الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فقَدْ قال الشيخ عبد الحميد بنُ باديس ـ رحمه الله ـ:
«هَذِهِ كَلِمَةٌ قُرْآنِيَّةٌ، فَمَنْ هُمُ المُرَادُونَ بِهَا؟ فَقَدْ أَوْجَبَ اللهُ طَاعَتَهُمْ عَلَى المُؤْمِنِينَ؛ فَمِنَ اللَّازِمِ ـ شَرْعًا ـ أَنْ يُعْرَفُوا لِيُمْتَثَلَ أَمْرُ اللهِ تَعَالَى فِيهِمْ؛ فَمَنْ هُمْ؟ قَدِ اخْتُلِفَ فِيهِمْ: فَقِيلَ: هُمُ العُلَمَاءُ، وَقِيلَ: هُمُ الأُمَرَاءُ مِنَ المُسْلِمِينَ؛ وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُمُ العُلَمَاءُ وَالأُمَرَاءُ مَعًا؛ وَإِلَيْكَ البَيَان:
لِلَّهِ الخَلْقُ وَالأَمْرُ؛ وَالأَمْرُ أَمْرَانِ: الأَمْرُ التَّكْوِينِيُّ، وَالأَمْرُ التَّشْرِيعِيُّ()؛ وَالثَّانِي هُوَ المُرَادُ هُنَا، وَمَا أمر بِطَاعَةِ أُولِي الأَمْرِ إِلَّا لِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِأَمْرِ اللهِ؛ فَكَانَتْ طَاعَتُهُمْ طَاعَةَ اللهِ؛ وَأَمْرُ اللهِ نَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِهِ وَإِلَى تَنْفِيذِهِ؛ فَبِالعِلْمِ يُعَيَّنُ، وَبِالسُّلْطَانِ يُنَفَّذُ؛ فَالعُلَمَاءُ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ «أُولُو الأَمْرِ» لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يُعَيِّنُونَ أَمْرَ اللهِ بِطَرَائِقِ العِلْمِ المُقَرَّرَةِ، وَالأُمَرَاءُ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ «أُولُو الأَمْرِ» لِأَنَّهُمْ يُنَفِّذُونَهُ بِحَمْلِ النَّاسِ عَلَيْهِ بِمَا جَعَلَ اللهُ لَهُمْ مِنْ سُلْطَانٍ؛ فَإِذَا وُجِدَ العُلَمَاءُ دُونَ الأُمَرَاءِ تَعَطَّلَتِ الشَّرِيعَةُ، وَإِذَا وُجِدَ الأُمَرَاءُ دُونَ العُلَمَاءِ ضَلُّوا وَأَضَلُّوا عَنِ السَّبِيلِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ الحَالُ إِلَّا بِوُجُودِ الطَّائِفَتَيْنِ وَتَعَاوُنِهِمَا بِطَرِيقِ الشُّورَى الَّتِي هِيَ أَسَاسُ الأَمْرِ فِي الإِسْلَامِ()؛ وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا السَّلَفُ الصَّالِحُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ هَذَا بِطَرِيقَةٍ عَمَلِيَّةٍ؛ فَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ـ وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ العِلْمِ وَالسُّلْطَانِ ـ يَجْمَعُ الصَّحَابَةَ فِي النَّوَازِلِ الهَامَّةِ وَيَسْتَشِيرُهُمْ، وَيَجْعَلُهُمْ فِي الشُّورَى عَلَى طَبَقَاتِهِمْ، كَمَا فَعَلَ عِنْدَمَا خَرَجَ إِلَى الشَّامِ وَسَمِعَ بِالطَّاعُونِ، وَالقِصَّةُ ثَابِتَةٌ فِي «المُوَطَّإِ» وَغَيْرِهِ(ظ¦)».
[ش: ج ظ¨، م ظ،ظ¥ قسنطينة، شعبان ظ،ظ£ظ¥ظ¨هـ سبتامبر ظ،ظ©ظ£ظ©م، (ص ظ£ظ¦ظ¨ إلى ظ¨ظ¦ظ©)].
(ظ،) «الآثار» (ظ£/ ظ¤ظ¢ظ*).