إشكالية في قصيدة امرئ القيس (قفا نبك)

[أبوالحارث سميرعطلاوي]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

إشكالية في قصيدة امرئ القيس (قفا نبك)

قصيدة امرئ القيس المشهورة التي مطلعها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل.......بسَقط اللوى بين الدخول وحومل
هي أشهر قصيدة عربية وأجودها على الإطلاق،تداولتها ألسنة الصبيان في الكتاتيب،كما تداولتها صدور العلماء رواية ودراية.
جاءت القصيدة برواية عالمين مشهورين وهما:الأصمعي البصري،والمفضل الكوفي.
ولكن،توجد إشكالية في هاته القصيدة عند كثير من الناس وهي أن رواية القصيدة عند الأصمعي جاءت في 77 بيتا،بينما روايتها عند المفضل فجاءت في 81 بيتا،فما هو السبب يا ترى؟
السر في هذا أن بعض الرواة قد زاد على القصيدة أربع أبيات كاملة،نُسبت خطأ إلى امرئ القيس وهو منها براء،وهاته الأبيات هي:
وقربة أقوام جعلت عصامها ... على كاهل مني ذلول مرحل
وواد كجوف العير قفر قطعته ... به الذئب يعوي كالخليع المعيل
فقلت له لما عوى: أن شأننا ... قليل الغنى إن كنت لما تمول
كلانا إذا ما نال شيئاً أفاته ... ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل
فإذا ثبت هذا الرأي،فمن هو صاحبها على الحقيقة؟
قال الزوزني في كتابه شرح القصائد السبع: (لم يرو جمهور الأئمة الأبيات الأربعة في هذه القصيدة،وزعموا أنها لتأبط شرا).
كما قال عبد القادر البغدادي في كتابه خزانة الأدب: (هذه الأبيات الأربعة رواها الرواة لتأبط شرا.......،وهذا الشعر أشبه بكلام اللص والصعلوك،لا بكلام الملوك).
وهذا هو الرأي الراجح
فمن عرف أسلوب امرئ القيس في قصائده وعرف طرفا من حياته،سيعرف أنه لا يمكن أن يتفوه بكلام الصعاليك واللصوص،فهو من كلام تأبط شرا وقد كان صعلوكا.
وقد أثبت محقق ديوان تأبط شرا علي ذو الفقار شاكر هاته الأبيات في قصيدة تأبط شرا والتي مطلعها:
أقسمت لا أنسى وإن طال عيشنا......صنيع لكيز والأحل بن قنصل
فأصح روايات قصيدة امرئ القيس المشهورة قفا نبك هي التي جاءت برواية الأصمعي،أوثق من روى الشعر من العلماء والرواة،في 77 بيتا.

[DMOmo]

بارك الله فيك وفي الأصمعي، يحقّق ويدقّق، ويبرّئ الشّاعر من مقول غيره، فاللهم ارزقه من يبرّئه من صوت صفير البلبل براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.