الحديث وعلومه - الصفحة 11 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحديث وعلومه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-31, 05:30   رقم المشاركة : 151
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف تواصلت المرأة لتحصيل علم الحديث ؟

السؤال:

كيف كانت عالمات الحديث يقمن بالتدريس فى المساجد ، حيث يحضر الرجال والنساء فى الحلقة ، هل كانت هناك حواجز ، وهل كان هناك تواصل بالأعين...الخ ،

وهل هؤلاء النساء كن يسافرن لتحصيل العلم بالحديث دون محرم ، حيث يعتقد بعض الناس أنه يجوز للنساء السفر لتحصيل العلم دون محرم ، بما أن السفر اليوم أكثر أمنا من ذي قبل بسبب الأمن فى المواصلات

وربما يفترضون أن التحريم فيما مضى كان لدواعٍ أمنية كقطاع الطريق في الصحراء...الخ ؟


الجواب :

الحمد لله

طلب العلم في الإسلام ليس ممارسة إنسانية فحسب ، ولكنه عبادة يتقرب بها المسلمون لربهم عز وجل ، ويبتغون بها الثواب عنده سبحانه في أعلى درجات الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .

ولما كان العلم عبادة كان المسلمون يحرصون على التزام شريعة الله في تحمله وأدائه ، ويراقبون الله عز وجل في خواطر قلوبهم ونوازع نفوسهم كي لا تميل بهم عن جادة العلم الذي يبتغى به وجه الله

ومن ذلك أن مسيرة طلب العلم لدى نساء المسلمين وفتياتهم لا بد وقد انضبطت بأحكام الشريعة أيضا ، وفي الوقت نفسه لم تكن تلك الأحكام بمانعة لهن عن استكمال طريق العلم

كما قالت عائشة رضي الله عنها : ( نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ ) رواه مسلم (رقم/332) .

والتزام طالبة العلم المسلمة – في كتب تراجم النساء والرواة والعلماء - يظهر في جوانب عدة ، هي :

أولا :

تحريم السفر بغير محرم ، فقد كان محل اتفاق بين العلماء ، ولم يستثن بعض الفقهاء والمحدثين شيئا سوى سفر الحج والعمرة الواجبين

فلا يعرف عن المرأة أنها كانت تقطع مسافات الأسفار ، وتعرض نفسها للأخطار العظيمة في تلك الأزمان إلا مع ذي محرم ، كي لا تعصي الله من حيث تريد طاعته

، وكي لا يغدو العلم الشرعي وبالا عليها يوم القيامة

ثانيا :

أما مخالطة الرجال والنظر المتبادل بين الجنسين فكان السلف الصالح من الفقهاء والمحدثين أبعد الناس عنه ، تلتزم العالمة أو طالبة العلم في مسيرتها العلمية الحجاب الكامل الذي يشمل الوجه والكفين

أو حتى تلتزم السماع والتحديث من وراء الستر والحجاب ، اقتداء بأمهات المؤمنين رضي الله عنهن ؛ فقد أخذ التابعون عن أمهات المؤمنين جميع ما رووه من مئات الأحاديث من وراء حجاب

استجابة لقول الله عز وجل : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) الأحزاب/54.

ولم يكن هذا الحكم مختصا بأمهات المؤمنين

كما يقول العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" تعليله تعالى لهذا الحكم - الذي هو إيجاب الحجاب - بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم

إذ لم يقل أحد من جميع المسلمين إن غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا حاجة إلى أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن "

انتهى من " أضواء البيان " (6/242) .

ثالثا :

وهكذا تجد في كتب التراجم العديد من المواقف التي ينص فيها على كون السماع من وراء ستر وحجاب ، استجابة لأمر الله عز وجل

فقد قال المحدثون في الجواب عن إنكار من أنكر سماع محمد بن إسحاق من فاطمة زوجة هشام بن عروة : " جائز أن يكون سمع منها وبينهما حجاب في غيبة زوجها

قال الذهبي

: ذاك الظن بهما ، كما أخذ خلق من التابعين عن الصحابيات ، مع جواز أن يكون دخل عليها ورآها وهو صبي فحفظ عنها

مع احتمال أن يكون أخذ عنها حين كبرت وعجزت ، وكذا ينبغي ، فإنها أكبر من هشام بأزيد من عشر سنين "

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (7/42)

وفي " مسند الإمام أحمد " (33/401)

: " جاء قوم من أصحاب الحديث فاستأذنوا على أبي الأشهب فأذن لهم ، فقالوا : حدثنا ، قال : سلوا، فقالوا : ما معنا شيء نسألك عنه ، فقالت ابنته من وراء الستر : سلوه عن حديث عرفجة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب " انتهى.

" وكذلك ما روي عن الإمام مالك رحمه الله حين كان يقرأ عليه " الموطأ " فإن لحن القارئ في حرف أو زاد أو نقص تدق ابنته الباب ، فيقول أبوها للقارئ : ارجع فالغلط معك ، فيرجع القارئ فيجد الغلط "

كما في " المدخل " لابن الحاج (1/215) .

وقد جاء في " الضوء اللامع لأهل القرن التاسع " (12/ 22)

في ترجمة حليمة ابنة أبي علي المزملاتي أنها " سَمِعت من وَرَاء حجاب ثمانيات النجيب على الْجمال الْحَنْبَلِيّ " .

وهكذا يمكننا تأكيد أن مسيرة المرأة في طلب العلم الشرعي كانت مثالا على الالتزام بالآداب الشرعية ، كما كانت نموذجا مثاليا أيضا في التضحية في سبيل العلم

وتحقيق الإنجاز الرفيع حتى سطرت كتب التاريخ مئات الأسماء من النساء خالدات الذكر في الدنيا ، ممن أسهمن في بناء التاريخ الإسلامي المشرق .

للاطلاع على ذلك ننصح بقراءة المراجع الآتية :

1. عناية النساء بالحديث الشريف: مشهور حسن سلمان .

2. جهود المرأة في نشر الحديث وعلومه : عفاف عبدالغفور .

3. صفحات مشرقة من عناية المرأة بصحيح البخاري" محمد بن عزوز .

4. دور المرأة في خدمة الحديث في القرون الثلاثة الأولى : آمال بنت قرداش صدر ضمن سلسلة كتاب الأمة عن وزارة الأوقاف- قطر، عدد70 .

5. جهود المرأة الدمشقية في رواية الحديث الشريف : محمد بن عزوز .

6. أعلام النساء : عمر رضا كحالة .

7. مقدمة محمد بن عزوز لتحقيق كتاب " ترقية المريدين بما تضمنته سيرة السيدة الوالدة من أحوال العارفين " للحافظ عبد الحي الكتاني .

8. فصل بعنوان " صور من سيرة المسلمة العالمة " من كتاب " عودة الحجاب " (2/580) .

9. نساء صنعن علماء : أم إسراء بنت عرفة بيومي .

10. جامع أخبار النساء من سير أعلام النبلاء : خالد بن حسين .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-08-31, 05:33   رقم المشاركة : 152
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سفر المرأة لطلب العلم بلا محرم

السؤال


ما حكم الإسلام في سفر المرأة لطلب العلم بغير محرم ؟.

الجواب


الحمد لله


أولا :

دلت الأدلة الصحيحة الصريحة على أن المرأة ليس لها أن تسافر إلا مع محرم ، وهذا من كمال الشريعة وعظمتها ، ومحافظتها على الأعراض ، وتكريمها للمرأة

واهتمامها بها ، والحرص على صيانتها وحفظها ووقايتها من أسباب الفتنة والانحراف ، سواء كانت الفتنة لها أو بها .

ومن هذه الأدلة : ما رواه البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ ، وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ

. فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ . فَقَالَ : اخْرُجْ مَعَهَا ) .

وبناء على ذلك فلا يجوز للمرأة أن تسافر لطلب العلم بغير محرم ، وعليها أن تحصّل العلم الواجب عليها بالطرق الكثيرة المتاحة ، كالاستماع للأشرطة

وسؤال أهل العلم عن طريق الهاتف ، ونحو ذلك مما يسره الله تعالى في هذه الأزمنة .

وقد سئلت اللجنة الدائمة

: هل خروج المرأة لتعلم الطب إذا كان واجبا أو جائزا ، إذا كانت سترتكب في سبيله هذه الأشياء مهما حاولت تلافيها :

أ‌ - الاختلاط مع الرجال : في الكلام مع المريض - معلم الطب - في المواصلات العامة.

ب‌- السفر من بلد مثل السودان إلى مصر ، ولو كانت تسافر بطائرة ، أي لمدة ساعات وليست لمدة ثلاثة أيام.

ج- هل يجوز لها الإقامة بمفردها بدون محرم من أجل تعلم الطب ، وإذا كانت إقامة في وسط جماعة من النساء مع الظروف السابقة.

فأجابت :

أولا : " إذا كان خروجها لتعلم الطب ينشأ عنه اختلاطها بالرجال في التعليم أو في ركوب المواصلات اختلاطا تحدث منه فتنة فلا يجوز لها ذلك ؛ لأن حفظها لعرضها فرض عين

وتعلمها الطب فرض كفاية ، وفرض العين مقدم على فرض الكفاية . وأما مجرد الكلام مع المريض أو معلم الطب فليس بمحرم

وإنما المحرم أن تخضع بالقول لمن تخاطبه وتلين له الكلام ، فيطمع فيها من في قلبه مرض الفسوق والنفاق ، وليس هذا خاصا بتعلم الطب .

ثانيا : إذا كان معها محرم في سفرها لتعلم الطب ، أو لتعليمه ، أو لعلاج مريض جاز. وإذا لم يكن معها في سفرها لذلك زوج أو محرم كان حراما ، ولو كان السفر بالطائرة

لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) متفق على صحته ، ولما تقدم من إيثار مصلحة المحافظة على الأعراض على مصلحة تعلم الطب أو تعليمه ... إلخ .

ثالثا : إذا كانت إقامتها بدون محرم مع جماعة مأمونة من النساء من أجل تعلم الطب أو تعليمه ، أو مباشرة علاج النساء جاز

وإن خشيت الفتنة من عدم وجود زوج أو محرم معها في غربتها لم يجز. وإن كانت تباشر علاج رجال لم يجز إلا لضرورة مع عدم الخلوة "

انتهى من "فتاوى الجنة الدائمة" (12/178) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-31, 05:35   رقم المشاركة : 153
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

يسأل عن معنى كلمة خريفاً التي ذكرت في بعض الأحاديث

السؤال:

أقرأ بعض الأحاديث فأجد أن فيها وحدات قياسية مثل( سبعون خريفا, أربعون خريفا ) أريد توضيح المقصود بكلمة خريف .

الجواب :

الحمد لله


المقصود بخريف في تلك الأحاديث هو ( السنة )

, وهو من باب إطلاق البعض وإرادة الكل, لأن كل سنة فيها خريف واحد ، فإذا مر سبعون خريفا ، فقد مر سبعون عاما .

وهذا من الأساليب المعروفة عند العرب

: أن يطلقوا على الشيء اسم جزء منه ؛ مثل قولهم : رأيت عينا يقصدون جاسوسا, فالعين هي بعض الجاسوس , وكذلك الخريف فهو بعض السنة وقد أطلقوه على السنة كلها.

قال في فتح الباري ( 8 / 455)

: ( الْخَرِيف زَمَان مَعْلُوم مِنْ السَّنَةِ ، وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا اَلْعَام وَتَخْصِيص اَلْخَرِيفِ بِالذِّكْرِ دُونَ بَقِيَّةِ اَلْفُصُولِ - اَلصَّيْف وَالشِّتَاء وَالرَّبِيع - لِأَنَّ اَلْخَرِيفَ أَزْكَى اَلْفُصُول لِكَوْنِهِ يُجْنَى فِيهِ اَلثِّمَارُ ) .

والله أعلم


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-04, 12:33   رقم المشاركة : 154
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



درجة حديث ( ثَلاَثٌ مِنَ العَجْزِ – أو الجفاء - فِي الرَّجُلِ ) وبيان صحة معناه

السؤال:

ما صحة حديث ( ثَلاَثٌ مِنَ العَجْزِ فِي الرَّجُلِ : أَنْ يَلْقَى مَنْ يُحِبُّ مَعْرِفَتَهُ فَيُفَارِقَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ ، وَالثَّانِي : أَنْ يُكْرِمَهُ أَحَدٌ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ كَرَامَتَهُ

وَالثَّالِثُ : أَنْ يُقَارِبَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَيُصِيبَهَا قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَهَا وَيُؤَانِسَهَا ، وَيُضَاجِعَهَا فَيَقْضِي حَاجَتَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِي حَاجَتَهَا مِنْهُ ) رواه الديلمي في " مسند الفردوس " ؟

وإن كان ضعيفاً هل من معناه صحيح ؟ .


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

الحديث المذكور في السؤال له ألفاظ متقاربة ، وهو حديث ضعيف جدّاً ، لا يصح بوجه من الوجوه ، وقد جاء مختصراً ومطوَّلاً .

أما المختصر فهو بلفظ :

( لا يَقَعَنَّ أحدُكم على امرأتِه كما تَقَعُ البَهيمةُ وليكنْ بينهما رسولٌ ) قيل : وما الرسولُ ؟ قال : ( القُبْلةُ والكَلامُ ) .

قال الحافظ العراقي – رحمه الله
- :
( رواه ) أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أنس ، وهو منكر .

" إحياء علوم الدين ، ومعه تخريج الحافظ العراقي " ( 2 / 50 ) .

وأما المطوَّل : فله ألفاظ منها ما جاء في السؤال ، ومنها :

عن أنس قال : قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثَلاثةٌ مِن الجَفَا : أنْ يُؤاخِي الرَّجلُ الرَّجلَ فَلا يَعرِف له اسْماً وَلاَ كُنْية ، وَأن يُهيِّئ الرجلُ لأخيهِ طَعاماً فَلاَ يُجِيبه

وأن يَكونَ بَيْن الرجُلِ وَأهلِه وِقاعٌ مِن غَير أن يُرسِلَ رسُولاً : المِزاحُ والقُبَل ؛ لا يَقَع أحدُكم على أَهلِهِ مِثلَ البَهِيمة على البهيمةِ ) .

وضعفه الشيخ الألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 13 / 179 حديث رقم 6075 ) .

ثانياً:

وأما ما احتواه النص من معاني فهي معانٍ صحيحة في الجملة :

أما الجملة الأولى : فلم يصح فيها شيء مرفوع ، لكن صحَّ ذلك عن بعض التابعين ، وهو معنى صحيح لا يحتاج مثله لحديث مرفوع .

وأشهر ما ورد في المسألة من الأحاديث المرفوعة حديثان :

A 1. حديث ابن عمر ( إِذا آخَيْتَ رَجُلاً فَسَلْهُ عَنِ اسْمِهِ واسْمِ أبيهِ فإنْ كانَ غَائِباً حَفِظْتَهُ وإنْ كانَ مَرِيضاً عُدْتَهُ وإِنْ ماتَ شَهِدْتَهُ ) .

وهو حديث ضعيف جدّاً كما نبَّه عليه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 1725 ) .

2. عَنْ يَزِيدَ بْنِ نَعَامَةَ الضَّبِّيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِذَا آخَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَلْيَسْأَلْهُ عَنْ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَمِمَّنْ هُوَ فَإِنَّهُ أَوْصَلُ لِلْمَوَدَّةِ ) .

رواه الترمذي ( 2392 ) وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا نَعْرِفُ لِيَزِيدَ بْنِ نَعَامَةَ سَمَاعًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ . انتهى

وينظر: " إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة " ، للبوصيري( 5 / 497 ) .

والأخوة المرادة هنا هي الأخوَّة الخاصَّة ، وقد جاء في بعض ألفاظه " إذا أحبَّ " كما رواه كذلك الإمام هنَّاد بن السري في " الزهد " ( 1 / 275 ) .

ثالثاً:

وأما الجملة الثانية : وهي ( أَنْ يُكْرِمَهُ أَحَدٌ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ كَرَامَتَهُ ) : فمعناها – كما جاء في بعض ألفاظ الأثر - أن يهيِّئ الرجل لأخيه طعاماً فلا يجيبه

وهذا مما يوقع الوحشة بين الأخوين ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ من كان صائماً تطوعاً أن يُفطر ويأكل من طعام أخيه ؛ تأليفاً للقلوب وإزالة للوحشة بينهما .

عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ قَالَ : صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فَأَتَانِي هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، فَلَمَّا وُضِعَ

الطَّعَامُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ " إِنِّي صَائِمٌ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ ) ثُمَّ قَالَ لَهُ ( أَفْطِرْ وَصُمْ مَكَانَهُ يَوْمًا إِنْ شِئْتَ ) .

رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 4 / 279 ) وحسَّنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 4 / 210 ) ، والألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 11 ) .

رابعاً:

وأما الجملة الثالثة : وهي : " أَنْ يُقَارِبَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَيُصِيبَهَا قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَهَا وَيُؤَانِسَهَا ، وَيُضَاجِعَهَا فَيَقْضِي حَاجَتَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِي حَاجَتَهَا مِنْهُ " : فهي صحيحة المعنى

وقد ذكر العلماء أن من آداب الجماع أن يسبقه الزوج بالكلام والتقبيل وأن لا يباشر بالجماع دونهما ، كما نبَّهوا على حق المرأة في الاستمتاع بزوجها

فلا ينبغي له إذا أولج فأنزل أن يقوم عنها حتى يعلم أنها قضت حاجتها منه .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

وممَّا ينبغى تقديُمُه على الجِماع : ملاعبةُ المرأة ، وتقبيلُها ، ومصُّ لِسانها ، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلاعبُ أهله ، ويُقَبلُها .

" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 4 / 253 ) .

وقال الغزالي – رحمه الله - :

ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضاً نَهْمتها ؛ فإن إنزالها ربما يتأخر فتَهيجُ شهوتُها ، ثم القعود عنها إيذاءٌ لها

والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقاً إلى الإنزال ، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ، ولا يشتغل الرجل بنفسه عنها فإنها ربما تستحي .

" إحياء علوم الدين " ( 2 / 50 ) .

فتبين مما سبق أن الحديث الوارد نصُّه في السؤال لا يصح من حيث إسناده ، وأما ما تضمنه من المعاني والإرشادات : فهي صحيحة ، لا غبار عليها .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-04, 12:38   رقم المشاركة : 155
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ثبت في السنَّة صلاةٌ في آخر جمعة من رمضان تكفِّر إثم من فاتته صلوات مفروضة ؟

السؤال:

أريد من سيادتكم أن توضحوا لي : ما صحة هذا الحديث الذي ورد في فضل الصلاة في آخر جمعة من شهر رمضان ، حيث ورد فيه ( من فاته صلاة في حياته عليه أن يصلى 4 ركعات بتشهد واحد وأن يقرأ

فاتحة الكتاب وسور الكوثر والقدر 15 مرة في كل ركعة ) ! على أن تكون نيته كفارة لما فاته من صلوات ، وعن فضله : أنها مكفرة لـ 400 سنة ! وقال الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه : إنها مكفرة لـ 1000 سنة ! .


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

من ترك صلاة مفروضة حتى خرج وقتها فلا يخلو إما أن يكون قد تركها لعذر كنوم أو نسيان ، أو يكون تركها لغير عذر ، فمن تركها لعذر فلا إثم عليه ، ويجب عليه أن يصليها متى استيقظ أو تذكَّر

ومن تركها عامداً فهو آثم إثماً عظيماً ويلزمه قضاؤها عند كثير من العلماء ، واختار آخرون أنه لا يقضيها ، وإنما عليه التوبة والاستغفار والندم والإكثار من العمل الصالح .

وانظر جواب السؤال رقم القادم

ثانياً :

ما يروى من أن هناك صلاةً يصليها من ترك صلاة متعمِّداً حتى خرج وقتها لتكون كفارة لفعله : فهو كذب على الشرع ، وإليك طائفة من أقوال العلماء في ذلك :

1. قال الشوكاني رحمه الله :

"حديث ( من صلى في آخر جمعة من رمضان الخمس الصلوات المفروضة في اليوم والليلة قضت عنه ما أخل به من صلاة سنَته ) : هذا موضوع لا إشكال فيه

ولم أجده في شيء من الكتب التي جمع مصنفوها فيها الأحاديث الموضوعة ، ولكنه اشتهر عند جماعة من المتفقهة بمدينة " صنعاء " في عصرنا هذا ، وصار كثير منهم يفعلون ذلك !

ولا أدري مَن وضعه لهم ، فقبَّح الله الكذابين" انتهى .

" الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " ( ص 54 ) .

2. وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"الصلاة عبادة ، والأصل فيها : التوقيف ، وطلب قضائها وبيانه : تشريع ، وذلك لا يصح أن يرجع فيه إلا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإجماع المستند إليهما

أو إلى أحدهما ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم ، ولا عن أئمة الهدى رحمهم الله : أنهم صلوا هذه الصلاة أو أمروا بها وحثوا عليها

أو رغبوا فيها ، ولو كانت ثابتة لعرفها أصحابه رضي الله عنهم ، ونقلوها إلينا ، وأرشد إليها أئمة الهدى من بعدهم ، لكن لم يثبت ذلك عن أحد منهم قولاً أو فعلاً

فدل ذلك على أن ما ذكر في السؤال من صلاة " القضاء العمري " : بدعة في الشرع لم يأذن به الله ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) – متفق عليه -

وإنما الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقضى من الصلوات ما فات الإنسان لنوم أو نسيان حتى خرج وقته ، وبيَّن لنا أن نصليها نفسها إذا استيقظنا أو تذكرناها ، لا في آخر جمعة من رمضان"

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 8 / 167 ، 168 ) .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .
3. وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

هناك جماعة من الناس عندهم عادة في رمضان وهي صلاتهم الفروض الخمسة بعد صلاة آخر جمعة ويقولون : إنهاء قضاء عن أي فرض من هذه الفروض لم يصله الإنسان أو نسيه في رمضان ، فما حكم هذه الصلاة ؟ .

فأجاب :

"الحكم في هذه الصلاة : أنها من البدع ، وليس لها أصل في الشريعة الإسلامية ، وهي لا تزيد الإنسان من ربه إلا بُعداً ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (كل بدعة ضلالة

وكل ضلالة في النار) فالبدع وإن استحسنها مبتدعوها ورأوها حسنة في نفوسهم : فإنها سيئة عند الله عز وجل ؛ لأن نبيه صلى الله عليه وسلم يقول

: (كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار) وهذه الصلوات الخمس التي يقضيها الإنسان في آخر جمعة من رمضان : لا أصل لها في الشرع

ثم إننا نقول : هل لم يخلَّ هذا الإنسان إلا في خمس صلوات فقط ؟! ربما أنه أخل في عدة أيام لا في عدة صلوات
.
والمهم : أن الإنسان ما علم أنه مخلٌّ فيه : فعليه قضاؤه متى علم ذلك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) – متفق عليه -

وأما أن الإنسان يفعل هذه الصلوات الخمس احتياطاً - كما يزعمون - : فإن هذا منكر ولا يجوز" انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 12 / 227 ، 228 ) .

4. وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

قرأتُ حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول فيه : (من فاتته صلاة في عُمُره ولم يحصها فليقم في آخر جمعة من رمضان وليصل أربع ركعات بتشهد واحد ، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب

وسورة القدر خمس عشرة مرة ، وسورة الكوثر كذلك ، ويقول في النية : نويت أصلي أربع ركعات كفارة لما فاتتني من الصلاة" ) ! فما مدى صحة هذا الحديث ؟ .

فأجاب :

"هذا لا أصل له في سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم ، الذي ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ) – متفق عليه

- الصلوات التي تركتها فيما سبق : إذا كنت تركتها لأجل نوم - مثلا - أو إغماء أو لعذر ظننت أنه يجيز لك تأخيرها : فالواجب عليك أن تقضيها ، وأن تصليها مرتبة ، فإذا كنت تركتها متعمِّداً :

فالصحيح من قولي العلماء : أن عليك التوبة إلى الله ؛ لأن من ترك الصلاة متعمداً : فأمره خطير ، حتى ولو لم يجحد وجوبها ، فإن الصحيح أنه يكفر بذلك

فعليك أن تتوب إلى الله إن كنت تركتها متعمداً ، وأن تحافظ على الصلاة في مستقبلك ، والله يتوب على من تاب .

أما إن كنت تركتها من نوم أو إغماء ، أو غير ذلك مما حال بينك وبين أدائها في وقتها : فإنك تقضيها ولا بدَّ ، أما أن تصلي هذه الصلاة التي ذكرتها في آخر رمضان على هذه الصفة :

هذا لا أصل له من دين الإسلام ، ولا يكفر عنك الصلوات التي تركتها" انتهى .

" مجموع فتاوى الشيخ صالح الفوزان " ( 1 / 303 ، 304 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-04, 12:46   رقم المشاركة : 156
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم قضاء الصلاة الفائتة

السؤال

أسلمت حديثا ، وعندي مجموعة أسئلة أرغب في الحصول على أجوبتها، وأظن أنك ستجد في بعضها شيئاً من الغباء الشديد .

ماذا أقول عندما أصلي ؟

والداي على البوذية ، ووالدي هو الوحيد في العائلة الذي يعلم بأمر إسلامي ، وأفراد العائلة أحيانا يدعونني لتناول الطعام معهم ، لكني لا آكل لحم الخنزير، أو أي طعام يحتوي على أمور محرمة أعرفها

لكني أسأل عن الدجاج وأنواع اللحوم الأخرى كالسمك مثلا ، والتي لم يذبحها مسلم ، أهي محرمة ؟ وهل أكون قد وقعت في معصية (لأكلي من تلك الأطعمة) ؟

كيف أتوب إلى الله سبحانه وتعالى من المعاصي التي وقعت فيها ؟ وكيف أحصل على غفرانه عن المعاصي اليومية التي وقعت فيها ؟

إذا فاتتني صلاة الصبح ، أو الظهر، أو أي فرض من الفروض الخمسة ، فهل أكون قد وقعت في معصية، وكيف يُغفر لي ؟

كيف أتعلم القراءة والذكر أثناء الصلاة ، وأتعلم أيضا قراءة القرآن بالعربية ؟

على الأقل الكلمات الأساسية التي يجب أن تقال خلال الصلاة . جميع الأطعمة البحرية ، أحلال هي أم حرام ؟.


الجواب

الحمد لله

أولاً :

نشكر لك ثقتك بموقعنا ، ونسأل الله أن نكون عند حسن الظن ، وأن يمنَّ عليك بالتوفيق والرشاد ، كما نشكر لك مبادرتك في تعلم ما جهلته ، وهذا هو الواجب على كل مسلم

والمرء لا يولد عالماً ، وكما قال صلى الله عليه وسلم : ( إنما العلم بالتعلم ) حسنه ابن حجر في فتح الباري ، ولا تظن بأن السؤال عما تجهله يُعتبر غباءً ، بل هو أمر مطلوب يُحمد عليه الإنسان .

ثانياً :

بالنسبة للأسئلة المتعلقة بالصلاة فتجد في


.https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2137434

ثالثاً :

وأما ما يتعلق بالقراءة في الصلاة باللغة العربية أو غيرها فتجد في السؤال رقم ( 3471 ) إجابة وافية بإذن الله عن هذا الأمر .

ونوصيك بالحرص الشديد على تعلم اللغة العربية على الأقل فيما يتعلق بسورة الفاتحة وأركان وواجبات الصلاة وذلك متيسر ، إما بالأخذ عن مسلم يحفظها ويحسن قراءتها

أو دخول مواقع في الشبكة تحتوي على تسجيل صوتي للقرآن الكريم ، والاستماع إليها ، وحفظها من هناك .

رابعاً :

بالنسبة لتفويت الصلاة فإنه لا يخلو من حالين :

الأولى : أن تفوت الصلاة من غير قصد منك بل لعذر شرعي كنسيان أو نوم مع حرصك الشديد في الأصل على أدائها في وقتها

ففي هذه الحال تكون معذورا ويجب عليك قضاؤها بمجرد ذكرك لها والدليل على ذلك ما ورد في صحيح مسلم (681 ) في قصة نوم الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن صلاة الفجر فَجَعَلَ الصحابة بَعْضُهم يَهْمِسُ إِلَى بَعْض :"

مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْنَا بِتَفْرِيطِنَا فِي صَلاتِنَا " فقَالَ رسول الله : " أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلاةِ الأُخْرَى فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا ".

وليس معنى ذلك أن الإنسان ينام متعمداً عن الصلاة حتى تفوته ثم يعتذر بالنوم أو يفرط في السبل التي تعينه على القيام لها ثم يعتذر بذلك

بل عليه أن يبذل كل ما يستطيعه من أسباب كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الحادثة فإنه أوكل شخصا بالبقاء مستيقظا ليوقظهم للصلاة لكنه غلبه النعاس فلم يوقظهم

فهذه الحال هي التي يُعذر فيها الإنسان .

الثانية : أن تفوته الصلاة عامداً متعمدا فهذه معصية عظيمة وجُرم خطير حتى أن بعض العلماء يفتي بكفر فاعل ذلك ، ( كما في مجموع فتاوى ومقالات سماحة الشيخ ابن باز ( 10/ 374 ) .

فهذا يجب عليه التوبة الصادقة النصوح ، بإجماع أهل العلم ، وأما قضاؤها فقد اختلف أهل العلم هل تقبل منه لو قضاها بعد ذلك أو لا تقبل ؟ فأكثر العلماء على أنه يقضيها وتصح منه مع الإثم { يعني إذا لم يتب – والله أعلم - }

كما نقله عنهم الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع ( 2 / 89 ) والذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أنها لا تصحّ ، بل ولا يشرع له قضاؤها .

قال رحمه الله في الاختيارات ( 34 ) :

" وتارك الصلاة عمدا لا يشرع له قضاؤها ، ولا تصح منه ، بل يكثر من التطوع

وهو قول طائفة من السلف ." وممن رجح هذا القول من المعاصرين الشيخ ابن عثمين رحمه الله في الموضع السابق واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ) متفق عليه .

فيجب عليك أن تحذر من هذا الأمر أشد الحذر وأن تحرص على أداء الصلاة في أوقاتها كما قال تعالى : ( إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً ) النساء / 103 .

وما سألت عنه من أطعمة بحرية فهي حلال في الأصل كلها لقوله تعالى : ( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم ) المائدة / 96 .

نسأل الله أن يوفقك لتعلم العربية والتفقه في الدين ، والتزوّد من الصالحات ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-04, 12:52   رقم المشاركة : 157
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيف أبدأ في طلب علم الحديث ؟

السؤال


ما قولكم في الذي يريد طلب علوم الحديث ، كيف أبدأ ، مع العلم أني تبحرت في العقيدة ولله الحمد ، وأجد نفسي تميل كثيراً لعلوم الحديث ، وأريد أن أبدأ وأحتاج نصحكم ؟

الجواب :

الحمد لله


يمكننا أن نجمل النصيحة في منهجية طلب علوم الحديث الشريف بالأمور الآتية :

أولاً :

العناية التامة بحفظ متون السنة النبوية ، إذ هي الغاية والثمرة التي نصب العلماء لأجلها علوم الحديث جميعها ، فلا يجوز لطالب العلم أن ينشغل بالوسيلة عن الغاية .

وحفظ متون السنة النبوية يبدأ بحفظ الأحاديث المتفق عليها بين الصحيحين ، ثم حفظ ما انفرد به البخاري ، ثم حفظ ما انفرد به مسلم ، لتنتهي بذلك المرحلة الأولى الأهم في تكوين العقلية الحديثية لدى طالب علم الحديث .

وينتقل بعدها إلى حفظ زوائد الكتب الستة والمسانيد المشهورة على أحاديث الصحيحين ، ويستعين عليها بالكتب الكثيرة التي اعتنت بجمع هذه الزوائد وترتيبها .

وأفضل طرق الحفظ تكرار المحفوظ على مدى أيام عدة بعد اليوم الذي حفظ فيه ، وهي الطريقة التي نصح بها الزرنوجي رحمه الله حين قال :

" ينبغي لطالب العلم أن يعد ويقدر لنفسه تقديراً في التكرار ، فإنه لا يستقر قلبه حتى يبلغ ذلك المبلغ ، وينبغي أن يكرر سبق الأمس – يعني ما حفظه بالأمس - خمس مرات

وسبق اليوم الذي قبل الأمس أربع مرات ، والسبق الذي قبله ثلاث ، والذي قبله اثنين ، والذي قبله واحد ، فهذا أدعى إلى الحفظ والتكرار" انتهى.

"تعليم المتعلم" (ص/60)

فإن لم يتمكن الطالب من الحفظ التام فلا أقل من الاستكثار من قراءة هذه الأحاديث حتى يستحضرها الذهن ، ويستوعبها القلب ، ويسهل تذكرها على الذاكرة .

وقد سبق التفصيل في هذا الموضوع في جواب السؤال القادم

ثانياً :

لا بد أن يهتم طالب علم الحديث بحفظ مدارات الأسانيد وما استطاع من أسماء الرواة وتراجمهم ، فأسانيد السنة النبوية تنقسم – من حيث شهرتها – إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : أسانيد أساسية ، تروى بالإسناد الواحد منها مئات الأحاديث ، وتعتبر ركيزة من الركائز التي نقلت إلينا السنة النبوية ، بل ليس من كتب السنة كتاب إلا وهو معتمد عليها ، ومكثر منها ، وذلك :

كإسناد : الأعمش ، عن ذكوان أبي صالح السمان ، عن أبي هريرة .

وإسناد : الزهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة .

وإسناد : حماد بن سلمة ، عن ثابت بن أسلم ، عن أنس .

وإسناد : عبيد الله بن عمر العمري ، عن نافع ، عن ابن عمر .

ويمكن استخراج هذه السلاسل الإسنادية التي تروى بها مئات الروايات من خلال كتاب " تحفة الأشراف " للإمام المزي .
كما يمكن الاستعانة بحفظ رواتها

ورجالها بكتاب : " طبقات المكثرين من رواية الحديث "، تأليف الشيخ : عادل الزرقي . وتقديم العلامة : عبد الله السعد . طبعته : دار طويق .

فإذا اعتنى طالب علم الحديث بهذه الأسانيد وحفظها ، ثم بدأ بتنزيل هذه الأسانيد على المتون التي سبق له حفظها من كتب السنة :

فقد استودع في قلبه بذلك مئات الأحاديث بأسانيدها ، وبدأ بذلك مرحلة جديدة من التمكن الأصيل في هذا العلم الشريف .

القسم الثاني : أسانيد أقل شهرة ، تروى بها عشرات الروايات ، ولكنها تشتمل على بعض الإشكالات المشهورة ، كالانقطاع ، أو التدليس ، أو الإرسال ، ونحو ذلك

ويمكن الاطلاع على بعض هذه الأسانيد في كتاب : " تحفة التحصيل " للعلائي .

فإذا اعتنى طالب العلم بهذه الأسانيد أيضاً ، واستظهر إشكالاتها الحديثية : فقد قطع شوطاً كبيراً في التمكن من هذا الفن .

وأما القسم الثالث : فهي أسانيد الأحاديث الموضوعة والضعيفة ، التي رويت بها أحاديث كثيرة أيضاً ، فهي أيضا مما لا بد من عناية طالب العلم بها

إذ يقبح بالمتخصص أن يخفى عليه ما اشتهر بين علماء الحديث بالضعف والنكارة أو الوضع ، ولتحقيق ذلك لا بد من إدمان القراءة في كتاب : " ميزان الاعتدال " للإمام الذهبي

وكتاب : " الكامل في ضعفاء الرجال " لابن عدي ، وكتاب : " الموضوعات " لابن الجوزي .

ثالثاً :

فإذا قطع طالب علم السنة النبوية شوطا كبيرا في حفظ متون السنة واستظهارها : شرع بعد ذلك في استشراح تلك المتون ، ومعرفة غريبها وأوجه تفسيرها

وقد قال الخطيب البغدادي رحمه الله

: " العلم هو الفهم والدراية ، وليس بالإكثار والتوسع في الرواية "

انتهى. " الجامع لأخلاق الراوي " (ص/174)

ولكن يجب أن يتنبه طالب العلم إلى ضرورة الاقتصار – في بداية الطلب - على الشرح المختصر الذي يحل الغريب ، ولا يطول في بيان المسائل الفقهية والعلمية

فذلك أمر يطول على الطالب ، ويتشعب به إلى أودية قد لا يحسن الخروج منها ، فحبذا لو قرأ شرحاً مختصراً ، ككتاب " المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم " للإمام القرطبي

وكتاب " المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج " للإمام النووي ، فيلخص معنى الحديث وشرح مفرداته من هذه الكتب على نسخته الخاصة التي حفظ منها الحديث نفسه

حتى إذا ما راجع محفوظه من السنة النبوية رافق ذلك الاطلاع على توضيحٍ مختصرٍ للحديث ، فجمع بين فضيلتين .

أما العناية بالمسائل الفقهية المستنبطة من الحديث فذلك شأن آخر ، لا ينبغي تأصيله من كتب شروح الحديث ، وإنما من كتب الفقه التي ترتب مسائل الفقه على طريقة الأصول والفروع المبنية على واحد من المذاهب الأربعة .

رابعاً :

في علوم " مصطلح الحديث " ننصح طالب العلم أن يعتني بكتاب : " تحرير علوم الحديث " للشيخ عبد الله الجديع ، قراءة ، ومدارسة ، وحفظاً لمسائله

فهو كتاب رائد في بابه ، تميز بتأصيل علوم الحديث من خلال الواقع العملي لمسالك النقاد ، ومن خلال استقراء جميع التأصيلات النظرية الواردة في كتب العلل والتراجم ، فضلاً عن كتب مصطلح الحديث الأخرى .

فإن طال الكتاب على الطالب ، أو كان مبتدئاً في الطلب : اقتصر على " نزهة النظر شرح نخبة الفكر " للحافظ ابن حجر ، أو عمل تلخيصاً لكتاب الشيخ عبد الله الجديع ، واعتنى بهذا الملخص

حتى إذا ما أتقنه انطلق يتوسع في قراءة الكتب الأخرى ، وأهمها : " النكت على ابن الصلاح " للحافظ ابن حجر ، و" فتح المغيث " للحافظ السخاوي .

خامساً :

لا بد من حصص كافية من القراءة في نوعين آخرين من الكتب :

النوع الأول : كتب العلل والتخريج التي هي بمثابة التطبيق العملي لعلوم الحديث الشريف ، فيطلع الطالب من خلالها على نماذج واسعة من الأحكام الحديثية والفوائد الإسنادية ، فتنفتح له آفاق البحث والنظر .

النوع الثاني : الدراسات المعاصرة للمتخصصين في فنون الحديث الشريف ، مثل كتب العلامة عبد الرحمن المعلمي رحمه الله ، وكذلك الرسائل العلمية المتخصصة

ونحن نعيش اليوم – بحمد الله – نهضة علمية حديثية لا تكاد تجد لها نظيراً في العصور المتأخرة من تاريخ العلم الشرعي ، وكثير من هذه الدراسات تشتمل على مناقشات علمية متمكنة ، ومباحثات مهمة في مسائل ضرورية

لا ينبغي لطالب علم الحديث أن يقصر نظره عنها ، أو يعزب فكره عن العناية بها ، وسيجد أنه بقراءته في هذه الدراسات المعاصرة سيزيد من رصيد تمكنه

وتتوسع مداركه ، وتنقدح في ذهنه الكثير من المباحث التي تحتاج إلى دراسة وتأمل ، فلعله يساهم في تحقيق ذلك .

وقبل ذلك كله تذكير النفس بتقوى الله تعالى ، فهي غاية كل العلوم ، ومن اشتغل بالعلم عن العمل فقد ضل وهلك ، بل الواجب أن يُرى أثر العلم في تخشع المتعلم وتواضعه واشتهار خلقه وأدبه بين الناس .

عن الحسن البصري رحمه الله قال :

" كان الرجل يطلب العلم ، فلا يلبث أن يُرى ذلك في تخشعه وهديه ولسانه ويده " انتهى.

" الزهد " لعبد الله بن المبارك (رقم/79)

ويقول ابن الصلاح رحمه الله :

" من أراد التصدي لإسماع الحديث أو لإفادة شيء من علومه : فليقدم تصحيح النية وإخلاصها ، وليطهر قلبه من الأغراض الدنيوية وأدناسها ، وليحذر بلية حب الرئاسة ورعوناتها " انتهى.

" علوم الحديث " (ص/213)

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-04, 13:04   رقم المشاركة : 158
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

محتار بين حفظ بلوغ المرام أو الجمع بين الصحيحين

السؤال

أنا محتار ومتردد بين حفظ : " بلوغ المرام "، وبين حفظ : " الجمع بين الصحيحين " في العطلة القادمة في الصيف ، وأخشى أن أدخل دورة الصحيحين ثم لا أستطيع أن أواصل في الحفظ

حيث إن المقرر حفظ (20) وجها يوميا . فما مشورة إخواني طلاب العلم في الموقع ؟


الجواب

الحمد لله

نصيحتنا لك ألا تتردد في دخول دورة حفظ الصحيحين ، وأن تقدمها على كل مشروع علمي تشتغل به الآن ، فقد لمسنا فيها الخير الكبير ، والفائدة العظيمة ، والحق يقال : إنها من نعم الله تعالى على طلبة العلم في هذه الأيام

أن يجد الطالب – في مقتبل الطلب - فرصةَ التفرغ لحفظ أهم مصدر من مصادر الشريعة بعد كتاب الله تعالى ، ويقضي أيامه وأوقاته بين يدي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم

يحفظ عباراته ، ويستظهر أقواله وأفعاله وسيرته صلى الله عليه وسلم ، وقد يكون ذلك في المسجد الحرام ، أو في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم .

فأي نعمة أعظم من هذه النعمة !

وأي فرصة ينتظر طالب العلم كي يحقق إنجازا عظيما كحفظ الصحيحين ؟!

والله سبحانه وتعالى لا يخيب رجاء طالبٍ صادقٍ لجأ إليه سبحانه أن يعينه على الحفظ والفهم ، وتوكل عليه سبحانه أن يسهل عليه كل عسير

ثم جلس في الروضة الشريفة يرجو أن يفتح الله عليه كما فتح على الإمام البخاري الذي كتب السنة والتراجم على ضوء القمر في هذا المكان المبارك .

هل ترى أخي الكريم أن الطالب الذي امتلأ قلبه بحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتمنى أن لو رآه بنفسه وماله وولده ، واحتسب أن ييسر الله له بطلبه العلم سبيل الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين

هل ترى مثل هذا الطالب يخيب سعيه ، ولا يرجع بالعلم والأجر والفضل ، أم تراه وقع فيما سيندم عليه ، ويراه – في مستقبل الأيام – مشغلة ومضيعة؟!

وقد سمعنا عن بعض أهل العلم المعاصرين من كاد قلبه يتفطر ألما أن فرصة مثل هذه فاتته في بداية طلبه ، فلا تُفَوِّت أنت الفرصة ، وبادر إلى الخير ، واستعن بالله عز وجل .

أما حيرتك بين حفظ " الجمع بين الصحيحين " ، وحفظ " بلوغ المرام " : فنحن نميل إلى أن حفظ الأول أولى وأفضل من نواحٍ عديدة :

أولا : حفظ واستظهار أحاديث الصحيحين يعني استيعاب – ولو بقدر ما – المصدر الثاني من مصادر التشريع ، وهي السنة التي عليها مدار الدين والشريعة ، وذلك يخلق في نفس الطالب قوة علمية تأصيلية متينة .

ثانيا : في حفظ " الجمع بين الصحيحين " أولا تدرج منهجي في حفظ السنة النبوية ، فالبداية في الأحاديث المتفق عليها ، ثم مفردات البخاري ، ثم مفردات مسلم ، ثم يستكمل الطالب زوائد السنن والمسانيد على الصحيحين

وهكذا حتى يستكمل حفظ مجمل السنة النبوية ، ولا شك أن التدرج في الحفظ ينظم عقلية الطالب ، ويرفع همته وهو يستشعر إنجاز مراحل الحفظ مرحلة بعد أخرى .

ثالثا : البداية بحفظ " الجمع بين الصحيحين " تسهل على الطالب معرفة مخرج الحديث ومصدره ، أما البداية بكتب أحاديث الأحكام المنتقاة من كتب السنة كثيرا ما تؤدي إلى اختلاط مصادر الأحاديث في ذهن الطالب

فلا يكاد يستحضر من أخرج الحديث من أصحاب الكتب الستة .

رابعا : استحضار أحاديث الصحيحين يخلق في نفس الطالب دافعا قويا لاستكمال حفظ كتب السنة ، فقد لمس فعليا إمكانية استظهار أحاديث أعظم كتابين من كتب السنة

فلا يرى حائلا يحول دون استكمال زوائد السنن إلا الوقت ، وهذا حافز مهم جدا في النجاح والإبداع .

خامسا : مَن حفظ " الجمع بين الصحيحين " فهو أقدر على استكمال واستظهار أحاديث الأحكام من كتبها : كـ " المنتقى "، و " المحرر "، و " بلوغ المرام "

فإن هذه الكتب اقتصرت فقط على أحاديث الأحكام ، أما الصحيحان فهما يشملان الأحاديث في أبواب الدين جميعها
.
أما خشيتك من الضعف أو العجز عن اجتياز الدورة وإتمام النصاب المطلوب من الحفظ ، فيمكننا أن نقدم لك فيه

نصيحتين لعل فيهما إزالة هذه الخشية :

أما النصيحة الأولى : فهي أن تتذكر أن العقل البشري بحاجة إلى تدريب وتدرج في الحفظ ، تماما كما يتدرب الرياضي بعضلات جسمه لتعتاد على بذل المجهود البدني الكبير

ولذلك قد تجد صعوبة على الحفظ في بداية أسابيع الدورة ، ولكنك ستجد نفسك شيئا فشيئا أقدر على الحفظ والتسميع .

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله :

" أي عضو كثرت رياضته قوي ، وخصوصا على نوع تلك الرياضة ، بل كل قوة فهذا شأنها ، فإن من استكثر من الحفظ قويت حافظته ، ومن استكثر من الفكر قويت قوته المفكرة ، ولكل عضو رياضة تخصه " انتهى.

"زاد المعاد" (4/225)

وهذا أمر مجرب مشاهد ، فلا تستجب لتثبيط الشيطان لك ، فليس جميع من يشترك في دورات الحفظ هم من النوابغ العباقرة ، ولست أقل شأنا من أي مشترك

وقد شاهدنا وسمعنا وقرأنا عن صغار لم يبلغوا الحلم أتموا الحفظ المتقن لهذه الكتب المباركة ، كما شاهدنا من الكبار الذي تجاوزوا الخمسين من استطاع أن يحفظها أيضا

كل ذلك بفضل الله أولا ، ثم بفضل العزيمة والتوكل على الله عز وجل .

أما النصيحة الثانية : فهي أن تحافظ على برنامج يومي لمراجعة ومذاكرة المحفوظ أثناء الدورة وبعدها ، وتيقن أن برنامج المراجعة أهم وأولى وأعظم شأنا بكثير من برنامج الحفظ

لأن الحفظ لا يثبت إلا بالمذاكرة والمراجعة والتكرار ، وهذا يحتاج إلى أيام طويلة ، فاحتفظ بقدر – ولو يسير – بالمراجعة ، وإلا فلا تدخل طريق الحفظ

فهو طريق لا يفلح فيه إلا من حافظ على نصاب يومي في المراجعة .

يقول الإمام الزهري رحمه الله :

" إنما يُذهِبُ العلمَ النسيانُ وتركُ المذاكرة " انتهى.

"الفقيه والمتفقه" للخطيب البغدادي (3/63)

ولعل من أفضل الطرق التي نرشدك إليها في هذا الصدد ، ما ذكره الزرنوجي - في رسالته " تعليم المتعلم طريق التعلم " (ص/41- 42) - وجربه كثير من طلبة العلم ونفعهم الله بها

وهي طريقة تجمع بين النفع والسهولة ، حيث يقول رحمه الله :

" وينبغي لطالب العلم أن يكرر سَبْق - يعني : المقدار الذي يحفظه - الأمس خمس مرات ، وسبق اليوم الذي قبل الأمس أربع مرات

والسبق الذي قبله ثلاث مرات ، والذي قبله اثنين ، والذي قبله مرة واحدة ، فهذا أدعى إلى الحفظ " انتهى.

وأخيرا ، فالحفظ كله خير إن شاء الله تعالى ، والأهم منه المذاكرة المستمرة ، والفهم الصحيح ، والعمل بما علم ، وتقوى الله تعالى سبب التوفيق والنجاح .

إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى فأوَّلُ ما يجني عليه اجتهادُه.

يقول ابن عباس رضي الله عنهما :

" إنما يحفظُ الرجلُ على قدر نيته " انتهى.

"الجامع لأخلاق الراوي" (2/257)

وانظر نصائح مهمة ذكرها الخطيب البغدادي في العون على الحفظ ،

في " الجامع لأخلاق الراوي" (2/249-279)

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-08, 06:19   رقم المشاركة : 159
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



حديث ( ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي )

السؤال

ما قولكم في هذا الحديث الوارد في صحيح مسلم - كتاب الوصية ( باب تَرْكِ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ شيء يُوصِي فِيهِ )‏ : 4319- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ

وَاللَّفْظُ لِسَعِيدٍ - قَالُوا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الاَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : يَوْمُ الْخَمِيسِ ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ؟! ثُمَّ بَكَى حَتَّى بَلَّ دَمْعُهُ الْحَصَى ‏. فَقُلْتُ : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ

وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ؟ قَالَ : اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ ‏.‏ فَقَالَ ‏"‏ ائْتُونِي اَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدِي ‏"‏ ‏.‏ فَتَنَازَعُوا وَمَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ ‏.‏ وَقَالُوا : مَا شَاْنُهُ ؟! أَهَجَرَ ؟!

اسْتَفْهِمُوهُ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ دَعُونِي فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ ، اُوصِيكُمْ بِثَلاَثٍ : أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ أَوْ قَالَهَا فَاُنْسِيتُهَا .

وهناك لسان آخر للحديث يتبع هذا المعنى 4321- حدَّثَنَا اِسْحَاقُ بْنُ اِبْرَاهِيمَ، اَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ : يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ ‏

.‏ ثُمَّ جَعَلَ تَسِيلُ دُمُوعُهُ حَتَّى رَاَيْتُ عَلَى خَدَّيْهِ كَاَنَّهَا نِظَامُ اللُّؤْلُؤِ ‏.‏ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ائْتُونِي بِالْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ - اَوِ اللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ - اَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ اَبَدًا ‏"‏ ‏

.‏ فَقَالُوا اِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهْجُرُ . أرجو تبيان المعنى الذي تتضمنة الرواية إن صدقت : فهل يصح أن يكون هناك تعالي على مكان ومقام النبي صلى الله عليه وسلم ؟

وهل يحق لأحد أن يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من أمر هو قاضيه ، وهو المسدد ؟

وهل يحق أن نحاسب النبي صلى الله عليه وسلم كما نحاسب أنفسنا بأن يصل عقله إلى حد التخريف والعياذ بالله ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين لطاعته وخدمة دينه وشرعه .

ثم نوصيك بالعناية بثوابت الدين المتمثلة بأركان الإسلام والإيمان ، وبكليات الشريعة المتمثلة بالقواعد الفقهية والمقاصد العامة ، المقررة في مئات النصوص القطعية من الكتاب والسنة

فهي الآيات المحكمات التي جعلها الله سبحانه وتعالى عصمة للدين من التحريف والتبديل ، وعصمة لمن خشي على نفسه الفتنة والغواية .

يقول الله عز وجل : ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) آل عمران/7

وليست هذه العصمة في الكتاب فقط ، بل العلومُ كلُّها – بطبيعتها - مبنيةٌ على محكمات وثوابت يعرفها أهلها

والمتخصصون بها ، فلا تشكل عليهم شيء من فلتات الأحداث أو الكلمات أو المواقف التي تعارض تلك الأصول ، فالفرع المظنون لا يهدم الأصل الراسخ ، لا في منطق الشرع ولا في منطق العقل .

ولعل الغفلة عن هذه الفكرة سبب أكثر أخطاء المشتغلين بالثقافة اليوم ، سواء كانت ثقافة علمية شرعية أم علمية إنسانية ، فتجد مَن يصدر برأيه متشبثا بسياق مختلف عن السياق العام الذي يحكم ذلك الفكر

بناء على أفرادِ نصوصٍ أو آحادِ حوادثَ يريد كسر الإطار اللغوي أو التاريخي الذي وردت فيه ، كحال بعض المستشرقين الذين يشككون في السنة النبوية كلها

ضاربين صفحا عن مئات الآلاف من الصفحات التي سطرها المحدثون بدمائهم وأعمارهم وأموالهم لنقل السنة غضة كما هي ، بحجة فقد كتاب أو اتهام راو أو دخول بعض الوضع والكذب

مَثَلُهم في ذلك مثل الطفل الذي لا يقيس العالم كله إلا بشخص أبويه ، فكلما رأى امرأة ناداها باسم أمه ، أو كلما رأى رجلا ظن أن أباه أقوى وأفضل منه .

ثانيا :

أما في معرض الجواب عما استشكلته ، فانظر فيه نظرة الاعتدال السابقة ، وحَكِّم في ذلك المحكمات الواردة في عشرات النصوص القرآنية التي تُثنِي على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومئات النصوص النبوية التي تبين عظيم منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبهم ، وانظر كتب السيرة التي مُلئت بالتضحيات التي قدموها في نصرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم

ثم قارن ذلك بالإشكال الذي وجدته في حديث ابن عباس عن يوم الخميس ، وأظنك لن تحتاج بعدها إلى جواب تفصيلي عن ذلك الإشكال ، فالقاعدة التي سبق شرحها أعلاه تقضي بالتسليم للمحكمات ونبذ المتشابهات .

يقول الشاطبي رحمه الله في "الموافقات" (3/260) :

" إذا ثبتت قاعدة عامة أو مطلقة فلا تؤثر فيها معارضة قضايا الأعيان ولا حكايات الأحوال " انتهى . ثم ذكر أدلة هذا الأصل وأمثلة عليه في كلام محكم ومفيد فليرجع إليه.

ثانيا :

ولكننا – زيادة في البيان ورغبة في بعث الاطمئنان – نقرر لك هنا بعض الأجوبة التفصيلية عن هذه المسألة ، ليزداد يقينك ، ثم ليكون لك هذا المثال ميزانا تقيس عليه كل شبهة ترد عليك ، فنقول :

إن خلاصة الحادثة أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب مِمَّن حوله من الصحابة – وهو في إعياء شديد بسبب المرض – أن يحضروا له كتابا ليأمر بكتابة أمرٍ فيه هدايةٌ للأمة من بعده ، لم يُفصح عنه صلى الله عليه وسلم .

فنظر بعض الحضور في حال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما هو فيه من تعب وإعياء شديدين ، فتأخروا عن إحضار الكتاب

وظنوا أن ما في القرآن العظيم من الهداية يكفيهم عن إجهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتابة ، وذلك قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا ) البخاري (114)

ولكن آخرين أصروا على إحضار الكتاب امتثالا لرغبته صلى الله عليه وسلم .

فحصل بعض اللغط والاختلاف بين الفريقين ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، عدل عن طلبه إحضار الكتاب ، وأوصاهم مشافهة بوصية أخرى جامعة مذكورة في الرواية في السؤال .

هذا هو محصل ما في الروايات ، والقصة بذلك تفهم بسياقها السهل الطبيعي ، ولا يستشكلها أي قارئ ولا أي باحث .
إلا أن بعضهم يأبى إلا أن يقرأ فيها تعالي بعض الصحابة على مقام النبوة

ومنعهم إياه من أداء رسالته صلى الله عليه وسلم !

ولا نرى هذه القراءة المغرضة إلا اتباعا للهوى والشيطان ، وتحريفا للكلم عن مواضعه ، لسبب يسير ، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغضب لِما حصل

ولم يُنكر على أولئك الذين تباطؤوا عن الكتاب ، ولم يفضحهم الله تعالى بآيات تتلى كما هي عادة القرآن الكريم ، بل سكت وأقرهم ، ولم يكرر صلى الله عليه وسلم طلبه بإحضار الكتاب .

يدلك ذلك على أن الأمر لا يحتمل التفسيرات الباطلة التي يبثها بعض الحاقدين ، وإنما هو خلاف يسير حصل بين الصحابة كبعض الخلافات السابقة :

كما حصل يوم الحديبية حين أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتحلل فتأخروا رجاء نزول الوحي بالمضي في العمرة ، وكما حصل من خلاف بينهم في شأن الأسرى

ونحوها من الأمور التي كان النبي صلى الله عليه وسلم حاضرها وسكت عنها .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-08, 06:19   رقم المشاركة : 160
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" (6/26) :

" لو كان ما يكتبه في الكتاب مما يجب بيانه وكتابته لكان النبي صلى الله عليه وسلم يُبينُه ويكتبه ، ولا يلتفت إلى قول أحد

فعلم أنه لما ترك الكتاب لم يكن الكتاب واجبا ، ولا كان فيه من الدين ما تجب كتابته حينئذ ، إذ لو وجب لفعله " انتهى باختصار .

ويقول المازري رحمه الله – كما ينقله ابن حجر في "فتح الباري" (8/134) -:

" إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب ، مع صريح أمره لهم بذلك ؛ لأن الأوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب ، فكأنه ظهرت منه قرينة

دلت على أن الأمر ليس على التحتم ، بل على الاختيار ، فاختلف اجتهادهم ، وصمم عمر على الامتناع ، لما قام عنده من القرائن بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك عن غير قصد جازم

وعزمه صلى الله عليه وسلم كان إما بالوحي وإما بالاجتهاد ، وكذلك تركه إن كان بالوحي فبالوحي ، وإلا فبالاجتهاد ، وفيه حجة لمن قال بالاجتهاد في الشرعيات " انتهى .

ويقول الدكتور إبراهيم الرحيلي في "الانتصار للصحب والآل" :

" فتبين أن اختلافهم ناشئ عن اجتهاد في فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم ومراده ، وإذا كان علماء الأمة من بعدهم قد اختلفوا في فهم النصوص اختلافاً كبيراً في مسائل كثيرة إلى أقوال متعددة

ولم يُذَموا بذلك لِما تضافرت به النصوص من رفع الحرج عنهم ، بل أجرهم على الاجتهاد على كل حال ، فكيف يذم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باختلافهم في مسألة جزئية

بعد أن عذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعنف أحداً منهم .

بل أخذ بقول الطائفة المانعة من كتابة الكتاب ، ورجع إلى قولها في ترك الكتابـة .

فإنه صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يكتب الكتاب ما استطاع أحد أن يمنعه ، وقد ثبت أنه عاش بعد ذلك أياماً - باتفاق السنة والرافضة - فلم يكتب شيئـــاً " انتهى .

ثالثا :

أما أن بعض الصحابة يتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالتخريف – حاشاه من ذلك – بناء على ما جاء في الرواية أنهم ( قالوا : أهجر ؟! استفهموه ) ، فهذه كذبة أخرى وافتراء على القصة والحادثة ، وبيان ذلك :

أن غاية هذه الكلمة ( أَهَجَرَ ؟ ) الشك في وقوع الهجر – وهو الكلام غير الواضح - من النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس تقريرا لذلك ، فالرواية التي جاءت بصيغة الاستفهام أصح من الروايات الأخرى باتفاق المحدثين :

القاضي عياض في "الشفا" (2/886) ، والقرطبي في "المفهم" (4/559) ، والنووي في "شرح مسلم" (11/93) ، وابن حجر في "فتح الباري" (8/133)

والاستفهام يدل على الشك ، وليس على الجزم .

