سلسة الرد على شبهات دعاة التكفير - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

سلسة الرد على شبهات دعاة التكفير

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-11-26, 20:47   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثانية عشر : إستدلالهم بفتوى الشيخين الأخوين شاكر(أحمد ومحمود)

ومما يحاول الحزبيون أن يستغلوه أبشع استغلال، ويحرفوه أفظع تحريف تعليق الأستاذ محمود شاكر -رحمه الله- على خبر أبي مِجْلَز وإقرار أخيه الشيخ العلامة الأثري أحمد شاكر-رحمه الله-.
قال الشيخ أحمد شاكر في «عمدة التفسير» 4/156-158): «
اقتباس:
وهذه الآثار- عن ابن عباس وغيره- مما يلعب به المضللون في عصرنا هذا، من المنتسبين للعلم ، وغيرهم من الجرآء على الدين : يجعلونها عذراً أو إباحة للقوانين الوثنية الموضوعة ، التي ضُرِبت على بلاد الإسلام.
وهناك أثر عن أبي مجلز، في جدال الإباضية الخوارج إياه، فيما كان يصنع بعض الأمراء من الجور، فيحكمون في بعض قضائهم بما يخالف الشريعة ، عمداً إلى الهوى ، أو جهلاً بالحكم.
والخوارج من مذهبهم أن مرتكب الكبيرة كافر، فهم يجادلون يريدون من أبي مجلز أن يوافقهم على ما يرون من كفر هؤلاء الأمراء، ليكون ذلك عذراً لهم فيما يرون من الخروج عليهم بالسيف.
وهذان الأثران رواهما الطبري: (12025،12026)، وكتب عليهما أخي السيد محمود محمد شاكر تعليقاً نفيساً جداً ، قوياً صريحاً؛ فرأيت أن أثبت هنا نص أولى روايتي الطبري، ثم تعليق أخي على الروايتين.
فروى الطبري: (12025) عن عمران بن حُدَير، قال: «أتى أبا مجلز ناس من بني عمرو بن سَدُوس، فقالوا : يا أبا مجلز، أرأيت قول الله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} أحق هو؟ قال نعم، قالوا: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون}أحق هو؟ قال : نعم، قالوا: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون} أحق هو؟ قال: نعم.
قال : فقالوا : يا أبا مجلز، فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون، وإليه يدعون؛ فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً ، فقالوا : لا والله، ولكنك تَفرَق([135]) ! قال: أنتم أولى بهذا مني! لا أرى، وإنكم ترون هذا ولا تحرجون ! ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك، أو نحو من هذا».
ثم روى الطبري (12026) نحو معناه.
وإسناداه صحيحان.
فكتب أخي السيد محمود؛ بمناسبة هذين الأثرين ما نصه:
«اللهم أني أبرأ إليك من الضلالة .
وبعد ؛ فإن أهل الريب والفتن ممن تصدّروا للكلام في زماننا هذا، قد تَلَمَّس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله،وفي القضاء في الدماء والأعراض والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه، وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام؛ فلما وقف على هذين الخبرين، اتخذهما رأياً يرى به صواب القضاء في الأموال والأعراض والدماء بغير ما أنزل الله، وأن مخالفة شريعة الله في القضاء العام لا تكفر الراضي بها ، والعامل عليها([136]).
والناظر في هذين الخبرين لا محيص له عن معرفة السائل والمسؤول، فأبو مجلز (لاحق بن حميد الشيباني السدوسي) تابعي ثقة وكان يحب علياً- رضي الله عنه. -وكان قوم أبي مجلز ، وهم بنو شيبان ، من شيعة علي يوم الجمل وصفين. فلما كان أمر الحكمين يوم صفين، واعتزلت الخوارج، كان فيمن خرج على علي -رضي الله عنه- طائفة من بني شيبان ، ومن بني سَدُوس بن شيبان بن ذُهَل، وهؤلاء الذين سألوا أبا مجلز، من بني عمرو بن سدوس ( كما في الأثر: 12025)، وهم نفر من الإباضية (كما في الأثر:12026)، والإباضية من جماعة الخوارج الحرورية، هم أصحاب عبد الله بن إباض التميمي، وهم يقولون بمقالة سائر الخوارج في التحكيم، وفي تكفير علي -رضي الله عنه- إذ حكم الحكمين، وأن علياً لم يحكم بما أنزل الله، في أمر التحكيم.
ثم إن عبد الله بن إباض قال: إن من خالف الخوارج كافر ليس بمشرك، فخالف أصحابه، وأقام الخوارج على أن أحكام المشركين تجري على من خالفهم.
ثم افترقت الإباضية بعد عبد الله بن إباض الإمام افتراقاً؛ لا ندري معه- في أمر هذين الخبرين- من أي الفرق كان هؤلاء السائلون، بيد أن الإباضية كلها تقول: إن دُور مخالفيهم دُور توحيد، إلا معسكر السلطان؛ فإنه دار كفر عندهم.
ثم قالوا -أيضاً-: إن جميع ما افترض الله -سبحانه- على خلقه إيمان، وأن كل كبيرة؛ فهي كفر نعمة ، لا كفر شرك، وأن مرتكبي الكبائر في النار خالدون مخلدون فيها.
ومن البين أن الذين سألوا أبا مجلز -من الإباضية- إنما كانوا يريدون أن يلزموه الحجة في تكفير الأمراء؛ لأنهم في معسكر السلطان، ولأنهم ربما عصوا أو ارتكبوا بعض ما نهاهم الله عن ارتكابه ؛ ولذلك قال لهم في الخبر الأول (رقم 12025) : « فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم قد أصابوا ذنباً» ، وقال لهم في الخبر الثاني: «إنهم يعملون بما يعملون، ويعلمون أنه ذنب» .
وإذن ، فلم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام، بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فهذا الفعل إعراض عن حكم الله، ورغبة عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله -سبحانه وتعالى-، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل والداعي إليه.
والذي نحن فيه اليوم ، هو هجر لأحكام الله عامة بلا استثناء، وإيثار أحكام غير حكمه في كتابه وسنة نبيه، وتعطيل لكل ما في شريعة الله ، بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع، على أحكام الله المنزلة، وادعاء المحتجين لذلك بأن أحكام الشريعة إنما نزلت لزمان غير زماننا ، ولِعِلَل وأسباب انقضت ، فسقطت الأحكام كلها بانقضائها([137])، فأين هذا مما بيناه من حديث أبي مجلز والنفر من الإباضية من بني عمرو بن سدوس؟!
ولو كان الأمر على ما ظنوا في خبر أبي مجلز، أنهم أرادوا مخالفة السلطان في حكم من أحكام الشريعة؛ فإنه لم يحدث في تاريخ الإسلام أن سن حاكم حكماً وجعله شريعة ملزمة للقضاء بها؛ هذه واحدة .
وأخرى : أن الحاكم الذي حكم في قضية بعينها بغير حكم الله فيها ، فإنه إما أن يكون حكم بها وهو جاهل، فهذا أمره أمر الجاهل بالشريعة، وأما أن يكون حكم بها هوى ومعصية ، فهذا ذنب تناله التوبة ، وتلحقه المغفرة، وأما أن يكون حكم بها متأولاً حكماً خالف به سائر العلماء ، فهذا حكمه حكم كل متأول يستمد تأويله من الإقرار بنص الكتاب وسنة رسول الله.
وأما أن يكون كان في زمن أبي مجلز، أو قبله، أو بعده حاكم حكم بقضاء في أمر جاحداً لحكم من أحكام الشريعة ، أو مؤثراً لأحكام أهل الكفر على أحكام أهل الإسلام([138])، فذلك لم يكن قط؛ فلا يمكن صرف كلام أبي مجلز والإباضيين إليه؛ فمن احتج بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابهما، وصرفهما إلى غير معناهما، رغبة في نصرة سلطان، أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله، وفرض على عباده؛ فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من أحكام الله: أن يستتاب، فإن أصر وكابر وجحد حكم الله، ورضي بتبديل الأحكام؛ فحكم الكافر المصر على كفره معروف لأهل هذا الدين . وكتبه محمود محمد شاكر»أ.هـ



أقول: ظن هؤلاء الحزبيون: أن الشيخين أحمد ومحمود شاكر- رحمهما الله- يذهبان إلى ما يذهبون إليه من تكفير جميع من لم يحكم بما أنزل الله؛ سواء أكان جاحداً مستحلاً أم لا ، وأن المقصود بالتشنيع في كلامهما هم السلفيون القائلون بالتفصيل.
وهذا الظن الحزبي يريد أن ينقضّ، ولو حاول دعاته إقامته والترويج له في الأوساط الحزبية ذات الرؤى الضبابية ممن لم يبحث، ولا يراجع، وليس يسأل أصحابه على ما قالوه برهاناً!
وهذا استدلال باطل، ورأي عاطل من وجوه عديدة -كلها سديدة-:
الأول: تصريحهما بذكر المردود عليهم، وهم المشار إليهم في قول الشيخ أحمد: «وهذه الآثار - عن ابن عباس وغيره- مما يلعب به المضللون في عصرنا هذا من المنتسبين للعلم، ومن غيره من الجرآء على الدين، يجعلونها عذراً أو إباحة للقوانين الوثنية الموضوعة...».
وفي قول الشيخ محمود : «اللهم إني أبرأ إليك من الضلالة . وبعد ، فإن أهل الريب والفتن ممن تصدروا للكلام في زماننا هذا ، قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله، وفي القضاء في الدماء والأعراض والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه، وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام».
فهذه الطائفة هذه صفاتها:
- مضللون يلعبون بالعلم.
- جريئون على الباطل.
- أهل ريب وفتن.
- خليط من المنتسبين للعلم ومن غيره.
- متصدرون للكلام في أمر العامة.
- إن هؤلاء هم الذين أنكروا أن يكون الإسلام له صلة بواقع الأمة ورعاية شؤونها، وحماية بيضتها، والفصل في نزاعاتها!
- وهذه الطائفة اتخذت هذه الأثار مطية لإباحة الحكم بالقانون الوضعي الوثني، أو للتسويغ للحاكم للحكم بقوانين الجاهلية!

فهذا الشيخ أحمد يقول: «... يجعلونها عذراً أو إباحة للقوانين الوثنية الموضوعة..».
وأما الشيخ محمود؛ فيقول: « فمن احتج بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابهما، وصرفهما إلى غير معناهما؛ رغبة في نصرة سلطان، أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله وفرض على عباده؛ فحكمه في الشريعة حكم الجاحد لحكم من أحكام الله: أن يستتاب ؛ فإن أصر وكابر وجحد حكم الله، ورضي بتبديل الأحكام؛ فحكم الكافر المصر على كفره معروف لأهل الدين».

الثاني: أن كلام الشيخين الأخوين أحمد ومحمود شاكر - رحمهما الله- بيَّن في التفصيل، واضح في التأصيل، لا يحتاج إلى تأويل ؛ فهو يصرخ بأعلى صوته: أن المراد من التكفير ليس التكفير المطلق، وإنما كفر الحاكم الجاحد المستحل، وكذلك الراضي بذلك.
وتدبر قولهما: «...أو إباحة للقوانين الوثنية الوضعية»، «...أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله...حكم الجاحد...فإن أصر وكابر وجحد، ورضي بتبديل الأحكام ...».
أليست هذه الأقوال نصّاً في اشتراط الاستحلال والجحود؟!
فهما رحمهما الله قالا بالتسويغ، وبالاطلاع على أي معجم لغوي!؛ نجد الآتي:
* «ساغ: فعل الشيء بمعنى (الإباحة) ويتعدى بالتضعيف فيقال سَوَّغْتُه: أي أَبَحْتُه» "المصباح المنير " (1/ 296)
* و«سَوَّغَهُ له غيره تَسْويغاً أي جَوَّزَهُ» "مختار الصحاح" (1/ 135)،"القاموس المحيط" (1/ 1012).
* و«ساغَ له ما فَعَلَ أَي جَازَ له ذلك وأَنا سَوَّغْتُه له أَي جَوَّزْتُه» "لسان العرب" (8/ 436)
والشاهد:
أننا لو سلمنا بقولك أنه قال قوله ذلك في مسألة الحكم بالقوانين؛ فيكون ذلك في حالة واحدة فقط؛ ألا وهي كفر من (جَوَّزَ) أو (أباح=استحل) الحكم بها؛ فليس كلامه عمن حكم بها دون (تجويز) أو (استحلال) بدليل كلامه عن التسويغ والجحود؛ فإن قيل: إن حكمه للقوانين يتضمن استحلالها؛ قلنا: فما فائدة ذكر «التسويغ» إذاً ؟!

الثالث: وأما تحرير المقام فهو أن الحزبيين المستدلين بكلام الشيخين -رحمهما الله- أغمضوا أعينهم عن كلام رائع ومتين ختم بها الشيخ محمود كلامه فبتروه، وفصلوه، وعن قرائهم أخفوه، فالله حسيبهم.
قال الشيخ محمود في آخر تعليقه على «تفسير الطبري»: «وأقرأ كلمة أبي جعفر من أول قوله: «فإن قال قائل ...؛ ففيه قول فصل».
وكلمة الطبري التي عدّها الشيخ محمود شاكر قولاً فصلاً في المسألة وهي قوله -رحمه الله- :«فإن قال قائل: فإن الله -تعالى ذكره- قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله فكيف جعلته خاصاً؟
قيل: وإن الله -تعالى- عمّ الخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، هو بالله كافر؛ كما قال ابن عباس»
.
الرابع: حتى لو سلمنا لكم جدلا بأن الشيخين يقولان بكفر تحكيم القوانين كفر أكبر فإن هذا لا يلزم منه تكفير الحاكم إذ أنه ليس كل من وقع في كفر يكفر حتى تتوفر فيه شروط وتتنفي عنه موانع وقد فصلت هذه المسألة في ردي على الشبهة السابعة فليراجع.


تنبيه : لقد إختطفت بعض الكلمات من شيخنا سليم الهلالي حفظه الله ورعاه في الرد على هذه الشبهة








 


قديم 2008-11-26, 20:48   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثالثة عشر:إستدلالهم بإحدى فتاوى العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله

وينقلون عن الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: "الإشراك بالله في حكمه والإشراك به في عبادته كلها بمعنى واحد لا فرق بينهما البتة، فالذي يتبع نظاماً غير نظام الله وتشريعاً غير تشريع الله ومن كان يعبد الصنم، ويسجد للوثن لا فرق بينهم البتة فهما واحد وكلاهما مشرك بالله" (أضواء البيان 7/162) ، وبالرجوع إلى الموضع الذي عزا إليه الناقل في أضواء البيان، ، كان النص كالتالي:
(( فالإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته ، قال في حكمه وَلاَ يُشرِكُ فيِ حُكمِهِ أَحَداً وفي قراءة ابن عامر من السبعة وَلاَ تُشْركْ فيِ حُكمِهِ أَحَداً بصيغة النهي ، وقال في الإشراك به في عبادته : فَمَن كَانَ يَرجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشرِكُ فيِ حُكمِهِ أَحَداً ، فالأمران سواء .

والجوب من وجهين:
الوجه الأول:
لقد قيد الشيخ ما أطلقه ، فقال بعد ذلك مباشرة : ((وبذلك تعلم أن الحلال هو ما أحله الله ، والحرام هو ما حرمه الله، والدين هو ما شرعه الله، فكل تشريع من غيره باطل،والعمل به – بدل تشريع الله عند من يعتقد أنه مثله أو خير منه_كفرٌ بواح لا نزاع فيه )) . اهـ
قال الباحثُ الفاضلُ الدكتور عبد العزيز بن صالح الطويان في رسالته العلمية الأكاديمية : "جهود الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تقرير عقيدة السلف" وهي من منشورات مركز البحث العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، وقدَّم لها مدير الجامعة الدكتور الفاضل صالح العبود والشيخ العلامة عبد المحسن العباد .
إذ نقل قول الشيخ الشنقيطي : "إن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله صلى الله عليهم وسلم أنَّه لا يشك في كفرهم وشركهم إلاَّ من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم .
ثم علَّق عليه قائلاً : "وبهذا تتجلَّى وقفة الشيخ الحازمة في وجه من غيَّر حكم الله ، وحكم بحكم الطواغيت ، حيث إنه يقول بكفره ، بل ويكفر كل من يشك في كفره . وليس موقف الشيخ رحمه الله هذا على إطلاقه ، بل نراه يبيَّن في موضع آخر متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً مخرجاً من الملَّة ، ومتى يكون صاحبه مرتكباً ذنباً محرماً لا يخرجه من دائرة الإسلام ، فيقول رحمه الله : "إن الكفر ، والظلم ، والفسق ، كل واحد منها ربما أطلق في الشرع مراداً به المعصية تارة ، والكفر المخرج من الملَّة أخرى :
ومن لم يحكم بما أنزل الله : معارضة للرسل ، وإبطالاً لأحكام الله ، فظلمه وفسقه وكفره كلها كفر ، مخرج عن الملة .
ومن لم يحكم بما أنزل الله معتقداً أنَّه مرتكب حراماً ، فاعل قبيحاً ، فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج من الملَّة"
( ) .
ورأي الشيخ رحمه الله هذا هو رأي الأئمة الأعلام قبله ، من أمثال الإمام ابن القيم رحمه الله الذي قال : "إنَّ الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين ، الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم ، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بغير ما أنزل الله في هذه الواقعة ، وعدل عنه عصياناً مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة ، فهذا كفر أصغر . وإن اعتقد أنَّه غير واجب ، وأنَّه مخير فيه ، مع تيقنه أنه حكم الله ، فهذا كفر أكبر . وإن جهله وأخطأه : فهذا مخطئ له حكم المخطئين"( ). وبهذا التفصيل الدقيق عن ابن القيم رحمه الله في هذه المسألة ندرك مدى توافق عقيدة الشيخ الأمين رحمه الله مع عقيدة السلف قبله ، ويتضح جهوده رحمه الله في تقرير عقيدة السلف والسير على منهجهم واتَّباع طريقهم"( ). اهـ .
على أن الشيخ قد أوضح مقصوده في الصفحة نفسها التي نقل منها الخصم فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدورفقال : "وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السماوات والأرض كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف ، وأنهما يلزم استواؤهما في الميراث ، وكدعوى أن تعدد الزوجات ظلم ، وأن الطلاق ظلم للمرأة ، وأن الرجم والقطع ونحوها أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بالإنسان ، ونحو ذلك"( ) .
فهذه أمثلةٌ ناطقةٌ أن مقصود الشيخ بالذين لا يُشك في كفرهم أولئك الذين طعنوا في أحكام الشريعة الإسلامية ، وفضلوا الحكم بالقوانين الوضعية والأحكام الجاهلية ، ولا يرتاب في هذا إلاَّ من طمس الله بصيرته ، وأعماه عن نور الوحي !


الوجه الثاني:حتى لو سلمنا لكم جدلا بأن الشيخ يقولان بكفر تحكيم القوانين كفر أكبر فإن هذا لا يلزم منه تكفير الحاكم إذ أنه ليس كل من وقع في كفر يكفر حتى تتوفر فيه شروط وتتنفي عنه موانع وقد فصلت هذه المسألة في ردي على الشبهة السابعة فليراجع.

تنبيه: جل نقولاتي في الرد على هذه الشبهة منقولة من كتاب (الأجوبة الأصولية في نقض الأصول الإرهابية (الجزء الثاني)) للدكتورخالد بن مفلح عبدالله آل حامد









قديم 2008-11-26, 20:50   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الرابعة عشر: إستدلالهم بمقولة(ومن لم يلتزم هذا فهو كافر)


كثيراً ما يذكر أهل العلم في كلامهم لا سيما الإمام أحمد بن تيمية – رحمه الله – أن من لم يلتزم هذا فهو كافر . فظن بعضهم أنه يريد المداومة على ترك الواجب أو المداومة على فعل الحرام ، ويسمون هذا غير ملتزم، وهذا الظن خاطئ ، وخطوة من خطوات الشيطان ليجعلهم على فكر الخوارج في مرتكب الكبيرة ، ورد هذا الظن من أوجه :

1/ بيان معنى ( عدم الالتزام ) من كلام أهل العلم لا سيما الإمام أحمد بن تيمية – رحمه الله - ، وأنه لا يرادف الترك المستمر كما يتصوره بعضهم قال – رحمه الله -: وتكفير تارك الصلاة هو المشهور المأثور عن جمهور السلف من الصحابة والتابعين . ومورد النزاع هو فيمن أقر بوجوبها والتزم فعلها ولم يفعلها ا.هـ
لاحظ قوله " التزم فعلها ولم يفعلها " يفيد أن معنى الالتزام غير معنى المداومة على الفعل فقد يكون الرجل ملتزماً لها لكنه لا يفعلها ، فالالتزام الذي ينبني على تركه الكفر أمر عقدي قلبي لا فعلي ؛ لذا لما أراد ابن تيميه التعبير بالالتزام الفعلي قيده بوصف ( الفعلي ) ثم لم يجعله مكفراً لذاته بل لأمر آخر عقدي فقال – بعد النقل المتقدم -: أن
لا يجحد وجوبها ، لكنه ممتنع من التزام فعلها كبراً أو حسداً أو بغضاً لله ورسوله ، فيقول: اعلم أن الله أوجبها على المسلمين ، والرسول صادق في تبليغ القرآن ، ولكنه ممتنع عن التزام الفعل استكباراً أو حسداً للرسول ، أو عصبية لدينه ، أو بغضاً لما جاء به الرسول ، فهذا أيضاً كفر بالاتفاق ، فإن إبليس لما ترك السجود المأمور به لم يكن جاحداً للإيجاب ، فإن الله تعالى باشره بالخطاب ، وإنما أبى واستكبر وكان من الكافرين ا.هـ فلاحظ أنه لم يجعل ترك الالتزام الفعلي مكفراً لذاته ، بل لما احتف به اعتقاد كفري ، وهو الكبر والحسد أو بغض الله ورسوله .
فبهذا يتبين بجلاء أن ترك الالتزام ليس تركاً للفعل بل ترك للاعتقاد ،
فإن قيل: ما معنى ( عدم الالتزام ) ؟
فيقال: معناه عدم اعتقاد الإيجاب على النفس . قال في معجم لغة الفقهاء (86): والالتزام في عرف العلماء واصطلاح الفقهاء: الإيجاب على النفس أو الإذعان ا.هـ

2/ يلزم على قولهم أن من المكفرات عند أهل السنة الإصرار على المعصية تركاً لواجب أو فعلاً لمحرم فأين هو من كلامهم ؟ بل إن كلامهم المسطور في كتب المعتقد أنه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله ، وذلك رد على الخوارج المكفرين بارتكاب الكبائر .

3/ يلزم على قولهم أن المصر على المعصية بفعل المحرم أو ترك الواجب كافر. وهذا مخالف لما ثبت عن ابن عباس أنه قال: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار . أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير في تفسيرهما لسورة النساء.

4/ أنه لا دليل من الكتاب والسنة على التكفير بمجرد الإصرار على الذنب، والتكفير حق لله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا مدخل للعواطف ولا للحماسات فيه ، بل النصوص دلت على عدم تكفير المصر كحديث صاحب البطاقة وغيره .
لذا المرجو التنبه لخطوة الشيطان هذه وألا ينساق وراءها .

من كتاب تبديد كواشف العنيد للشيخ عبد العزيز الريس.










قديم 2008-11-26, 20:52   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الخامسة عشر: إستدلالهم بقوله تعالى({فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَى يُحَكِّمُوكَ فِيْمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجَاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً}،


أقول: ومفاد هذا الإستدلال أنهم يقولون بأن الله تعالى نفى الإيمان فمن ثم يكون الحاكم بغير ما أنزل الله بمجرد تحكيمه كافراً كفراً أكبر لأن الإيمان قد نفي عنه .

والجواب على هذه الشبهة:
أن الله تعالى لم ينفي أصل الإيمان بل كماله ويدل على هذا أربع أوجه:

الوجه الأول:نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان عن مرتكبي بعض المعاصي مثل الزنى والسرقة وشرب الخمر؛ فقال-: «لا يزني الزاني حين يزني؛ وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها؛ وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق؛ وهو مؤمن»([1])
«إذ لو كان كفراً ينقل عن الملّة؛ لكان مرتداً يقتل على كل حال، ولا تجري الحدود في الزنى والسرقة وشرب الخمر، وهذا معلوم بطلانه وفساده من دين الإسلام...ونصوص الكتاب والسنة والإجماع تدل على أن الزاني والسارق والقاذف لا يقتل، بل يقام عليه الحدّ، فدلّ على أنه ليس بمرتدٍّ»([2]).
وقال الإمام أبو عبيد -رحمه الله- في «الإيمان» (ص88-89) في ردِّه على مكفري المسلم بالمعصية:
«ثم قد وجدنا الله -تبارك وتعالى- يكذّب مقالتهم، وذلك أنه حكم في السارق بقطع اليد، وفي الزاني والقاذف بالجلد، ولو كان الذنب يكفر صاحبه؛ ما كان الحكم على هؤلاء إلا القتل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من بدّل دينه فاقتلوه»([3]).
أفلا ترى أنهم لو كانوا كفّاراً؛ لما كانت عقوباتهم القطع والجلد؟
وكذلك قول الله فيمن قتل مظلوماً: { فقد جعلنا لوليه سلطاناً} الآية [الإسراء:33]، فلو كان القتل كفراً؛ ما كان للولي عفو، ولا أخذ دية، ولزمه القتل».
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله- في «مجموع الفتاوى»(7/287-288):

«وكذلك كل مسلم يعلم أن شارب الخمر والزاني والقاذف والسارق لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يجعلهم مرتدين يجب قتلهم ، بل القرآن والنقل المتواتر يبين أن لهم عقوبات غير عقوبة المرتد عن الإسلام؛ كما ذكر الله في القرآن جلد القاذف والزاني، وقطع يد السارق، وهذا متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كانوا مرتدين لقتلهم، فكلا القولين مما يعلم فساده بالاضطرار من دين الرسول صلى الله عليه وسلم».
قلت : فإذا كانت المعاصي لا تزيل إيماناً ولا توجب كفراً مخرجاً من الملة فالمراد بنفي الإيمان الوارد في هذه الأحاديث؛ هو نفي كمال الإيمان الواجب لا أصل الإيمان، يدلك على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «إذا زنى العبد خرج منه الإيمان؛ وكان كالظلة؛ فإذا انقلع منه رجع إليه الإيمان»([4]).

الوجه الثاني:سبب نزول الآية وهو ما رواه الشيخان عن عبد الله بن الزبير أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة … إلخ ، وفيه أن الأنصاري لم يرض بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب ثم قال أن كان ابن عمتك … إلخ ، فقال ابن الزبير : والله إني لأحسب هذه الآية ما نزلت إلا في ذلكفَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ... 

وجه الدلالة : أنه وجد في نفس الأنصاري البدري حرج ولم يسلم تسليماً لحكم رسول الله ومع ذلك لم يكفر ، ويؤكد عدم كفره أن الرجل بدري والبدريون مغفورة لهم ذنوبهم كما في حديث علي في قصة حاطب لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال :اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " والكفر الأكبر لا يغفر ، فدل هذا على أن البدريين معصومون من أن يكفروا ، نص عليه ابن تيمية . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطالبه بالإسلام .

الوجه الثالث: ما رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري قال بعث على بن أبي طالب وهو باليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين أربعة فقال رجل يا رسول الله: اتق الله فقال " ويلك ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد يا رسول الله ألا أضرب عنقه؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا لعلَّه أن يكون يصلي "، قال خالد: وكم من مصلٍ يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم "الحديث .
وجه الدلالة: أن هذا الرجل اعترض على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرض به ويسلِّم ، ووجد في نفسه حَرَجاً ولم يكفِّره الرسول صلى الله عليه وسلم ، وامتنع عن قتله خشية أن يكون مصلياً ولو كان واقعاً في أمرٍ كفريٍّ لم تنفعه صلاته لأن الشرك والكفر الأكبرين يحبطان الأعمال ، فلا تنفع الصلاة معهما ، وأيضاً مما يدل على أن الرجل لم يقع في أمر كفري عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خالداً أراد أن يحيله على أمر كفري خفي في القلب فلم يرتض هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان قوله كفراً لتمسك به خالد بن الوليد ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس .. " لأن هذا القول –المدعى أنه مكفر – قد ظهر منه ، ومما يوضح أن هذه الكلمة ليست كفراً أنه ثبت في الصحيحين عن عائشة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم جئنه يناشدنه العدل في بنت أبي قحافة ، ولم يكن هذا منهن كفراً.

الوجه الرابع:ما روى الشيخان عن أنس بن مالك أن ناساً من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالاً من قريش المائة من الإبل فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشاً وسيوفنا تقطر من دمائهم " وفي رواية لما فُتحت مكة قسم الغنائم في قريش فقالت الأنصار إن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دمائهم … "
وجه الدلالة : أن هؤلاء استنكروا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجدوا في أنفسهم حرجاً ولم يكفِّرهم صلى الله عليه وسلم .
لذا قال ابن تيمية: والمقصود هنا أن كل ما نفاه الله ورسوله من مسمى أسماء الأمور الواجبة كاسم الإيمان والإسلام والدين والصلاة والصيام والطهارة والحج وغير ذلك فإنما يكون لترك واجبٍ من ذلك المسمى ومن هذا قوله تعالى  فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً  فلما نفى الإيمان حتى توجد هذه الغاية دل على أن هذه الغاية فرض على الناس، فمن تركها كان من أهل الوعيد … ا. هـ .
وقال ابن تيمية : فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن ، وأما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً ، لكن عصى واتبع هواه ، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة . وهذه الآية  فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ...  مما يحتج بها الخوارج على تكفير ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما أنزل الله ، ثم يزعمون أن اعتقادهم هو حكم الله. وقد تكلم الناس بما يطول ذكره هنا ، وما ذكرته يدل عليه سياق الآية .ا.هـ

وقال –أيضاً- -رحمه الله- (فتاوى22/350):
"فما جاء من نفي الأعمال في الكتاب والسنة فإنما هو لانتفاء بعض واجباته كقوله تعالى: (ثم ساق الآية)"ا.هـ.

و قال الحافظ في "الفتح" (5/36) ناقلا قول ابن التين: ("لا يؤمنون" لا يستكملون الإيمان)اهـ.
وقال الحافظ بن رجب في "جامع العلوم والحكم" - شارحاً حديث "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به": (معنى الحديث: فهو أن الإنسان لا يكون مؤمنا كامل الإيمان الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول ..وقد ورد القرآن بمثل هذا..قال تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون..")اهـ.

ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله في "مجموع فتاواه" (6/249) -معلقاً على قوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمً)-:
«وهذا الإيمان المنفي هو أصل الإيمان بالله ورسوله (بالنسبة) إلى تحكيم الشريعة والرضا بها والإيمان بأنها الحكم بين الناس ، فلا بد من هذا ،
* فمن زعم أنه يجوز الحكم بغيرها ، أو قال إنه يجوز أن يتحاكم الناس إلى الآباء أو إلى الأجداد أو إلى القوانين الوضيعة التي وضعها الرجال - سواء كانت شرقية أو غربية - فمن زعم أن هذا يجوز فإن الإيمان منتف عنه ويكون بذلك كافرا كفرا أكبر. فمن رأى أن شرع الله لا يجب تحكيمه ولكن لو حكم كان أفضل ، أو رأى أن القانون أفضل ، أو رأى أن القانون يساوي حكم الله فهو مرتد عن الإسلام . وهي ثلاثة أنواع :
النوع الأول: أن يقول : إن الشرع أفضل ولكن لا مانع من تحكيم غير الشرع.
النوع الثاني: أن يقول : إن الشرع والقانون سواء ولا فرق .
النوع الثالث: أن يقول إن القانون أفضل وأولى من الشرع . وهذا أقبح الثلاثة ، وكلها كفر وردة عن الإسلام .
* أما الذي يرى أن الواجب تحكيم شرع الله ، وأنه لا يجوز تحكيم القوانين ولا غيرها مما يخالف شرع الله ولكنه قد يحكم بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه ضد المحكوم عليه ، أو لرشوة ، أو لأمور سياسية ، أو ما أشبه ذلك من الأسباب وهو يعلم أنه ظالم ومخطئ ومخالف للشرع - فهذا يكون ناقص الإيمان ، وقد انتفى في حقه كمال الإيمان الواجب؛ وهو بذلك يكون كافرا كفرا أصغر وظالما ظلما أصغر وفاسقا فسقا أصغر ، كما صح معنى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وجماعة من السلف رحمهم الله ، وهو قول أهل السنة والجماعة خلافا للخوارج!! والمعتزلة! ومن سلك سبيلهم، والله المستعان
»اهـ.



-----------------------------------
(1)أخرجه البخاري (5/119-فتح)، ومسلم (57) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)«شرح العقيدة الطحاوية» (ص321-322).
(3)أخرجه البخاري (6/149- فتح).
(4)]) أخرجه أبو داود (4690) وغيره من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- بإسناد صحيح.









قديم 2008-12-04, 15:09   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة السادسة عشر:إستدلالهم بقوله تعالى { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن الله تعالى حكم على من يطيع أولياء الشيطان بالكفر حيث قال تعالى: { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}([1] ومن حكم بغير ما أنزل الله فقد أطاع الشيطان وأولياءه

فالجواب على هذه الشبهة:
أن طاعة الشيطان وطاعة أوليائه : منها ما هو كفر ومنها ما هو كبيرة ومنها ما هو صغيرة ..
فطاعة الشيطان وأوليائه بتحريم الحلال أو تحليل الحرام شرك أكبر.
وطاعة الشيطان وأوليائه بفعل الحرام كالرشوة والزنا أو ترك واجب كإقامة الحد على من وجب عليه أو ترك بر والديه فهذا فسق وليس شركاً أكبر.
وطاعة الشيطان وأوليائه بفعل صغائر الذنوب كالنظر إلى العورات فهذا ليس كفراً ولا فسقاً بل صغيرة إذا أصر عليها صارت مفسقة ..
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمهُ اللهُ- : "{وإن أطعتموهم} في شركهم وتحليلهم الحرام ، وتحريمهم الحلال {إنكم لمشركون} لأنكم اتخذتموهم أولياء من دون الله ، ووافقتموهم على ما به فارقوا المسلمين ، فلذلك كان طريقكم طريقهم"([2].
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن: "..حَكَمَ على من أطاع أولياء الشيطان في تحليل ما حرم الله أنَّه مشرك وأكد ذلك بـ"إنَّ" المؤكدة.."([3
منقول من كتاب دفع الشبه الغوية لفضيلة الشيخ أسامة بن عطايا العتيبي حفظه الله.


([1]) سورة الأنعام(آية/120).
([2]) تيسير الكريم الرحمن(ص/271) .
([3]) الرسائل والمسائل النجدية(3/46)









 

الكلمات الدلالية (Tags)
دعاة التكفير


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:46

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc