بسم الله الرحمن الرحيم
مدخل إلى دراسة الأشعار الستة الجاهلية:
تحدثت في مقال سابق عن وصية العلماء بدراسة القصائد السبع وروايتها وفهمها، نظرا لشهرتها بين العرب، وحسنها وجودتها، وتحدثت عن كل ما يحتاجه دارسها بأسلوب غير ممل، واختصار غير مخل، وسميته: مدخل إلى دراسة القصائد السبع ( المعلقات ) فليراجع المقال، فهو غاية في الأهمية.
واليوم أتحدث عن وصية العلماء بدواوين ست من أشهر الشعراء في الجاهلية.
أولا: الدواوين الست هي دواوين شعراء من أشهر شعراء العرب في الجاهلية، رواها بعض الأدباء، وتلقاها العلماء بالقبول رواية ودراية، نظرا لشهرة شعراءها، وجودة قصائدها.
ثانيا: هذه الدواوين تسمى: ( الأشعار الستة الجاهلية ).
ثالثا: أصحاب هاته الأشعار هم: امرؤ القيس، والنابغة، وعلقمة، وزهير، وعنترة، وطرفة.
رابعا: اُختُلف في من جمع هذه الأشعار في مجموع واحد، فعلى الرغم من أن الأعلم الشنتمري قد نسب جمعَها إلى نفسه،إلا أننا نجد مُعاصرَه أبا بكر البطليوسي قد شرحها أيضا، ولكنني أرى أن هذا المجموع قد جمعه الأصمعي، وقام بشرحه بنفسه، لأسباب منها:
_ أ) اتفاق الشارحين: الأعلم الشنتمري وأبي بكر البطليوسي على شرح نفس المجموع من الدواوين، والاعتماد على رواية الأصمعي وشرحه قبل غيره,
_ ب) يوعز البطليوسي أحيانا أثناء شرحه لبعض الأبيات، أنه قد رأى شرحها في بعض النسخ الصحيحة، وهذا دليل على أن هذه الدواوين قد كانت مجموعة قبله بزمن بعيد.
_ ج) قام الشنتمري برواية هذه الدواوين وشرحها بالسند إلى الأصمعي نفسه، مرورا بأبي علي القالي، وهذا السند من أصح الأسانيد الأدبية، وهذا دليل على أن هذه الدواوين قد تمت روايتها من عالم إلى عالم وصولا إلى الأصمعي،وهو دليل قوي على أن الأصمعي هو جامع هذا الديوان وصاحب شرحه.
_ خامسا: قام العالمان الجليلان الشنتمري والبطليوسي برواية هذه الدواوين وشرحها، بتقديم رواية الأصمعي وشرحه أولا،ثم إضافة قصائد أخرى وشرحها بعد ذلك لكل شاعر من غير رواية الأصمعي.
وأصح طبعات الشرحين هي:
_ أ) شرح الأشعار الستة لأبي بكر البطليوسي،تحقيق: ناصيف سليمان عواد، ولطفي التومي.
_ ب) أما شرح الشنتمري، فليس له طبعة يوصى بها، ولكن الله قيض لهذا الشرح من يخدمه خدمة جليلة، فقد تم تحقيق دواوين شعراء المجموع بشكل فردي، يعني تحقيقه ديوانا ديوانا، بدل تحقيقه جملة واحدة، وأول من بدأ هذا المنهج هو: محمد أبو الفضل إبراهيم، فقد قام باستخراج ديوان امرئ القيس وتحقيقه تحقيقا علميا رائعا،ثم قام بتحقيق ديوان النابغة، ثم قام بعده المحققون بتحقيق الدواوين الباقية على منهج أبي الفضل إبراهيم،وأصح طبعات هذه الدواوين الست هي:
_ ب1) ديوان امرئ القيس،بتحقيق: محمد أبو الفضل لإبراهيم.
_ ب2) ديوان النابغة الذبياني، بتحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم.
_ ب3) ديوان زهير بن أبي سلمى، بتحقيق: فخر الدين قباوة.
_ ب4) ديوان علقمة الفحل، بتحقيق: لطفي الصقال، ودرية الخطيب.
_ ب5) ديوان عنترة، بتحقيق: محمد سعيد مولوي.
_ ب6) ديوان طرفة بن العبد، بتحقيق: لطفي الصقال، ودرية الخطيب.
وقد قام هؤلاء المحققون بجعل رواية الأصمعي أصلا، وهي الموجودة في شرح الشنتمري،ثم أضافوا إلى كل شاعر ما وجدوه من غير رواية الأصمعي.
وبهذا،يكون قد تم تحقيق شرح الأعلم الشنتمري كله.
هذا ما أردت بيانه عن هذا المجموع الكبير، ويكفي أن جامعه وشارحه هو الأصمعي نفسه، لبيان عظيم قيمته.
وقد انبرى الأدباء والعلماء وتلاميذهم إلى روايته بالسند إلى الأصمعي، والافتخار بذلك، كابن خير الإشبيلي، وابن خلدون، وأبي حيان وغيرهم كثير...