مفهوم الأصوليّة:
أ- لغة:
لفظ الأصوليّة مشتق لغويا من أصول وهذا اللّفظ نترجمه للفظ الانجليزي fondamentation وهو لفظ آخر هو fondation بمعنى أساس وأغلب الظن أن الذي أخرج هذا المصطلح الانجليزي fondementation أي الأصوليّة هو رئيس تحرير مجلة نيويورك "رتشمان" في افتتاحية عدد يوليو 1920، حيث عرف الأصوليون بأنهم أولئك الذين يناضلون بإخلاص من أجل الأصول([1]).
ويعرفها فارودي بالقول: أنها اتجاه يقوم على معتقد ديني أو سياسي يعتقد أنه يملك حقيقة مطلقة ويحاول فرضها بشتى الطرق والوسائل([2]).
فالأصوليّة حسبه تتصف بكونها جمودية ترفض التكثيف وتعارض كل تطور وتؤمن بالعودة إلى الماضي أو الانتساب إلى التراث ولا تعترف بالتسامح كقيمة أخلاقية عالمية بل تشجع الانغلاق والتحجر المذهبي، وهي بهذا المعنى نقيضة للعلمانية([3]).
ب- اصطلاحا:
الأصوليّة هي مصطلح غربي النشأة والمضمون، أطلق على حركة احتجاج مسيحية ظهرت في القرن العشرين، تؤكد على ضرورة التفسير الحرفي للكتاب المقدس كأساس للحياة الدينية الصحيحة، فالبروتستانت الأمريكان هم أول من استعمله، إذ بدأ البعض منهم يطلقون على أنفسهم اسم "الأصوليين" تمييزا لهم من البروتستانت المتحررين الذين كانوا في رأيهم يشوهون العقيدة المسيحية تشويها كاملا([4]).
لكن الذي يهمنا في هذا البحث هو "الأصوليّة الإسلامية"، حيث أن هذا المصطلح يشير إلى البحث عن أصول العقيدة وعن أسس الدولة الإسلامية وقواعد نظام الحكم الشرعي، وهذا التركيب يؤكد على البعد السياسي للحركة الإسلامية أكثر من جانبها الدّيني، و"الأصوليون" عادة يميلون إلى استخدام العنف لتحقيق أهدافهم([5]).
إن المظاهر السياسية للأصولية وتوجهاتها نحو العنف تؤدي إلى ردود فعل لسياسة الدولة وتتراوح ما بين القهر بالقوة والمهادنة أو التعاون. إن أساس علاقة الأصوليّة بالتطرف الديني هي تطهر في كون الأصوليّة تصبح مرادفة للتطرف الديني إذا تطابقت معه في نقطة التشديد والمبالغة في التمسك بمبادئ الدين، حيث يطلق على كل من يتمسك حرفيا بالنصوص الدينية –دون التطرق إلى تحليلها وفهم إيحائها- أصوليا أو متطرفا، ويعود السبب في تشويه معنى الأصوليّة الإسلامية وربطها بالتطرف الديني إلى الأفراد المتطرفين الذين يحسبون على الإسلام.
[1] - مراد وهبة: الأصولية والعلمانية، دار الثقافة، القاهرة، مصر، ط1، 1995، ص ص: 22-23.
[2] - غارودي: الأصوليات المعاصرة أسبابها ومظاهرها، ترجمة خليل، دار عام ألفين، باريس، 2000، ص: 11.
[3] - المرجع نفسه، ص: 13.
[4] - كارين أمسترونج: الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام، ترجمة د.فاطمة نصر، د.محمد عناني، مطابع لونس، القاهرة، مصر، ط1، ص: 06.
[5] - ريتشارد هريرد كاميجيان: الأصولية في العالم الغربي، ترجمة عبد الوارث سعيد، دار الوفاء للطباعة والنشر، القاهرة، مصدر، ط1، 1989، ص ص: 21-22.