طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع - الصفحة 100 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم المتوسط > قسم النشاطات الثقافية والبحوث واستفسارات الأعضاء > قسم البحوث و الاستفسارات و طلبات الأعضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلباتكم اوامر لأي بحث تريدونه بقدر المستطاع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-12-07, 23:44   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

الدراسة الأولى واقع الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي

توطئة:‏

إذا كان تعدّد المنطلقات النظرية ومناهج البحث في العلوم الاجتماعية الغربيّة، يمثّل نوعاً من الأزمة والفوضى العلمية (باعتراف أغلب المختصين)، فإن المشكلة أشدّ وطأة في البلدان النامية، ومنها وطننا العربي، حيث تجاوز الجدل بين المشتغلين في علم الاجتماع دائرة الاختيار بين علم الاجتماع الوضعي أو الإنساني أو الماركسي.. الخ، واتجه ليطرح بديلاً إضافياً يتمثّل في التطلّع نحو صياغة نظرية سوسيولوجية وطنية، لها طابعها المتميز الناتج عن خصوصية هذه المجتمعات. فلقد ثار جدلٌ طويل بين علماء الاجتماع حول هذه القضية، وطُرح التساؤل التالي: هل ننقل عن المشتغلين بعلم الاجتماع في الغرب أو الشرق، أم نطوّر نظرية جديدة في علم الاجتماع قادرة على خدمة البلدان النامية في معاركها ضد التخلف والفقر والتبعية؟!(1).‏

ومن ناحية أخرى يؤكد أحد الباحثين الاجتماعيين العرب أن كثيراً من العرب المختصين في العلوم الاجتماعية يكرّسون أوقاتاً ثمينة وجهوداً طائلة لاثبات نظريات واتجاهات وُلدت وترعرعت في مجتمعات أخرى وفي ظروف مغايرة، فنراهم يتفانون في تدقيق بعض المصطلحات ويسلّطونها من أعلى على الأوضاع الاجتماعية العربيّة. والحال أنّ تلك المفاهيم وإنْ كانت طريفة في ذات نفسها وجديرة بالاهتمام والدرس والعناية، فإنّها أصلاً وليدة المجتمع المُصنّع الغربي واستخدامها باسم كونية المعرفة العلمية غير وارد وغير مشروع لأنها لم تأخذ بالحسبان كل الأوضاع الممكنة إنسانياً، ولكن بعضاً منها فقط، فنقْلها بتلك السرعة والبساطة إلى المجتمع العربي يكون حجر العثرة في مسيرة البحوث الاجتماعية العربيّة(2).‏

والمُلاحظ أنّ السنوات الأخيرة شهدت ظهور عدد هام من الكتابات، التي تناقش مشروعية استخدام بعض المفاهيم والمصطلحات الاجتماعية الغربيّة. وهي ضرب من الشك المنهجي، القائم على إعادة النظر في الجهاز المعرفي الغربي، دون رفضه بصورة كليّة ونهائية، كما لا تنتهي إلى نسف النزعة الوضعية المؤسّسة له. وإنْ كانت تتساءل حول مفاهيم تُعدّ مركزية في النظريات الاجتماعية الغربية، مطالبة بتوسيع وتحريك وتطوير تلك المفاهيم والمقولات والمناهج، إنقاذاً للعلم والعقلانية والموضوعية من مخاطر الاختصار والهيمنة والاستلاب. وعموماً فإنّ أصحاب هذه النزعة لا يطالبون بقطيعة نهائية مع الغرب، من حيث أنه مصدر معرفة حقيقية ونسبية، وإنما يدعون إلى رفض الأطروحة التي تزعم أنّ الغرب مصدر المعرفة المطلقة.‏

"فهي تدعو إلى التقويم النقدي للجهاز المفاهيمي الغربي، أي إلى إبراز حدوده المعرفية من جهة، وإلى قدراته الكشفية عند التقائه بالواقع اللاغربي من جهة ثانية"(3). وبالمقابل يدعو عدد من الباحثين الاجتماعيين العرب إلى التخلي عن التقوقع على الذات، لأنهم لا ينظرون إلى الجهاز المعرفي الغربي كإنتاج للتاريخ الغربي فقط، وإنما من حيث أنه حصيلة لإسهام الشعوب والثقافات والحضارات الإنسانية كلها. إنّ الاعتراف بالحضور الغربي في شكل ثقافة ذات بعد شمولي يحتّم علينا أن نستغل تلك الثقافة دون شعور بالذنب، دون شعور بالاستلاب، دون شعور باختلاف وحشي -وهمي. ويرى أصحاب هذه النظرة وجوب الإفادة القصوى من الجهاز المعرفي الغربي واستغلاله، واستيعابه كفكر عقلاني وتقدّمي بالمعنى الواسع للكلمة. وهو "يفرض نفسه على جهازنا العقلي، شئنا ذلك أم كرهنا. لقد أصبح يشكل الإطار المرجعي العام"(4). إنّ ما تقدم يقودنا إلى مزيد من التفصيل والتحليل لواقع الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي، وذلك انطلاقاً من معالجة النقاط التالية:‏

أوّلاً- تصوّرات الاجتماعيين العرب ومساهماتهم:‏

في دراسة إحصائية تهدف لمعرفة تصوّرات علماء الاجتماع العرب، وحجم إسهاماتهم النظرية والتجريبية والميدانية قامت بها جهينة العيسى والسيّد الحسيني تبيّن أنّ الغالبية العُظمى من المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن العربي(82.4 بالمائة) أنجزت بالفعل خلال حياتها الأكاديمية بحثاً امبريقياً واحداً على الأقل في مقابل 17.6 بالمائة لم ينجزوا أي بحث امبيريقي. أمّا بالنسبة لاهتماماتهم الأكاديمية، فمن المُلاحظ أن علم اجتماع التنمية احتلّ المرتبة الأولى. في حين سجّل حوالي ربع أفراد العّينة الأولوية الثانية لعلم الاجتماع الصناعي. ويأتي بعد ذلك (أي في المرتبة الثالثة) علم الاجتماع الريفي والحضري. أمّا بقيّة فروع علم الاجتماع فقد نالت مراتب أقل وأدنى على ساحة "الخريطة الأكاديمية" لعلم الاجتماع في الوطن العربي(5).‏

وقد حاول الباحثان (العيسى والحسيني) التعرّف إلى تصوّرات المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن العربي حول أهم النظريات الاجتماعية شيوعاً وانتشاراً. وتبيّن أنّ النظرية البنائية الوظيفية بشكليها التقليدي والمعدّل تمثّل النظرية الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي. أمّا نظرية التفاعل الاجتماعي فتبدو أقلّ انتشاراً، وكذلك النظرية النفسيّة الاجتماعيّة. أمّا أقلّ النظريات الاجتماعية شيوعاً في الوطن العربي في نظر أفراد عيّنة البحث فهي النظرية الايكولوجيّة. ويعتقد 81.48 بالمائة من أفراد المجتمع البحث أنّ علم الاجتماع في الوطن العربي يخضع لسيطرة علم الاجتماع الغربي (أوروّبا الغربية وأمريكا). وفي مقابل ذلك وجدت الدراسة أنّ أقلّ من خُمس أفراد العيّنة بقليل (18.52بالمائة) يعتقد أنّ المادية التاريخية تمثّل واحدة من النظريات الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي. وفي كل الأحوال لاحظت الدراسة أنّ أفراد مجتمع البحث يعبّرون عن تبعية علم الاجتماع في الوطن العربي للاتجاهين الفكريّين العالميين في الثمانينات (البنائية الوظيفيّة والماديّة التاريخيّة) اللّذين يمثّلان تعبيراً عن الخبرة التاريخية للمجتمعات الغربيّة(6).‏

ومن ناحية أخرى، فإنه يسود اعتقادٌ بين الباحثين الاجتماعيّين والمُهتّمين بالعلوم الإنسانية والاجتماعية بأنّ علماء الاجتماع العرب لم يساهموا إلى الآن في فهم دقيق وبنّاء لمجتمعاتهم المحليّة وثقافاتها. وبالرغم من أنّ هذا الشعور يشير إلى نوع ضروري من النقد الذاتي، إلاّ أنه يعكس واقعاً حقيقياً، بصرف النظر عن أسبابه وظروفه وملابساته. ونستطيع اليوم أنْ نتفهم مقولات مُتداولة بشكل واسع، مثل "التبعية الفكرية"، و"الاغتراب الثقافي" و"القراءات غير النقديّة" لفكر "الآخر". ومعنى ذلك أنّ ثّمة وعياً متزايداً لدى علماء الاجتماع العرب بأنهم لم يساهموا حتى الآن فيما ينبغي عليهم المساهمة في فهم واقع المجتمعات العربيّة(7).‏

والواقع أنّ علم الاجتماع العربي لم يَعُدْ مقصوراً على نُخبة مُثقفة موصولة بالغرب أو بالشرق (النُخبة السوسيولوجية)، في حين أنّ الواقع يُظهر إنه إذا كانت الترجمات السوسيولوجية تحتلّ الواجهة في المكتبة الاجتماعية العربية وفي الجامعات العربية، وإذا كان هناك اعتماد نسبي على الخبرات الأجنبية، فهناك في المقابل جهود عربية أكاديميّة وبحثية لوضع المصطلح العلمي الاجتماعي، ورصد التحوّلات الاجتماعية العربية رصداً علمياً ودقيقاً، وهناك توجّهات نحو إنشاء المعاهد العلمية الاجتماعيّة التطبيقية ونحو المختبرات الاجتماعية، كما أنّ هناك مجلاّت للعلوم الإنسانية عامة والعلوم الاجتماعية خاصّة.‏

فالتقدم الاجتماعي الذي يقرع أبواب المجتمعات العربية، لا يتحدّاها من الخارج وحسب، بل يتحدّاها من الداخل أيضاً، لا سيما وأنّ الوعي القومي للعرب لا ينفصل عن وعيهم الحضاري، الثقافي، المعرفي، والإسلامي عمقاً. وهذا كلّه يجعلنا نشعر بالحاجة الماسّة إلى التسلّح العلمي بالمناهج والقوانين المجُرّبة والصحيحة(8).‏

وقد لفت انتباه "ديل إيكلمان" أُستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة نيويورك التغيّرات الحاصلة في الدراسات الاجتماعية العربيّة إزاء النظريات والمناهج والمفاهيم الغربيّة قياساً لما كانت عليه منذ عقدين من الزمن. فلم تعد تلك الانتقادات المُعمّمة على كل ما يُنتج في الغرب مُتداولة بالشكل الذي كانت عليه في السابق. وبدلاً من التعميم أصبح الانتقاد ظرفياً وموجّهاً لدراسات بعينها أو لمقاربات نظرية مُحدّدة. بل على العكس، ظهر اهتمام مُجدّد بفهم الأبحاث الغربية في إطارها الأصلي، حتى وإنْ كانت خلفياتها غير مرغوب فيها(9).‏

ولكن تبقى مسألة الصلة الواقعية بين العلوم الاجتماعية وقضايا الإنسان العربي إشكالية، سواء لجهة النتائج أو لجهة الأهمية والحيوية. ففي ندوة عُقدت بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الكويت (1984) أكّد الدكتور سعد الدين ابراهيم: "أنّ النمو النوعي في علم الاجتماع لم يتواءم مع جوانب النمو الأخرى في الوظيفة أو الدور الذي يمكن أن يقوم به علم الاجتماع في صياغة الحاضر وفي التمهيد للمستقبل العربي. إذ أنّ المتخصّصين لم يساهموا بالقدر الكافي أو بالدرجة المطلوبة في صياغة مشكلات المجتمع العربي المعاصر وتفسيرها، أو في اقتراح الحلول المطلوبة لهذه المشكلات"(10).‏

أمّا الدكتور عبد الباسط عبد المعطي، فإنه يرى أن القضايا التي يدرسها علم الاجتماع في البلدان العربية معظمها قضايا جزئية، ومنها قضايا مرتبطة بمشكلات اجتماعية غير سويّة من وجهة النظر المجتمعية والضبط الاجتماعي مثل الجريمة وانحراف الأحداث. أما الدراسات السوسيولوجية الحقيقية التي تتناول قضايا التجزئة والوحدة ومسألة التبعية، فهي محدودة جداً، وغالباً ما تتناول القضايا ذات الطابع السلبي أكثر من القضايا ذات الطابع البنائي التي تسهم في عملية التغيير والتخطيط في حين أنّنا بحاجة إلى بحوث حول متطلبات وشروط إقامة مجتمع بنائي أو إحداث تغيرات مُعيّنة في بُنية اجتماعية عربية لها واقع وظروف ولها ثقافة ولها خلفيّة(11).‏

ويعتقد الدكتور سعد الدين إبراهيم أنه لم تظهر مساهمة علمية نظرية يُعتَدّ بها في الوطن العربي.. وربما كان السبب (وفق رأيه) يرجع إلى أن التطوير النظري لم يكن الهدف الأوّل للمشتغلين بهذا الميدان، بينما يزداد الاعتراف بإنتاج المفكرين العرب من الخارج أكثر من داخل الوطن العربي نفسه، خصوصاً أولئك الذي تتبنّاهم الدول الأجنبية، فيعاد تسويق أفكارهم إلى بلدانهم الأصليّة مثلما يتم تسويق الملابس والسلع الأخرى(12).‏

ونحن لا نتفق في هذا السياق مع التقييم السلبي لمجمل "الفكر الشرقي"، والذي يرى أصحابه أنّ دراساتنا الاجتماعية ليست مفيدة، لأنها عبارة عن نقل غير دقيق وغير أمين للفكر الغربي وأنّه " وحتّى عندما يُوّجه النقد إلى الفكر الأجنبي في الوسط العلمي يُنقَل هذا النقد حرفياً، وهذا أُسمّية التبعيّة في النقل والنقد، وهو ما يخفي في الوقت نفسه الضعف المعرفي والضعف الفكري للمشتغلين بعلم الاجتماع في البلاد العربية"(13).‏

الواقع إن وضع الدراسات والبحوث الاجتماعية عموماً ووضع علماء الاجتماع العرب على وجه الخصوص، هو امتداد لوضع الجامعة في الوطن العربي، التي لم ترتبط بعد مع المجتمع ارتباطاً عضوياً في نطاق التغيّرات الكميّة والكيفية. وذلك في جميع التخصّصات الإنسانية والعلمية، ما عدا التخصّصات المهنيّة كالطب والهندسة والمحاماة. بينما نجد أنّ ما يقوم به علماء الاجتماع والأنثربولوجيا في جامعات العالم الصناعي يختلف كثيراً عمّا يجري في مجتمعنا. فمثلاً في جامعات الغرب يقوم علماء الاجتماع بإجراء البحوث والدراسات حول قضايا مجتمعيّة كثيرة في مجال العمل والبطالة والجريمة والأمن الصناعي وتلوث البيئة وتعاطي المخدّرات.. الخ بتمويل من الحكومة أو المؤسّسات المدنيّة أو البلديات، وتُسند تلك الأبحاث والدراسات إلى عدد من ذوي الاختصاص، ثم تجري مناقشة النتائج في أوساط علمية لتفسير وتحليل أبرز مظاهر المشكلة والحلول المُقترحة، وبعد ذلك تُطرح علنياً وعلى نطاق جماهيري واسع، وبذلك يجري ربطٌ عمليّ بين الجامعة ومراكز البحث العلمي والمشكلات التي يبحث المجتمع عن حلول فعّالة لها. والأمر نفسه يحصل في مجالات أخرى كالصناعة والزراعة والتعليم وقضايا الأسرة والمعوقين وكبار السن.. الخ.‏

أمّا بالنسبة إلى الوضع في الوطن العربي، فإنّ الدراسات الاجتماعيّة ما تزال أسيرة الصراعات والمجادلات الأيديولوجية "فحين نتكلم عن قضيّة اجتماعية مُعينة يجري تصنيف الآراء والأفكار المطروحة بأنها يمينّية أو يساريّة أو مع الإسلام أو ضدّ الإسلام.."(14).‏

وبرغم إيماننا بأنّ الأيديولوجيا تُعَدّ من أهم معوقات تحقيق الموضوعية في العلوم الاجتماعية، إلا أننا نرى بالمقابل أنّ محاولات تجنّب الأيديولوجيا من الصعوبة بحيث تكاد أن تصل إلى طريق مسدود. فالأيديولوجيا هي أحد المتغيّرات الهامّة (شئنا ذلك أم لم نشأ) في النظرية الاجتماعية ومن العسير تجنّبها في دراسات علم الاجتماع والأنساق المعرفية المتفرّعة عنه، بدءاً باختيار الموضوع وانتهاء بمحاولات المناقشة والتفسير، وذلك لتمحور الدراسات والبحوث الاجتماعية حول الإنسان وقضاياه المجتمعيّة المختلفة، وهي قضايا تتّسم أيضاً بالنسبية، وترتبط بالقائم بالدراسة وهو الإنسان أيضاً، الذي تتباين رؤيته للأمور وتختلف أيديولوجيته ومعتقداته ومن ثم أحكامه. فالإنسان الباحث يظلّ أسير انتماءاته الاجتماعية والطبقية والقومية والسياسية والدينية والثقافية، وتظلّ محاولات تحرّره أملاً يراود هؤلاء الذين يرون أنّ تحقيق الموضوعية في علم الاجتماع رهنٌ بهذا التحرّر النسبي. ومن المحقّق أن بعض علماء الاجتماع الغربيّين مّمن ينتمون إلى جناح التوازن في علم الاجتماع قد اعترفوا بالدور الذي لعبته وما زالت تلعبه الأيديولوجية في علم الاجتماع، فها هو روبرت ميرتون R.MERTON يعترف بأنّ الولايات المتحدة وحدها تضمّ حوالي خمسة آلاف عالم اجتماع، ولكل واحد منهم علم اجتماع خاص به His own sociology" " وما هذا التعدّد -فيما يرى ميرتون -إلاّ نتيجة لتعدّد التصورات أو بالأحرى كنتيجة لتعدّد الأيديولوجيات(15).‏

وهناك عدد من الباحثين الاجتماعيين، الذين يرون أنّ صراع الأيديولوجيات (الليبرالية -المُحافظة- الراديكالية..) قد ساعد على تطوير النظريات العلمية المتناسقة مع وجهات النظر الأيديولوجية المعنية وطوّر من قدراتها على التفسير والتنبؤ، ولكن من جهة أخرى يمكن القول أنّ التحليل السوسيولوجي المرتبط ارتباطاً أعمى بمنطلق أيديولوجي مُعيّن يُشكّل احتكاراً لقدرات عالم الاجتماع في التفسير وتطويع المعطيات النظرية والمنهجية لتتناسب مع موضوع البحث وخاصيّة الظاهرة(16).‏

ومن ناحية أخرى يبدي بعض الدارسين الاجتماعيين والكُتاب العرب تشاؤماً كبيراً حول مستقبل الدراسات السوسيولوجية في الوطن العربي، نظراً لما يعتقدونه من تبعية مطلقة في كل شيء ينتجه الغرب بشقّيه الرأسمالي والماركسي، حيث أنّ مسألة "المرجعية العلمية" لم تجد لها حّلاً بعد. "فالبُنية المدرسيّة والجامعية المُعاصرة في الوطن العربي والعالم الثالث هي بُنية تُقلّد الغرب بشكل كاريكاتوري، ليس في المسار العام فقط، بل في التفاصيل أيضاً. ولأنّ الكتابات المدرسيّة هي كتابات تاريخية في الأساس، وعلم الاجتماع ببنيته الحالية هو علم غربي، فإنّ هذه الكتابات تأتي على صورة البحوث الغربية في هذا المجال(17).‏

ولكنْ أين تكمن التبعية العربية في ميدان الدراسات والبحوث الاجتماعية، هل في النظرية، أم في المفاهيم، أم في الطرائق؟!‏

الدكتور رضوان السّيد يجزم بأنّ تبعية الدراسات الاجتماعيّة العربيّة، خاصّة في المُصطلح والمجال والاستبيان والرؤية التحليليّة والشاملة للمجتمع. وهو يرى أنّ الامبريقيّين الغربيين وضعوا مصطلحات وطرائق للبحث الحقلي نابعة من مشكلاتهم هم، تلك التي تواجهها مجتمعاتهم أو تبدو فيها. فإذا كان استخدام الرؤية الغربية لدى المؤرخين الاجتماعيين العرب يخرج مجتمعاتنا واهتماماتنا الاجتماعية التاريخية من مجال الرؤية هذه، فإنّ تبعية الميدانيين مُصطلحاً وطرائق للطرائقيّين الغربيّين تجعل منطلقاتهم خطأ، ونتائجهم أقلّ دقّة ومصداقية(18).‏

ويؤكد الدكتور السيّد أنّ الدراسات الميدانية التي تنطلق من مقولة الطبقات الاجتماعية أو تلك التي تنطلق من رؤية تجريبية أو نظرية غربيّة -لعلاقة السّلطة بالمجتمع -ليس بوسعها مهما وجدت جزئيات مؤيّدة أنْ تقدّم كثيراً مفيداً في مجال دراسة مكافحة الظواهر المرضيّة أو المتخلّفة(19).‏

وتلقى النظرة السابقة رواجاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية العربية، التي تتحدّث دائماً عن التبعية الفكرية لمناهج الغربيين ونظرياتهم وطرائقهم. و"الاتّهام" الأساسي يتمثل في أنّنا "نكتب عن مجتمعاتنا من خلال ما يكتبه الآخرون في علم الاجتماع أو عن مجتمعاتهم، ونطبّق ما نستطيع تطبيقه على مجتمعاتنا، والمجتمع الذي لا ينتج صناعته وبضائعه وموادّه قلّ أنْ يستطيع إنتاج فكر لا يكون تلفيقياً أو توفيقياً، نأخذ بسهولة ويسر موادّنا ومصنوعاتنا ومنتوجاتنا الاستهلاكية، وذلك عينه هو ما يبدو أنّنا نفعله في الميدان الكتابي أو في ميدان الفكر والتفكير، نفضّل السهل، ونقع في الاستيراد وفي الاستهلاك والمضغ"(20)‏

هذا ويعتقد الدكتور علي زيعور بأنّ تضارب التوجّهات (أو التّيارات) في دراساتنا الاجتماعية، لا يعود إلى تنوّع فكر الباحثين وغنى مناهجهم بل إلى الارتباط الفكري بين الباحث والمدرسة الأجنبية أو السلطة الغربية التي يتبعها بلده، لأننا -كما يقول- "لا ننتمي إلى مدرسة عربية محدّدة في علم الاجتماع أو في علم النفس الاجتماعي أو في الفلسفة، إننا نستهلك، إننا نأخذ المنهج والتوّجه دون أن ننصبّ على إنتاج المنهج المستقل والتوجّه النابع من واقعنا"(21).‏

وقد غالى الدكتور زيعور في وصوفاته السلبية -النفسانيّة للدراسات الاجتماعية العربية، التي تنْظُمُها "التيارات الأميركية المنهج، حيث تجمع بيانات معطيات (في ميادين الفولكلور /خ.ج) لا تقودها نظرية وتؤدي إلى معرفة بلا وظيفة وعديمة المعنى"(22). بل وصل به الأمر إلى حدّ الإعلان: "إنّ علم الاجتماع الأميركي، في الكثرة الكثيرة من أبحاثه، يخدم السياسة الأميركية والنظام الأميركي، ويعمل ضدّ التطور بل وضدّ الإنسانية الساعية لرفع مستويات الإنسان"(23).‏

ونحن بدورنا نرى عدم فائدة التبسيط الشديد للمواقف والاتجاهات والتيارات، وأنّ التعميم في الأوصاف والتقييمات السلبية يوقعنا في تكرار الأخطاء، والرفض المتبادل، وإطلاق الاتهامات المجانيّة، التي تبعدنا عن التدبّر الشامل والدراسات الميدانية للبنية الاجتماعية العربية، وصولاً إلى ملامح نظرية عامّة تحكم تطور مجتمعاتنا وتشكل إطاراً ينظم اتجاهاتها المستقبلية.‏

ثانياً- معوقات التطور والإبداع في الدراسات الاجتماعية العربية:‏

يختلف الباحثون والدارسون الاجتماعيون العرب في تشخيص العوامل والظروف المسبّبة لقلّة الدراسات والبحوث الاجتماعية المبتكرة والأصيلة في البلدان العربيّة. ويصنّفها بعضهم ضمن العوائق التالية(24):‏

1-العائق النظري: ويتمثّل في الضعف النظري لدى الاجتماعيين العرب، حيث أنّ ما يعرفونه عن المدرسة الثقافية الأمريكية -مثلاً- ينبع من قراءات مختصرة ومطالعات سريعة، لمقالات ودراسات انتقائية مُعرّبة. وغالبيتهم لا يطّلعون على النصوص الأساسية (الأصليّة) للنظريات المطروحة، لذلك يواجهون صعوبات حقيقية في الحكم الموضوعي على تلك الآراء والتيارات والاتجاهات.‏

2-العائق المنهجي: يلعب هذا العائق دوراً كبيراً في عرقلة تطوّر العلوم الاجتماعية في الوطن العربي. ويتجسّد في إهمال بعض الاختصاصات الهامة في دراسة مشكلاتنا الاجتماعية (كعلم الاجتماع البدوي والريفي وعلم الاجتماع الديني). كما يتمثّل في بعثرة الجهود المبذولة من الباحثين الاجتماعيين على امتداد الأرض العربية. ويمكن الموافقة هنا جزئياً على الرأي القائل إنّ دراساتنا الاجتماعية تعود إمّا إلى الاتجاه المادي الجدلي والتركيز على الصراعات، أو إلى الاتجاه البُنيوي والوظيفية، أو إلى الاتجاه الذي لا يتقيّد باتجاه ولا يلتزم بنظرية أو منهج، بقدر ما يوفّق ويلفّق عن وعي تارة أو تسهيلاً للدراسة وبدون وضوح تارات أخرى. فالخاصيّة الكبرى لعلم الاجتماع العربي أنّه لا ينتمي إلى اتجاه وحيد، أو إلى منهج معين، أو مدرسة اجتماعية بعينها.‏

بكلمة أخرى، لا توجد مدرسة اجتماعية عربية، بل مجموعة واسعة من الدراسات في علم الاجتماع منها التجزيئي الإقليمي، ومنها الجهوي والمحلّى. وهي مدرسة متأثرة بالأيديولوجيات والتيارات الاجتماعية العالمية. "ويبقى فكرنا يدور في حلقة مفرغة: يأخذ من الأجنبي ويعزّز الأجنبي بذلك الأخذ. ومن هنا أيضاً، كسبب أو كنتيجة معاً، إنّ علم الاجتماع عندنا غير متميز بخصوصيات، ولا يحمل سمات الواقع وتطلّعات المجتمع.. وعلم الاجتماع العربي غير ملتصق بذلك الوجود ولا بمصيرنا، وأعمالنا تطبيقية لمناهج أجنبية، وأخذ ونقل وترجمة، إنها إعداد وليست عملاً نظرياً أو صناعة "أهل النظر" المتخصّصين المكرّسين"(25).‏

وفي الإطار ذاته، يُلاحظ انقسام الباحثين الاجتماعيين العرب إلى فريقين: فريق يناقش الموضوعات المطروحة من منطلق النزعة الشمولية، وفريق آخر ينطلق منن خصوصيات الظواهر والفولكلور والعادات والأعراف المحلّية في البلدان العربية المختلفة. فالشموليون يرون أنّ المجتمع العربي ما يزال وحدة بالمعنى السوسيولوجي رغم تفاقم الاقليمية والقطرية، وتفاقم ظواهر التفتت والانقسام والتناحر، وكثرة الحدود والخلافات والصراعات والصدامات المباشرة وغير المباشرة والقيود على الحركة الاجتماعية.. الخ. أمّا الامبيريقيّون (الميدانيون/ التجريبيّون)، فإنّهم يتمسكون بالأبحاث الأنتروبولوجية والخصوصيات الفولكورية البادية على السطح. ويبدو الوطن العربي أمام ناظر الباحث الاجتماعي ذي النزعة التجزيئية جُزراً معزولة، تحكم كلاً منها قوانين تنتج ظواهر متباينة. رغم أن العرب ما يزالون أمّة واحدة في الثقافة والدين واللغة والتاريخ وأنماط المعيشة.‏

لكن الانصاف يقتضي القول إنّ هذه الاشكالية لا تصدق على الاجتماعيين فقط، بل على الباحثين العرب في تخصّصات أخرى كثيرة.‏

والواقع أنّه رغم ظهور بعض المحاولات التي كانت تهدف إلى إبراز نوع من النظرية الاجتماعية العربية (قسطنطين زريق، ساطع الحصري، عبد العزيز الدوري وغيرهم)، فإنّ من المسلّم به أنه -بخلاف نظرية ابن خلدون -لا توجد إلى الآن نظرية اجتماعية نوعية متكاملة عن المجتمع العربي، غير متشرّبة بالمسائل والأفكار والأطروحات الأيديولوجية.‏

إنّ الارتباكات والاضطرابات والصراعات الحاصلة في الدراسات والمناهج البحثية الاجتماعية العربيّة، تعود -حسب تقدير بعض المختصين- لعوامل عدّة، في طليعتها(26):‏

أ-التعميم والإطلاقية أو المواقف الحدّية كالمبالغة في عمومية المجتمع العربي من جهة، أو في خصوصية مجتمعات أقطاره من جهة أخرى.‏

ب-فقدان الصلة بين التنظير والعمل الميداني الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين المنّظرين والممارسين.‏

جـ- اشكالية المنهج وغياب الموضوعية عن الكثير من التحليلات السوسيولوجية. وهو ارتباك يرتبط تارة ارتباطاً مباشراً بأنماط النظرية وتارة أخرى بنوعية الموضوعات المبحوثة. ويُعزى هذا الارتباك المنهجي لعوامل عدة، من بينها: ضعف مستوى التدريب الجامعي في المنطقة في مجالات تصميم البحوث واستعمالات المنهج وطرق البحث الكمية، ندرة الفرص المتاحة لعلماء الاجتماع والمتخّصصين لإجراء بحوث مسحية أو حقلية، ولجوء كثيرين منهم إلى استبدال ذلك النقص بتبنّي مناهج كيفية ونقدية في معظمها، بدائية تقنية البحوث الاجتماعية العربية وبخاصة في مجالات طرق تجميع البيانات وتنسيقها وتبويبها وتحليلها وكذلك في مجالات البحوث التطبيقية.‏

ومن أهم المواقف تجاه إشكالية المنهج في البحث السوسيولوجي العربي، نشير إلى موقفين عريضين:‏

الموقف الأول يحبّذ الاهتمام بالتنظير على حساب المنهج، ويرى البحث السوسيولوجي من منظور مناقشة ومقارنة وتوليف المواقف والمفاهيم الواردة في أفكار الروّاد.‏

أما الموقف الثاني، فإنه يحبّذ الاهتمام بالمنهج على حساب النظرية، ويفضّل تقديم أعمال امبريقية كمية مُبسّطة معتمدة على الدراسات الميدانية والمسحيّة.‏

على صعيد آخر حذّر بعضٌ من دعاة المحلية من استيراد منهجيات بحث غريبة عن المجتمع العربي ومن تطبيقها دون دراسة للأوضاع السائدة. وعبّروا عن ضرورة إعادة النظر في الأساليب المنهجية ومحاولة ابتداع وتطويع أدوات بحثية ومنهجية ملائمة لخصوصية الواقع العربي ومشكلاته (عزّت حجازي، سيكولوجية الإنسان المقهور).‏

بينما يرى الفريق الآخر أنه لا ضرر من الإطلاع على المناهج العلمية المُستعملة في التحليل السوسيولوجي الغربي، وتمثّلها واستعمالها في الحالات المناسبة، وخصوصاً أنها قدمت الأسانيد القاطعة عن قدرتها على التفسير والتطور والتعبير.‏

3-العائق الاجتماعي: حيث يشكو الاجتماعيون العرب من أن المؤسّسات التي يعملون في إطارها لا تشّجعهم على إثارة المشكلات الجديدة والموضوعات الخلافية. فالباحث في البلدان العربية يُصنّف ضمناً أو عُرفاً، الموضوعات إلى "حسّاسة" و"غير حسّاسة". وهو نهجٌ له دور فعّال على صعيد الانتاج السوسيولوجي في البلدان العربية.‏

من تلك الموضوعات "الحسّاسة" يذكر الباحث فردريك معتوق، على سبيل المثال: المرأة ومشكلاتها؛ والدين والجماعات الدينية ودورها الفعلي، في الحياة الاجتماعية والسياسية العربية. ثم إنّ الباحث الاجتماعي يفضّل عدم الخوض في مايسمّيه البعض حقول الألغام الاجتماعية.‏

من هذا الموقف المستسلم، ومن هذه الاستقالة الصامتة والمعّممة تنبع المعالجات الهامشية لواقعنا الاجتماعي، لدرجة أنّ مطالعة بعض الروايات العربية الناجحة أو مشاهدة بعض الأفلام العربية الجريئة والواقعية، تعطينا فكرة أوسع عمّا يجري في الواقع الاجتماعي من الأبحاث والدراسات الاجتماعية(27).‏

ويؤيّد هذه الرؤية الباحث الاجتماعي محمد حافظ دياب، الذي يؤكّد -في معرض دراسته للخطاب السوسيولوجي في الجزائر -أنّ الفعل السوسيولوجي في منطقتنا العربيّة يتخلّف أو يتأخر عن مجمل أفعال التغيير الاجتماعي الجارية فعلاً. بمعنّى آخر، إن تجارب التنمية وإجراءات تحديث البنية الاقتصادية، وصياغة أسس عمليّة لثقافة وطنية، وكل ما تثيره من ردود اجتماعية أسبق من الدراسات والبحوث السوسيولوجية. مثال ذلك، أنّ إعادة هيكلة المنشآت الصناعية التي تمّت في الفترة ما بين عامي 1982 و1985، قد استتبعتها أبحاث سوسيولوجية عديدة، وهو ما قد تبدو معه الممارسة السوسيولوجية كفّعالية تابعة. وما يزال سائداً الاتجاه القائل إنّ مهمة السوسيولوجيا هي الاقتصار على دراسة المعطيات الظاهرة والمباشرة، التي تتفادى الموقف الأصعب، القائم على إعادة هيكلة الواقع، واستخراج قوانينه ودينامياته، عبر تجاوز الظواهر والعلاقات المباشرة إلى البحث عن المحرّكات والعناصر الفاعلة في آلية حركية البُنية الاجتماعية -الاقتصادية. ويأخذ الباحثُ دياب على السوسيولوجيا المُطبقة في الجزائر هروبها من بحث مشكلات البُنية البيروقراطية واختلالاتها الوظيفية في المنشآت الانتاجية والخدمية، ومشكلات الهجرة الداخلية والخارجية، وقضايا بطالة الشباب، وآثار النظام الاقتصادي على البُنية الاجتماعية -الطبقية، ومظاهر الاستهلاك الترفي، وظاهرة المدّ الإسلامي (الأصولي). وكلّها موضوعات لم يستطع البحث السوسيولوجي في الجزائر أن يضعها في صلب اهتماماته بعد(28).‏

4-العائق السياسي: يرى عددٌ كبير من الباحثين العرب أنّ المؤسّسات الرسمية، خصوصاً صاحبة القرار تنظر بحذر بالغ إلى ما يقوم به الباحثون الاجتماعيون من دراسات وغوص في أعماق المجتمع وأنساقه المختلفة. وهناك قطيعة واضحة بين أصحاب القرار والذين يمتلكون ناصية المعارف العلمية- الاجتماعية. وفي هذا السياق يقول الباحث الاجتماعي المعروف سيّد ياسين: "إنّ عملية اتخاذ القرار محتكرة في يد نخبة سياسية لا تؤمن بالمنهج العلمي الإيمان الكافي، وهذا أحد أسباب عدم فاعلية العلوم الاجتماعية في الوطن العربي"(29).‏

هناك إذاً أزمة ثقة بين العلوم الاجتماعية في البلدان العربيّة وبين المؤسّسات الرسمية، بعكس ما يحصل في الدول المتقّدمة صناعياً في العالم. والجدير ملاحظته أن سبب حذر القيّمين على الأمور السياسية، قد يعود إلى عدم اكتشافهم لأهمية الدراسات والبحوث الاجتماعية في ميدان التخطيط الاجتماعي والاقتصادي ودراسات الرأي العام وأساليب التوقّع والتنّبؤ والاستطلاعات الاجتماعية والسياسية والنفسية.. الخ. حيث أن العلوم الاجتماعية تظلّ سلاحاً مزدوجاً، يمكن أن يختار كل طرف يستخدمه ما يتناسب مع مصلحته أو توجهاته وتطلعاته.‏

كما أنّه لا بّد من الإشارة إلى حصر موضوعات البحث والدراسات السياسية، أو بالأحرى موضوعات "علم الاجتماع السياسي" حتى داخل حدود المؤسّسة الجامعية نفسها. ومنها المسائل المتعلقة بطبيعة النُخَب الحاكمة والبيروقراطية وحجم الفساد في المؤسسات الرسمية(30)".‏

وقد توقف عددٌ من الدارسين والمفكّرين والكتّاب العرب عند إشكالية العلاقة بين المثقفّين عموماً والباحثين الاجتماعيين بصفة خاصة والسلطات الرسمية. ونشير في هذا المنحى إلى ما تحدّث به الدكتور رضوان السيّد في أثناء تحليله "لمشكلات البحث الاجتماعي العربي"، حيث يقول: "إنّ السياسيّين العرب في غالبيتهم لا يميلون إلى الدارسين الاجتماعيين، ولا يشجّعون البحوث الاجتماعية بالوطن العربي، وفي ربط كراسي الدراسات الاجتماعية بالنفسّيات والفلسفيات في بلدان عربية متعدّدة. ومن المعروف أنّ الاجتماعي المعاصر شأنه في ذلك شأن الاقتصادي يعتمد على الاحصائيات والبيانات الكمّية التي تُصدرها مؤسّسات الدولة المتخصّصة. لكن هذه الإحصائيات والبيانات الكمية لا تظهر أو لا تُنشر في عدّة بلدان عربية لأسباب مختلفة، فتزيد عمل الدارس صعوبة وعُسراً خصوصاً مع فقدان الدعم أو القرار السياسي الضروريّين لإجراء مثل هذه البحوث"(31).‏

والواقع أنّ المؤسّسات الرسميّة في الوطن العربي ما تزال تتجاهل الدور الحقيقي، الذي يمكن أن يلعبه علم الاجتماع في التأثير الإيجابي في التحولات الجارية في المجتمع. لكنْ من الملاحظ أن هناك محاولات للاستفادة من الفرص التي تقدّمها العلوم الاجتماعية (ولا سيّما علم النفس الاجتماعي أو سيكولوجيا الحشد) في ترسيخ الهيمنة والحفاظ على السيطرة، التي تتمتع بها النخبات الحاكمة، سواء في الميادين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعلاميّة.‏

فالباحث الجزائري العياشي عنصر يرى أنّ أصعب ما يتعرّض له علم الاجتماع الجزائري اليوم، إنّما يتمثّل في سيطرة السلطة السياسية، التي سعت تحت شعار "تأسيس علم اجتماعي ملتزم بقضايا المجتمع" إلى بسط نفوذها على هذا الفرع الهام من فروع المعرفة. وقد قَبِلَ علمُ الاجتماع هذا الدور الامتثالي، مكتفياً بلعب دور الصدى للقراءات والإجراءات السياسيّة، وتبرير سيطرة القوى الاجتماعية التي بيدها الحكم. "لقد أدّى الخلط بين الالتزام والامتثالية إلى فقدان علم الاجتماع في الجزائر لكل مصداقية"(32).‏

وإذا ما اتّجهنا صوب منطقة الخليج العربي، فإنّنا نعثر على أصداء المشكلات ذاتها، التي يثيرها الاجتماعيون العرب دائماً، حيث يُلاحظ "أنّ بعض الاجتماعيين الخليجيينّ مُستهلك للمعرفة السوسيولوجية أكثر من قدرته على تسخير المعرفة لفهم الواقع في الخليج العربي. كما أنّ مراكز البحوث لم تساهم بالقدر الكافي في طرح مشكلات المجتمعات الخليجية وقضاياها، ولم تساهم حتى الآن مساهمة حقيقية في بناء هذه المجتمعات.. وأنّ قصور البحوث الاجتماعية في منطقة الخليج العربي مرتبط بالتخلّف في المجتمع والنظرة العدائية للبحوث الاجتماعية بصفة عامة"(33).‏

ومن خلال دراستها الاستقصائية- التحليلية للبحوث والمؤلفات والدراسات الاجتماعية لمجمل بلدان الخليج العربي على مدى عشر سسنوات (من 1980 إلى 1990) توصّلت الباحثة الاجتماعية/ الأستاذة جُهينة سلطان العيسى إلى أنّ البحث الاجتماعي، في المجتمع الخليجي، قد عجز عن إعطاء حركة المجتمع مفاهيم وتبريرات اجتماعية وسياسيّة بخاصة في الجوانب الآتية(34):‏

1-لم يستطع البحث الاجتماعي تقديم تفسير للظواهر المستّجدة في المجتمع الناتجة عن التطور المادي المتمثّل في استخدام التقانة الغربية، والتطور الاقتصادي الناجم عن الطفرة المادية غير المقترنة بتغيّر إيجابي في السلوك الاجتماعي والثقافي والسياسي.‏

2-عجز البحث الاجتماعي عن إعطاء تفسيرات لحالة الاغتراب التي يعانيها المواطن بصورة أبعدته عن أداء دور المواطنية المسؤولة.‏

3-وقفَ البحث الاجتماعي عاجزاً عن تفسير الظواهر السلطوية، ووقوف المواطن موقف العاجز والمسيّر، والسكوت عن غياب الديمقراطية.‏

4-لم يقم البحث الاجتماعي بدراسة القيم المستّجدة المنتشرة في المجتمع، وهي في أغلبها بعيدة عن قيم المجتمع الأصيلة.‏

5-عجزَ الباحثون والدارسون عن الخروج من دائرة التخلف والقهر، المرتبطين بالتخلف الاجتماعي والقهر السياسي، الأمر الذي دفع دراساتهم إلى الابتعاد إلى المجالات الوصفية، واختيار المداهنة بين فلسفة العلم وفلسفة الدولة. وهو ما يؤهلهم، تحت كل التفسيرات، للخروج من دور المثقف والصفوة إلى أدوار أخرى.‏

إضافة إلى مجموعة عقبات سياسية وثقافية وإدارية تحول دون تقدّم البحوث والدراسات الاجتماعية في الوطن العربي، منها: تبعية السوسولوجيا للسلطات الرسمية، التي تعمل لتلبية حاجات الدولة، وليس تبعاً لاستنتاجات علماء الاجتماع أو الواقع الاجتماعي، وقلّة الإمكانات المادية والفنية اللازمة للبحوث الاجتماعية؛ والقيود المفروضة على اختيار موضوعات البحث، وندرة المصادر الاحصائية الدقيقة الضرورية للبحث، وما يطرأ على هيئات البحوث من تغيّر دائم، وسوى ذلك من عقبات(35).‏

ثالثاً- تصوّرات لتجاوز الأزمة وتطوير الدراسات الاجتماعية العربيّة:‏

الواقع أنّ الاجتماعيّين العرب بسبب عدم اتفاقهم بخصوص مناهج البحث والنظريات الاجتماعية، وأيضاً بسبب الاختلافات الأيديولوجية والرؤى السياسية، لا يتفقون بالتالي على نوعية الأساليب والوسائل والممارسات، التي من شأنها إخراج الدراسات الاجتماعية العربية من جمودها الراهن. فالدكتور محمود عبد الفضيل يعتقد أنّ المخرج يكمن في إثراء وتطويع منهج المادّية التاريخية، وتطبيقه بصورة حيّة وخلاّقة لدراسة الأوضاع والعلاقات الطبقية في المجتمعات العربية. وفي الوقت نفسه يجب الاستفادة من اسهامات ومناهج التحليل التاريخي لدى ابن خلدون حول القبيلة والدولة والعصبية، وكذلك من منهج التحليل الاجتماعي لدى ماكس فيبر حول الدور الذي تحتله "جماعات المكانة"- المرتبطة بالبناء الفوقي للمجتمع -في البنيان الاجتماعي والطبقي للمجتمع، وما تحفل به كتابات التراث العربي والإسلامي عموماً(36).‏

أمّا الدكتور حليم بركات، فإنه يقترح اعتماد المنهج الاجتماعي التحليلي المقارن والنقدي، الذي يشدّد على الدينامية والتناقض وتداخل الظواهر، وذلك من منظور عربي شامل(37). ومع أنّ أطروحة الدكتور بركات تُشدّد بالدرجة الأولى على الأهمية الكبرى للبُنى التحتية، إلا أنها لا تنظر إلى البنى الفوقية الثقافية بوصفها مجرّد نتيجة، بل كفعل أيضاً له مؤثراته على البنية التحتية. وهذا يعني أنّ الثقافة بما تتضّمنه من معتقدات ومبادئ وقيم ونظريات ومقولات وآراء ومفاهيم تتصل اتصالاً وثيقاً بالتناقضات الاجتماعية القائمة. والأهم من ذلك كلّه دراسة المجتمع العربي من منظور قومي التزاماً بقضاياه وفي سبيل تغيير الواقع. ولا بدّ من الاعتماد على علم اجتماع عربي يصرّ في آنٍ واحد على الالتزام وما يتّصل به من معتقدات وقيم ضرورية تقتضيها الموضوعية نفسها(38).‏

ومن ناحيته يرى الدكتور عبد الوهاب بوحديبة أنّ الوطن العربي كسائر البلاد النامية، في حاجة إلى إبراز خصوصياته عن طريق البحث الميداني وعن طريق التنظير أكثر مّما هو في حاجة إلى تجاوز تلك الخصوصيات نحو معرفة في نهاية التجرّد كما تدعونا إلى ذلك البنويّة أو الماركسية. وعلينا ألاّ ننسى أنّ تأخّرنا هو تأخر أيضاً في التعرّف بدقّة على تفاصيل أحوالنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية(39). لكنّ المنطلق الأساس لإنشاء "علم اجتماع عربي" (وفق رأي الدكتور بوحديبة): ينبغي أن يكون واقع المجتمعات العربية باعتبارها تكوّن وحدة متنوعة "أو إن شئنا تنوعاً في الوحدة"... وأن نرمي إلى مزيد من التعرّف على هذه الخصوصيات وأن نعتبر تجربة كل بلد كجزء من تجربة أوسع ينبغي التعرّف عليها ووضعها تحت تصرف أهل الذكر في البلاد وخاصة أصحاب القرار منهم(40).‏

ويبقى علينا أن نفكك المنهاجيات المتّبعة في الدراسات الغريبة، "حتّى لا تطغى علينا النقدية المفرطة فلا نتقّبل ما يكتبونه عن مجتمعاتنا إلاّ بعين تُميّز بين الاتجاهات وتغربل بين "الحقائق".. ونكسب الامكانيات المنهاجية (الأخرى/ خ.ج) وذلك على شرط أن نحوّلها من "الخارج" إلى "الداخل" ومن "الداخل" إلى "الذاتي" وهذا يتطلّب نقد المفاهيم وتزكية المواقف وضبط الفرضيات وتدقيق الاستنتاجات(41).‏

وإلى نتيجة مماثلة -تقريباً- يصل الدكتور رضوان السيّد، الذي يعتقد أنّ أفضل ردّ على "التبعية" التي تعاني منها الدراسات الاجتماعية العربية، يتمثّل في: "ضرورة قيام علم اجتماع عربي لا يهتم بالتمايز عن الغرب بقدر ما يهتم باستنباط مصطلح وطرائق قادرة على التصديّ لقراءة الظواهر الاجتماعية العربيّة واقتراح الحلول المناسبة لها. ومن هنا تأتي ضرورة تكوين جمعية للدارسين الاجتماعيين العرب على مستوى الوطن العربي تتجاوز اختلافات المدارس الاجتماعيّة الغربيّة للوصول إلى "تطبيقات عربيّة" لميدانية تنطلق من مشكلاتنا نحن؛ وإن لم يكن ضرورياً أنْ تنتهي بهذه المشكلات"(42).‏

وعموماً لا بدّ من توحيد وتنسيق بين الجهود البحثّية والتنظيرية التي يقدّمها المختصّون الاجتماعيون في الوطن العربي، بحيث لا تبقى دراساتهم اقليمية أو جزئية أو مغلقة فاقدة الانفتاح والاتساع والشمولية. كما يجب أن تنفتح في الوقت ذاته على التيّارات الكبرى في الفكر الاجتماعي الإنساني المعاصر، عبر مواكبة فكريّة مستمرة وروح علميّة واعية.‏

إنّ أغلب المشتغلين في حقل الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي يتفقون على ضرورة أن نفهم حضارتنا وواقعنا وأنفسنا، كما حاولنا فهم حضارة "الآخر" وحفظ مناهجه، واستخدام مصطلحاته العلمية والأيديولوجيّة والقيميّة في دراساتنا الأكاديمية ووسائل الإعلام المختلفة، وذلك بغية تحديد مواقف علمية -موضوعية واعية من "الأنا" و"الآخر". على أنْ ننطلق من النقاط والعموميات التالية"(43):‏

1-لا توجد حضارة بلا تضاريس وتباينات وتناقضات أيديولوجية وفكرية واجتماعية. والحضارات والمجتمعات كلها اشتملت في معظم مراحلها التاريخية على عناصر عقلية وعاطفية، مادية وروحية، عناصر أصيلة -تراثية، وأخرى وافدة ومُستعارة ومُكيّفة، وإنْ تفاوتَ التركيز على هذا العامل أو ذاك، وعلى الكيفية التي تمتزج وتتصل بها هذه الأبعاد والعناصر والاتجاهات.‏

2-إنّ العرب المعاصرين لا يعيشون في جزيرة منعزلة جغرافياً، كما أنّهم لا يعيشون خارج العصر ومتغيّراته ومتطلباته ومستحدثاته. لكن اختلاف التركيبة الاجتماعية العربية عن تلك التي بالغرب المعاصر يجعل مشكلات العصر وقضاياه تنعكس على مجتمعاتنا على شكل أفعال وظواهر وردود أفعال تختلف عن المجتمعات والتطلعات القومية. ومن مقولة "شرعية الاختلاف"- وهي مقولة غير قيمية- تبدو ضرورة الخروج من أشر التبعية في المصطلح والتحليل ومجالات الاهتمام. وليست هذه دعوة للانقطاع عن العالم، بل هي دعوة للدخول في العصر من خلال ثقافتنا المحلّية ومشكلاتنا الخاصّة. وهو ما عبّر عنه بعض الباحثين بمقولة "الاعتماد على الذات علمياً" أو "الممارسة العلمية المستقلّة" حيث تتطلب تنويعاً لمصادر المعرفة، والتعامل معها تعاملاً نقدياً واعياً ومستوعباً، وتحديد ما نريد من تراثنا الغني ومن تراث الشعوب الأخرى.‏

3-إنّ معركة "الاستقلال العلمي" لا تُحسم داخل المؤسّسات العلمية والأكاديمية فقط، بل هي بحاجة إلى تضافر جهود وتنسيق عمليات وخطوات كثيرة على مستويات تعليميّة وإعلامية وثقافية وسياسيّة. وإذا سلّمنا بأهمية هذا المنطلق، فإنّ ثمّة آليّات تمهّد الطريق للتخلّص الجدّي من "التبعية" الفكرية، ومواجهة عناصرها ومفرداتها، ووضع اللبنات القويّة على طريق طويل يمهّد حقيقة لبناء ممارسة علمية عربيّة مأمولة، ولعلّ من بين الآليات والإجراءات العملية المثمرة الخطوات التالية:‏

أ-التخطيط لإجراء دراسات وبحوث واقعية -ميدانيّة حول مظاهر وأشكال التبعية في الأنساق المعرفية المختلفة على أن تستوعب (هذه الدراسات والبحوث) الحالات والمؤسسات العلميّة العربيّة كافّة.‏

ب- تحليل التاريخ الاجتماعي والتراث العربي بصورة منهجية منظمة، لمعرفة ثوابته ومتغيراته، وشروط النهوض ببعض أنساقه وأطروحاته الأصلية.‏

ج- الاهتمام بالأعمال النقدية للتراث الفكري العالمي، على أن تكون مصادره متنوعة ومتعدّدة (من الشرق والغرب، من آسيا وافريقيا، من أمريكا شمالها وجنوبها)، وأن لا يكون التركيز فيه على سؤال "ماذا يوجد؟" كما درج عدد غير قليل من الباحثين عند التعامل مع تراث الآخر، ولكن استكمال التناول بأسئلة من نوع "كيف؟" و"لماذا"؟ و"لمن"؟.‏

د- تشجيع ودعم الجمعيات العلمية الاجتماعية (على صعيد وطني وكذلك على مستوىً قومي) حتى تساعد في الارتقاء بالعلم، وتبادل الخبرات، وإقامة المؤتمرات والندوات العلمية لتطوير الدراسات والبحوث وتبادل الخبرات في معالجة المشكلات المطروحة. والتفكير (كهدف مأمول) بإقامة أكاديمية عربية للدراسات والبحوث الاجتماعية، لتحقيق أهداف ومرامي وصيغة الممارسة العلمية المستقلة، وتعبئة الطاقات والإمكانات البشرية العلمية العربية، على أن يتجاوز إنشاء هذه الأكاديمية النظرة القُطرية، وأن تتوفر سبل حماية تلك الجمعيات والعاملين فيها من "المضايقات" الفكرية والسياسية والمادية، التي تعوق التفرغ للعلم والإبداع. ويرتبط بذلك ضرورة إصدار المزيد من الدوريات المتخصّصة في العلوم الاجتماعية، لتغطية بلدان الوطن العربي كافة، والإسهام في إنضاج الوعي الأكاديمي الاجتماعي السليم، وتشجيع الباحثين الشباب لخوض معترك هذا الميدان الصعب.‏

هـ-العمل على أن تكون موضوعات الأطروحات الاجتماعية للدارسين العرب في البلدان الأجنبية متعلّقة بمشكلاتنا الخاصّة، وأن تجري بمتابعة وتنسيق مع الجمعيات الاجتماعية في البلدان العربية، بحيث يجري الاستفادة من هذه الأطروحات والرسائل الجامعية في الوطن العربي ذاته.‏

و-إنّ المدخل المعقول للتصدّي لأزمة الدراسات الاجتماعية العربية، لا بدّ أن ينطلق من رؤية الاجتماعي والسياسي في سياق مجتمعي مترابط، أي النظر إلى السياسي كجزء من الاجتماعي وليس كبُنية غربية أو مفروضة من خارج. والمدخل المناسب لفهم العامل السياسي، يمكن أن يكون مفهوم "الوظيفة الاجتماعية" أو"الدور" الاجتماعي لهذا العامل الهام والمؤثر جدّاً في واقع الوطن العربي. الأمر الذي يعني أهمية توجيه البحوث والدراسات الاجتماعية نحو القضايا "الساخنة" والحيوية في حياتنا الاجتماعية -السياسيّة الراهنة، سواء بالنسبة للمجتمع أو بالنسبة للسلطة والمؤسّسات الرسمية والتخطيطية والتشريعية والتنفيذية. وذلك من شأنه تأكيد مصداقية علم الاجتماع وواقعيّة. ولا بدّ من التركيز في الوقت ذاته على الدراسات الخاصّة بـ "استشراف المستقبل"، فهي مسألة استراتيجية لا يستغني عنها أي مجتمع مُعاصر، ومن شأنها تنمية "التخطيط الاجتماعي" على أسس علمية تنبؤية احصائية دقيقة، وبالتالي ربط العلم بالمجتمع وبالواقع والمستقبل.‏

الهوامش :‏

1-الدكتورة زينب شاهين، "الاتجاه الاثنوميتودولوجي في علم الاجتماع"، مجلة "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان السابع والثلاثون والثامن والثلاثون، كانون الثاني (يناير)- أيار (مايو)، 1985-ص292.‏

2-عبد الوهاب بوحديبة، "تطوّر مناهج البحث في العلوم الاجتماعية"، مجلّة "عالم الفكر" (الكويت)، المجلد العشرون، العدد الأول، ابريل- مايو- يونيو 1989-ص23.‏

3-الدكتور عبد الصمد الديالمي، "اشكالية الكتابة السوسيولوجية في المغرب"، مجلّة "المستقل العربي"، السنة السابعة، العدد السابع والستّون، أيلول (سبتمبر) 1984، ص31‏

4-المصدر نفسه، ص33‏

5-الدكتورة جهينة سلطان العيسى والدكتور السيّد الحسيني، "علم الاجتماع والواقع العربي: دراسة لتصورات علماء الاجتماع العرب"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة الخامسة، العدد الواحد والأربعون، تموز (يوليو) 1982 ص38‏

6-المصدر نفسه، ص40‏

7-المصدر نفسه، ص47‏

8-الدكتور خليل أحمد خليل، "تاريخية علم الاجتماع: اتجاهات وتطوّرات، مجلّة "الفكر العربي"، السنة الثالثة، العدد التاسع عشر، كانون الثاني -شباط (يناير- فبراير) 1981-ص56.‏

9-ديل إيكلمان، "الكتابة الأنثروبولوجية عن الشرق الأوسط"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة السابعة، العدد الثاني والسبعون، شباط (فبراير) 1985. ص125.‏

10-مناقشات ندوة "علم الاجتماع وقضايا الإنسان العربي"، مجلّة "المستقبل العربي". السنة السابعة، العدد الثاني والسبعون، شباط (فبراير) 1985، ص125.‏

11-المصدر نفسه، ص127‏

12-المصدر نفسه، ص128‏

13-المصدر نفسه، ص129‏

14-انظر: عبد الباسط عبد المعطي، في المصدر نفسه، ص129‏

15-نقلاً عن: الدكتور نبيل محمد توفيق السمالوطي، الأيديولوجيا وأزمة علم الاجتماع المعاصر: دراسة تحليلية للمشكلات النظرية والمنهجية (الاسكندرية: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975)، ص115.‏

16-مصطفى ناجي، "علم الاجتماع في العالم العربي بين المحليّة والدولية"، "مجلّة العلوم الاجتماعية" (جامعة الكويت)، العدد الخامس عشر- الثاني لصيف 1987- ص185.‏

17-رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي"، مجلّة "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان السابع والثلاثون والثامن والثلاثون، كانون الثاني (يناير) -أيار (مايو) 1985- ص7-8.‏

18-المصدر نفسه، ص8‏

19-المصدر نفسه، ص8-9.‏

20-الدكتور علي زيعور، "تيارات متعددة داخل المدرسة العربية في علم الاجتماع"، في المصدر السابق (الفكر العربي)، العددان 37-38 لعام 1985)، ص249.‏

21-المصدر نفسه، ص235‏

22-المصدر نفسه، ص250‏

23-المصدر نفسه، ص250-251‏

24-انظر: الدكتور فردريك معتوق، "علومنا الاجتماعيّة والمسألية المفقودة"، "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان 37-38، كانون الثاني (يناير) -أيار (مايو) 1985- ص264-268.‏

25-الدكتور علي زيعور، "تيارات متعددة داخل المدرسة العربية في علم الاجتماع، في المصدر السابق، ص255-256.‏

26-عالج هذه المسألة بالتفصيل الباحث الاجتماعي مصطفى ناجي في دراسته "علم الاجتماع في العالم العربي بين المحلية والدولية"، مصدر سبق ذكره في هذا البحث، ص182-183.‏

27-فريدريك معتوق، "علومنا الاجتماعية والمسألية المفقودة"، في مصدر سبق ذكره في هذا البحث، ص266.‏

28-محمد حافظ دياب، "علم الاجتماع في الجزائر: الهويّة والسؤال"، مجلّة "المستقبل العربي"، السنة الثانية عشرة، العدد مائة وأربعة وثلاثون، نيسان (ابريل) 1990، ص94‏

29-نقلاً عن فردريك معتوق، "علومنا الاجتماعية والمسألية المفقودة"، في مصدر سبق ذكره، ص267.‏

30-المصدر نفسه.‏

31-الدكتور رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي" المصدر السابق، ص7.‏

32-العياشي عنصر، "أزمة أم غياب علم الاجتماع" في "المستقبل العربي"،السنة الثالثة عشرة، العدد مائة وسبعة وثلاثون، تموز (يوليو) 1990-ص41.‏

33-جهينة سلطان العيسى، "البحوث الاجتماعية في الخليج العربي: رؤية نقدية"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة الثالثة عشرة، العدد مائة وأربعة وأربعون، شباط (فبراير)، ص108-113.‏

34-المصدر نفسه، ص115-117‏

35-جهينة سلطان العيسى والسيّد الحسيني، "علم الاجتماع والواقع العربي: دراسة لتصورات علماء الاجتماع العرب"، مصدر ذكر سابقاً، ص28-51‏

36-الدكتور محمود عبد الفضيل، التشكيلات الاجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي: دراسة تحليلية لأهم التطورات والاتجاهات خلال الفترة 1945 -1985 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1988)، ص39.‏

37-الدكتور حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر: بحث استطلاعي اجتماعي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثالثة، 1986)، ص29-32.‏

38-المصدر نفسه، ص29-30‏

39-الدكتور عبد الوهاب بوحديبة، "تطوّر مناهج البحث في العلوم الاجتماعية"، مجلّة "عالم الفكر"، المجد العشرون، العدد الأول، إبريل -مايو- يونيو 1989 ص23.‏

40-المصدر نفسه، ص24-25‏

41-المصدر نفسه، ص24‏

42-الدكتور رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي"، في مصدر سابق، ص9‏

43-استناداً إلى دراسة الدكتور عبد الباسط عبد المعطي، "التبعية في العلم الاجتماعي: اشكالياتها، مظاهرها، آلياتها ومدخل التحرّر منها". مجلّة "الوحدة" السنة الرابعة، العدد الرابع والخمسون، حزيران (يونيو)، 1988، ص101-113.‏










 


رد مع اقتباس
قديم 2011-12-07, 23:44   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

الدراسة الأولى واقع الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي

توطئة:‏

إذا كان تعدّد المنطلقات النظرية ومناهج البحث في العلوم الاجتماعية الغربيّة، يمثّل نوعاً من الأزمة والفوضى العلمية (باعتراف أغلب المختصين)، فإن المشكلة أشدّ وطأة في البلدان النامية، ومنها وطننا العربي، حيث تجاوز الجدل بين المشتغلين في علم الاجتماع دائرة الاختيار بين علم الاجتماع الوضعي أو الإنساني أو الماركسي.. الخ، واتجه ليطرح بديلاً إضافياً يتمثّل في التطلّع نحو صياغة نظرية سوسيولوجية وطنية، لها طابعها المتميز الناتج عن خصوصية هذه المجتمعات. فلقد ثار جدلٌ طويل بين علماء الاجتماع حول هذه القضية، وطُرح التساؤل التالي: هل ننقل عن المشتغلين بعلم الاجتماع في الغرب أو الشرق، أم نطوّر نظرية جديدة في علم الاجتماع قادرة على خدمة البلدان النامية في معاركها ضد التخلف والفقر والتبعية؟!(1).‏

ومن ناحية أخرى يؤكد أحد الباحثين الاجتماعيين العرب أن كثيراً من العرب المختصين في العلوم الاجتماعية يكرّسون أوقاتاً ثمينة وجهوداً طائلة لاثبات نظريات واتجاهات وُلدت وترعرعت في مجتمعات أخرى وفي ظروف مغايرة، فنراهم يتفانون في تدقيق بعض المصطلحات ويسلّطونها من أعلى على الأوضاع الاجتماعية العربيّة. والحال أنّ تلك المفاهيم وإنْ كانت طريفة في ذات نفسها وجديرة بالاهتمام والدرس والعناية، فإنّها أصلاً وليدة المجتمع المُصنّع الغربي واستخدامها باسم كونية المعرفة العلمية غير وارد وغير مشروع لأنها لم تأخذ بالحسبان كل الأوضاع الممكنة إنسانياً، ولكن بعضاً منها فقط، فنقْلها بتلك السرعة والبساطة إلى المجتمع العربي يكون حجر العثرة في مسيرة البحوث الاجتماعية العربيّة(2).‏

والمُلاحظ أنّ السنوات الأخيرة شهدت ظهور عدد هام من الكتابات، التي تناقش مشروعية استخدام بعض المفاهيم والمصطلحات الاجتماعية الغربيّة. وهي ضرب من الشك المنهجي، القائم على إعادة النظر في الجهاز المعرفي الغربي، دون رفضه بصورة كليّة ونهائية، كما لا تنتهي إلى نسف النزعة الوضعية المؤسّسة له. وإنْ كانت تتساءل حول مفاهيم تُعدّ مركزية في النظريات الاجتماعية الغربية، مطالبة بتوسيع وتحريك وتطوير تلك المفاهيم والمقولات والمناهج، إنقاذاً للعلم والعقلانية والموضوعية من مخاطر الاختصار والهيمنة والاستلاب. وعموماً فإنّ أصحاب هذه النزعة لا يطالبون بقطيعة نهائية مع الغرب، من حيث أنه مصدر معرفة حقيقية ونسبية، وإنما يدعون إلى رفض الأطروحة التي تزعم أنّ الغرب مصدر المعرفة المطلقة.‏

"فهي تدعو إلى التقويم النقدي للجهاز المفاهيمي الغربي، أي إلى إبراز حدوده المعرفية من جهة، وإلى قدراته الكشفية عند التقائه بالواقع اللاغربي من جهة ثانية"(3). وبالمقابل يدعو عدد من الباحثين الاجتماعيين العرب إلى التخلي عن التقوقع على الذات، لأنهم لا ينظرون إلى الجهاز المعرفي الغربي كإنتاج للتاريخ الغربي فقط، وإنما من حيث أنه حصيلة لإسهام الشعوب والثقافات والحضارات الإنسانية كلها. إنّ الاعتراف بالحضور الغربي في شكل ثقافة ذات بعد شمولي يحتّم علينا أن نستغل تلك الثقافة دون شعور بالذنب، دون شعور بالاستلاب، دون شعور باختلاف وحشي -وهمي. ويرى أصحاب هذه النظرة وجوب الإفادة القصوى من الجهاز المعرفي الغربي واستغلاله، واستيعابه كفكر عقلاني وتقدّمي بالمعنى الواسع للكلمة. وهو "يفرض نفسه على جهازنا العقلي، شئنا ذلك أم كرهنا. لقد أصبح يشكل الإطار المرجعي العام"(4). إنّ ما تقدم يقودنا إلى مزيد من التفصيل والتحليل لواقع الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي، وذلك انطلاقاً من معالجة النقاط التالية:‏

أوّلاً- تصوّرات الاجتماعيين العرب ومساهماتهم:‏

في دراسة إحصائية تهدف لمعرفة تصوّرات علماء الاجتماع العرب، وحجم إسهاماتهم النظرية والتجريبية والميدانية قامت بها جهينة العيسى والسيّد الحسيني تبيّن أنّ الغالبية العُظمى من المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن العربي(82.4 بالمائة) أنجزت بالفعل خلال حياتها الأكاديمية بحثاً امبريقياً واحداً على الأقل في مقابل 17.6 بالمائة لم ينجزوا أي بحث امبيريقي. أمّا بالنسبة لاهتماماتهم الأكاديمية، فمن المُلاحظ أن علم اجتماع التنمية احتلّ المرتبة الأولى. في حين سجّل حوالي ربع أفراد العّينة الأولوية الثانية لعلم الاجتماع الصناعي. ويأتي بعد ذلك (أي في المرتبة الثالثة) علم الاجتماع الريفي والحضري. أمّا بقيّة فروع علم الاجتماع فقد نالت مراتب أقل وأدنى على ساحة "الخريطة الأكاديمية" لعلم الاجتماع في الوطن العربي(5).‏

وقد حاول الباحثان (العيسى والحسيني) التعرّف إلى تصوّرات المشتغلين بعلم الاجتماع في الوطن العربي حول أهم النظريات الاجتماعية شيوعاً وانتشاراً. وتبيّن أنّ النظرية البنائية الوظيفية بشكليها التقليدي والمعدّل تمثّل النظرية الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي. أمّا نظرية التفاعل الاجتماعي فتبدو أقلّ انتشاراً، وكذلك النظرية النفسيّة الاجتماعيّة. أمّا أقلّ النظريات الاجتماعية شيوعاً في الوطن العربي في نظر أفراد عيّنة البحث فهي النظرية الايكولوجيّة. ويعتقد 81.48 بالمائة من أفراد المجتمع البحث أنّ علم الاجتماع في الوطن العربي يخضع لسيطرة علم الاجتماع الغربي (أوروّبا الغربية وأمريكا). وفي مقابل ذلك وجدت الدراسة أنّ أقلّ من خُمس أفراد العيّنة بقليل (18.52بالمائة) يعتقد أنّ المادية التاريخية تمثّل واحدة من النظريات الاجتماعية الشائعة في الوطن العربي. وفي كل الأحوال لاحظت الدراسة أنّ أفراد مجتمع البحث يعبّرون عن تبعية علم الاجتماع في الوطن العربي للاتجاهين الفكريّين العالميين في الثمانينات (البنائية الوظيفيّة والماديّة التاريخيّة) اللّذين يمثّلان تعبيراً عن الخبرة التاريخية للمجتمعات الغربيّة(6).‏

ومن ناحية أخرى، فإنه يسود اعتقادٌ بين الباحثين الاجتماعيّين والمُهتّمين بالعلوم الإنسانية والاجتماعية بأنّ علماء الاجتماع العرب لم يساهموا إلى الآن في فهم دقيق وبنّاء لمجتمعاتهم المحليّة وثقافاتها. وبالرغم من أنّ هذا الشعور يشير إلى نوع ضروري من النقد الذاتي، إلاّ أنه يعكس واقعاً حقيقياً، بصرف النظر عن أسبابه وظروفه وملابساته. ونستطيع اليوم أنْ نتفهم مقولات مُتداولة بشكل واسع، مثل "التبعية الفكرية"، و"الاغتراب الثقافي" و"القراءات غير النقديّة" لفكر "الآخر". ومعنى ذلك أنّ ثّمة وعياً متزايداً لدى علماء الاجتماع العرب بأنهم لم يساهموا حتى الآن فيما ينبغي عليهم المساهمة في فهم واقع المجتمعات العربيّة(7).‏

والواقع أنّ علم الاجتماع العربي لم يَعُدْ مقصوراً على نُخبة مُثقفة موصولة بالغرب أو بالشرق (النُخبة السوسيولوجية)، في حين أنّ الواقع يُظهر إنه إذا كانت الترجمات السوسيولوجية تحتلّ الواجهة في المكتبة الاجتماعية العربية وفي الجامعات العربية، وإذا كان هناك اعتماد نسبي على الخبرات الأجنبية، فهناك في المقابل جهود عربية أكاديميّة وبحثية لوضع المصطلح العلمي الاجتماعي، ورصد التحوّلات الاجتماعية العربية رصداً علمياً ودقيقاً، وهناك توجّهات نحو إنشاء المعاهد العلمية الاجتماعيّة التطبيقية ونحو المختبرات الاجتماعية، كما أنّ هناك مجلاّت للعلوم الإنسانية عامة والعلوم الاجتماعية خاصّة.‏

فالتقدم الاجتماعي الذي يقرع أبواب المجتمعات العربية، لا يتحدّاها من الخارج وحسب، بل يتحدّاها من الداخل أيضاً، لا سيما وأنّ الوعي القومي للعرب لا ينفصل عن وعيهم الحضاري، الثقافي، المعرفي، والإسلامي عمقاً. وهذا كلّه يجعلنا نشعر بالحاجة الماسّة إلى التسلّح العلمي بالمناهج والقوانين المجُرّبة والصحيحة(8).‏

وقد لفت انتباه "ديل إيكلمان" أُستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة نيويورك التغيّرات الحاصلة في الدراسات الاجتماعية العربيّة إزاء النظريات والمناهج والمفاهيم الغربيّة قياساً لما كانت عليه منذ عقدين من الزمن. فلم تعد تلك الانتقادات المُعمّمة على كل ما يُنتج في الغرب مُتداولة بالشكل الذي كانت عليه في السابق. وبدلاً من التعميم أصبح الانتقاد ظرفياً وموجّهاً لدراسات بعينها أو لمقاربات نظرية مُحدّدة. بل على العكس، ظهر اهتمام مُجدّد بفهم الأبحاث الغربية في إطارها الأصلي، حتى وإنْ كانت خلفياتها غير مرغوب فيها(9).‏

ولكن تبقى مسألة الصلة الواقعية بين العلوم الاجتماعية وقضايا الإنسان العربي إشكالية، سواء لجهة النتائج أو لجهة الأهمية والحيوية. ففي ندوة عُقدت بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الكويت (1984) أكّد الدكتور سعد الدين ابراهيم: "أنّ النمو النوعي في علم الاجتماع لم يتواءم مع جوانب النمو الأخرى في الوظيفة أو الدور الذي يمكن أن يقوم به علم الاجتماع في صياغة الحاضر وفي التمهيد للمستقبل العربي. إذ أنّ المتخصّصين لم يساهموا بالقدر الكافي أو بالدرجة المطلوبة في صياغة مشكلات المجتمع العربي المعاصر وتفسيرها، أو في اقتراح الحلول المطلوبة لهذه المشكلات"(10).‏

أمّا الدكتور عبد الباسط عبد المعطي، فإنه يرى أن القضايا التي يدرسها علم الاجتماع في البلدان العربية معظمها قضايا جزئية، ومنها قضايا مرتبطة بمشكلات اجتماعية غير سويّة من وجهة النظر المجتمعية والضبط الاجتماعي مثل الجريمة وانحراف الأحداث. أما الدراسات السوسيولوجية الحقيقية التي تتناول قضايا التجزئة والوحدة ومسألة التبعية، فهي محدودة جداً، وغالباً ما تتناول القضايا ذات الطابع السلبي أكثر من القضايا ذات الطابع البنائي التي تسهم في عملية التغيير والتخطيط في حين أنّنا بحاجة إلى بحوث حول متطلبات وشروط إقامة مجتمع بنائي أو إحداث تغيرات مُعيّنة في بُنية اجتماعية عربية لها واقع وظروف ولها ثقافة ولها خلفيّة(11).‏

ويعتقد الدكتور سعد الدين إبراهيم أنه لم تظهر مساهمة علمية نظرية يُعتَدّ بها في الوطن العربي.. وربما كان السبب (وفق رأيه) يرجع إلى أن التطوير النظري لم يكن الهدف الأوّل للمشتغلين بهذا الميدان، بينما يزداد الاعتراف بإنتاج المفكرين العرب من الخارج أكثر من داخل الوطن العربي نفسه، خصوصاً أولئك الذي تتبنّاهم الدول الأجنبية، فيعاد تسويق أفكارهم إلى بلدانهم الأصليّة مثلما يتم تسويق الملابس والسلع الأخرى(12).‏

ونحن لا نتفق في هذا السياق مع التقييم السلبي لمجمل "الفكر الشرقي"، والذي يرى أصحابه أنّ دراساتنا الاجتماعية ليست مفيدة، لأنها عبارة عن نقل غير دقيق وغير أمين للفكر الغربي وأنّه " وحتّى عندما يُوّجه النقد إلى الفكر الأجنبي في الوسط العلمي يُنقَل هذا النقد حرفياً، وهذا أُسمّية التبعيّة في النقل والنقد، وهو ما يخفي في الوقت نفسه الضعف المعرفي والضعف الفكري للمشتغلين بعلم الاجتماع في البلاد العربية"(13).‏

الواقع إن وضع الدراسات والبحوث الاجتماعية عموماً ووضع علماء الاجتماع العرب على وجه الخصوص، هو امتداد لوضع الجامعة في الوطن العربي، التي لم ترتبط بعد مع المجتمع ارتباطاً عضوياً في نطاق التغيّرات الكميّة والكيفية. وذلك في جميع التخصّصات الإنسانية والعلمية، ما عدا التخصّصات المهنيّة كالطب والهندسة والمحاماة. بينما نجد أنّ ما يقوم به علماء الاجتماع والأنثربولوجيا في جامعات العالم الصناعي يختلف كثيراً عمّا يجري في مجتمعنا. فمثلاً في جامعات الغرب يقوم علماء الاجتماع بإجراء البحوث والدراسات حول قضايا مجتمعيّة كثيرة في مجال العمل والبطالة والجريمة والأمن الصناعي وتلوث البيئة وتعاطي المخدّرات.. الخ بتمويل من الحكومة أو المؤسّسات المدنيّة أو البلديات، وتُسند تلك الأبحاث والدراسات إلى عدد من ذوي الاختصاص، ثم تجري مناقشة النتائج في أوساط علمية لتفسير وتحليل أبرز مظاهر المشكلة والحلول المُقترحة، وبعد ذلك تُطرح علنياً وعلى نطاق جماهيري واسع، وبذلك يجري ربطٌ عمليّ بين الجامعة ومراكز البحث العلمي والمشكلات التي يبحث المجتمع عن حلول فعّالة لها. والأمر نفسه يحصل في مجالات أخرى كالصناعة والزراعة والتعليم وقضايا الأسرة والمعوقين وكبار السن.. الخ.‏

أمّا بالنسبة إلى الوضع في الوطن العربي، فإنّ الدراسات الاجتماعيّة ما تزال أسيرة الصراعات والمجادلات الأيديولوجية "فحين نتكلم عن قضيّة اجتماعية مُعينة يجري تصنيف الآراء والأفكار المطروحة بأنها يمينّية أو يساريّة أو مع الإسلام أو ضدّ الإسلام.."(14).‏

وبرغم إيماننا بأنّ الأيديولوجيا تُعَدّ من أهم معوقات تحقيق الموضوعية في العلوم الاجتماعية، إلا أننا نرى بالمقابل أنّ محاولات تجنّب الأيديولوجيا من الصعوبة بحيث تكاد أن تصل إلى طريق مسدود. فالأيديولوجيا هي أحد المتغيّرات الهامّة (شئنا ذلك أم لم نشأ) في النظرية الاجتماعية ومن العسير تجنّبها في دراسات علم الاجتماع والأنساق المعرفية المتفرّعة عنه، بدءاً باختيار الموضوع وانتهاء بمحاولات المناقشة والتفسير، وذلك لتمحور الدراسات والبحوث الاجتماعية حول الإنسان وقضاياه المجتمعيّة المختلفة، وهي قضايا تتّسم أيضاً بالنسبية، وترتبط بالقائم بالدراسة وهو الإنسان أيضاً، الذي تتباين رؤيته للأمور وتختلف أيديولوجيته ومعتقداته ومن ثم أحكامه. فالإنسان الباحث يظلّ أسير انتماءاته الاجتماعية والطبقية والقومية والسياسية والدينية والثقافية، وتظلّ محاولات تحرّره أملاً يراود هؤلاء الذين يرون أنّ تحقيق الموضوعية في علم الاجتماع رهنٌ بهذا التحرّر النسبي. ومن المحقّق أن بعض علماء الاجتماع الغربيّين مّمن ينتمون إلى جناح التوازن في علم الاجتماع قد اعترفوا بالدور الذي لعبته وما زالت تلعبه الأيديولوجية في علم الاجتماع، فها هو روبرت ميرتون R.MERTON يعترف بأنّ الولايات المتحدة وحدها تضمّ حوالي خمسة آلاف عالم اجتماع، ولكل واحد منهم علم اجتماع خاص به His own sociology" " وما هذا التعدّد -فيما يرى ميرتون -إلاّ نتيجة لتعدّد التصورات أو بالأحرى كنتيجة لتعدّد الأيديولوجيات(15).‏

وهناك عدد من الباحثين الاجتماعيين، الذين يرون أنّ صراع الأيديولوجيات (الليبرالية -المُحافظة- الراديكالية..) قد ساعد على تطوير النظريات العلمية المتناسقة مع وجهات النظر الأيديولوجية المعنية وطوّر من قدراتها على التفسير والتنبؤ، ولكن من جهة أخرى يمكن القول أنّ التحليل السوسيولوجي المرتبط ارتباطاً أعمى بمنطلق أيديولوجي مُعيّن يُشكّل احتكاراً لقدرات عالم الاجتماع في التفسير وتطويع المعطيات النظرية والمنهجية لتتناسب مع موضوع البحث وخاصيّة الظاهرة(16).‏

ومن ناحية أخرى يبدي بعض الدارسين الاجتماعيين والكُتاب العرب تشاؤماً كبيراً حول مستقبل الدراسات السوسيولوجية في الوطن العربي، نظراً لما يعتقدونه من تبعية مطلقة في كل شيء ينتجه الغرب بشقّيه الرأسمالي والماركسي، حيث أنّ مسألة "المرجعية العلمية" لم تجد لها حّلاً بعد. "فالبُنية المدرسيّة والجامعية المُعاصرة في الوطن العربي والعالم الثالث هي بُنية تُقلّد الغرب بشكل كاريكاتوري، ليس في المسار العام فقط، بل في التفاصيل أيضاً. ولأنّ الكتابات المدرسيّة هي كتابات تاريخية في الأساس، وعلم الاجتماع ببنيته الحالية هو علم غربي، فإنّ هذه الكتابات تأتي على صورة البحوث الغربية في هذا المجال(17).‏

ولكنْ أين تكمن التبعية العربية في ميدان الدراسات والبحوث الاجتماعية، هل في النظرية، أم في المفاهيم، أم في الطرائق؟!‏

الدكتور رضوان السّيد يجزم بأنّ تبعية الدراسات الاجتماعيّة العربيّة، خاصّة في المُصطلح والمجال والاستبيان والرؤية التحليليّة والشاملة للمجتمع. وهو يرى أنّ الامبريقيّين الغربيين وضعوا مصطلحات وطرائق للبحث الحقلي نابعة من مشكلاتهم هم، تلك التي تواجهها مجتمعاتهم أو تبدو فيها. فإذا كان استخدام الرؤية الغربية لدى المؤرخين الاجتماعيين العرب يخرج مجتمعاتنا واهتماماتنا الاجتماعية التاريخية من مجال الرؤية هذه، فإنّ تبعية الميدانيين مُصطلحاً وطرائق للطرائقيّين الغربيّين تجعل منطلقاتهم خطأ، ونتائجهم أقلّ دقّة ومصداقية(18).‏

ويؤكد الدكتور السيّد أنّ الدراسات الميدانية التي تنطلق من مقولة الطبقات الاجتماعية أو تلك التي تنطلق من رؤية تجريبية أو نظرية غربيّة -لعلاقة السّلطة بالمجتمع -ليس بوسعها مهما وجدت جزئيات مؤيّدة أنْ تقدّم كثيراً مفيداً في مجال دراسة مكافحة الظواهر المرضيّة أو المتخلّفة(19).‏

وتلقى النظرة السابقة رواجاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية العربية، التي تتحدّث دائماً عن التبعية الفكرية لمناهج الغربيين ونظرياتهم وطرائقهم. و"الاتّهام" الأساسي يتمثل في أنّنا "نكتب عن مجتمعاتنا من خلال ما يكتبه الآخرون في علم الاجتماع أو عن مجتمعاتهم، ونطبّق ما نستطيع تطبيقه على مجتمعاتنا، والمجتمع الذي لا ينتج صناعته وبضائعه وموادّه قلّ أنْ يستطيع إنتاج فكر لا يكون تلفيقياً أو توفيقياً، نأخذ بسهولة ويسر موادّنا ومصنوعاتنا ومنتوجاتنا الاستهلاكية، وذلك عينه هو ما يبدو أنّنا نفعله في الميدان الكتابي أو في ميدان الفكر والتفكير، نفضّل السهل، ونقع في الاستيراد وفي الاستهلاك والمضغ"(20)‏

هذا ويعتقد الدكتور علي زيعور بأنّ تضارب التوجّهات (أو التّيارات) في دراساتنا الاجتماعية، لا يعود إلى تنوّع فكر الباحثين وغنى مناهجهم بل إلى الارتباط الفكري بين الباحث والمدرسة الأجنبية أو السلطة الغربية التي يتبعها بلده، لأننا -كما يقول- "لا ننتمي إلى مدرسة عربية محدّدة في علم الاجتماع أو في علم النفس الاجتماعي أو في الفلسفة، إننا نستهلك، إننا نأخذ المنهج والتوّجه دون أن ننصبّ على إنتاج المنهج المستقل والتوجّه النابع من واقعنا"(21).‏

وقد غالى الدكتور زيعور في وصوفاته السلبية -النفسانيّة للدراسات الاجتماعية العربية، التي تنْظُمُها "التيارات الأميركية المنهج، حيث تجمع بيانات معطيات (في ميادين الفولكلور /خ.ج) لا تقودها نظرية وتؤدي إلى معرفة بلا وظيفة وعديمة المعنى"(22). بل وصل به الأمر إلى حدّ الإعلان: "إنّ علم الاجتماع الأميركي، في الكثرة الكثيرة من أبحاثه، يخدم السياسة الأميركية والنظام الأميركي، ويعمل ضدّ التطور بل وضدّ الإنسانية الساعية لرفع مستويات الإنسان"(23).‏

ونحن بدورنا نرى عدم فائدة التبسيط الشديد للمواقف والاتجاهات والتيارات، وأنّ التعميم في الأوصاف والتقييمات السلبية يوقعنا في تكرار الأخطاء، والرفض المتبادل، وإطلاق الاتهامات المجانيّة، التي تبعدنا عن التدبّر الشامل والدراسات الميدانية للبنية الاجتماعية العربية، وصولاً إلى ملامح نظرية عامّة تحكم تطور مجتمعاتنا وتشكل إطاراً ينظم اتجاهاتها المستقبلية.‏

ثانياً- معوقات التطور والإبداع في الدراسات الاجتماعية العربية:‏

يختلف الباحثون والدارسون الاجتماعيون العرب في تشخيص العوامل والظروف المسبّبة لقلّة الدراسات والبحوث الاجتماعية المبتكرة والأصيلة في البلدان العربيّة. ويصنّفها بعضهم ضمن العوائق التالية(24):‏

1-العائق النظري: ويتمثّل في الضعف النظري لدى الاجتماعيين العرب، حيث أنّ ما يعرفونه عن المدرسة الثقافية الأمريكية -مثلاً- ينبع من قراءات مختصرة ومطالعات سريعة، لمقالات ودراسات انتقائية مُعرّبة. وغالبيتهم لا يطّلعون على النصوص الأساسية (الأصليّة) للنظريات المطروحة، لذلك يواجهون صعوبات حقيقية في الحكم الموضوعي على تلك الآراء والتيارات والاتجاهات.‏

2-العائق المنهجي: يلعب هذا العائق دوراً كبيراً في عرقلة تطوّر العلوم الاجتماعية في الوطن العربي. ويتجسّد في إهمال بعض الاختصاصات الهامة في دراسة مشكلاتنا الاجتماعية (كعلم الاجتماع البدوي والريفي وعلم الاجتماع الديني). كما يتمثّل في بعثرة الجهود المبذولة من الباحثين الاجتماعيين على امتداد الأرض العربية. ويمكن الموافقة هنا جزئياً على الرأي القائل إنّ دراساتنا الاجتماعية تعود إمّا إلى الاتجاه المادي الجدلي والتركيز على الصراعات، أو إلى الاتجاه البُنيوي والوظيفية، أو إلى الاتجاه الذي لا يتقيّد باتجاه ولا يلتزم بنظرية أو منهج، بقدر ما يوفّق ويلفّق عن وعي تارة أو تسهيلاً للدراسة وبدون وضوح تارات أخرى. فالخاصيّة الكبرى لعلم الاجتماع العربي أنّه لا ينتمي إلى اتجاه وحيد، أو إلى منهج معين، أو مدرسة اجتماعية بعينها.‏

بكلمة أخرى، لا توجد مدرسة اجتماعية عربية، بل مجموعة واسعة من الدراسات في علم الاجتماع منها التجزيئي الإقليمي، ومنها الجهوي والمحلّى. وهي مدرسة متأثرة بالأيديولوجيات والتيارات الاجتماعية العالمية. "ويبقى فكرنا يدور في حلقة مفرغة: يأخذ من الأجنبي ويعزّز الأجنبي بذلك الأخذ. ومن هنا أيضاً، كسبب أو كنتيجة معاً، إنّ علم الاجتماع عندنا غير متميز بخصوصيات، ولا يحمل سمات الواقع وتطلّعات المجتمع.. وعلم الاجتماع العربي غير ملتصق بذلك الوجود ولا بمصيرنا، وأعمالنا تطبيقية لمناهج أجنبية، وأخذ ونقل وترجمة، إنها إعداد وليست عملاً نظرياً أو صناعة "أهل النظر" المتخصّصين المكرّسين"(25).‏

وفي الإطار ذاته، يُلاحظ انقسام الباحثين الاجتماعيين العرب إلى فريقين: فريق يناقش الموضوعات المطروحة من منطلق النزعة الشمولية، وفريق آخر ينطلق منن خصوصيات الظواهر والفولكلور والعادات والأعراف المحلّية في البلدان العربية المختلفة. فالشموليون يرون أنّ المجتمع العربي ما يزال وحدة بالمعنى السوسيولوجي رغم تفاقم الاقليمية والقطرية، وتفاقم ظواهر التفتت والانقسام والتناحر، وكثرة الحدود والخلافات والصراعات والصدامات المباشرة وغير المباشرة والقيود على الحركة الاجتماعية.. الخ. أمّا الامبيريقيّون (الميدانيون/ التجريبيّون)، فإنّهم يتمسكون بالأبحاث الأنتروبولوجية والخصوصيات الفولكورية البادية على السطح. ويبدو الوطن العربي أمام ناظر الباحث الاجتماعي ذي النزعة التجزيئية جُزراً معزولة، تحكم كلاً منها قوانين تنتج ظواهر متباينة. رغم أن العرب ما يزالون أمّة واحدة في الثقافة والدين واللغة والتاريخ وأنماط المعيشة.‏

لكن الانصاف يقتضي القول إنّ هذه الاشكالية لا تصدق على الاجتماعيين فقط، بل على الباحثين العرب في تخصّصات أخرى كثيرة.‏

والواقع أنّه رغم ظهور بعض المحاولات التي كانت تهدف إلى إبراز نوع من النظرية الاجتماعية العربية (قسطنطين زريق، ساطع الحصري، عبد العزيز الدوري وغيرهم)، فإنّ من المسلّم به أنه -بخلاف نظرية ابن خلدون -لا توجد إلى الآن نظرية اجتماعية نوعية متكاملة عن المجتمع العربي، غير متشرّبة بالمسائل والأفكار والأطروحات الأيديولوجية.‏

إنّ الارتباكات والاضطرابات والصراعات الحاصلة في الدراسات والمناهج البحثية الاجتماعية العربيّة، تعود -حسب تقدير بعض المختصين- لعوامل عدّة، في طليعتها(26):‏

أ-التعميم والإطلاقية أو المواقف الحدّية كالمبالغة في عمومية المجتمع العربي من جهة، أو في خصوصية مجتمعات أقطاره من جهة أخرى.‏

ب-فقدان الصلة بين التنظير والعمل الميداني الذي أدى إلى اتساع الفجوة بين المنّظرين والممارسين.‏

جـ- اشكالية المنهج وغياب الموضوعية عن الكثير من التحليلات السوسيولوجية. وهو ارتباك يرتبط تارة ارتباطاً مباشراً بأنماط النظرية وتارة أخرى بنوعية الموضوعات المبحوثة. ويُعزى هذا الارتباك المنهجي لعوامل عدة، من بينها: ضعف مستوى التدريب الجامعي في المنطقة في مجالات تصميم البحوث واستعمالات المنهج وطرق البحث الكمية، ندرة الفرص المتاحة لعلماء الاجتماع والمتخّصصين لإجراء بحوث مسحية أو حقلية، ولجوء كثيرين منهم إلى استبدال ذلك النقص بتبنّي مناهج كيفية ونقدية في معظمها، بدائية تقنية البحوث الاجتماعية العربية وبخاصة في مجالات طرق تجميع البيانات وتنسيقها وتبويبها وتحليلها وكذلك في مجالات البحوث التطبيقية.‏

ومن أهم المواقف تجاه إشكالية المنهج في البحث السوسيولوجي العربي، نشير إلى موقفين عريضين:‏

الموقف الأول يحبّذ الاهتمام بالتنظير على حساب المنهج، ويرى البحث السوسيولوجي من منظور مناقشة ومقارنة وتوليف المواقف والمفاهيم الواردة في أفكار الروّاد.‏

أما الموقف الثاني، فإنه يحبّذ الاهتمام بالمنهج على حساب النظرية، ويفضّل تقديم أعمال امبريقية كمية مُبسّطة معتمدة على الدراسات الميدانية والمسحيّة.‏

على صعيد آخر حذّر بعضٌ من دعاة المحلية من استيراد منهجيات بحث غريبة عن المجتمع العربي ومن تطبيقها دون دراسة للأوضاع السائدة. وعبّروا عن ضرورة إعادة النظر في الأساليب المنهجية ومحاولة ابتداع وتطويع أدوات بحثية ومنهجية ملائمة لخصوصية الواقع العربي ومشكلاته (عزّت حجازي، سيكولوجية الإنسان المقهور).‏

بينما يرى الفريق الآخر أنه لا ضرر من الإطلاع على المناهج العلمية المُستعملة في التحليل السوسيولوجي الغربي، وتمثّلها واستعمالها في الحالات المناسبة، وخصوصاً أنها قدمت الأسانيد القاطعة عن قدرتها على التفسير والتطور والتعبير.‏

3-العائق الاجتماعي: حيث يشكو الاجتماعيون العرب من أن المؤسّسات التي يعملون في إطارها لا تشّجعهم على إثارة المشكلات الجديدة والموضوعات الخلافية. فالباحث في البلدان العربية يُصنّف ضمناً أو عُرفاً، الموضوعات إلى "حسّاسة" و"غير حسّاسة". وهو نهجٌ له دور فعّال على صعيد الانتاج السوسيولوجي في البلدان العربية.‏

من تلك الموضوعات "الحسّاسة" يذكر الباحث فردريك معتوق، على سبيل المثال: المرأة ومشكلاتها؛ والدين والجماعات الدينية ودورها الفعلي، في الحياة الاجتماعية والسياسية العربية. ثم إنّ الباحث الاجتماعي يفضّل عدم الخوض في مايسمّيه البعض حقول الألغام الاجتماعية.‏

من هذا الموقف المستسلم، ومن هذه الاستقالة الصامتة والمعّممة تنبع المعالجات الهامشية لواقعنا الاجتماعي، لدرجة أنّ مطالعة بعض الروايات العربية الناجحة أو مشاهدة بعض الأفلام العربية الجريئة والواقعية، تعطينا فكرة أوسع عمّا يجري في الواقع الاجتماعي من الأبحاث والدراسات الاجتماعية(27).‏

ويؤيّد هذه الرؤية الباحث الاجتماعي محمد حافظ دياب، الذي يؤكّد -في معرض دراسته للخطاب السوسيولوجي في الجزائر -أنّ الفعل السوسيولوجي في منطقتنا العربيّة يتخلّف أو يتأخر عن مجمل أفعال التغيير الاجتماعي الجارية فعلاً. بمعنّى آخر، إن تجارب التنمية وإجراءات تحديث البنية الاقتصادية، وصياغة أسس عمليّة لثقافة وطنية، وكل ما تثيره من ردود اجتماعية أسبق من الدراسات والبحوث السوسيولوجية. مثال ذلك، أنّ إعادة هيكلة المنشآت الصناعية التي تمّت في الفترة ما بين عامي 1982 و1985، قد استتبعتها أبحاث سوسيولوجية عديدة، وهو ما قد تبدو معه الممارسة السوسيولوجية كفّعالية تابعة. وما يزال سائداً الاتجاه القائل إنّ مهمة السوسيولوجيا هي الاقتصار على دراسة المعطيات الظاهرة والمباشرة، التي تتفادى الموقف الأصعب، القائم على إعادة هيكلة الواقع، واستخراج قوانينه ودينامياته، عبر تجاوز الظواهر والعلاقات المباشرة إلى البحث عن المحرّكات والعناصر الفاعلة في آلية حركية البُنية الاجتماعية -الاقتصادية. ويأخذ الباحثُ دياب على السوسيولوجيا المُطبقة في الجزائر هروبها من بحث مشكلات البُنية البيروقراطية واختلالاتها الوظيفية في المنشآت الانتاجية والخدمية، ومشكلات الهجرة الداخلية والخارجية، وقضايا بطالة الشباب، وآثار النظام الاقتصادي على البُنية الاجتماعية -الطبقية، ومظاهر الاستهلاك الترفي، وظاهرة المدّ الإسلامي (الأصولي). وكلّها موضوعات لم يستطع البحث السوسيولوجي في الجزائر أن يضعها في صلب اهتماماته بعد(28).‏

4-العائق السياسي: يرى عددٌ كبير من الباحثين العرب أنّ المؤسّسات الرسمية، خصوصاً صاحبة القرار تنظر بحذر بالغ إلى ما يقوم به الباحثون الاجتماعيون من دراسات وغوص في أعماق المجتمع وأنساقه المختلفة. وهناك قطيعة واضحة بين أصحاب القرار والذين يمتلكون ناصية المعارف العلمية- الاجتماعية. وفي هذا السياق يقول الباحث الاجتماعي المعروف سيّد ياسين: "إنّ عملية اتخاذ القرار محتكرة في يد نخبة سياسية لا تؤمن بالمنهج العلمي الإيمان الكافي، وهذا أحد أسباب عدم فاعلية العلوم الاجتماعية في الوطن العربي"(29).‏

هناك إذاً أزمة ثقة بين العلوم الاجتماعية في البلدان العربيّة وبين المؤسّسات الرسمية، بعكس ما يحصل في الدول المتقّدمة صناعياً في العالم. والجدير ملاحظته أن سبب حذر القيّمين على الأمور السياسية، قد يعود إلى عدم اكتشافهم لأهمية الدراسات والبحوث الاجتماعية في ميدان التخطيط الاجتماعي والاقتصادي ودراسات الرأي العام وأساليب التوقّع والتنّبؤ والاستطلاعات الاجتماعية والسياسية والنفسية.. الخ. حيث أن العلوم الاجتماعية تظلّ سلاحاً مزدوجاً، يمكن أن يختار كل طرف يستخدمه ما يتناسب مع مصلحته أو توجهاته وتطلعاته.‏

كما أنّه لا بّد من الإشارة إلى حصر موضوعات البحث والدراسات السياسية، أو بالأحرى موضوعات "علم الاجتماع السياسي" حتى داخل حدود المؤسّسة الجامعية نفسها. ومنها المسائل المتعلقة بطبيعة النُخَب الحاكمة والبيروقراطية وحجم الفساد في المؤسسات الرسمية(30)".‏

وقد توقف عددٌ من الدارسين والمفكّرين والكتّاب العرب عند إشكالية العلاقة بين المثقفّين عموماً والباحثين الاجتماعيين بصفة خاصة والسلطات الرسمية. ونشير في هذا المنحى إلى ما تحدّث به الدكتور رضوان السيّد في أثناء تحليله "لمشكلات البحث الاجتماعي العربي"، حيث يقول: "إنّ السياسيّين العرب في غالبيتهم لا يميلون إلى الدارسين الاجتماعيين، ولا يشجّعون البحوث الاجتماعية بالوطن العربي، وفي ربط كراسي الدراسات الاجتماعية بالنفسّيات والفلسفيات في بلدان عربية متعدّدة. ومن المعروف أنّ الاجتماعي المعاصر شأنه في ذلك شأن الاقتصادي يعتمد على الاحصائيات والبيانات الكمّية التي تُصدرها مؤسّسات الدولة المتخصّصة. لكن هذه الإحصائيات والبيانات الكمية لا تظهر أو لا تُنشر في عدّة بلدان عربية لأسباب مختلفة، فتزيد عمل الدارس صعوبة وعُسراً خصوصاً مع فقدان الدعم أو القرار السياسي الضروريّين لإجراء مثل هذه البحوث"(31).‏

والواقع أنّ المؤسّسات الرسميّة في الوطن العربي ما تزال تتجاهل الدور الحقيقي، الذي يمكن أن يلعبه علم الاجتماع في التأثير الإيجابي في التحولات الجارية في المجتمع. لكنْ من الملاحظ أن هناك محاولات للاستفادة من الفرص التي تقدّمها العلوم الاجتماعية (ولا سيّما علم النفس الاجتماعي أو سيكولوجيا الحشد) في ترسيخ الهيمنة والحفاظ على السيطرة، التي تتمتع بها النخبات الحاكمة، سواء في الميادين السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الإعلاميّة.‏

فالباحث الجزائري العياشي عنصر يرى أنّ أصعب ما يتعرّض له علم الاجتماع الجزائري اليوم، إنّما يتمثّل في سيطرة السلطة السياسية، التي سعت تحت شعار "تأسيس علم اجتماعي ملتزم بقضايا المجتمع" إلى بسط نفوذها على هذا الفرع الهام من فروع المعرفة. وقد قَبِلَ علمُ الاجتماع هذا الدور الامتثالي، مكتفياً بلعب دور الصدى للقراءات والإجراءات السياسيّة، وتبرير سيطرة القوى الاجتماعية التي بيدها الحكم. "لقد أدّى الخلط بين الالتزام والامتثالية إلى فقدان علم الاجتماع في الجزائر لكل مصداقية"(32).‏

وإذا ما اتّجهنا صوب منطقة الخليج العربي، فإنّنا نعثر على أصداء المشكلات ذاتها، التي يثيرها الاجتماعيون العرب دائماً، حيث يُلاحظ "أنّ بعض الاجتماعيين الخليجيينّ مُستهلك للمعرفة السوسيولوجية أكثر من قدرته على تسخير المعرفة لفهم الواقع في الخليج العربي. كما أنّ مراكز البحوث لم تساهم بالقدر الكافي في طرح مشكلات المجتمعات الخليجية وقضاياها، ولم تساهم حتى الآن مساهمة حقيقية في بناء هذه المجتمعات.. وأنّ قصور البحوث الاجتماعية في منطقة الخليج العربي مرتبط بالتخلّف في المجتمع والنظرة العدائية للبحوث الاجتماعية بصفة عامة"(33).‏

ومن خلال دراستها الاستقصائية- التحليلية للبحوث والمؤلفات والدراسات الاجتماعية لمجمل بلدان الخليج العربي على مدى عشر سسنوات (من 1980 إلى 1990) توصّلت الباحثة الاجتماعية/ الأستاذة جُهينة سلطان العيسى إلى أنّ البحث الاجتماعي، في المجتمع الخليجي، قد عجز عن إعطاء حركة المجتمع مفاهيم وتبريرات اجتماعية وسياسيّة بخاصة في الجوانب الآتية(34):‏

1-لم يستطع البحث الاجتماعي تقديم تفسير للظواهر المستّجدة في المجتمع الناتجة عن التطور المادي المتمثّل في استخدام التقانة الغربية، والتطور الاقتصادي الناجم عن الطفرة المادية غير المقترنة بتغيّر إيجابي في السلوك الاجتماعي والثقافي والسياسي.‏

2-عجز البحث الاجتماعي عن إعطاء تفسيرات لحالة الاغتراب التي يعانيها المواطن بصورة أبعدته عن أداء دور المواطنية المسؤولة.‏

3-وقفَ البحث الاجتماعي عاجزاً عن تفسير الظواهر السلطوية، ووقوف المواطن موقف العاجز والمسيّر، والسكوت عن غياب الديمقراطية.‏

4-لم يقم البحث الاجتماعي بدراسة القيم المستّجدة المنتشرة في المجتمع، وهي في أغلبها بعيدة عن قيم المجتمع الأصيلة.‏

5-عجزَ الباحثون والدارسون عن الخروج من دائرة التخلف والقهر، المرتبطين بالتخلف الاجتماعي والقهر السياسي، الأمر الذي دفع دراساتهم إلى الابتعاد إلى المجالات الوصفية، واختيار المداهنة بين فلسفة العلم وفلسفة الدولة. وهو ما يؤهلهم، تحت كل التفسيرات، للخروج من دور المثقف والصفوة إلى أدوار أخرى.‏

إضافة إلى مجموعة عقبات سياسية وثقافية وإدارية تحول دون تقدّم البحوث والدراسات الاجتماعية في الوطن العربي، منها: تبعية السوسولوجيا للسلطات الرسمية، التي تعمل لتلبية حاجات الدولة، وليس تبعاً لاستنتاجات علماء الاجتماع أو الواقع الاجتماعي، وقلّة الإمكانات المادية والفنية اللازمة للبحوث الاجتماعية؛ والقيود المفروضة على اختيار موضوعات البحث، وندرة المصادر الاحصائية الدقيقة الضرورية للبحث، وما يطرأ على هيئات البحوث من تغيّر دائم، وسوى ذلك من عقبات(35).‏

ثالثاً- تصوّرات لتجاوز الأزمة وتطوير الدراسات الاجتماعية العربيّة:‏

الواقع أنّ الاجتماعيّين العرب بسبب عدم اتفاقهم بخصوص مناهج البحث والنظريات الاجتماعية، وأيضاً بسبب الاختلافات الأيديولوجية والرؤى السياسية، لا يتفقون بالتالي على نوعية الأساليب والوسائل والممارسات، التي من شأنها إخراج الدراسات الاجتماعية العربية من جمودها الراهن. فالدكتور محمود عبد الفضيل يعتقد أنّ المخرج يكمن في إثراء وتطويع منهج المادّية التاريخية، وتطبيقه بصورة حيّة وخلاّقة لدراسة الأوضاع والعلاقات الطبقية في المجتمعات العربية. وفي الوقت نفسه يجب الاستفادة من اسهامات ومناهج التحليل التاريخي لدى ابن خلدون حول القبيلة والدولة والعصبية، وكذلك من منهج التحليل الاجتماعي لدى ماكس فيبر حول الدور الذي تحتله "جماعات المكانة"- المرتبطة بالبناء الفوقي للمجتمع -في البنيان الاجتماعي والطبقي للمجتمع، وما تحفل به كتابات التراث العربي والإسلامي عموماً(36).‏

أمّا الدكتور حليم بركات، فإنه يقترح اعتماد المنهج الاجتماعي التحليلي المقارن والنقدي، الذي يشدّد على الدينامية والتناقض وتداخل الظواهر، وذلك من منظور عربي شامل(37). ومع أنّ أطروحة الدكتور بركات تُشدّد بالدرجة الأولى على الأهمية الكبرى للبُنى التحتية، إلا أنها لا تنظر إلى البنى الفوقية الثقافية بوصفها مجرّد نتيجة، بل كفعل أيضاً له مؤثراته على البنية التحتية. وهذا يعني أنّ الثقافة بما تتضّمنه من معتقدات ومبادئ وقيم ونظريات ومقولات وآراء ومفاهيم تتصل اتصالاً وثيقاً بالتناقضات الاجتماعية القائمة. والأهم من ذلك كلّه دراسة المجتمع العربي من منظور قومي التزاماً بقضاياه وفي سبيل تغيير الواقع. ولا بدّ من الاعتماد على علم اجتماع عربي يصرّ في آنٍ واحد على الالتزام وما يتّصل به من معتقدات وقيم ضرورية تقتضيها الموضوعية نفسها(38).‏

ومن ناحيته يرى الدكتور عبد الوهاب بوحديبة أنّ الوطن العربي كسائر البلاد النامية، في حاجة إلى إبراز خصوصياته عن طريق البحث الميداني وعن طريق التنظير أكثر مّما هو في حاجة إلى تجاوز تلك الخصوصيات نحو معرفة في نهاية التجرّد كما تدعونا إلى ذلك البنويّة أو الماركسية. وعلينا ألاّ ننسى أنّ تأخّرنا هو تأخر أيضاً في التعرّف بدقّة على تفاصيل أحوالنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية(39). لكنّ المنطلق الأساس لإنشاء "علم اجتماع عربي" (وفق رأي الدكتور بوحديبة): ينبغي أن يكون واقع المجتمعات العربية باعتبارها تكوّن وحدة متنوعة "أو إن شئنا تنوعاً في الوحدة"... وأن نرمي إلى مزيد من التعرّف على هذه الخصوصيات وأن نعتبر تجربة كل بلد كجزء من تجربة أوسع ينبغي التعرّف عليها ووضعها تحت تصرف أهل الذكر في البلاد وخاصة أصحاب القرار منهم(40).‏

ويبقى علينا أن نفكك المنهاجيات المتّبعة في الدراسات الغريبة، "حتّى لا تطغى علينا النقدية المفرطة فلا نتقّبل ما يكتبونه عن مجتمعاتنا إلاّ بعين تُميّز بين الاتجاهات وتغربل بين "الحقائق".. ونكسب الامكانيات المنهاجية (الأخرى/ خ.ج) وذلك على شرط أن نحوّلها من "الخارج" إلى "الداخل" ومن "الداخل" إلى "الذاتي" وهذا يتطلّب نقد المفاهيم وتزكية المواقف وضبط الفرضيات وتدقيق الاستنتاجات(41).‏

وإلى نتيجة مماثلة -تقريباً- يصل الدكتور رضوان السيّد، الذي يعتقد أنّ أفضل ردّ على "التبعية" التي تعاني منها الدراسات الاجتماعية العربية، يتمثّل في: "ضرورة قيام علم اجتماع عربي لا يهتم بالتمايز عن الغرب بقدر ما يهتم باستنباط مصطلح وطرائق قادرة على التصديّ لقراءة الظواهر الاجتماعية العربيّة واقتراح الحلول المناسبة لها. ومن هنا تأتي ضرورة تكوين جمعية للدارسين الاجتماعيين العرب على مستوى الوطن العربي تتجاوز اختلافات المدارس الاجتماعيّة الغربيّة للوصول إلى "تطبيقات عربيّة" لميدانية تنطلق من مشكلاتنا نحن؛ وإن لم يكن ضرورياً أنْ تنتهي بهذه المشكلات"(42).‏

وعموماً لا بدّ من توحيد وتنسيق بين الجهود البحثّية والتنظيرية التي يقدّمها المختصّون الاجتماعيون في الوطن العربي، بحيث لا تبقى دراساتهم اقليمية أو جزئية أو مغلقة فاقدة الانفتاح والاتساع والشمولية. كما يجب أن تنفتح في الوقت ذاته على التيّارات الكبرى في الفكر الاجتماعي الإنساني المعاصر، عبر مواكبة فكريّة مستمرة وروح علميّة واعية.‏

إنّ أغلب المشتغلين في حقل الدراسات والبحوث الاجتماعية في الوطن العربي يتفقون على ضرورة أن نفهم حضارتنا وواقعنا وأنفسنا، كما حاولنا فهم حضارة "الآخر" وحفظ مناهجه، واستخدام مصطلحاته العلمية والأيديولوجيّة والقيميّة في دراساتنا الأكاديمية ووسائل الإعلام المختلفة، وذلك بغية تحديد مواقف علمية -موضوعية واعية من "الأنا" و"الآخر". على أنْ ننطلق من النقاط والعموميات التالية"(43):‏

1-لا توجد حضارة بلا تضاريس وتباينات وتناقضات أيديولوجية وفكرية واجتماعية. والحضارات والمجتمعات كلها اشتملت في معظم مراحلها التاريخية على عناصر عقلية وعاطفية، مادية وروحية، عناصر أصيلة -تراثية، وأخرى وافدة ومُستعارة ومُكيّفة، وإنْ تفاوتَ التركيز على هذا العامل أو ذاك، وعلى الكيفية التي تمتزج وتتصل بها هذه الأبعاد والعناصر والاتجاهات.‏

2-إنّ العرب المعاصرين لا يعيشون في جزيرة منعزلة جغرافياً، كما أنّهم لا يعيشون خارج العصر ومتغيّراته ومتطلباته ومستحدثاته. لكن اختلاف التركيبة الاجتماعية العربية عن تلك التي بالغرب المعاصر يجعل مشكلات العصر وقضاياه تنعكس على مجتمعاتنا على شكل أفعال وظواهر وردود أفعال تختلف عن المجتمعات والتطلعات القومية. ومن مقولة "شرعية الاختلاف"- وهي مقولة غير قيمية- تبدو ضرورة الخروج من أشر التبعية في المصطلح والتحليل ومجالات الاهتمام. وليست هذه دعوة للانقطاع عن العالم، بل هي دعوة للدخول في العصر من خلال ثقافتنا المحلّية ومشكلاتنا الخاصّة. وهو ما عبّر عنه بعض الباحثين بمقولة "الاعتماد على الذات علمياً" أو "الممارسة العلمية المستقلّة" حيث تتطلب تنويعاً لمصادر المعرفة، والتعامل معها تعاملاً نقدياً واعياً ومستوعباً، وتحديد ما نريد من تراثنا الغني ومن تراث الشعوب الأخرى.‏

3-إنّ معركة "الاستقلال العلمي" لا تُحسم داخل المؤسّسات العلمية والأكاديمية فقط، بل هي بحاجة إلى تضافر جهود وتنسيق عمليات وخطوات كثيرة على مستويات تعليميّة وإعلامية وثقافية وسياسيّة. وإذا سلّمنا بأهمية هذا المنطلق، فإنّ ثمّة آليّات تمهّد الطريق للتخلّص الجدّي من "التبعية" الفكرية، ومواجهة عناصرها ومفرداتها، ووضع اللبنات القويّة على طريق طويل يمهّد حقيقة لبناء ممارسة علمية عربيّة مأمولة، ولعلّ من بين الآليات والإجراءات العملية المثمرة الخطوات التالية:‏

أ-التخطيط لإجراء دراسات وبحوث واقعية -ميدانيّة حول مظاهر وأشكال التبعية في الأنساق المعرفية المختلفة على أن تستوعب (هذه الدراسات والبحوث) الحالات والمؤسسات العلميّة العربيّة كافّة.‏

ب- تحليل التاريخ الاجتماعي والتراث العربي بصورة منهجية منظمة، لمعرفة ثوابته ومتغيراته، وشروط النهوض ببعض أنساقه وأطروحاته الأصلية.‏

ج- الاهتمام بالأعمال النقدية للتراث الفكري العالمي، على أن تكون مصادره متنوعة ومتعدّدة (من الشرق والغرب، من آسيا وافريقيا، من أمريكا شمالها وجنوبها)، وأن لا يكون التركيز فيه على سؤال "ماذا يوجد؟" كما درج عدد غير قليل من الباحثين عند التعامل مع تراث الآخر، ولكن استكمال التناول بأسئلة من نوع "كيف؟" و"لماذا"؟ و"لمن"؟.‏

د- تشجيع ودعم الجمعيات العلمية الاجتماعية (على صعيد وطني وكذلك على مستوىً قومي) حتى تساعد في الارتقاء بالعلم، وتبادل الخبرات، وإقامة المؤتمرات والندوات العلمية لتطوير الدراسات والبحوث وتبادل الخبرات في معالجة المشكلات المطروحة. والتفكير (كهدف مأمول) بإقامة أكاديمية عربية للدراسات والبحوث الاجتماعية، لتحقيق أهداف ومرامي وصيغة الممارسة العلمية المستقلة، وتعبئة الطاقات والإمكانات البشرية العلمية العربية، على أن يتجاوز إنشاء هذه الأكاديمية النظرة القُطرية، وأن تتوفر سبل حماية تلك الجمعيات والعاملين فيها من "المضايقات" الفكرية والسياسية والمادية، التي تعوق التفرغ للعلم والإبداع. ويرتبط بذلك ضرورة إصدار المزيد من الدوريات المتخصّصة في العلوم الاجتماعية، لتغطية بلدان الوطن العربي كافة، والإسهام في إنضاج الوعي الأكاديمي الاجتماعي السليم، وتشجيع الباحثين الشباب لخوض معترك هذا الميدان الصعب.‏

هـ-العمل على أن تكون موضوعات الأطروحات الاجتماعية للدارسين العرب في البلدان الأجنبية متعلّقة بمشكلاتنا الخاصّة، وأن تجري بمتابعة وتنسيق مع الجمعيات الاجتماعية في البلدان العربية، بحيث يجري الاستفادة من هذه الأطروحات والرسائل الجامعية في الوطن العربي ذاته.‏

و-إنّ المدخل المعقول للتصدّي لأزمة الدراسات الاجتماعية العربية، لا بدّ أن ينطلق من رؤية الاجتماعي والسياسي في سياق مجتمعي مترابط، أي النظر إلى السياسي كجزء من الاجتماعي وليس كبُنية غربية أو مفروضة من خارج. والمدخل المناسب لفهم العامل السياسي، يمكن أن يكون مفهوم "الوظيفة الاجتماعية" أو"الدور" الاجتماعي لهذا العامل الهام والمؤثر جدّاً في واقع الوطن العربي. الأمر الذي يعني أهمية توجيه البحوث والدراسات الاجتماعية نحو القضايا "الساخنة" والحيوية في حياتنا الاجتماعية -السياسيّة الراهنة، سواء بالنسبة للمجتمع أو بالنسبة للسلطة والمؤسّسات الرسمية والتخطيطية والتشريعية والتنفيذية. وذلك من شأنه تأكيد مصداقية علم الاجتماع وواقعيّة. ولا بدّ من التركيز في الوقت ذاته على الدراسات الخاصّة بـ "استشراف المستقبل"، فهي مسألة استراتيجية لا يستغني عنها أي مجتمع مُعاصر، ومن شأنها تنمية "التخطيط الاجتماعي" على أسس علمية تنبؤية احصائية دقيقة، وبالتالي ربط العلم بالمجتمع وبالواقع والمستقبل.‏

الهوامش :‏

1-الدكتورة زينب شاهين، "الاتجاه الاثنوميتودولوجي في علم الاجتماع"، مجلة "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان السابع والثلاثون والثامن والثلاثون، كانون الثاني (يناير)- أيار (مايو)، 1985-ص292.‏

2-عبد الوهاب بوحديبة، "تطوّر مناهج البحث في العلوم الاجتماعية"، مجلّة "عالم الفكر" (الكويت)، المجلد العشرون، العدد الأول، ابريل- مايو- يونيو 1989-ص23.‏

3-الدكتور عبد الصمد الديالمي، "اشكالية الكتابة السوسيولوجية في المغرب"، مجلّة "المستقل العربي"، السنة السابعة، العدد السابع والستّون، أيلول (سبتمبر) 1984، ص31‏

4-المصدر نفسه، ص33‏

5-الدكتورة جهينة سلطان العيسى والدكتور السيّد الحسيني، "علم الاجتماع والواقع العربي: دراسة لتصورات علماء الاجتماع العرب"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة الخامسة، العدد الواحد والأربعون، تموز (يوليو) 1982 ص38‏

6-المصدر نفسه، ص40‏

7-المصدر نفسه، ص47‏

8-الدكتور خليل أحمد خليل، "تاريخية علم الاجتماع: اتجاهات وتطوّرات، مجلّة "الفكر العربي"، السنة الثالثة، العدد التاسع عشر، كانون الثاني -شباط (يناير- فبراير) 1981-ص56.‏

9-ديل إيكلمان، "الكتابة الأنثروبولوجية عن الشرق الأوسط"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة السابعة، العدد الثاني والسبعون، شباط (فبراير) 1985. ص125.‏

10-مناقشات ندوة "علم الاجتماع وقضايا الإنسان العربي"، مجلّة "المستقبل العربي". السنة السابعة، العدد الثاني والسبعون، شباط (فبراير) 1985، ص125.‏

11-المصدر نفسه، ص127‏

12-المصدر نفسه، ص128‏

13-المصدر نفسه، ص129‏

14-انظر: عبد الباسط عبد المعطي، في المصدر نفسه، ص129‏

15-نقلاً عن: الدكتور نبيل محمد توفيق السمالوطي، الأيديولوجيا وأزمة علم الاجتماع المعاصر: دراسة تحليلية للمشكلات النظرية والمنهجية (الاسكندرية: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1975)، ص115.‏

16-مصطفى ناجي، "علم الاجتماع في العالم العربي بين المحليّة والدولية"، "مجلّة العلوم الاجتماعية" (جامعة الكويت)، العدد الخامس عشر- الثاني لصيف 1987- ص185.‏

17-رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي"، مجلّة "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان السابع والثلاثون والثامن والثلاثون، كانون الثاني (يناير) -أيار (مايو) 1985- ص7-8.‏

18-المصدر نفسه، ص8‏

19-المصدر نفسه، ص8-9.‏

20-الدكتور علي زيعور، "تيارات متعددة داخل المدرسة العربية في علم الاجتماع"، في المصدر السابق (الفكر العربي)، العددان 37-38 لعام 1985)، ص249.‏

21-المصدر نفسه، ص235‏

22-المصدر نفسه، ص250‏

23-المصدر نفسه، ص250-251‏

24-انظر: الدكتور فردريك معتوق، "علومنا الاجتماعيّة والمسألية المفقودة"، "الفكر العربي"، السنة السادسة، العددان 37-38، كانون الثاني (يناير) -أيار (مايو) 1985- ص264-268.‏

25-الدكتور علي زيعور، "تيارات متعددة داخل المدرسة العربية في علم الاجتماع، في المصدر السابق، ص255-256.‏

26-عالج هذه المسألة بالتفصيل الباحث الاجتماعي مصطفى ناجي في دراسته "علم الاجتماع في العالم العربي بين المحلية والدولية"، مصدر سبق ذكره في هذا البحث، ص182-183.‏

27-فريدريك معتوق، "علومنا الاجتماعية والمسألية المفقودة"، في مصدر سبق ذكره في هذا البحث، ص266.‏

28-محمد حافظ دياب، "علم الاجتماع في الجزائر: الهويّة والسؤال"، مجلّة "المستقبل العربي"، السنة الثانية عشرة، العدد مائة وأربعة وثلاثون، نيسان (ابريل) 1990، ص94‏

29-نقلاً عن فردريك معتوق، "علومنا الاجتماعية والمسألية المفقودة"، في مصدر سبق ذكره، ص267.‏

30-المصدر نفسه.‏

31-الدكتور رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي" المصدر السابق، ص7.‏

32-العياشي عنصر، "أزمة أم غياب علم الاجتماع" في "المستقبل العربي"،السنة الثالثة عشرة، العدد مائة وسبعة وثلاثون، تموز (يوليو) 1990-ص41.‏

33-جهينة سلطان العيسى، "البحوث الاجتماعية في الخليج العربي: رؤية نقدية"، مجلة "المستقبل العربي"، السنة الثالثة عشرة، العدد مائة وأربعة وأربعون، شباط (فبراير)، ص108-113.‏

34-المصدر نفسه، ص115-117‏

35-جهينة سلطان العيسى والسيّد الحسيني، "علم الاجتماع والواقع العربي: دراسة لتصورات علماء الاجتماع العرب"، مصدر ذكر سابقاً، ص28-51‏

36-الدكتور محمود عبد الفضيل، التشكيلات الاجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي: دراسة تحليلية لأهم التطورات والاتجاهات خلال الفترة 1945 -1985 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1988)، ص39.‏

37-الدكتور حليم بركات، المجتمع العربي المعاصر: بحث استطلاعي اجتماعي (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثالثة، 1986)، ص29-32.‏

38-المصدر نفسه، ص29-30‏

39-الدكتور عبد الوهاب بوحديبة، "تطوّر مناهج البحث في العلوم الاجتماعية"، مجلّة "عالم الفكر"، المجد العشرون، العدد الأول، إبريل -مايو- يونيو 1989 ص23.‏

40-المصدر نفسه، ص24-25‏

41-المصدر نفسه، ص24‏

42-الدكتور رضوان السيّد، "مشكلات البحث الاجتماعي العربي"، في مصدر سابق، ص9‏

43-استناداً إلى دراسة الدكتور عبد الباسط عبد المعطي، "التبعية في العلم الاجتماعي: اشكالياتها، مظاهرها، آلياتها ومدخل التحرّر منها". مجلّة "الوحدة" السنة الرابعة، العدد الرابع والخمسون، حزيران (يونيو)، 1988، ص101-113.‏











رد مع اقتباس
قديم 2011-12-09, 22:40   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
sérine-s
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية sérine-s
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
من فضلك أتستطيع أن تضع لي مراجع حول الهاتف النقال وتأثيره في المجتمع
وشكرا










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 13:48   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
hafid14
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الإسم : hafid14
الطلب: بحث حول التأمين التعاوني و التأمين الإجتماعي
المستوى: السنة الثالثة تأمينات
اجل التسليم : قريبا










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 15:56   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hafid14 مشاهدة المشاركة
الإسم : hafid14
الطلب: بحث حول التأمين التعاوني و التأمين الإجتماعي
المستوى: السنة الثالثة تأمينات
اجل التسليم : قريبا





  1. [PDF] بحث في التأمين - الشيخ الدكتور يوسف الشبيلي



    نوع الملف: PDF/Adobe Acrobat
    ﺛﺎﺑﺖ ﻳﻜﻮن اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻟﻪ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺆﻣﻦ اﻟﺬي ﻳﺴﻌﻰ داﺋﻤﺎ إﻟﻲ اﻟﺮﺑﺢ، ﺑﺨﻼف اﻟﺘﺄﻣﻴﻦ اﻟﺘﻌﺎوﻧﻲ اﻟﺬي ﻻ ... واﻟﺘﺄﻣﻴﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ هﻮ ﻣﺎ آﺎن اﻟﻐﺮض ﻣﻨﻪ ﺗﺄﻣﻴﻦ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﺘﻤﺪون ﻓﻲ ﻣﻌﺎﺷ .... وﺑﻌﺪ ﺗﻌﻤﻖ اﻟﺒﺤﺚ ﻓ ﻲ ﺳ ﺎﺋﺮ ﺻ ﻮرﻩ وأﻧﻮا ...









رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 17:40   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
hadil09
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي السلام عليكم

شكرا لك اخي الكريم وبارك الله فيك لكن حبذا لو تجد لي كتب عن هجرة الجزائريين نحو فلسطين والاردن ولبنان وسوريا










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 19:47   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hadil09 مشاهدة المشاركة
شكرا لك اخي الكريم وبارك الله فيك لكن حبذا لو تجد لي كتب عن هجرة الجزائريين نحو فلسطين والاردن ولبنان وسوريا
بحث شامل وكامل ان شاء مدعوم بالمراجع
أرجوا ان اكون قد افدتك

خـطـة الـبـحـث

الـمـقـدمـــة
المبحث الأول : تعريف الهجرة وأسبابها
المطلب 01 : تعريف الهجرة
المطلب 02 : أسباب الهجرة الجزائرية إلى بلاد المشرق العربي
المبحث الثاني : اتجاهات هجرة الجزائريين
المطلب 01 : هجرة الجزائريين إلى الحجاز وسوريا
المطلب 02 : هجرة الجزائريين إلى مصر
المبحث الثالث : تأثير ودور المهاجرين الجزائريين في بلاد المشرق العربي
المطلب 01 : تأثير ودور هجرة الطيب بن سالم والأمير عبد القادر
المطلب 02 : تأثير عموم المهاجرين والطلبة الجزائريين في بلاد المشرق العربي
خــاتــمــة
قائمة المصادر والمراجع













الــمــقـدمــــــة
لقد عرفت الجزائر خلال فترة مابين (1870-1914) موجة عارمة من هجرة سكانها نحو بلاد المشرق العربي لذا تعتبر هاته الهجرة من إحدى القضايا التي لفتت انتباه الباحثين واستأثرت باهتمام علماء الاجتماع والتربية وعلم النفس في الدول الأوروبية الغربية منها والشمالية من خلال إصدار العديد من الكتب والمئات من الدراسات لدراستها في حين أهمل العرب هذا الجانب ، ومما لا شك فيه أيضا أن قرار الهجرة في أساسه الأول قرار شعبي يقف على الأحوال والظروف والمعانات التي عاشها هذا الشعب أثناء فترة الاحتلال وسياسة التعسف التي سلكتها الإدارة الفرنسية ، ولقد اخترنا دور المهاجرين الجزائريين نحو بلاد المشرق العربي موضوعا لبحثنا هذا وما تبين لنا من ندرة الاهتمام بالدور الايجابي الذي لعبوه بالمشرق العربي إبان فترة الاحتلال كما تمكنا من طرح إشكالية لهذا البحث وكانت على النحو التالي :
ما هي الأسباب والدوافع الحقيقية التي في ظلها كانت الهجرة الجزائرية نحو المشرق وما أثرها على الفرد والمجتمع ؟
وللإجابة عنها حاولنا إعطاء لمحة عامة عن الهجرة الجزائرية نحو المشرق وأسبابها فقسمنا بحثنا إلى مقدمة وخاتمة تتوسطهما ثلاثة مباحث نستعرضها كما يلي :
حيث تطرقنا في المبحث الأول إلى تحديد مفهوم الهجرة ومعرفة أسبابها وأما في المبحث الثاني تحدثنا فيه عن اتجاهات الهجرة الجزائرية نحو المشرق وتناولنا في المبحث الثالث تأثير ودور المهاجرين الجزائريين في بلاد المشرق العربي
ولإثراء هذا البحث والإلمام بالمعارف التي تخدمه وتدرس جوانبه أبينا إلا أن نعتمد على بعض المصادر والمراجع منها :
- الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي للدكتورة نادية طرشون .
- تاريخ الجزائر الثقافي الجزء 5 للدكتور أبو القاسم سعد الله .
- أبحاث ودراسات في تاريخ الجزائر المعاصر للدكتور عمار هلال .
كما واجهتنا عدة صعوبات في معالجة هذا الموضوع يرجع بعضها إلى صعوبة وتشعب أفكاره مما صعب علينا التنسيق بينها والبعض الآخر يرجع إلى غياب مصادر متخصصة تعالجه لكن لم تثني من عزيمتنا وإصرارنا على إنجازه بالصورة التي هو عليها الآن ، وفي الأخير نشكر كل من ساعدنا من قريب أو من بعيد كما نتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ الفاضل الذي أعطانا فرصة للبحث في هذا المجال المم والحساس















المبحث الأول : تعريف الهجرة وأسبابها
المطلب الأول : تعريف الهجرة
إن التعريف الشرعي للمهاجر يختلف من بلد إلى آخر وذلك حسب المعايير المعتمدة عند كل دولة ، ومن هذه التعاريف تبين مفهوم الهجرة والمهاجرة
حسب المؤتمر الدولي المعقود في روما سنة 1924 فإن المهاجر هو كل أجنبي يصل إلى بلد آخر بحثا عن سبل وفرص العمل أو بقصد الإقامة الدائمة .
أما الهجرة حسب كومار فهي " ترك بلد أو الالتحاق بغيره سواء منذ الميلاد أو منذ مدة طويلة بقصد الإقامة الدائمة وغالبا ما تكون لتحسين الوضعية بالعمل "
وظهرت بمفهوم آخر هي السفر أو النزوح أو هجرة الرجال والنساء سواء كانوا يدرسون في داخل البلاد أو خارجها بمحض إرادتهم أو قصرا وذلك طلبا للعلم أو للاستيطان أو للدراسة هناك وعدو رجوعهم إلى أراضيهم وموطنهم الأصلي إلا بعد إتمام دراستهم .
فالهجرة إذا ترتبط بالبحث والمعرفة والتي ارتبطت بدورها بالعقل البشري أو بتلك الرحلات التي كان يقوم بها الدارسون وغيرهم .
المطلب الثاني : أسباب هجرة الجزائريين إلى بلاد المشرق العربي
لقد كان من الطبيعي أن يتوجه الجزائريون إلى المشرق فرادى وجماعات بعد النكبة التي تعرضوا لها ولاسيما بعد فشل المقاومة ، وذلك لمعرفتهم بهذه البلاد من قبل عن طريق الدين والسياسة والتجارة . ولعل أهم هذه الأسباب هي :
الأسباب السياسية :
1- اضطهاد الإدارة الفرنسية للجزائريين وذلك عقب تعيين الحاكم الفرنسي العسكري بالجزائر "روفيقو" حيث أثقل كاهل الجزائريين بالإتاوات والضرائب .
2- التخريب والدمار للممتلكات العامة والخاصة حتى انه خلال الثلاث السنوات الأولى للاحتلال تمكن من هدم ثلث مدينة الجزائر تحت مبررات مختلفة ، ولم يسلم من هذا التدمير الشامل المساجد والمساكن والمدارس والحدائق وحتى المقابر التي تعرضت إلى نبش وبيع عظام الموتى وتسويقها إلى مرسيليا لأغراض صناعية .
3- الإبادة والتشريد لكل من يقف في وجه الاحتلال الفرنسي ، من ذلك المذبحة الرهيبة التي ارتكبتها الحامية الفرنسية "تروبير" ضد سكان مدينة البليدة العزل والتي كانت حصيلة هذه المذبحة الفظيعة أن أثارت استنكار الفرنسيين أنفسهم ، وأكثر من ذلك ما جرى لقبيلة العوفية غرب مدينة الجزائر إذ أمر القائد الفرنسي "روفيقو" جنده بإبادة جميع أفراد القبيلة عن بكرة أبيهم بحجة سرقة أمتعة أحد المتعاونين معها في رحلته إلى منطقة الزيبان ، حيث اعدم شيخ القبيلة وتبرع برأسه إلى أحد الأطباء وهو "بونافو" ليقنع هذا الأخير أحد مجادليه بأن الإنسان يفقد الحياة مباشرة بعد قطع رأسه .
4- دعوة المشايخ والمفتين والطرق الصوفية إلى الهجرة تعبيرا عن رفضهم للقوانين كقانون التجنيد الإجباري .
5- سياسة التهجير والنفي التي اتخذها الاستعمار ضد من اختار أسلوب المقاومة علنا مثلما حدث للمفتي مصطفى بن البابطي إذ نفي مع بعض عائلة الإسكندرية بمصر ونفيت مئات العائلات إلى تونس مما كانت لها علاقة بثورة المقراني .
الأسباب الاقتصادية :
إن رداءة الواقع الاقتصادي للجزائر خلال الاحتلال الفرنسي ، كان أهم دوافع هجرة الأهالي فرادى وجماعات إلى بلاد المشرق العربي فقد عرف هذا الاقتصاد تدهورا طيلة فترة الاحتلال . لعل أهم هذا الاقتصاد :
1- إغراق المدن الجزائرية بالإنتاج الفرنسي .
2- تحطيم الأسواق اليومية والأسبوعية مما افقد الكثير لمحلاتهم .
3- سن القوانين تجيز للفرنسيين امتلاك الأراضي بدون سبب وقت ما تشاء هذا القانون المصادق الذي صدر سنة 1873 الذي خول للإدارة الفرنسية الاستحواذ بالقوة على الملكيات الفردية والجماعية بمجرد رفض الأهالي التعاون مع الجيش أو إبداء تعاطف مع المقاومة الوطنية ، هذا ما حول معظم الفلاحين الجزائريين إلى مستأجرين وعمال وخماسين في الأراضي التي باتت ملكا لهم سابقا ، وكانت المصادرة تهدف إلى تحقيق هدفين اثنين هما :
• قمع انتفاضات الجزائريين ضد الوجود الفرنسي .
• الحصول على الأراضي التي كان نقصها يعرقل تطور عملية التوسع الاستيطاني كما اعتبرت الإدارة الفرنسية حسب قانون أكتوبر 1844 أن الاحباس والأراضي غير المستغلة والتي لا تثبت ملكيتها قانونيا هي ملك للدولة . هذا ما جعل الأهالي يبيعون ما تبقى لديهم ، ثم الهجرة إلى الخارج .
4- تدخل السلطات الفرنسية في توجيه الإنتاج الزراعي من خلال التخصص في إنتاج المزروعات التجارية على عكس الزراعات المعيشية التي كان يعتمدها الجزائريون
5- تفاقم وضعية الأهالي بعد سنوات القحط والمجاعة خلال سنوات 1866الى 1869 زيادة على قلة المحاصيل وموجات الجراد وقلة المساعدات الحكومية مما أسهم في انتشار الأوبئة التي حصدت أعداد كبيرة من السكان قدرت بحوالي 500 ألف ضحية
6- السياسة الضريبية التي استخدمتها سلطات الاحتلال لإرغام الأهالي لإرادتها فقد كانت الضرائب كارثة كبرى على الجزائريين ، باعتبار أن الأهالي لم يكونوا يدفعون الضرائب قانونيا فقط ، بل كانوا يدفعون للخزينة العامة الفرنسية الضرائب الدينية ، والعشور والزكاة وأرغمتهم على مواصلة دفع الضرائب التي كانوا يدفعونها للدولة الجزائرية قبل الاحتلال ، وكل هذه الضرائب كانت تدفع نقدا ولعل أصدق تعبير على ظلم هذه الضرائب ما قاله عهد الفرنسيين : ... لا نبالغ إن قلنا أن هذا الثقل الضريبي إذا طبق بصفة دائمة على أي بلد أوروبي حتى وإن كان الأكثر غنى فإنه كاف لتحويله خلال سنوات إلى بلد بائس .
الأسباب العسكرية :
من الأسباب والدوافع التي دعت إلى الهجرات هو قانون التجنيد الإجباري التي فرضته الإدارة الفرنسية على الشباب الجزائري سنة 1912 تحسبا للحرب العالمية الأولى التي كانت على الأبواب ، وجاء هذا المشروع خصيصا لاستفادة الطاقات البشرية المتبقية من سياسة الإبادة والتشريد ثم كان هدفه أيضا هو مزج المجندين الجزائريين بالفرق العسكرية الفرنسية فيكتسبون بذلك اللغة والعادات وهذا ما يحقق المشروع الاستعماري الهادف إلى جعل الجزائر مملكة عربية تابعة لفرنسا إضافة إلى تزويد فرنسا بقوة عسكرية تستعين بها في أوروبا بعد أن أظهرت فرق القناصة الجزائرية بسالة قتالية أثناء الحرب الروسية الفرنسية ، فكان ذلك تطبيق الخدمة العسكرية الإجبارية على الأهالي من مسلمي الجزائر هو الحل الوحيد لفرنسا الذي يخرجها من أزمتها العسكرية والمالية .
وكان رد فعل الأهالي على هذا المشروع هو رفضهم التام له فقد تعددت أساليب الاحتجاج من مطالبة لتعويضات حقيقية مقابل ضريبة الدم من الجزائريين وهاجر آخرين إلى البلاد الإسلامية كأسلوب من أساليب المقاومة والاحتجاج ، لأن في الأخير انخراط الشباب الجزائري في الجيش الفرنسي سيؤدي إلى ترك فرائضهم الدينية ان لم يؤدي بهم إلى محاربة إخوانهم في الدين ، وهذا ما يرفضونه بشدة .
الأسباب النفسية :
على غرار الأسباب السياسية والاقتصادية والعسكرية فإن الأسباب النفسية تؤدي إلى هجرات طوعية أو اضطرارية ، فالإهانة التي لحقت بالمسلم الذي كان يعتبر نفسه عزيزا وأصبح ذليلا أما الفرنسي "القاوري" واليهودي ، كما أن فشل المقاومة عاملا هاما في توجيه العديد من الأهالي إلى المشرق لطلب الحرية والعيش في أمان ، فقد كان الحجاج ينقلون أخبارا عن المعاملة الحسنة التي كان يلقاها المهاجرون هناك فالمهاجر الجزائري في دول المشرق العربي يشعر بالعزة والكرامة بدل الفقر والحرمان الذي يعيشه في ظل الاحتلال الفرنسي .
الأسباب الدينية والتعليمية :
إن الحديث عن الدوافع التعليمية لهجرة الجزائريين نحو الشرق يقودنا إلى طبيعة السياسة الفرنسية في مجال التعليم ، فقد كانت وضعية التعليم قبيل الاحتلال أحسن بكثير من وضعيته بعد الاحتلال ، إذ وصل عدد الأشخاص الذين يعرفون القراءة والكتابة 40% قبيل الاحتلال واقل من ذلك بعد الاحتلال . بالإضافة إلى هدم المدارس والمؤسسات الثقافية على اعتبار أنها تشكل خطرا كبيرا على أهدافها الثقافية والدينية والاستعمارية التي جاء من اجلها ، وكانت في هذه المرحلة تونس الشقيقة هي أول ما يقصده الجزائريون باعتبارها مركزا إشعاعيا للعلوم الدينية والعلمية المتمثلة في جامع الزيتونة الذي تخرج منه العديد من علماء الجزائر كالعلامة عبد الحميد بن باديس كما أن الواقع الديني للجزائريين كان جد سيئ لما تعرضت له العديد من المساجد والزوايا من هدم أو بيع أو تحويل إلى كنائس أو ثكنات عسكرية أو مخازن للذخيرة أو متاحف ، فتحول مثل جامع القصبة إلى كنيسة كانت تسمى "كنيسة الصليب المقدس" وهدمت مساجد عنابة التي كان عددها 37 مسجدا قبيل الاحتلال وبقي منها إلا مسجد صالح باي فقط بالإضافة إلى القمع والاضطهاد الذي مورس على المشرفين والمعلمين والقيمين على هذه المؤسسات إذ أحيل الكثير منهم إلى المحاكم الفرنسية .
كما أن الإدارة الفرنسية حاولت تنصير الأهالي بطرق متعددة إذ عمدت إلى الإرساليات التبشيرية لتغيير المعتقدات الروحية والمقومات الثقافية للجزائري المسلم إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل ويرجع الفضل في ذلك إلى المشايخ ومقدمو الطرق الصوفية الذين عبروا عن رفضهم الشديد ممن يغير دينه بدين آخر ، هذا ما جعل الجزائريين يهربون بدينهم إلى المشرق أين يحتفظون بمقوماتهم الحضارية .

المبحث الثاني : اتجاهات هجرة الجزائريين
المطلب الأول : هجرة الجزائريين إلى الحجاز وسوريا
1- الهجرة إلى الحجاز
كانت الحجاز البلد الأول الذي استقطبت الهجرة إليه باعتبارها المركز الروحي الذي يشدوا إليه المسلمون الرحال من مختلف أنحاء المعمورة لوجود المقدسات (مكنة والمنورة) وموسم الحج لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام إلى أن ما يحكم علي الهجرة أنها اشتدت نحو بلاد الحجاز منذ 1893 حيث سجلت سنة 1895 حوالي 100 عائلة من منطقة سيدي عقبة بالخصوص ببسكرة ، والتي كانت استجابة بالضبط الاستعماري المفروض عليها هروبا من سياسته الضارية بممارسة أبشع صور التعذيب والتنكيل ضد الجزائريين ناهيك عن مصادرة أراضيهم .
ولكد كانت الحجاز مركز وفود العديد من الأهالي السوفيين بحكم أنها كانت مركزا لتحصيل العلم باعتبار أن أكثر المهاجرين هم طلبة أو مثقفي المنطقة وهروبا من سياسة الإدارة الرسمية الظالمة وإذا اتبعنا حركة الهجرة إلي الحجاز قديما تعود إلي ما قبل الاختلال انطلاقا من البقاع المقدسة في إطار رحلة الحج الموسمية التي كانت أصحابها عامل اقتناء الكتب والمجلات بحكم أن الحج مركز أساسي في نشر الثقافة بين أرجاء العالم العربي والإسلامي وعليه كانت الحجاز أهم منطقة من بلاد الحجاز استقطاب أهالي منطقة وادي سوف هاجرو سيرا علي الأقدام بخطي متثاقلة إلي بيت المقدس مرورا بقفصة والإسكندرية والعيش سنة 1908 , وهكذا إن دل على شيء فإنما يدل على رغبة الجزائريين لنشر العلم والتعليم بشكل أو بأخر انطلاقا من قدرتهم الفائقة في التحصيل حيث نجد من هؤلاء الشيخ عمار بن الأزعر الذين نفته السلطات الفرنسية فاستقر بالمدينة المنورة ولم تكن هجرته فردية بل كانت مع عدد من الذين تتلمذوا على يده1

2- الهجرة إلي سوريا
أما عن أسباب الهجرة نحوي سوريا خلال الفترة التي حددناها في بحثنا فلأول وهلة يتبادر للأّذهان أن هذه الحركات مختلفة أهمها هجرة 1888 - 1890 - 1892 - 1898 - 1899 وأخيرا 1911 تنحصر أسبابها في ثلاثة عوامل رئيسية وتكمن في العامل الديني , السياسي والاقتصادي , فهجرة 1911 مثلا قد حصرها الكتاب والمؤرخين الفرنسيين في مدينة تلمسان وأًصبحت تعرف بهجرة تلمسان بالنظر لما سبق فكل حركة من حركات الجزائريين أو مختف هجراتهم نحو سوريا ويجب أن ندرس على حدا بحكم ما خلفته من أثار ومن تراث في داخل البلاد وخارجها في ما يخص هجرة الأهالي من مناطق القبائل نحو سوريا خلال الفترة الممتدة مابين 1847 - 1871 , يمكن إضافة عامل محاولة التنصير للأهالي ويكاد هذا الجزء من هذا الوطن أن ينفرد بهذه الظاهرة الفقيرة التي انتهجتها الإرساليات التبشيرية وقد كان الأمير عبد القادر من الذين أسسوا جريدة خاصة بهم باسم (المهاجر) التي كانت تصدر بالعاصمة السورية دمشق مرة كل أسبوع منددة بالسياسة الاستعمارية التي سلكتها الإدارة الفرنسية في الجزائر مدافعة بذلك لحقوق المهاجرين المغاربة في المشرق العربي ولقد اشرف الأمير عبد القادر شخصيا على شؤونها المالية ومن المحتمل أن يكون هو الأمير عبد القادر الذي أسس هذه الجريدة بماله الخاص وقد تسببت هذه الهجرات الجماعية نحو سوريا في نزح أكثر من200 ألف عائلة من منطقة القبائل وقد ساهمت الجمعيات الدينية بشكل كبير وملحوظ في تشجيع الهجرة نحو الأراضي السورية وتستمر العلاقة الوثيقة بين الطرفين مما جعلها الكثيرين الذين شدوا الرحال إليها وبحكم الوضع الاقتصادي للبلاد المتدهور فما عسى ابن الفلاح أو الخماس أن بحث عن مصدر للعيش في بلد آخر لما آل إليه الجزائريين من بؤس وحرمان جعلهم يفضلون ترك أرض آبائهم وأجدادهم
ولقد كانت سوريا من البلدان التي استقطبت دفاعات من الهجرة الجماعية كهجرة الأسرة الكبيرة من مدينة مليانة سنة1899 فضلا عن هجرة نحو 1200 عائلة من تلمسان 1911 والتي اتجهت نحو سوريا وفي مقابل ذلك تفطنت فرنسا للأمر وامرة بوقف الهجرة وغلق الحدود الجزائرية إلا أن ذلك لم يمنع من تواصل الهجرات التي استمرت رغم انف الاستعمار , وقد قام المهاجرون الجزائريون بدور هام وتولي المناصب العالية وشاركوا في الجيش والإدارة والمدارس وكان عندهم المهندس والطبيب والضابط والكاتب والمؤلف والصحافي وتوج العمل الصحافي بدمشق بإصدار جريدة في دمشق سنة 1912 والتي كانت في محتواها تندد بالسياسة الاستعمارية التي انتهجتها فرنسا بالجزائر وتدافع عن حقوق المهاجرين في المشرق العربي الإسلامي وبقي المهاجرون على اتصال مستمر بوطنهم وساهموا في نشر فكرة الجامعة الإسلامية وعملوا على تعزيز معاني الروح والقيم الوطنية
وهكذا لم تحن الحرب العالمية الأولى حتى كانت حركة الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي وبلغت أوجها وبدأت تأتي كلها وذلك شكل أدوارا قيادية ، وقد زار العديد من العلماء الجزائريين سوريا ورجعوا بأفكار ضلت محفوظة إلى حينها ومن هؤلاء الشيخ "سعيد بن زكري" و "عبد الحليم " بن سماوية " ومحمد سعيد الزواوي فضلا عن الأمير خالد "وعبد الحميد بن باديس واحمد بن عليوة ، ولكل من هؤلاء دوره في تطور الحياة الفكرية والسياسية في الجزائر آنذاك
وتطول بنا القائمة لو حاولنا استقصاء العلماء الذين هاجروا وقضوا حياتهم في المهجر والأسباب كثيرة وعديدة وقد اشرنا إلى أهمها بحكم المغريات العلمية والسياسية التي يجدها المهاجر ، ضف إلى ذلك النكبات الطبيعية التي تركت أثارها على كل الناس وكذلك كانت تترك أثار خطيرة عند فئة العلماء لان عدد العلماء والمثقفين كان قليلا آنذاك

المطلب الثاني :هجرة الجزائريين إلى مصر
منذ الاحتلال استقطبت مصر عدد كبير من المهاجرين الجزائريين الذين كانوا يأتونها بإحدى الطرق الثلاثة ، إما منفيين أو مهاجرين أو حجاجا ، وفضلوا فيها الإقامة بعد أداء فروضهم كما استقطبت العديد من الطلبة متزايدة أعدادهم منذ الحرب العالمية الأولى هدف إلى ذلك بعض السياسيين المغضوب عليهم كما نزلها زوار معجبون بعلومها وصحافتها وآدابها وكانت الإسكندرية تستقطب أعداد من المهاجرين الوافدين إليها من الجزائر ومنهم من أقام وتزوج هناك ، أما في القاهرة فكانت تعج بالجزائريين الذين كانوا يقيمون بحي الأزهر والذي يعد مركزا إشعاعيا وفكريا فضلا عي قوى رواق المغاربة ، ومنذ القديم كانت مصر وجهة إعجاب من قبل الجزائريين ، ويعتبرونها كعبة العلم والحضارة لأنهم كانوا يعرفونها أكثر مما كانوا يعرفون العراق وسوريا بحكم وقوع مصر في طريق الحج ، ومن رجال السياسة الجزائريين الأوائل الذين هاجروا من بلادهم إلى مصر نعرف الباي "حسن بن موسى" باي وهران والذي حملته الإدارة الفرنسية في أوائل 1831 إلى الإسكندرية أما الداي حسين فقد هاجر إلى مصر وحل بالإسكندرية بعد فشل خططه بالرجوع إلى الجزائر ، وقد كان مع الداي حسين صهره قائد جيشه الآغا إبراهيم الذي عجز من مقاومة الفرنسيين في سطوالي أما العلماء فقد حلوا بمصر مهاجرين أو منفيين وكان رائدهم محمد العنابي الذي نفاه كلوزيل سنة 1830 بدعوى انه كان يتآمر لاستعادة كبيرة للحكم الإسلامي إلى الجزائر ، كما استقبلت الحرب العالمية الأولى وقد بلغ عدد الطلبة حسب الإحصائيات في سنة 1916- 29 طالبا وكانوا من مختلف ربوع الجزائر
وقد استمرت الهجرة إلى المشرق في فترات متعددة حيث نجد من بين هؤلاء الطالب "محمد العربي ستو" المولود بوادي سوف خلال سنة 1870 والذي شد الرحال إلى مصر سنة 1908 بعد حفظه للقران الكريم فاشتغل هناك مؤدبا للصبيان بالأزهر ، ثم ما لبث أن زاول دراسته بالأزهر سنة 1916 ، وقد احتل الرتبة الرابعة من المصنفين في قائمة الطلبة الجزائريين بالأزهر من نفس السنة ، تحت اسم محمد العربي السوفي ، وفي هذا الصدد أصبح المشرق مقصد للهجرة نتيجة لأهميته البالغة التي يحظى بها العلم والتعليم هناك
ضف إلى ذلك هجرة الأمير عبد القادر الذي كانت له علاقة بالحركات الإسلامية ونقصد بذلك تلك الهزة التي أحدثها جمال الدين الأفغاني في السبعينات والثمانينات تحت اسم الجامعة الإسلامية وكانت بلاد الشام اقرب فكريا إلى مصر منها إلى فارس وكان الأمير قد حضر شخصيا افتتاح قناة السويس (1869) ولقد التقى محمد عبدوا الذي كان يتنقل بين مصر والشام بالأمير عبد القادر مرات عديدة كما التقى بولديه محمد ومحي الدين
وقد كان الأمير عبد القادر شخصية سياسية رغم تخليه عن السياسة ، فقد زار مصر مرتين على الأقل ، الأولى أثناء الحج سنة 1864 ناهيك عن فتحه لقناة السويس 1896 وكانت هذه الزيارة محط أنظار الكبار ولقد كانت بين الأمير والشيخ محمد عبدوا مودة ومراسلات ، فقد تزامنت ثورة عرابي باشا للاحتلال الانجليزي بمصر مع مرض الأمير خالد وجدنا الأمير ومنذ هذه الفترة أصبحت مصر قبلة الجزائريين ، وبعد الأمير خالد وجدنا الأمير مختار الذي لعب دورا هاما وفعالا في جمع كلمة الجزائريين في المشرق ولاسيما في مصر وهو من أحفاد الأمير عبد القادر
وفي عهد بيجو هاجر الأمير عبد القادر نحو المشرق إلى المدينة المنورة فبعد حادثة الزمالة 1843 وسقوط المدن في أيدي العدو وضياع عاصمة الأمير بالذات هاجر الأمير عبد القادر رفقة مجموعة من الأعيان والعلماء ، كما أرغم على الهجرة "بومعزة"و"حسين ابن عزوز" رفقة عشرات من أتباعه وأقاربه توجهوا نحو الحجاز ، ولم تكن أسرة الأمير وحدها في هذا الميدان فقد ظهرت إلى جانبها أسماء لامعة من
المهاجرين ساهم أصحابها في عدة ميادين تهم القضية العربية نذكر منها الشيخ طاهر بن صالح بالجزائر الذي كان له الفضل الكبير في نشر الفكر والثقافة بالجزائر

المبحث الثالث : تأثير ودور المهاجرين الجزائريين في بلاد المشرق العربي
المطلب الأول : تأثير ودور هجرة الطيب بن سالم والأمير عبد القادر
1- تأثير ودور هجرة الطيب بن سالم
أول هجرة جماعية وقعت مباشرة بعد توقف المقاومة كانت تلك التي تزعمه احمد الطيب بن سالم خليفة الأمير عبد القادر على القبائل والتي انتهت مقاومته في فبراير 1847 بحوالي عشرة أشهر قبل انتهاء مقاومه الأمير وكان احمد الطيب من أواخر خلفاء الأمير الأقوياء والأوفياء له .
يعزو احمد الطيب بن سالم سبب هجرته إلى الظروف الصعبة التي أحاطت بالمقاومة من كل النواحي سواء العسكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وخصوصا عدم التمكن من إيجاد حليف خارجي يساعد في فك العزلة الداخلية التي فرضتها القوات الاستعمارية تدريجا على حركة المقاومة ويؤكد بهذه الخصوص على النزاع الذي احتدم بين الأمير وسلطان المغرب عبد الرحمان وعندما علمت السلطات الفرنسية باتجاه احمد الطيب بن سالم إلى الصلح أرسلت إليه تطلب شروطه ، فوضع الخليفة ثلاثة شروط :
• إطلاق سراح الأسرى الجزائريين الذين حاربوا فرنسا
• هجرته إلى بلاد الشام
• إعادة أملاكه له ليتصرف بها كما يشاء
وأمام هذا الوضع الجديد لجأ سكان منطقة الباو الأعلى إلى الشيخ المهدي مقدم الطريقة الرحمانية الخلوتية يطلبون النصيحة فأعلمهم انه ينوي الهجرة خارج الجزائر إلى البلاد العربية
وقد لبى نداء الشيخ المهدي السكلاوي عدد كبير من سكان المنطقة وركب هؤلاء المهاجرون السفينة التي أقلت الخليفة احمد الطيب بن سالم من الجزائر يوم 24 سبتمبر 1847 رفقة عائلته والعديد من الشخصيات مثل الشيخ المبارك وسي الحاج عبد الله وبلغ عدد المهاجرين في هذه الرحلة قرابة 560 شخصا بين رجال ونساء وأطفال نزل هؤلاء بميناء بيروت ومنها انتقلوا إلى دمشق وقررت السلطات العثمانية منحهم أراضي وخصصت لهم الحكومة مرتبات شهرية .
واختلفت وضعية هذا الفوج من المهاجرين عن فوج الأمير عبد القادر فكانت حالة الأمير المادية ميسورة بفضل المرتب الذي خصصته له الحكومة الفرنسية على عكس حالة احمد الطيب بن سالم وأتباعه كانت في غاية من الفقر والبؤس .
وقد اهتمت السلطات المحلية في دمشق بوضعية هؤلاء المهاجرين وتلبية طلباتهم ، أما عن توطينهم فقرر المجلس إسكانهم في الداخل لتكون متوافقة مع الهواء الذي كان في بلادهم
أما عن رد فعل السلطات الفرنسية فتمثل في تقرير مجلس حكام عدلية وتدخلت لدى السلطات المحلية أمام هجرة هذه المئات من الجزائريين إلى بلاد الشام ، وقدمت لها كتاب مفاده ... إن المشار إليهم الجزائريين ليسوا سديدي القول بما ذكروه ولا يعتمد على أقوالهم بناءا على علاقاتهم بالفرنسية ، ورغم ذلك ظلت التقارير الفرنسية على التشكيك في نوايا هؤلاء المهاجرين مثال ذلك ما أورده Bardin في كتابه أن القنصل الفرنسي في دمشق Segurs تمكن من استمالة احمد الطيب بن سالم ، لكن المهاجرين قد وعدوا السلطات العثمانية بعد الاتصال بالأجانب وخاصة الفرنسيين وعبروا عن ذلك بقولهم " وأًصبحنّا الآن مستقلين ومحميين وتم توظيف جماعة احمد الطيب بن سالم في لواء عجلون مع تقديم المعونة المالية اللازمة لهم وخصصت لأحمد بن سالم مرتبا شهريا قدره 500 قرشا" .
أما المهاجرين الحرفيين أقاموا حي واحد يدعى باب السويقة ، ونقلوا عاداتهم وتقاليدهم وانشئوا جامعا وزاوية سميت "زاوية المغاربة " .
2- تأثير ودور هجرة الأمير عبد القادر
كثيرا ما يرتبط ذكر بلاد الشام أو دمشق في ذهن الجزائريين بهجرة الأمير عبد القادر هذه الهجرة التي دفعة بالكثير من الجزائريين الذين قرروا الهجرة بعد عام 1855 اختيار بلاد الشام موطنا لهم ولهجرتهم .
والأمير لم يقع اختياره في بداية الأمير على دمشق بل كان قد طلب نقله وأتباعه إلي عكا أو إلي الإسكندرية إلي أن السلطات لم تطمئن لإطلاق سراحه وقد حاولت الكثير من الشخصيات الفرنسية ثني الأمير عن قراره للانتقال إلى المشرق لكنه رفض وفضل إن يموت مع هذا العهد فكان يقول أموت لأجل خزيكم وسيعلم الملوك والشعوب من خلال تجربتي ما مدى الثقة التي يجب أن يمنحوها لعهد قطعه لهم الفرنسيون وصل الأمير إلى بروسه يوم 17 جانفي 1853 واستقر في بيت منحته إياه السلطات العثمانية عينت له مرتبا وبعد استقراره بدأت تتوافد عليه جموع المهاجرين من العلماء وغيرهم ممن هاجروا في صدقات للفقراء وكانت السفارة الفرنسية اسطنبول قد كلفت بمراقبة تحركات الأمير ,انتدب السابق إلي بلاد الشام كما خصصت له الحكومة الفرنسية مرتبا سنويا قدره 100 ألف فرنك فرنسي ينفق منه على عائلته ويوزع جزءا منه علي أتباعه وقواده وجزءا آخر في شكل Bullod (المترجم العسكري ( خصيصا لهذه المهمة وكان يصدر تقارير شبه يومية حيث كان يقرءا مراسلات ويترجما للسفارة ,ورغم الأجواء الطبيعية التي كانت تحيط بالأمير إلى انه لم يكن مرتاحا لوجوده وسط الأتراك واليونانيين خصوصا مع جهله لغتهم وجاءت الفرصة مع الزلزال التي تعرضت له بروسه سنة 1855 وساعتها أعطت السلطة في فرنسا موافقتها للانتقال إلى دمشق وقد صاحبت فكرة انتقال الأمير للإقامة في بلاد الشام فكرة إقامة كيان عربي في سورية تحت رعاية الإمبراطورية الفرنسية .
وعن حوادث الفتنة الطائفية في الشام عن حقيقة موقف الأمير فقد كثرت حولها الآراء وتشعبت منها من يقول أنها مجرد خدمه إنسانية لم يكن الأمير يفكر في أبعادها أو الاستفادة منها وأخرى تقول أن هذا التدخل كان بمباركة وتخطيط من فرنسا فهي التي سلمت الأسلحة للفرنسيين
وهناك أمر آخر عرض له أمرين في دراسة السالفة وهي النية الفرنسية في اتجاه إقامة كيان عربي مستفعل في بلاد الشام يكون على رأسه الأمير عبد القادر وصاحبت هذه النوايا حملة دعاية صحفية كان من بينها صحيفة تصدر في باريس اسمها برغيس باريس صاحبها سوري يدعي رشيد دحداح يرسل منها الكميات الكبيرة في سورية ولم تترك فرصة دون التشهير بالحكم القائم في البلاد العثمانية ومطالبة السلطات بتغيير سياسته والأخذ بالنصائح الطيبة لفرنسا .
ولما كانت محاولة تهيئة الرأي العام الفرنسي لمشروع تعيين الأمير على رأس دولة عربية في بلاد الشام حيث صدر في باريس سنة 1860 ولعل في هذه التسمية تصديا واضحا للسلطات العثمانية حيث يعارض بأنها غبر صحيحة وأكد على ضرورة إيجاد (توازن شرقي ) يتلاءم مع التوازن الأوروبي .... إذ يمكننا أن نجعل من العرب في بلاد الشام إمبراطورية عربية .
- موقف الأمير من المشروع الفرنسي : لم يتوفر لدينا أي رد مباشر للأمير على هذه المقترحات أولها تلك الرسالة التي بعثها الجنرال قائد الحملة إلى الشام في 1860 إلى وزير الحربية الفرنسية التي يقول فيها يأسف لعدم رؤية الأمير وقيل له انه لا يرغب في أي سلطة . وقد يكزن رفض الأمير للمشروع مرده إلى أن فرنسا هي التي وضعته .
- والمشروع الثاني فصل سوريا عن الدولة العثمانية وإقامة دولة عربية يكون الأمير عبد القادر أميرا عليها وقد وافق الأمير على ذلك من حيث المبدأ . وحين عرض عليه المشروع كان رأي الأمير أن يضل الارتباط الروحي قائما بين البلاد الشامية والخلافة العثمانية وأن يبقى الخليفة العثماني خليفة للمسلمين وأن يتم للأمير البيعة من أهل البلاد جميعا .
عندما فرغت السلطات العثمانية من حربها مع روسيا حولت اهتمامها للأمور الداخلية وعندما علمت بمشروع الاستقلال العربي اتخذت الإجراءات الفورية تجاهه وفرت الإقامة الجبرية على زعماء الحركة الأمير واحمد الصلح وضل موقف السلطات حذرا اتجاه الأمير وبرقية بحث كما في 30 ماي 1883 قنصل بريطانيا في دمشق إلى القائم بالأعمال في اسطنبول يقول فيها ... توفي الأمير وحضر ممثلو الدولة الأجنبية مراسيم الدفن والألبسة الرسمية وفي سنة 1863 قرر الأمير التوجه إلى الأراضي المقدسة بنية الاعتكاف وأداء فريضة الحج وأقام بعض الأسابيع في مصر بدعوة من شركة مصر قناة السويس التي كان على رأسها الفرنسي فرديناند دولسبس ، وقام الأمير بزيارة إلى اسطنبول عام 1865 قاصدا زيارة السلطان عبد العزيز وتقدم للسلطان بطلب تسريح أعيان دمشق الذين كانت الدولة قد حكمت عليهم بالنفي إلى قبرص اثر حوادث 1860
وكان من نتائج هذه الحملة الدعائية أكثرت طلبات الهجرة على مكاتب السلطات الفرنسية وسمحت هذه السلطات في شهر ماي عام 1860 بهجرة أولاد سيدي خالد وبني عامر وهم فرع من واد بردي ، هاجر هؤلاء إلى بلاد الشام مخلفين وراءهم 2000 هـ من الأراضي الزراعية ووصل عدد الراغبين في الهجرة من هذه المنطقة إلى 577 شخصا أي بنسبة 72% من سكان المنطقة وكان هناك مجموعة من الجزائريين على الحدود التونسية وكان على رأسهم شخصيتان معروفتان أحدهما من الأغواط وهو ناصر بن شهرة والآخر من منطقة السباو وهو عمر أوحامبشوش وتراجعت السلطات الفرنسية عن منح جوازات السفر للهجرة إلى بلاد الشام ، اثر خروج فرع أولاد خالد وبني عامر بعدما تبين لها أن ذلك يؤكد على انعدام الثقة وبينها الأهالي ، إضافة الى ما ستخلفه هذه الهجرة من أصداء سيئة تمس بسمعة الفرنسيين في المشرق العربي والبلاد الإسلامية عامة .
وكانت تتساهل في أمر الهجرة بقصد توفير الأراضي والأماكن للمستوطنين الذين ازدادت أعدادهم بعد الفراغ من مقاومة الأمير عبد القادر ، وشهد عام 1864 موجة هجرة جديدة حدثت من بلاد القبائل وكان سببها مشاجرة وقعت بين "بني شعيب وبني غبري حول قطعة أرض فتدخلت السلطات الفرنسية وعاقبت سي الحاج العيد حيث دعا أهله وأتباعه إلى الهجرة إلى دمشق وتبعته 200 عائلة وصاحبت هذه الهجرة مراسلة نشطة بين المهاجرين وذويهم في الجزائر .
وإذا كانت الهجرة الجزائرية نحو سوريا قد اتخذت صبغة خاصة قبل استقرار الأمير عبد القادر في دمشق فمنذ سنة 1856 اتخذت طابعا يكاد ينحصر في تشخيص الأمير الذي جلب استقراره في هذه المدينة أنضاره وعيون الجزائريين إليها بالأخص المقربين إليه والذين شاركوا معه في مسيرته النضالية ضد الاستعمار الفرنسي عن قرب أو بعد ، فعندما غادر الأمير مدينة روما متجها إلى سوريا كان متبوعا بحوالي 110 أشخاص من بينهم 27 شخص من أفراد عائلته في الوقت الذي كانت مجموعة أخرى تتكون من حوالي 100 شخص قد شدت الرحال إلى دمشق .
ومن الطبيعي أن العاصمة السورية دمشق قد استوعبت أكثر عدد من هؤلاء المهاجرين الجزائريين من بينهم كثير من الأثرياء ورجال الأعمال والتجار الكبار والملاك فلم يكن الأمير في حاجة إلى بث الدعاية وتوجيه النداءان للجزائريين ليلتحقوا به في سوريا مثل ما فعل احمد بن سالم وغيره فبمجرد وجوده في دمشق جلب أنظار الجزائريين إليه بشكل لم يلقى له مثيل فلو حرض الجزائريين على الهجرة إلى سور يا لاستجابت الجزائر له من أقصاها إلى أدناها ولكن ذلك لم يحدث فعلى الرغم من ذلك نلاحظ ارتكاز هجرة الجزائريين على مدينة دمشق وضواحيها حيث يوجد الأمير فبعد 5 سنوات من استقراره في دمشق حتى حدود 1870 تدخل عن ما يزيد عن 1000 رجل من الجزائريين في الأحداث المؤسفة التي نشبت بها وفي ذلك دلالة قاطعة على وجود أعداد هائلة من الجزائريين في دمشق خلال السنة الأخيرة وقد شكلت تونس الجسر الرابط بين الجزائر وسوريا بحكم أن الجزائريين اتخذوا من تونس معبرا إلى سوريا وقد دفع استقرار الأمير في الشام بكثير من العائلات الجزائرية إلى اتخاذ قرار الهجرة ولوحظ سنة 1860 انتشار بعض الدعاة والمحرضين للهجرة في بلاد القبائل والوسط

المطلب الثاني : تأثير عموم المهاجرين والطلبة الجزائريين في بلاد المشرق العربي
تأثير المهاجرين الجزائريين في بلاد المشرق العربي :
لقد ساهم المهاجرون الجزائريون بشكل بارز في عدة ميادين تخدم القضية العربية ، ومن أبرزهم الشيخ طاهر بن صالح الجزائري المعروف بالطاهر السمعوني فقد كان له الفضل العظيم في بعث الثقافة العربية وتكوين جيل من الأدباء والمفكرين والسياسيين ضف إلى ذلك دوره في حزب اللامركزية وإنشائه وإشرافه على إدارة عدة مؤسسات مثل المكتبة الظاهرية ويعتبر سليم السمعوني من أنبل وأهم قادة الحركة العربية التي كانت تعارض الحكم العثماني فكان جزاءه الشنق على يد جمال باشا المشهور بالسفاح ضمن قائمة طويلة من شهداء القومية العربية أما عائلة المبارك التي هاجرت من دلس فقد اقتصر نشاطها على علوم الدين واللغة فكان منهم أربعة على الأقل من توابع الأدباء واللغويين في ذلك العصر والذين اشتهروا ببحوثهم ومؤلفاتهم وعضويتهم في المجامع اللغوية . وقد ظل دور الأمير البشير الإبراهيمي في سوريا غير واضح ، رغم قصر المدة التي قضاها هناك قبل رجوعه إلى الجزائر وبهذا الصدد تطلعنا بشغف حول علاقة الأمير عبد القادر بالحركة الإسلامية والمقصود بهذا تلك الهزة التي أحدثها جمال الدين الأفغاني في السبعينات والثمانينات تحت اسم الجامعة العربية الإسلامية ، أما بخصوص الحركة العربية فقد أشار الأستاذ خالدي إلى الحركة التي تدعوا إلى إقامة كيان عربي في بلاد الشام تحت زعامة الأمير عبد القادر وكان التجاذب حول شخصية الأمير قويا جدا على المستوى الدولي آنذاك فكل دولة كانت تريد أن تظفر منه بلغـته لتتخذ منه وسيلة لترسيخ نفوذها بالمنطقة ، كما برز الدور القومي للمهاجرين في الأفكار والتوجهات والكتابات والتنظيم من خلال رحلات الجزائريين عبر الزمن والأرض والإيديولوجية والعقائد .
تأثير الطلبة الجزائريين في سوريا :
إذا كانت أنضار الجزائريين وخاصة المثقفين منهم ورجال العلم والتجار الكبار في القرنين 17و 18 قد اتجهت نحو مصر ، ففي القرن 19 لأسباب دينية واجتماعية وثقافية وغيروا اتجاهاتهم نحو بلاد الشام واستقروا حينها بأعداد وافرة يقدرها بعض الباحثين في الموضوع بـ 20000 مهاجر جزائري في سوريا وحدها حتى حدود 1914 ، ومن أبرز أنشطتهم ما يلي :
أ- النشاط النقابي : بالرغم من قلة الطلبة الجزائريين في سوريا فقد شعر بعضهم في الشهور الأولى قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى بغياب هيئة طلابية تجمع شملهم وتوحدت أفكارهم ، وقد عملت هذه المنظمات الطلابية العربية التي أوجدها الطلاب في سوريا منذ ثلاث سنوات دون انقطاع .
ب- النشاط السياسي : عرف النشاط السياسي في سوريا انتعاشا كبيرا من خلال "لجنة الطلبة الجزائريين" ووقع الاتصال بين الطرفين السوري والجزائري في ظروف عادية واتفق الطرفان على مساندة الثورة والتعريف بأهدافها النضالية على جميع المستويات ومن العوامل التي ساعدت على تكاثف النشاط السياسي للطلاب هو أن عددهم تضاعف بشكل كبير وذلك بقدوم عدد من البعثات الطلابية من الجزائر كما كان للمكتب المغربي العربي في دمشق آنذاك دور في النشاط السياسي الذي لعبه الطلبة في سوريا وما يلاحظ على هذا النشاط أنه ارتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الوطنية والتعريف بآفاتها وتطور أحداثها على الصعيدين الداخلي والخارجي ولقد نظم الطلبة هناك أمسيات شعرية ونضالية ومجموعة محاضرات وغيرها من الأنشطة ، ولقد نسق الطلاب الجزائريون مع أبناء جلدتهم الفلسطينيون والأردنيون والعراقيون ونظموا أمسيات ثقافية وأدبية بالاشتراك مع هؤلاء .
أما من الناحية الاجتماعية : فعلى الرغم من الإمكانيات المادية المتواضعة التي كانت لدى المكتب الإداري لرابطة الطلاب الجزائريين استطاع هذا المكتب أن يقضي على الكثير من المشاكل التي كان يعاني منها الطلاب في سوريا قصد القضاء على مشكلة السكن التي كانت تواجههم بهذا البلد ، ورغبتهم في جمع ولم شمل الطلبة المهاجرين تحت سقف واحد وأجرت لهم بيتا في سوريا باسم "ار الجزائر" التي ضمت تقريبا كل الطلبة الجزائريين في سوريا .
تأثير الطلبة الجزائريين في مصر :
لقد تحدثنا سابقا عن الهجرة التي كانت لأسباب لا مناص منها بحثا عن مدن أخرى طلبا للعلم أو الحظوة أو الوظيفة وتحسين مستوى الطلبة الثقافي .
وقد ساهمت اندلاع الحرب العالمية الأولى من جهتها في صعوبة ورداءة هذه الظروف التي كان يعيشها الطلاب في مصر ، إذ ليس الطالب مهما كان بعيدا ينشأ منفصلا عن حياة شعبه لا يتأثر ولا يتفاعل بالأحداث التي تجري فوق أرض الوطن والطالب الجزائري أينما كان هو جزء من ذلك الشعب الثائر على الاستعمار الفرنسي وسياسته التعسفية ويعايش الحياة التي يحياها بنو وطنه ويقوم بنفس العمل الذي يقوم به مع اختلاف الوسائل والميادين ومن أبرز نشاطات الطلبة الجزائريين ما يلي :
1- نشاطهم السياسي : ليس من باب المبالغة إذا قلنا أن طالب اللغة العربية في الجزائر وقت اشتداد قبضة الاستعمار الفرنسي على الشعب الجزائري وتسليط أنواع الاضطهاد المختلفة والبؤس والحرمان على كافة الأهالي الجزائريين كان أقرب الناس إلى الإحساس بهذه المظالم ، ذلك أن الطالب هناك عايش جميع أحداثها وتطوراتها ولعل هذا ما يفسر لنا إقبال الجزائريين إلى الهجرة نحو مختلف نقاط المشرق العربي وما يلاحظ من الفئة الطلابية التي نحن بصدد دراستها أن الاستعمار قد اهتم بها اهتماما خاصا واعتبر هذه التنظيمات خطرا يهدد وجود الجزائريين في كل مكان وزمان ومن أبرز نشاطات الطلبة السياسية بمصر تأسيس رابطة الطلبة الجزائريين في مصر وما تجدر الإشارة إليه أن النشاط النقابي للطلاب الجزائريين بصفة عامة أنه كان موازيا لاندلاع الحرب العالمية الأولى في الوقت الذي كان فيه النشاط الطلابي في الجزائر يبحث عن طريقة لجمع شمل الطلبة حيثما كانوا وعلى غرار إخوانهم في القاهرة ودمشق أسس الطلاب الجزائريون رابطة في العراق وأخرى في الكويت
2- نشاطهم النقابي : كان للطلاب الجزائريين في القاهرة نشاط ثقافي حيث دارت هاته الأنشطة حول التعريف بالقضية الوطنية ونشرها بين الأوساط الطلابية العربية والشعبية بشكل عام ، كما عملت اللجنة النقابية على تكوين نشرة ثقافية ساهم في تحرير الطلبة الجزائريون بالمشرق وعلى الرغم من ندرة الأموال وقلة الإمكانيات والطاقات المادية والبشرية منها تمكنت اللجنة الثقافية من إصدار ثلاثة أعداد من هذه النشرة .
المحاضرات والندوات : تشكل النشاط النقابي والسياسي بالنسبة للطلاب الجزائريين في مصر المحور الأساسي الذي دارت حوله اهتمامات الطلاب وليس بإمكاننا التطرق إلى هذا الموضوع بكل التفاصيل التي يستحقونها ، فقد كانت المحاضرات والندوات المنظمة من طرف اللجنة النقابية في القاهرة تستضيف من حين إلى آخر أساتذة بارزين في ميدان العلم والثقافة من مصر وغيرها من الأقطار العربية الأخرى ، وقد برز إقدام هؤلاء الأساتذة على نادي الطلاب حدا للتنافس بينهم ، كما كانت الجزائر وثورتها تتمتعان به من شهرة وسمعة طيبة بين كل الأوساط العربية .

خـــاتــمـــــــة
ونخلص في الأخير من هذه الدراسة بان الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي كانت نتيجة لضغط الإدارة الاستعمارية وسياسة التعسف والظلم التي اتبعتها ، تمثلت في مصادرة الأراضي وقتل الآلاف من الجزائريين ، وممارسة أبشع صور التعذيب والإهانة ويمكن الوقوف على ابرز النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذا البحث تمثلت فيما يلي :
1- تعتبر هجرة الجزائريين نحو المشرق هي السبيل الوحيد للتخلص من سياسة التعسف الفرنسية .
2- اضطهاد الإدارة الفرنسية للجزائريين من خلال القوانين .
3- تعدد الأسباب المادية والمعنوية والروحية التي ترفض سياسة الإدارة الفرنسية .
4- الأوضاع السيئة التي عاشها الشعب الجزائري إبان فترة الاحتلال من خلال سلب أراضيه وتسليمها للمعمرين الأوربيين .
5- الدور الذي لعبه المهاجرين الجزائريين وخاصة الأمير عبد القادر والطلبة الجزائريين
تلكم هي النتائج المتوصل إليها في هذا البحث ولا تزعموا أننا تمكنا من الإجابة على كل التساؤلات فهذا الميدان لا يزال مفتوحا على مصرعيه أمام الباحثين ونتمنى أنكم قد استفدتم من هذه الدراسة ونسال الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم










قائمة المصادر والمراجع:

1- أبو القاسم سعد الله ، أبحاث وآراء في التاريخ الجزائري ج 4 – ط 2 دار الغرب الإسلامي بيروت 2005 .
2- أبو القاسم سعد الله ، تاريخ الجزائر الثقافي من القرن 16- 20 م ج 1 الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، الجزائر 1981 .
3- أبو القاسم سعد الله ، الحركة الوطنية الجزائرية سنة (1830- 1900) .
4- نادية طرشون ، الهجرة الجزائرية نحو المشرق العربي ، طبعة خاصة من وزارة المجاهدين ، منشورات المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة 1 نوفمبر 1954 مطبعة دار هومه الجزائر .
5- عبد الحميد زوزو ، الهجرة ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية بين الحربين ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، 1985 .
6- عمار هلال ، أبحاث ودراسات في تاريخ الجزائر المعاصر 1830- 1962 ، ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون الجزائر 1995 .
7- عمار هلال ، نشاط الطلبة الجزائريين إبان حرب التحرير ، دار هومه للطباعة والنشر ، الجزائر ، طبعة 2004 .
8- صالح فركوس ، المختصر في تاريخ الجزائر ، دار العلوم للنشر والتوزيع .






















الفـهــــرس


المقدمة........................................... ....1
المبحث الأول : تعريف الهجرة وأسبابها.......................................... .... 3
المطلب 01 : تعريف الهجرة............................................ ................3
المطلب 02 : أسباب الهجرة الجزائرية إلى بلاد المشرق العربي.......................3
المبحث الثاني : اتجاهات هجرة الجزائريين........................................ ......8
المطلب 01 : هجرة الجزائريين إلى الحجاز وسوريا....................................8
المطلب 02 : هجرة الجزائريين إلى مصر............................................... 11
المبحث الثالث : تأثير ودور المهاجرين الجزائريين في بلاد المشرق العربي........13
المطلب 01 : تأثير ودور هجرة الطيب بن سالم والأمير عبد القادر..................13
المطلب 02 : تأثير عموم المهاجرين والطلبة الجزائريين في بلاد المشرق العربي..19
خاتمة............................................. ..........23












رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 15:53   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sérine-s مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
من فضلك أتستطيع أن تضع لي مراجع حول الهاتف النقال وتأثيره في المجتمع
وشكرا







اثر الموبايل على المخ
تستطيع ان تسلق بيضة بالموبايل

او تحديدا بالاشعة التى تخترق المخ والدم اثناء التحدث

والتى من خلالها استطاعوا سلق بيضة فعلا

هذة التجربة الغريبة تمت عبر اثنان من الصحفيين الروس

فلاديمير لاجوفسكى

واندرية موسينكو

واللذان كتبا موضوعا عن اضرارالموبايل فقاموا بهذة التجربة الغرية عن طريق جهازى الموبايل خاصتهما

وقد قاما بعمل ميكرويف مبسط

كما هو مبين فى الصورة حيث وضعوا موبايل على كل جانب من جوانب البيضة

وقاموا بتشغيل تسجيل صوت واتصلو من الموبايل للاخر حتى لا تغلق الموبايلات وكانك تتحدث فعلا فيها

فوجدوا البيضة قد اصبحت دافئة فى خلال خمسه عشر دقيقة

ووجدوها ساخنة فى خلال خمسة وعشرون دقيقة

ووجدوها ساخنة جدا فى خلال اربعين دقيقة

اما بعد خمسة وستون دقيقة فقد اصبحت البيضة مطهوة تماما
يمكن ان تطهو مخك فقط لو تحدثت ساعتين متواصلتين فى الموبايل







المحصلة

الإشعاع المباشر للجوال كان له التأثير في تغيير بروتينات البيضة. تصوّر ماذا يمكنه إحداثه في بروتينات دماغك عندما تتحدث لفترات طويلة







· بعض الأسئله التي تحتاج الى اجابات .
· شده المجالين الكهربي والمغناطيسي عند استخدام الهاتف النقال .
· الشروط الواجب توافرها لانشاء محطه هوائيه .
· تأثير الهاتف النقال بيولوجيا على الخليه الحية ؟ .
· هل استعمال الهاتف النقال امن على الصحة ؟ .
· بعض الدراسات التي اجريت لدراسه وجود علاقه بين الهاتف النقال وسرطان المخ .
· الهاتف النقال وتاثيره على القلب والاوعيه الدمويه .
· الهاتف النقال وتأثيره غلى الحمض النووي .
· موجات الهاتف النقال والاورام السرطانيه لفئران التجارب .
· تأثير موجات الهاتف النقال على افراز ووظيفه هرمون الميلاتونين .
· العلاقه بين موجات الهاتف النقال والشيخوخه المبكره .
· بعض التجارب المعمليه لتاثير الموجات على خصوبه الفئران .
· الحاجز الدموي للمخ "blood-brain barrier" وموجات الهاتف النقال.
· بعض النصائح الصحيه اللازمه عند استخدام الهاتف النقال .
· بعض الفيديوهات التوضيحيه.
· المراجع والمصادر.





المـقـدمــة :






مما
لاشك فيه ان الهاتف النقال يعتبر الأن الوسيله الرئيسيه للاتصال عن بعد.بل
انه يعتبر الوسيله الوحيده للاتصال عن بعد في اجزاء كثيره من العالم.وفي
الاونه الاخيره اتسع استخدامه حتى صار شعبيا.وتعتبر هذه الظاهره غير
مسبوقه على مدى عقدين ماضيين من الزمن.حتى اصبح ضروره من ضروريات الاتصال
في العمل والتجاره والعلاقات العامه والاجتماعيه.واصبح اعداد مستخدمي
الهاتف النقال في تزايد باستمرار.









بعض الأسئله التي تحتاج الى اجابات :




§ هل هناك جديه وحذر بخصوص وجود مخاطر صحيه نتيجة استعمال الهاتف النقال او التواجد قريبا من محطات الارسال"
BTS" ؟
§ هل لموجات الميكروويف"
microwave" تأثير على الجسم يشابه تأثيرالأشعة المؤينه"ionizing radiation" وأشعة اكس"x-Ray" ؟.
§ ماهو وجه الشبه بين موجات الهاتف النقال والمجال المغناطيسي "EMF" الناتج من كابلات الكهرباء ذات الضغط العالي؟.








شده المجالين الكهربي والمغناطيسي عند استخدام الهاتف


النقال:



عندما يكون الهاتف النقال في حاله ارسال او استقبال ينتج عن الهوائي "
Antenna"
مجال كهربي شدته 400 فولت/متر بقوه 2 وات عندما يكون التردد 900 ميجا
هيرتز على مسافه 2.20 سم من هوائي الهاتف النقال.وعندما يستخدم تردد 1800
ميجا هيرتز يكون المجال 200 فولت /متر بقوه 1 وات.

مع

العلم بأن محطات الارسال تستعمل تردد يقع مابين 825 الى 960 ميجا هيرتز
"الميجا هيرتز = مليون هيرتز" . اما بالنسبه الى المجال المغناطيسي فقيمته
تبلغ الواحد ميكرو تسلا . " د. بيدرسون و د.اندرسون سنه 1999". [IMG]https://knol.google.com/k/-/-/2v9b79m3tuz4z/3my6e9/****head.gif[/IMG]

ونظرا

لانه كلما زاد الطول الموجي كلما زادت قدره الموجه على الاختراق اذا
استعمال الطول الموجي عند تردد 900 ميجا هيرتز تكون الحاجه لمحطات تقويه
اقل منها في حاله استعمال تردد 1800 هيرتز "الطول الموجي يتناسب عكسيا مع
التردد" .

وهناك

دراسه اجريت بواسطه فريق بحث من كليات طب بنها وعلوم القاهره وصيدله قناه
السويس,افادت ان المجال المغناطيسي التاتج عن الهاتف النقال تكون شدته 7.5
جاوس وفي حاله الاتصال يصبح 150 جاوس, وفي حاله استفبال مكالمه يصل الى
300 جاوس.

والموجات الكهرومغناطيسيه نتعرض لها يوميا من خلال وسائل عديده فعلى سبيل المثال:

× فرن الميكروويف ينتج موجات كهرومغناطيسيه يصل ترددها الى 2450 ميجا هيرتز.
× موجات اشعه اكس "
X-ray" تصل الى مليون ميجا هيرتز.
× الراديو ينتج موجات يصل ترددها الى 100 ميجا هيرتز.
× التيار المنزلي ينتج عنه مجال كهرومغناطيسي بتردد حوالي 50 هيرتز فقط,ولكن ليس له تأثير بيولوجي على الخليه الحيه على عكس موجات الهاتف النقال.








الشروط الواجب توافرها لانشاء محطه هوائيه:

· لابد ان يتم بناء محطات الارسال والتقويه على

ارتفاع 50 متر كحد ادنى عن سطح الارض.



· يمنع منعا باتا تواجد العامه والعاملين على بعد يقل 25 متر عن الهوائي.



· يتم تقليل عدد المحطات الهوائيه على قدر الامكان .




· يجب ان تطابق المحطه معايير الامان القياسيه.








تأثير الهاتف النقال بيولوجيا على الخليه الحية؟


نص تقرير
"ستي وارت لسنه 2000 م" وهو احد التقارير الهامه,على انه لم يثبت علميا حدوث سرطان المخ نتيجه استخدام الهاتف النقال او التعرض للموجات الصادره عنه.
ولكن يجب الاخذ في الاعتبار ان هذه الموجات لها تأثير حراري وبيولوجي في شكل (الأرق والصداع وفقدان مؤقت للذاكره "بعض المعلومات") .
وتعتمد هذه التأثيرات على تردد الموجات وقدر الطاقه الممتصه داخل انسجه الجسم بالاضافه الى طول فتره التعرض لهذه الموجات.

رسم توضيحي لتأثير المحمول اثناء النوم







هل استعمال الهاتف النقال امن على الصحة ؟


اجريت

حتى الان اكثر من 6 الاف دراسه على السكان " دراسات ابيدميولوجيه" ولكنها
ليست متوافقه,فبعضهم قال ان موجات الهاتف النقال لا تضاعف من سرطان المخ.
وكذلك في الدراسات المعمليه على الفئران لم يخلصو الى نتيجه مئه بالمئه.
ولكن في
نفس الوقت لم ينكر القائمون على هذه الدراسات امكانيه حدوث سرطان المخ
لاحقا وهذا راجع الى ان المده المطلوبه لحدوث هذا المرض طويله.
ولذلك ينبغي علينا اخذ احتياطاتنا وسبل الوقايه فالوقايه خير من العلاج.







بعض الدراسات التي اجريت لدراسه وجود علاقه بين الهاتف


النقال وسرطان المخ:



لابد

من وجود دراسات جيده التصميم وتكون هذه الدراسات على اعداد كبيره من الناس
للتأكد من وجود علاقه لها مدلول احصائي بين سرطان المخ ومؤثر بيئي. وذالك
راجع الى تعدد المؤثرات التي قد تسبب سرطان المخ.
ففي الولايات المتحده يبلغ معدل انتشار سرطان المخ حوالي 6 حالات لكل 100 الف نسمه.
يوجد نوعان من الدراسات

1- دراسات ابيدميولوجيه "على السكان"
تم اجراء اول دراسه في هذا المجال عام 1996م على 250 الف مستعمل للمحمول قد قام باجراء الدراسه دكتور/ كينث روثمان من مركز الوبائيات لمعهد نيوتن بالولايات المتحده,ولم يتم اثبات اي علاقه بين الهاتف النقال وسرطان المخ.
ولقد نشرت هذه الرساله سنه 1999م بمجله الرابطه الطبيه الامريكيه.
وفي دراسه ابيدميولوجيه اخرى على 209 حاله من سرطان المخ مقابل 245 حاله ضابطه " اجريت في السويد" لم يتم ايضا اثبات العلاقه.
وهنا ينبغي ان نشير الى ان سرطان المخ يحتاج من 10 الى 20 سنه لكي يحدث بصوره ما.
2- دراسات على حيوانات التجارب " animal studies"
تم تعريض فأر الى قدر من الموجات الاشعاعيه حوالي
873 ميجا هيرتز "ما يعادل الموجات الصادره عن الهاتف النقال تقريبا" لم
تؤد فوريا الى حوث سرطان المخ, خصوصا ان عمر الفأر قصير اذا ما قورن بعمر
الانسان.








الهاتف النقال وتاثيره على القلب والاوعيه الدمويه:





انتهى البحث اللذي اجراه
الدكتور بروني وزملاؤه سنه 1998م الى مايلي:
× انه بعد فتره تعرض حوالي 20 دقيقه الى الموجات المنبعثه من الهاتف النقال يحدث نقص مؤقت في عدد ضربات القلب "
Bradycardia"
× يزداد ضغط الدم بمقدار 10 مم زئبق , وذلك لان القلب والاوعيه الدمويه المتصله به حساسان للموجات المنبعثه من الهاتف النقال.
× ومن
ثم يجب على مريض القلب او مريض الأوعيه الدمويه الحذر عند استخدام الهاتف
النقال. والافضل له عدم استعماله الا في الضروره القصوى.






الهاتف النقال وتأثيره غلى الحمض النووي:


رسم توضيحي للحمض النووي DNA

خلصت الابحاث بصوره مؤكده على تعرض الحمض النووي "الموجود داخل نواه الخليه الحيه"
DNA الى
موجات الميكرووويف والتي تعتبر موجات الهاتف النقال احد اشكالها الى حدوث
دمار وتهتكات في كيميائيه الحامض "السلسه الكيميائيه للحامض" وبالخصوص
خلايا المخ.
ولقد جاء ذلك في بحث سنه 1994 م اجراه الدكتور ساركر وزملائه.

وفي بحث اخر في نفس السنه اجراه
الدكتور / دانيال وزملاؤه
عندما قامو بتعريض ديدان النيماتودا الى الموجات الصادره من جهاز" نوكيا
2115" , وجدوا ان خلايا الديدان حصل لها تهتك في الحمض النووي داخل النواه
DNA وكذالك الحمض النووي في السيتوبلازم RNA .

وفي بحث اخر
للدكتور تيسي وزملاؤه سنه 1999م خلصوا الى ان الحمض النووي يتعرض للتهتك عند سقوط الموجات المنبعثه من الهاتف النقال عليه.

وقد

قام الدكتور فيليبس سنه 1999م بالربط بين جرعات التعرض لاشعه الهاتف
النقال وعدد الكسور الناتجه في الحمض النووي, ووجد علاقه طرديه بينهما
فيما يسمى بعلاقه "الاثر بالجرعه".

وفي بحث اخر للدكتور خليل وزملاؤه سنه 1993م
عندما قاموا بتعريض الخلايا البشريه الليمفاويه لجرعه 167 ميجا هيرتز حدث
تغير في الكروموزومات. وتم تأكيد ذلك عام 1997م بجرعه 935.2 ميجا هيرتز
بواسطه دكتور ماسي وزملاؤه.






موجات الهاتف النقال والاورام السرطانيه لفئران التجارب:





× في تجربه على 100 فأر اجريت عام 1992م قام
دكتور كوي وزملاؤه
بتعريض الفئران الى موجات الميكروويف " موجات الهاتف النقال احد اشكالها"
فوجدوا ان عدد الاورام الحميده للغده الكظريه زادت عن العينه الضابطه التي
لم تتعرض.
× اما في عام 1999 م قام الدكتور ادي وزملاؤه
بتعريض مجموعه من فئران التجارب لموجات الميكروويف بالاضافه الى ماده
مسرطنه ومجموعه اخرى من الفئران الى ماده مسرطنه فقط فوجدوا ان نسبه
الاورام السرطانيه فى الجلد تتضاعف 3 مرات للمجموعه الاولى من الفئران.








تأثير موجات الهاتف النقال على افراز ووظيفه هرمون


الميلاتونين:





ماهو هرمون الميلاتونين؟ وما هي وظيفته؟





هو هرمون تقوم بافرازه الغده الصنوبريه وهي غده موجوده بالمخ. وهو مسؤل هن عده وظائف هامه للجسم اهمها:

· مقاومه الشيخوخه والاورام الحميده والخبيثه.
· له وظائف متعلقه بالتكاثر بالنسبه للأنسان والحيوان.
· ينشط مضادات الاكسده في داخل الخلايا.
· وهو بذالك يعطي حمايه نوعيه للخليه من التسرطن.


تأثير موجات الهاتف النقال على هذا الهرمون:



في عام 1998 م تم نشر نتيجه تجربه علميه قام بها كلا
من د/باربر و د/ ليل و د/روز أثبتت ان التعرض لموجات الميكروويف بتردد 60 هيرتز فقط يقلل افراز هرمون الميلاتونين بنسبه 46 في المائه.
وتم تأكيد هذه النتائج سنه 2002 م بواسطه د/نيل.







العلاقه بين موجات الهاتف النقال والشيخوخه المبكره:


اتفق الباحثون على ان الاستعمال المتكرر الغزير للمحمول قد يؤدي الى حدوث ما يعرف بالشيخوخه المبكره "
Premature ageing"
و للدلاله على ذلك تم اجراء دراسه علميه في بريطانيا بجامعه نوتنجهام قسم
مدرسه العلوم البيولوجيه . اوضحت ان الاستعمال الغزير للمحمول لايعطي وقتا
للخلايا لاصلاح ما حدث بها من كسور وخلل وبالاخص التهتكات التي حصلت للحمض
النووي وهذه الاصلاحات تتم تلقائيا فيما يسمى ب"عمليه الاصلاح الطبيعي
Natural rapair process".
وقال الدكتور /ديفيد دي بوميراي . رئيس الفريق ان هذه الخلايا تفقد قدرتها على اصلاح نفسها وهذا يمكن وقوعه في حاله استعمال الهاتف النقال بغزاره.
بالنسبه
للدراسات على الحيوانات فقد وجد ان الديدان قد قصرت اعمارها عندما تعرضت
لموجات كهرومغناطيسيه وان ذلك وارد الحوث في الانسان.






بعض التجارب المعمليه لتاثير الموجات على خصوبه


الفئران:


في سنه
1997م قام الدكتور /مجراس وزميله الدكتور / زينوس
بتعريض خصيتي فأر لموجات شبيهه بموجات الهاتف النقال (900 ميجا هيرتز
المحوله الى 8 هيرتز) في تجربه اثبتت انه حصل نقص في خصوبه ذكر الفأر في
صوره ضمور حصل في انابيب الخصيتين "
Seminiferous tubules"
وتم تأكيد ذلك سنه 1998م في تجربه قام بها د/ كيلاري وزميله اثبتت ان اعداد الحيوانات المنويه في الفأر انخفضت بنسبه لها دلاله احصائيه.






الحاجز الدموي للمخ "blood-brain barrier" وموجات


الهاتف النقال:



يوجد

للمخ قدره على التحكم في نفاذيه المواد منه واليه حيث اانه يسمح بمرور
الاكسجين والمواد الغذائيه وبعض المواد الاخرى ويمنع مرور المواد الضاره
اليه, وهذا النظام يعرف بالحاجز الدموي المخي.
في بحث اجري عام 1994م بواسطه الدكتور / سالفورد وفريقه وجدوا ان ماده الالبيومن "
Albumin" قد زاد تركيزها في المخ بعد التعرض لموجات الميكروويف بجرعه 0.016/ كجم . علما بأن هذه النسبه اقل من جرعه الهاتف النقال.
وقد
تم تأكيد هذه التجربه بواسطه تجربه اخرى لنفس الباحث سنه 1999م اثبت ان
التعرض الى موجات الهاتف النقال بتردد 8 هيرتز ادى الى تغيرات في الحاجز
المخي الدموي.


صوره توضيحيه للشعيرات الدمويه ومعنى الحاجز الدموي للمخ.







بعض النصائح الصحيه اللازمه عند استخدام الهاتف النقال:

1-حاول بقدر الامكان اجتناب حمل الجهاز ملاصقا للجسم وبالاخص قريبا من القلب حيث انه يعتبر حساس
للموجات الصادره عن الهاتف النقال. ينبغي حمل التليفون في حقيبه يدويه بعيده عن الجسم"ما لايقل عن 50 سم"
2-حاول تقليل وقت المكالمه الى اقصر وقت ( من تقارير منظمه الصحه العالميه لسنه 1999م).
لاينبغي استعمال الهاتف النقال في الدردشه او المكالمات الطويله. يستحب ان
لا تزيد مده المكالمه عن دقيقه واحده على اكثر احتمال وان لاتزيد عدد
المكالمات في خلال اليوم عن ثلاثه مكالمات, وينبغي غلق الجهاز عندم النوم.



3- حاول
زياده المسافه الفاصله بين هوائي الهاتف النقال والاذن "مسافه لاتقل عن 2
سم حسب تقارير منظمه الصحه العالميه" فأن ذلك يقلل من خطوره الاشعاع
بمقدار السدس واذا زادت المسافه الى 20 سم تقل الخطوره الى 1/64.




4- استخدم السماعه الملحقه بالجهاز بصفه دائمه فان ذلك يقلل الى حد كبير خطوره الموجات المنبعثه."من
بحث منشور سنه 1997م للدكتور هيز وفريقه"






5- على مرضى القلب والمصابون بارتفاع ضغط الدم,والصرع,وضعف المناعه,والصرع والمرضى النفسيين



الذين يتناولون علاجا كيميائيا "Psychoactive Drugs" تجنب استعمال الهاتف النقال بصفه نهائيه نظرا لتأثيرالموجات على العلاج"من بحث منشور د.يوبيسير سنه 1999م"






6- حسب نقرير منظمه الصحه العالميه لسنه 1999م يمنع الاطفال ممن هم اقل من سن البلوغ من الاستعمال المفتوح للمحمول وذلك لان الاطفال اكثر عرضه للمخاطر المحتمله.












7- يحظر
على المرأه الحامل وضع الهاتف النقال بالقرب من الرحم وبالذات خلال الاشهر
الثلاث الاولى من الحمل نظرا لخطوره الموجات المنبعثه على خلايا الجنين.





8- يجب
اغلاق اجهزه الهاتف النقال في داخل المستشفيات لان الموجات المنبعثه تؤثر
على بعض الاجهزه الطبيه مثل اجهزه تنظيم ضربات القلب واجهزه
السمع......الخ.







9- تجنب استخدام الهاتف النقال تماما اثناء القياده وفي حلات الضروره القصوى استعمل السماعه حتى لاتعوق استخدام اليدين اثناء القياده.


10- تجنب تقريب الهاتف النقال منك اثناء الرنين لانه يؤثر بشده على السمع.



11- تجنب
القاء بطاريه الهاتف النقال الفارغه في صندوق النفايات لانها تحتوي على
الزئبق الملوث للبيئه وانما سلمها للبائع الذي يسلمها للشركه المنتجه
التي تتولى التخلص منها.
12- يمنع على الجمهور منعا باتا الاقتراب من الهوائيات فوق اسطح العمارات مسافه تقل عن 6 امتار. صوره متكرره للهوائيات وسط الاماكن السكانيه مشهد في غايه الخطوره.







مفاعل نووي صغير

ترك اجهزة الموبايل مفتوحة في غرف النوم يسبب الارق

والافراط في استخدامها يؤدي الى تلف في الدماغ وضعف القلب




حذر مخترع رقائق الهاتف المحمول عالم الكيمياء الالماني فرايدلهايم
فولنهورست من مخاطر ترك اجهزة الموبايـل مفتوحة في غرف النوم علي الدماغ
البشري , وقال في لقاء خاص معه في ميونيخ , ان ابقاء تلك الاجهزة او اية
اجهزة ارسال او استقبال فضائي في غرف النوم يسبب حالة من الارق والقلق
وانعدام النوم وتلف في الدماغ مما يؤدي علي المدي الطويل الي
تدميـرجهـازالمنـاعـة في الجسم .

واكد في تصريح صحفي انه توجد قيمتان لتردد الإشعاعات المنبعثة من الموبايل
, الأولي 900 ميجا هرتز والثانية 1.8 ميجا هرتز مما يعرض الجسم البشري الي
مخاطر عديدة مشيرا الي محطات تقوية الهاتف المحمول تعادل في قوتها
الاشعاعات الناجمة عن مفاعل نووي صغير , كما ان الترددات الكهرومغناطيسية
الناتجة من الموبايل اقوي من الاشعة السينية التي تخترق كافة اعضاء الجسم
والمعروفة باشعة " اكس " .

واشار العالم الكيميائي الالماني الذي يعيش وحيدا في شقته بميونيخ ان
الموبايل يمكن أن تنبعث من المحمول طاقة أعلي من المسموح به لأنسجة الرأس
عند كل نبضة يرسلها , حيث ينبعث من التليفون المحمول الرقمي أشعة
كهرومغناطيسية ترددها 900 ميجا هرتز علي نبضات ويصل زمن النبضة الي 546
ميكرو ثانية ومعدل تكرار النبضة 215 هرتز .



واشار بهذا الصدد الي العديد من الظواهر المرضية التي يعاني منها غالبية
مستخدمي الموبايل مثل الصداع وألم وضعف الذاكرة والارق والقلق اثناء النوم
وطنين في الأذن ليلاً كما أن التعرض لجرعات زائدة من هذه الموجات
الكهرومغناطيسية يمكن أن يلحق أضرارا بمخ الإنسان . وفسر طنين الاذن بانه
ناتج عن طاقة زائدة في الجسم البشري وصلت اليه عن طريق التعرض الي المزيد
من الموجات الكهرومغناطيسية .



وقال البروفيسور الذي اخترع رقائق الموبايل اثناء عمله في شركة سيمنس
الالمانية للالكترونيات , ان إشعاعات الهاتف المحمول تضرب خلايا المخ
بحوالي 215 مرة كل ثانية مما ينجم عنه ارتفاع نسبـــــــــة التحول
السرطاني بالجسم 4% عن المعدل الطبيعي .

وحسب منظمة الصحة العالمية فأنه يوجد علي مستوي العالم حوالي 400 مليون تليفون

محمول "موبايل" ويحتمل أن يصل هذا العدد إلي مليار.

واكد عالم الكيمياء فولنهورست الذي نجح ايضا في زيادة سعة رقائق
المعلوماتية الي من واحد الي اربعة غيغابايت واحدث ثوره في صناعة تقنية
المعلومات انه تعرض لمرض سرطان العظام اثناء عمله في هذه الصناعة البالغة
الدقة .

واشار الي انه اضطر للتقاعد والبدء في علاج نفسه بنفسه من سرطان العظام
باستخدام مواد طبيعية مثل بذور المانجو المجففة والثوم المجفف اشار الي
أنه يوجد تأثير ضار علي الصحة العامة في حالة تجاوز حد الأمان طبقاً
للمعايير المعتمدة دولياً لاستخدام المحمول أوصت بإجراء المزيد من
الدراسات لمعرفة إذا كانت هناك تأثيرات ضارة أكثر عند استخدام هذا
التليفون علي المدي الطويل حيث ان القصور في معرفة هذه التأثيرات يؤدي إلي
نتائج خطيرة .

وقال البروفيسور الالماني أن مرض السرطان في الإنسان البالغ والناتج من
تأثير مخاطر البيئة لا يمكن اكتشافه إلا بعد مرور أكثر من عشر سنوات منذ
بداية التعرض ولذلك لابد من ضرورة تنفيذ الدراسات والأبحاث علي المدي
الطويل.

واشار الي ان الاتحاد الاوروبي شرع في اجراء دراسة حول اثار الموبايل علي
الصحة العامة نظرا لأن الشركات التي تنتج وتسوق المحمول لا تعطي أية
بيانات عن تأثيراته عند استخدامه خلال فترات طويلة لأن هذه الدراسات لم
تجر من قبل نظراً لحداثة استخدامه .

غير انه قال انه عادة ما تتحول في جسم الإنسان بعض الخلايا العادية إلي
خلايا سرطانية ولكن يقوم الجهاز المناعي في الجسم إذا كان سليماً بالتخلص
منها وجد أنه عند تعرض خلايا المخ إلي الإشعاعات المنبعثة من الموبايل
فإنه ترتفع نسبة التحول السرطاني في الخلايا من 5% إلي 59% .

واكد انه لم يستخدم الهاتف المحمول في حياته لمعرفته بمخاطره علي الانسان
وقال انه يرفض استخدام اية اجهزة الكترونية في منزله مثل التلفزيون او
الكمبيوتر او الانترنيت نظرا لخطورتها علي الصحة علي المدي الطويل ودعا
الي إبعاد الهاتف المحمول عن غرف النوم او اغلاقة بالكامل بعد الانتهاء من
العمل لتقليل وقت التواجد معه في حيز مغلق لأن تأثيرات الإشعاع تزداد علي
الشخص النائم وخاصة العين والنشاط الكهربي للمخ.

وحذر عالم الكيمياء الالماني في ختام الحوار الذي اجري معه بمقر جمعية
الصداقة البافارية العربية في ميونيخ , حذر من خطورة اجهزة الموبايل او
الالكترونيات عموما علي صحة الأطفال ، وعلى أجهزة الجسم الحساسة بالنسبة
للكبار ، كالمخ والقلب , وقال ان التقنيات الحديثة هي سبب رئيسي في ارتفاع
معدلات الامراض الاكثر شيوعا في الدول المتقدمة .











رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 15:59   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

القول الفصل



نوع الملف: Microsoft Word
فهذا بحث مختصر بعنوان: التأمين, أنواعه، وحكم كل نوع. .... كما نشأت بعد ذلك أنواع أخر من التأمين كالتأمين التعاوني والاجتماعي والتأمين على الحياة([13]). .... وعند الحديث عن أنواع التأمين تجدر الإشارة إلى أن هناك ما يسمى بـ (إعادة التأمين)، ويقصد بها أن تلجأ











رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 19:26   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

العنوان الهجرة الجزائرية نحو بلاد الشام، 1847-1918
المؤلف هلال، عمار

عدد الصفحات 327 من الصفحات










آخر تعديل محب بلاده 2011-12-10 في 19:54.
رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 19:55   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
abadlia nedjma
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اريد بحث حول التلوث الجوي










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 20:10   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

بالعربية او بالفرنسية ؟؟؟؟؟؟؟؟










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 20:38   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
محب بلاده
مراقب منتديات التعليم المتوسط
 
الصورة الرمزية محب بلاده
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث حول تلوث الغلاف الجوي
* المدخل:

لم يدرك الإنسان مقدار خطره على تغيير
مكونات غازات الغلاف الجوي وتلوثه إلاّ منذ ظهور النهضة الصناعية في الدول
الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ ذلك الحين تميزت مدنها
الصناعية بكثرة تعرضها للضباب الأسود القاتل، وزيادة تلوث هوائها بالغبار
والدخان وغازات ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكبريت الناتجة عن النشاط
الصناعي فيها، ومن بين الكوارث، التي حدثت بسبب تلوث الهواء في المدن
الصناعية، ما حدث في مدن حوض نهر الميز في بلجيكا سنة 1930، وفي مدينة
بنسلفانيا (الولايات المتحدة الأمريكية) سنة 1948، وفي مدينة لندن سنة
1952، مما راح ضحيته أكثر من أربعة آلاف حالة وفاة بسبب تراكم الضباب
الأسود، واستنشاق الدخان الصناعي والغازات الكبريتية المركزة في الهواء.

* تتمثل خطورة التلوث الهوائي في صعوبة التحكم فيه إذ يستطيع الإنسان أن
يتحكم في المياه التي يشربها والغذاء الذي يأكله لكنّه لا يستطيع على
اختيار الهواء الذي يتنفسه ففي كل يوم تنتشر ملايين الأمتار المكعبة من
الغازات الناتجة عن احتراق الفحم والغازات وبترول المصانع وبنزين السيارات
وتسمم الكائنات الحية كما أنّ النشاط الإشعاعي المميت للإنسان يزداد زيادة
خطيرة بسبب الانفجارات الذرية والمراكز النووية وهذا كله يشكل خطرا على
الإنسان والحيوان والنبات إذا تلوث الغلاف الجوي خطير جدّا لذا نقدم بحثنا
هذا لنعرفه بشكل أكثر وضوحا حيث نبين مصادره والآثار التي تنجم عنه طبعا
آثاره السلبية لأنّ لا إيجابيات له.

* إذا نستهل بحثنا بتقديم عناصره:
*تحديد أغلفة الكرة الأرضية.
*ملوثات الغلاف الجوي ومصادرها: - الطبيعية.
- الصناعية
.co2 – co*الاحتراقات المسببة لانطلاق بعض الغازات
- الاحتراق الغير التام لغاز البوتان والميثان.
- الاحتراق التام لغاز الميثان.
*الغازات والأدخنة الملوثة للجو والاحتراقات التي تنجم عنها.
*المصادر الطبيعية والصناعية لتلوث الغلاف الجوي.
- التلوث الإشعاعي.
*بعض تأثيرات التلوث الجوي.
- تأثير التلوث الجوي على طبقة الأوزون.
- الأمطار الحمضية.
* تحديد أغلفة الكرة الأرضية:

*تمهيد: يسود الكرة الأرضية أربعة أغلفة وهي:
* الغلاف الصخري
* الغلاف المائي
* الغلاف الجوي أو الغازي
* الغلاف الحيوي

* تنقسم الكرة الأرضية بطبيعة مكوناتها إلى قسمين التضاريس والمناخ في حين
أنّ التضاريس تشمل كل من الغلاف المائي والصخري أما المناخ فيشمل الغلاف
الغازي أو الجوي.فالأرض إذن تشمل مظهرين والتوزيع بينهما توزيعا غير عادل
بحيث:

أ- الغلاف الصخري:

ويتمثل في القارات والجزر ويمثل الأجزاء الصلبة (منجمات،معادن، كبريت...)
والتربة من سطح الكرة الأرضية أي ما يعادل %جزء من هذا الغلاف، يمثل نسبة
29 148746000كلم2.

ب- الغلاف المائي:

ويتمثل في المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار والمياه الجوفية وعلى شكل
جليد (يشكل منها، في حين أن الماء العذب يشكل من 3 إلى 5 فقط) يمثل %الماء
المالح 95 إلى 97 من سطح الكرة الأرضية أي ما يعادل 361254000كلم2.% نسبة
71

أما بالنسبة للأغلفة الأخرى (الجوي والحيوي) فهما لا يقلان أهمية عن الأغلفة الأخرى ويشغلان منصبا هاما ومفيدا للأرض

جـ- الغلاف الجوي أو الغازي:

هو طبقة رقيقة هوائية محيطة بالكرة الأرضية تتحرك معها ظلال حركتيها
اليومية والسنوية لأنّه جزء منها. له سمك متوسط 350 - 400 كلم يزداد عند
خط الاستواء بفعل الحرارة والقوة الطاردة ويقل عند القطبين بفضل انخفاض
درجة الحرارة وانعدام القوة الطاردة وازدياد القوة الجاذبية، ومن خصائصه
ذا حركة دائمة، حيث لا لون له ولا رائحة ولا طعم وغير مرئي، بفضله وجدت
الحياة على الأرض.
الغلاف الجوي مركب من غازات وبعض المركبات الكيميائية حيث يتكون من خليط من الغازات
د- الغلاف الحيوي:

ويشمل جميع الكائنات الحية التي تشترك في بعض الجوانب كالإحساس والحركة
والنمو والتنفس. ومن هذه المكونات الكائنات الحية الأولية كالطحالب
والبكتيريا والفطريات ثم النباتات والحيوانات بأنواعها المختلفة والإنسان.


ملوثات الغلاف الجوي ومصادرها:

نقصد بتلوث الهواء وجود مواد ضارة به مما يلحق الضرر بصحة الإنسان في
المقام الأوّل ومن ثمّ البيئة التي يعيش فيها ويمكننا تصنيف ملوثات الهواء
إلى قسمين:

1)- مصادر طبيعية:
أي لا يكون للإنسان دخل فيها مثل الغازات والأتربة الناتجة عن ثورات
البراكين ومن حرائق الغابات والأتربة الناتجة عن العواصف والانبعاثات
الناتجة عن شدّة أشعة الشمس خاصة في فصل الصيف في المناطق الصحراوية
المكشوفة (غاز الأوزون) وهذا بالإضافة إلى والانبعاثات الناجمة عن تسرب
الغاز الطبيعي، وهذه المصادر عادة ما تكون محدودة في مناطق معينة تحكمها
العوامل الجغرافية والجيولوجية ويعد التلوث من هذه المصادر متقطعا وموسميا:

الغازات: أهم أربعة ملوثات الهواء هي:
. Co أول أكسيد الكربون -
. Co2 - ثاني أكسيد الكربون
- أكاسيد النيتروجين. الجسيمات العالقة:

وهي الأتربة الناعمة العالقة في الهواء والتي تأتي من المناطق الصحراوية.
أو تلك الملوثات الناتجة من حرق الوقود ومخلفات الصناعات، بالإضافة إلي
وسائل النقل.

أمّا بعض الغازات والملوّثات الأخرى: مثل:

- غاز ثنائي أكسيد الكبريت فلوريد الإيدروجين وكلوريد الإيدروجين المتصاعد من البراكين المضطربة.
- أكاسيد النيتروجين الناتجة عن التفريغ الكهربي للسحب الرعدية.
- حبيبات لقاح النبات.
- تساقط الأتربة المختلفة عن الشهب والنيازك إلى طبقات الجو السطحية الإشعاعات المنطلقة من التربة أو صخور القشرة الأرضية.

الأتربة الناتجة عن العواصف:

كالضباب والغبار حيث تهب العواصف في المناطق الجافة وشبه صحراوية وتثير كميات هائلة من الغبار الذي يؤثر بطريقة مباشرة على التنفس


2)- مصادر صناعية:

أي أنها من صنع الإنسان وهو المتسبب الأول فيها فاختراعه لوسائل
التكنولوجيا التي يظن أنها تزيد من سهولة ويسر حياته فهي على العكس تماما
تزيدها تعقيدا وتلوثا. فاستخدام الوقود في الصناعة ووسائل النقل (البرية
والبحرية والجوية) وتوليد الكهرباء وغيرها من الأنشطة كالنشاط الإشعاعي
الذي يؤدي إلى انبعاث غازات مختلفة وجسيمات دقيقة إلى الهواء والانبعاثات
الصادرة عن الأجهزة والمعدات الكهربائية وعن الاستعمال الغير الآمن
والسليم للمبيدات الحشرية وعن الأسمدة العضوية والكيميائية والإصباغ ومواد
الإنشاءات والزخرفة وعن التدخين وعن أجهزة في الهواء وغيرها.co2التبريد
وتكييف الهواء وقلة التشجير التي تؤدي إلى تكاثف كمية
وهذا النوع من التلوث (تلوث الغلاف الجوي) مستمر باستمرار أنشطة الإنسان
ومنتشر بانتشارها على سطح الأرض في التجمعات السكانية وهو التلوث الذي
يثير الاهتمام والقلق حيث أنّ مكوناته وكمياته أصبحت متنوعة وكبيرة بدرجة
إحداث خلل ملحوظ في التركيب الطبيعي للهواء.
الغبار الصناعي:

قد يحتوي الغبار الصناعي على مركبات الرصاص والبريليوم والزرنيخ والنحاس
والخارصين وذلك يتوقف على نوعية المنشأة الصناعية المسببة للغبار ويلاحظ
أنّ وقود السيارات (الكازولين) يحتوي على 3-4 سم من مادة رابع آثيلات
الرصاص تضاف هذه المادة لتقليل الفرقعة في أثناء حرق الوقود.




: Co2 – co *الاحتراقات المسببة لانطلاق بعض الغازات

الاحتراق غير التام "لغاز البوتان والميثان":

معناه أنه هناك بعض المواد الناتجة عن الاحتراق ويمكن لها أن تحترق مرة أخرى ونأخذ على سبيل المثال:
C4h10البوتان: هو عبارة عن غاز عديم اللون والرائحة وصيغته الكيميائية
.n2 وo2 حيث أثبتت التجارب أنّه يلتهب في الهواء في وجود غاز
المعادلة تبين ذلك:
غاز الآزوت + غاز الأوكسجين+ غاز البوتان غاز الآزوت+ غاز الفحم + الماء.
N2 + o2 + c4h10 n2 + co2 + h2o
. O2نلاحظ أنه لم يطرأ أي تحول على غاز البوتان رغم وجود الأوكسجين

ch4الميثان: صيغته الكيميائية
.o2 – n2احتراق غاز الميثان في الهواء الجوي في وجود غاز
المعادلة تبين ذلك:
غاز الميثان + غاز الأوكسجين + غاز الآزوت غاز الفحم + الماء غاز الآزوت.
Ch4 + o2 + n2 co2 + h2o + n2




الاحتراق التام "لغاز الميثان":

هو عبارة عن تفاعل كيميائي بين جسم قابل للاحتراق وجسم حارق عادة المادة الحارقة
.o2هي غاز الأوكسجين

احتراق غاز الميثان بالأوكسجين:

ينتج هذا الاحتراق الماء وغاز ثنائي أكسيد الكربون (الذي يعكر رائق الكلس
ننمذج التحول الكيميائي بمعادلة كيميائية تحتوي طرفين: المتفاعلات
والنواتج.
المعادلة:
Ch4 + 2o2 co2 +2h2o

* الغازات والأدخنة الملوثة للجو والاحتراقات التي تنجم عنها:

هناك مجموعة من الغازات والأدخنة التي تؤثر سلبا على الجو ونذكر منها:
غاز أول أكسيد الكربون :
هو غاز ليس له لون ولا رائحة ومصدرة عملية الاحتراق الغير كامل للوقود.
ويصدر من عوادم السيارات ومن أحترق الفحم أو الحطب في المدافئ . وهو أخطر
أنواع تلوث الهواء وأشدها سمية على الإنسان و الحيوان.يتركز في الهواء
بنسبة 0.01%.

غاز ثاني أكسيد الكربون :
يتكون غاز ثاني أكسيد الكربون من احتراق المواد العضوية كالورق والحطب
والفحم وزيت البترول . ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج من الوقود من
أهم الملوثات التي أدخلها الإنسان على الهواء. أن عملية الاتزان البيئي
التي تذيب غاز ثاني أكسيد الكربون الزائد في مياه البحار والمحيطات مكوناً
حمضياً ضعيفاً يعرف باسم حمض الكربونيك ويتفاعل مع بعض الرواسب مكوناً
بكربونات وكربونات الكالسيوم . وتساهم النباتات أيضاً في استخدام جزء كبير
منه في عملية التمثيل الضوئي .
وتجدر الإشارة إلى أن الإسراف في استخدام الوقود وقطع الغابات أو التقليل
من الساحات الخضراء ساهم في ارتفاع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو
والذي قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض وهو ما يعرف بالاحتباس الحراري
.
غاز ثاني أكسيد الكبريت:
غاز ثاني أكسيد الكبريت هو غاز حمضي يعتبر من أخطر ملوثات الهواء فوق
المدن والمنشآت الصناعية. ويتكون من احتراق أنواع الوقود كالفحم وزيت
البترول وأيضاً بعض البراكين تطلق هذا الغاز.
ويعتبر غاز ثاني أكسيد الكبريت أحد عناصر مكونات الأمطار على سطح الأرض
فيلوث التربة والنباتات والأنهار والبحيرات والمجاري المائية, وبذلك يسبب
إخلالا بالتوازن البيئي.
غاز ثاني أكسيد النتروجين :
هذا الغاز وغيره من أكسيد النتروجين تنتج من احتراق المركبات العضوية
وأيضا من عوادم السيارات والشاحنات وبعض المنشآت الصناعية وهو يكون مع
بخار الماء في الجو حمضاً قوياً هو حمض النتريك ويسبب الأمطار الحمضية.
وعند وصوله مع بقية أكاسيد النيتروجين إلى طبقات الجو العليا ( طبقة
الأوزون ) يحدث كثيراً من الضرر لهذه الطبقة .
* المصادر الطبيعية والصناعية لتلوث الغلاف الجوي:

التلوث الإشعاعي:

تسبب الإنسان في إحداث تلوث يختلف عن الملوثات المعروفة وهو التلوث
الإشعاعي الذي يعد في الوقت الحالي من أخطر الملوثات البيئية الناتج عن
الاستعمال الغير عقلاني المفرط للطاقة النووية التي يستعملها الإنسان بشكل
متزايد وهوعبارة عن تطاير الذرات وانتشارها في الجو الذي يحيط بنا، وقد
يظهر تأثير هذا التلوث بصورة سريعة ومفاجئة على الكائن الحي كما قد يأخذ
وقتا طويلا ليظهر في الأجيال القادمة ومنذ الحرب العالمية الثانية وحتى
وقتنا الحالي استطاع الإنسان استخدام المواد المشعة في إنتاج أخطر القنابل
النووية والهيدروجينية.
ومن أهم الأمراض التي يتعرض لها الإنسان بسبب الإشعاع ظهور احمرار بالجلد
أو اسوداد في العين كما يحدث تحطّم في الخلايا التناسلية كما تظهر بعض
التأثيرات في مرحلة متأخّرة من العمر مثل سرطان الدم الأبيض وسرطان و
سرطان الغدة الدرقية ويؤدي إلى نقص في كريات الدم البيضاء والالتهابات
المعوية وتتعدى أخطاره لتصل إلى النباتات والأسماك والطيور مما يؤدي إلى
إحداث اختلال في التوازن البيئي وإلحاق أضرار بالسلسلة الغذائية.

* بعض تأثيرات التلوث الجوي:
تأثير التلوث الجوي على طبقة الأوزون:
تعد طبقة الأوزون ضرورية لحماية الحياة على سطح الأرض أمّا التلوث الجوي
فهو عكسها ( طبقة الأوزون) فهو ضروري لإخفاء الحياة على سطح الأرض فهو
يبطل كل فوائدها فهي تلعب دورا هاما في حماية الأرض من إشاعات الشمس
الضارة خاصة الأشعة فوق البنفسجية (الصادرة عن الشمس) التي تسبب أمراضا
مزمنة كسرطان الجلد وأمراض الأعين وتحمينا هذه الطبقة بفضل غاز الأوزون
الذي يمتص هذه الأشعة الضارة،بحيث يحدث ثقوبا فيها وسببها زيادة نسب غاز
ثاني أكسيد الكربون في الهواء لكثرة النشاطات الصناعية على الأرض، وزيادة
نسب غاز الكلور والبرومين وزيادة أكاسيد الكبريت والنتروجين، ولهذه الثقوب
أثر ضار جدا على مناخ الأرض ونشاطات الكائنات الحية عليها.

الأمطار الحمضية:

تتفاعل أكاسيد الكبريت والنتروجين المنبعثة من مصادر مختلفة مع بخار الماء
في الجو لتتحول إلى أحماض ومركبات حمضيه ذائبة تبقى معلقه في الهواء حتى
تتساقط مع مياه الأمطار مكونه ما يعرف بالأمطار الحمضية . وفي بعض المناطق
التي لا تسقط فيها الأمطار تلتصق هذه المركبات الحمضية على سطح الأتربة
العالقة في الهواء وتتساقط معها فيما يعرف بالترسيب الحمضي الجاف. و
أحيانا يطلق تعبير " الترسيب الحمضي" على كل من الأمطار الحمضية وعلى
الترسيب الجاف. ونظرا لان ملوثات الهواء قد تنتقل بفعل الرياح إلى مسافات
بعيده قد تعبر الحدود الوطنية إلى دول أخرى.

أهمية الغلاف الجوي:
* يزود المخلوقات الحية بالهواء للتنفس.
* سمح بنفاذ الأشعة الحرارية والضوئية القادمة من الشمس والتي تمتصها الأرض مما يوفر الدفء والحماية.
* يقي سطح الأرض من الإشعاعات فوق البنفسجية الضارة ويمنع وصولها للأرض










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-10, 22:31   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
الباشا مهندس
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية الباشا مهندس
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإسم : الباشا مهندس

الطلب:بحث مفصل ## كيف ساهم كل من جامع الأزهر و الزيتونة في توطيد دعائم الحضارة الاسلامية؟ # #

المستوى:السنة اولى ثانوي علوم وتكنولوجيا

اجل التسليم :يوم الاثنين

وجزاك الله الجنة ان شاء الله وجعله الرحمان في ميزان حسناتك وبارك الله فيك مسبقا










رد مع اقتباس
قديم 2011-12-11, 15:02   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
imanekasmi
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

سلام

لدي بحث حول القبائل الليبية القديمة

في اقرب فرصة ان امكن وشكراا

السنة الثانية جامعي تخصص تاريخ










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المستطاع, اوامر, تريدونه, تقدر, طلباتكم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:42

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc