حينما كنت أطالع قصة لبطولة الانجليز و هم يقاتلون الألمان جوا في الحرب العالمية الثانية استذكرت شهداء الثامن من ماي من خمسة و أربعين.
حينما علمت فرنسا أن الأمر قد استفحل و استبيحت أرضها و تهدم عرشها و لم يبق لها إلا عاصمتها الثانية الجزائر لتبعث الأمل من جديد و لقد علمت من قبل أنهم أهل بأس و كيف لا و ما تلبث أن تقضي على انتفاضة أو ثورة حتى تعم الشرارة في أخرى حتى إذا ما كاد يستتب لها الأمر في الثلاثين بزغ الشر من هناك من قلب أوربا نازي يزحف على الجميع فاستباح ديارهم و أذاقهم مرارة الهزيمة التي مذ زمن لم يعرفوا طعمها فأصابهم الذل و كسرت شوكتهم و طمس أنوفهم و مرغت أناقتهم و بدؤوا للتو يدركون مفهوم المقاومة فصرخ فيهم زعيمهم مستنفرا فدب دوي القتال في أوصالهم لكنهم يعلمون يقينا أن لا طاقة لهم بحربه فراحوا يستجمعون قسرا شباب مستعمرتهم و يحضرونهم للزج بهم بين مخالب هذه الحرب و لما لم يروا فيهم حماس المقاتل الشرس الصبور نعقوا فيهم أن نصر فرنسا هو استقلالكم فاستنهضوا هممهم و أوقدوا فتيل عزيمتهم فراحوا يقتحمون دون هوادة حصون(
الفهرر) حتى ولى القهقرى إلى برلين و ما هي إلا سنة من الحرب حتى ذهب خطر النازية من أوربا وأشرقت شمس الحرية على باريس من جديد فراحوا يعلنون الأفراح و يدقون طبول النصر و ضربوا موعدا له في الثامن من ماي فخرجت جماهير أوربا و أمريكا مبتهجة و محتفلة و خرج الجزائريون فرحين يعلنون النصر و يرفعون الأعلام الوطنية و يطالبون بالوعد فكان الغدر و الدمار ينتظرهم من جديد .