الموضوع : قانون الاجراءات الجزائية
تعريفه: لقد وردت عدة تعاريف للقانون الاجراءات الجزائية اخترنا منها البعض
1/ هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها ، والفصل فيها وتنفيذ العقوبة الناشئة عنها
2/ هو مجموعة من القواعد القانونية تبين الاجراءات الواجبة الاتباع في وقت وقوع الجريمة الى حين توقيع الجزاء على مرتكبها
3/ هو القانون الذي يجمع القواعد القانونية التي تحدد دور الجريمة والجزاء المقرر على مخالفيها ، وقواعد البحث والتحري عن مرتكبها والتحقيق معه ومحاكمته واصدار الحكم عليه وتنفيذه
4/ هو عبارة عن مجموعة من النصوص والقواعد الشكلية او الاجرائية يترتب على مخالفتها جزاءات اجرائية
نقصد بالجزاءات الاجرائية :
ـــ كالبطلان الجوهري :
ـ نتيجة اغفال اجراء جوهري
ـ مخالفة قاعدة قانونية
لان هذا البطلان متعلق بالنظام العام
ــــ عدم قبول الدعوى المدنية الخاصة بطلب التعويض المدني عن الضرر بسبب جريمة بعد غلق باب المرافعة
نقصد بمصطلح غلق باب المرافعة :
قرار تصدره المحكمة بأنها قد انتهت من سماع المرافعات وحصلت على صورة كاملة للدعوى وانها ستخلو بعد ذلك الى المداولة
ــــ عدم قبول الطعون المختلفة من حيث الشكل خارج المهل القانونية
(1 )
سقوط الدعوى المدنية التبعية امام القضاء الجزائي بمجرد ان يترك المدعي المدني دعواه وبتكليفه بالحضور رسميا ولم يحضر الجلسة المعنية
من خلال التعاريف المذكورة اعلاه يمكن ان نقول : ان قانون الاجراءات الجزائية وضع لكي يبين كيفية البحث والتحري عن مرتكبي الجرائم ويحد طرق تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها ، ويبين اجراءات التحقيق وضماناته واحالة المشتبه فيه الى المحاكمة ، واجراءات محاكته وضماناتها واصدار الحكم وطرق الطعن في هذا الحكم وكافة الاجراءات الاخرى حتى لحظة البدء في تنفيذ الحكم
الاهداف التي يسعى قانون الاجراءات الجزائية الى تحقيقها :
ــ يسعى الى تحقيق توفيق بين المصلحتين :
ـ مصلحة المجتمع في معاقبة مرتكب الجريمة لاعتدائه على امن والمجتمع ونظامه
ـ مصلحة الفرد في ضمان حقه في الدفاع عن نفسه حتى يتمكن من اثبات براءته ان كان بريئا
اهمية قانون الاجراءات الجزائية :
ـ يكفل حسن ادارة العدالة الجنائية وحمايتها من اسباب الانحراف
حيث يحد من صدور احكام خارج اروقة المجالس القضائية مثل الاحكام التي كانت تصدر بغير قانون او بغير قضاء او بقضاء مستبد وظالم ( مثل ما كان يحدث في الدول ذات الأنظمة الشمولية )
ـ احداث التوازن بين الحقوق والحريات والمصلحة العامة
ـ يمثل سياجا للحريات الفردية وضمانا لحق الدفاع ووسيلة لتحقيق العدالة
النظم المختلفة للإجراءات الجزائية :
اهم الانظمة الاجرائية التي عرفتها البشرية هي النظام الاتهامي والنظام التنقيبي والنظام المختلط الذي يحاول التوفيق بينهما
(2)
أ/ النظام الاتهامي :
يعتبر من اقدم الانظمة الاجرائية التي عرفتها البشرية ، فنجده سائدا في الشرائع اليونانية ، والرومانية ، وفي الدول الانجلوسكسونية ( الدول الناطقة باللغة الانجليزية )
في ظل هذا النظام الدعوى العمومية او الخصومة الجنائية هي عبارة عن صراع بين الخصمين الجاني والمجني عليه ، اي بين من وقع عليه الضرر من الجريمة ومن ارتكبها
خصائص هذا النظام :
ــ ان جميع اجراءات الدعوى في ظل هذا النظام تكون شفوية وعلنية وحضورية تجري في مواجهة الخصم
ــ عبء الاتهام يقع على عاتق المجني عليه او المضرور من الجريمة او لمن شاهدها ، او احد المواطنين الذين اباحت لهم الشرائع ان يقوم بالاتهام
فالمجني عليه هو الذي يحرك الدعوى مباشرة امام القضاء ، فالاتهام يعتبر حقا للمجني عليه
ـــ يتم اختيار القاضي برضا الطرفين يحكم في الدعوى المعروضة عليه وفق عقيدته الذاتية ووفقا لمبدأ اقتناع القاضي
فدور القاضي في هذا النظام يقتصر على فحص الادلة المقدمة اليه من الخصمين ثم يقوم بترجيح كفة احدهما على الاخر
ما يلاحظ في هذا النظام ان السلطات العامة لا تتدخل في جمع الادلة واثبات التهمة
مثلا في إنجلترا ان اصل الاتهام واجب مفروض على المجني عليه ، رغم وجود نائب عام يمثل الهيئة الاجتماعية في مباشرة الدعوى ، وينوب عنه وكيل الدعاوي العام الذي من حقه مباشرة الدعوى لذلك
فتدخلهما في مباشرة الاتهام ينحصر فقط في القضايا ذات الخطورة الخاصة او التي يتخلى عنها المجني عليه في غياب محام يباشر عنه الاجراءات
( 3)
انتقادات لهذا النظام :
يوصف هذا النظام بأنه من اكثر الانظمة التشريعية ديمقراطية او احتراما لحقوق الانسان ـ المجني عليه حر في جمع الادلة التي تثبت فعلا انه تعرض لاعتداء من قبل المعتدي والجاني يبقى حر طليقا لإعداد ادلة النفي فلا تمس حريته الا بعد صدور حكم بالإدانة
ومما يؤخذ عليه هذا النظام ان ترك امر الدعوى الجنائية بيد المجني عليه سوف يعيق سير الحسن للعدالة ، ويفضي الى افلات الجناة من العقاب
فقد يمتنع المجني عليه عن رفعها خشية بأس المتهم او التواطؤ معه ـ مثل الشاهد الذي يمتنع عن ادلاء بشهادته ضد المجرم الذي ارتكب الجريمة خشية من بأسه او الانتقام منه
وقد يمتنع عن رفعها بسبب التكاليف المالية الباهظة المطلوبة عند جمع الادلة
النظام التنقيبي والتحري :
هناك من يطلق عليه مصطلح نظام التفتيش
لفرض النظام في المجتمع اوجب على الدولة ان تتدخل في مختلف المجالات سواء اكانت اقتصادية او اجتماعية او قضائية او عسكرية ، مثلا في مجال القضاء لجأت الى احتكار دور الاتهام ، فالاتهام في ظل هذا النظام اصبح حق للدولة تباشره نيابة عن المجتمع الذي حدثت فيه الجريمة اضرار به وليس حقا للمجني عليه كما كان سائد في النظام الاتهامي
فالدعوى العمومية في ظل هذا النظام لم تعد ملكا للمجني عليه او ذويه بل اصبحت ملك للدولة ، وبذلك اصبح الاتهام من اختصاص القاضي الذي يتم تعينه من طرف الدولة باعتباره ممثلا لها
فبمجرد ان يصل الى علمه نبأ وقوع جريمة ما فيبادر باتخاذ اجراءات المتابعة
فالجريمة لم تعد ضررا يقع على المجني عليه او عشيرته وحدهما وانما صارت عدوانا على المجتمع ككل
( 4 )
مبادئ هذا النظام :
ـــ انشاء هيئة تمثل الدولة يطلق عليها اسم النيابة العامة
هي التي تقوم بعملية تعقب الاولي واثبات الجريمة وتوجيه الاتهام
ـــ اجراءات المتابعة تكون سرية ومدونة
ـــ القاضي لا يختاره الافراد بل يعين من قبل السلطات العامة في الدولة
عند الحكم في الدعوى القاضي مقيد بنظام الادلة القانونية
اي لا يدين المتهم الا اذا جمع الادلة الازمة لذلك والتي بدونها لا يمكن له ادانة المتهم حتى ولو اقتنع باقترافه للجريمة
ـ جميع احكام القاضي قابلة للطعن فيها بالاستئناف
ما يميز هذا النظام انه رخص باستعمال وسيلة التعذيب للحصول على اعتراف المتهم ذلك الاعتراف في ذلك الوقت كان سيد الادلة
انتقادات لهذا النظام :
يؤخذ على هذا النظام انه يضع المتهم في مركز قانوني اضعف من مركز الاتهام ويصادر حقه في الدفاع عن نفسه
القاضي في هذا النظام يتمتع بسلطات واسعة تتيح له اجراء التحقيق في عدم حضور المتهم وجمع الادلة من وراءه واستخدام وسائل القمع والتعذيب لحمل المتهم على الاعتراف
والاعتراف حتى ولو كان صادرا من المتهم تحت تأثير التعذيب يعد دليلا حاسما في الدعوى
هذا النوع كان سائدا في الدول ذات الانظمة الشمولية التي ساد فيها الظلم والجور والطغيان وانكار الحقوق الطبيعية للفرد وحرياته الاساسية
( 5 )
3/ النظام المختلط :
ظهر هذا النظام على اعقاب النظامين السابقين اذ اخذ محاسنهما وتفادى عيوبهما
فاغلب التشريعات الحديثة اخذت بهذا النظام من بينها الجزائر ، وذلك بغية تحقيق توازن عادل ومستقر بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع
ـــ مبادئه :
ــ النيابة العامة تعتبر الجهاز المنوط به تحريك الدعوى العمومية ورفعها ومباشرتها امام القضاء ومتابعتها الى حين الفصل فيها بحكم نهائي
المادة 29 من قانون الاجراءات الجزائية تنص ما يلي :
تباشر النيابة العامة الدعوى العمومية باسم المجتمع وتطالب بتطبيق القانون وهي تمثل امام كل جهة قضائية وهي قاعدة مستمدة من النظام التنقيبي والتحري
ـ الطرف المضرور من الجريمة ( المجني عليه) يمكن له تحريك الدعوى العمومية وهذا ما اشارت اليه المادة الاولى الفقرة الثانية من قانون الاجراءات الجزائية (( كما يجوز ايضا للطرف المضرور ان يحرك هذه الدعوى طبقا للشروط المحددة في هذا القانون
ــ اجراءات التحري والتحقيق سرية وبطريقة كتابية
وهذا ما اشارت اليه المادة 11 من قانون الاجراءات الجزائية (( تكون اجراءات التحري والتحقيق سرية ما لم ينص على خلاف ذلك دون الاضرار بحقوق الدفاع
ـ اوجب القانون على ضباط الشرطة القضائية ان يحرروا محاضرهم بأعمالهم ويوقعون عليها وان يبعثوا بأصولها فورا الى وكيل الجمهورية
المادة 18 من قانون الاجراءات الجزائية تنص على ما يلي : يتعين على ضباط الشرطة القضائية ان يحرروا محاضر بأعمالهم وان يبادروا بغير تمهل الى اخطار وكيل الجمهورية بالجنايات والجنح التي تصل الى علمهم
ويجب ان ينوه في تلك المحاضر عن صفة الضبط القضائي الخاصة بمحررها
( 6 )
ــ تنص المادة 212 من قانون الاجراءات الجزائية
ولا يسوغ ان يبني قراره الا على الادلة المقدمة له في معرض المرافعات والتي حصلت المناقشة فيها حضوريا امامه
الخلاصة :
المشرع الجزائري مثل بقية الدول الحديثة انه اخذ بالنظام المختلط ووازن بين النظامين الاتهامي والتفتيشي
حيث تبنى مبادئ النظام التفتيشي في اجراءات التحقيق التي اتسمت بالسرية وبطريقة كتابية
والمبادئ التي يقوم عليها النظام الاتهامي في مرحلة المحاكمة من علنية وشفوية وحضورية
يتبع ان شاء الله والسلام