في العام الثاني عشر للهجره النبويه المشرفه في عهد الخليفه الراشد الاول سيدنا ابو بكر الصديق رضي الله عنه كان جيش المسلمين بقياده سيف الله المسلول خالد بن الوليد علي تخوم الشام والعراق يحارب جيش الفرس والروم اللذان تعاونا سويًا ضد المسلمين.
ورغم انشغال الصحابي الجليل خالد بن الوليد بالجهاد في سبيل الله، فان قلبه ظل متعلقًا بالبيت الحرام واشتاق للحجه، فلما ايقن بنصر جيش المسلمين قرر خالد ان يذهب الي الحج سرًا متخفيًا حتي لا يعلم جيش الاعداء ذلك فيستغلون غيابه وتقوي شوكتهم.
وهنا تخفي خالد بن الوليد، وامر جنوده بالعوده الي مدينه الحيره وتظاهر بانه سيسير في مؤخره الجيش، ولكنه كان يبدا رحلته للحج وبصحبته قله قليله من اصحابه ودون ان يخبر الخليفه سيدنا ابو بكر بذلك.
وحتي لا يضيع ايامًا كثيره في رحلته السريعه للحج سلك دروب الصحراء في الخمس ايام الاخيره من شهر ذي القعده، ولم يكن معه دليلًا يرشده في دروب الصحراء الوعره الموحشه، الا ان صدق نيته كان دليلًا له ومرشدًا.
واي خالد بن الوليد مناسك الحج متعجلًا في سريه تامه، ليعود الي مدينه الحيره ليلحق بمؤخره جيشه، ولم يلحظ احدًا غيابه لانه كان لايامًا قليله، فما وصلت الي الحيره مؤخره الجيش حتي وافاهم خالد مع صاحب الساقه فقدما معا، وخالد واصحابه محلقون بعد اداء مناسك العمره.
وعندما علم الخليفه ابو بكر الصديق ما فعله خالد استاء لانه لم يستاذنه في الحج وعبت عليه عتابًا شديدًا. وكان الموقف لا يزال متازمًا في دمشق بالشام، فقرر ابو بكر الصديق ان يرسله الي الشام؛ لان الموقف في الشام متوتر، علي العكس من فارس فالوضع هناك مطمئن جدًّا، وكان عمر بن الخطاب يرفض ان يتولي خالد قياده جيش الشام، بل يري ان يُعزَل، وكان يري ان ذهابه للحج بدون اذن الخليفه امر عظيم!، ولكن جاء رد ابو بكر الصديق رغم غضبه من خالد ليدل عن حكمه وعزه فقال لعمر: "والله لاُنسينَّ الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد، والله لا اشيم سيفًا سلَّه الله علي الكفار".
وارسل الخليفه ابو بكر الصديق رساله الي خالد بن الوليد قال له فيها:
"سر حتي تاتي جموع المسلمين باليرموك فانهم قد شجُوا واشجَوا واياك ان تعود لمثل ما فعلت، فانه لم يشج الجموع من الناس بعون اللّه شجاك، ولم ينزع الشجي من الناس نزعك، فليهنئك ابا سليمان النيه والخطوه، فاتمم يتمم اللّه عليك، ولا يدخلنك عجب فتخسر وتخذل، واياك ان تدل بعمل فان اللّه له المن وهو ولي الجزاء".