مؤسسات فحص المركبات قبل الشراء تكشف عن أساليب احتيال بالجملة
التدليس يلغم أسواق السيارات !
تشهد آفة التدليس في بيع السيارات المستعملة انتشارا متزايدا، يخلف يوميا عشرات الضحايا، والشاهد الأكبر على انتشار الظاهرة في المحاكم، التي تعج بالكثير من قضايا التزوير والغش في تسويق المركبات، وهو ما دفع المواطنين إلى زيادة الإقبال على المؤسسات المتخصصة في فحص السيارات قبل الشراء للتحقق من سلامة السيارة من مختلف العيوب وأنواع الغش في هيكل السيارة والوثائق والمحرك وعداد السرعة…
وللوقوف على حقيقة الغش في السيارات المستعملة، التي تمثل فيها نسبة عملية البيع والشراء أكثر من 90 بالمائة، في ظل ندرة السيارات الجديدة، تواصلنا مع أشهر مؤسسة متخصصة في فحص السيارات قبل الشراء، التي تملك وكالات مراقبة في مختلف ولايات الوطن، على غرار بومرداس وقسنطينة ووهران، وتوفر خدمة الفحص المتنقل للزبائن في أي مكان تحت الطلب، وهي مؤسسة “مير” المتخصصة في فحص السيارات قبل الشراء منذ 2016 التي حذر مسيرها، السيد ناصر سلطاني، من انتشار غير مسبوق للغش والتدليس بمختلف أنواعه في بيع السيارات المستعملة، حيث تستقبل مؤسسته في مختلف فروعها يوميا عشرات الضحايا الذين يصدمون بوجود عيوب لم يصرح بها البائع، وهو ما يجعلهم يصرون على الحصول على محاضر معاينة لجميع العيوب الموجودة في السيارة والتوجه لوكيل الجمهورية الذي يستدعي البائع للقيام بعملية فسخ عقد البيع، وهو ما يستجيب له عادة هذا الأخير لتفادي المحاكم والتعرض لعقوبات قاسية بسبب التدليس في بيع السيارات الذي يجرمه القانون.
هذه أكثر أنواع الغش في السيارات
وبخصوص أكثر عمليات الغش في بيع السيارات المستعملة، أكد محدثنا أنها تنقسم إلى قسمين أولها الغش في الهيكل على غرار إخفاء أضرار تعرض السيارة لحادث مرور،” حيث اكتشفنا وجود مركبات شطرت إلى نصفين وتم إعادة تلحيمها ما يجعل سياقتها خطرا جدا، “بالإضافة إلى الغش في طلاء السيارة وغيرها من الأمور الخارجية التي يسعى البائع إلى إخفائها بشتى الطرق لكي لا تؤثر في سعر المركبة.”، ويضيف محدثنا أن الغش في عداد السرعة أمر رائج ومنتشر حيث نكتشف عن طريق العديد من التقنيات أن البائع تلاعب بعداد السرعة بتخفيض أزيد من 100 ألف كم في مسافة السير، ومن حالات الغش المنتشرة أيضا حسب سلطاني ما يتعلق بسلامة وكفاءة المحرك، حيث يأتي الزبون على أساس أن المحرك سليم ولم يتم فتحه، فنكتشف من خلال الفحص أن المحرك ينقص الزيت وتم فتحه وتغيير العديد من القطع وبه الكثير من المشاكل التي تؤثر على أداء وعزم السيارة.
وأما القسم الثاني من الغش الذي يعتبر الأخطر بحسب محدثنا، هو الغش في هوية السيارة من حيث الوثائق ولوحة الترقيم ورقم الهيكل، وبفضل التنسيق مع مهندسي المناجم والخبراء المعتمدين في مراقبة السيارات يتم الكشف عن جميع هذه التلاعبات التي قد تقود الزبون إلى السجن وحجز السيارة، وهذا ما يجعل فحص السيارة بحسب سلطاني قبل الشراء عملية بالغة الأهمية، حيث تعرض مؤسسته على الزبون فحصا شاملا لسيارته الجديدة والقديمة قبل الشراء في ما يتعلق بمراقة “الطلاء الهيكل، العداد، الوثائق، والميكانيك”، وهذا، بحسبه بأحدث الأجهزة والتقنيات “يتم الفحص من طرف مختصين في مجال السيارات ويتم منح تقرير شامل بنتائج الفحص عند الانتهاء كضمان للزبون، كما تقدم المؤسسة خدمة تجديد بطاقة الصانع (بلاك بوليس) في يوم واحد فقط لجميع أصناف السيارات والمركبات السياحية والتجارية. وهذا عن طريق خبير معتمد من طرف وزارة الصناعة والمناجم، مع إمكانية التنقل إلى 58 ولاية وتقديم الخدمات بنفس الكفاءة أيضا لتغطية أكبر عدد ممكن من الولايات والتواجد على مستوى الأسواق الأسبوعية للسيارات للقيام بالفحص الفوري”.
السيارات “المغروسة” ضحايا بالآلاف
ومن أكثر المشاكل التي تلغم أسواق السيارات، كثرة تداول وبيع السيارات بملفات قاعدية مزورة، يطلق عليها اسم السيارات “المغروسة” التي بلغ ضحاياها بحسب آخر رقم للجمارك 9560 ضحية على المستوى الوطني، وحول طبيعة ومصدر هذه المركبات، أكد السيد ناصر سلطاني أنها تلك السيارات التي يدخلها الجزائريون المغتربون ومواطنو الصحراء الغربية إلى الجزائر على أساس إعادة إخراجها من جديد، ويتم بيعها داخل التراب الوطني ” إما بتزوير رقم الهيكل الذي كان لسيارة تعرضت لحادث “ريفورمي” فيتم استبدال وثائق السيارة البائدة بالسيارة المستوردة، ” والنوع الثاني من التزوير، هو تزوير الوثائق في الملف القاعدي أين يعمل الموظف المزور على خلق بطاقة رمادية للسيارة ويتم وضعها في النظام الوطني..” وعادة ما يتم اكتشاف هذه السيارات بحسب محدثنا من طرف الجمارك التي تملك ملفا قاعديا لجميع السيارات التي دخلت الوطن ولم تعد لموطنها الأصلي.
وقال محدثنا إن المؤسسات المتخصصة في فحص السيارات يمكنها اكتشاف المركبات “المغروسة” بالتدقيق في وثائقها الرسمية وفي هيكلها لاكتشاف أي تزوير وبالتنسيق مع السلطات الرسمية.
أغلب باعة السيارات لا يصرحون بالعيوب الحقيقية
والحقيقة المرة التي وقفت عليها مؤسسة مير في أثناء فحص السيارات في مختلف فروعها عبر الوطن، وفي أثناء التنقل للزبائن في مختلف الولايات، يؤكد سلطاني أن أغلب باعة السيارات لا يصرحون بالعيوب الحقيقية للمركبة، مؤكدا أن مؤسسته فحصت منذ سنة 2016 أكثر من 60 ألف سيارة، ” 90 بالمائة منها مغشوشة،” وبعد اكتشاف الحقيقة من طرف الزبائن بعد الفحص تبدأ الخلافات والمناوشات الكلامية مع الباعة التي قد تصل إلى المحاكم، وقال إن مؤسسته تمنح الزبائن شهادة ضمان بجميع العيوب الموجودة في السيارة وإذا اكتشف عيبا آخر يتم تعويض ثمن الخدمة، وأضاف محدثنا أن ثقافة فحص السيارات قبل الشراء بدأت تنتشر من قبل الجزائريين، وهذا بسبب كثرة عمليات الاحتيال والتدليس في تسويق السيارات المستعملة.
انتشار قضايا تزوير المركبات في المحاكم
ومن جهته، كشف المحامي حسان براهمي أن قضايا التزوير الخاصة بالمركبات تشهد انتشارا متزايدا في المحاكم، وعادة ما تتورط فيها شبكات منظمة في مناطق معروفة، ويذهب المواطن ضحيتها بشراء سيارة مسروقة أو مزورة عن جهل، وقال محدثنا إن التزوير في وثائق السيارات هي جناية تتراوح عقوبتها ما بين 10 و20 سنة، وبالنسبة للمواطنين المتورطين في هذه القضايا منهم من يكون ضحية لسلسلة شراء السيارة المسروقة حيث يتم محاكمة جميع الذين اشتروا السيارة وبعد التحقيق في القضية يتم تبرئة الضحايا ومعاقبة المتورطين.
ونصح براهمي المواطنين بضرورة التحري جيدا قبل شراء أي سيارة مستعملة، بسبب كثرة التدليس وشبكات سرقة المركبات، ويمكن بحسبه أن ينتهي شراء سيارة مسروقة بالخطأ بصاحبها بالسجن لسنوات طويلة لأن القانون “لا يحمي المغفلين”.