ثم نقول : إنه شك ليس في محله ، ولا ينبغي أن يصدر تجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه شك جاء بشبهة ، فقد كان مرض النبي صلى الله عليه وسلم شديدا ، كان يوعك كما يوعك الرجلان من الناس

وأغمي عليه مرات كثيرة ، كل ذلك ثابت في الصحيحين ، فظن قائل هذه العبارة – وهو مبهم لا يُعرف ، ولم تُسَمِّه الروايات الصحيحة - أن المرض أثَّر عليه أثرا بالغا إلى حد الهجر

وهو ظن خاطئ ولا شك ، لكن السياق الذي جاء فيه يثبت العذر لمن قاله .

انظر: "منهاج السنة النبوية" (6/24) .

ولذلك لا نجد – ولا في رواية - إنكارَ الحاضرين على قائل هذه العبارة ، بل كان ابن عباس – وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم – يروي هذه اللفظة من غير تحفظ على قائلها

عذرا منهم رضي الله عنهم لقائلها الذي أخذته شدة الموقف ، حيث كانوا يرون أحب الناس إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الشدة والمحنة .

كما أن ثمة احتمالا ثانيا وجيها ، وهو أن يكون قائل هذه العبارة قالها عن دهش ولحظة فجيعة باشتداد المرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلم يقلها بوعي ولا إدراك تام لحقيقة ما يقول ، تماما كما وقع من عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين مات النبي صلى الله عليه وسلم من إنكار موته وزعم رجوعه بعد الموت .

يقول القرطبي في "المفهم" (4/560) :

" ويحتمل : أن يكون هذا صدَرَ عن قائله عن دهشٍ وحيرةٍ أصابه في ذلك المقام العظيم ، والمصاب الجسيم ، كما قد أصاب عمر وغيره عند موته " انتهى .

ويقول الشيخ عثمان الخميس في كتابه "حقبة من التاريخ" (ص/318-321) :

" وطعنهم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قِبَل هذا الحديث يتمثل في أنهم يدعون كذبا أن عمر قال : " إن رسول الله يهجر "

وهذا كذب على عمر !! لم يقل عمر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر ، بل الرواية في الصحيحين وغيرهما أن عمر رضي الله عنه قال : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع "

وفي ذلك الوقت كان مرض الموت على النبي صلى الله عليه وسلم شديدا . ويبين هذا حديث عائشة رضي الله عنها لما أغمي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم أفاق فقال : أصلى الناس ؟

قالت : هم في انتظارك يا رسول الله . فقربوا إليه الماء فاغتسل ، ثم قام يريد أن يذهب إلى الصلاة فسقط معميا عليه ثم أفاق فقال : أصلى الناس ؟ قالوا :

هم في انتظارك يا رسول الله . فقال : قربوا لي ماء . فأتوه بالماء فاغتسل ، ثم قام يريد أن يذهب للصلاة فسقط . فلما سقط الثالثة ثم أفاق : قال : أصلى الناس ؟

قالوا : هم في انتظارك . قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس . متفق عليه .

نعم هناك من قال : أهجر . ولكنه ليس عمر .

وعن عبد الله بن مسعود أنه لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يوعك وعكا شديدا أشفق عليه ، فقال : يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني أوعك كرجلين منكم . قال ابن مسعود : أذلك لأن لك الأجر مرتين ؟ قال : نعم . متفق عليه .

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يوعك وعكا شديدا ، فلما سمع عمر النبي صلى الله عليه وسلم يقول : هلم أكتب لكم كتابا . أشفق على النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن رسول الله غلبه الوجع ، حسبنا كتاب الله .

وهذا موافق لقوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )

والرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( والله ما تركت شيئا يقربكم إلى الله والجنة إلا وأخبرتكم به ، وما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به ، وما تركت شيئا مما نهاكم الله عنه إلا قد نهيتكم عنه ) النسائي (2719)

فما بقي شيء في الدين لم يبينه الرسول صلى الله عليه وسلم .

فما هذا الكتاب الذي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يكتبه ؟

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ( كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني أن آتيه بطبق يكتب فيه ما لا تضل أمته من بعده . قال : فخشيت أن يموت قبل أن يأتيه الكتاب

فقلت : يا رسول الله إني أحفظ وأعي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أوصيكم بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم ) البيهقي (5/17) – ومسند أحمد (1/90) -

فإذا قالوا : الصحابة عصوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأتوه بالكتاب .

فنقول : علي أول من عصى ، فإنه هو المأمور مباشرة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه بالكتاب . فلماذا لم يأته به ؟ فإذا لُمنا أصحاب النبي صلى الله علهي وسلم على هذا الأمر فعلي يُلام !!

والحق أنه لا لَوم على الجميع ، لأمور :

أولا : إن عليا رضي الله عنه في هذا الحديث نفسه قال : فخشيت أن تذهب نفسه ، فقلت : يا رسول الله إني أحفظ وأعي

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أوصيكم بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم . فالنبي صلى الله عليه وسلم إذًا تلفظ بما أراد أن يكتب .

ثانيا : الذي أراد أن يكتبه النبي صلى الله عليه وسلم إما أن يكون واجبا عليه أو مستحبا ، فإن قالوا : إنه أمر واجب وهو من أمور الشريعة الواجب تبليغها

فقولهم هذا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ جميع الشرع ، وهذا طعن في النبي صلى الله عليه وسلم وطعن في الله الذي قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم )

وإن قالوا : إنه مستحب !! فنقول : هذا هو قولنا جميعا .

ثالثا : إن الصحابة امتنعوا شفقة على النبي على النبي صلى الله عليه وسلم لا من باب المعصية " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-08, 06:22   رقم المشاركة : 161
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يجوز له ربط لحيته ليكف عن نفسه أذى سخرية الناس من طولها ؟

السؤال :

لقد أعفيت لحيتي - والحمد لله - اتباعا لتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم ، لكني أعمل في شركة غير مسلمة ، وسبحان الله فإنه يُنظر إلى اللحية غير المهذبة باحتقار ليس فقط بين غير المسلمين

لكن أيضا بين المسلمين (ربما لأن العلماء لم يقوموا بأداء واجبهم بإخبار الناس بالحكم الشرعي للحية وهم أنفسهم يهذبون لحيتهم بل إنهم حتى يقومون بحلاقة جزء منها) ولكي أتجنب الأذى ولكي أتدبر أمر لحيتي :

جمعتُها معاً برباط مطاطي ، وطويتها تحته حتى تبدو أقصر ومهذبة ، وهذه الطريقة مفيدة في الألعاب الرياضية أيضاً ؛ لأنها تجمع اللحية ، وتقلل من فرص الإمساك بها وسحبها

والآن يبدو أن هناك حديثاً يمنع ربط اللحية لكن قال أحد الإخوة إن ربط اللحية في هذا الحديث يشير إلى الربط بسبب وجود اعتقادات خرافية ، فما هو فهم العلماء الصحيح للحديث ورأيهم فيمن ربط اللحية دون أسباب خرافية ؟ .


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

استهزاء الكفار بالمسلمين أمر متوقع وواقع ، ولكن حصول ذلك من بعض المسلمين فيه خطر كبير على دينهم ، لا سيما إذا تعلق الأمر بشيء من أحكام الدين وشرائعه الثابتة .

قال الله تعالى : (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ * وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ *

لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ) التوبة/ 64 – 66 .

قال أبو بكر الجصاص رحمه الله :

فيه الدلالة على أن اللاعب والجاد سواء في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الإكراه ؛ لأن هؤلاء المنافقين ذكروا أنهم قالوا ما قالوا لعباً ، فأخبر الله عن كفرهم باللعب بذلك ....

فدلَّ على استواء حكم الجاد والهازل في إظهار كلمة الكفر ، ودل أيضاً على أن الاستهزاء بآيات الله وبشيء من شرائع دينه كفر مِن فاعله .

" أحكام القرآن " ( 4 / 348 ، 349 ) .

ثانياً :

الحديث الذي تشير إليه في المنع من ربط اللحية هو :

عن رُوَيْفِعَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قال : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَا رُوَيْفِعُ ، لَعَلَّ الْحَيَاةَ سَتَطُولُ بِكَ بَعْدِي فَأَخْبِرْ النَّاسَ أَنَّهُ مَنْ

عَقَدَ لِحْيَتَهُ أَوْ تَقَلَّدَ وَتَرًا أَوْ اسْتَنْجَى بِرَجِيعِ دَابَّةٍ أَوْ عَظْمٍ فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ) رواه أبو داود (36) والنسائي (5067) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وقد ذكر العلماء تفسير ذلك بما لا ينطبق على حالتك .

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :

قوله : (أن من عقد لحيته) عقد اللحية اختلف العلماء في تفسيره :

منهم من قال : عقد اللحية عادة عند الفُرس ، أنهم كانوا عند الحروب يعقدون لحاهم تكبّراً وتجبّراً ، ونحن قد نهينا عن التشبّه بالكفّار .

والقول الثاني : المراد به عقد اللحية في الصلاة ؛ لأن هذا من العبث في الصلاة ، والحركة في الصلاة ، وهذا مكروه في الصلاة ؛ لأنه يدل على عدم الخشوع .

القول الثالث : أن المراد بعقد اللحية ما يفعله أهل الترف من تجعيد لحاهم وتحسينها وكدّها ، حتى تتجعّد ، يقصدون بها الجمال ، فهذا يكون من الترف .

نعم ، لا بأس أن اللحية تصلح ، وأنها تُنظّف ، وأنها تُكرم ، لكن لا يصل هذا إلى حد الإسراف .

" إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد " ( ص 152 ) .

ولا تخرج تفسيرات العلماء عن هذه التفسيرات ، فانظر " شرح السنة " ( 11 / 28 ) للإمام البغوي ، " معالم السنن " ( 1 / 27 ) ، " مجموع فتاوى الشيخ العثيمين " ( 9 / 178 ) .

وبه يتبين أنه لا حرج عليك في ربط لحيتك لما ذكرتَه من سبب ، وأن ذلك لا يشمله النهي الوارد في الحديث .

ونسأل الله تعالى أن يزيدك تمسكاً بالسنة وحبا لها ، ويبعد عنك كل سوء .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-08, 06:27   رقم المشاركة : 162
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خرج مع جماعة التبليغ ويسأل عن ثلاث مسائل سمعها منهم

السؤال

اعتدت أن أكون فرداً من أفراد " جماعة التبليغ " ، وقالوا لي أشياء جعلتني في حيرة ، فأعلموني إن كانو على صواب أم لا . على سبيل المثال : قالوا لي : إني إذا رفعتُ الأذى من الطريق فسوف أنال الحور العين في الجنة

وكذلك لو قمت بالتصفير فإني أنادي على الشيطان ، بل قالوا لابن أخي إنه إذا لم يرتد غطاء الرأس الإسلامي فسوف يجلس الشيطان على رأسه . فهل هذه الأشياء صحيحة ؟ .


الجواب :

الحمد لله

أولاً:

قد سبق لنا الحديث حول هذه الجماعة ، وأشرنا إلى بعض ما لها وما عليها ، فانظر أجوبة الأسئلة :الثلاثه القادمه

ثانياً:

ما ذكره لك بعض أفراد جماعة التبليغ من أنك " إذا رفعتَ الأذى من الطريق فسوف تنال الحور العين في الجنة " ، قد اعتمدوا فيه على حديث غير صحيح

وهو ما روي عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( يا علي ! أعط الحور العين مهورهن : إماطة الأذى عن الطريق ، وإخراج القمامة من المسجد ، فذلك مهر الحور العين ) .

رواه الديلمى في " مسند الفردوس " ( 5 / 328 ) من غير إسناد ، والكتاب من مظنة الأحاديث الضعيفة .

وانظر تخريجه في جواب السؤال رقم ( 102757 ) .

ولإماطة الأذى عن الطريق فضائل تابتة ، تغني عن مثل ذلك :

أ. فإماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً ، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ ) .

رواه البخاري ( 9 ) ومسلم ( 35 ) - واللفظ له - .

ب. وإماطة الأذى عن الطريق موجب لشكر الله تعالى لفاعله ، ولمغفرة ذنوبه :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَه ) .

رواه البخاري ( 624 ) ومسلم ( 1914 ) .

ج. وإماطة الأذى عن الطريق موجب لدخول الجنة :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ فِي شَجَرَةٍ قَطَعَهَا مِنْ ظَهْرِ الطَّرِيقِ كَانَتْ تُؤْذِي النَّاسَ ) .

رواه مسلم ( 1914 ) .

وفي رواية :

( مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ ) .

د. وإماطة الأذى عن الطريق من العمل النافع :

عن أَبي بَرْزَةَ الأسلمي قَالَ : قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَلِّمْنِي شَيْئًا أَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ : ( اعْزِلْ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ ) .

رواه مسلم ( 1915 ) .

قال النووي – رحمه الله - :

هذه الأحاديث المذكورة في الباب ظاهرة في فضل إزالة الأذى عن الطريق ، سواء كان الأذى شجرة تؤذي ، أو غصن شوك ، أو حجراً يعثر به ، أو قذراً ، أو جيفة ، وغير ذلك .

وإماطة الأذى عن الطريق من " شُعَب الإيمان " – كما سبق في الحديث الصحيح - وفيه التنبيه على فضيلة كل ما نفع المسلمين وأزال عنهم ضرراً .

قوله صلى الله عليه و سلم ( رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق ) أي : يتنعم في الجنة بملاذِّها بسبب قطعه الشجرة .

" شرح مسلم " ( 16 / 171 ) .

ثالثاً:

أما ما ذكر من أنك " لو قمتَ بالتصفير فإنك تنادي على الشيطان " ؛ فهذا لا أصل له في كتاب ولا سنَّة .

وفي التصفير خلاف بين العلماء فمن قائل بالتحريم ، ومن قائل بالجواز ، والقول الثالث : الكراهة

و انظر السؤال الرابع القادم في الترتيب

رابعاً:

وأما ما ذكره لابن أخيك من " أنه إذا لم يرتد غطاء الرأس الإسلامي فسوف يجلس الشيطان على رأسه " ، فقول باطل ، ولا أصل له في الشرع .

وتغطية الرأس ترجع لعرف الناس ، فإن تعارف أهل البلد على أن الرجال يغطون رؤوسهم ، كان ترك ذلك من خوارم المروءة التي يذم بها الرجل ويعاب

وكان ستره في الصلاة حينئذ ـ كستره خارج الصلاة أيضا ـ أفضل ؛ لأنه يكون من تمام الزينة .

وأما عدم تغطية الرأس بمجرده ، فليس إثم .

وإن تعارف الرجال في مكان ما ، أو زمان ما ، فيما بينهم على كشف رؤوسهم ، فلا حرج ـ حينئذ ـ في كشفه ، والأمر في ذلك واسع ، إن شاء الله .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :

إذا طبَّقنا هذه المسألة على قوله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) الأعراف/ 31 : تبيَّن لنا أن ستر الرأس أفضل في قوم يعتبر ستر الرأس عندهم من أخذ الزِّينة

أما إذا كُنَّا في قوم لا يُعتبر ذلك من أخذ الزينة : فإنَّا لا نقول : إنَّ ستره أفضل ، ولا إنَّ كشفه أفضل ، وقد ثبت عن النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام : " أنه كان يُصلِّي في العِمامة " ، والعِمَامة ساترة للرَّأس .

" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 2 / 166 ) .

وليس ثمة نص نبوي يوجب ، بل ولا يستحب ، تغطية الرأس ، لا في الصلاة ولا في غيرها من الأحوال .

قال علماء اللجنة الدائمة :

ستر رأس الرجل في الصلاة ليس واجباً ، والأمر في ذلك واسع .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 170 ) .

وقالوا :

لا يجب تغطية الرأس على الرجل في الصلاة ، ولا في غيرها ، ويجوز الائتمام بمن لا يغطي رأسه ؛ لأن الرأس بالنسبة للرجل ليس بعورة .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 171 ، 172 ) .

وقالوا :

تغطية الرجل رأسه في الصلاة ليست من سننها .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 6 / 172 ) .

وكل الفتاوى السابقة مذيلة بأسماء العلماء :

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

وإننا نوصي إخواننا في جماعة التبليغ ، وغيرهم من المشتغلين بالدعوة إلى الله تعالى ، أن يلتزموا ذكر الصحيح من الأحاديث ، وأن يجتنبوا الضعيف والموضوع – وما أكثره عندهم -

وقد يسَّر الله من سبل العلم ما يسهل عليهم ذلك ، ويقطع عذر المعتذر ؛ فقد ازدادت العناية بتحقيق الكتب ، وبيان حال أحاديثها ، وصار الاتصال بأهل العلم أسهل من ذي قبل

وها هي الأقراص العلمية ، والمواقع الموثوقة ، ولا يحتاج الأمر إلا إلى إرادة صادقة ، وشعور بأهمية ذلك والحاجة إليه .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-08, 06:32   رقم المشاركة : 163
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

جماعة التبليغ ما لها وما عليها

السؤال

ما حكم الجماعات التي تقضي أربعة أشهر وأربعين يوماً في مختلف أنحاء العالم لدعوة المسلمين إلى واجباتهم الدينية ؟.


الجواب

الحمد لله


" جماعة التبليغ " من الجماعات العاملة للإسلام ، وجهدها في الدعوة إلى الله لا يُنكر ، ولكنها مثلها مثل كثير من الجماعات تقع في أخطاء ، وعليها ملاحظات

ويمكن إجمال الملاحظات بما يلي مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الأخطاء تختلف في الجماعة نفسها بحسب البيئة والمجتمع الموجودة به

ففي المجتمعات التي يظهر فيها العلم والعلماء وينتشر مذهب أهل السنة والجماعة تقل أخطاؤهم إلى حد بعيد ، وفي مجتمعات أخرى قد تزيد هذه الأخطاء ، فمن أخطائهم :

1. عدم تبني عقيدة أهل السنة والجماعة ، وذلك واضح في تعدد عقائد أفرادها بل بعض قادتها .

2. عدم اهتمامهم بالعلم الشرعي .

3. تأويلهم للآيات القرآنية ونقلهم لمعانيها على غير مراد الله تعالى ، ومن ذلك تأويلهم لآيات الجهاد بأن المقصود بها " الخروج للدعوة " ، وكذا الآيات التي فيها لفظ " الخروج " ومشتقاته إلى الخروج في سبيل الله للدعوة .

4. جعلهم الترتيب الذي يحددونه في الخروج متعبَّداً به ، فراحوا يستدلون بالآيات القرآنية ويجعلون المقصود منها ما يحددونه من أيام وأشهر

ولم يقتصر الأمر على مجرد الترتيب بل ظل بينهم شائعاً منتشراً مع تعدد البيئات وتغير البلدان واختلاف الأشخاص .

5. وقوعهم في بعض المخالفات الشرعية من نحو جعلهم رجلاً منهم يدعو أثناء خروج الجماعة للدعوة إلى الله ، ويعلقون نجاحهم وفشلهم على صدق هذا الداعي والقبول منه .

6. انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم ، وهذا لا يليق بالذي يتصدى للدعوة إلى الله .

7. عدم كلامهم عن " المنكرات " ، ظناً منهم أن الأمر بالمعروف يغني عنه ، ولذا نجدهم لا يتكلمون عن المنكرات الفاشية بين الناس مع أن شعار هذه الأمة – وهم يرددونه باستمرار – {

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } آل عمران / 104 ، فالمفلحون هم الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وليس فقط من يأتي بأحدهما .

8. ما يقع من بعضهم من الإعجاب بالنفس والغرور ويؤدي به ذلك إلى ازدراء غيره – بل والتطاول على أهل العلم ووصفهم بأنهم قاعدون ونائمون - ووقوعه في الرياء

فتجده يتحدث أنه خرج وسافر وانتقل وأنه رأى وشاهد ، وهو يؤدي إلى وقوعه فيما لا يحمد مما ذكرنا .

9. جعلهم الخروج للدعوة أفضل من كثير من العبادات كالجهاد وطلب العلم ، مع أن ما يفضلونه عليه هو من الواجبات أو قد يصير واجباً على أناس دون غيرهم .

10. جرأة بعضهم على الفتوى والتفسير والحديث ، وذلك واضح في كونهم يجعلون كل واحد منهم يخاطب الناس ويبين لهم ، وهو يؤدي إلى جرأة هؤلاء على الشرع

فلن يخلو كلامه من بيان حكم أو حديث أو تفسير آية ، وهو لم يقرأ في ذلك شيئاً ، ولم يسمع أحداً من العلماء لينقل عنه ، وبعضهم يكون من المسلمين أو المهتدين حديثاً .

11. تفريط بعضهم في حقوق الأبناء والزوجة ، وقد بيَّنا خطر هذا الأمر في جواب السؤال رقم ( 3043 ) .

لذا فإن العلماء لم يجوزوا الخروج معهم إلا لمن أراد أن يفيدهم ويصحح الأخطاء التي تقع منهم .

ولا ينبغي لنا أن نصد الناس عنهم بإسقاطهم بالكلية بل علينا أن نحاول إصلاح الخطأ والنصيحة لهم حتى تستمر جهودهم وتكون صائبة على وفق الكتاب والسنة .

وهذه فتاوى بعض العلماء في " جماعة التبليغ " :

1. قال الشيخ عبد العزيز بن باز :

فإن جماعة التبليغ ليس عندهم بصيرة في مسائل العقيدة ، فلا يجوز الخروج معهم إلا لمن لديه علم وبصيرة بالعقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنّة والجماعة حتى يرشدهم وينصحهم ويتعاون معهم

على الخير لأنهم نشيطون في عملهم لكنهم يحتاجون إلى المزيد من العلم وإلى من يبصرهم من علماء التوحيد والسنَّة ، رزق الله الجميع الفقه في الدين والثبات عليه .

" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 8 / 331 ) .

2. قال الشيخ صالح الفوزان :

الخروج في سبيل الله ليس هو الخروج الذي يعنونه الآن ، الخروج في سبيل الله هو الخروج للغزو ، أما ما يسمونه الآن بالخروج فهذا بدعة لم يرد عن السلف .

وخروج الإنسان يدعو إلى الله غير متقيد في أيام معينة بل يدعو إلى الله حسب إمكانيته ومقدرته ، بدون أن يتقيد بجماعة أو يتقيد بأربعين يوماً أو أقل أو أكثر.

وكذلك مما يجب على الداعية أن يكون ذا علم ، لا يجوز للإنسان أن يدعو إلى الله وهو جاهل ، قال تعالى : { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة }

أي : على علم لأن الداعية لابد أن يعرف ما يدعو إليه من واجب ومستحب ومحرم ومكروه ويعرف ما هو الشرك والمعصية والكفر والفسوق والعصيان يعرف درجات الإنكار وكيفيته .

والخروج الذي يشغل عن طلب العلم أمر باطل لأن طلب العلم فريضة وهو لا يحصل إلا بالتعلم لا يحصل بالإلهام ، هذا من خرافات الصوفية الضالة ، لأن العمل بدون علم ضلال ، والطمع بحصول العلم بدون تعلم وهم خاطئ.

من كتاب " ثلاث محاضرات في العلم والدعوة " .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-11, 00:40   رقم المشاركة : 164
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




يسأل عن الصوفية وجماعة التبليغ


السؤال

هل فرقة "الدعوة و التبليغ" من الفرق الضالة و ماذا عن "الصوفية" ؟ .

الجواب

الحمد لله

من المهم أن نعلم أولا أن مصطلح التصوف والصوفية من المصطلحات الحادثة

والتي لم يعلق عليها مدح شرعي ، فتمدح ـ أو يمدح صاحبها ـ بإطلاق ، مثل أسماء الإيمان ، والإسلام ، والإحسان ، ولم يعلق عليها أيضا ذم شرعي

فتذم ـ أو يذم صاحبها ـ أيضا بإطلاق ، مثل ألفاظ الكفر والفسوق والعصيان .

وما كان كذلك فإنه ينبغي الاستفصال عن حقيقة حاله ، وما يراد به قبل إطلاق القول فيه . يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ( لفظ الفقر والتصوف قد أدخل فيها أمور يحبها الله ورسوله

فتلك يؤمر بها ، وإن سميت فقرا أو تصوفا ؛ لأن الكتاب والسنة إذا دل على استحبابها لم يخرج عن ذلك بأن تسمى باسم آخر ، كما يدخل في ذلك أعمال القلوب

كالتوبة والصبر ... وقد أدخل فيها أمور يكرهها الله ورسوله ؛ كما يدخل فيها بعضهم نوعا من الحلول والاتحاد ، وآخرون نوعا من الرهبانية المبتدعة في الإسلام ، وآخرون نوعا من المخالفة للشريعة

إلى أمور ابتدعوها ، إلى أشياء أخر ، فهذه الأمور ينهى عنها بأي اسم سميت ، ... وقد يدخل فيها التقييد بلبسة معينة ، وعادة معينة ، في الأقوال والأفعال ، بحيث من خرج عن ذلك عد خارجا عن ذلك

وليست من الأمور التي تعينت بالكتاب والسنة ، بل إما أن تكون مباحة ، وإما أن تكون ملازمتها مكروهة ، فهذا بدعة ينهى عنه ، وليس هذا من لوازم طريق الله وأوليائه

فهذا وأمثاله من البدع والضلالات يوجد في المنتسبين إلى طريق الفقر ، كما يوجد في المنتسبين إلى العلم أنواع من البدع في الاعتقاد والكلام المخالف للكتاب والسنة

والتقيد بألفاظ واصطلاحات لا أصل لها في الشريعة ، فقد وقع كثير من هذا في طريق هؤلاء .

والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة ، وأطاعوا الله ورسوله ، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة أو عصوا فيه الله ورسوله

ويقبل من كل طائفة ما جاء به الرسول ، .....،ومتى تحرى الإنسان الحق والعدل ، بعلم ومعرفة ، كان من أولياء الله المفلحين ، وحزبه الغالبين . )

انتهى . ( الفتاوى 11/280ـ29 ) .

غير أن ما قاله شيخ الإسلام من التفصيل في حال المنتسبين إلى التصوف يوشك أن يكون نظريا في واقعنا المعاصر ، حيث صارت المحاذير التي أشار إليها شيخ الإسلام ملازمة لمسلك المنتسبين إلى التصوف في زماننا

فضلا عما التزموه من الأعياد والموالد المبتدعة ، وغلوهم في مشايخهم الأحياء ، وتعلقهم بالمشاهد والقبور ، يصلون عندها ، ويطوفون حولها

وينذرون لها ، إلى آخر ما هو معلوم من مسالكهم . ولهذا كله كان إطلاق القول بالتحذير من مسالكهم متوجها الآن ، وهو الذي اعتمدته اللجنة الدائمة في جوابها عن سؤال حول حكم الطرق الصوفية الموجودة الآن ، فقالت :

( الغالب على ما يسمى بالتصوف الآن العمل بالبدع الشركية ، مع بدع أخرى ، كقول بعضهم : مدد يا سيد ، وندائهم الأقطاب ، وذكرهم الجماعي

فيما لم يسم الله به نفسه ، مثل : هو هو ، وآه آه ، ومن قرأ كتبهم عرف كثيرا من بدعهم الشركية ، وغيرها من المنكرات . ) اهـ

وأما جماعة التبليغ فهي من الجماعات العاملة في حقل الدعوة إلى الله ، لها الكثير من الحسنات ، والجهد المشكور ؛ وكم تاب على أيديهم من عاص ، وتنسك من فاسق

إلا أنها لا تخلو من بعض البدع في العلم والعمل ، نبه عليها أهل العلم ، لكنها لا توصف على كل حال بأنها من الفرق الضالة . وقد سبق قول شيخ الإسلام :


والمؤمن الكيس يوافق كل قوم فيما وافقوا فيه الكتاب والسنة ، ولا يوافقهم فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-11, 00:46   رقم المشاركة : 165
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم التصفير

السؤال

ما حكم التصفير - سواء أكان بتلحين ، أم كان لأجل نداء الشخص البعيد جدا ؟

الجواب

الحمد لله

اختلف أهل العلم في حكم التصفير أو الصفير على ثلاثة أقوال :

القول الأول : المنع والتحريم .

واستدلوا عليه بأن التصفير هو من خصال الجاهلية ، وقد ذم الله في القرآن الكريم كفار قريش على هذا الفعل ، فقال سبحانه : ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) الأنفال/35.

جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (26/390) :

" الصفير لا يجوز ، ويسمى في اللغة : ( المكاء ) ، وهو من خصال الجاهلية ، ومن مساوئ الأخلاق ، ( وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) " انتهى.

القول الثاني : الكراهة .

ووجهه أن الدليل السابق لا يقوى على القول بالتحريم ، لكن مشابهة الكفار في عمل من أعمالهم من غير حاجة مذموم في الشريعة ، فكان القول بالكراهة .

يقول ابن مفلح رحمه الله :

" قال الشيخ عبد القادر رحمه الله : يكره الصفير والتصفيق " انتهى.

"الآداب الشرعية" (3/375)

القول الثالث : الجواز .

واستدل أصحاب هذا القول بعدم ورود نص يدل على التحريم أو الكراهة ، قالوا : والأصل في العادات الإباحة . أما الآية السابقة فهي تنعى على كفار قريش تعبدهم لله تعالى بهذه الأعمال الهوجاء : التصفيق والتصفير

فقد كانوا يتخذون ذلك عبادة وشعيرة يتقربون إلى الله بها ، وهذا أمر زائد على التصفير المجرد من نية العبادة .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" كان المشركون يجتمعون في المسجد الحرام يصفقون ويصوتون ، يتخذون ذلك عبادة وصلاة ، فذمهم الله على ذلك ، وجعل ذلك من الباطل الذي نهى عنه " انتهى.

"مجموع الفتاوى" (3/427)

يقول أبو بكر الجصاص رحمه الله :

" سمي ( المكاء ) و ( التصدية ) صلاة ؛ لأنهم كانوا يقيمون الصفير والتصفيق مقام الدعاء والتسبيح . وقيل : إنهم كانوا يفعلون ذلك في صلاتهم " انتهى.

"أحكام القرآن" (3/76)

فإذا لم يفعل ذلك على وجه العبادة لم يبق وجه للمنع أو التحريم ، خاصة إذا قامت الحاجة لإصدار صوت الصفير ، وهي حاجات كثيرة اليوم ، فقد أصبحت الصافرة تستعمل اليوم لدى شرطة المرور

كما أصبحت أصوات كثير من الأدوات الكهربائية تتضمن هذا الصوت ، والأم قد تصدر هذا الصوت لإسكات طفلها والغناء له ، كما قد يضطر إليه بعض الناس لمناداة البعيد ، ونحو ذلك .

ولكن إذا اتخذ التصفير لإيذاء الناس وإزعاجهم ، أو للتحرش بالفتيات ، أو قصد به التشبه بالكفار والفساق وعادتهم : فيحرم حينئذ باتفاق .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي :

" ما حكم التصفيق والتصفير ، وأي نوع من التصفير محرم ، وما دليل التحريم ؟

فأجاب رحمه الله :

الآن لو أنك قمت تصفق وتصفر ماذا سنقول : هذا مجنون أم عاقل ؟!!

فما هو سبب التصفيق والتصفير ؟

أما إذا كان التصفيق للإنسان الذي تميز عن غيره في النجاح ، أو أجاب جواباً صواباً ، أو ما أشبه ذلك ، فأنا لا أرى فيه بأساً .

أما التصفير فأكرهه كراهة ذاتية ، ولا أستطيع أن أقول : إنه مكروه كراهة شرعاً ؛ لأنه ليس عندي دليل .

وأما قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ، وتصفق النساء ) فهذا في الصلاة .

وأما قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) الأنفال/35

والمكاء : التصفير .

والتصدية : التصفيق .

فهؤلاء كانوا عند المسجد الحرام يتعبدون الله بذلك ، بدل أن يركع ويسجد يصفق ويصفر .

أما إنسان رأى شخصاً تفوق عن غيره وأراد أن يشجعه وصفق ، فلا أرى في هذا بأساً .

أما التصفير فأنا أكرهه كراهة ذاتية ، وليس عندي دليل ، ولو أن شخصاً طلب مني دليلاً ، فلا أستطيع أن أقول : عندي دليل " انتهى.

"لقاءات الباب المفتوح" (رقم/119، سؤال رقم/4) .

ولعل أقرب الأقوال في هذه المسألة أن الصفير مكروه ، خاصة إذا لم يكن هناك حاجة تدعو إليه ؛ فالإشارة إليه في الآية بوصف الذم ، وكونه من شأن أهل الجاهلية ، يدعو إلى التنزه والابتعاد عنه .

وقد ذُكر عن ابن عباس ومجاهد ، إن صح ذلك عنهما ، أن الصفير كان منكرات قوم لوط التي ذمهم الله بها .

انظر : تفسير الآية (29) من سورة العنكبوت : تفسير ابن كثير (6/276) ، الزواجر عن اقتراف الكبائر ، لابن حجر الهيتمي (2/231) .

ثم إن آية سورة الأنفال السابقة : (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ) ، وإن كان الظاهر منها أنهم جعلوا نفس الصفير والتصفيق ( المكاء والتصدية ) صلاة وعبادة

كما قاله بعض أهل العلم ، فقد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى أن الاستثناء في الآية منقطع ، وأن المعنى : أنهم وضعوا الصفير والتصفيق موضع الصلاة ، لا أنهم تقربوا إلى الله بنفس المكاء والتصدية .

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :

" قوله تعالى : { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البيت إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً } الآية .

المكاء : الصفير ، والتصدية : التصفيق ، قال بعض العلماء : والمقصود عندهم بالصفير والتصفيق التخليط حتى لا يسمع الناس القرآن من النَّبي صلى الله عليه وسلم

ويدل لهذا قوله تعالى :{ وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرآن والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُون } [ فصلت : 26 ]"

أضواء البيان (2/162) .

وقال الشيخ ابن عاشور رحمه الله :

" ولا تُعرف للمشركين صلاة ؛ فتسمية مكائهم وتصديتهم صلاةً : مشاكلةٌ تقديرية ؛ لأنهم لما صدوا المسلمين عن الصلاة وقراءة القرآن في المسجد الحرام عند البيت ، كان من جملة طرائق صدهم إياهم : تشغيبُهم عليهم

وسخريتهم بهم يحاكون قراءة المسلمين وصلاتهم بالمكاء والتصدية . قال مجاهد : فعل ذلك نفر من بني عبد الدار ، يخلطون على محمد صلاته .

وبنو عبد الدار هم سدنة الكعبة وأهل عمارة المسجد الحرام ، فلما فعلوا ذلك للاستسخار من الصلاة : سمي فعلهم ذلك صلاة ، على طريقة المشاكلة ... ؛ فلم تكن للمشركين صلاة بالمكاء والتصدية .

وهذا الذي نحاه حذاق المفسرين : مجاهد وابن جبير وقتادة .

ويؤيد هذا قوله ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون )

لأن شأن التفريع أن يكون جزاء على العمل المحكي قبله ، والمكاء والتصدية لا يُعدَّان كفرا إلا إذا كانا صادرين للسخرية بالنبي صلى الله عليه و سلم وبالدين

وأما لو أريد مجرد لهو عملوه في المسجد الحرام فليس بمقتض كونه كفرا ، إلا على تأويله بأثر من آثار الكفر .. " انتهى .

"التحرير والتنوير" (9/339) .

وإلى ذلك المعنى الذي شرحه ابن عاشور رحمه الله ، وقرره الشينقيطي ، ينحو الزمخشري في تفسيره (2/218) ، وأبو حيان (4/485) ، وغيرهما .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الحديث و علومه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc