ماذا يعني اِصدار الجنائية الدّولية مذكرة اِعتقال في حق قادة الكيان الصهيوني؟وهل كان ذلك بعيداً عن أمريكا؟ وماهي أهدافها؟

[سندباد علي بابا]

ماذا يعني اِصدار الجنائية الدّولية مذكرة اِعتقال في حق قادة الكيان الصهيوني؟ وهل كان ذلك بعيداً عن أمريكا؟ وماهي أهداف أمريكا البعيدة منه؟


بقبول الولايات المتحدة اصدار الجنائية الدولية مذكرة لتوقيف قادة الكيان الصهيوني ووقف الحرب في رفح الفلسطينية وفتح المعابر لتدفق المساعدات الإنسانية لسكان القطاع فإنها بذلك فتحت أبواب جهنم على الأنظمة العسكرية في العالم المتورطة في أحداث إبادة ضد شعوبها.


سيتم فتح ملف قتلى التسعينيات في العشرية السوداء الذين وصل عددهم إلى ربع مليون ضحية (250000 قتيل).


سيتم فتح ملف قتلى الحرب الأهلية في سوريا منذ اندلاع النزاع وحتى اللحظة.


سيتم فتح ملف قتلى ميدان رابعة العدوية الذين وصل عددهم إلى 4000 قتيل من المعتصمين السلميين الذين قضوا في اقتحام الجيش المصري وفض اعتصامهم.


إن الحديث عن الإبادة الجماعية في هذا الوقت بالذات وقبول الولايات المتحدة به في حق قادة الكيان الصهيوني وترسيم أحداث سيبرينيتشا في البوسنة من طرف الجيش الصربي كعملية إبادة جماعية هو الورقة الجديدة التي سيلعب بها الغرب وأمريكا وأوروبا وحلف الناتو ضد روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية (دُعاة التعددية القطبية) ضد روسيا في الحرب الأوكرانية وضد الصين في مسألة أقلية الإيغور المسلمة في الصين وضد بورما في مسألة أقلية الروهينغا المسلمة.


الولايات المتحدة والغرب عموماً سيلعبان بورقة الإبادة الجماعية ضد الأنظمة الخارجة عن الفلك الأمريكي.


إنّ الجناح المُتضرر من التّدخل العسكري في السّياسة في البلاد سيتنفس بلا شك الصُّعداء من الآن، إنّ القادة العسكريين والأمنيين المحسُوبين على أمريكا وفرنسا سيعُودون إلى مناصبهم في الأيام القادمة بعدما تمّ طردهم في الفترة الماضية وسيتمُ ابعاد أولئك القادة من الأمنيين والعسكريين الّذين اِرتبطوا بشكل أو بآخر من بعيد أو قريب في فترة التسعينات بالأحداث الأليمة والحرب الأهلية الّتي وقعت في البلاد.


إنّ المحسوبين من جناح الرئاسة (على الفرنسي/ والأمريكي/ والتركي/ والقطري) اليوم يبدون أقوياء أكثر فأكثر أمام بقية الأجنحة الأخرى الّتي تعيش قمة الضّعف أمام هذه التطورات.


عندما كان النّظام يُؤيد مُحاكمة الكيان الصهيوني لجرائمه المُقترفة في حقِّ المدنيين في غزة بعد أحداث 7 أكتوبر 2023 لم يتوقع أبداً أن قُبول أمريكا بمُحاكمة قادة الكيان في الجنائية الدّولية سيكُون بداية لمُحاكمة كلّ الأنظمة السّياسية الّتي تورطت في اِبادة جماعية في الفترة الماضية.


مهما كانت دوافع النّظام السّياسي في أمريكا من قبُولها لموقف الجنائية الدّولية ضد الكيان الصهيوني هل يعود لتصفية الحساب بين اليسار الليبرالي الأمريكي الحاكم اليوم وبين اليمين المتطرف الإسرائيلي الحاكم اليوم فإنّه من المُؤكد أنَّ أمريكا والغرب عُموماً سيذهب إلى أبعد الحدُود في توظيف المحاكم الدّولية مثل: محكمة لاهاي والجنائية الدّولية حتّى لو اضطرت لمُحاكمة جورج بوش الاِبن وتوني بلير عن الإبادة الّتي تورطا فيها في عراق صدام حسين وما اِنجر عن احتلاله واِسقاط نظامه.


اليوم أمريكا تلعب ضد روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية لضمان بقاء هيمنتها على مُقدرات العالم بورقة اِحترام النّظام الدّولي والقانون الدّولي والمؤسسات الدّولية ولكن العنوان الأبرز في المرحلة القادمة هي ابتزاز الدّول الّتي لا تسبح في الفلك الأمريكي والّتي اِرتكبت أخطاء في الماضي بذريعة اِرتكاب تلك الأنظمة السِّياسية الإبادة الجماعية في حقِّ شُعوبها.


ليس هناك من هو أعزُّ على قلب أمريكا مثل الكيان الصهيوني وقادته والّذي/ والّذين ظلُّوا طوال 76 سنة من نشأة الكيان من طرف الأنجلوساكسون البريطانيين في خدمة مصالح ومشاريع أمريكا والغرب الجماعي في المنطقة وفي العالم لكن عندما رأت أمريكا أنّ من مصلحتها مُحاسبة الكيان الصهيوني بسبب الإبادة الجماعية الحاصلة اليوم في غزة لتكون بداية (وذريعة مُلائمة جداً) لمُحاسبة ومُتابعة وملاحقة كلّ الأنظمة المارقة الّتي تورطت في أحداث اِبادة جماعية ضدّ شُعوبها أو شُعوب غيرها لم تتوانى في الدّفع بالجنائية الدّولية لمُلاحقة قادة الكيان لِتَتبعَها في المستقبل القريب جداً بلا شك مُتابعة والملاحقة القانونية والقضائية لحُكام وقادة الأنظمة السّياسية من خارج المنظُومة الغربية المُتورطين في أحداث اِبادة جماعية ضدّ شُعوبهم أو شُعوب آخرين من غير شُعوب تلك الأنظمة السّياسية المُتورطة في تلك الفظائع.


بقلم: سندباد علي بابا