الرد على شبهات القائلين بالبدعة الحسنة في الدين
قسم :قضايا شرعية
بتاريخ : الخميس ، 17 رجب ، 1441 الموافق 12 مارس 2020
(2) الرد على شبهات القائلين بالبدعة الحسنة في الدين
الشبهة الأولى: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)). رواه مسلم.
وجه الشبهة: أن النبي شرع لأمته، بل ندبهم إلى السنة الحسنة في الدين، وما ذاك إلا تقرير للبدعة الحسنة!!
الجواب: من وجوه:
الوجه الأول: هذا زعم باطل، وفهم خاطئ، ويرجع ذلك إلى أنهم أخذوا الحديث وفصلوه عن مناسبته التي قيل فيها، وعن السبب الذي كان من أجله، شأنهم كمن قرأ الآية: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين} ووقف عندها ولم يكمل نهايتها.
وبالرجوع إلى أصل الحديث، نجد أن سبب الحديث هو تصدق بعض الصحابة، بتوجيه من النبي على فقراء مضر، وذلك لشدة فقرهم وحاجتهم(1).
فما فعله الأنصاري إنما هو ابتداؤه الصدقة في تلك الحادثة، والصدقة مشروعة من قبل النص، فالصحابي هنا لم يأت ببدعة حسنة، وإنما أحيا سنة تركها الناس.
يبين ذلك، ويؤكده أن الرسول لم يقل من ابتدع بدعة حسنة، وإنما قال: "من سن سنة حسنة"، والسنة غير البدعة، السنة هي ما كان موافقًا للكتاب والسنة، موافقًا للدليل؛ فمن عمل بالسنة التي دل عليها الكتاب والسنة؛ يكون له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ يعني: من أحيا هذه السنة وعلمها للناس وبينها للناس وعملوا بها اقتداءً به؛ فإنه يكون له من الأجر مثل أجورهم.
والغرض أنه ليس بمبتدع، وليس من الابتداع في شيء من ابتدأ عملا هو مشروع في الأصل، كـ: النصيحة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصدقة، وغيرها، ليكون هو بمنزلة القدوة والداعية إلى هذا العمل.
وليس من البدعة في شيء فعل ما كان وسيلة لعمل مشروع، مثل: اختراع وبناء الملاجئ والمستشفيات لإيواء اليتامى والبائسين، ومثل: المعاهد الدينية، والماء السبيل في الميادين العامة لشرب الناس، ومثل: جمعية الإسعاف، وغير ذلك.
وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
هذا، وقد نبه العلماء إلى هذه المغالطة من هؤلاء المبتدعة في فهم هذا الحديث، وحذروا من فهمهم هذا لتسويغ البدع، قديما وحديثا(2).
الوجه الثالث: لا يمكن أن يكون معنى قوله: صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنةً حسنة أي من ابتدع في الإسلام بدعة حسنة؛ لأن بهذا يكون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: كل بدعة ضلالة: كل سنة ضلالة. فمن جعل هذا هو معنى ذاك فقد أبعد النجعة وحرف الكلم عن مواضعه.
الوجه الرابع: لو كان هذا الذي يفهمه الناس الفهم الصحيح للحديث لصار في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "فمن رغب عن سنتي فليس مني" تناقضا واضحا، وتحريضا على الإعراض عن السنة، وثناء منه على من رغب عن سنته.
فبينما يقول صلى الله عليه وسلم: "فعليكم بسنتي" داعيًا إلى التمسك بها والعض عليها بالنواجذ والقبض على الجمر يدعونا هنا إلى الأخذ بأي سنة يسنها من شاء من المسلمين لا بالتقيد بسنته وحده!.
الشبهة الثانية: ورد في الخبر عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح". أخرجه أحمد وغيره.
الجواب: من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا الأثر لا يصح مرفوعا، بل هو موقوف على ابن مسعود، فليس بحجة(3).
قال الشيخ الألباني: (إن من عجائب الدنيا أن يحتج بعض الناس بهذا الحديث على أن في الدين بدعةً حسنةً، وأن الدليل على حسنها اعتياد المسلمين لها!! ولقد صار من الأمرِ المعهود أن يبادر هؤلاء إلى الاستدلال بهذا الحديث عندما تثار هذه المسألة، وخفي عليهم أن هذا الحديث موقوف - أي على الصحابي - فلا يجوز أن يحتج به في معارضة النصوص المرفوعة - أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم - القاطعة في أن كل بدعةٍ ضلالة i كما صح عنه)(4).
الوجه الثاني: أنه من حيث المعنى باطل لسببين:
الأول: أنه يناقض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة"(5).. ثم خصها بمن كانوا على مثل ما كان عليه هو وأصحابه.
الثاني: أنه يقتضي كون العمل حسنًا عند بعض الناس يصح التقرب به إلى الله تعالى، قبيحًا عند البعض الآخر لا يصح التقرب به، وهذا الأثر يعمل به في ما لم يرد فيه نص من كتاب ولا سنة، كالإجماع، وخصوصًا إجماع الصحابة.
الوجه الثالث: على افتراض صلاحية الاحتجاجِ به، فإن المراد به إجماع الصحابة واتفاقهم على أمر، كما يدل عليه السياق.
ويؤيده استدلال ابنِ مسعودٍ به على إجماع الصحابة على انتخاب أبي بكر خليفةً، (حيث قال: "إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد، بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن وما رأوا سيئًا، فهو عند الله سيئ"(6).
وروى الحاكم الجملة الأخيرة، وزاد: "وقد رأى الصحابة جميعًا أن يستخلفوا أبا بكر". وعليه؛ فاللام في "المسلمون" ليس للاستغراق كما يتوهمون، بل للعهد.
وسلمنا أنه للاستغراق، فليس المراد به قطعًا كل فردٍ من المسلمين، ولو كان جاهلًا لا يفقه من العلم شيئًا؛ فلا بد إذن من أن يحمل على أهل العلم منهم(7).
وعلى القول بأن الحديث يقصد به آحاد المسلمين أو بعضهم فيحمل لزوما على استحسان ما جرى به عرف من الأعراف التي تختلف باختلاف الزمان والمكان من باب القاعدة المجمع عليها: "العرف محكم"، لا فيما يخالف الشرع وينابذ السنة(8).
الوجه الرابع: كيف يستدل بكلام هذا الصحابي الجليل على تحسين شيء من البدع، مع أنه كان من أشد الصحابة نهيًا عن البدع وتحذيرًا منها، وهو القائل كما مر معنا: " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق "(9).
الشبهة الثالثة: يقول البعض أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد i مخصص لحديث: كل بدعة ضلالة i ومبين للمراد منه؛ إذ لو كانت البدعة ضلالة بدون استثناء؛ لقال الحديث: من أحدث في أمرنا هذا شيئًا؛ فهو رد!! لكن لما قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه؛ فهو رد ؛ أفاد أن المحدث نوعان: ما ليس من الدين، بأن كان مخالفًا لقواعده ودلائله؛ فهو مردود، وهو البدعة الضلالة، وما هو من الدين، بأن شهد له أصل، وأيده دليل؛ فهو صحيح مقبول، وهو السنة الحسنة !!
الجواب:
معلوم من قواعد العلم ومبادئه أن روايات الأحاديث النبوية يفسر بعضها بعضًا، ويشرح بعضها ما غمض من بعضها الآخر. فهذه الرواية يوضحها ويزيل لبسها المتوهم فيها ما يلي:
أولًا: الرواية الأخرى للحديث نفسه، وهي: من عمل عملًا ليس عليه أمرنا؛ فهو رد. فهذا إيضاح جلي للرواية ذاتها، يكشف صورة العمل المحدث المردود، ويبين أنه كل عمل ليس عليه الدين؛ فهذا شامل للكيفية والصفة والهيئة إذا لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إذ إعراب ليس عليه أمرنا أنها في محل نصبِ صفةٍ لـ عملًا، فصفة المحدَثِ أنه ليس عليه أمرُ النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: أن تطبيق السلف وفهمهم - وهم القوم لا يشقى الآخذ بقولهم - لهذا الحديث لم يكن على هذا الوجه المستنكر، وإنما كان على الجادة الموافقة لأصول اللغة، وقواعد الاستدلال. ففي روايات كثيرة عنهم - رحمهم الله - تراهم يستنكرون أعمالًا مشروعة الأصل محدثة الكيفية والصفة، ويصفونها بالابتداع(10).
الشبهة الرابعة: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"نعمت البدعة هذه" رواه البخاري. فهذا يدل على تقسيم البدعة إلى حسنة ممدوحة، وسيئة مردودة!
الجواب من وجوه:
الأول: لو سلمنا جدلًا بصحة دلالته على ما أرادوا من تحسين البدع - مع أن هذا لا يسلم - فانه لا يجوز أن يعارض كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: "كل بدعةٍ ضلالة"، بكلام أحد من الناس، كائنا من كان.
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: "يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال رسول الله، وتقولون: قال أبوبكر وعمر".
الثاني: أن عمر بن الخطاب قال هذه الكلمة حين جمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح، وصلاةَ التراويح ليست بدعةً في الشريعة، بل هي سنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله إياها في الجماعة؛ فقد صلاها في الجماعة في أول شهر رمضـان ليلتين، بل ثلاثا.
وقال: من قام مع الإمام حتى يَنصرف، فإنه يعدل قيام ليلةٍ(11). كما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح.
وبهذا الحديث احتج احمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد.
بل إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون التراويح في عهد عمر قبل أن يقول كلمته هذه، فقد روى البخاري ومالك وغيرهما عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: (خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذَا الناس أوزاعًا متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصَلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحدٍ لَكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعبٍ. ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارِئهم. قال عمر: "نعمت البدعة هذه".
الثالث: مفهوم البدعة الشرعية لا ينطبق على فعل عمر، وإنما أراد بقوله المذكور البدعة اللغوية، فالبدعة في الشرع لا تستخدم إلا في موضع الذم، بخلاف اللغة فإن كل ما أحدث على غير مثال سابق بدعة، سواء أكان محمودًا أو مذمومًا.
وعلى هذا حمل العلماء قول عمر، وبهذا الفهم فهموا؛ فقد قال الإمام ابن كثير- رحمه الله-: "البدعة على قسمين: تارة تكون بدعة شرعية؛ كقوله: كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة وتارة تكون بدعة لغوية؛ كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن جمعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارِهم: "نعمت البدعة هذه"(12).
وقال ابن رجب: "وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية…" ثم ذكر رحمه الله قول عمر(13).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما قول عمر: "نعمت البدعة هذه" فأكثر المحتجين بهذا؛ لو أردنا أن نثبت حكمًا بقول عمر الذي لم يخالف فيه؛ لقالوا: "قول الصاحب ليس بحجةٍ!"، فكيف يكون حجةً لهم في خلاف قول رسول الله؟! ومن اعتقد أن قول الصاحب حجة؛ فلا يعتقده إذا خالف الحديث. فعلى التقديرين: لا تصلح معارضة الحديث بقول الصاحب(14).
الشبهة الخامسة: ما فعله عثمان رضي الله عنه، من الأذان الثاني يوم الجمعة، وما ذاك إلا من قبيل البدعة الحسنة!!
الجواب من وجوه:
الأول: قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ"(15).
وما ذلك إلا لأن سنتهم كانت من فهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم متبعون وليسوا مبتدعين؛ ولأنهم فهموا السنة في الجملة والتفصيل على وجه قد يخفى على غيرهم، فهم يعرفون الناسخ والمنسوخ من السنة، فاحتاج العلماء للنظر في عمل الخلفاء ليعرفوا السنة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: أن عثمان رضي الله عنه، لم يزد ولم ينقص عما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولم يخترع أذانًا وإنما كل ما فعله هو تغيير المكان لمجرد تعميم الإعلان لمن هم بعيدون عن المسجد على المكان الذي يسمى الزوراء، والذي هو مجاور للسوق، ويبعد عن المسجد نحو ألف ذراع؛ ليسمع أهل السوق الأذان نظرًا لاتساع العمران وكثرة السكان عما كان عليه الحال في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكان الأذان الأول والثاني في وقت واحد وفي مكانين مختلفين.
الثالث: إنما فعل عثمان ذلك لمصلحة، وهو أن الناس عندما كثروا؛ وتباعدت منازلهم عن المسجد؛ رأى هذا الأذان نافعًا لاتساعها وكثرة أهلها، فيدعوهم ذلك إلى الاستعداد، يدل على ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن السائب بن يزيد أنه قال: "كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلموأبي بكرٍ وعمر رضي الله عنهما. فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء".
وقد نقل القرطبي عن الماوردي قوله: (فأما الأذان الأول فمحدث، فعله عثمان ليتأهب الناس لحضور الخطبة عند اتساع المدينة وكثرة أهلها)(16).
فمن صرف النظر عن هذه العلة، وتمسك بأذان عثمان مطلقًا لا يكون مقتديا به، بل هو مخالف له حيث لم ينظر بعين الاعتبار إلى تلك العلة التي لولاها لما كان لعثمان ان يزيد على سنته عليه الصلاة والسلام وسنة الخليفتين من بعده.
ولهذا قال الإمام الشافعي: "وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه، ويقول: أحدثه معاوية، وأيهما كان فالأمر الذي كان على عهد رسول الله أحب إلي، فإن أذن جماعة من المؤذنين والإمام على المنبر، وأذن كما يؤذن اليوم أذان قبل أذان المؤذنين إذا جلس الإمام على المنبر كرهت ذلك له، ولا يفسد شيء من صلاته"(17).
ففعل عثمان يعتبر من المصلحة المرسلة، (والمصلحة المرسَلة في تعريف الأصوليين هي: "الأوصاف التي تلائم تصرفات الشارع ومقاصده، ولكن لم يشهد لها دليل معين من الشرع بالاعتبار أو الإلغاء، ويحصل من ربط الحكم بها جلب مصلحةٍ أو دفع مفسدةٍ عن الناس".
وسميت مرسلة؛ لعدم وجود ما يوافقها أو يخالفها في الشرع؛ أي: أرسلت إرسالًا وأطلقت إطلاقًا. والضابط الذي تتميز به المصلحة المرسلة من البدع المحدثة هو ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية: (والضابط في هذا- والله أعلم - أن يقال: إن الناس لا يحدثون شيئًا إلا لأنهم يرونه مصلحةً، إذ لو اعتقدوه مفسدةً؛ لم يحدثوه؛ فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين.
فما رآه الناس مصلحةً؛ نظر في السبب المحوج إليه: فإن كان السبب المحوج إليه أمرًا حدث بعد النبي لكن من غير تفريط منه؛ فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه. وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائمًا على عهد رسول الله، لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارضٍ زال بموته وأما ما لم يحدث سبب يحوج إليه، أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد فهنا لا يجوز الإحداث. فكل أمرٍ يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله موجودًا، لو كان مصلحةٍ ولم يُفْعَل: يُعْلم أنه ليس بمصلحةٍ. وأما ما حدث المقتضي له بعد موته من غير معصية الخالق؛ فقد يكون مصلحةً.. الخ)(18).
وخلاصةُ القول: أن "حاصل المصالح المرسلة يرجع إلى حفظ أمرٍ ضروري، أو رفع حرجٍ لازم في الدين".
وليست البدع - عند من يدعيها- هكذا بيقين؛ لأن المبتدع إنما يفعل البدع بقصد زيادة التقرب إلى الله وإن لم يكن هناك حاجة لإحداث ذلك الفعل.