كل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم اليوم, 15:41   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي كل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف

اتباع منهج السلف والموقف الصحيح من الخلف
272590
17661
الإثنين 11 محرم 1436 هـ - 3-11-2014 م

320
السؤال
أنا مسلم سلفي أحب السلف الصالح، ولكني أرى عديد المنتسبين للسلفية يكفرون بالخلف ويتركونهم، بل ويزدرونهم ويعادونهم، لا أدري أتعصبا أم لأسباب علميّة وموضوعية معتبرة شرعا، وإني وجدت في القرآن العظيم آيتين تدلان على ثبوت الصلاح لدى الخلف، وعلى عدم اتباع السلف اتباعا أعمى، وهما: (وقليل من الآخرين) بالواقعة و(واتبع سبيل من أناب إليّ) بلقمان، واتباع السبيل هو اتباع للمنهج أي: أنه يستوجب إعمال الفكر والعقل لاستنتاج المنهج والسبيل انطلاقا من العمل المجرد البسيط، أي: أنه اتباع مبصر وغير منحصر في السلف الصالح، بل ويكون للخلف الصالح كذلك بشرط التحقق من الإنابة لله تعالى التي هي قرينة على الإخلاص، هذا فهمي البسيط والمعتمد فقط على اللغة، فما تعقيب فضيلتكم عليه؟.

الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالسلفية لا تقف على معنى محبة السلف الصالح، بل هي مع ذلك: اتباع لطريقتهم في فهم الدين وتطبيقه، والالتزام بمنهجهم في التعامل مع كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما يمدح الخلف ويُصوَّبون في أمور الديانة بقدر إحسانهم في اتباع السلف، كما قال تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {التوبة:100**، قال الشوكاني في (فتح القدير): قوله: {بإحسان** قيد للتابعين، أي: والذين اتبعوهم متلبسين بإحسان في الأفعال والأقوال اقتداء منهم بالسابقين الأولين. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: فجعل التابعين لهم بإحسان مشاركين لهم فيما ذكر من الرضوان والجنة، وقد قال تعالى: {والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم** وقال تعالى: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم** وقال تعالى: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم** فمن اتبع السابقين الأولين كان منهم، وهم خير الناس بعد الأنبياء، فإن أمة محمد خير أمة أخرجت للناس، وأولئك خير أمة محمد، كما ثبت في الصحاح من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير القرون القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله، كالتفسير وأصول الدين وفروعه والزهد والعبادة والأخلاق والجهاد وغير ذلك، فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة، فالاقتداء بهم خير من الاقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين خير وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم، وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما، وإذا تنازعوا فالحق لا يخرج عنهم فيمكن طلب الحق في بعض أقاويلهم ... وأما المتأخرون الذين لم يتحروا متابعتهم وسلوك سبيلهم ولا لهم خبرة بأقوالهم وأفعالهم بل هم في كثير مما يتكلمون به في العلم ويعملون به لا يعرفون طريق الصحابة والتابعين في ذلك من أهل الكلام والرأي والزهد والتصوف، فهؤلاء تجد عمدتهم في كثير من الأمور المهمة في الدين إنما هو عما يظنونه من الإجماع وهم لا يعرفون في ذلك أقوال السلف البتة، أو عرفوا بعضها ولم يعرفوا سائرها. اهـ.
ولا يخفى أن من جملة أصول المنهج السلفي: اتباع السنة وتقديمها على أقوال الرجال، ورد الخلاف إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن تمسك بهذا كان اتباعه للسلف عن علم وبصيرة، ولا يصح وصف اتباعه بالعمى، كما يقول السائل: (عدم اتباع السلف اتباعا أعمى)! قال الشنقيطي في (أضواء البيان) معلقا على الآية السابقة: فالمقلدون التقليد الأعمى ليسوا ممن اتبعوهم البتة، بل هم أعظم الناس مخالفة لهم، وأبعدهم عن اتباعهم، فأتبع الناس لمالك مثلا ابن وهب ونظراؤه، ممن يعرضون أقواله على الكتاب والسنة فيأخذون منها ما وافقهما دون غيره، وأتبع الناس لأبي حنيفة أبو يوسف ومحمد مع كثرة مخالفتهما له، لأجل الدليل من كتاب أو سنة، وأتبع أصحاب أحمد بن حنبل له البخاري ومسلم وأبو داود والأثرم، لتقديمهم الدليل على قوله وقول غيره، وهكذا. اهـ.
وهنا لابد من التفريق بين المنهج والسبيل، وبين سلوك منتسبيه! كما هو الحال في الإسلام نفسه، فكم من مسلم يسيء لدينه بسلوكه وأخلاقه، وكذلك من انتسب للسلف ولم يقم بمقتضى منهجهم فإنه يسيء لنفسه ولهم.
وأما وصف السائل الكريم لبعض المنتسبين للسلفية بأنهم: (يكفرون بالخلف ويتركونهم بل ويزدرونهم ويعادونهم) فلا ندري مقصده بذلك، وعلى أية حال فلا يذم من الخلف إلا مخالفتهم وانحرافهم في أمور دينهم عن منهج السلف في الفهم والتطبيق.

وأما قول الله عز وجل: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ {الواقعة:14**، فليس فيه دليل على عدم اتباع السلف اتباعا أعمى، على حد تعبير السائل، وإنما فيه أن مرتبة المقربين لا يصل إليها إلا قليل من الآخرين، في حين يحظى بها ثلة من الأولين، وفي هذا مدح وتفضيل للأولين على الآخرين، قال السعدي: وهذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة على متأخريها، لكون المقربين من الأولين أكثر من المتأخرين، والمقربون هم خواص الخلق. اهـ. فإذا كان المرء مخيرا بين اتباع إحدى الطائفتين: الأولين أو الآخرين، ففي هذه الآية ترغيب وحث على اتباع الأولين لا العكس، فما بالنا وهؤلاء القلة من الآخرين إنما نالوا مرتبة المقربين باتباعهم لسبيل الآولين، كما سبقت الإشارة إليه في قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ {التوبة:100**.

وكذلك الحال في فهم السائل لقوله سبحانه: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ {لقمان:15**، فإن الأولين أحق بوصف الإنابة من الآخرين كمَّاً وكيفاً، قال ابن عطية في (المحرر الوجيز): قوله تعالى: {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ** وصية لجميع العالم، كأن المأمور الإنسان، وأَنابَ معناه، مال ورجع إلى الشيء، وهذه سبيل الأنبياء والصالحين. اهـ.
وقال البغوي في (معالم التنزيل): {واتبع سبيل من أناب إلي** أي: دين من أقبل إلى طاعتي، وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال عطاء عن ابن عباس: يريد أبا بكر الصديق. اهـ.
وقال الهراسي في (أحكام القرآن): قوله تعالى: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ) مثل قوله: (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ). اهـ.

فلا يستحق وصف الإنابة على التحقيق من الآخرين إلا من كان على سبيل الأولين، ويؤكد ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ {البقرة:137**، وراجع للفائدة الفتويين التالية أرقامهما: 134119، 117313.

والله أعلم.

اسلام ويب









 


رد مع اقتباس
قديم اليوم, 15:41   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال
ما هي الأدلة من القرآن الكريم على السلفية؟

الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فبداية ينبغي أن نبين معنى هذه الكلمة -السلفية- لغة واصطلاحاً.
فالسلفية: نسبة إلى السلف، قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة: سلف، السين واللام والفاء أصل يدل على تقدم وسبق، من ذلك السلف الذين مضوا، والقوم السلاف: المتقدمون.
وقال الراغب الأصفهاني في المفردات: السلف: المتقدم، قال الله تعالى: فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ [الزخرف:56] أي معتبراً متقدماً..... ولفلان سلف كريم: أي آباء متقدمون، جمعه: أسلاف وسلوف....
والسلف في الاصطلاح الآن: هم الصحابة والتابعون وتابعوهم من الأئمة الذين يقتدى بهم كالأئمة الأربعة وسفيان الثوري والبخاري وسفيان بن عيينة وغيرهم من الأئمة الأجلاء الأعلام الذي شُهد لهم بالإمامة في الدين والورع والتقوى.
فالسلفية: هي المدرسة التي تلقت العقيدة والمنهج الإسلامي من الكتاب والسنة طبقاً لفهم السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان، وأبرز خصائص أتباع هذه المدرسة -أي السلفيين- التمسك بمنهج النقل، ولهذا يعرف أتباعها أيضاً بأهل الحديث أو أهل الأثر.. تمييزاً بينهم وبين من انسلخ من هذا المنهج.
ولا ريب أن هذا المنهج -أي المنهج السلفي- هو المنهج الذي يجب على كل مسلم اتباعه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه، بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لايكون إلا حقاً. وراجع للأهمية الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5484، 23342، 26056.
والأدلة على صحة هذا المنهج كثيرة، نذكر منها:
قوله تعالى: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:137]، فجعل الله سبحانه الإيمان بمثل ما آمن به الصحابة علامة على الهداية، وجعل التولي عن ذلك دليلاً على الشقاق والضلال.
وقوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:115]، وسبيل المؤمنين ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام قولاً وعملاً واعتقاداً، حرم الله الخروج عنها واتباع غيرها، وتوعد على ذلك بجهنم وسوء المصير.
وقوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]، فأثنى الله على من اقتدى بالصحابة بقوله: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ وهذا لأن الصحابة رضي الله عنهم تلقوا الدين عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة ففهموا من مقاصده صلى الله عليه وسلم، وعاينوا من أقواله وسمعوا منه مشافهة ما لم يحصل لمن بعدهم.
قال الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله: قف حيث وقف القوم، فإنهم عن علم وقفوا وببصر نافذ كفوا، ولهم على كشفها كانوا أقوى..... فلئن قلتم حدث بعدهم فما أحدثه إلا من خالف هديهم ورغب عن سنتهم، ولقد وصفوا منه ما يشفي وتكلموا منه بما يكفي، فما فوقهم محسر، وما دونهم مقصر، لقد قصر عنهم قوم فجفوا وتجاوز آخرون فضلوا، وإنهم فينا بين ذلك لعلى هدى مستقيم. أخرجه أبو نعيم في الحلية وابن بطة في الإبانة الكبرى، وابن القيم في إعلام الموقعين، وقد روى شيخ الإسلام كلاماً شبيهاً بهذا عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، ولقد سار التابعون وتابعوهم على نهج الصحابة واقتفوا أثرهم، ولهذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم..... رواه البخاري.
قال إبراهيم النخعي -من التابعين-: لو بلغني عن الصحابة أنهم لم يجاوزوا بالوضوء ظفراً ما جاوزته، وكفى بالقوم وزراً أن تخالف أعمالهم أعمال أصحاب نبيهم صلى الله عليه وسلم، والآثار عن التابعين وتابعيهم مستفيضة بذلك. فالسعيد من سار مسار هذه القرون الثلاثة المفضلة ولم يحد عنه يمنة أو يسرة.
نسأل الله أن يجمعنا بهم في جنته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
والله أعلم.

اسلام ويب










رد مع اقتباس
قديم اليوم, 16:03   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

الاِعْتِصام بالكتابِ والسُنَّة بفهم سلف الأمة
229759
22593
30/08/2020


795
الكاتب: إسلام ويب
التصنيف:مقدمات عامة
الاِعْتِصام بالكتابِ والسُنَّة بفهم سلف الأمة
الكتاب والسُنَّة هما النبْع الصافي لدين الإسلام، وهما المنهج الكامل للحياة السوية، والميزان الصحيح الذي توزن به الأقوال والأفعال، ولا يكون للمسلمين شأن وقدْر، ولا عِزٌّ ولا نصر، ولا فلاح في الدنيا، ولا نجاة في الآخرة، إلا بالاعتصام بالكتاب والسنة. والأدلة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة وأقوال السلف على ضرورة التمسك والاعتصام بالكتاب والسنة كثيرة جداً، ومن ذلك:

أولا: الأدلة من القرآن الكريم على الاعتصام بالكتاب والسنة:
قال الله تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}(آل عمران:132)، {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}(النساء:69)، {قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}(آل عمران:32)، {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}(المائدة:92). وقال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(النور:51).
وقد أمر الله سبحانه المؤمنين بالتحاكم إلى الكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}(النساء:59)، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "قال مجاهد وغير واحد من السلف: أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة". وقال القرطبي: "أي ردوا ذلك الحكم إلى كتاب الله أو إلى رسوله بالسؤال في حياته، أو بالنظر في سنته بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، هذا قول مجاهد والأعمش وقتادة، وهو الصحيح". وقال السعدي: "أمر برد كل ما تنازع الناس فيه، من أصول الدين وفروعه، على الله والرسول، أي إلى كتاب الله وسنة رسوله، فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما، أو عمومهما، أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى، يقاس عليه ما أشبهه. لأن كتاب الله وسنة رسوله عليهما بناء الدين، ولا يستقيم الإيمان إلا بهما فالرد إليهما شرط في الإيمان".
وقال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}(الحجرات:1): "عن ابن عباس قال: لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة. وعن الضحاك: لا تقضوا أمراً دون الله ورسوله من شرائع دينكم".

فائدة: السُنة النبوية مِن الوحْي:
من المعلوم أن السنة النبوية من الوحي، قال الله تعالى: {وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}(الحشر:7)، وقال سبحانه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}(النجم:3-4)، قال السعدي: "ودلَّ هذا على أن السنة وحي من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {وَأَنزلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}(النساء:113)، وأنه معصوم فيما يخبر به عن الله تعالى وعن شرعه، لأن كلامه لا يصدر عن هوى، وإنما يصدر عن وحْي يُوحَى".
وقال ابن بطة في كتابه "الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية" محذراً المسلمين مِنْ شرِّ الذين يقولون القرآن فقط، كالقرآنيين وما شابههم، الذين يرون أن القرآن هو المصدر الوحيد للإيمان والتشريع في الإسلام، وأن السُنة لا يُحتج بها ـ: "وليعلم المؤمنون من أهل العقل والعلم أن قوماً يريدون إبطال الشريعة، ودُرُوس (ذهاب واختفاء) آثار العلم والسنة، فهم يموهون على مَنْ قلَّ علمه، وضعف قلبه، بأنهم يدعون إلى كتاب الله، ويعملون به، وهم من كتاب الله يهربون، وعنه يدبرون، وله يخالفون، وذلك أنهم إذا سمعوا سنة رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواها الأكابر عن الأكابر، ونقلها أهل العدالة والأمانة، ومن كان موضع القدوة والأمانة، وأجمع أئمة المسلمين على صحتها، أو حكم فقهاؤهم بها، عارضوا تلك السنة بالخلاف عليها، وتلقوها بالردِّ لها، وقالوا لمن رواها عندهم: تجد هذا في كتاب الله؟ وهل نزل هذا في القرآن؟ وائتوني بآية من كتاب الله حتى أصدق بهذا". وقال الشاطبي في "الموافقات في أصول الشريعة": "الحديث إما وحي من الله صِرْف، وإما اجتهاد من الرسول عليه الصلاة والسلام، مُعْتبَر بوحي صحيح من كتاب أو سنة. وعلى كلا التقديرين لا يمكن فيه التناقض مع كتاب الله، لأنه عليه الصلاة والسلام ما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى".
وعن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله) رواه أبو داود وصححه الألباني. قال الخطابي في "معالم السنن": "وفي الحديث دليل على أنه لا حاجة بالحديث أن يُعْرَضَ على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حجة بنفسه، فأما ما رواه بعضهم أنه قال: "إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقَه فخُذوه، وإن خالفه فدعوه" فإنه حديث باطل لا أصل له، وقد حكى زكريا الساجي عنيحيى بن معين أنه قال: هذا حديث وضعته الزنادقة".

ثانيا: الأدلة من الأحاديث النبوية على الاعتصام بالكتاب والسنة:
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: (خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال:يا أيها الناس: إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، كتاب الله وسنتي) رواه الحاكم وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض) رواه البزار وصححه الألباني. وفي هذين الحديثين: (تركت فيكم) و(خلَّفْتُ فيكم شَيئينِ) أي: تَركْتُ لكم بعدَ وفاتي ومماتي أمرين، (لنْ تَضِلُّوا بعدَهما) أي: ما عَمِلْتُم وتمسكتم واعتصمتم بهما، فهما سببٌ في الهداية في الدنيا والفوز في الآخرة، (كتاب الله، وسُنَّتي)، أي: بالاستِمساكِ والعمل بالقرآنِ والسُّنة معًا. قال المناوي: "فهما الأصلان اللذان لا عدول عنهما، ولا هُدى إلا بهما، والعصمة والنجاة في التمسك بهما، فوجوب الرجوع للكتاب والسنة معلوم من الدين بالضرورة". وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) رواه مسلم.

ثالثا: الأدلة من أقوال السلف على الاعتصام بالكتاب والسنة:
الاعتصام بالكتاب والسنة من الأصول التي اتفق وأجمع عليها سلف وخلف وعلماء الأمة، وقد عبر اللالكائي عن ذلك في كتابه "أصول السنة" بقوله: "أما بعد: فإن أوجب ما على المرء معرفة اعتقاد الدين، وما كلف الله عباده من فهم توحيده وصفاته، وتصديق رسله بالدلائل واليقين، والتوصل إلى طرقها، والاستدلال عليها بالحجج والبراهين، وكان من أعظم مقول، وأوضح حجة ومعقول، كتاب الله الحق المبين، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار والمتقين". وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "وشواهد هذا الأصل العظيم الجامع من الكتاب والسنة كثير، وترجم عليه أهل العلم في الكتب كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، كما ترجم عليه البخاري والبغوي وغيرهما، فمن اعتصم بالكتاب والسنة كان من أولياء الله المتقين، وحزبه المفلحين، وجنده الغالبين". وقال الإمام الشافعي: "وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن ما سواهما تبع لهما"، وقال الإمام مالك: "لَا يَصلُحُ آخِرُ هذه الأُمَّة إِلَّا بِمَا صَلح به أولها، وما صَلَحَ به أوَّلُهَا كتابُ الله وسُنَّةُ نبِيِّه صلى اللهُ عليه وسلم".

الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح:
السلف الصالح هم الصحابة والتابعون لهم بإحسان من أهل القرنين التاليين ـ خاصة ـ، قال الشيخ ابن عثيمين: "السلف معناه المتقدمون، فكل متقدم على غيره فهو سلف له، ولكن إذا أطلق لفظ السلف فالمراد به القرون الثلاثة المُفَضَّلة، الصحابة والتابعون وتابعوهم، هؤلاء هم السلف الصالح، ومن كان بعدهم وسار على منهاجهم فإنه مثلهم على طريقة السلف، وإن كان متأخراً عنهم في الزمن، لأن السلفية تطلق على المنهاج الذي سلكه السلف الصالح رضي الله عنهم".
وكتاب الله تعالى وسُنَّةُ نَبيِّه صلى الله عليه وسلم هما العِصمة والنَّجاة لِمَنِ اعتصم وتمسك وعمل بهما بِفَهْم السلف الصالح. قال اللالكائي": "فإن أوجب ما على المرء معرفة اعتقاد الدين، وما كلف الله به عباده من فهم توحيده وصفاته وتصديق رسله بالدلائل واليقين، والتوصل إلى طرقها والاستدلال عليها بالحجج والبراهين، وكان من أعظم مقول، وأوضح حجة ومعقول، كتاب الله الحق المبين، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأخيار المتقين، ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون". وقال ابن تيمية: "والصواب في جميع مسائل النزاع: ما كان عليه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقولهم هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والعقل الصريح". وقال السفاريني: "المراد بمذهب السلف ما كان عليه الصحابة الكرام ـ رضوان الله عليهم ـ وأعيان التابعين لهم بإحسان وأتباعهم وأئمة الدين ممن شهد له بالإمامة، وعُرِفَ عِظم شأنه في الدين، وتلقى الناس كلامهم خلف عن سلف، دون من رمي ببدعة، أو شهر بلقب غير مرضي".
وقد أشار الشيخ ابن عثيمين إلى تناقض وبطلان قول من قال: "طريق السلف أسلم، وطريق الخلف أحكم" بقوله: "أولا: فيه تناقض، لأنهم قالوا: طريق السلف أسلم، ولا يُعقل أن تكون الطريقة أسلم وغيرها أعلم وأحكم، لأن الأسلم يستلزم أن يكون أعلم وأحكم، فلا سلامة إلا بعلم بأسباب السلام،ة وحكمة في سلوك هذه الأسباب.. ثانيا: أين العلم والحكمة من التحريف والتعطيل؟. ثالثا: يلزم منه أن يكون هؤلاء الخالفون أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، لأن طريقة السلف هي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.. فهذه العبارة باطلة حتى وإن أرادوا بها معنى صحيحا".

الاعتصام بالكتاب والسنة، أصل من أصول أهل السنة، بل كل أصولهم ترجع إليه، ومن ثم يجب علينا أن نجعلهما ـ بفهم سلف هذه الأمة ـ منهجنا في حياتنا، وأن نعتصم ونتمسك بهما، وفي ذلك نجاة من الانحراف، وأمان من الضلال.










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:48

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc