الرد على شبهة عن الإمامين النووي وبن قدامة رحمهما الله تعالى - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الرد على شبهة عن الإمامين النووي وبن قدامة رحمهما الله تعالى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم يوم أمس, 16:38   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي الرد على شبهة عن الإمامين النووي وبن قدامة رحمهما الله تعالى

هل وقع ابن قدامة والنووي في الشرك؟!
406731

السؤال
أحترم وأحبُّ ابن قدامة والنووي. أعلم أنّ النووي وقع في تأويل الأسماء والصفات، وأشار العلماء إلى خطأه، لكن سمعت مؤخرًا أنّ هناك شركًا أكبر في كتب النووي وابن قدامة، قرأت أيضًا في الويكيبيديا أنّ ابن قدامة روّج للتوسُّل بالنبي بعد وفاته كما يفعل الصوفية، فهل وجد أيّ من كبار علماء الإسلام أيّ شرك من هذا القبيل في كتب النووي وابن قدامة، أم أنّ هذه الأكاذيب لفّقها الناس؛ من أجل تشويه سُمعة هذين الإمامين النبيلين؟

الجواب
الحمد لله.

النووي وابن قدامة رحمهما الله إمامان كبيران، وفقيهان عظيمان من فقهاء الملة، أطبقت الأمة على الثناء عليهما، والإفادة من علمهما، وللنووي رحمه الله كما ذكرت مخالفات في باب الأسماء والصفات، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (107645).

لكنهما لم يقعا في شيء من الشرك، وحاشاهما من ذلك.

وما ذكراه من التوسل وحكاية قصة العتبي، فجوابه أن التوسل ليس شركا وإنما هو بدعة، والشرك هو الطلب من الميت، والاستغاثة به؛ وهما لم يقولا ذلك.

على أن ابن قدامة أيضا لم يصرح بالتوسل، وإنما أورد الحكاية بصيغة التضعيف.

قال رحمه الله: "فصل: ويستحب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم...، ويروى عن العُتبي، قال: كنت جالسا عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما، وقد جئتك مستغفرا لذنبي، مستشفعا بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف الأعرابي، فحملتني عيني، فنمت، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم، فقال: يا عتبي، الحق الأعرابي، فبشره أن الله قد غفر له" انتهى من "المغني" (3/ 478).

وأما النووي رحمه الله فقال: " ثم يرجع إلى موقفه الأول، قبال وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويتوسل به في حق نفسه، ويتشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى.

ومن أحسن ما يقول ما حكاه أصحابنا عن العتبي مستحسنين له" وساق الحكاية، انتهى من الإيضاح في مناسك الحج والعمرة، ص454. وينظر: "المجموع شرح المهذب" (8/274).

وحكاية العتبي باطلة لا إسناد لها، وليس فيها استغاثة أو طلب منه صلى الله عليه وسلم، وإنما فيها الاستغفار من الله، والتشفع بنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا هو التوسل بالذات، أي أن يقول: يا الله أستشفع لك بنبيك أو أتوسل إليك بنبيك، ولم يدل دليل على جواز التوسل بالذوات، فكان بدعة، ولكنه ليس شركا.

وينظر: جواب السؤال رقم: (179363)، ورقم: (316791).

على أننا نقول هنا: إن العلماء الذين لهم لسان صدق في الأمة، قد يجتهد الواحد منهم اجتهادا فيخطئ فيه خطأ مغفورا له، ولا يقضى عليه فيه بالتأثيم، فضلا عن التبديع، فضلا عن التكفير؛ فمثل هذا لا يقدم عليه إلا جاهل أو مجازف.









 


رد مع اقتباس
قديم يوم أمس, 16:39   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

هل وقع ابن قدامة والنووي في الشرك؟!
406731

السؤال
أحترم وأحبُّ ابن قدامة والنووي. أعلم أنّ النووي وقع في تأويل الأسماء والصفات، وأشار العلماء إلى خطأه، لكن سمعت مؤخرًا أنّ هناك شركًا أكبر في كتب النووي وابن قدامة، قرأت أيضًا في الويكيبيديا أنّ ابن قدامة روّج للتوسُّل بالنبي بعد وفاته كما يفعل الصوفية، فهل وجد أيّ من كبار علماء الإسلام أيّ شرك من هذا القبيل في كتب النووي وابن قدامة، أم أنّ هذه الأكاذيب لفّقها الناس؛ من أجل تشويه سُمعة هذين الإمامين النبيلين؟

الجواب
الحمد لله.

النووي وابن قدامة رحمهما الله إمامان كبيران، وفقيهان عظيمان من فقهاء الملة، أطبقت الأمة على الثناء عليهما، والإفادة من علمهما، وللنووي رحمه الله كما ذكرت مخالفات في باب الأسماء والصفات، وسبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (107645).

لكنهما لم يقعا في شيء من الشرك، وحاشاهما من ذلك.

وما ذكراه من التوسل وحكاية قصة العتبي، فجوابه أن التوسل ليس شركا وإنما هو بدعة، والشرك هو الطلب من الميت، والاستغاثة به؛ وهما لم يقولا ذلك.

على أن ابن قدامة أيضا لم يصرح بالتوسل، وإنما أورد الحكاية بصيغة التضعيف.

قال رحمه الله: "فصل: ويستحب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم...، ويروى عن العُتبي، قال: كنت جالسا عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله يقول: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما، وقد جئتك مستغفرا لذنبي، مستشفعا بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه ... فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه ... فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثم انصرف الأعرابي، فحملتني عيني، فنمت، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم، فقال: يا عتبي، الحق الأعرابي، فبشره أن الله قد غفر له" انتهى من "المغني" (3/ 478).

وأما النووي رحمه الله فقال: " ثم يرجع إلى موقفه الأول، قبال وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويتوسل به في حق نفسه، ويتشفع به إلى ربه سبحانه وتعالى.

ومن أحسن ما يقول ما حكاه أصحابنا عن العتبي مستحسنين له" وساق الحكاية، انتهى من الإيضاح في مناسك الحج والعمرة، ص454. وينظر: "المجموع شرح المهذب" (8/274).

وحكاية العتبي باطلة لا إسناد لها، وليس فيها استغاثة أو طلب منه صلى الله عليه وسلم، وإنما فيها الاستغفار من الله، والتشفع بنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا هو التوسل بالذات، أي أن يقول: يا الله أستشفع لك بنبيك أو أتوسل إليك بنبيك، ولم يدل دليل على جواز التوسل بالذوات، فكان بدعة، ولكنه ليس شركا.

وينظر: جواب السؤال رقم: (179363)، ورقم: (316791).

على أننا نقول هنا: إن العلماء الذين لهم لسان صدق في الأمة، قد يجتهد الواحد منهم اجتهادا فيخطئ فيه خطأ مغفورا له، ولا يقضى عليه فيه بالتأثيم، فضلا عن التبديع، فضلا عن التكفير؛ فمثل هذا لا يقدم عليه إلا جاهل أو مجازف.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، بعد ما ذكر طائفة من علماء الأشاعرة، وذكر بعض ما وقع لهم من أغلاط:

" ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساعٍ مشكورة، وحسناتٌ مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع، والانتصار لكثير من أهل السنة والدين = ما لا يخفى على من عرف أحوالهم، وتكلم فيهم بعلم وصدق، وعدل وإنصاف.

لكن لما التبس عليهم هذا لأصل المأخوذ ابتداء عن المعتزلة، وهم فضلاء عقلاء، احتاجوا إلى طرده، والتزام لوازمه؛ فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين.

وصار الناس بسبب ذلك: منهم من يعظمهم، لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم، لما وقع في كلامهم من البدع والباطل.

وخيار الأمور أوساطها.

وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين، والله تعالى يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات، ويتجاوز لهم عن السيئات: ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) الحشر/10

ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخطأ في بعض ذلك = فالله يغفر له خطأه؛ تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين، حيث قالوا: ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة/286.

ومن اتبع ظنه وهواه، فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأٍ ظنه صواباً بعد اجتهاده، وهو من البدع المخالفة للسنة؛ فإنه يلزمه نظير ذلك، أو وأعظم، أو أصغر، فيمن يعظمه هو من أصحابه؛ فقل من يسلم من مثل ذلك في المتأخرين، لكثرة الاشتباه والاضطراب، وبعد الناس عن نور النبوة وشمس الرسالة الذي به يحصل الهدى والصواب، ويزول به عن القلوب الشك والارتياب" انتهى، من "درء تعارض العقل والنقل" (2/102-103).

وقال الشيخ الألباني، رحمه الله:

" ثمّ هنا لا بد من بحث، يجب أنْ نَعرِف من هو المُبتدع، تَماماً كما يجب أنْ نعرف من هو الكافر.

فهنا سؤال كما يقولون اليوم يَطرَحُ نفسَه: هلْ كلُّ مَن وَقَعَ في الكُفْرِ وَقَع الكُفْرُ عليه ؟

وكذلكَ كلُّ مَن وَقَع في البِدعَةِ وَقَعَتْ البدعة عليه ؟ أم الأمر ليس كذلك ؟...".

ثم قال:

" فلا يجوز أن نتبنى اليوم مذهباً، فنقول: لا يجوز الترحّم على فلان، وفلان وفلان من عامة المسلمين، فضلاً عن خاصتهم، فضلاً عن علمائهم. لماذا ؟

لسببين اثنين .. :

السبب الأول: أنّهم مسلمون.

السبب الثاني: أنّهم إن كانوا مبتدعين، فلا نعلم أنّه أُقيمَت الحُجَّة عليهم، وأَصرُّوا على بدعتهم، وأَصَرُّوا على ضلالهم.

لهذا أنا أقُول: مِن الأخطاء الفاحشة اليوم، أنّ الشباب الملتزم، والمتمسك بالكتاب والسنَّة فيما يَظُنُّ هو، يَقَعُ في مخالفة الكتاب والسنّة مِن حيثُ لا يدرِي، ولا يَشْعُر، وبالتالي يَحِقُّ لي على مذهبهم أنْ أُسمِّيهِم: مُبْتَدِعة، لأنهم خالفوا الكتاب والسنّة.

لكنِّي لا أُخالفُ مذهبي، الأصل في هؤلاء أنّهم مسلمون، وأنّهم لا يَتقصَّدُون البدعة، ولا يُكابرِون الحُجَّة، ولا يَرُدُّون البرهان والدليل. لذلك نقول: أخطؤوا مِن حيثُ أرادوا الصواب.

وإذا عرفنا هذه الحقيقة، نَجَوْنا مِن كثير مِن الأمُور الشائكة في هذا الزمان، ومن ذلك جماعة الهجرة والتكفير التي كانت في مصر، وكانت نَشَرَت شيئاً مِن أفكارِها وكانت وَصَلَت إلى سوريا يومَ كنتُ هناك، ثمَّ إلى هنا أيضاً، وكان لنا هنا إخوان على المنهج السلفي الكتاب والسنّة، تأثروا بتلكَ الدّعوة الباطلة وتركوا الصلاة مع الجماعة، بل والجمعة، وكانوا يُصلُّون في دُورهم وفي بيوتهم، حتى اجتمعنا معهم ..." انتهى، من "سلسلة الهدى والنور" ، نسخة الشاملة (666/7).

وينظر أيضا: "السلسلة الصحيحة" (7/110-116).

والله أعلم.

اسلام سؤال










رد مع اقتباس
قديم يوم أمس, 16:40   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " زيارة قبور المسلمين على وجهين : زيارة شرعية ، وزيارة بدعية .

فالزيارة الشرعية : أن يكون مقصود الزائر الدعاء للميت ؛ كما يقصد بالصلاة على جنازته الدعاء له؛ فالقيام على قبره من جنس الصلاة عليه ، قال الله تعالى في المنافقين: وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ؛ فنهى نبيه عن الصلاة عليهم ، والقيام على قبورهم ؛ لأنهم كفروا بالله ورسوله ، وماتوا وهو كافرون .

فلما نهى عن هذا وهذا لأجل هذه العلة ، وهي الكفر : دل ذلك على انتفاء هذا النهي عند انتفاء هذه العلة . ودل تخصيصهم بالنهي على أن غيرهم يصلى عليه ، ويقام على قبره ؛ إذ لو كان هذا غير مشروع في حق أحد ، لم يُخصوا بالنهي ، ولم يعلل ذلك بكفرهم ، ولهذا كانت الصلاة على الموتى من المؤمنين ، والقيام على قبورهم : من السنة المتواترة ؛ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى على موتى المسلمين وشرع ذلك لأمته ، وكان إذا دفن الرجل من أمته يقوم على قبره ويقول : ( سلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل ). رواه أبو داود وغيره.

وكان يزور قبور أهل البقيع والشهداء بأحد ، ويعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم : ( السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله تعالى بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم ). والأحاديث في ذلك صحيحة ومعروفة .

فهذه الزيارة لقبور المؤمنين : مقصودها الدعاء لهم .

وهذه غير الزيارة المشتركة التي تجوز في قبور الكفار ، كما ثبت في "صحيح مسلم" وأبي داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة ؛ أنه قال : أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ، ثم قال : ( استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، فاستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي ؛ فزوروا القبور ؛ فإنها تذكركم الآخرة ) .

فهذه الزيارة التي تنفع في تذكير الموت: تُشْرع ولو كان المقبور كافرًا ، بخلاف الزيارة التي يقصد بها الدعاء للميت ؛ فتلك لا تشرع إلا في حق المؤمنين .

وأما الزيارة البدعية ؛ فهي التي يقصد بها أن يطلب من الميت الحوائج ، أو يطلب منه الدعاء والشفاعة ، أو يقصد الدعاء عند قبره لظن القاصد أن ذلك أجوب للدعاء ؛ فالزيارة على هذه الوجوه كلها مبتدعة لم يشرعها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا فعلها الصحابة ، لا عند قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عند غيره ، وهي من جنس الشرك ، وأسباب الشرك .

ولو قصد الصلاة عند قبور الأنبياء والصالحين ، من غير أن يقصد دعاءهم ، والدعاء عندهم ، مثل أن يتخذ قبورهم مساجد ؛ لكان ذلك محرمًا منهيًا عنه ، ولكان صاحبه متعرضًا لغضب الله ولعنته؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) ، وقال: ( قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) يحذر ما صنعوا . وقال: ( إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك ) .

فإذا كان هذا محرمًا ، وهو سبب لسخط الرب ولعنته ؛ فكيف بمن يقصد دعاء الميت ، والدعاء عنده ، وبه ، واعتقد أن ذلك من أسباب إجابة الدعوات ، ونيل الطلبات وقضاء الحاجات ؟!

وهذا كان أول أسباب الشرك في قوم نوح وعبادة الأوثان في الناس ، قال ابن عباس: ( كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، ثم ظهر الشرك بسبب تعظيم قبور صالحيهم) "، انتهى من "مجموع الفتاوى": (165 - 167)، "المنتخب من كتب شيخ الإسلام" (89).

ثانيًا :

قوله، رحمه الله : " فكيف بمن يقصد دعاء الميت والدعاء عنده وبه "، مقصوده أن يدعو الميت ويرجوه ، وهذا هو المعروف بالاستغاثة بالأموات، ودعائهم من دون الله جل جلاله؛ وهذا شرك بالله تعالى ، لأنه صرف عبادة لغير الله .

وأما الدعاء عند الميت ، ظنًا أن هذا أرجى لإجابة دعائه: فهو محرم ، لأنه ذريعة للشرك .

وأما الدعاء بالميت ، فمعناه : التوسل به "بذاته" أن يجيب الله الدعاء ، وهو "بدعة" على الصحيح .

وانظر الجواب رقم : (215648).

وينظر في بيان الاستغاثة، والأدلة على تحريمها : جواب السؤال رقم : (200862) .

ثالثًا :

التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو التوسل الذي عرف في كثير من المتأخرين فيقول: اللهم إني أسألك بمحمد صلى الله عليه وسلم ، أو : أسألك بجاه محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا المعنى لم ترد به السنة ؛ وقد قال فيه أبو حنيفة وأصحابه : إنه لا يجوز ، ونهوا عنه ، حيث قالوا : لا يسأل بمخلوق ولا يقول أحد : أسألك بحق أنبيائك .

قال في " تبيين الحقائق " للزيلعي الحنفي (6/31) : " قال أبو يوسف : أَكْرَهُ : بِحَقِّ فُلَانٍ ، وَبِحَقِّ أَنْبِيَائِك وَرُسُلِك " انتهى ، لأنه " لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَلَّ شَأْنُهُ" ؛ كما قال الكاساني في " بدائع الصنائع " (5/126).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " لو قيل : يحمل قول القائل أسألك بنبيك محمد على أنه أراد : أني أسألك بإيماني به وبمحبته وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته ونحو ذلك ؟ وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع ؟

قيل : من أراد هذا المعنى : فهو مصيب في ذلك بلا نزاع ، وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف - كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن الإمام أحمد وغيره - كان هذا حسنا ؛ وحينئذ : فلا يكون في المسألة نزاع.

ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ، ولا يريدون هذا المعنى ؛ فهؤلاء الذين أَنكر عليهم من أنكر.

وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به : التوسل بدعائه وشفاعته ، وهذا جائز بلا نزاع ؛ ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ " انتهى من " قاعدة جليلة " (ص119) .

رابعًا : التوسل بذوات المخلوقين .

وهذا من البدع المنكرة شرعًا ، والمنكرة عرفًا ولفظًا ، وفيه من التقدم بين يدي الله ، والتصرف بما لم يأذن به ، والمخالفة لمقاصد الداعي والمتوسل والمستشفع ، ما يخل بمقام الأدب في الدعاء .

قال شيخ الإسلام " وأما الاستشفاع بمن لم يشفع للسائل ، ولا طلب له حاجة ، بل وقد لا يعلم بسؤاله، فليس هذا استشفاعا ، لا في اللغة ولا في كلام من يدري ما يقول.. " انتهى من " الفتاوى " (1/242).

وقال في موطن آخر " ليس في إكرام الله لذلك سبب يقتضي إجابة هذا . وإن قال : السبب هو شفاعته ودعاؤه ، فهذا حق ، إذا كان قد شفع له ودعا له .

وإن لم يشفع له ولم يدع له ، لم يكن هناك سبب ".

وقد بسط الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هذه المسألة بسطا شافيا في كتابه المبارك " قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة " .

وانظر جواب الأسئلة رقم : (220340)، (979)، (23265).

والله أعلم .










رد مع اقتباس
قديم يوم أمس, 16:41   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله.


أولا :
تقدم في إجابة السؤال رقم (3297) بيان أنواع التوسل المشروع ، وهي على سبيل الإجمال : التوسل إلى الله بأسمائه وصفاته ، والتوسل بالإيمان والتوحيد ، والتوسل بالعمل الصالح ، كما أن من أنواعه أيضا التوسل إلى الله بدعاء الرجل الصالح .
كما تقدم في إجابة السؤال رقم (114142) بيان أن التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاه أحد من الصالحين محرم لأنه ذريعة إلى الشرك بالله ووسيلة تفضي إليه .

ثانيا :
ما احتج به بعض المصنفين على مشروعية التوسل البدعي ، من قول الله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ) وذكر قصة الأعرابي المذكورة في ذلك ، احتجاج غير صحيح ، وقول مردود لما يلي :

أولا : قوله ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ ) مختص بحياته صلى الله عليه وسلم لا بعد وفاته ، يدل عليه قوله ( فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) والذين يأتونه بعد وفاته من أين لهم إذا استغفروا الله ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استغفر لهم في قبره ، حتى ينالوا كرامة قوله ( لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ) بل إن مجيئهم إلى قبره بعد وفاته لهذا الغرض ، ذريعة إلى الاستغاثة به ، واللجوء إليه ، وسؤاله من دون الله – كما يفعل الناس اليوم - وهذا من الشرك بالله تعالى .
قال ابن عبد الهادي رحمه الله :
" ولم يفهم منها أحد من السلف والخلف إلا المجيء إليه في حياته ليستغفر لهم ، وقد ذم تعالى من تخلف عن هذا المجيء إذا ظلم نفسه ، وأخبر أنه من المنافقين ، فقال تعالى : ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ ) ؛ وكذلك هذه الآية إنما هي في المنافق الذي رضي بحكم كعب بن الأشرف وغيره من الطواغيت ، دون حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فظلم نفسه بهذا أعظم ظلم ، ثم لم يجيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر له ، فإن المجيء إليه ليستغفر له توبة وتنصُّل من الذنب ، وهذه كانت عادة الصحابة معه صلى الله عليه وسلم : أن أحدهم متى صدر منه ما يقتضي التوبة ، جاء إليه فقال : يا رسول الله فعلت كذا وكذا ، فاستغفر لي ، وكان هذا فرقاً بينهم وبين المنافقين .
فلما استأثر الله عز وجل بنبيه صلى الله عليه وسلم ونقله من بين أظهرهم إلى دار كرامته لم يكن أحد منهم قط يأتي إلى قبره ويقول يا رسول الله فعلت كذا وكذا فاستغفر لي ، ومن نقل هذا عن أحد منهم فقد جاهر بالكذب والبهت ، أَفَترى عَطَّلَ الصحابة والتابعون ، وهم خير القرون على الإطلاق ، هذا الواجب الذي ذم الله سبحانه من تخلف عنه ، وجعل التخلف عنه من أمارات النفاق ، ووُفِّق له من لا يؤبه له من الناس ، ولا يعد في أهل العلم ؟! وكيف أغفل هذا الأمر أئمة الإسلام وهداة الأنام ، من أهل الحديث والفقه والتفسير ، ومن لهم لسان صدق في الأمة ، فلم يدعوا إليه ولم يحضوا عليه ، ولم يرشدوا إليه ، ولم يفعله أحد منهم البتة .. "
"الصارم المنكي" (ص 425-426) ط الأنصاري . وينظر : "تفسير الطبري" (8 /517) ، "تفسير السعدي" (ص 184) .

ثانيا :
قصة العتبي المذكورة قصة واهية لا يصح سندها ولا يحتج بها ، إنما يحتج بها من يريد صرف الناس عن دينهم وإخراجهم عن شريعة ربهم بحكاية باطلة وقصة واهية .
رواها البيهقي في "الشعب" (6/60/3880) فقال :
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ بَقِيَّةَ، إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا شُكْرٌ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدٌ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَوْحِ بْنِ يَزِيدَ الْبَصْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو حَرْبٍ الْهِلَالِيُّ، قَالَ: حَجَّ أَعْرَابِيٌّ فَلَمَّا جَاءَ إِلَى بَابِ مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَعَقْلَهَا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ حَتَّى أَتَى الْقَبْرَ وَوَقَفَ بِحِذَاءِ وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:"" بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ جِئْتُكَ مُثْقَلًا بالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا مُسْتَشْفِعًا بِكَ عَلَى رَبِّكَ لِأَنَّهُ قَالَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا، وَقَدْ جِئْتُكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي مُثْقَلًا بالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا أَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى رَبِّكَ أَنْ يَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي وَأَنْ تَشْفَعَ فِيَّ ثُمَّ أَقْبَلَ فِي عَرْضِ النَّاسِ، وَهُوَ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ فِي التُّرْبِ أَعْظُمُهُ ... فَطَابَ مِنْ طِيبِهِ الْأَبْقَاعُ وَالْأَكَمُ
نَفْس الْفِدَاءُ بقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ ... فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ
وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَطَابَ مِنْ طِيبِهِ الْقِيعَانُ، وَالْأَكَمُ " انتهى .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ولهذا استحب طائفة من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد مثل ذلك ، واحتجوا بهذه الحكاية التي لا يثبت بها حكم شرعي ، لا سيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعا مندوبا : لكان الصحابة والتابعون أعلم به ، وأعمل به من غيرهم ، بل قضاء حاجة مثل هذا الأعرابي وأمثاله لها أسباب قد بسطت في غير هذا الموضع ؛ وليس كل من قضيت حاجته بسبب يقتضي أن يكون السبب مشروعًا مأمورًا به ، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل في حياته المسألة فيعطيها ، لا يرد سائلا، وتكون المسألة محرمة في حق السائل " انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/289) .

وقال الإمام الحافظ أبو محمد بن عبد الهادي رحمه الله :
" وهذه الحكاية التي ذكرها بعضهم يرويها عن العتبي ، بلا إسناد ، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب الهلالي ، وبعضهم يرويها عن محمد بن حرب عن أبي الحسن الزعفراني ، عن الأعرابي ، وقد ذكرها البيهقي في كتاب شعب الإيمان بإسناد مظلم ، عن محمد بن روح بن يزيد بن البصري ، حدثني أبو حرب الهلالي قال: حج أعرابي فلما جاء إلى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أناخ راحلته فعقلها ، ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ، ثم ذكر نحو ما تقدم ، وقد وضع لها بعض الكذابين إسناداً إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما سيأتي ذكره .
وفي الجملة : ليست هذه الحكاية المنكورة عن الأعرابي مما يقوم به حجة ، وإسنادها مظلم مختلق ، ولفظها مختلق أيضاً ، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض ، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ، ولا الاعتماد على مثلها عند أهل العلم وبالله التوفيق" انتهى من "الصارم المنكي في الرد على السبكي" (338) ط الأنصاري .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" وهذا إسناد ضعيف مظلم ، لم أعرف أيوب الهلالي ولا من دونه . وأبو يزيد الرقاشي ، أورده الذهبي في " المقتنى في سرد الكنى " ( 2 / 155 ) ولم يسمه ، وأشار إلى أنه لا يعرف بقوله : " حكى شيئا " . وأرى أنه يشير إلى هذه الحكاية .
وهي منكرة ظاهرة النكارة ، وحسبك أنها تعود إلى أعرابي مجهول الهوية ! و قد ذكرها - مع الأسف - الحافظ ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : ( ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم .. ) وتلقفها منه كثير من أهل الأهواء والمبتدعة ، مثل الشيخ الصابوني ، فذكرها برمتها في " مختصره " ! ( 1 / 410 ) وفيها زيادة في آخرها : " ثم انصرف الأعرابي ، فغلبتني عيني ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ، فقال : يا عتبي ! الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " . وهي في " ابن كثير " غير معزوة لأحد من المعروفين من أهل الحديث ، بل علقها على " العتبي " ، وهو غير معروف إلا في هذه الحكاية ، ويمكن أن يكون هو أيوب الهلالي في إسناد البيهقي . وهي حكاية مستنكرة ، بل باطلة ، لمخالفتها الكتاب والسنة ، ولذلك يلهج بها المبتدعة ، لأنها تجيز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وطلب الشفاعة منه بعد وفاته ، وهذا من أبطل الباطل ، كما هو معلوم ، وقد تولى بيان ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتبه وبخاصة في " التوسل والوسيلة " ، وقد تعرض لحكاية العتبي هذه بالإنكار " انتهى .
"السلسلة الصحيحة" (6 /427)

ويقول الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله :
" أقول : أولا : مادام أنها ليست من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا فعل خلفائه الراشدين ، وصحابه المكرمين ، ولا من فعل التابعين والقرون المفضلة ، وإنما هي مجرد حكاية عن مجهول ، نقلت بسند ضعيف فكيف يحتج بها في عقيدة التوحيد الذي هو أصل الأصول؟! وكيف يحتج بها وهي تعارض الأحاديث الصحيحة التي نهى فيها عن الغلو في القبور والغلو في الصالحين عموماً ، وعن الغلو في قبره والغلو فيه صلى الله عليه وسلم خصوصاً؟!
وأما من نقلها من العلماء أو استحسنها فليس ذلك بحجة تعارض بها النصوص الصحيحة وتخالف من أجلها عقيدة السلف ، فقد يخفى على بعض العلماء ما هو واضح لغيرهم ، وقد يخطئون في نقلهم ورأيهم وتكون الحجة مع من خالفهم ، وما دمنا قد علمنا طريق الصواب فلا شأن لنا بما قاله فلان أو حكاه فلان ، فليس ديننا مبنياً على الحكايات والمنامات ، وإنما هو مبني على البراهين الصحيحة .
ثانيا : قد تخفى بعض المسائل والمعاني على من خلع الأنداد وتبرأ من الشرك وأهله ، كما قال بعض الصحابة " اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده ما قاله أصحاب موسى ( اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ) ". حديث صحيح.
والحجة في هذا أن هؤلاء الصحابة وإن كانوا حديثي عهد بكفر فهم دخلوا في الدين بلا إله إلا الله، وهي تخلع الأنداد وأصناف الشرك وتوحد المعبود ، فمع ذلك ومع معرفة قائليها الحقة بمعنى لا إله إلا الله ، خفي عليهم بعض المسائل من أفرادها . وإنما الشأن أنه إذا وضح الدليل وأبينت الحجة فيجب الرجوع إليها والتزامها، والجاهل قد يعذر ، كما عذر أولئك الصحابة في قولهم : اجعل لنا ذات أنواط ، وغيرهم من العلماء أولى باحتمال أن يخفى عليهم بعض المسائل ولو في التوحيد والشرك .
ثالثا : كيف يتجاسر أحد أن يعارض نصوص كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بقول حكاه حاكٍ مستحسناً له ، والله سبحانه يقول : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/ 63 .
قال الإمام أحمد : عجبتُ لقومٍ عرفوا الإسناد وصحته يذهبون إلى رأي سفيان ، والله تعالى يقول : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ) ، أتدري ما الفتنة؟ الفتنة: الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك .
فطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمة على طاعة كل أحد ، وإن كان خير هذه الأمة أبا بكر وعمر ، كما قال ابن عباس: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتقولون: قال أبو بكر وعمر .
فكيف لو رأى ابن عباس هؤلاء الناس الذين يعارضون السنة الثابتة ، والحجة الواضحة بقول أعرابي في قصة العتبي الضعيفة المنكرة .
إن السنة في قلوب محبيها أعظم وأغلى من تلك الحجج المتهافتة التي يدلي بها صاحب المفاهيم البدعية ، تلك المفاهيم المبنية على المنامات والمنكرات . فاعجب لهذا ، وجرد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحذارِ ثم حذارِ من أن ترد الأحاديث الصحيحة، وتؤمن بالأخبار الباطلة الواهية ، فيوشك بمن فعل ذلك أن يقع في قلبه فتنة فيهلك .
رابعا :
ما من عالم إلا ويرد عليه في مسائل اختارها : إما عن رأي أو عن ضعف حجة ، وهم معذورون قبل إيضاح المحجة بدلائلها ، ولو تتبع الناس شذوذات المجتهدين ورخصهم لخرجوا عن دين الإسلام إلى دين آخر ، كما قيل: من تتبع الرخص تزندق . ولو أراد مبتغي الفساد والعدول عن الصراط أن يتخذ له من رخصهم سلماً يرتقي به إلى شهواته ، لكان الواجب على الحاكم قمعه وصده وتعزيره ، كما هو مشهور في فقه الأئمة الأربعة وغيرهم .
وما ذكر فقيه أن من أحال لتبرير جرمه على قول عالم عُلِمَ خطؤه فيه ، أنه يقبل منه ولا يؤخذ بالعتاب " انتهى من "هذه مفاهيمنا" (ص 81-83) .
ثالثا :
لا شك أن الحافظ ابن كثير رحمه الله من علماء المسلمين وأئمتهم المعروف عنهم صحة الاعتقاد وسلامة المنهج ، ولكن ذكره للقصة في تفسيره لا يعني احتجاجه بها ، وإنما ذلك من جنس ما يذكره من الإسرائيليات والأخبار المنقطعة التي جرت عادة أهل العلم بنقلها وروايتها لمناسبتها للباب ، دون أن يكون مجرد ذلك دليلا على احتجاجهم بها ، حتى يصرحوا بذلك ؛ فليس صحيحا أنه ما ذكرها إلا ليستدل بها على صحة التوسل .
قال الشيخ صالح آل الشيخ :
" وابن كثير لم يروها ، وإنما قال في "تفسيره" : " ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي ... " وما هذه برواية ، وإنما هو نقل .
وابن قدامة في "المغني" لم يروها ، وإنما حكاها بصيغة التضعيف (3/557) فقال : " ويروى عن العتبي ... " . وليست هذه رواية ، إنما نقل بصيغة التمريض وهي تفيد التضعيف " انتهى "هذه مفاهيمنا" (ص 80-81) .

والله أعلم .

اسلام سؤال










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:34

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc