السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
(روى عمر بن شبة قال: سمعت الأصمعي يقول: حفظت ستة عشر ألف أرجوزة).
إذا كان هذا حفظ الأصمعي من الأراجيز،فكم يحفظ من الشعر يا ترى؟ حتى بلغ ما بلغ،وصار يلقب بحجة الأدب ولسان العرب؟
كم نحفظ نحن من الشعر؟ ونحن الآن أحوج إليه من الأصمعي؟
جارية تسمى: إشراق،كانت تسكن بلنسية بالأندلس، وكانت قد أخذت عن سيدها النحو واللغة، لكنها فاقته في ذلك وبرعت في العروض حتى صارت تلقب بالعروضية، وكانت تحفظ كتاب الكامل في اللغة للمبرد وكتاب آمالي القالي، وتشرحهما.
فإذا كان هذا حفظ جارية وعلمها،فكم كان يحفظ طلبة العلم في ذلك الوقت؟
وكم نحفظ نحن من كتب الأدب؟ ونحن أحوج إليها منهم؟
بعض طلبة العلم،بل حتى من يلقب نفسه بالأديب والعالم في هذا الوقت،يقرأ كتابا فيظن نفسه قد أصاب من العلم مبلغا عظيما.
ونسي المسكين أن طلب العلم يجب أن يصاحبه أمران خطيران،ألا وهما: الحفظ والفهم،أي: الرواية والدراية،وبهذا بلغ علماؤنا وأدباؤنا الأوائل من العلم ما بلغوا،حتى صار بعض جواريهم يحفظن كتب الأدب كاملة بشروحها.لقد صار حالنا وحالهم كما قال الأول:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم.......إذا جمعتنا يا جرير المجامعُ
فهلا سرنا على الطريق الذي ساروا عليه؟ فنبلغ ما بلغوا؟