمساك المرأة الزانية ، ولا بفراقها ؛ بل موضوعه إثبات النسب للزوج إذا ولد الولد على فراشه.

وأما دعواك أن هذا الحكم مخالف للقواعد الفقهية : فليتك ذكرت قاعدة واحدة من القواعد الفقهية التي خالفها هذا الحكم ,

بل هذا الحكم على وفق كتاب الله تعالى الذي نهى المؤمنين نهيا صريحا وحرم عليهم نكاح العاهرات

, قال تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/ 3 .

وقد استدل بهذه الآية شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على أنه لا يجوز إمساك الزوجة الزانية حيث قال في " الفتاوى الكبرى " (3 / 150) : "مَسْأَلَةٌ : فِي حَدِيثٍ عَنْ «النَّبِيِّ -

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ امْرَأَتِي لَا تَرُدُّ كَفَّ لَامِسٍ» :

فَهَلْ هُوَ مَا تَرُدُّ نَفْسَهَا عَنْ أَحَدٍ؟ أَوْ مَا تَرُدُّ يَدَهَا فِي الْعَطَاءِ عَنْ أَحَدٍ ؟ وَهَلْ هُوَ الصَّحِيحُ أَمْ لَا ؟ .

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَرُدُّ طَالِبَ مَالٍ ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَسِيَاقَهُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ اعْتَقَدَ ثُبُوتَهُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا مَعَ كَوْنِهَا لَا تَمْنَعُ الرِّجَالَ ، وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ

فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) [النور: 3]" انتهى .

وبهذا كله يتبين أن اعتراضك على ما نشر في الموقع ، من شأن الدياثة وما يتعلق بذلك : غير وجيه ، قد تعجلت في إيراده ، قبل تحرير مقاصد الكلام ، ومعرفة معاني النصوص .

يسر الله لك أمرك ، وفقهنا وإياك في دينه .

والله أعلم.

والحاصل:

أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما: ( إن امرأتي لا تمنع يد لامس ) حديث ضعيف لا تقوم به الحجة، وأن حديث (الولد للفراش) خارج عن محل النزاع كما تقرر

وعليه فهذا الحكم جاء على وفق كتاب الله تعالى الذي نهى المؤمنين نهيا صريحا وحرم عليهم نكاح العاهرات

بقوله جل وعز : ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/ 3 .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-14, 13:46   رقم المشاركة : 160
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: الكلام على حديث : ( إن امرأتي لا تمنع يد لامس ) سندا ومتنا .

السؤال:

ﻋﻦ ابن ﻋﺒﺎﺱ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ‌ ﻗﺎﻝ : ( ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﺍﻣﺮﺃتي ﻻ‌ ﺗمنع ﻳﺪ ﻻ‌ﻣﺲ ؟

ﻗﺎﻝ : غربها . ﻗﺎﻝ : ( أخاف أن تتبعها نفسي ؟ قال : فاستمتع بها ) ؟

إن كان صحيحا ، فكيف نرد على الذين يقولون : إن محمدا يأمر أتباعه بأن يستمتعوا بالمرأة رغم أنها لا تمنع يد رجل آخر ؟

هذا الحديث صححه الألباني في سنن أبي داوود .


الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى أبو داود (2049) والنسائي (3229) عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عندي امرأة هي من أحب الناس إلي وهي لا تمنع يد لامس .

قال : ( طلقها ) . قال لا أصبر عنها . قال : ( استمتع بها ).

وقد اختلف العلماء في هذا الحديث ، فمنهم من صححه ، ومنهم من ضعفه ، ومنهم من أنكره :

فممن صححه : ابن حزم كما في "المحلى" (12/ 243) ، والنووي كما في "التلخيص" (3/452) وابن حجر كما في "التلخيص" (3/452) ، والألباني في "صحيح أبي داود" .

وممن ضعفه : النسائي حيث قال عقب روايته : " هذا الحديث ليس بثابت " ، ونقل ابن القيم عنه في "روضة المحبين" أنه قال :" هذا الحديث منكر "

وكذلك الإمام أحمد ، فنقل ابن الجوزي عنه في "الموضوعات" (2/ 272) أنه قال : " هَذَا الحَدِيث لَا يثبت عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ لَهُ أصل " ، وكذا ضعفه شيخ الإسلام ابن تيمية

كما في "مجموع الفتاوى" (32/ 116)

وقال ابن كثير رحمه الله :

" وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : مَا بَيْنَ مُضَعِّفٍ لَهُ ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ النسائي، ومنكر ، كما قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 10)

ولعل هذا هو أظهر القولين في الحديث : أنه ضعيف ، لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبهذا حكم عليه وأعله الأئمة الكبار : أحمد ، والنسائي ، وأعله البيهقي أيضا بالإرسال .

ثانيا :

اختلف العلماء في معناه على تقدير القول بصحته

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ) :

فَقِيلَ: مَعْنَاهُ : الْفُجُورُ، وَأَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ يَطْلُبُ مِنْهَا الْفَاحِشَةَ، وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْخَلَّالُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَالنَّوَوِيُّ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ التَّبْذِيرُ، وَأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ أَحَدًا طَلَبَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ مَالِ زَوْجِهَا، وَبِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ وَالْأَصْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، وَنَقَلَهُ عَنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ ذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ.

وَقَالَ بَعْضُ حُذَّاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: أَمْسِكْهَا: مَعْنَاهُ أَمْسِكْهَا عَنْ الزِّنَا أَوْ عَنْ التَّبْذِيرِ، إمَّا بِمُرَاقَبَتِهَا، أَوْ بِالِاحْتِفَاظِ عَلَى الْمَالِ

أَوْ بِكَثْرَةِ جِمَاعِهَا، وقِيلَ: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ، أَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ يَمُدُّ يَدَهُ لِيَتَلَذَّذَ بِلَمْسِهَا، وَلَوْ كَانَ كَنَّى بِهِ عَنْ الْجِمَاعِ لَعُدَّ قَاذِفًا

أَوْ أَنَّ زَوْجَهَا فَهِمَ مِنْ حَالِهَا أَنَّهَا لَا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ أَرَادَ مِنْهَا الْفَاحِشَةَ، لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهَا " انتهى ملخصا .

"التلخيص الحبير" (3/ 452-453) ، وينظر: "إعلام الموقعين" لابن القيم (4/-265- 266) .

وقال في "عون المعبود" (6/ 32):

" خَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا أَنْ تَتُوقَ نَفْسُهُ إِلَيْهَا فَيَقَعَ فِي الْحَرَامِ " انتهى .

أما أن يكون المعنى أنها تزني فلا ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: " لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَأْمُرَهُ بِإِمْسَاكِهَا وَهِيَ تَفْجُرُ " انتهى .

"نيل الأوطار" (6/ 172)

وقال شيخ الإسلام رحمه الله :

" مِنْ النَّاسِ مَنْ يُؤَوِّلُ " اللَّامِسَ " بِطَالِبِ الْمَالِ؛ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ. لَكِنَّ لَفْظَ " اللَّامِسِ " قَدْ يُرَادُ بِهِ مَنْ مَسَّهَا بِيَدِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا ؛ فَإِنَّ مِنْ النِّسَاءِ مَنْ يَكُونُ فِيهَا تَبَرُّجٌ

وَإِذَا نَظَرَ إلَيْهَا رَجُلٌ أَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا : لَمْ تَنْفِرْ عَنْهُ ، وَلَا تُمَكِّنُهُ مِنْ وَطْئِهَا. وَمِثْلُ هَذِهِ نِكَاحُهَا مَكْرُوهٌ؛ وَلِهَذَا أَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يُحِبُّهَا؛ فَإِنَّ هَذِهِ لَمْ تَزْنِ

وَلَكِنَّهَا مُذْنِبَةٌ بِبَعْضِ الْمُقَدِّمَاتِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ: فَجَعَلَ اللَّمْسَ بِالْيَدِ فَقَطْ ، وَلَفْظُ " اللَّمْسِ وَالْمُلَامَسَةِ " إذَا عُنِيَ بِهِمَا الْجِمَاعُ

لَا يُخَصُّ بِالْيَدِ ؛ بَلْ إذَا قُرِنَ بِالْيَدِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ) " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (32/ 116) ، وينظر : "روضة المحبين" لابن القيم (ص 129) .

وقال الصنعاني رحمه الله :

" القول بأَنَّ مَعْنَاهُ الْفُجُورُ فِي غَايَةٍ مِنْ الْبُعْدِ بَلْ لَا يَصِحُّ لقَوْله تَعَالَى (وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) النور/ 3 ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ الرَّجُلَ أَنْ يَكُونَ دَيُّوثًا .

.. فَالْأَقْرَبُ الْمُرَادُ أَنَّهَا سَهْلَةُ الْأَخْلَاقِ ، لَيْسَ فِيهَا نُفُورٌ وَحِشْمَةٌ عَنْ الْأَجَانِبِ ، لَا أَنَّهَا تَأْتِي الْفَاحِشَةَ ، وَكَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ

مَعَ الْبُعْدِ مِنْ الْفَاحِشَةِ، وَلَوْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا عَنْ الْوِقَاعِ مِنْ الْأَجَانِبِ : لَكَانَ قَاذِفًا لَهَا "

انتهى باختصار من "سبل السلام" (2/ 284)

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-14, 13:50   رقم المشاركة : 161
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث الجلوس ، في ذكر الله ، من بعد صلاة العصر الى المغرب

السؤال :

قال صلى الله عليه وسلم : ( لأن أقعد أذكر الله تعالى وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق رقبتين من ولد إسماعيل

ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أنْ أعتق أربع رقبات من ولد إسماعيل ) . رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (466) . فهل يشترط أيضا عدم التحرك فى المكان بعد صلاة العصر إلى المغرب

والالتزام بمكاني وألا أتكلم مع أحد ، مثل الحديث الآخر الذي فيه : من جلس بعد صلاة الفجر فى مصلاه حتى تشرق الشمس ، فصلى ركعتين : كان له أجر حجة وعمرة ، تامة ، تامة ، تامة .

أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أم لا يشترط الثبات في المكان ، وعدم الكلام في حديث الذكر من العصر الى المغرب؟ أفيدونا بارك الله فيكم .


الجواب :


الحمد لله


أخرج أبو داود في سننه (3667) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ :

أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ، وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ : أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً». حسنه الألباني.

وأخرج أحمد في مسنده (22185): عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَأَنْ أَذْكُرَ اللهَ تَعَالَى مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أُكَبِّرُ وَأُهَلِّلُ وَأُسَبِّحُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعًا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ

وَلَأَنْ أَذْكُرَ اللهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ : أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ " .

وفي رواية أخرى في المسند أيضا برقم (22194):

" لَأَنْ أَقْعُدَ أَذْكُرُ اللهَ وَأُكَبِّرُهُ وَأَحْمَدُهُ وَأُسَبِّحُهُ وَأُهَلِّلُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ : أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ رَقَبَتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَمِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ : أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ ".

فبان بذلك : أن الروايات مرة جاءت بلفظ (لأن أذكر الله) ومرة بلفظ (لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى) ، وهذه الرواية ـ وهي رواية القعود مع الذاكرين

"لإفادة أن بركة مجالس الذكر تحصل لمن شارك فيها ، وجالس أهلها ، حتى لو كانوا هم يذكرون الله ، أو يتلون القرآن ، وهو يسمع منهم ، ويغشى مجالسهم ؛ فهم القوم لا يشقى جليسهم .

ينظر : "مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (3 / 327).

والمقصود بالذكر ما " يعم الدعاء، وتلاوة القرآن، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويلحق به ما في معناه، كدرس العلوم الشرعية" .

انتهى من مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3 / 327).

ولا يظهر أنه يشترط لتحصيل هذا الأجر البقاء في نفس البقعة التي كان فيها أثناء الصلاة ، في المسجد ، أو البيت ، من غير حركة , بل يحصل له ذلك

إن شاء الله ، ما دام في نفس المسجد ، أو المكان الذي صلى فيه ، وإن انتقل إلى بقعة أخرى ، أو تحرك هنا وهناك .
ولا يظهر

أيضا ـ أنه يشترط ترك التحدث مع الناس جملة , بل الحديث العارض ، ونحوه مما يحتاج إليه : لا بأس به ، إن شاء الله .

ولكن ينبغي على من أراد تحصيل هذا الأجر العظيم : أن يصبر نفسه على ذكر الله تعالى ، وتسبيحه ودعائه وتلاوة كتابه العزيز,

وألا ينشغل بالحديث مع الناس في الأمور الدنيوية التي يستدرج الشيطان الناس إليها ليصرفهم عن ذكر الله تعالى وعبادته .

والله أعلم.

والخلاصة:

أن هذا الفضل شامل لمن جلس وحده يذكر الله أو مع قوم يذكرون الله.

ولا يظهر أنه يشترط للحصول على هذا الأجر عدم التحرك من البقعة التي صلى فيها بل يكفي أن يكون في المسجد.

وكذا لا يشترط ترك التحدث مع الناس جملة، بل الحديث العارض ، ونحوه مما يحتاج إليه : لا بأس به ، إن شاء الله . لكن ينبغي لمن أراد تمام الأجر ألا ينشغل بالحديث مع الناس في الأمور الدنيوية بل ينشغل بالذكر والعبادة .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-14, 13:53   رقم المشاركة : 162
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يلزم البقاء في مكان صلاة الفجر كي يدرك الفضيلة ؟

السؤال :

من صلى الفجر ثم بدل المكان الذى صلى فيه ، وقعد يذكر الله ، هل يجوز أم أن عليه أن يبقى في مكانه ؟

الجواب :

الحمد لله

روى الترمذي (586) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ ) ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" برقم (3403) .

والذي يظهر أن هذا الثواب لا يشترط لحصوله بقاء المصلي في المكان الذي صلى فيه ، فما دام في المسجد يذكر الله تعالى فإنه يرجى له حصول هذا الثواب

ويدل على ذلك : إطلاق الحديث : ( مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ، ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ ) ، فلم يشترط النبي صلى الله عليه وسلم بقاءه في المكان الذي صلى فيه

فلو انتقل إلى مكان آخر داخل المسجد ، وجلس يذكر الله تعالى ، شمله الحديث ، وقد نص على ذلك بعض أهل العلم .

قال ابن رجب رحمه الله في "فتح الباري" (4/56) :

" ورد في فضل من جلس في مصلاه بعد الصبح حتى تطلع الشمس ، وبعد العصر حتى تغرب الشمس أحاديث متعددة .
وهل المراد بـ ( مُصلاه ) نفس الموضع الَّذِي صلى فِيهِ ، أو المسجد الَّذِي صلى فِيهِ كله مصلى لَهُ ؟

هَذَا فِيهِ تردد .

وفي صحيح مُسْلِم عَن جابر بن سمرة ، أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذا صلى الفجر جلس فِي مصلاه حَتَّى تطلع الشمس حسناء .

وفي رِوَايَة لَهُ : كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مُصلاه الَّذِي يصلي فِيهِ الصبح أو الغداة حَتَّى تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قام .

ومعلوم أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يكن جلوسه فِي الموضع الَّذِي صلى فِيهِ ؛ لأنه كَانَ ينفتل إلى أصحابه عقب الصلاة ويقبل عليهم بوجهه .

وخرجه الطبراني ، وعنده : كَانَ إذا صلى الصبح جلس يذكر الله حَتَّى تطلع الشمس .

ولفظة : ( الذكر ) غريبة .

وفي تمام حَدِيْث جابر بْن سمرة الَّذِي خرجه مُسْلِم : وكانوا يتحدثون فيأخذون فِي أمر الجَاهِلِيَّة، فيضحكون ويتبسم .
فهذا الحديث يدل على أن المراد بـ (مصلاه الذي يجلس فيه) : المسجد كله .

وإلى هذا ذهب طائفة من العلماء ، منهم : ابن بطة من أصحابنا وغيره " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-14, 14:06   رقم المشاركة : 163
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

الحكمة من سؤال الله تعالى : لمن الملك اليوم؟

لسؤال:

يطلع الله تبارك وتعالى إلى الدنيا فيقول : ( يا دنيا ؟ أين أنهارك ؟ أين أشجارك ؟ وأين عمارك ؟

أين الملوك وأبناء الملوك ؟ وأين الجبابرة وأبناء الجبابرة ؟

أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي وعبدوا غيري ؟ لمن الملك اليوم ؟ فلا يجيبه أحد‎ ، فيرد الله عز وجل فيقول : الملك لله الواحد القهار .

وسؤالي هو :

لماذا الرب يسأل الدنيا وهو أعلم ؟ ولماذا يسأل إذا لم تكن هناك إجابة من أحد ؟

مع أن كل شيء ينطقه لله يجب أن ينطق لماذا لم تنطق الدنيا بأنه لم يتبق أحد؟

هذا السؤال يراودني بشدة ومنذ فترة طويلة أرجو الإجابة بإقناع .



الجواب :


الحمد لله


أولا :

لم نقف على الحديث باللفظ المذكور في شيء من كتب السنة المسندة ، وإنما ذكره ـ بهذا اللفظ ـ ابن الجوزي في كتابه " بستان الواعظين" (22) ، من غير إسناد ، في سياق بعض مواعظه .

ومثل هذا الكتاب : لا تؤخذ منه رواية ، ولا يبنى على ألفاظه حكم .

وقد ورد المعنى المذكور ، (أي : هلاك الخلائق ، وموتهم جميعا ، حتى الملائكة عليهم السلام) ، مطولا جدا في حديث مشهور عند أهل العلم ، يعرف بحديث الصور .

وهذا الحديث قد رواه : إسحاق بن راهويه في "مسنده" رقم (10) ، (1/84) ، وأبو الشيخ في "العظمة" رقم (386، 387 ، 388) ، وغيرهما .

وهو حديث مضطرب ، ضعيف من عامة طرقه . وقد سبق ذكر الحديث ، وتخريجه ، وبيان من نص على ضعفه من أئمة الحديث

ثانيا :

هذا السياق الذي استشكله السائل : (سؤال الله عز وجل للخلائق ، بعد فنائهم) ، قد ثبت في الكتاب والسنة ، ما يشهد له في الجملة ، بغض النظر عن خصوص السياق الوارد في السؤال .

قال الله تعالى في كتابه الكريم : (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ * يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ *

الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) غافر/15-17 .

وروى البخاري في صحيحه (4812) ، ومسلم (2787) أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ، وَيَطْوِي السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ ؟) .

قال ابن الجوزي رحمه الله :

" قوله تعالى: ( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) : اتفقوا على أن هذا يقوله الله عزّ وجلّ بعد فَناء الخلائق.

واختلفوا في وقت قوله عزّ وجلّ له على قولين :

أحدهما: أنه يقوله عند فَناء الخلائق إِذا لم يبق مجيب. فيَرُدّ هو على نفسه فيقول: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ، قاله الأكثرون.
والثاني: أنه يقوله يوم القيامة.

وفيمن يُجيبه حينئذ قولان: أحدهما: أنه يُجيب نفسه ، وقد سكت الخلائق لقوله تعالى . قاله عطاء.

والثاني: أن الخلائق كلَّهم يُجيبونه فيقولون: «للهِ الواحدِ القهارِ» ، قاله ابن جريج ".

انتهى من "زاد المسير" (7/212) .

وينظر : "تفسير البغوي" (7/143-144) ، "السراج المنير" للخطيب الشربيني (3/475) .
"محاسن التأويل" للقاسمي (8/305) .

ثالثا :

ليس في مثل هذا السؤال إشكال ، سواء كان من رب العالمين ، وهو علام الغيوب ، أو كان من غيره ، كما قد قيل ، وبيان ذلك من وجوه :

الأول :

أنه قد قيل إن هذا السؤال وجوابه ، إنما يكون بعد بعث الخلائق وحشرهم إلى رب العالمين ، وأن الخلق كلهم يجيبونه ، كما سبق نقله عن ابن جريج ، وحينئذ ، فلا إشكال .

وقد روي هذا القول عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : "يَجْمَعُ اللَّهُ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ بِأَرْضٍ بَيْضَاءَ، كَأَنَّهَا سَبِيكَةُ فِضَّةٍ لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فِيهَا قَطُّ

فَأَوَّلُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ أَنْ يُنَادِيَ مُنَادٍ: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ؟ فيجيبوا كُلُّهُمْ: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ " .

نقله أبو حيان في "البحر المحيط" 9/245) ، وبنحوه عن ابن عطية في "المحرر الوجيز" (4/551) ، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (7/280) إلى عبد بن حميد في "تفسيره" .

وحينئذ ، فالسؤال والجواب على ظاهره ، وقد أجاب الخلائق ربهم عن سؤاله .

الثاني :

أنه إذا قُدِّر أن الجواب ليس من الخلائق ، وإنما السائل ، والمجيب : هو رب العالمين ، كما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما

قال : " إِذَا هلك من في السموات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ، فَلَا يُجِيبُهُ أَحَدٌ، فَيَرُدُّ عَلَى نَفْسِهِ: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ." .

انظر : "البحر المحيط" ، الموضع السابق .

فليس في ذلك إشكال أيضا ؛ فإن مقاصد السؤال البلاغية : أوسع بكثير من مجرد الاستفهام عن أمر لم يكن معلوما للسائل ؛ كما في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

: ( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ) .

فليس القصد من السؤال هنا : الاستعلام عن حال العباد ، كما هو مقرر معلوم ، وكما في الحديث نفسه (وهو أعلم بهم) ، وإنما الحكمة من ذلك : بيان شرف هؤلاء العباد ، والتنويه بعظيم شأنهم ، والإشادة بفضلهم عند الملائكة .

ومن مقاصد السؤال ، ما قد يكون عكس ذلك ، والسائل يعلم ـ يقينا ـ أن المسؤول لا يجيبه.

كما في صحيح مسلم (2873) من حديث عمر رضي الله عنه : " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُرِينَا مَصَارِعَ أَهْلِ بَدْرٍ، بِالْأَمْسِ، يَقُولُ: ( هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا

إِنْ شَاءَ اللهُ )، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا أَخْطَئُوا الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: فَجُعِلُوا فِي بِئْرٍ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ: (

يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَيَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ حَقًّا ؟ فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي اللهُ حَقًّا )، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تُكَلِّمُ أَجْسَادًا لَا أَرْوَاحَ فِيهَا ؟

قَالَ: ( مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرُدُّوا عَلَيَّ شَيْئًا ) .

وفي صحيح البخاري (3976) قَالَ قَتَادَةُ : " أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ، قَوْلَهُ ، تَوْبِيخًا ، وَتَصْغِيرًا ، وَنَقِيمَةً ، وَحَسْرَةً ، وَنَدَمًا " .

فقد بين قتادة رحمه الله مقاصد مثل هذا السؤال ، وإسماع هذا الكلام للكفار ، وليس في شيء منها أنه طلب خبرهم حقيقة ، ولا أنه أراد منهم أن يخبروه بشيء كان يجهله ، صلى الله عليه وسلم .

وهذا أمر شائع في لسان العرب ، دائر في أشعارهم ، أن يسأل الشاعر الأطلال ، ومنازل الأحباب ، أو يحدث ناقته وجمله

أو يأتي القبور فيناديها ويسألها ، أو نحو ذلك ، مما هو شائع معروف ، لا ينكره من له أدنى معرفة بلسان العرب وأشعارها .

وحينئذ ، يقال هنا :

ليس في شيء من ظاهر الكلام ، ولا فحواه أن الله جل جلاله أراد أن ينطق الخلائق بجواب سؤاله ، ولا أنه طلب منهم أن ينطقوا بشيء من ذلك أصلا

وإنما هذا مقام إظهار كبريائه وعظمته ، وأن من كان ينازعه الملك في الدنيا ، بقوله ودعاواه وأكاذيبه ، لا يملك ـ في ذلك اليوم العسير ـ شيئا من أمره

ولو بمجرد القول والدعوى باللسان ، ولا يقوى أن يتقدم بين يدي رب العالمين بقول ، ولا فعل .

قال الشيخ العلامة الطاهر ابن عاشور ، رحمه الله :

" وَالِاسْتِفْهَامُ : إِمَّا تَقْرِيرِيٌّ ، لِيَشْهَدَ الطُّغَاةُ مِنْ أَهْلِ الْمَحْشَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مُخْطِئِينَ فِيمَا يَزْعُمُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ مُلْكٍ لِأَصْنَامِهِمْ

حِينَ يُضِيفُونَ إِلَيْهَا التَّصَرُّفَ فِي مَمَالِكَ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ ، مِثْلَ قَوْلِ الْيُونَانِ بِإِلَهِ الْبَحْرِ وَإِلَهِ الْحَرْبِ وَإِلَهِ الْحِكْمَةِ ، وَقَوْلِ أَقْبَاطِ مِصْرَ بِإِلَهِ الشَّمْسِ وَإِلَهِ الْمَوْتِ وَإِلَهِ الْحِكْمَةِ

وَقَوْلِ الْعَرَبِ بِاخْتِصَاصِ بَعْضِ الْأَصْنَامِ بِبَعْضِ الْقَبَائِلِ مِثْلِ اللَّاتِ لِثَقِيفٍ ، وَذِي الْخَلَصَةِ لِدَوْسٍ ، وَمَنَاةَ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ .

وَكَذَلِكَ مَا يَزْعُمُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ عَلَى النَّاسِ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهِ غَيْرُهُمْ كَقَوْلِ فِرْعَوْنَ: (مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) [الْقَصَص: 38] وَقَوْلِهِ: ( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) [الزخرف: 51]

وَتَلْقِيبِ أَكَاسِرَةِ الْفُرْسِ أَنْفُسَهُمْ بِلَقَبِ: مَلِكِ الْمُلُوكِ (شَاهِنْشَاهْ) ، وَتَلْقِيبِ مُلُوكِ الْهِنْدِ أَنْفُسَهُمْ بِلَقَبِ مَلِكِ الدُّنْيَا (شَاهٍ جَهَانِ) .
وَيُفَسِّرُ هَذَا الْمَعْنَى مَا فِي الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ يَوْمِ الْحَشْرِ : ( ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ : أَنَا الْمَلِكُ ، أَيْنَ مُلُوكُ الْأَرْضِ ؟) ؛ اسْتِفْهَامًا مُرَادًا مِنْهُ : تَخْوِيفُهُمْ مِنَ الظُّهُورِ يَوْمَئِذٍ ، أَيْ : أَيْنَ هم الْيَوْم ؟ لماذَا لَمْ يَظْهَرُوا بِعَظَمَتِهِمْ وَخُيَلَائِهِمْ ؟

وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْهَامُ كِنَايَةً عَنِ التَّشْوِيقِ إِلَى مَا يَرِدُ بَعْدَهُ مِنَ الْجَوَابِ ، لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ الَّذِي يَسْمَعُ اسْتِفْهَامًا يَتَرَقَّبُ جَوَابَهُ ، فَيَتَمَكَّنُ مِنْ نَفْسِهِ الْجَوَابُ عِنْدَ سَمَاعِهِ فَضْلَ تَمَكُّنٍ ..
.
وَجُمْلَةُ : ( لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ بَقِيَّةِ الْقَوْلِ الْمُقَدَّرِ ، الصَّادِرِ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى ، بِأَنْ يَصْدُرَ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ اسْتِفْهَامٌ ، وَيَصْدُرَ مِنْهُ جَوَابُهُ .

لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلًا فِي التَّقْرِيرِ ، أَوِ التَّشْوِيقِ : كَانَ مِنَ الشَّأْنِ أَنْ يَتَوَلَّى النَّاطِقُ بِهِ الْجَوَابَ عَنْهُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) [النَّبَأِ: 1، 2] .

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَقُولَ قَوْلٍ آخَرَ مَحْذُوفٍ ، أَيْ فَيَقُولُ الْمَسْئُولُونَ: لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ إِقْرَارًا مِنْهُمْ بِذَلِكَ ، وَالتَّقْدِيرُ: فَيَقُولُ الْبَارِزُونَ : لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، فَتَكُونُ مُعْتَرِضَةً.

وَذِكْرُ الصِّفَتَيْنِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنَ الصِّفَاتِ الْعُلَى لِأَنَّ لِمَعْنَيَيْهِمَا مَزِيدَ مُنَاسَبَةٍ بِقَوْلِهِ: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) ، حَيْثُ شُوهِدَتْ دَلَائِلُ الْوَحْدَانِيَّةِ لله ، وقهره جَمِيع الطغاة والجبارين " .

انتهى من "التحرير والتنوير" (24/110-111) .

والحاصل :

أنه لا إشكال في السؤال ، أيا ما كان تقدير السائل والمجيب ، والمراد بذلك : التنبيه على عظمة الله جل جلاله ، وظهور تفرده بالملك والسلطان للخلائق ، ومثل هذه المقاصد : تعرفها العرب في لسانها ، وطرائق بيانها .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-19, 08:03   رقم المشاركة : 164
معلومات العضو
الدرة المصونة 5
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية الدرة المصونة 5
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاااك الله خيرا على مجهوداتك أخي










رد مع اقتباس
قديم 2018-09-20, 17:48   رقم المشاركة : 165
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الدرة المصونة 5 مشاهدة المشاركة
جزاااك الله خيرا على مجهوداتك أخي
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

بارك الله فيكِ
و جزاكِ الله عني كل خير

... احترامي و تقديري ....









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسلة الحديث وعلومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc