بإسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
إن المرجع في معرفة أي شيء هو الأسس و القواعد التي يبنى عليها فلا يمكن أن نعرف ضابط الشيء المعين إلا بأصوله وقواعده بحيث يمكن لنا أن نرجع لهذه الأصول عند أي إختلاف ، فتثبيث الأسس والقواعد يخرجنا من هلامية التعريفات العامة ويخرجنا من تحريف معنى الشيء عن موضعه لأنه من المعلوم أن كل شخص له تعريفات خاصة به لأمور معينة إما على حسب علمه وفهمه أو على حسب هواه .
ولطالما يأمل كل محاور أو كاتب أو صاحب مقال في الحوار البناء ولا يوجد من يتنكر لهذا ويقول عكس ذلك ولكن هذه النية وحدها لا تكفي ، إذ يلزم منا أن نعرف ما هي أسس الحوار البناء التي إذا خالفناها صار الحوار هداما ، فلا ينبغي لأي شخص أن يزكي نفسه ويجعل من نفسه صاحب حوار بناء وغيره يهدم ما يبنيه دون الرجوع إلى هذه الأسس .
أسس الحوار البناء :
الأساس الأول : أن لا يكون بين المتحاورين سوابق تجعل أحدهما يحمل غلا في صدره ولا يركز في الحوار وإنما ينطلق من سوابقه لينفجر في الحوار لأتفه الأسباب أو أن ينطلق من خصومة دينية أو فكرية فيفرغ مرضه في ذلك الحوار .
الأساس الثاني : الإلتزام بموضوع الحوار دون أن يحيد أي أحد عنه طرفة عين وذلك لأن تغيير موضوع الحوار دليل على أن شخص يريد أن يخاصم لا أن يحاور .
الأساس الثالث : الجدّية في بناء الحوار ، لا أن يقفز مثل الضفدع هنا وهناك ، فيترك تعليقا تارة وتعليقا تارة أخرى ، بحيث يترك تعليقا ويذهب ولا يبحث عن رد صاحب الموضوع ولا يهمه ، فهذا ليس بحوار وإنما هو يرمي سهامه هنا وهناك .
الأساس الرابع : الحوار يكون مبنيا على الحجة والبرهان لا على عنزة ولو طارت ، إذ من المفروض أن المحاور واثق من ما يملكه من أفكار ،فالواجب عليه أن يدلي بحجته بدل الكلام التافه الذي لا ينفع ولا يضر
مثال ذلك : يقول أنا لا أوافقك على كذا ودليلي هو كذا ويستدل على كلامه بتأصيل علمي وبدون سفسطة.
الأساس الخامس : عدم تقديس الأخبار أو الأفكار المنتشرة بحجة أن الناس كلهم يقولون كذا والناس كلهم يفعلون كذا ، ويجب أن يضع كل شخص أفكاره أو الأخبار التي يعرفها في الطاولة ويبرهن عليها ولا يتعامل معها وكأنها مقدسة وكأن الشخص الذي يخالفه فيها هو شخص غريب ولا يعيش معنا في المجتمع وذلك لأن هناك الكثير من الأكاذيب والإشاعات المنتشرة في الأمة والكثير من يصدقها .
الأساس السادس : إذا كان الإختلاف في الدين ، فإنه يلزم كل من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله أن يتحاكم إلى الكتاب والسنة دون أي مرجع آخر مسترشدين بفهم سلف الأمة .
الأساس السابع : الذي يعرف أنه لن يلتزم بالأسس المذكورة فمن الأفضل له أن يبتعد عن الحوار ، والذي لديه قناعات مبنية على غير الكتاب والسنة ويعرف أنه لن يتخلى عنها لأي سبب كان فيجب عليه أن يبتعد عن الحوار لأن أمثال هؤلاء هم سبب الهدم .
الأساس الثامن : الحوار يكون بين شخصين وليس شخص ضد مئة شخص
الأساس التاسع : الصدق في الحديث وإجتناب الكذب والبهتان
هذه هي الأسس التي يجب على كل من يريد حوارا بناءا بصدق أن يتبعها أما غير ذلك فأنت تنفخ في رماد .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .