|
فقه المرأة المسلمة في ضوء الكتاب والسنّة |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
۩☼◄[[أَحكام وفتاوى عِيد الفِطر..]]►☼۩
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2016-07-05, 05:00 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
۩☼◄[[أَحكام وفتاوى عِيد الفِطر..]]►☼۩
بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيم الحمدُ للهِ، والصَّلَاةُ والسَّلَامُ على رسولِ اللهِ، أمَّا بعدُ : ما أحكام العيد، وما هي السنن التي فيه؟ السُّـــــؤَال : ما هي أحكام العيد، وما هي السنن التي فيه؟ الجَـــــوَاب : جعل الله في العيد أحكاماً متعددة، منها : أولاً: استحباب التكبير في ليلة العيد من غروب الشمس آخر يوم من رمضان إلى حضور الإمام للصلاة، وصيغة التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. أو يكبر ثلاثاً فيقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد ،وكل ذلك جائز. وينبغي أن يرفع الإنسان صوته بهذا الذكرفي الأسواق والمساجد والبيوت، ولا ترفع النساء أصواتهن بذلك. ثانياً: أن يأكل تمراتٍ وتراً قبل الخروج للعيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات وتراً، ويقتصر على وتر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. ثالثاً: يلبس أحسن ثيابه، وهذا للرجال، أما النساء فلا تلبس الثياب الجميلة عند خروجها إلى مصلى العيد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "وليخرجن تفلات" أي في ثياب عادية ليست ثياب تبرج، ويحرم عليها أن تخرج متطيبة متبرجة. رابعاً: استحب بعض العلماء أن يغتسل الإنسان لصلاة العيد؛ لأن ذلك مروي عن بعض السلف، والغسل للعيد مستحب، كما شرع للجمعة لاجتماع الناس، ولو اغتسل الإنسان لكان ذلك جيداً. خامساً: صلاة العيد ،وقد أجمع المسلمون على مشروعية صلاة العيد، ومنهم من قال: هي سنة. ومنهم من قال: فرض كفاية. وبعضهم قال: فرض عين ومن تركها أثم، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حتى ذوات الخدور والعواتق ومن لا عادة لهن بالخروج أن يحضرن مصلى العيد، إلا أن الحيض يعتزلن المصلى، لأن الحائض لا يجوز أن تمكث في المسجد، وإن كان يجوز أن تمر بالمسجد لكن لا تمكث فيه. والذي يترجح لي من الأدلة أنها فرض عين، وأنه يجب على كل ذكر أن يحضر صلاة العيد إلا من كان له عذر، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ وإذا فاتت الإنسان سقطت لأنها كالجمعة، والجمعة إذا فاتت الإنسان سقطت، ولوأن الوقت جمعة لقلنا لمن فاتتها الجمعة لا تصلِّ الظهر، لكن لمّا فاتته الجمعة وجبت صلاة الظهر؛ لأنه وقت الظهر، أما صلاة العيد فليس لها صلاة مفروضة غير صلاة العيد وقد فاتت. وذهب بعض أهل العلمإلى أنه يسن قضاؤها، فإذا أتيت صلاة العيد والإمام يخطب، تصلي العيد على الصفة التي صلاها الإمام. ويقرأ الإمام في الركعة الأولى: {سبح اسم ربك الأعلى}، وفي الثانية: {هل أتاك حديث الغاشية}، أو يقرأ سورة {ق} في الأولى، وسورة القمر في الثانية، وكلاهما صح به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. سادساً: إذا اجتمعت الجمعة والعيد في يوم واحد، فتقام صلاة العيد، وتقام كذلك صلاة الجمعة، كما يدل عليه ظاهر حديث النعمان بن بشير الذي رواه مسلم في صحيحه، ولكن من حضر مع الإمام صلاة العيد إن شاء فليحضر الجمعة، ومن شاء فليصل ظهراً. سابعاً: ومن أحكام صلاة العيد أنه عند كثير من أهل العلم أن الإنسان إذا جاء إلى مصلى العيد قبل حضور الإمام فإنه يجلس ولا يصلي ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد ركعتين لم يُصلِّ قبلهما ولا بعدهما. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا جاء فلا يجلس حتى يصلي ركعتين؛ لأن مصلى العيد مسجد، بدليل منع الحيض منه، فثبت له حكم المسجد، فدل على أنه مسجد، وإلا لما ثبتت له أحكام المسجد، وعلى هذا فيدخل في عموم قوله عليه الصلاة والسلام: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين". وأما عدم صلاته صلى الله عليه وسلم قبلها وبعدها فلأنه إذا حضر بدأ بصلاة العيد. إذن يثبت لمصلى العيد تحية المسجد كما تثبت لسائر المساجد، ولأننا لو أخذنا من الحديث أن مسجد العيد ليس له تحية لقلنا: ليس لمسجد الجمعة تحية؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضر مسجد الجمعة يخطب ثم يصلي ركعتين، ثم ينصرف ويصلي راتبة الجمعة في بيته، فلم يصل قبلها ولا بعدها. والذي يترجح عندي أن مسجد العيد تصلى فيه ركعتان تحية المسجد، ومع ذلك لا ينكر بعضنا على بعض في هذه المسألة؛ لأنها مسألة خلافية، ولا ينبغي الإنكار في مسائل الخلاف إلا إذا كان النص واضحاً كل الوضوح، فمن صلى لا ننكر عليه، ومن جلس لا ننكر عليه. ثامناً: من أحكام يوم العيد ـ عيد الفطر ـ أنه تفرض فيه زكاة الفطر، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تخرج قبل صلاة العيد، ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البخاري: "وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين"، وإذا أخرجها بعد صلاة العيد فلا تجزئه عن صدقة الفطر لحديث ابن عباس: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"، فيحرم على الإنسان أن يؤخر زكاة الفطر عن صلاة العيد، فإن أخرها بلا عذر فهي زكاة غير مقبولة، وإن كان بعذر كمن في السفر وليس عنده ما يخرجه أو من يخرج إليه، أو من اعتمد على أهله أن يخرجوها واعتمدوا هم عليه، فذلك يخرجها متى تيسر له ذلك، وإن كان بعد الصلاة ولا إثم عليه؛ لأنه معذور. تاسعاً: يُهنئ الناس بعضهم بعضاً، ولكن يحدث من المحظورات في ذلك ما يحدث من كثير من الناس، حيث يدخل الرجال البيوت يصافحون النساء سافرات بدون وجود محارم وهذه منكرات بعضها فوق بعض . ونجد بعض الناس ينفرون ممن يمتنع عن مصافحة من ليست محرماً له، وهم الظالمون وليس هو الظالم، والقطيعة منهم وليست منه، ولكن يجب عليه أن يبين لهم ويرشدهم إلى سؤال الثقات من أهل العلم للتثبت، ويرشدهم أن لا يغضبوا لمجرد اتباع عادات الآباء والأجداد؛ لأنها لا تحرم حلالاً، ولا تحلل حراماً، ويبين لهم أنهم إذا فعلوا ذلك كانوا كمن حكى الله قولهم: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ }. ويعتاد بعض الناس الخروج إلى المقابر يوم العيد يهنئون أصحاب القبور، وليس أصحاب القبور في حاجة لتهنئة، فهم ما صاموا ولا قاموا. وزيارة المقبرة لا تختص بيوم العيد، أو الجمعة، أو أي يوم، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زار المقبرة في الليل، كما في حديث عائشة عند مسلم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة". ولو قيدها البعض بمن قسى قلبه لم يكن بعيداً، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علل الأمر بالزيارة بأنها تذكرة الآخرة، فكلما ابتعدنا عن الآخرة ذهبنا إلى المقابر، لكن لم أعلم من قال بهذا من أهل العلم، ولو قيل لكان له وجه. وزيارة القبور من العبادات، والعبادات لا تكون مشروعة حتى توافق الشرع في ستة أمور منها الزمن، ولم يخصص النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد بزيارة القبور، فلا ينبغي أن يخصص بها. عاشراً: ومما يفعل يوم العيد معانقة الرجال بعضهم لبعض، وهذا لا حرج فيه، وتقبيل النساء من المحارم لا بأس به، ولكن العلماء كرهوه إلا في الأم فيقبل الرجل رأسها أو جبهتها وكذلك البنت، وغيرهما من المحارم يبعد عن تقبيل الخدين، فذلك أسلم. الحادي عشر: ويشرع لمن خرج لصلاة العيد أن يخرج من طريق ويرجع من آخر اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تسن هذه السنة في غيرها من الصلوات، لا الجمعة ولا غيرها، بل تختص بالعيد، وبعض العلماء يرى أن ذلك مشروع في صلاة الجمعة، لكن القاعدة: "أن كل فعل وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فاتخاذه عبادة يكون بدعة من البدع ". فإن قيل : ما الحكمة من مخالفة الطريق؟ فالجواب: المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا }، ولما سئلت عائشة رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت رضي الله عنها: "كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، فهذه هي الحكمة. وعلل بعض العلماء بأنه لإظهار هذه الشعيرة في أسواق المسلمين. وعلل بعضهم بأنه لأجل أن يشهد له الطريقان يوم القيامة. وقال بعضهم: للتصدق على فقراء الطريق الثاني . والله أعلم. مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد السادس عشر باب صلاة العيدين. يُتبع...
آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2021-05-11 في 07:38.
|
||||
2016-07-05, 05:06 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
الفرحُ المشروع والفرحُ الممنوع.. نسمع ونقرأ كثيراً بمناسبة العيدين المباركين: عيد الفطر وعيد الأضحى من ينادي بإظهار الفرح في هذين العيدين، ويسمي ما يحصل من بعض الجهال في هذه المناسبة من منكرات لا يقرها الشرع فرحاً مطلوباً لا يسوغ منعه، ونقول: إن فعل المنكرات لا يجوز في أي وقت ولا يسوغ إقراره؛ لأن إنكار المنكر أمر واجب وتركه مؤذن بعقاب وغضب من الله تبارك وتعالى، وأعني ما قد يحصل في هاتين المناسبتين من جلب المطربين والمطربات وإقامة التمثيليات والمسرحيات مما لا يتناسب بعد شهر الصوم وكذلك من بعض المشعوذين من ألعاب سحرية ومن التجمهر بين الرجال والنساء والسهر بالليل وإضاعة الصلوات في وقتها مع الجماعة في المساجد، فإذا قام رجال الحسبة بمحاولة منع هذه الأعمال فذلك أمر واجب عليهم وهو من صميم عملهم ويجب علينا أن نساعدهم ونتعاون معهم؛ لا أن نعترض عليهم ونخذلهم من خلال المقالات الصحفية أو الحديث في المجالس ونصفهم بالتشدد؛ لأنهم منعوا هذا النوع من الفرح الذي يلطخ العيد المبارك ويتنافى مع مقاصده الشرعية. فالفرح نوعان: نوع مشروع وهو الفرح في عيد الفطر بتفضل الله وشكره على إتمام الصيام والقيام في شهر رمضان، والفرح بإتمام مناسك الحج في عيد الأضحى قال الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) لما قال جل وعلا: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) قال بعدها: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا) وفضل الله هو القرآن ورحمته الدين والإيمان (هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) أي يحصلون عليه من متاع الدنيا ولذاتها فنعمة الدين باقية ونعمة الدنيا زائلة والفرح بالقرآن والدين هو الفرح المحمود والفرح بالدنيا الزائلة هو الفرح المذموم؛ لأن الفرح بالدين فرح شكر لله والفرح بالدنيا فرح أشر وبطر، قال الله تعالى: (وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) وقال تعالى: (وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ) وهو كفرح قارون (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) والذي كانت عاقبته الهلاك وهو الفرح الذي تكون عاقبته النار حينما يقال لهم: (ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) إن الفرح بالعيدين عند المسلمين فرح معه شكر وعبادة لله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله". وانتهاء شهر رمضان يتبع بالتكبير وصدقة الفطر وصلاة العيد وصوم ستة أيام من شوال مع تناول ما أباح الله من الطعام والشراب وإظهار الفطر بما أباح الله، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل الخروج لصلاة العيد تمرات وتراً ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه"، إن أعياد المسلمين مربوطة بالعبادات وأعياد غير المسلمين مربوطة بأحداث غير مرغوب فيها من الثورات والثارات والفوضى ففرق بين أعياد المسلمين وأعياد غيرهم فلذلك أبدلنا الله من أعياد الجاهلية بأعياد شرعية مربوطة بأداء العبادات ومشتملة على الطاعات وشكر الله وتعظيمه فالمسلمون في أعيادهم يتمتعون بما أباح الله لهم ويفرحون بفضل الله ورحمته ويقرنون ذلك بشكر الله وتعظيمه ويفرحون بما خصهم الله به من نعمة الإسلام ونزول القرآن وبما أباح الله لهم من تناول الطيبات وتبادل الزيارات والتحيات والترابط الأسري والترابط الأخوي بين المسلمين عموماً فهم يفرحون في أعيادهم الفرح المحمود لا الفرح البهيمي المذموم فكم بين أعياد المسلمين وأعياد غيرهم من الفروق كما أننا نهينا عن التشبه بغير المسلمين في أعيادهم وغيرها ليتميز المسلمون عن غيرهم فالحمد لله على نعمة الإسلام وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه. لمعالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان. يُتبع... آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2021-05-11 في 04:43.
|
|||
2016-07-05, 05:39 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
فتاوى في أحكام العيد للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-..
آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2021-05-11 في 05:40.
|
|||
2016-07-25, 07:49 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
بارك الله فيك |
|||
2017-06-22, 17:14 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
أحكام عيد الفطر..
الحمد لله القوي المتين، الملك الحق المبين، وأشهد أن لا إله إلا الله، فإياه نعبد وإياه نستعين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، سيد المرسلين، وإمام المتقين، اللهم صل وسلم على محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فهذه جملة مختصرة عن أحكام عيد الفطر، كتبتها تذكيراً لنفسي ولإخواني من المسلمين، وجعلتها في مسائل ليسهل فهمها والإلمام بها، وأسأل الله ربي أن ينفع بها الكاتب والقارئ والساعي بين الناس في نشرها، وتفقيههم بها. ثم أقول مستعيناً بالله جل وعلا: المسألة الأولى / عن مشروعية صلاة العيد. قال الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن صلاة العيد كما في "مجموع الفتاوى" (23/161): إنها من أعظم شعائر الإسلام، والناس يجتمعون لها أعظم من الجمعة .اهـ ومشروعيتها ثابتة بالسنة النبوية المشتهرة المستفيضة بين الناس، وبإجماع أهل العلم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده يداومون عليها، ولم يأت عنهم تركها في عيد من الأعياد. قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ: (( شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان )) رواه البخاري (962) واللفظ له، ومسلم (884). بل حتى النساء كن يشهدنها على عهده صلى الله عليه وسلم، فقد قالت أم عطية ـ رضي الله عنها ـ: (( كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى نخرج البكر من خدرها، حتى نخرج الحيض، فكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم، يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته )) رواه البخاري (971) واللفظ له، ومسلم (890). وقال الإمام إسحاق بن راهويه ـ رحمه الله ـ كما في "المسائل لإسحاق بن منصور الكوسج"( رقم:2856): يستحب الخروج لهن في العيدين، لما مضت السنة بذلك، ولكن لا يتزين ولا يتطيبن.اهـ فإذا خرجن على هذه الصفة جمعن بين فعل السنة، واجتناب الفتنة. المسألة الثانية / عن الاغتسال للعيد. وتحت هذه المسألة فرعان: الفرع الأول / عن مشروعية الغسل للعيد. الاغتسال للعيد فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت عن نافع: (( أن ابن عمر كان يغتسل للعيدين )) رواه الفريابي في "أحكام العيدين"(رقم:15). وثبت عن الجعد بن عبد الرحمن أنه قال: (( رأيت السائب بن يزيد يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى )) رواه الفريابي في "أحكام العيدين"(رقم:16). وقال ابن رشد ـ رحمه الله ـ في كتابه "بداية المجتهد"(1/505): أجمع العلماء على استحسان الغسل لصلاة العيدين.اهـ الفرع الثاني / عن وقت الاغتسال للعيد. الأفضل أن يكون الاغتسال بعد صلاة الفجر وقبل الذهاب إلى المصلى، وأن تكون صفته كصفة غسل الجنابة، وعليه يدل ظاهر الآثار الواردة عن الصحابة، ومنهم ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ، فقد ثبت عن محمد بن إسحاق أنه قال: قلت لنافع: كيف كان ابن عمر يصلي يوم العيد؟ فقال: (( كان يشهد صلاة الفجر مع الإمام، ثم يرجع إلى بيته فيغتسل كغسله من الجنابة، ويلبس أحسن ثيابه، ويتطيب بأحسن ما عنده، ثم يخرج حتى يأتي المصلى ))رواه الحارث ابن أبي أسامة كما في "المطالب العالية"( رقم:2753). وثبت عن الجعد بن عبد الرحمن أنه قال: (( رأيت السائب بن يزيد يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلى )) رواه الفريابي في "أحكام العيدين"(رقم:16). وإن اغتسل قبل صلاة الفجر لضيق الوقت، وحتى يتمكن من التبكير إلى المصلى فحسن، وقد فعله جمع من السلف الصالح، واستحسنه كثير. المسألة الثالثة / عن التجمل بأحسن الثياب والطيب للعيد. قال عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ: (( وجد عمر بن الخطاب حلة من إستبرق تباع في السوق فأخذها فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ابتع هذه فتجمل بها للعيد والوفود..)) رواه البخاري (948) ومسلم (2068). وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "فتح الباري"(6 /67-68) عقبه: وقد دل هذا الحديث على التجمل للعيد، وأنه كان معتاداً بينهم00وهذا التزين في العيد يستوي فيه الخارج إلى الصلاة، والجالس في بيته حتى النساء والأطفال.اهـ وقال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في كتابه "الأم"(1/387): ويلبس الصبيان أحسن ما يقدرون عليه ذكوراً وإناثاً.اهـ وثبت عن محمد بن إسحاق أنه قال: قلت لنافع: كيف كان ابن عمر يصلي يوم العيد؟ فقال: (( كان يشهد صلاة الفجر مع الإمام ثم يرجع إلى بيته فيغتسل كغسله من الجنابة، ويلبس أحسن ثيابه، ويتطيب بأحسن ما عنده، ثم يخرج حتى يأتي المصلى )) رواه الحارث ابن أبي أسامة كما في "المطالب العالية"( رقم: 2753). وقال الإمام مالك ـ رحمه الله ـ كما في كتاب "الأوسط"(4/265) لابن المنذر: سمعت أهل العلم يستحبون الزينة والتطيب في كل عيد.اهـ المسألة الرابعة / عن الأكل قبل الذهاب إلى المصلى. يسن للمسلم في يوم عيد الفطر أن يأكل تمرات بعد صلاة الفجر وقبل الخروج من البيت إلى المصلى، وذلك لقول أنس رضي الله عنه: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدوا يوم الفطر حتى يأكل تمرات )) رواه البخاري (953). وثبت عن سعيد بن المسيب رحمه الله أنه قال: (( كان المسلمون يأكلون في يوم الفطر قبل الصلاة )) رواه الشافعي في "الأم"(1/387). وقال ابن رشد ـ رحمه الله ـ في كتابه "بداية المجتهد" (1/221): وأجمعوا على أنه يستحب أن يفطر في عيد الفطر قبل الغدو إلى المصلى.اهـ ومن لم يتيسر له تمرات أكل مما يجد، فقد ثبت عند عبد الرزاق في "مصنفه"(5734) عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء قال: أنه سمع بن عباس ـ رضي الله عنه ـ يقول: (( إن استطعتم أن لا يغدو أحد كم يوم الفطر حتى يطعم فليفعل، قال: فلم أدع أن آكل قبل أن أغدو منذ سمعت ذلك من ابن عباس، فآكل من طرف الصريفة، قلنا له: ما الصريفة؟ قال خبز الرقاق، الأكلة أو أشرب من اللبن أو النبيذ أو الماء، قلت: فعلى ما تأول هذا؟ قال: سمعته قال: أظن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كانوا لا يخرجون حتى يمتد الضحى فيقولون نطعم لأن لا نعجل عن الصلاة قال: وربما غدوت ولم أذق إلا الماء، ابن عباس القائل )). المسألة الخامسة / عن الخروج إلى مصلى العيد والعودة منه. وتحت هذه المسألة فرعان: الفرع الأول / عن استحباب الذهاب إلى مصلى العيد مشياً. فقد ثبت عن زر بن حبيش ـ رحمه الله ـ أنه قال: (( خرج عمر بن الخطاب في يوم فطر أو يوم أضحى في ثوب قطن متلبباً به يمشي )) رواه ابن أبي شيبة (5590). وثبت عن جعفر بن برقان ـ رحمه الله ـ أنه قال: (( كتب عمر بن عبد العزيز يرغبهم في العيدين: من استطاع أن يأتيهما ماشياً فليفعل )) رواه عبد الرزاق (5664) واللفظ له، وابن أبي شيبة (5604). وثبت عن سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ أنه قال: (( سنة الفطر ثلاث ـ وذكر منها ـ : المشي إلى المصلى )) رواه الفريابي في "أحكام العيدين"(رقم:18). وقال الإمام الترمذي ـ رحمه الله ـ في "سننه"(2/264): أكثر أهل العلم يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشياً.اهـ الفرع الثاني/ عن استحباب الذهاب إلى مصلى العيد من طريق والرجوع منه من طريق آخر. قال جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ: (( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق )) رواه البخاري (986). وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "فتح الباري"(6/166): وقد استحب كثير من أهل العلم للإمام وغيره إذا ذهبوا في طريق إلى العيد أن يرجعوا في غيره.اهـ وقال ابن رشد ـ رحمه الله ـ في كتابه "بداية المجتهد"(1/2211-222): وأجمعوا على أنه يستحب أن يرجع من غير الطريق التي مشى عليها لثبوت ذلك من فعله عليه الصلاة والسلام.اهـ المسالة السادسة / عن التكبير في عيد الفطر. وتحت هذه المسألة ستة فروع: الفرع الأول / عن مشروعيته. قال الله تعالى في ختام آية الصوم من سورة البقرة: { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }. وقال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في "تفسيره"(1/307): أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية.اهـ وجرى عليه العمل في عهد السلف الصالح من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، فقد ثبت عن نافع ـ رحمه الله ـ: (( أن ابن عمر كان يخرج إلى العيدين من المسجد فيكبر ))رواه الفريابي (43-46). وثبت عن أبي عبد الرحمن السلمي ـ رحمه الله ـ أنه قال: (( كانوا في التكبير في الفطر أشد منهم في الأضحى )) رواه الدارقطني (2/44) والفريابي في"أحكام العيدين"(64). الفرع الثاني / عن وقت ابتدائه. يبدأ التكبير في عيد الفطر عند أكثر أهل العلم من السلف الصالح فمن بعدهم من حين الذهاب إلى مصلى العيد. فقد ثبت عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ: (( أنه كان يكبر إذا غدا إلى المصلى يوم العيد )) رواه الفريابي في "أحكام العيدين"(رقم:39). وثبت عن الإمام الزهري ـ رحمه الله ـ أنه قال:(( كان الناس يكبرون من حين يخرجون من بيوتهم )) رواه الفريابي في "أحكام العيدين"(رقم:59). وقال الحافظ ابن المنذر ـ رحمه الله ـ في كتابه "الأوسط"(4/249): سائر الأخبار عن الأوائل دالة على أنهم كانوا يكبرون يوم الفطر إذا غدوا إلى الصلاة.اهـ وقال النووي ـ رحمه الله ـ في كتابه "المجموع"(5/48): قال جمهور العلماء لا يكبر ليلة العيد إنما يكبر عند الغدو إلى صلاة العيد.اهـ الفرع الثالث / عن وقت انتهائه. ثبت عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه: (( كان يكبر يوم العيد حتى يأتي المصلى، ويكبر حتى يأتي الإمام )) رواه الفريابي في "أحكام العيدين"( رقم: 48- 46). وثبت عن الإمام الزهري ـ رحمه الله ـ أنه قال: (( كان الناس يكبرون .. حتى يأتوا المصلى، حتى يخرج الإمام فإذا خرج سكتوا )) رواه الفريابي في "أحكام العيدين"(رقم:59). الفرع الرابع / عن الجهر به. ثبت عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ: (( أنه كان إذا غدا يوم الأضحى ويوم الفطر يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام )) رواه الدارقطني (2/45) وبنحوه عند الفريابي في "أحكام العيدين" (رقم:43-53) . وقال الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع الفتاوى"(24/220): ويشرع لكل أحد أن يجهر بالتكبير عند الخروج إلى العيد، وهذا باتفاق الأئمة الأربعة.اهـ. وقال الحافظ ابن رجب ـ رحمه الله ـ في "فتح الباري"(6/133): ولذلك يشرع إظهار التكبير في الخروج إلى العيدين في الأمصار، وقد روي ذلك عن: عمر وعلي وابن عمر وأبي قتادة، وعن خلق من التابعين ومن بعدهم.اهـ. الفرع الخامس / عن تكبير النساء. قالت أمُّ عطيـَّة - رضي الله عنها -:(( كنَّا نُؤمَر أن نَخْرُج يوم العيد، حتَّىٰ نُخْرِجَ البكر من خدرها، حتَّىٰ نُخْرِجَ الحِيَّض، فيَكنَّ خلف النَّاس، فيكبِّرن بتكبيرهم )) رواه البخاري(971) واللَّفظ له، ومسلم (890) ، وفي رواية لمسلم: (( يكبِّرن مع الناس )). وهٰذا نصٌّ في مشروعيـَّة التَّكبير للنِّساء حتَّىٰ ولو كُنَّ حِيَّض. وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في كتابه "فتح الباري" (6/130): ولا خلاف في أنَّ النَّساء يكبِّرن مع الرِّجال تبعاً إذا صلَّيْنَ معهم جماعة، ولكنَّ المرأة تخفض صوتها بالتَّكبير.اهـ. وقال النَّووي - رحمه الله – في " شرح صحيح مسلم" (6/429) عقب حديث أمِّ عطيـَّة - رضي الله عنها -: وهٰذا دليلٌ علىٰ استحباب التَّكبير لكلِّ أحد في العيدين وهو مجمعٌ عليه.اهـ. قال ابن بطَّـال - رحمه الله - في "شرح صحيح البخاري" (2/567): وهذا أمـرٌ مستفيض.اهـ. الفرع السادس / عن صيغه. للتَّكبير في العيد عِدَّة صِيغ جاءت عن الصَّحابة ـ رضي الله عنهم ـ: الأولىٰ: (( الله أكبر كبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الله أكبر وأجلُّ، الله أكبر ولله الحمد )). وثبتت عن ابن عباس- رضي الله عنهما - عند ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" (1/489). الثَّانية: ما أخرج عبد الرزاق (11/295رقم: 20581) ، ومن طريقه البيهقي (3/316) عن أبي عثمان النَّهدي قال: (( كان سلمان يعلِّمنا التَّكبير يقول: كبِّروا الله، الله أكبر، الله أكبر- مرارًا - الَّلهم أنت أعلىٰ وأجلُّ من أن تكون لك صاحبة، أو يكون لك ولد، أو يكون لك شريك في الملك، أو يكون لك وليٌّ من الذُّلِّ، وكبِّره تكبيرًا، الله أكبر كبيرًا، الَّلهم اغفر لنا، الَّلهم ارحمنا. ثمَّ قال: والله لتكتبنَّ هٰذه، ولا تترك هاتان، وليكوننَّ هٰذا شفعاء صدق لهاتين )). ولفظ البيهقي: (( كان سلمان ـ رضي الله عنه ـ يعلِّمنا التَّكبير يقول: كبِّروا: الله أكبر، الله أكبر كبيرًا - أو قال تكبيرًا - اللهم أنت أعلىٰ وأجلُّ من أن تكون لك صاحبة, أو يكون لك ولد, أو يكون لك شريك في الملك, أو يكون لك وليٌّ من الذُّلِّ، وكبِّره تكبيرًا، الَّلهم اغفر لنا، الَّلهم ارحمنا. ثمَّ قال: والله لتكتبنَّ هٰذه، لا تترك هاتان، ولتكوننَّ شفعاً لهاتين )). وقال الحافظ ابن حجر- رحمه الله - في كتابه "فتح الباري" (2/462) عن هٰذه الصِّيغة: أصحُّ ما ورد.اهـ. ووافقته اللَّجنة الدَّائمة للبحوث العلميَّة والإفتاء بالمملكة برئاسة العلَّامة ابن باز رحمه الله. الثَّالثة: (( الله أكبر, الله أكبر، لا إله إلَّا الله، والله أكبر, الله أكبر، ولله الحمد )). وجاءت عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عند ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" (1/488-490) وصحَّحها العلَّامة الألباني - رحمه الله – في كتابه "إرواء الغليل" (3/125). وقد ثبتت هٰذه الصِّيغة أيضاً عن جمعٍ كثير منالتَّابعين - رحمهم الله - كما عند ابن أبي شيبة في "مصنَّفه" (1/488-490) والفريابي في "أحكام العيدين"(رقم: 62 ) وغيرهما. المسألة السابعة / عن رفع اليدين في التكبيرات الزوائد من صلاة العيد. وتحت هذه المسألة أربعة فروع: الفرع الأوَّل: وعن المراد بالتَّكبيرات الزَّوائد. المراد بالتَّكبيرات الزَّوائد: التَّكبيرات الَّتي تكونُ بعد تكبيرة الإحرام في الرَّكعة الأولىٰ، وبعد تكبيرة النُّهوض إلىٰ الرَّكعة الثَّانية. الفرع الثَّاني: عن عدد هذه التَّكبيرات في كلِّ ركعة. قال الإمام مالك- رحمه الله - في "الموطَّـأ" (ص144رقم:421): أخبرنا نافع مولى عبد الله بن عمر أنـَّه قال: (( شهدتُّ الأضحَىٰ والفطر مع أبي هريرة فكبَّر في الأُولىٰ سبع تكبيرات قبل القراءة، وفي الآخرة بخمس تكبيرات قبل القراءة )) وسندُه صحيح. وثبت نحوه عن ابن عبَّاس- رضي الله تعالى عنهما -. وقال الخطَّابي - رحمه الله - في كتابه "معالم السنن" (1/217رقم:319): وهٰذا قول أكثر أهل العلم.اهـ وقال النَّووي - رحمه الله- في كتابه "المجموع"(5/24): وحكاهُ صاحب "الحَاوي" عن أكثر الصَّحابة والتَّابعين.اهـ وقال الإمام ابن تيمية - رحمه الله - كما في "مجموع الفتاوىٰ" ( 24/220): وأمـَّا التَّكبير في الصَّلاة فيكبِّر المأموم تبعاً للإمام، وأكثر الصَّحابةـ رضي الله عنهم ـ والأئمَّـة يكبِّرون سبعاً في الأُولىٰ وخمسًا في الثَّانية.اهـ الفرع الثَّالث: عن نسيان الإمام للتَّكبيرات الزَّوائد أو شيءٍ منها. قال الإمام ابن قدامة - رحمه الله -في كتابه "المغني"(3/275): والتَّكبيرات والذِّكر بينها سُنَّة وليس بواجب، ولا تبطل الصَّلاة بتركه عمدًا أو سهوًا، ولا أعلمُ فيه خلافـاً.اهـ. الفرع الرَّابع: عن رفع اليدين مع هذا التَّكبيرات الزَّوائد. قال الإمام ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله ـ في كتابه "رفع اليدين في الصلاة"(ص295): وقد ثبت عن الصحابة رفع اليدين في تكبيرات العيدين.اهـ. وثبت عن ابن جريج أنه قال: قلت لعطاء ـ يعني: ابن أبي ر باح التابعي ـ: (( يرفع الإمام يديه كلما كبر هذه التكبيرات الزيادة في صلاة الفطر؟ قال: نعم، ويرفع الناس أيضاً )) رواه عبد الرزاق (3/297). وقال الإمام البَغوي - رحمه الله - في كتابه "شرح السُّنَّـة"(4/310): ورفعُ اليدين في تكبيرات العيد سُنَّة عند أكثر أهل العلم.اهـ وباستحباب هذا الرَّفع يقول: ابن قيم الجوزيَّة وابن باز وابن عثيمين ـ رحمهم الله ـ. المسألة الثامنة / عن دعاء الاستفتاح في صلاة العيد. دعاء الاستفتاح مستحبٌّ في صلاة العيد قياساً علىٰ باقي الصَّلوات، وإلىٰ هذا ذهب عامَّة من يرىٰ مشروعيَّة دعاء الاستفتاح إلَّا أنَّهم اختلفوا في موضعه علىٰ قولين: القول الأول: أنـَّه يُقال بعد تكبيرة الإحرام، ثمَّ يُكبِّر بعده التَّكبيرات الزَّوائد. وهو قولُ الأكثر. القول الثاني: أنـَّه يُقال بعد الانتهاء من التَّكبيرات الزَّوائد. المسألة التاسعة / عن قضاء صلاة العيد. من فاتته ركعة من صلاة العيد أو أدركهم في التشهد أو فاتته صلاة العيد كلها،هل يشرع له أن يقضي؟ وإن قضى فعلى أي صفة؟. قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة برئاسة العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ كما في "الفتاوى"( 8/306 -307 رقم : 2328 و4517): ومن فاتته وأحب قضاءها استحب له ذلك، فيصليها على صفتها من دون خطبة بعدها، وبهذا قال الإمام مالك والشافعي وأحمد والنخعي وغيرهم من أهل العلم، والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (( إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة والوقار، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فاقضوا )) وما روي عن أنس ـ رضي الله عنه ـ أنه: (( كان إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلي بهم ركعتين، يكبر فيهما )). ولمن حضر يوم العيد والإمام يخطب أن يستمع الخطبة ثم يقضي الصلاة بعد ذلك حتى يجمع بين المصلحتين.اهـ. وقالت أيضاً: من أدرك التشهد فقط مع الإمام من صلاة العيدين صلى بعد سلام الإمام ركعتين يفعل فيهما كما فعل الإمام من تكبير وقراءة وركوع وسجود.اهـ. المسألة العاشرة / عن شهود خطبة العيد. وتحت هذه المسألة فرعان: الفرع الأوَّل: عن الجلوس لاستماعها. مَن صلَّىٰ مع الإمام فالسُّنـَّة في حقِّه أن لا ينصرف حتَّىٰ يسمع الخطبة. قال الحافظ ابن عبد البرّ - رحمه الله - في كتابه "الاستذكار" (7/61) عن هذا الجلوس: وعلىٰ هذا جماعة الفقهاء.اهـ وهو المعمول به علىٰ عهده صلى الله عليه وسلم، فقد قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ:(( كان النَّبيُّ صلى الله عليه سلم يخرج يوم الفطر والأضحَىٰ إلى المصلَّىٰ، فأوَّل شيء يبدأ به الصَّلاة، ثمَّ ينصرف فيقوم مقابل النَّاس، والنَّاس جلوس علىٰ صفوفهم- ولمسلم ـ: في مصلَّاهم - فيعظهم ويُوصيهم ويأمرهم )) رواه البخاري( 956) واللَّفظ له، ومسلم (889). وأمَّا حديث: (( إنـَّا نخطب فمن أحبَّ أن يجلس للخطبة فليجلس، ومَن أحبَّ أن يذهب فليذهب )). فأكثرُ أهل العلم علىٰ أنَّ الصَّواب فيه أنـَّه مُرسل، ومنهم :ابن معين وأبو زُرعة الرَّازي والنَّسائي وأبو داود والبَيهقِي والوادِعي. والـمُرْسل من أقسام الحديث الضَّعيف. الفرع الثاني: عن الكلام في أثنائها. يُكره لمن حضر الخطبة الكلام مع غيره مِن المصلَّين، أو عبر الهاتف الجوَّال، وذلك لِـمَا فيه من الانشغال عن الانتفاع بالخطبة، والتَّشويش علىٰ المستمعين، والإخلال بأدب حضور مجالس الذِّكر. وقال ابن بطَّال - رحمه الله - في "شرح صحيح البخاري"(2/572): وكَرِه العلماء كلام النَّاس والإمام يخطب.اهـ وقال ابن بطال ـ رحمه الله ـ في "شرح صحيح البخاري"(2/572): وكره العلماء كلام الناس والإمام يخطب.اهـ. المسألة الحادية عشرة / عن التهنئة بالعيد. التهنئة بالعيد جرى عليها عمل السلف الصالح من أهل القرون المفضلة وعلى رأسهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ. وقد قال الإمام الآجري ـ رحمه الله ـ عن التهنئة بالعيد: فعل الصحابة، وقول العلماء.اهـ وقال الإمام مالك بن أنس ـ رحمه الله ـ عن هذه التهنئة: لم يزل يُعرف هذا بالمدينة.اهـ وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ رحمه الله ـ في كتابه "فتح الباري" (2/446) وفي "جزء التهنئة"(34-40) وَرُوِّينَا في "المحامليات" بإسناد حسن عن جبير بن نفير أنه قال: (( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك )).اهـ. وقال أيضاً: وَرُوِّينَا في كتاب "التحفة" بسند حسن إلى محمد بن زياد الألهاني أنه قال: (( رأيت أبا أمامة الباهلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في العيد لأصحابه: تقبل الله منا ومنكم )). وقال الإمام أحمد بن محمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ: إسناد حديث أبي أمامة إسناد جيد.اهـ. تنبيه وتذكير: بعض الناس قد يُهنئ بالعيد قبل حلوله بيوم أو أكثر أو يهنئ به في ليلته، والمنقول عن السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ أنهم كانوا يُهنئون في نهار يوم العيد، والأحب فعلهم. المسألة الثانية عشرة / عن بدأ خطبة العيد بالتكبير. بَدأ خطبة العيد بالتَّكبير جرَىٰ عليه عملُ السَّلف الصَّالح. حيث قال الإمام ابن قدامة- رحمه الله- في كتابه "المغني" (2/239): وقال سعيد- يعني: ابن منصور -: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمٰن عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: (( يكبِّر الإمام علىٰ المنبر يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، ثمَّ يخطب، وفي الثَّانية سبع تكبيرات )).اهـ وإسناده صحيح . وعبيد الله هٰذا، قال عنه الحافظ ابن عبد البرّ - رحمه الله -: هو أحدُ الفقهاء العشرة ثمَّ السَّبعة الَّذين تدور عليهم الفتوىٰ ’’. اهـ. وقال الحافظ ابن حبان - رحمه الله -: وهو من سادات التَّابعين.اهـ وثبت عن إسماعيل بن أميَّة - رحمه الله- وهو من أتباع التَّابعين- أنـَّه قال: (( سمعتُ أنـَّه يكبَّر في العيد تسعًا وسبعًا - يعني: في الخطبة )) رواه عبد الرزاق (3/290) بسند صحيح. وهو قول أبي حنيفة ومالك والشَّافعي وأحمد وابن أبي ذئب وابن المنذر وغيرهم, بل جاء في مذاهبهم أنـَّه يُسنُّ. فقال العلَّامة ابن مفلح - رحمه الله - في كتابه "الفروع"(2/141-142): ويسنُّ أن يستفتح الأولىٰ بِسبع تكبيرات (وم) نسقاً (و)، ... و الثَّانية بسبع (وش)، قال أحمد: وقال عُبيد الله بن عُتبة: (( إنَّـه من السُّنَّـة )).اهـ. وقال جمال الدِّين يوسف بن عبد الهادي - رحمه الله - في كتابه "مغني ذوي الأفهام"( 7/350 مع غاية المرام): يكبِّر (و) في الأولىٰ نسقاً، وسنَّ (خ) تسعاً، ويكبِّر (وش) في الثَّانية سبعاً.اهـ. و[ الواو ] تعني: موافقة الحنفية والمالكية والشافعية للحنابلة في المسألة. وتابعهما على ذلك العلَّامة عبد الرحمٰن القاسم - رحمه الله - في كتابه "حاشية الروض المربع" (2/551). وعلىٰ التَّكبير في الخطبة بوَّب جماعة كثيرة من أهل الحديث في مصنَّفاتهم، ولم يذكروا إلَّا التَّـكبير عن السَّلف, ولم يذكروا عن أحد أنـَّه خالف، و لم يمرّ بي بعد بحثٍ طويل وسؤال لإخواني من طلبة العلم عن أحد من السَّلف ولا الأئمَّة المتقدِّمين أنـَّه قال بخلاف ذلك. المسألة الثالثة عشرة / عن خطبة العيد وهل هي واحدة أو اثنتان. للعيد خطبتان لا واحدة، يفصلُ بينهما بجلوسٍ، لا خلاف في ذٰلك بين أهل العلم، وقد نقله عنهم ابنُ حزم الأندلسي - رحمه الله - في كتابه "الـمُحلَّىٰ" (3/543) (مسألة: 543) فقال: فإذا سلَّم الإمام قام فخطَب النَّاس خطبتين يجلسُ بينهما جلسة، فإذا أتـمَّها افترق النَّاس، فإن خَطَبَ قبل الصَّلاة فليست خطبة، ولا يجبُ الإنصات له، كلُّ هٰذا لا خلاف فيه إلَّا في مواضع نذكرُها إن شاء الله تعالىٰ.اهـ. ونقل جمال الدين ابن عبد الهادي الحنبلي - رحمه الله - في كتابه "مغني ذوي الأفهام"(7/350 مع غاية المرام) اتِّفاق المذاهب الأربعة علىٰ الخطبتين. وقال العلامة العثيمين - رحمه الله – في "الشرح الممتع"(5/145): هذا ما مشىٰ عليه الفقهاء - رحمهم الله - أن خطبة العيد اثنتان...اهـ وقد ثبت عن عُبيد الله بن عبد الله ابن عُتبة - رحمه الله - أنـَّه قال: (( يُكبِّر الإمام علىٰ المنبر يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، ثمَّ يخطب، وفي الثَّانية سبع تكبيرات )). وعُبيد الله هٰذا، قال عنه الحافظ ابن عبد البَرّ - رحمه الله - : هو أحدُ الفقهاء العشرة ثمَّ السَّبعة الَّذين تدورُ عليهم الفتوىٰ.اهـ. وقال الحافظ ابن حبَّان - رحمه الله -: وهو مِن سادات التَّابعين.اهـ . وثبت عن إسماعيل بن أميَّة - رحمه الله - وهو من أتباع التَّابعين- أنـَّه قال: (( سمعتُ أنـَّه يكبَّر في العيد تسعاً وسبعاً - يعني: في الخطبة )). وهذان الأثران يؤكِّدان الخطبتَين، وجَريان العمل في عهدِ السَّلف الصَّالح بذٰلك. وقد ذهب بعضُ المعاصرين - سلَّمهم الله - إلىٰ أنَّ للعيد خطبة واحدة، وقالوا: ظاهر أحاديث خطبة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في العيد يُشعر بأنـَّه لم يخطب إلَّا واحدة، وقد يُجاب عن قولهم هٰذا بما يأتي: أولاً: الواردُ في الأحاديث محتمل وليس بصريح، وذٰلك لأنـَّه ليس فيها النَّصُّ علىٰ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يخطب إلَّا واحدة. ثانياً: هٰذا الفَهم مدفوعٌ بالإجماع الَّذي نقله ابنُ حزم. ثالثاً: هٰذه الأحاديث معروفة مشهورة عند السَّلف الصَّالح، وأئمَّة السُّنَّـة والحديث، ومع ذٰلك لم يكن هٰذا فهمهم، وهم عند الجميع أعلمُ بالنُّصوص وأفهَم، ومتابعتهم وعدم الخروج عن فهمهم وعملهم أحقُّ وأسلم. رابعاً: أنـَّه يَكْبُر أن تكونَ السُّنَّـة خطبة واحدة ثمَّ يتتابعُ أئمَّة السُّنَّـة والحديث من أهل القرون المفضلة علىٰ مخالفتها ثمَّ لا يُعرف بينهم منكِر ٌومبيِّن للسُّنَّة، لا سيمَّا والخطبة ليست من دقائق المسائل التِّي لا يطَّلع عليها إلَّا الخواص، بل من المسائل الظَّـاهرة التِّي يَشهدها ويُشاهدها ويُدركها العالم والجاهل، والصغير والكبير، الذَّكر والأنثىٰ. المسألة الرابعة عشرة / عن صلاة النَّوافل في مصلَّى العيد. وتحت هذه المسألة ثلاثة فروع: الفرع الأوَّل: عن تطوُّع الإمام قبل صلاة العيد. أخرج البخاري (989) ، ومسلم (884) واللَّفظ له - عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما: (( أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أضحَىٰ أو فطرٍ فصلَّىٰ ركعتين لم يصلِّ قبلهما ولا بعدهما )). وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - في كتابه (( فتح الباري )) (6/186): فأمـَّا الإِمام فلا نعلمُ في كراهة الصَّلاة له خلافـاً قبلها وبعدها، وكلُّ هذا في الصَّلاة في موضِع صلاة العيد.اهـ الفرع الثَّاني: عن تطوُّع المأموم قبل صلاة العيد. ثبت عند الإمام مالك - رحمه الله- في "الموطَّـأ" (ص14رقم:422) عن نافعٍ: (( أنَّ عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما- لم يكن يصلِّي يوم الفطر قبل الصَّلاة ولا بعدها )). وقال أبو الـمُعلَّى: (( سمعتُ سعيدًا عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما: - كَرِه الصَّلاة قبل العيد )) رواه البخاري (عند رقم: 989) معلقًـا بالجزم. وثبت عن يزيد بن أبي عُبيد ـ رحمه الله ـ قال: (( صليتُ مع سَلَمة بن الأكوَع في مسجد رسول الله r صلاة الصُّبح، ثمَّ خرج فخرجتُ معه، حتَّىٰ أتينا المصلَّى، فجلس وجلستُ حتَّىٰ جاء الإمام فصلَّىٰ، ولم يصلِّ قبلها ولا بعدها ثمَّ رجع )) رواه الفريابي في (( أحكام العيدين )) (رقم:173). وقال الإمام الزُّهري - رحمه الله - : لم أسمع أحدًا من علمائنا يذكُر عن أحدٍ مِن سلف هذه الأمـَّة أنـَّه كان يصلِّي قبلها ولا بعدها.اهـ ونَسَب ابنُ رشد - رحمه الله - في كتابه "بداية المجتهد"(1/511-512) ترك التَّطوع قبل صلاة العيد و بعدها إلىٰ جماهير أهلِ العلم. الفرع الثَّالث: عن تحيـَّة المسجد إذا كانت صلاة العيد في المسجد. إذا صلَّىٰ الإنسان صلاة العيد خارج البلد في المصلَّىٰ الـمُعدّ لذٰلك فلا يصلِّي ركعتين تحيـَّة لهٰذا المصلَّىٰ؛ وذٰلك لأنَّ ركعتي التَّحيـَّة خاصَّة بالمسجد، و قد دلَّ علىٰ ذٰلك حديث أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ عند البخاري (444) ومسلم (417) عن النَّبيِّ r أنـَّه قال: (( إذا دخل أحدُكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس )). وأمـَّا إذا صلَّىٰ في المسجد فالغالبُ أنـَّه يأتي في وقت نهي، وصلاة تحيـَّة المسجد في وقت النَّهي للعلماء فيها قولان مشهوران: القول الأول: أنَّها لا تُصلَّىٰ . وبه قال أكثر أهل العلم، وذلك للأحاديث الواردة في النَّهي عن الصَّلاة في أوقات النَّهي، ومنها حديث عقبة بن عامر الجهني ـ رضي الله عنه ـ عند مسلم (831): (( ثلاثُ ساعاتٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلِّي فيهنَّ أو أن نَقبُر فيهنَّ مَوتانا: حين تطلع الشَّمس بازغة حتَّىٰ ترتفع، وحين يقوم قائم الظَّهيرة حتَّىٰ تميل الشَّمس، وحين تضيف الشَّمس للغروب حتَّىٰ تغرُب )). القول الثاني: أنها تُصلَّىٰ . وبه قال الشَّافعي، وذلك لأنَّ النبَّيَّ صلى الله عليه وسلم علَّق فِعلها بدخولِ المسجد، وقد وقع، فتُصلَّىٰ . وقد أُجيب عن هذا الاستدلال بجوابين: أحدهما: أنَّ حديث الصَّلاة عند الدُّخول إلى المسجد عامٌّ في جميع الأوقات، وحديث النَّهي خاصٌّ ببعض الأوقات، فيُقدم العمل بخاصِّ الأوقات على عامـِّها. والثاني: أن النَّهي الوارد للتَّحريم، وتحيَّـة المسجد سُنَّـة، وقد حكَىٰ غيرُ واحدٍ الإجماعَ على سنيـَّتها، فترك المحرَّم أوْلىٰ من فعل المستحبّ. المسألة الخامسة عشرة / عن صيام يوم العيد. أخرج البخاري (1991 ) ومسلم (827) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنـَّه قال: (( نهَىٰ النَّبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الفطر والنَّحر )). وقال الحافظ ابن عبد البرّ - رحمه الله - في كتابه " التَّمهيد"(13/26): وصيام هٰذين اليومين لا خلاف بين العلماء أنـَّه لا يجوز علىٰ حالٍ من الأحوال لا لِـمتطوعٍ, ولا لناذرٍ, ولا لقاضٍ فرضًا, ولا لمتمتع لا يجدُ هدْيًا, و لا لأحدٍ من النَّاس كلّهم أن يصومهما، وهو إجماعٌ لا تنازع فيه.اهـ وأما صيام اليوم الثاني من شهر شوال، فقد قال عنه الحافظ ابن رجب الحنبلي ـ رحمه الله ـ في كتابه "لطائف المعارف"(ص219): وأكثر العلماء على أنه لا يكره صيام ثاني يوم الفطر، وقد دل عليه حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لرجل: (( إذا أفطرت فصم )).اهـ وحديث عمران ـ رضي الله عنه ـ قد أخرجه البخاري (1983) ومسلم (1161). المسألة السادسة عشرة / لا عيد للمسلمين إلا عيدان. قال العلَّامة محمَّد بن إبراهيم آل الشيخ - رحمه الله - كما في "مجموع فتاويه ورسائله" (3/111): إنَّ جنس العيد الأصل فيه أنـَّه عبادة وقُربة إلىٰ الله تعالىٰ.اهـ وقال أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: (( كان لأهل الجاهلية يومان في كلِّ سَنَـة يلعبون فيهما، فلما قَدِم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة قال: كان لكم يومان تلعبُون فيهما، وقد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الفطر ويوم الأضحىٰ )) رواه النَّسائي (1556) وأبو داود (1134). وقال الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في "اقتضاء الصراط المستقيم"(ص184): وهذا إسناد على شرط مسلم.اهـ وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في كتابه "فتح الباري" ( 2/513): إسنادُه صحيح.اهـ وقال العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في "سلسلة الأحاديث الصحيحة"(2021): وإسناده صحيح. وقال العلَّامة العثيمين - رحمه الله – في كتابه "الشَّرح الممتع" (5/113) عقب هٰذا الحديث: وهٰذا يدلُّ علىٰ أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحبّ أن تُحِدث أمـَّته أعيادًا سوىٰ الأعياد الشَّرعية الَّتي شرعها الله عزَّ وجلّ.اهـ وفي الختام أقول : إن العيد من أجمل المظاهر التي امتن الله بها على عباده، ففيه: يجتمع المسلمون في مصلياتهم، ويتقربون بعبادات شتى، ويكبرون الله ويشكرونه على ما أنعم عليهم، ويواسي غنيهم فقيرهم، ويصل القريب فيه قريبه، والجار جاره، وتصفو النفوس، ويُصفَح ويُتَجَاوز، وتحل الألفة، ويظهر الكرم، ويكون السرور، ويهنأ الناس بعضهم بعضاً. فحمداً الله على ما أنعم. أيها المسلم ويا أيتها المسلمة: ثمة مظاهر كثيرة تُرى في العيد لا يليق بالمسلم والمسلمة أن تقع منهم، وأن يكونوا من أهلها، ومن العاملين بها، وهذا شيء منهما: 1- من الرجال من يتشاغل عن أهم شعائر العيد وهي صلاة العيد بالنوم و التبضع والتجمل والزبائن وأمور ضيافة الزوار. 2- من النساء من تجعل العيد مظهراً من مظاهر التبرج والسفور والتكشف، وإظهار المفاتن والعورات، فَتَفْتن وتُفتن ، وتأثم ، وتتسبب في الإثم ، وسواءً في التزاور أو العزائم، أو الشواطئ أو الحدائق وأماكن التنزه. 3- من الناس من يكون في العيد من الضارين لأنفسهم وأهليهم وأصدقائهم بحضور تجمعات الغناء والموسيقى والرقص وحفلات أهلها، بل قد يسافر في طلبها، فيفسد نفسه ويُكَثَّر وزره، ويبُدد ماله الذي أنعم الله عليه به، وما هكذا يكون شكر النعم. 4- من الناس من واقعه في العيد سهرٌ بالليل يُمتَّع النفس، ثم نوم بالنهار تضيع به الصلوات في أوقاتها، فَيُهلك النفس بالإثم، ويُسخط ربه الذي أنعم عليه بهذه النفس، وباقي النعم. 5- من الناس من يجعل عيده محلاً للتشبه بأهل الكفر والفجور والفساد في ألبستهم وشعورهم وأفعالهم وعاداتهم. 6- من الرجال والنساء من يؤثم نفسه عند اللقاء في العيد و التزاور بمصافحة من ليس أو ليست بمحرم. 7- من الناس من يُبدد الكثير من المال في شراء المفرقعات "الألعاب النارية" لأولاده، فيتعلمون منه تبديد المال، وقد يكون سبباً في إيذاء الناس بها، أو إلحاق الضرر بعياله، والمستشفيات والمطافئ شاهدة. 8- من الناس من يقلب لقاءه في العيد مع أهله وإخوانه وقرابته إلى تشاحن وتخاصم وتهاجر وزيادة في التباغض. 9- من الناس من يجعل العيد موسماً لزيارة المقابر والجلوس فيها والتجمع عندها، وما جعلها موسماً للزيارة في العيد، ولا خصصها بالزيارة فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا صحابته ولا بقية السلف الصالح بعدهم، فإن لم نقتد بهؤلاء الأكابر الأجلاء فبمن نقتدي؟ 10- من الناس من يخص ليلة العيد بالإحياء بالعبادات من صلوات وأوراد وغيرها،ولو كان هو الخير فيها لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه، ولشرعه لنا، فقف حيث وقف النبي صلى الله عليه وسلم، وسر على طريقه وطريق أصحابه، فإن الخير لك هو في ذلك. 11- من الناس من أنعم الله عليه بُبَنَّيات، فتراه يخرجهن في العيد بألبسة إن رأيتها لم تتذكر إلا ألبسة الكاسيات العاريات المفسدات، وإن رأيتهن سألت الله أن يُسلمهن ويحفظهن من الفتن وأهلها، وخشيت عليهن من الشر، وأن يكبرن على هذه الألبسة ويتعودن عليها. 12- من الناس من يضيع ماله، ويضر نفسه ويؤثمها في العيد بالنظر إلى الفضائيات ومكالمة أهلها لطلب الأغاني ومشاهد الفساد والتعري فيها، فيراها ويهديها ويتسبب في أن يسمعها ويراها غيره من الناس بسبب طلبه لها فيؤثمهم معه، ويحمل أوزاراً مع أوزاره. 13- ومن الشُّبان والشَّابات من يعايد غيره عبر الهاتف الجوال بكلمات ماجنة، وأصوات هابطة، وصور فاتنة، والجميع لا يضر إلا نفسه وأخاه وصاحبه. 14- من النساء من تظهر في الأعياد والمناسبات أمام أخواتها من النساء بألبسة فاضحة إن رأيتها لم تتذكر إلا نساء أهل الكفر والفجور والفساد والإفساد، وتتعجب وقوعه ممن أنعم الله عليها بدينه وشرعه، وستره وحفظه، وأفضاله الكثيرة. هذا وأسأل الله الكريم أن يرزقنا توبة صادقة، وحسنات متزايدة، وقلوباً تخشع، وإقبالاً على الطاعة، وبعداً عن المعاصي، وتركاً لأماكنها وأهلها. وكتبه: عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد. يُتبع... آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2018-06-12 في 09:32.
|
|||
2018-06-10, 23:39 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
وقفات مع العيد:
أولاً: الاستعداد لصلاة العيد بالاغتسال وجميل الثياب: فقد أخرج مالك في موطئه عن نافع: (أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى) [وهذا إسناد صحيح]. قال ابن القيم: (ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه) [زاد المعاد 1/442]. وثبت عنه أيضاً لبس أحسن الثياب للعيدين. قال ابن حجر: (روى ابن أبي الدنيا والبهيقي بإسناد صحيح إلى ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين) [فتح الباري 2/51]. وبهذين الأثرين وغيرهما أخذ كثير من أهل العلم استحباب الاغتسال والتجمل للعيدين. ثانياً:يُسَنُّ قبل الخروج إلى صلاة عيد الفطرأن يأكل تمرات وتراً: ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك، يقطعها على وتر؛ لحديث أنس قال: "كان النبي لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن وتراً" [أخرجه البخاري]. ثالثاً: يسن التكبير والجهر به - ويُسر به النساء - يوم العيد من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلي: لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: "أن رسول الله كان يكبر يوم الفطر من حيث يخرج من بيته حتى يأتي المصلى" [حديث صحيح بشواهده]. وعن نافع: "أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام، فيكبر بتكبيره" [أخرجه الدارقطني وغيره بإسناد صحيح]. تنبيه : التكبير الجماعي بصوت واحد بدعة لم تثبت عن النبي ولا عن أصحابه، والصواب أن يكبر كل واحد بصوت منفرد. رابعاً: يسن أن يخرج إلى الصلاة ماشياً: لحديث علي قال: "من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً" أخرجه الترمذي وقال: هذا حديث حسن، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم، يستحبون أن يخرج الرجل إلى العيد ماشياً، وألا يركب إلا من عذر [صحيح سنن الترمذي]. خامساً: يسن إذا ذهب إلى الصلاة من طريق أن يرجع من طريق آخر: لحديث جابر قال: "كان النبي إذا كان يوم عيد خالف الطريق" [أخرجه البخاري]. سادساً: تشرع صلاة العيد بعد طلوع الشمس وارتفعاها بلا أذان ولا إقامة: وهي ركعتان يكبر في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمس تكبيرات. ويسن أن يقرأ الإمام فيهما جهراً سورة (الأعلى) و (الغاشية) أو سورة (ق) و (القمر). وتكون الخطبة بعد الصلاة، ويتأكد خروج النساء إليها، ومن الأدلة على ذلك: 1 - عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات، وفي الثانية خمساً" [صحيح سنن أبي داود]. 2 - وعن النعمان بن بشير أن رسول الله كان يقرأ في العيدين بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) [الأعلى:1] و(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) [الغاشية:1] [صحيح سنن ابن ماجة]. 3 - وعن عبيدالله بن عبدالله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله في الأضحى والفطر؟ فقال: كان يقرأ فيهما بـ (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) [ق:1]، (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) [القمر:1] [رواه مسلم]. 4 - وعن أم عطية رضي الله عنها قالت: أُمرنا أن نَخرج، فنُخرج الحُيَّض والعواتق وذوات الخدور - أي المرأة التي لم تتزوج - فأما الحُيَّض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم، ويعتزلن مصلاهم [أخرجه البخاري ومسلم]. 5 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : شهدت صلاة الفطر مع نبي الله وأبي بكر وعمر عثمان، فكلهم يصليها قبل الخطبة [أخرجه مسلم]. 6 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلّى العيد بلا أذان ولا إقامة [صحيح سنن أبي داود]. سابعاً: إذا وافق يوم العيد يوم الجمعة، فمن صلّى العيد لم تجب عليه صلاة الجمعة: لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله قال: "اجتمع عيدان في يومكم هذا، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمعون إن شاء الله" [صحيح سنن أبي داود]. ثامناً: من فاتته صلاة العيد مع المسلمين يشرع له قضاؤها على صفتها: وإذا لم يعلم الناس بيوم العيد إلا بعد الزوال صلوها جميعاً من الغد؛ لحديث أبي عمير ابن أنس رحمه الله عن عمومة له من أصحاب النبي: (أن ركباً جاءوا إلى النبي يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم النبي أن يفطروا، وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم) [أخرجه أصحاب السنن وصححه البهيقي والنووي وابن حجر وغيرهم]. تاسعاً: ولا بأس بالمعايدة وأن يقول الناس : (تقبل الله منا ومنكم): قال ابن التركماني: (في هذا الباب حديث جيد... وهو حديث محمد من زياد قال: كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك). قال أحمد بن حنبل: إسناده جيد. [الجوهر النقي 3/320]. عاشراً: يوم العيد يوم فرح وسعة : فعن أنس قال: قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله: "إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى، ويوم الفطر" [صحيح سنن أبي داود]. حادي عشر: احذر أخي المسلم الوقوع في المخالفات الشرعية والتي يقع فيها بعض الناس من أخذ الزينة المحرمة كالإسبال، وحلق اللحية، والاحتفال المحرم من سماع الغناء، والنظر المحرم، وتبرج النساء واختلاطهن بالرجال. واحذر أيها الأب الغيور من الذهاب بأسرتك إلى الملاهي المختلطة، والشواطئ والمنتزهات التي تظهر فيها المنكرات. الموقع الرسمي للشيخ الفوزان-حفظه الله- يُتبع... آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2018-06-12 في 09:38.
|
|||
2018-06-12, 09:21 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
في حكم خروج المرأة لصلاة العيد
السؤال: هل يجب على النساء حضورُ صلاة العيد؟ أفيدونا بارك الله فيكم. الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد: فالأصلُ أنَّ النِّساءَ شقائقُ الرِّجال في الأحكام، فما ثَبَتَ للرجلِ ثَبَتَ للمرأة إلَّا ما استثناه الدليلُ، لكنَّ الدليل جاء مؤكِّدًا لهذا الأصل حيث أَمَرَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم النساءَ بالخروج لصلاة العيد في المصلَّى حتَّى ذوات الخدور والحُيَّض، وأَمَرَهُنَّ أن يَعْتَزِلْنَ المُصَلَّى، بل وأَمَرَ مَنْ لا جلبابَ لها أن تُلْبِسَهَا أُخْتُها مِنْ جِلبابها، كما ثبت ذلك في حديث أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها(١)، وفي حديث ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ »(٢). وصلاةُ العيد مُسْقِطَةٌ للجُمُعة إذا اتَّفَقَتا في يومٍ واحدٍ، وما ليس بواجبٍ لا يُسْقِطُ ما كان واجبًا، ولم يأمر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم النساءَ بالجمعة وأَذِنَ لهنَّ فيها وقال: «صَلَاتُكُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكُنَّ فِي دُورِكُنَّ، وَصَلَاتُكُنَّ فِي دُورِكُنَّ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِكُنَّ فِي مَسْجِدِ الجَمَاعَةِ»(٣)، في حينِ أَمَرَهنَّ بشهودِ صلاةِ العيد، وممَّا يؤكِّد هذا الحكمَ في وجوب خروج النساء إلى مُصَلَّى العيد ما أخرجه أحمدُ والبيهقيُّ وغيرُهما عن أختِ عبد الله بنِ رَوَاحَةَ الأنصاريِّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: «وَجَبَ الخُرُوجُ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ»(٤) ـ يعني : في العِيدَينِ ـ، وهو مذهبُ أبي بكرٍ وعليٍّ وابنِ عُمَرَ رضي الله عنهم على ما حكاه القاضي عياضٌ ورواه ابنُ أبي شيبةَ(٥). والأحاديثُ القاضيةُ بخروج النساء في العِيدَيْنِ إلى المصلَّى مُطْلَقَةٌ لم تُفَرِّقْ بين البِكْرِ والثَّيِّبِ والشابَّةِ والعجوزِ والحائضِ وغيرِها ما لم يكن لها عُذْرٌ، وإذا خرجَتْ إلى المصلَّى فإنها تلتزم بآداب الخروج مِن تَرْكِ التطَيُّب والتزيُّن وأن تكون في غاية التستُّر. والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا. الجزائر في: ١٠ صفر ١٤٢٨ﻫ الموافق ﻟ: ٢٨ فبراير ٢٠٠٧م (١) أخرجه البخاري في «الصلاة» باب وجوب الصلاة في الثياب (٣٥١)، ومسلم في «صلاة العيدين» (٨٩٠)، من حديث أمِّ عطيَّة رضي الله عنها. (٢) أخرجه البخاري في «العيدين» باب خروج الصبيان إلى المصلَّى (٩٧٥)، ومسلم في «صلاة العيدين» (٨٨٤)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما. (٣) أخرجه البيهقي (٥٣٧١) من حديث أمِّ حُمَيْدٍ رضي الله عنها. وحسَّنه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٨٤٤). (٤) أخرجه أحمد (٢٧٠١٤)، والبيهقي (٦٢٤٣). قال ابن حجرٍ في «فتح الباري» (٣/ ١٥٠): «وقد ورد هذا مرفوعًا بإسنادٍ لا بأس به»، وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٧١٠٥). (٥) (٥٧٨٥، ٥٧٨٦، ٥٧٨٧). الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله- يُتبع... آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2018-06-12 في 09:37.
|
|||
2018-06-12, 09:25 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
حُكم تخصيص يوم العيد لزيارة المقابر السؤال: السائل محمد أحمد بدر مصري يعمل بالعراق أيضاً يقول عندنا عادة في يوم العيد بعد أداء صلاة العيد نقوم بزيارة المقابر فنجد هناك النساء يقمن بالبكاء والنواح فوق المقابر فما حكم هذا العمل منا ومن النساء؟ الجواب: أما حكم العمل منكم فإنه من البدع فإن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن يخصص المقابر بالزيارة في يوم العيد ولا يمكن للمرء أن يخصص وقتاً من الأوقات وعبادة من العبادات إلا بدليل من الشرع لأن العبادة تتوقف على الشرع في سببها وفي جنسها وفي قدرها وفي هيئتها وفي زمانها وفي مكانها لابد أن يكون الشرع قد جاء في كل هذه الأشياء فإذا خصصنا عبادة من العبادات في زمن معين بدون دليل كان ذلك من البدع فتخصيص يوم العيد بزيارة المقبرة بدعة ليست واردة عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولا عن أصحابه وأما بالنسبة لزيارة النساء فإن زيارة النساء محرمة لا يجوز للنساء أن يزرن القبور لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور فكيف إذا حصل من زيارتهم ما ذكره السائل من البكاء والنياحة فإنه يكون ظلماً فوق ظلم وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة وأخبر أن النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب والعياذ بالله فعلى النساء أن يتقين الله عز وجل وأن يبتعدن عن محارمه ولا يزرن المقابر وإذا كن يردن أن يدعون للأموات فليدعون وهن في بيوتهن والله سبحانه وتعالى عليم بكل شيء. مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : التوحيد والعقيدة / الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يُتبع...
آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2018-06-12 في 09:35.
|
|||
2018-06-12, 09:27 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
صلاة العيد.. صلاة العيدين - عيد الفطر وعيد الأضحى - مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وقد كان المشركون يتخذون أعيادا زمانية ومكانية، فأبطلها الإسلام، وعوض عنها عيد الفطر وعيد الأضحى؛ شكرا لله تعالى على أداء هاتين العبادتين العظيمتين: صوم رمضان، وحج بيت الله الحرام. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه لما قدم المدينة، وكان لأهلها يومان يلعبون فيهما؛ قال صلى الله عليه وسلم: "قد أبدلكم الله بهما خيرا منهما، يوم النحر، ويوم الفطر" فلا تجوز الزيادة على هذين العيدين بإحداث أعياد أخرى كأعياد الموالد وغيرها؛ لأن ذلك زيادة على ما شرعه الله، وابتداع في الدين، ومخالفة لسنة سيد المرسلين، وتشبه بالكافرين، سواء سميت أعيادا أو ذكريات أو أياما أو أسابيع أو أعواما، كل ذلك ليس من سنة الإسلام، بل هو من فعل الجاهلية، وتقليد للأمم الكفرية من الدول الغربية وغيرها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" وقال صلى الله عليه وسلم: "إن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة" نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. وسمي العيد عيدا؛ لأنه يعود ويتكرر كل عام؛ ولأنه يعود بالفرح والسرور، ويعود الله فيه بالإحسان على عباده على إثر أدائهم لطاعته بالصيام والحج. والدليل على مشروعية صلاة العيد: قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) وقوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) وكان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده يداومون عليها. من يسن له الخروج لصلاة العيد: وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها حتى النساء، فيُسن للمرأة حضورها غير متطيبة ولا لابسة لثياب زينة أو شهرة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "وليخرجن تفلات، ويعتزلن الرجال، ويعتزل الحُيَّض المصلى" قالت أم عطية رضي الله عنها: (كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد، حتى تخرج البكر من خدرها، وحتى تخرج الحيض، فيكن خلف الناس، فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم؛ يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته). والخروج لصلاة العيد وأداء صلاة العيد على هذا النمط المشهود من الجميع فيه إظهار لشعار الإسلام، فهي من أعلام الدين الظاهرة، وأول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم للعيد يوم الفطر من السنة الثانية من الهجرة، ولم يزل صلى الله عليه وسلم يواظب عليها حتى فارق الدنيا صلوات الله وسلامه عليه، واستمر عليها المسلمون خلفا عن سلف، فلو تركها أهل بلد مع استكمال شروطها فيهم، قاتلهم الإمام؛ لأنها من أعلام الدين الظاهرة؛ كالأذان. مكان إقامة صلاة العيد: وينبغي أن تؤدى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيدين في المصلى الذي على باب المدينة؛ فعن أبي سعيد: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى" متفق عليه، ولم ينقل أنه صلاها في المسجد لغير عذر؛ ولأن الخروج إلى الصحراء أوقع لهيبة المسلمين والإسلام، وأظهر لشعائر الدين، ولا مشقة في ذلك؛ لعدم تكرره؛ بخلاف الجمعة؛ إلا في مكة المشرفة؛ فإنها تصلى في المسجد الحرام. وقت صلاة العيد: ويبدأ وقت صلاة العيد إذا ارتفعت الشمس بعد طلوعها قدر رمح؛ لأنه الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها فيه، ويمتد وقتها إلى زوال الشمس. فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد الزوال، صلوا من الغد قضاء؛ لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار؛ قالوا: (غُم علينا هلال شوال، فأصبحنا صياما، فجاء ركب في آخر النهار، فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا من يومهم، وأن يخرجوا غدا لعيدهم) رواه أحمد أبو داود والدارقطني وحسنه، وصححه جماعة من الحفاظ، فلو كانت تؤدى بعد الزوال؛ لما أخرها النبي صلى الله عليه وسلم إلى الغد؛ ولأن صلاة العيد شُرع لها الاجتماع العام؛ فلا بد أن يسبقها وقت يتمكن الناس من التهيؤ لها. ويُسن تقديم صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر؛ لما روى الشافعي مرسلا (أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم: أن عَجِّل الأضحى، وأَخِّر الفطر، وذَكِّر الناس) وليتسع وقت التضحية بتقديم الصلاة في الأضحى، وليتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر قبل صلاة الفطر. بعض مما يسن و يستحب فعله لصلاة العيد: ويسن أن يأكل قبل الخروج لصلاة الفطر تمرات، وأن لا يطعم يوم النحر حتى يصلي؛ لقول بريدة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي) رواه أحمد وغيره. قال الشيخ تقي الدين: "لما قدم الله الصلاة على النحر في قوله: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) وقدم التزكي على الصلاة في قوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) كانت السنة أن الصدقة قبل الصلاة في عيد الفطر، وأن الذبح بعد الصلاة في عيد النحر. ويسن التبكير في الخروج لصلاة العيد؛ ليتمكن من الدنو من الإمام، وتحصل له فضيلة انتظار الصلاة، فيكثر ثوابه. ويسن أن يتجمل المسلم لصلاة العيد بلبس أحسن الثياب، لحديث جابر: "كانت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة يلبسها في العيدين ويوم الجمعة" رواه ابن خزيمة في صحيحه، وعن ابن عمر أنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه رواه البيهقي بإسناد جيد. ما يشترط لصلاة العيد: ويشترط لصلاة العيد الاستيطان؛ بأن يكون الذين يقيمونها مستوطنين في مساكن مبنية بما جرت العادة بالبناء به، كما في صلاة الجمعة؛ فلا تقام صلاة العيد إلا حيث يسوغ إقامة صلاة الجمعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وافق العيد في حجته، ولم يصلها، وكذلك خلفاؤه من بعده. عدد ركعات صلاة العيد: وصلاة العيد ركعتان قبل الخطبة، لقول ابن عمر: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة) متفق عليه، وقد استفاضت السنة بذلك وعليه عامة أهل العلم، قال الترمذي : "والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن صلاة العيدين قبل الخطبة". وحكمة تأخير الخطبة عن صلاة العيد وتقديمها على صلاة الجمعة أن خطبة الجمعة شرط للصلاة، والشرط مقدم على المشروط، بخلاف خطبة العيد؛ فإنها سنة. وصلاة العيدين ركعتان بإجماع المسلمين، وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر، فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما) وقال عمر: (صلاة الفطر والأضحى ركعتان، تمام غير قصر، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وقد خاب من افترى) رواه أحمد وغيره. الأذان والإقامة في صلاة العيد: ولا يشرع لصلاة العيد أذان ولا إقامة؛ لما روى مسلم عن جابر: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة). صفة صلاة العيد والتكبير فيها: ويكبر في الركعة الأولى بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح وقبل التعوذ والقراءة ست تكبيرات؛ فتكبيرة الإحرام ركن، لا بد منها، لا تنعقد الصلاة بدونها، وغيرها من التكبيرات سنة، ثم يستفتح بعدها؛ لأن الاستفتاح في أول الصلاة، ثم يأتي بالتكبيرات الزوائد الست، ثم يتعوذ عقب التكبيرة السادسة؛ لأن التعوذ للقراءة، فيكون عندها، ثم يقرأ. ويكبر في الركعة الثانية قبل القراءة خمس تكبيرات غير تكبيرة الانتقال؛ لما روى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة، سبعًا في الأولى، وخمسا في الآخرة) وإسناده حسن. وروي غير ذلك في عدد التكبيرات: قال الإمام أحمد رحمه الله: "اختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في التكبير، وكله جائز". ويرفع يديه مع كل تكبيرة؛ (لأنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير). ويُسن أن يقول بين كل تكبيرتين: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا؛ لقول عقبة بن عامر: (سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد؛ قال: "يحمد الله، ويثني عليه، ويصلي على النبي) ورواه البيهقي بإسناده عن ابن مسعود قولا وفعلا. وقال حذيفة: "صدق أبو عبدالرحمن". وإن أتى بذكر غير هذا؛ فلا بأس؛ لأنه ليس فيه ذكر معين. قال ابن القيم: "كان يسكت بين كل تكبيرتين سكتة يسيرة، ولم يحفظ عنه ذكر معين بين التكبيرات " اهـ.وإن شك في عدد التكبيرات، بنى على اليقين، وهو الأقل. وإن نسي التكبير الزائد حتى شرع في القراءة؛ سقط؛ لأنه سنة فات محلها. وكذا إن أدرك المأموم الإمام بعدما شرع في القراءة؛ لم يأت بالتكبيرات الزوائد، أو أدركه راكعا؛ فإنه يكبر تكبيرة الإحرام، ثم يركع، ولا يشتغل بقضاء التكبير. وصلاة العيد ركعتان، يجهر الإمام فيهما بالقراءة، لقول ابن عمر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء) رواه الدارقطني، وقد أجمع العلماء على ذلك، ونقله الخلف عن السلف، واستمر عمل المسلمين عليه. ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بـ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ويقرأ في الركعة الثانية بالغاشية؛ لقول سمرة: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بـ) (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) و (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ) رواه أحمد. أو يقرأ في الركعة الأولى بـ (ق)، وفي الثانية بـ (اقتربت)، لما في صحيح مسلم والسنن وغيرها؛ أنه صلى الله عليه وسلم " كان يقرأ بـ (ق) و (اقتربت). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "مهما قرأ به؛ جاز، كما تجوز القراءة في نحوها من الصلوات، لكن إن قرأ: (ق) و (اقتربت) أو نحو ذلك مما جاء في الأثر؛ كان حسنا، وكانت قراءته في المجامع الكبار بالسور المشتملة على التوحيد والأمر والنهي والمبدأ والمعاد وقصص الأنبياء مع أممهم، وما عامل الله به من كذبهم وكفر بهم وما حل بهم من الهلاك والشقاء، ومن آمن بهم وصدَّقهم، وما لهم من النجاة والعافية " انتهى. صفة خطبة العيد: فإذا سلم من الصلاة؛ خطب خطبتين، يجلس بينهما؛ لما روى عبيد الله بن عبيد الله بن عتبة؛ قال: (السنة أن يخطب الإمام في العيدين خطبتين، يفصل بينهما بجلوس) رواه الشافعي، ولابن ماجه عن جابر: (خطب قائما، ثم قعد قعدة، ثم قام) وفي " الصحيح " وغيره: (بدأ بالصلاة، ثم قام متوكئا على بلال، فأمر بتقوى الله، وحث على طاعته...الحديث)، ولمسلم ثم ينصرف، فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم ويحثهم في خطبة عيد الفطر على إخراج صدقة الفطر، ويبين لهم أحكامها؛ من حيث مقدارها، ووقت إخراجها، ونوع المخرج فيها.ويرغبهم في خطبة عيد الأضحى في ذبح الأضحية، ويبين لهم أحكامها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر في خطبة الأضحى كثيرا من أحكامها. وهكذا ينبغي للخطباء أن يركزوا في خطبهم على المناسبات؛ فيبينوا للناس ما يحتاجون إلى بيانه في كل وقت بحسبه بعد الوصية بتقوى الله والوعظ والتذكير، لا سيما في هذه المجامع العظيمة والمناسبات الكريمة؛ فإنه ينبغي أن تُضمن الخطبة ما يفيد المستمع ويذكر الغافل ويعلم الجاهل. وينبغي حضور النساء لصلاة العيد، كما سبق بيانه، وينبغي أن توجه إليهن موعظة خاصة ضمن خطبة العيد؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لما رأى أنه لم يُسمع النساء؛ أتاهن، فوعظهن، وحثهن على الصدقة، وهكذا ينبغي أن يكون للنساء نصيب من موضوع خطبة العيد؛ لحاجتهن إلى ذلك، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. التنفل قبل صلاة العيد وبعدها: ومن أحكام صلاة العيد أنه يكره التنفل قبلها وبعدها في موضعها، حتى يفارق المصلي؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد؛ فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما) متفق عليه؛ ولئلا يتوهم أن لها راتبة قبلها أو بعدها. قال الإمام أحمد: "أهل المدينة لا يتطوعون قبلها ولا بعدها". وقال الزهري: "لم أسمع أحدا من علمائنا يذكر أن أحدا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها، وكان ابن مسعود وحذيفة ينهيان الناس عن الصلاة قبلها". فإذا رجع إلى منزله؛ فلا بأس أن يصلي فيه؛ لما روى أحمد وغيره، (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل إلى منزله؛ صلى ركعتين) ويسن لمن فاتته صلاة العيد أو فاته بعضها قضاؤها على صفتها، بأن يصليها ركعتين؛ بتكبيراتها الزوائد؛ لأن القضاء يحكي الأداء؛ ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم (فما أدركتم؛ فصلوا، وما فاتكم، فأتموا) فإذا فاتته ركعة مع الإمام؛ أضاف إليها أخرى، وإن جاء والإمام يخطب؛ جلس لاستماع الخطبة، فإذا انتهت؛ صلاها قضاء، ولا بأس بقضائها منفردا أو مع جماعة. صفة التكبير في العيد ووقته: ويسن في العيدين التكبير المطلق، وهو الذي لا يتقيد بوقت، يرفع به صوته، إلا الأنثى؛ فلا تجهر به، فيكبر في ليلتي العيدين، وفي كل عشر ذي الحجة؛ لقوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) ويجهر به في البيوت والأسواق والمساجد وفي كل موضع يجوز فيه ذكر الله تعالى، ويجهر به في الخروج إلى المصلى؛ لما أخرجه الدارقطني وغيره عن ابن عمر؛ "أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى؛ يجهر بالتكبير، حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام" وفي الصحيح: "كنا نؤمر بإخراج الحيض، فيكبرن بتكبيرهم" ولمسلم: "يكبرن مع الناس فهو مستحب لما فيه من إظهار شعائر الإسلام". والتكبير في عيد الفطر آكد؛ لقوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) فهو في هذا العيد آكد؛ لأن الله أمر به. ويزيد عيد الأضحى بمشروعية التكبير المقيد فيه، وهو التكبير الذي شرع عقب كل صلاة فريضة في جماعة، فيلتفت الإمام إلى المأمومين، ثم يكبر ويكبرون؛ لما رواه الدارقطني وابن أبي شيبة وغيرهما من حديث جابر: "أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة، يقول: الله أكبر"...الحديث. ويبتدأ التكبير المقيد بأدبار الصلوات في حق غير المحرم من صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وأما المحرم؛ فيبتدئ التكبير المقيد في حقه من صلاة الظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق؛ لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية. روى الدارقطني عن جابر: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يسلم من المكتوبات) وفي لفظ: (كان إذا صلى الصبح من غداة عرفة؛ أقبل على أصحابه فيقول: مكانكم، ويقول: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد). وقال الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) وهي أيام التشريق. وقال الإمام النووي: "هو الراجح وعليه العمل في الأمصار " وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أصح الأقوال في التكبير الذي عليه الجمهور من السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة: أن يكبر من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة؛ لما في السنن: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله)، وكون المحرم يبتدئ التكبير المقيد من صلاة الظهر يوم النحر؛ لأن التلبية تُقطع برمي جمرة العقبة، ووقت رمي جمرة العقبة المسنون ضحى يوم النحر، فكان المحرم فيه كالمُحِل، فلو رمى جمرة العقبة قبل الفجر، فلا يبتدئ التكبير إلا بعد - صلاة الظهر أيضا؛ عملا على الغالب".انتهى. وصفة التكبير أن يقول: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. ولا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضا؛ بأن يقول لغيره: تقبل الله منا ومنك. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره " اهـ. والمقصود من التهنئة التودد وإظهار السرور. وقال الإمام أحمد: "لا أبتدئ به، فإن ابتدأني أحد؛ أجبته". وذلك لأن جواب التحية واجب، وأما الابتداء بالتهنئة؛ فليس سنة مأمورا بها، ولا هو أيضا مما نهي عنه، ولا بأس بالمصافحة في التهنئة. الموقع الرسمي للشيخ الفوزان-حفظه الله-
يُتبع.. آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2021-05-11 في 05:47.
|
|||
2018-06-12, 09:34 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
هل عمل الكعك والبسكويت في عيد الفطر بدعة ؟
لفضيلة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله السؤال : بارك الله فيكم شيخنا هذا السؤال السادس والعشرون؛ تقول السائلة من مصر: هل عَمَل الكَعْك والبسكويت في عيد الفطر بدعة؟ علمًا أنَّنا نَعْمَله أيضًا في الزفاف وهكذا. الجواب : الناسُ عندنا يذبحون ذبائح، ويَصْنَعون الأطعمة ويجتمعون عليها في البيوت، وفي نَجْد يجعلونها في السَّاحات خارج البيوت حتى يجتمع الناس عليها، فلا شيءَ في ذلكَ - إن شاء الله تعالى -. المصدر : ميراث الأنبياء يُتبع... |
|||
2018-06-12, 09:40 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
ضابط من يستحق زكاة الفطر ... السُّـــــؤَال :
هناك صعوبة في الوقت الحالي في وجود فقير لا يجد قوت يومه ، حيث أني شاهدت في أحد الجمعيات في مدينة الرياض أن أغلب الذين يأخذون زكاة الفطر هم أناس يجدون قوت أشهر أو سنة فهل جائز إعطاؤهم الزكاة - زكاة الفطر- ؟ فأجاب بقوله : يا إخواني لم يقل أحد ما تُعطى إلا الذي ليس عنده مئونة يومه وليلته ، لم يقل هذا أحد ، تُعطى للفقير، والفقير هو الذي لا يجد ما يكفيه لسنته ، بأن لا يجد ما يكفيه لسنته ، هذا هو الفقير، يُعطى من زكاة المال ويُعطى من زكاة الفطر، أما الذي يشترط قوت يومه وليلته هذا المُخرِج وليس المُخرَج إليه . شريط صوتي مفرغ لمعالي الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله- يُتبع.. آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2021-05-11 في 05:51.
|
|||
2021-05-11, 06:02 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
زكاة الفطر مَسائِلُ وأحكامٌ.. [الحكمة مِنْ مشروعية زكاة الفطر] فالعبادة ـ في الإسلام بعمومها سواءٌ كانَتْ بدنيةً أو ماليةً ـ تُنظِّمُ علاقةَ الفرد بربِّه وتَصِلُها، وتُقوِّي الإيمانَ وتُزكِّي النفس، وتملأ القلبَ بمَعاني العبودية لله تعالى، وتُظْهِرُها بمظهرٍ كريمٍ وعلى نهجٍ قويمٍ؛ فالعبادةُ ـ في عُمْقِها التشريعيِّ ـ حقٌّ خالصٌ لله تعالى على عباده. ومِنَ العبادات المالية: الزكاةُ التي تُعَدُّ ـ في مُجْمَلها ـ نظامًا تكافليًّا ربَّانيًّا لا نظيرَ له في التنظيمات الأخرى؛ فهي تُزكِّي أخلاقَ المُزَكِّي وتُطهِّرُه مِنْ داء البخل والشحِّ وعبادةِ المال، وتنقله مِنْ زمرة البُخَلاءِ إلى زمرة الكُرَماء؛ فهي إيثارٌ لله على مَحَبَّةِ المال: تشرح صَدْرَه، وتُكفِّرُ خطاياه وذنوبَه، وتُنمِّي مالَه، وتفتح له أبوابَ الرزق؛ فهي الوسيلةُ الناجعةُ في سَدِّ حاجة المحتاج وعلاجِ مُشْكِلةِ الفقر في المجتمع المسلم، وهي إسهامٌ ـ أيضًا ـ في تحقيقِ التعاون المطلوب ـ شرعًا ـ بإعانةِ ذوي الحاجات؛ فيعطف بها الغنيُّ على الفقير ويَسُدُّ حاجتَه ويُغْنِيهِ عن ذُلِّ المسألة؛ فيحترمُ الفقيرُ الغنيَّ ويُقدِّرُ عَمَلَه وطاعتَه، وتسود بينهما الأُخُوَّةُ الإيمانيةُ القائمةُ على أساسِ المَوَدَّةِ والرحمة، بعيدًا عن مَرَضِ الحسدِ والبخل والشحِّ والبغض والكراهية وسوءِ الظنِّ، وشعورِ الفقير بالتهميش والانعزال، ونحوِ ذلك مِنَ الأمراض الفتَّاكة. وزكاةُ الفطر ـ في حَدِّ ذاتها ـ لا تخرج عن المَعاني والحِكَمِ السابقة؛ فهي زكاةُ بَدَنٍ تحمل مَعْنَى مُواساةِ الأغنياء للفُقَراء والمساكينِ في يوم العيد، تُعلِّمُ الصائمَ أَنَّ عليه حقًّا مفروضًا يكفُّ فيه الفقيرَ عن المسألة بإغنائه بهذه الصدقةِ الواجبة بالفطر مِنْ رمضان؛ فتُدْخِلُ السرورَ عليه في يومٍ يُسَرُّ المسلمون بقدوم العيد عليهم(١)، كما تُطهِّرُ الصائمَ مِنْ ذَنْبِه الذي لَحِقَهُ خلال صومِه بسبب اللَّغْوِ والرَّفَثِ والفحش؛ فيُعوِّضُ ما فاتَ مِنْ أَجْرِه، ويُكمِّلُ ما نَقَصَ مِنْ عَمَلِه، وفوق هذا وذاك فهي دليلٌ على صِدْقِ إيمانِ المُزكِّي بامتثاله لأمرِ اللهِ وأَمْرِ رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم في صيامِ شهرِ رمضان وقيامِ لَيَالِيه؛ طاعةً لله تعالى وشكرًا على نعمةِ التوفيقِ لها خاصَّةً، ولسائر النِّعَمِ الأخرى في شهر رمضان وغيرِه. فزكاةُ الفطر ـ إذَنْ ـ هي: حِصَّةٌ ماليَّةٌ مفروضةٌ مُقدَّرةٌ شرعًا، يُخْرِجُها المسلمُ قبل صلاة عيد الفطر، يختم بها عَمَلَ رمضان؛ لتكون له طُهْرةً ممَّا قد لَحِقَهُ مِنَ الذنوب أثناءَ صيامه، وطُعْمةً للمساكين بإغنائهم بها عن المسألة يوم العيد، ويتجلَّى هذا المعنى ـ بوضوحٍ ـ في قولِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ، طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ؛ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»(٢). وبعد بيانِ الحكمةِ مِنْ مشروعية زكاة الفطر أَتناوَلُ بعضَ المَسائلِ المُخْتلَفِ فيها والمُفرَّعةِ عنها؛ لبيانِ الراجح مِنها ضِمْنَ مَسائِلَ وأحكامٍ على الوجه التالي: المسألة الأولى: حكمُ زكاة الفطر وشرطُ وجوبها: زكاة الفطر ـ مِنْ حيث حكمُها التكليفيُّ ـ فرضُ عينٍ على كُلِّ مَنْ تَوفَّرَتْ فيه شروطُ وجوبِها وهي: • شرطُ الإسلام: فلا تجب زكاةُ الفطر على الكافر حُرًّا كان أو عبدًا عند الجمهور، خلافًا للشافعية(٣)؛ لأنَّ زكاة الفطر قُرْبةٌ مِنَ القُرَبِ وطُهْرةٌ للصائم مِنَ اللغو والرفث، والكافرُ ليس مِنْ أهل القُرَبِ فلا تُقْبَلُ منه؛ لذلك قيَّدَها حديثُ ابنِ عمر رضي الله عنهما اللاحقُ: «مِنَ المسلمين»(٤). • شرط القدرة لمَنْ يجب عليه إخراجُ زكاة الفطر: لأنَّ غيرَ القادرِ مرفوعٌ عنه الحَرَجُ لقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقولِه تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ﴾ [الحج: ٧٨]. • أضافَ الجمهورُ شَرْطَ الحُرِّيَّةِ في وجوبِ زكاة الفطر؛ فلا تجب ـ عندهم ـ إلَّا على مَنْ كان حُرًّا مسلمًا؛ لأنَّ غيرَ الحُرِّ لا يَمْلِك ولا يُملَّكُ، وخالَفَ في ذلك الحنابلةُ فتجب زكاةُ الفطر ـ عندهم ـ على الرقيق سواءٌ كان صغيرًا أو كبيرًا كما تجب على الحُرِّ وهو الراجحُ، يشهد له عمومُ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، عَلَى الصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ، وَالحُرِّ وَالمَمْلُوكِ»، وفي لفظِ مسلمٍ: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ، صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ»(٥)، ولأنَّ زكاة الفطر زكاةٌ على الأبدان؛ فوَجَبَ على السيِّدِ أَنْ يُخْرِجَها عن عبده؛ لأنه صاحِبُ ولايةٍ عليه؛ فأَشْبَهَ ابنَه الصغيرَ(٦). ولا يُشْتَرَطُ مِلْكُ النِّصابِ في وجوب أداءِ زكاة الفطر، غيرَ أنه يُشْتَرَطُ له الغنى، وحَدُّه عند الجمهور: أَنْ يملك فَضْلَ قوتِه وقوتِ مَنْ في نفقته ليلةَ العيد ويومَه، وهو مَذْهَبُ المالكيةِ والشافعية والحنابلة على تفصيلٍ(٧)، وعُمْدَتُهم في ذلك قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ سَأَلَ ـ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ ـ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ» قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا يُغْنِيهِ؟» قَالَ: «مَا يُغَدِّيهِ أَوْ يُعَشِّيهِ»، وفي لفظِ أبي داود: «أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبَعُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، أَوْ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ»(٨). وخالَفَ الأحنافُ في حَدِّ الغنى، واعتبروه في مِلْكِ النِّصاب؛ فلا تجب زكاةُ الفطر ـ عندهم ـ إلَّا على مَنْ يملك نِصابًا مِنْ أيِّ مالٍ كان، فاضلًا عن الحوائج الأصلية، مُسْتدِلِّينَ بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى»(٩)، والفقيرُ ليس بغنيٍّ، بل الصدقةُ تَحِلُّ له؛ فاستوى مع مَنْ لا يَقْدِرُ عليها ـ أصلًا ـ فلا تجب عليه(١٠). ومذهبُ الجمهورِ أقوى؛ لأنَّ زكاة الفطرِ زكاةُ أبدانٍ لا تزيد بزيادةِ المال حتَّى يُعْتَبَرَ فيها وجوبُ النِّصاب؛ فهي أَشْبَهُ بالكفَّارات لا بزكاة الأموال؛ لذلك لم يُقيِّدْها الشارعُ بغِنًى أو فَقْرٍ كما قيَّد زكاةَ الأموال في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»(١١)؛ فوَرَدَ فرضُ زكاةِ الفطر مُطْلقًا عن تقييدٍ؛ فشَمِلَ الصغيرَ والكبير، والذَّكَرَ والأنثى، والحُرَّ والعبد. أمَّا حديثُ: «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» فجوابُه مِنْ وجوهٍ: الأوَّل: أنَّ النفي في لفظِ الحديث يدلُّ على الكمال لا الصحَّة، أي: لا صدقةَ كاملةٌ إلَّا عن ظَهْرِ غِنًى، ويدلُّ عليه حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»(١٢)، وهذا لا يَلْزَمُ منه أَنْ لا تكون الصدقةُ مِنَ الفقير، غايةُ ما يدلُّ عليه هو تفضيلُ الغنى مع القيامِ بحقوقه على الفقر، وقد بيَّن ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ هذا المعنى بقوله: «والمختارُ أنَّ معنى الحديث: أَفْضَلُ الصدقةِ ما وَقَعَ بعد القيام بحقوقِ النفس والعيال بحيث لا يصير المتصدِّقُ محتاجًا بعد صدقتِه إلى أحَدٍ؛ فمَعْنَى الغِنَى في هذا الحديثِ: حصولُ ما تُدْفَعُ به الحاجةُ الضروريةُ كالأكل عند الجوع المُشوِّشِ الذي لا صَبْرَ عليه، وسَتْرِ العورةِ، والحاجةِ إلى ما يَدْفَعُ به عن نَفْسِه الأذى»(١٣). الثاني: أنه مُعارِضٌ لحديث الجمهور، ودليلُهم أَخَصُّ في بيانِ حَدِّ الغنى في زكاة الفطر. الثالث: أنَّ قياسَ مَنْ يملك قوتَ يومِه وليلتِه على العاجز مُطْلَقًا في عدم وجوب زكاة الفطر عليه قياسٌ مع ظهور الفارق. هذا، وقد ثَبَتَتْ فَرْضيةُ زكاة الفطر بحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى العَبْدِ وَالحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالكَبِيرِ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ»(١٤)، وحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما ـ أيضًا ـ قال: «أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ»، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ»(١٥)، وادَّعى ابنُ المنذر ـ رحمه الله ـ إجماعَ أهلِ العلم على فَرْضيتها(١٦)، وخالَفَ الأحنافُ في تسميتها فرضًا؛ لأنَّ الفرض ـ عندهم ـ لا يَثْبُتُ إلا بدليلٍ قطعيٍّ، وليس أمرُ زكاةِ الفطر كذلك؛ لذلك قالوا بوجوبها، وحَمَلُوا الفرضَ في الحديثِ على التقدير(١٧). وقد رجَّحَ ابنُ قُدامةَ ـ رحمه الله ـ تسميتَها بالفرض بقوله: «وقال بعضُ أصحابنا: وهل تُسمَّى فرضًا مع القول بوجوبها؟ على روايتين، والصحيحُ أنها فرضٌ؛ لقولِ ابنِ عمر: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الفِطْرِ»، ولإجماعِ العُلَماءِ على أنها فرضٌ، ولأنَّ الفرض إِنْ كان الواجبَ فهي واجبةٌ، وإِنْ كان الواجبَ المُتأكِّدَ فهي مُتأكِّدةٌ مُجْمَعٌ عليها»(١٨). المسألة الثانية: المعنيُّون بزكاة الفطر وترتيبُهم: زكاةُ الفطر تجب على المسلم المالكِ لمِقْدارِ الزكاة الذي يزيد عن قوتِه وقوتِ عِيالِه يومًا وليلةً؛ فهذا حَدُّ الغنى في زكاة الفطر ـ عند الجمهور ـ دون اعتبارٍ في وجوبها نِصابَ الزكاةِ ـ كما تقدَّم ـ. وزكاةُ الفطر تجب عن المسلم في ذاته وعن كُلِّ مَنْ تجب عليه نفقتُه شرعًا مِنَ المسلمين(١٩) لقرابةٍ أو زوجيةٍ أو مِلْكٍ(٢٠). ويدلُّ على ذلك حديثُ ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: «أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ مِمَّنْ تَمُونُونَ»(٢١)، وحديثُ أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لَيْسَ فِي الْعَبْدِ صَدَقَةٌ إِلَّا صَدَقَةَ الْفِطْرِ»(٢٢)، ومفهومُ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما يدلُّ على أنَّ زكاة الفطر لا يجب إخراجُها عن الأصول والفروع إِنْ كانوا أَغْنِيَاءَ، ولا عن زوجةٍ لم يدخل بها؛ لأنه لا تَلْزَمُه نَفَقَتُها، وإنما تجب الفطرةُ عن زوجته أو مُطلَّقتِه طلاقًا غيرَ بائنٍ. فالحاصل: أنَّ كُلَّ مَنْ لا تجب عليه نَفَقَتُه لا تَلْزَمُه زكاتُه إلَّا ما استثناهُ الدليلُ؛ فمِنْ ذلك: لا تَلْزَمُه زكاةُ البائنِ إلَّا إذا كانَتْ حاملًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِن كُنَّ أُوْلَٰتِ حَمۡلٖ فَأَنفِقُواْ عَلَيۡهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦]، وإِنْ كانَتْ ناشزةً فلا تجب عليه فطرتُها بلا خلافٍ(٢٣)، كما اتَّفقَ العُلَماءُ على أنه لا يُخْرِجُ عن زوجته الكافرةِ مع أنَّ نفقتها تَلْزَمُه(٢٤)، وإنما خرجَتْ هذه الصُّوَرُ عن القاعدة لوجودِ دليلِ النصِّ أو الإجماع. أمَّا عن ترتيبِ المعنيِّينَ بزكاة الفطر مِنْ جهةِ الأولوية إذا لم يكن عنده ما يكفي الجميعَ فإنه يبدأ بنَفْسِه ـ أوَّلًا ـ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «ابْدَأْ بِنَفْسِكَ»(٢٥)، ثمَّ بمَنْ يَعُولُ ـ ثانيًا ـ لقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»(٢٦)، ثمَّ اختلفوا في أولويةِ مَنْ يعول في الترتيب، فرجَّح ابنُ قُدامةَ ـ رحمه الله ـ زوجتَه فرَقيقَه ثمَّ أُمَّه ثمَّ أباهُ، ثمَّ الأَقْرَبَ فالأَقْرَبَ على ترتيبهم في الميراث، واستدلَّ على ترتيبه بما نصُّه: «لأنَّ الفطرة تنبني على النفقة، فكما يبدأ بنَفْسِه في النفقة فكذلك في الفطرة، فإِنْ فَضَلَ آخَرُ أَخْرَجَهُ عن امرأته؛ لأنَّ نَفَقَتَها آكَدُ؛ فإنَّ نَفَقَتَها تجب على سبيلِ المُعاوَضةِ مع اليسار والإعسار، ونفقة الأقارِبِ صِلَةٌ تجب مع اليسار دون الإعسار، فإِنْ فَضَلَ آخَرُ أخرجه عن رقيقه؛ لوجوبِ نفقتهم في الإعسار.. وتُقدَّمُ فطرةُ الأمِّ على فطرة الأب لأنها مُقدَّمةٌ في البرِّ؛ بدليلِ قول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للأعرابيِّ لمَّا سأله: «مَنْ أَبَرُّ؟» قال: «أُمَّكَ»، قال: «ثمَّ مَنْ؟» قال: «أُمَّكَ»، قال: «ثُمَّ مَنْ»، قال: «أُمَّكَ»، قال: «ثمَّ مَنْ؟» قال: «ثُمَّ أَبَاكَ»(٢٧)، ولأنها ضعيفةٌ عن الكسب، ويحتمل تقديم فطرة الأب لقول النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ»(٢٨)، ثمَّ بالجدِّ، ثمَّ الأقرب فالأقرب، على ترتيبِ العَصَبات في الميراث»(٢٩) [بتصرُّف]. المسألة الثالثة: في وقت زكاة الفطر: أُضيفَتِ الزكاةُ إلى الفطر وسُمِّيَتْ به؛ لأنَّ الفطر هو سببُ وجوبها مِنْ بابِ إضافةِ الشيءِ إلى سببه، مع اختلافِ أهل العلم في سبب الوجوب: أهو الفطرُ المعتادُ أَمِ الفطرُ الطارئُ؟ ـ كما سيأتي بيانُه ـ، كما أنه يُرادُ بالزكاة الصدقةُ عن البدن والنَّفْسِ لا الصدقةُ عن المال. وقد اخْتَلَفَ العُلَماءُ في بدايةِ وقتِ وجوب زكاة الفطر، وفي وقتِ أدائها، وفي التعجيل بها قبل وجود سببها، وهذه المَسائلُ الثلاثُ نَتناوَلُها في الفروع التالية: الفرع الأوَّل: في بدايةِ وقتِ وجوب زكاة الفطر: اختلفَتْ أنظارُ العُلَماءِ في بداية وقت وجوب زكاة الفطر على مذهبين مشهورين: • أنَّ بداية وقت الوجوب هو طلوعُ فجر يوم العيد، وبه قال الحنفيةُ والمالكيةُ في قولٍ ورواية عن الشافعيِّ في القديم. • أنَّ بداية وقت الوجوب هو غروبُ شمسِ آخِرِ يومٍ مِنْ رمضان، وبه قال الجمهورُ مِنَ الحنابلة والمالكية على القول الآخَر، وهو المشهورُ عند الشافعية(٣٠). وسببُ الخلاف: يرجع إلى سبب الوجوب وهو الفطرُ؛ فمَنْ جَعَلَه الفِطْرَ المعتادَ في سائِرِ الشهرِ فيكونُ الوجوبُ بغروب الشمس وهو وقت الفطر مِنْ رمضان، ومَنْ جَعَلَه الفِطْرَ الطارئَ بعده قال بأنَّ طلوعَ فجرِ يوم العيد هو سببُ الوجوب، أو بعبارةٍ أخرى: هل زكاةُ الفطرِ عبادةٌ مُتعلِّقةٌ بيوم العيد أو بخروجِ شهر رمضان؟(٣١) والظاهر أنَّ المذهبَ الأوَّلَ وهو الاعتدادُ بطلوع الفجر قويٌّ مُتَّجِهٌ، قال ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ: «ويُقوِّيهِ قولُه في حديث الباب [حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما]: «وأَمَرَ بها أَنْ تُؤدَّى قبل خروجِ الناسِ إلى الصلاة»(٣٢)»(٣٣)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ»(٣٤)؛ فأضافَ الفطرَ على الإطلاق إلى اليوم، أي: الفطر بالنهار يومَ تُفْطِرون، ولأنَّ الزكاة أُضيفَتْ إلى الفطر إضافةَ وجوبٍ، والإضافةُ دليلُ الاختصاص، والسببُ أَخَصُّ بحُكْمِه مِنْ غيره، ولأنَّ الليلَ ليس مَحَلًّا للصوم، وإنما يَتبيَّنُ الفطرُ الحقيقيُّ بالأكل بعد طلوعِ فجرِ يوم الفطر. وفائدةُ الخلافِ في هذه المسألة: تظهر فيمَنْ ماتَ أو وُلِدَ أو أَسْلَمَ بعد غروبِ آخِرِ يومٍ مِنْ رمضان: • فعلى مذهب الحنفية والمالكية على قولٍ، ورواية عن الشافعيِّ: أنَّ مَنْ ماتَ بعد غروب الشمس لا تجب عليه الزكاةُ؛ لأنه وقتَ وجوبها لم يكن موجودًا، أمَّا مَنْ وُلِدَ بعد غروب الشمس أو أَسْلَمَ أو بَنَى على زوجته أو أَيْسَرَ ماليًّا أو مَلَكَ عبدًا فتجب عليه الزكاةُ لأنه كان مِنْ أهلها وقتَ وجوبها. • أمَّا مَنْ مات بعد غروبِ شمسِ آخِرِ يومٍ مِنْ رمضان ـ عند الجمهور ـ فتجب ـ في حقِّه ـ زكاةُ الفطر؛ لأنَّ وقتَ وجوبها في بداية الغروب، أمَّا مَنْ وُلِدَ بعد الغروب فلا تَلْزَمُه زكاةٌ لأنه كان جنينًا(٣٥) وقتَ وجوبها، وكذلك مَنْ أَسْلَمَ بعد الغروب أو بَنَى على زوجته أو مَلَكَ عبدًا أو أَيْسَرَ ماليًّا فلا تَلْزَمُه زكاةٌ؛ لأنه لم يكن مِنْ أهلها وقتَ وجوبها(٣٦). الفرع الثاني: في وقت وجوب أداء زكاة الفطر: يذهب الجمهورُ مِنَ المالكية والشافعية والحنابلة وبعضِ الحنفية إلى أنَّ وقتَ وجوبِ أداءِ زكاة الفطر مُتعيِّنٌ بيوم العيد كالأضحية؛ فيَحْرُمُ تأخيرُها عن ذلك اليومِ بدونِ عذرٍ، فإِنْ أخَّرَها وَجَبَ إخراجُه لها قضاءً لا أداءً، والمُسْتحَبُّ فيها أَنْ تُؤدَّى قبل خروجِ الناسِ إلى المصلَّى(٣٧). وخالَفَ الحنفيةُ في ذلك فرأَوْا أنَّ وقتَ وجوبِ أدائها وقتٌ مُطْلَقٌ عن تعيينٍ؛ فيجوز له أَنْ يُؤدِّيَها في يوم العيد أو في يومٍ غيرِه، ولا يَترتَّبُ عليه إثمٌ في تأخيرِها عن يوم العيد، والمُسْتحَبُّ في إخراجِ زكاةِ الفطر ـ عندهم ـ هو أداؤُها يومَ العيد(٣٨). هذا، وذَهَبَ أهلُ التحقيق مِنْ أهل العلم إلى وجوبِ إخراجِ زكاة الفطر قبل صلاة العيد، ويَحْرُمُ تأخيرُها إلى ما بعد وقتها بدونِ عذرٍ شرعيٍّ، فإِنْ أخَّرَها بعد الصلاةِ فلا تكون زكاةً وإنما هي صدقةٌ مِنَ الصدقات، وهذا القولُ الأخيرُ هو الراجح، ويدلُّ عليه حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ؛ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»(٣٩)، وحديثُ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ»(٤٠). وانطلاقًا مِنْ دلالة هذين الحديثين بيَّن ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ هَدْيَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في إخراجِ هذه الصدقةِ بقوله: «ومقتضى هذين الحديثَيْن أنه لا يجوز تأخيرُها عن صلاة العيد، وأنها تَفُوتُ بالفراغ مِنَ الصلاة، وهذا هو الصوابُ؛ فإنه لا مُعارِضَ لهذين الحديثين ولا ناسِخَ، ولا إجماعَ يدفع القولَ بهما، وكان شيخُنا [أي: ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ] يُقوِّي ذلك وينصره. ونظيرُه ترتيبُ الأضحيةِ على صلاة الإمامِ لا على وقتِها، وأنَّ مَنْ ذَبَحَ قبل صلاة الإمام لم تكن ذبيحتُه أضحيةً بل شاةَ لحمٍ، وهذا ـ أيضًا ـ هو الصوابُ في المسألة الأخرى، وهذا هَدْيُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الموضعين»(٤١)، ولأنَّ أداءها في ذلك الوقتِ أَوْلى في تحقيقِ الحكمة مِنْ مشروعيةِ زكاةِ الفطر مِنَ: الرفق بالفقير وإغنائه عن السؤال في يوم العيد وإدخالِ السرور عليه في يومٍ يُسَرُّ المسلمون بقدوم العيد عليهم. هذا، ويجدر التنبيهُ إلى أنَّ زكاة الفطر لا تسقط بفواتِ وقتِها على الصحيح(٤٢)؛ لأنها حقُّ العبدِ تَعَلَّقَ بذِمَّةِ مَنْ وجبَتْ عليه لمُسْتَحِقِّه؛ فهي دَيْنٌ لهم لا يسقط إلَّا بالوفاء به، أمَّا حَقُّ اللهِ في تحريمِ التأخير عن وقتِ أدائها فلا يُكفِّرُه إلَّا الندمُ والاستغفارُ والعملُ الصالح. الفرع الثالث: في حكم تعجيل زكاة الفطر قبل وقت وجوبها: يرى الأحنافُ ـ في المشهور ـ جوازَ تعجيلِ زكاة الفطر قبل وجودِ سببها وهو الفطرُ مِنْ رمضان السَّنَةَ والسنتين؛ لأنها زكاةٌ فأَشْبَهَتْ زكاةَ المالِ التي وَرَدَ فيها حديثُ أبي داود وغيرِه عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه «أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ؛ فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ»، قَالَ مَرَّةً: «فَأَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ»(٤٣)، وفي روايةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَجَّلَ مِنَ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ»(٤٤)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم لعمر رضي الله عنه: «إِنَّا كُنَّا قَدْ تَعَجَّلْنَا صَدَقَةَ مَالِ الْعَبَّاسِ لِعَامِنَا هَذَا عَامَ أَوَّلَ»(٤٥). وذهَبَتِ الشافعيةُ إلى جوازِ إخراجها مِنْ أوَّلِ شهرِ رمضان، قال النوويُّ ـ رحمه الله ـ مُعلِّلًا هذا الرأيَ بما نصُّه: «لأنها تجب بسببين: بصوم رمضان والفطرِ منه، فإذا وُجِدَ أحَدُهما جازَ تقديمُها على الآخَرِ كزكاة المال بعد مِلْكِ النِّصاب وقبل الحول، ولا يجوز تقديمُها على رمضان لأنه تقديمٌ على السببين؛ فهو كإخراجِ زكاةِ المال قبل الحول والنِّصاب»(٤٦). وذهبَتِ المالكيةُ والحنابلةُ إلى جوازِ تقديمِها على سببِ وجوبها بيومٍ أو يومين، وفي المسألةِ أقوالٌ أخرى(٤٧). والصحيحُ جوازُ تقديمِها للمُوكَّلِ بتوزيعها قبل الفطر بيومٍ أو يومين، ويدلُّ عليه حديثُ نافعٍ «عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ»(٤٨)، وحديثِ نافعٍ عن ابنِ عمر رضي الله عنهما: «فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الفِطْرِ ـ أَوْ قَالَ: رَمَضَانَ ـ .. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا، وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ»(٤٩)، وليس المرادُ مِنْ قوله: «الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا» الفُقَراءَ، وإنما هُمُ الجُبَاةُ الذين يُنصِّبُهم الإمامُ لجَمْعِ صدقةِ الفطر، بدليلِ ما رواهُ مالكٌ عن نافعٍ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ»(٥٠)، قال في «إرواء الغليل»: «ويُؤيِّدُ ذلك ما وَقَعَ في روايةِ ابنِ خُزَيْمةَ مِنْ طريق عبد الوارث عن أيُّوب: قلت: «متى كان ابنُ عمر يُعطي؟» قال: «إذا قَعَدَ العاملُ»، قلت: «متى يقعد العاملُ؟» قال: «قبل الفطر بيومٍ أو يومين»(٥١)»(٥٢). المسألة الرابعة: في مقدار المُخْرَجِ مِنْ زكاة الفطر وحُكْمِ إخراجه بالقيمة: أَتناوَلُ ـ في هذه المسألة ـ مقدارَ المُخْرَجِ مِنْ زكاة الفطر ونوعَه في الفرع الأوَّل، وأُخصِّصُ الفرعَ الثانيَ لمسألةِ إخراجِ زكاة الفطر بالقيمة. الفرع الأوَّل: في مقدار المُخْرَجِ مِنْ زكاة الفطر ونوعِه: المقدار الواجب في زكاة الفطر ـ عند الحنفية ـ هو نصفُ صاعٍ مِنْ بُرٍّ أو صاعٌ(٥٣) مِنْ شعيرٍ أو صاعٌ مِنْ تمرٍ، واستدلُّوا على هذا المقدارِ في هذه الأنواع الثلاثة وهي: الحنطةُ والشعيرُ والتمرُ بقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «صَاعٌ مِنْ بُرٍّ أَوْ قَمْحٍ عَلَى كُلِّ اثْنَيْنِ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ، ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى»(٥٤)، وبقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَأَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ: صَاعِ تَمْرٍ أَوْ صَاعِ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ رَأْسٍ» ـ زَادَ عَلِيٌّ فِي حَدِيثِهِ: «أَوْ صَاعِ بُرٍّ أَوْ قَمْحٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ»، ثُمَّ اتَّفَقَا: «عَنِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ»(٥٥). وتُعَدُّ هذه الأنواعُ الثلاثةُ ـ عندهم ـ أصولًا لغيرها مِنَ الأجناس الأخرى، والاعتبارُ فيها بالقيمة لكونها منصوصًا عليها، أي: أنَّ هذه الأنواعَ الثلاثةَ تُقوَّمُ، ثمَّ بقيمةِ المُقوَّمِ منها يُشْتَرَى الجنسُ المُرادُ إخراجُه. أمَّا المقدارُ الواجبُ في زكاة الفطر ـ عند الجمهور مِنَ المالكية والشافعية والحنابلة ـ فهو صاعٌ عن كُلِّ فردٍ مِنْ جميعِ الأجناس المُخْرَجِ منها ممَّا يُعَدُّ قوتًا؛ عملًا بحديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه أنه قال: «كُنَّا نُخْرِجُ ـ إِذْ كَانَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ زَكَاةَ الْفِطْرِ، عَنْ كُلِّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ، حُرٍّ أَوْ مَمْلُوكٍ، صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ(٥٦)، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ، فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، فَكَلَّمَ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ بِهِ النَّاسَ أَنْ قَالَ: «إِنِّي أَرَى أَنَّ مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ»(٥٧)؛ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ»، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «فَأَمَّا أَنَا فَلَا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ، أَبَدًا مَا عِشْتُ»(٥٨). لذلك كان نوعُ المُخْرَجِ أو جنسُه الواجبُ عند المالكية والشافعية هو ما كان غالِبَ قوتِ البلد، أو قوت المُكلَّفِ إذا لم يَقْدِرْ على قوتِ البلد، بينما الحنابلةُ خَلَصُوا إلى القول بأنَّ الواجب يَتعيَّنُ عليه في أَحَدِ الأصناف الواردةِ في حديثِ أبي سعيدٍ المُتقدِّم، وهي: الحنطةُ والشعيرُ والتمرُ والأَقِطُ والزبيب. وسببُ اختلافهم ـ إذَنْ ـ هو اختلافهم في مفهومِ حديثِ أبي سعيدٍ رضي الله عنه المُتقدِّم: فمَنْ فَهِمَ منه التخييرَ بين الأصناف المذكورة في الحديث قال: أيَّ صنفٍ أَخْرَجَ أَجْزَأَ عنه، ولا يَعْدِلُ عن هذه الأصنافِ إلَّا في حالةِ انعدامها فإنه ـ والحالُ هذه ـ يجزيه كُلُّ مُقْتاتٍ مِنَ الحبوب والثمار. ومَنْ فَهِمَ مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ رضي الله عنه أنَّ اختلافَ المُخْرَجِ ليس سببُه الإباحةَ والتخيير، وإنما سببُه اعتبارُ قوتِ المُخْرِجِ أو قوتِ غالِبِ البلد قال بهذا الاعتبار(٥٩). الفرع الثاني: في إخراج زكاة الفطر بالقيمة: أمَّا إخراجُ زكاةِ الفطر بالقيمة فقَدْ مَنَعَ مِنْ ذلك الجمهورُ [المالكيةُ والشافعيةُ والحنابلةُ]، قال النوويُّ ـ رحمه الله ـ: «ولم يُجِزْ عامَّةُ الفُقَهاءِ إخراجَ القيمةِ وأجازَهُ أبو حنيفة»(٦٠). ويُفضِّلُ الحنفيةُ إخراجَ القيمةِ مِنَ النقود في زكاة الفطر على إخراجِ العين(٦١)، وعلَّلوا ذلك بأنَّ المقصود مِنْ أداءِ زكاة الفطر إغناءُ الفقيرِ الذي يَتحقَّقُ غِناهُ بالعين أو بالقيمة، وأنَّ سَدَّ الخَلَّةِ(٦٢) بأداءِ القيمة أَنْفَعُ للفقير وأَيْسَرُ له لدَفْعِ حاجته. أمَّا مذهبُ الجمهور فقَدْ علَّلوا مَنْعَ إخراجِ القيمة في زكاة الفطر بورودِ النصِّ في الطعام دون التعرُّض للقيمة، فلو جازَتْ لَبيَّنَها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، مع أنَّ التعامل بالنقود كان قائمًا والحاجة تدعو إليها، والمعلومُ ـ تقعيدًا ـ أنَّ «تَأْخِيرَ البَيَانِ عَنْ وَقْتِ الحَاجَةِ لَا يَجُوزُ»، فضلًا عن أنَّ القيمةَ في حقوقِ الناسِ يَلْزَمُها التراضي، والزكاةُ ليس لها مالكٌ مُعيَّنٌ حتَّى يتمَّ التراضي معه أو إبراؤُه. وسببُ الخلافِ في مسألةِ إخراجِ القيمة بدلًا مِنَ العين يرجع إلى المسألتين التاليتين: • الأولى: هل الأصلُ في الأحكام والمعاني الشرعيةِ التعبُّدُ أو التعليل؟ • الثانية: هل زكاةُ الفطر تجري مجرى صدقةِ الأموال أم تجري مجرى صدقة الأبدان كالكفَّارات؟ وعليه، فمَنْ لاحَظَ التعليلَ والغرضَ الذي مِنْ أَجْلِه شُرِعَ حكمُ زكاة الفطر، وأجراها مجرى صدقة الأموال؛ قال بجوازِ إخراجِ القيمةِ لأنها تُحَقِّقُ قَصْدَ الشارعِ في شَرْعِه الحكمَ. ومَنْ لاحَظَ التعبُّدَ والْتزامَ ظاهِرِ النصِّ وأَجْرَاها مجرى صدقةِ الأبدانِ كالكفَّارات والنذور والأضحية؛ قال: لا يجوز إخراجُ القيمةِ ويتعيَّنُ إخراجُ ما وَرَدَ به النصُّ مع مُراعاةِ مفهومه(٦٣). والظاهرُ أنَّ الشرع إذا نصَّ على الواجبِ وعيَّنَ نوعَه وَجَبَ الْتزامُ ظاهِرِ النصِّ؛ احتياطًا للدِّينِ وعملًا بأنَّ الأصل في حكمِ زكاةِ الفطرِ التعبُّدُ، وأنها تجري مجرى صدقةِ البَدَنِ لا المال؛ لذلك لا يجوز العدولُ عن ظاهِرِ النصِّ إلى القيمة، كما لا يجوز ذلك في الأضحية والكفَّارات والنذور ونحوِها، وهذا هو مذهبُ مالكٍ والشافعيِّ وأحمد رحمهم الله. قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ مُقرِّرًا هذا المعنى بقوله: «إنَّ صدقة الفطرِ تجري مجرى كفَّارةِ اليمين والظِّهارِ والقتل والجماع في رمضان ومجرى كفَّارة الحجِّ؛ فإنَّ سببها هو البَدَنُ، ليس هو المالَ، كما في السنن عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم «أنه فَرَضَ صدقةَ الفطر طُهْرةً للصائم مِنَ اللغو والرفث وطُعْمةً للمساكين. مَنْ أداها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومَنْ أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقةٌ مِنَ الصدقات»(٦٤)، وفي حديثٍ آخَرَ أنه قال: «أَغْنُوهُمْ في هذا اليومِ عن المسألة»(٦٥)؛ ولهذا أَوْجَبَها اللهُ طعامًا كما أَوْجَبَ الكفَّارةَ طعامًا، وعلى هذا القولِ فلا يُجْزِئُ إطعامُها إلَّا لمَنْ يَسْتحِقُّ الكفَّارةَ وهُمُ الآخذون لحاجةِ أَنْفُسِهم؛ فلا يعطي منها في المُؤلَّفةِ ولا الرِّقاب ولا غيرِ ذلك، وهذا القولُ أَقْوَى في الدليل»(٦٦). هذا، وإِنْ كان الأصلُ الواجبُ إخراجَ زكاة الفطر عينًا على الوجه الذي نصَّ عليه الشرعُ إلَّا أنه يجوز ـ استثناءً مِنَ الأصل المُقرَّرِ ـ العدولُ عن ظاهِرِ النصِّ إلى القيمة في حالةِ حصولِ حاجةٍ ضروريةٍ أو مصلحةٍ راجحةٍ أو وضعيةٍ مُلِحَّةٍ؛ فيُجْزِئُ إخراجُ القيمة حالَتَئذٍ . المسألة الخامسة: في مَصْرِف زكاة الفطر: اختلف الفُقَهاءُ في مَصْرِف زكاة الفطر على قولين: أحَدُهما: أنَّ مَصْرِفَ زكاةِ الفطر هو مَصْرِفُ زكاةِ المال الثمانية؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡعَٰمِلِينَ عَلَيۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَٰرِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ﴾ [التوبة: ٦٠]، وهذا هو مذهبُ جمهورِ العُلَماء مِنَ الحنفية والشافعية، والمشهورُ عن الحنابلة. والثاني: أنَّ زكاةَ الفطرِ خاصَّةٌ بالفُقَراءِ والمساكينِ ولا تُصْرَفُ إلَّا إليهم، وهو مذهبُ المالكيةِ والحنابلةِ على قولٍ(٦٧)، واختارَهُ ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ، وهو الراجحُ لمُناسَبتِه لمشروعيةِ زكاةِ الفطر، واختصاصِها بالفُقَراءِ والمساكينِ على وجه الحصر في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، وفيه: «وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ»(٦٨)، ولأنَّ آية التوبةِ المذكورةَ عامَّةٌ في جميعِ مَصارِفِ زكاة المال لا صدقةِ الفطر على ما جرَتْ به السنَّةُ العملية، أمَّا زكاةُ الفطر فهي مُتعلِّقةٌ بالأبدان فأَشْبَهَتِ الكفَّارةَ؛ فلا يُجْزِئُ إخراجُها إلَّا لمَنْ يَسْتحِقُّ الكفَّارةَ، قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «ولا يجوز دَفْعُ زكاةِ الفطر إلَّا لمَنْ يَسْتحِقُّ الكفَّارةَ، وهو مَنْ يأخذ لحاجته، لا في الرِّقابِ والمُؤلَّفةِ قلوبُهم وغيرِ ذلك»(٦٩). هذا، ويجدر التنبيهُ إلى أنه لا يجوز دَفْعُ زكاةِ الفطر إلى الحربيِّ المستأمن بالإجماع(٧٠)، كما لا يجوز إعطاؤها لغير المسلمين(٧١) عند عامَّةِ الفُقَهاء، خلافًا لأبي حنيفة الذي أجازَ دَفْعَها إلى أهل الذمَّة. وسببُ اختلافهم في سببِ جوازِها: أهو الفقرُ أم الفقرُ والإسلامُ معًا؟(٧٢) والجمهورُ على أنَّ سببَ جوازِها هو الفقرُ والإسلامُ معًا؛ لأنَّ سِياقَ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما المتقدِّمِ في قوله: «وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ»(٧٣) يُفيدُ بظاهِرِه أنَّ المُرادَ: مَساكينُ المسلمين لا غيرِهم، وهو المُتبادِرُ إلى الذهن، وصَرْفُه إلى غيرِه يحتاج إلى دليلٍ، ولأنَّ الأصل المُقرَّرَ في زكاة الأموال والمنصوصَ عليه في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم لمُعاذٍ رضي الله عنه عندما بَعَثَهُ إلى اليمن: «ادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ .. فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي أَمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»(٧٤). أمَّا غيرُ المسلم فتجوز فيه الصدقةُ العامَّةُ غيرُ الواجبة كما نُقِلَ عن الحسن البصريِّ أنه قال: «لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْوَاجِبِ حَقٌّ، وَلَكِنْ إِنْ شَاءَ الرَّجُلُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ»(٧٥)، وعلى هذا تُحْمَلُ الآيةُ التي استدلَّ بها الأحنافُ على الجواز في قوله تعالى: ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٨﴾ [الممتحنة]. والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا. الجزائر في: ٢٣ شعبان ١٤٣٦ﻫ الموافق ﻟ: ١٠ جــوان ٢٠١٥م الموقع الرسمي للشيخ أبي عبد المعز محمد على فركوس -حفظه الله- . آخر تعديل أم فاطمة السلفية 2021-05-11 في 06:28.
|
|||
2021-05-11, 07:22 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
أحكام زكاة الفطر.. حكم زكاة الفطر.. السؤال: هل حديث (لا يرفع صوم رمضان حتى تعطى زكاة الفطر) صحيح؟ وإذا كان المسلم الصائم محتاجا لا يملك نصاب الزكاة هل يتوجب عليه دفع زكاة الفطر لصحة الحديث أم لغيره من الأدلة الشرعية الصحيحة الثابتة من السنة؟الجواب: صدقة الفطر واجبة على كل مسلم تلزمه مؤنة نفسه إذا فضل عنده عن قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته: صاع، والأصل في ذلك ما ثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة » متفق عليه، واللفظ للبخاري. وما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط » متفق عليه. ويجزئ صاع من قوت بلده مثل الأرز ونحوه. والمقصود بالصاع هنا: صاع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أربع حفنات بكفي رجل معتدل الخلقة. وإذا ترك إخراج زكاة الفطر أثم ووجب عليه القضاء. وأما الحديث الذي ذكرته فلا نعلم صحته. ونسأل الله أن يوفقكم، وأن يصلح لنا ولكم القول والعمل. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم(5733) عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز الحكمة من زكاة الفطر.. قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: وأما الحكمة من زكاة الفطر فإنها كما قال ذلك ابن عباس رضي الله عنهما: «طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين» ، ففي ذلك فائدة للصائم إذ هي تطهره من اللغو والرفث، كما أنها طعمة للمساكين حيث تجعلهم يشاركون الأغنياء فرحة العيد، لأن الإسلام مبني على الإخاء والمحبة، فهو دين العدالة، يقول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} ، ورسولنا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» . والله الموفق.مجموع فتاوى ورسائل العثيمين(18/272) على من تجب زكاة الفطر.. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.رواه البخاري(1503) الزكاة على الجنين في بطن أمه.. السؤال: هل الطفل الذي ببطن أمه تدفع عنه زكاة الفطر أم لا؟الجواب: يستحب أن يخرج عن الجنين لفعل عثمان رضي الله عنه ولا تجب عليه؛ لأنها لو تعلقت به قبل ظهوره لتعلقت الزكاة بأجنة السوائم. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (3382) عضو الرئيس عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : الذي يظهر لي أننا اذا قلنا باستحباب اخراجها عن الجنين فانما تخرج عمن نفخت فيه الروح الا بعد اربعة أشهر لحديث ابن مسعود _رضي الله عنه الإختيارات الفقهية (ص 196 ) مقدار زكاة الفطر وجنسها.. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، يقول: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب».رواه البخاري(1506) قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله تعالى: فمقدارها صاع وهو أربعة أمداد وجنس ما يخرج هو من غالب قوت البلد برا كان أو شعيرا أو تمرا أو زبيبا أو اقطا.....أو غير هذه الأصناف مما إعتاد الناس أكله في البلد وغلب استعمالهم له كالأرز والذرة وما يقتاته الناس في كل بلد بحسبه. الملخص الفقهي (ص 169) الزيادة على القدر المنصوص عليه.. سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عمن عليه زكاة الفطر ويعلم أنها صاع ويزيد عليه ويقول هو نافلة، هل يكره؟فأجاب بقوله : الحمد لله نعم يجوز بلا كراهية عند أكثر العلماء كالشافعي وأحمد وغيرهما وإنما تنقل كراهيته عن مالك وأما النقص عن الواجب فلا يجوز باتفاق العلماء. مجموع الفتاوى(25/70) إخراج صاع من جنسين من الطعام.. سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله: أخرجت زكاة الفطر هذا العام ولله الحمد لكني جعلت نصف صاع رز والنصف الآخر بر فهل يصح عملي هذا ؟فأجاب بقوله: مادام كله طعام فلا بأس . فتاوى نور على الدرب (22شوال 1433هـ) إخراج الزكاة نقودا.. قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله تعالى: أما إخراج القيمة عن زكاة الفطر بأن يدفع بدلها دراهم فهو خلاف السنة فلا يجزئ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه إخراج القيمة في زكاة الفطر.قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى " لا يعطي القيمة" قيل له: قوم يقولون إن عمر بن عبد العزيز كان يأخذ القيمة؟ قال يدعون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولون قال فلان؟ وقد قال ابن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا........الحديث . الملخص الفقهي( ص 170 ) مصارف زكاة الفطر.. قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الفتوى رقم (20308) : زكاة الفطر فالواجب صرفها للفقراء والمساكين؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم وطعمة للمساكين » وأمر أن تؤدى قبل خروج الناس لصلاة العيد، ولا حرج في إخراجها قبل يوم العيد بيوم أو يومين؛ لما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم، أنهم كانوا يؤدونها إلى الفقراء قبل العيد بيوم أو يومين والله المستعان والهادي إلى سواء السبيل. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.عضو عضو عضو نائب الرئيس الرئيس بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ . عبد العزيز بن عبد الله بن باز الفرق بين المسكين والفقير.. سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى من هو المسكين الذي تصرف له الزكاة؟ وما الفرق بينه وبين الفقير؟ .فأجاب بقوله: المسكين هو الفقير لا يجد كمال الكفاية والفقير أشد حاجة منه وكلاهما من أصناف أهل الزكاة المذكورين في قوله تعالى: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها" ومن كان له دخل يكفيه للطعام والشراب وللكساء وللسكن من وقف أو كسب أو وظيفة أو نحو ذلك فإنه لا يسمى فقيرا ولا مسكينا ولا يجوز أن تصرف له الزكاة. مجموع فتاوى ابن باز( 14-266 ) جمع الزكاة عند شخص ثم إخراجها.. عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان.........الحديث رواه البخاري (3275) السؤال: ما مقدار زكاة الفطر ومتى تخرج ولمن تعطى في فرنسا، وهل يجوز جمعها من طرف إمام المسجد ثم توزيعها على المستحقين ولو بعد حين، وهل هي تابعة للتضخم المالي، وهل يجوز إرسالها للمجاهدين في أفغانستان مثلا أو إدخالها في صندوق بناء مسجد مثلا؟ الجواب: مقدار زكاة الفطر صاع من تمر أو شعير أو زبيب أو أقط أو طعام، ووقتها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد. ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة، وتعطى فقراء المسلمين في بلد مخرجها، ويجوز نقلها إلى فقراء بلد أخرى أهلها أشد حاجة ويجوز لإمام المسجد ونحوه من ذوي الأمانة أن يجمعها ويوزعها على الفقراء؛ على أن تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء الفتوى رقم (6364) عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز إذا وكل شخص في إخراج الزكاة عنه ثم أخرج عن نفسه.. قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله تعالى: ومن لزم غيره بإخراج الفطرة عنه فأخرج هو عن نفسه بدون إذن من تلزمه أجزأت لأنها وجبت عليه إبتداءا والغير متحمل لها غير أصيل. الملخص الفقهي (ص 170) إخراج الزكاة عن الغير بإذنه.. قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله تعالى: وإن أخرج شخص لا تلزمه نفقته بإذنه أجزأت وبدون إذنه لا تجزئ. الملخص الفقهي(170) إخراج زكاة الغير في بلد المخرج.. قال الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان حفظه الله تعالى :ولمن وجب عليه إخراج الفطرة عن غيره ان يخرج فطرة ذلك الغير مع فطرته في المكان الذي هو فيه ولو كان المخرج عنه في مكان آخر. الملخص الفقهي(17) إخراج زكاة الفطر في البلد الذي هو مقيم فيه.. السؤال: بالنسبة لزكاة الفطر في أوروبا وأمريكا هل يجوز جمعها لغرض إرسالها إلى المجاهدين في بعض البلاد الإسلامية، أم كما يقول بعض الناس: لا يجوز هذا، بل علينا إخراجها بالحبوب ثم توزيعها على المحتاجين، والذي لا يوجد في هذه الديار، بينما المجاهدون بأمس حاجة في تلك الديار؟ الجواب: زكاة الفطر يستقر وجوبها على كل مسلم أدرك غروب الشمس من آخر يوم من رمضان، أما وقت إخراجها فيجوز أن تخرج قبل العيد بيوم أو يومين، والمستحب أن تخرج يوم العيد قبل الصلاة، وعلى ذلك عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم، أما جمع زكاة الفطر من أول الشهر فذلك مخالف لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل صحابته رضي الله عنهم، فلا يجوز مطالبة الناس بها قبل وقت وجوبها. و الواجب أن يخرج المسلم زكاة الفطر في البلد الذي هو مقيم فيه، أما نقلها خارج البلد الذي لا يقيم فيه فذلك مخالف للشرع.وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الفتوى رقم (19128) عضو. عضو عضو نائب الرئيس الرئيس بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ . عبد العزيز بن عبد الله بن باز إخراج الزكاة في المكان الذي وجبت فيه.. سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: السائل إبراهيم بسيوني مصري يعمل في المملكة يقول عندما أصوم رمضان في المملكة هل يجوز لي أن أخرج عن أهلي زكاة الفطر في بلدي لوجود أكثر من محتاج هناك أم لا بد من إخراجها في مكان صيامي؟ فأجاب بقوله:الأفضل إخراج الزكاة في البلد الذي وجبت فيه سواء كانت هذه الزكاة زكاة الفطر أو زكاة المال لكن إذا لم يكن في البلد محتاج فلا بأس أن تنقل إلى بلد آخر واختلف العلماء فيما لونقلها لمصلحة راجحة إلى بلد آخر فمنهم من قال إن ذلك جائز ومنهم من قال إن ذلك لا يجوز إلا إذا عدم المستحق في بلد المال أو بلد الصائم الذي تجب عليه زكاة الفطر وحيث عن الأمر واسع فإنه ينبغي للإنسان أن يحتاط لدينه وأن يؤدي الزكاة في المكان الذي هو فيه إن كان زكاة فطر وفي المكان الذي هو فيه المال إن كان زكاة مال هذا هو الأولى والأحسن. فتاوى نور على الدرب ( 10/2) وقت إخراج زكاة الفطر.. السؤال : هل وقت إخراج زكاة الفطر من بعد صلاة العيد إلى آخر ذلك اليوم؟ الجواب: لا يبدأ وقت زكاة الفطر من بعد صلاة العيد، وإنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل الصلاة، ولما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات » ويجوز إخراجها قبل ذلك بيوم أو يومين لما رواه ابن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر من رمضان ... ، وقال في آخره: وكانوا يعطون قبل ذلك بيوم أو يومين » . فمن أخرها عن وقتها فقد أثم، وعليه أن يتوب من تأخيره وأن يخرجها للفقراء. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاءالفتوى رقم (2896) عضو عضو نائب رئيس اللجنة الرئيس عبد الله بن قعود ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز نسي إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد.. سئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: أعددت زكاة الفطر قبل العيد لإعطائها إلى فقير أعرفه، ولكنني نسيت إخراجها، ولم أتذكر إلا في صلاة العيد، وقد أخرجتها بعد الصلاة فما الحكم؟ فأجاب بقوله: لا ريب أن الواجب إخراج زكاة الفطر قبل صلاة العيد كما أمر بهذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولكن لا حرج عليك فيما فعلت، فإخراجها بعد الصلاة يجزئ والحمد لله، وإن كان جاء في الحديث أنها صدقة من الصدقات، لكن ذلك لا يمنع الإجزاء، وأنه وقع في محله، ونرجو أن يكون مقبولا، وأن تكون زكاة كاملة؛ لأنك لم تؤخر ذلك عمدا، وإنما أخرته نسيانا، وقد قال الله عز وجل في كتابه العظيم: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يقول الله عز وجل: قد فعلت » ، فأجاب دعوة عباده المؤمنين في عدم المؤاخذة بالنسيان والخطأ. مجموع فتاوى ابن باز(14-216) أوصى بأن يخرج عنه وكيله فلم يفعل.. قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :إذا أخرج زكاة الفطر لعذر :بمعنى لو أن شخصا مثلا وكل آخر في إخراج الزكاة عنه بأن يكون مسافرا مثلا فلما رجع من السفر تبين أن وكيله لم يفعل فهذا يقضيها غير آثم ثم ولو بعد فوات أيام العيد قياسا على الصلاة لقول النبي صلى الله عليه وسلم {من نام عن صلاةأونسيها فليصلها إذا ذكرها . زاد المستقنع(8/647) يُتبع.. |
|||
2021-05-11, 07:32 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
حكم تخصيص زيارة الأقارب والأصدقاء في يوم العيد..
السؤال: هذا سائل من الجزائر يقول: ماحكم تخصيص زيارة الأقارب والأصدقاء في يوم العيد؟ الجواب: هذا عمل طيب؛والأقارب أولى من يجب وصلهم لأنهم ذوي قرابة فهم أولى من غيرهم تبدأ بهم ثم بعد ذلك بغيرهم وهذا هو المطلوب أن يبدأ الإنسان بذوي قرابته لأنهم آكدوا حقا عليه من غيرهم فحينئذ يبرهم ثم بعد ذلك إن وجد وقتا زار إخوانه وإن حصل ذلك فرحنا ولو لم وإن لم يحصل فليس هو بالسنة في ذلك وإنما يكتفي الناس ولله الحمد بالتقائهم في المصلى وبالتقائهم أيضا في المساجد في الصلوات الخمس هذا يحصل ولله الحمد كافي لا يشترط أن تذهب إلى البيت لكن أصبح من العادات وهنا العادات ليست منافية للشرع ولم يزعموا أنها عبادة وذلك لأنه يوم فرح وسرور فلا بأس بذلك كله والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان. وفقكم الله . الشيخ محمد بن هادي المدخلي-حفظه الله-. |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc