سابعاً : من الأخطاء العامة ، التي عظم خطرها وطار شرها ، التشبه بالكفار في أقوالهم وأفعالهم ، وشمل هذا البلاء الرجال والنساء والفتيان والفتيات ، والأطفال ،كما أنه تعد إلى أمور كثيرة من حياة الناس في ألبستهم وأزيائهم ومساكنهم وكلامهم وسلامهم ، وأعيادهم وحفلاتهم ، فإلى الله المشتكى من هذه الحالة التي بلغت بالمسلمين .
والواجب على كل مسلم ومسلمة أن يبتعد عن الشبه بالكفار التشبه المحرم وأن يحقق الولاء والبراء ، وأن يعتز بدينه وعقيدته الصحيحة ، وعلى المسلمين التناصح في ذلك .
ثامناً : ومن الأخطاء الشائعة أيضاً :
توهم أن العلم الحديث قد يعارض نصوصاً من القرآن أو السنة – ونقول : إن مما يجب أن يعتقده المسلم أن ما في القرآن العظيم ، وما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث صحيحة ، لا يمكن أن يتعارض مع أي علم صحيح .. هذه حقيقة يجب أن نؤمن بها ، وأن نصدق بها .
فمثلاً : بعض الناس قد يحدث عنده نوع من الوهم فيعترض ويقول : كيف تقولون : إن الله يعلم ما في الأرحام ، وأنه يختص وحده بعلم هذا ، ونحن نرى الأطباء يعرفون ما في الأرحام عن طريق الآلات والمناظير والأجهزة الحديثة ويعرفون نوع الجنين ، ذكراً كان أم أنثى ؟ فيتوهم أن العلم الحديث يتعارض مع ما في القرآن ، وليس الأمر كذلك .
والجواب : على هذه المسائل سهل ويسير ، فنقول :
أولاً : قول الله تبارك وتعالى : (( وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ)) (لقمان: من الآية34) .
(مَا) من ألفاظ العموم فالآية تشمل كل ما يتعلق بالجنين في بطن أمه، خلقه وتكوينه ، ولونه، وطوله وقصره ، ورزقه ، وعمله، وحاله في الدنيا ، وهل هو شقي أو سعيد، هذه من الأمور الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويُؤمر بأربع كلمات يكتب : رزقه وأجله ، وعمله ، وشقي أو سعيد )) .
إن معرفة كونه ذكراً أو أنثى ، داخل في باب قدر الله سبحانه وتعالى ، ولا يعرف الطبيب أذكر أم أنثى ؟ إلا بعد تخليقه ، وهذا لا إشكال فيه .
ولهذا نقول : هل تعرفون كونه ذكراً أو أنثى قبل تشكيل خلق الإنسان ؟ إنهم لا يستطيعون معرفة ذلك ! فإذا ما عرفوه بعد تخليفه واكتمال نموه وقرب خروجه من بطن أمه ، فنقول : إن هذا صار بعد ما تخلّق واكتمل نموه فلا تعارض بينهما ، فالواجب على العبد أن يعلم أن نصوص القرآن صريحة ، وأن نصوص الأحاديث الصحيحة ، لا يمكن أن تتعارض مع العلم الحديث ولا مع غيره ؛ لأنها حق لا شك فيه ، والكل من الله سبحانه وتعالى أمراً وتنزيلاً وخلقاً وتقديراً .
المجموعة الثانية
أخطاء تتعلق بأنواع من الشركيات ونحوها
* أولاً : كثرة السحرة والكهنة والمشعوذين ونحوهم .
إن من دلائل ضعف العقيدة وضعف التوكل على الله سبحانه وتعالى ، كثرة هؤلاء السحرة وكون سوقهم رائجة ، إن هؤلاء لا يكثرون حينما تصحح العقيدة ، ولا ينشئون في بلد يؤمنون بأن هؤلاء السحرة لا يتعلمون السحر إلا مع الكفر بالله ، كما قال تبارك وتعالى : (( وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ )) (البقرة:102)
ومن ثم فهناك أمور يجب الانتباه إليها :
الأمر الأول : أن الإتيان إلى السحرة والمشعوذين خطر عظيم على العقيدة يخشى على صاحبها من الزيغ فيجب الحذر من هؤلاء .
الأمر الثاني : يجب إقامة حكم الله سبحانه وتعالى في هؤلاء السحرة ، فيبين حالهم ويبين الحكم فيهم ، والحكم الراجح فيهم عند جمهور العلماء أنهم يقتلون سواء كان قتلهم ردّة أو حداً؛ وذلك حتى يتخلص المسلمون في شرورهم .
والأمر الثالث : أن يفضح هؤلاء السحرة وأن يبين كذبهم ودجلهم ، فإن هؤلاء السحرة والكهان كثروا ولعبوا بعقول الناس ، وبعواطفهم ، فيجب أن نحرص كل الحرص على بيان دجلهم وكذبهم ، ولقد كان أئمة الإسلام في السابق يبينون حكم الله فيهم وينفذونه ، ففي عهد عمر بن الخطاب – رضي الله عنه وأرضاه – كان يأمر بقتل السحرة ، بل إن إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم قتلت بعض السحرة وفي عهد الخلفاء من بني العباس وغيرهم كانوا يقومون على هؤلاء الكهنة والمشعوذين بالقتل والتأديب ، كل على حسبه ، فقد سمع أحد الخلفاء بكاهن يدّعي علم المغيبات ، فاستدعاه الخليفة ، فما دخل عليه و الناس من حوله قال الخليفة : هل أنت تعرف مقدار أعمار الناس ؟ قال : نعم إنني أعرف ، فقال له الخليفة : كم بقي من عمري ؟ فقال له : سنتان أو ثلاث . وقال له : كم بقي من عمرك أنت ؟ قال : بقي من عمري ثلاثون سنة . وهنا كان السياف حاضراً فقال له اقطع رقبته . فلما قطع رقبته تبين كذبه في الحالين دعواه أن عمره بقي فيه ثلاثون سنة ، فهذا الموقف جمع بين فضحه وبيان كذبه ، وبين إقامة حكم الله سبحانه وتعالى في مثل هؤلاء المدّعين للمغيبات .
الأمر الرابع : إتيان الكهان بدون تصديقهم أمر لا يجوز ، أما الذهاب إليهم مع تصديقهم فهو كفر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من أتى كاهناً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد )) .
الأمر الخامس : إن هؤلاء الكهنة ونحوهم مما يجب أن يُتنبه إلى خطرهم وأنهم يفسدون في الأرض فساداً عظيماً ، فإن هؤلاء ينشرون السحر والكهانة ، والشرك بالله ؛ لأنه من المعلوم أن السحر لا يقول إلا بعد الكفر بالله .
نسأل الله السلامة والعافية ، كما أن هؤلاء ينشرون أنواع الفساد في الصرف العطف ونحو ذلك .
ثم نقول أيضاً : إن بعض الناس ظنّ أن النُشرة جائزة بجميع صورها ، وهذا من المفاهيم الخاطئة ، والنشرة هي حل السر ، ونحن نقول : إن النشرة قسمان :
القسم الأول : حل السحر بسحر مثله ، فهذا لا يجوز ؛ لأن فيه تصدقاً لهؤلاء السحرة وتعزيزاً لمكانتهم والإتيان إليهم وهذا لا يجوز .
القسم الثاني : علاج السحر بالرقى والأدعية الواردة في القرآن الكريم والأدعية الصحيحة ، فنقول : إن هذا من الرقى الجائزة .
ومن المعلوم والمشاهد أن كثيراً من الناس إذا أصيب بمرض وقيل له : إن فيه سحراً ، تجده يدور على السحرة في مشارق الأرض ومغاربها وكثيراً ما ينتهي إليه أمره إلى الوبال ، في الحالين ، فلا حصل له الشفاء ولا سلم من الإثم ، وهذا لا يجوز ، والواجب أن نعالج بالقراءة الشرعية ، وبالرقى المسنونة ، المشتملة على الدعاء والالتجاء إلى الله وحده لا شريك له . ولقد رأيت أناساً أُصيبوا بأنواع من السحر ، ووفقهم الله – سبحانه وتعالى – للقراءة الشرعية – كما أشرت ووصفت – فقط ، فشفاهم الله ، وفيهم من مُنع من زوجته عن طريق السحر ، ولجأ إلى الله ، فشفاه الله – سبحانه وتعالى – وولد له الأولاد .
فاتقوا الله وابتعدوا عن مثل هذه الشركيات الظاهرة ، واخشوا أليم عقابه ، وتناصحوا فيما بينكم على تركها .
* ثانياً : ومن أنواع الشركيات المشهورة :
شدّ الرحل السفر لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا محرم لا يجوز ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح : (( لا تشد الرحال إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد الأقصى ، ومسجدي هذا ))
قد يقول قائل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن شدّ الرحال إلى المساجد ، فلا تدخل فيها القبور ، ونقول : إن نهي الرسول صلى الله عليه وسلم شامل لجميع الأشياء المعظمة من المساجد أو المشاهد أو القبور أو غيرها .
ولهذا لما ذهب أحد الصحابة مسافراً في زيارة جبل الطور في سيناء ولقيه بعد رجوعه صحابي آخر قال : من أين جئت ؟ قال : جئت من جبل الطور . مع أن جبل الطور ليس في قبر ولا مسجد فقال له : لو رأيتك قبل أن تذهب لمنعتك ، إني سمعت رسول الله يقول : (( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ..........الحديث ))
فينبغي أن ننبه لهذا الخطأ الكبير الذي بدأ ووقع في بعض الناس .
نسأل الله السلامة والعافية .
* ثالثاً : التبرك بقبر النبي صلى الله عليه وسلم أو التمسح به أو السؤال عنده ، وكذا غيره من القبور والآثار :
وكل ذلك من البدع التي كثرت وشاعت, فينبغي أن نحذر منها ، وأن نحذّر منها غيرنا ، أما دعاء الرسول وسؤاله الحاجات من دون الله تبارك وتعالى ، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة .
ومما يدخل في ذلك : التبرك بالكعبة وجدرانها وستورها وبابها ، والتمسح بها ، فهذا كله لا يجوز ، والوارد تقبيل الحجر الأسود ومسحه ، وكذا مسح الركن اليماني عند الاستطاعة ، وقد ورد التمسح بالحجر الأسود وتقبيله ومسحه والركن اليماني .
وكذلك - مما ينبغي الحذر منه - التبرك بالآثار المتعددة في مكة والمدينة ، مثل التبرك بغار ثور ، أو غار حراء ، أو بعض الأماكن في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكل ذلك من الأمور المبتدعة التي يجب منها وأن نحذر المسلمين منها.
* رابعاً : ومن البدع المتعلقة بالقبور : قراءة الفاتحة على الميت عند زيارة القبور :
وهذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو بدعة .
* خامساً : ومن البدع التي بدأت تشيع : زيارة النساء للقبور :
وزيارتهن للقبور لا تجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم : (( لعن زائرات القبور )) كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الصحيحة
* سادساً : ومن الأخطاء الشائعة الحلف والقسم بغير الله تعالى ، ولذلك صور متعددة منها :
الحلف بالنبي أو بجاهه ، وقول بعضهم ، وحياة أبوك ، وقول بعضهم : حياتي أو وحياتك ، وقول بعضهم : بشرفي ، والحلف بالطلاق وهو مشهور حتى صار معظماً أشد من تعظيم الحلف بالله .
فهذا كله لا يجوز وهي من الشرك الأصغار ، وقد ترقى إلى الأكبر ، فينبغي الانتباه إلى ذلك .
* سابعاً : ومن ذلك الاستغاثة والاستجارة بغير الله تعالى :
وأعظم صور ذلك التعلق بالقبور والأولياء والاستغاثة بهم عند الشدائد من دون الله تعالى ، وكذلك الاستعاذة بالجن ودعائهم .
وهناك صور أخرى لذلك منها : قول بعضهم : أنا في وجه النبي صلى الله عليه وسلم : دخلت على الله وعليك ، وقول بعضهم : سبعة شلوك ( أي سبعة من الجن حملوك وطاروا بك ) يدعو عليه ، وقول بعضهم : لله لي في السماء وأنت لي في الأرض .
وغيرها من الألفاظ الشركية ، المقتضية للتعلق بغير الله تعالى والاستعاذة بالمخلوقين .
ثامناً : ومن الأخطاء الشائعة الذبح لغيرا لله تعالى ، وهو من الشرك الأكبر لأن الذبح لغير الله تعالى عبادة وصرفها لغير الله تعالى شرك :
وأشهر صور ذلك :
1- الذبح للقبور والأولياء والتقرب إليهم بها ، وسواء كان ذلك عن طريق وصايا الأموات بالذبح لهم ، أو بالنذور عند شفاء مريض أو كان ذلك تطوعاً من المتعلقين بهم ، فهذا كله شرك ولا يجوز .
2- الذبح للجن تقرباً إليهم من قبل السحرة أو من يطيعهم من الجهال الذين يأتون إليهم طلباً للشفاء من هؤلاء السحرة المشعوذين ، فهذا كله حرام وهو شرك لا يجوز .
3- الذبح عند بناء البيت وذر دم الذبيحة على قواعد البناء عند تأسيسه ، أو الذبح عند سكن البيت الجديد ونثر دمه عل جدرانه من أجل حمايته من الجن ، وهذا كله شرك ولا يجوز .
تاسعاً : ومن الأمور والبدع الشائعة المتعلقة بالشركيات ونحوها :
اعتقاد أن الرسول نور ، وهذا منتشر بين الصوفية وأتباعهم ومن تأثر بهم ، ويعتقد هؤلاء أن النبي صلى الله عليه وسلم نور إلهي تقلّد في الأصلاب ، ثم يحتجُّون على بقصة موضوعة مكذوبة وردت في سيرة ابن هشام خلاصتها : أن عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جبينه نور ، ثم تقول القصة : أن بعضاً من البغايا في مكة أرادته لنفسها فأبى عليها ، ثم أنه دخل على زوجته آمنة ، فلما أتاها لقيته تلك المرأة البغي بعد أيام فدعاها لنفسها فقالت : لا أريدك ، قال لها : ولم ؟ قالت : لأنني كنت رأيت على جبينك نوراً ، فارت أن يكون هذا النور في وأن النور قد زال الآن !!!!
فيزعم هؤلاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم نور تقلب في الأصلاب ، وأنه كان في جبين عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم انتقل هذا النور إلى بطن آمنة ، ثم خرج إلى الدنيا !!
ونقول : هذا كله غير صحيح ن بل إن النبي صلى الله عليه وسلم بشرٌ ولد كما يُولد الأطفال .
وأما قول الصوفية في رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نور ، فهذا القول شبيه بقول النصارى في المسيح ، حتى عبدوه ، وقد أدى بهؤلاء الصوفية إلى عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعائه من دون الله والزعم بأنه يحضر بنفسه الموالد .. وكل ذلك من الباطل .
فيا أيها الناس : احذروا هذه البدع التي نخشى أن تغزونا ونقول : إن ما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم من حقوق معروفة ، والواجب طاعته صلى الله عليه وسلم ومحبته وأتباعه بلا إفراط ولا تفريط ، فقولوا : عبد الله ورسوله ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنما أنا عند فقولوا عبد الله ورسوله )) وهذا هو المنهج الوسط الجمع بين العبودية التي لا ترفعه فوق منزلته ، والرسالة التي تحفظ له حقوقه الكثيرة وليس هذا موطن تفصيل هذه المسألة .
عاشراً : ومن الأمور الخطيرة والشائعة والتي يجب الانتباه إليها :
الاستهزاء بالدين ، وبالملتزمين وبشعائر الإسلام ، كاللحية أو الصلاة أو غير ذلك من الشعائر .
ومن المؤسف جداً أن هذا شاع وانتشر بين كثير من الناس ، وهذا باب خطير جداً قد يؤدي بصاحبه إلى الكفر إذا الاستهزاء بالله أو بالإسلام ، أو بشريعة من الشرائع كفر بالله تبارك وتعالى ، والله تعالى يقول عن أولئك الذين سخروا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه : (( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)) (التوبة:65، 66)
فيا أيها الناس : احذروا من هذا حذراً شديداً ، فإن الاستهزاء بالدين كفر ، ولو كان على سبيل المزاح أو إضحاك القوم .
أما بالنسبة للاستهزاء الملتزمين بالدين ، فإنه من مزالق خطير ؛ لأنه يخشى أن يكون لكراهيته لما التزم به من شعائر الإسلام .
ومن ثم نقول : إن من استهزأ بأحد الملتزمين لأجل ما تمثل به من شريعة ، فإن هذا استهزاء بالشريعة ، والاستهزاء بالشريعة كفر .
أما إذا استهزأ بأشخاصهم ، فهذا مزلق خطر يخشى على صاحبه .
المجموعة الثالثة
أخطاء تتعلق بالرقي والتمائم ونحوها
أولاً : ما يتعلق بقراءة القرآن ، فإن الأصل في القراءة على المريض وتعويذه بالآيات القرآنية والمعوذات الشرعية الجواز ، لكن إذا أحاطت بالقراءة أمور أخرى مخالفة للشرع ، تحولت من قراءة شرعية مشروعة إلى قراءة بدعية ، فاختلاط الرجال بالنساء أو الاعتقاد بأن هذا القارئ نفسه يشفي وينفع ، أو ما يقع من أمور أخرى مبتدعة أو محرمة ، نقول : إن هذه الأمور قد تحول القراءة إلى قراءة منهي عنها ، فينبغي الانتباه إلى ذلك .
ثانياً : التمائم من القرآن : ونقول : إن التميمة إذا كانت من خرز أو آلات معدنية أو غيرها ، فهذه من التمائم المحرمة ، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها نهياً شديداً كما ورد في ذلك الأحاديث أما إذا كانت التميمة من القرآن ، كأن يأتي بعض الناس إلى آيات من القرآن الكريم أو أحاديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ويكتبها ويعلقها على صدر المريض لشفائه أو على صدر صحيح سليم لحفظه ودفع الأذى عنه ، وقد تعلق على بيت وسيارة ونحو ذلك ، فهذه اختلف في جوازها . ونحن نقول – إن الصحيح أن هذه الأمور لا تجوز ؛ لعدة أمور : 1
1- أن هذه بدعة لم تكن معروفة لدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- أنها تؤدي إلى التمائم المحرمة ؛ لأن من تساهل فيها تساهل في غيرها من التمائم التي اتفق العلماء على تحريمها .
3- إن هذا يؤدي إلى امتهان القرآن ودخوله في دورات المياه ، وقد يصل البول أحياناً ، وخاصة عند الأطفال ، فينبغي أن نعلم ذلك ، وأن نبتعد عنه .
* ثالثاً : ومن الأخطاء الشائعة :
قول الإنسان بعدحدوث أمر يكرهه : لوأنني فعلت كذا لكان كذا وكذا . فهذا الاعتراض محرم ؛ لأنه اعتراض على القدر ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ، ولا تعجز، فإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كذا لكان كذا وكذا ، ولكن قل : قدّر الله وما شاء فعل , فإن لو تفتح عمل الشيطان "
فهذا التحسر عند فوات بعض الأمور خطأ شائع فيجب منعه لأنه اعتراض على قدر الله تبارك وتعالى .
وقد يسأل سائل ويقول : هل معنى ذلك أن استخدام ( لو ) في جميع الأمور ممنوع ؟
نقول : الجواب فيه تفصيل :
1- إذا قصد بـ ( لو ) مجرد الخبر مثل أن يقول : لو أتيتني لأكرمتك ، أو لو علمت بوجودك لزرتك ، فنقول : هذا جائز لأنه من باب الإخبار .
2- إذا قصد به التمني في أمر مشروع ، كأن يقول : لو كان عندي قدرة لحججت أو لو كان عندي مال لتصدقت به ، مثل الرجلين اللذين أخبر عنهما النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه المشهور : (( إنما الدنيا لأربعة نفر ، فإنه ذكر رجلين : رجلاً أتاه الله مالاً فهو ينفق في سبيل الله ن ورجلاً لم يؤته مالاً لكنه يقول : لو كان لي مثل مال فلان لفعلت مثل فعله : قال صلى الله عليه وسلم : " فهما في الأجر سواء )) فهذا في أمر مشروع فهو مشروع مندوب إليه ، وأيضاً مثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما ساق الهدي في حجته وبقي قارناً – عليه الصلاة والسلام – ولما سأله أحد الناس عند ما أمر الناس بالتمتع وقالوا له : وأنت يا رسول الله ؟ !
قال : (( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة )) فهذا من التمني في أمر مشروع .
3- أن يتحسر على ما مضى ووقع وقُدر ، فهذا هو المنهي عنه ، الذي سبق بيانه . رابعاً : من الأخطاء الشائعة التي يجب الانتباه إليها : التشاؤم بشهر صفر ، وهذا منتشر ، حتى إن بعض الناس لا يتزوجون في هذا الشهر والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح : (( لا عدوى ولا طيرة و لا هامة ولا صفر )) وصفر ، المقصود به عند كثير من الشراح ، شهر صفر . وهذا هو الراجح، فلا يجوز التشاؤم بهذا الشهر ، بل هذا الشهر مثل غيره من الشهور نتزوج فيه ونسافر فيه ، ولا نتشاءم منه .
خامساً : ومن الأخطاء الشائعة: التفاؤل من المصحف أو التشاؤم فيه ، وذلك بأن يفتح المصحف فيقرأ أول آية من الصفحة فيه ، فإذا قرأ آية فيها خير تفاؤل ، وإذا قرأ آية فيها عذاب أو نحو ذلك شتاءم ، ونقول إن هذا لا ينبغي ، وقد نهى عنه كثير من العلماء .
سادساً : ومن الأخطاء الشائعة : التعلق بالأسباب من دون الله تبارك وتعالى ، فكثير من الناس تعلق بالأسباب في حمايته أو في رزقه ونحو ذلك وغفل عنه ربه تعالى وهذا له أمثلة :
1- التعلق بالأسباب في وقت الخوف الشديد ، والظن بأن هذه الأسباب تحميه ، ومعلوم أن الأخذ بالأسباب أمر جائز ، ولكن التعلق بها من دون الله تبارك وتعالى هو المنهي عنه .
2- تعلق الموظف بالوظيفة وظنه أنها هي وسيلة الرزق الوحيدة ، وهذا أيضاً تعلق غير صحيح ، بل الوظيفة ما هي إلا وسيلة من الوسائل فقط ، أما طرائق الرزق فكثيرة ومتنوعة .
3- ظنّ بعض الناس أن تحصينه لبيته أو نحو ذلك يحميه من العدو ، ونقول : إن هذا أيضاً من الأسباب فقط ، فينبغي تعلق القلب – مع فعلها – بالله تعالى مسبب الأسباب الذي بيده ملكوت كل شيء .
أما التعلق بالأسباب وحدوها دون الله فهذا من الأمور التي لا تجوز ، وعلى هذا فالتعلق بالأسباب له حالات :
الحالة الأولى : أن ينظر إلى الأسباب الصحيحة التي أوجدها الله تبارك وتعالى في هذه الحياة ، فإذا نظر إليها مع اعتماده في الأصل على الله تبارك وتعالى واعتقاده أن فاعل الأسباب والمسببات هو الله ، وأن مشيئة الله تبارك وتعالى نافذة ، فهذا لا شيء فيه ، فإن الإنسان يفعل ما في وسعه من الأسباب ، فيغلق الباب ، ويحصن البيت ، لكن مع اعتماده وتوكله على الله تبارك وتعالى .
الحالة الثانية : أن يتعلق قلبه بغير الله في أمر لا يقدر عليه إلا الله تعالى ، مثل ظن البعض أن أصحاب القبور قد يشفون المريض أو يقضون الحاجات أو نحو ذلك ، فهذا شرك أكبر مخرج من الملة .
الحالة الثالثة : أن يعتمد على سبب شرعي صحيح ، لكنه يغفل عن مسبب ذلك ، وهو الله سبحانه وتعالى ، فهذا فيه نوع شرك لكنه لا يخرج من الملة . والواجب الحذر منه .
سابعاً : ومن الأخطاء الشائعة :
ظن بعض الناس أنه لا حاجة إلى الدعاء ، فيقول : ما دام الأمر مقداراً ، فلا حاجة إلى الدعاء ، فنقول : إن هذا خطأ منتشر ، فإن الدعاء من جملة الأسباب ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يرد القدر إلا الدعاء "
ومعناه : أن الدعاء من جملة الأسباب ، فقد يرد الله عن العيد مصيبة بسبب الدعاء ، وقد يجلب له خير من ولد أو رزق بسبب الدعاء ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ((ما من عبد يدعو بغير إثم ولا قطيعة رحم ، إلا أعطاه الله إحدى ثلاث خصال : إما أن يستجيب دعاءه ، وإما أن يرد عنه من الشر مثله ، وإما أن يدخر له ذلك عند الله تبارك وتعالى)) قالوا يا رسول الله ! إذاً نكثر الدعاء ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ((الله أكثر))
إذاً الدعاء عبادة ، ونحن مأمورون بالدعاء ، وهو من جملة الأسباب فإذا أتى إنسان وقال : إذا كان المكتوب سيأتي دعوت أولم أدعُ، نقول : إن دعاءك أيضاً مقدور ومكتوب .
فإذا كنت قد أمرت به ، فادع الله سبحانه وتعالى ، فإن الله تبارك وتعالى قد يكون قد قدّر أن يزيل عنك تلك المصيبة أو يجلب لك ذلك الخير بسبب الدعاء ، فينبغي للعبد أن يعلم ذلك ، وأن يدعو الله ، وأن يكثر من الدعاء ، وأن يعلم أنه لا يخسر أبداً في الدعاء ، والدعاء أيضاً عبادة وقربة إلى الله كما قال الله تبارك وتعالى : ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)) (غافر:60)
ثامناً : ومن الأخطاء الشائعة أيضاً : الخوف الشديد
العين، ونحن نقول : إن هذا منتشر حتى إن بعض الناس صار يأخذ من أثر كل من زاره، وبعض الناس تحول عندهم إلى وسوسة بحيث إنه صار يختفي من أعين الناس أو يخفي أولاده من أعين الناس خوفاً من العين ، هذا من ضعف التوكل على الله سبحانه وتعالى، بل إن بعض الناس إذا جاءه أحد وهو يأكل طعاماً رمى قطعة من الطعام في الأرض ظانّاً أن ذلك من أجل العين ، وهذا كلها من الأخطاء الشائعة .
لكن بقي أن نبين أمرين فيما يتعلق بالعين :
أحدهما : أن (( العين حق)) كما ثبت في الحديث الصحيح المتفق عليه ، لكن العين لا ترد القدر ولا تسبقه ، كما قد يتوهم البعض ممن يغلو في الخوف منها ، وقد ثبت في إحدى روايات هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " العين حق ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا "
الثاني : هناك رقية شرعية من العين ، منها القراءة ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (( لا رقية إلا من عين أو حمة )) .
ومنها أيضاً : الأخذ من الآثار بالاستغسال من أعضائه ، ونحو ذلك أما التعدي في ذلك بحيث يصل إلى الأخذ من بوله أو نحو ذلك ، فنقول : إن هذا ليس له أصل ، أما عن رمي قطعة من الأكل ونحوه ،فنقول : إن هذا باطل ، ولا دليل عليه ، بل هو إتلاف للطعام بلا دليل ، وهو وسوسة ينبغي أن يبتعد العبد عنها .