سماحة الدين الإسلامي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

سماحة الدين الإسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-07-24, 15:55   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
المهاجرة 50
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي سماحة الدين الإسلامي

اعلموا أن الشريعة الإسلامية السمحة مبناها على اليسر والسهولة ورفع الحرج ، يقول الله تعالى : {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286] ويقول تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185] ويقول تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ }[القمر:17] .

فالدين الإسلامي يُسْرٌ في عقائده وأحكامه وفي أوامره ونواهيه ، فعقائده أصح العقائد وأصدقها وأنفعها ، وأخلاقه أحمد الأخلاق وأجملها وأطيبها ، وأعماله وأحكامه أحسن الأحكام وأعدلها وأقومها . ومن تأمَّل حُسن هذا الدين ونقاءه وصفاءه وبهاءه ويسره وسهولته ازداد تمسكاً به وتعظيماً له وقياماً بعقائده وأحكامه ؛ ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ))[1].

ومعنى قوله ((إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ)) : أي ميسَّرٌ مسهَّلٌ في عقائده وأخلاقه وأعماله ، وفي أفعاله وتروكه ؛ فإن عقائده التي ترجع إلى الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره هي العقائد الصحيحة التي تطمئن لها القلوب وتوصل معتقِدَها والمتمسِّك بها إلى أجلِّ غاية وأفضل مطلوب .

وأخلاقه وأعماله أكمل الأخلاق وأصلح الأعمال ؛ بها صلاح الدين والدنيا والآخرة ، وبفواتها يفوت الصلاح كلُّه ، وهي كلها ميسرةٌ مسهَّلة ، كل مكلَّف يرى نفسه قادراً عليها لا تشق عليه ولا تكلفه ، عقائده صحيحةٌ بسيطة ، تقبلها العقول السليمة والفطر المستقيمة ، وفرائضه أسهل شيء يكون في الفرائض وأيسره .

فأما الصلوات الخمس ؛ فإنها تتكرر كلَّ يوم خمس مرات في أوقات مناسبة لها ، وتمَّم اللطيف الخبير سهولتها بإيجابها جماعة والاجتماع لها ، فإن الاجتماع في هذه العبادة من المنشطات والمسهلات لها ، ورتب عليها من خير الدين وصلاح الإيمان وثواب الله العاجل والآجل ما يوجب للمؤمن أن يستحليها ويحمد الله على فرضه لها على العباد ؛ إذ لا غنى لهم عنها .

وأما الزكاة ؛ فإنها لا تجب على فقير ليس عنده نصاب زكوي ، وإنما تجب على الأغنياء تتميماً لدينهم وإسلامهم، وتنميةً لأموالهم وأخلاقهم ، ودفعاً للآفات عنهم وعن أموالهم ، وتطهيراً لهم من السيئات ، مواساةً لمحاويجهم وفقرائهم ، وقياماً لمصالحهم الكلية ، وهي مع ذلك جزء يسير جداً بالنسبة إلى ما أعطاهم الله من المال والرزق .

وأما الصيام ؛ فإن المفروض شهر واحد من كل عام ، يجتمع فيه المسلمون كلهم فيتركون فيه شهواتهم الأصلية من طعام وشراب ونكاح في النهار ، ويعوِّضهم الله عن ذلك من فضله وإحسانه تتميم دينهم وإيمانهم ، وزيادة كمالهم وأجره العظيم وبرِّه العميم ، وغير ذلك مما رتبه على الصيام من الخير الكثير ويكون سبباً لحصول التقوى التي ترجع إلى فعل الخيرات كلها وترك المنكرات .

وأما الحج ؛ فإن الله لم يفرضه إلا على المستطيع وفي العمر مرة واحدة ، وفيه من المنافع الكثيرة الدينية والدنيوية ما لا يمكن تعداده ، كما قال الله تعالى {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ }[الحج:28] أي دينية ودنيوية .

وهكذا بقية شرائع الإسلام كلها سهلة ميسَّرة ، وهي راجعةٌ إلى أداء حقِّ الله وحقِّ عباده ، وليس فيها أي مشقة أو حرج على المكلَّفين ، يقول الله تعالى : {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ} [المائدة:6] فاتقوا الله واستمسكوا بآداب هذا الدين الميسَّر ، فهو الدين الذي يوجِّه العباد إلى كلِّ أمر نافع لهم في دينهم ودنياهم ، ويحذِّرهم عن كل ضارٍّ لهم في دينهم ومعاشهم .

وهو الدين العظيم الذي شهد الرب العظيم بصحته وكماله ، وشهد بذلك الكُمَّل من الخلق : {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ }[آل عمران:18-19] .

وهو الدين الذي من اتصف به جمَعَ الله له جمال الظاهر والباطن ، وكمال الأخلاق والأعمال { وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}[النساء:125] ، وأن نقوم بحق هذه النعمة كما ينبغي ، وذلك بالتزود من علوم هذا الدين والتعرف على عقائده وأحكامه وآدابه ، مع التمسك الصادق والاستسلام الكامل ، وإقامة الوجه للدين القيم الحنيف بلا غلوٍّ ولا شطط ، وبلا إفراط أو تفريط ، وأن نطلب العون في تحقيق ذلك وتكميله من الله وحده ؛ فهو المستعان .

اللهم حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا ، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، واجعلنا من الراشدين نحن ووالدينا وجميع المسلمين ، واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم .



________________

[1] رواه الترمذي (39).



https://al-badr.net/muqolat/2542













 


رد مع اقتباس
قديم 2016-07-24, 18:14   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
رَكان
مشرف عـامّ
 
الأوسمة
المشرف المميز **وسام تقدير** وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام التميز وسام الحضور المميز في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
جزيت كل خير عنا أيتها السيدة أم عطوان على هذا النقل الطيب المفيد ..
نعم ..نحمد الله على نعمة الإسلام ..ولقد رضيه الله لنا دينا ..وأي رضى سيكو ن بعد رضى الله ..فهو العليم بصغائر شؤوننا وكبارها أليس هو من خلقنا ..أفيكو ن قد رضي لنا ما يرهقنا ويعجزنا .أوليس هو من قال جل في علاه في سورة البقرة
( لايكلف الله نفسا الا وسعها لها ماكسبت وعليها مااكتسبت )
ولو أطللنا قصيرا على ما جاءت به أديان سلفت ومثالا لاحصرا عقد الزواج لدى المسيحيين فحين يتم فلاسبيل لافصام العقدة الزوجية الا بموت أحد طرفيها ..
ولكن ما يدعو للعجب والحيرة هو مايسلكه بعض الدعاة سامحهم الله .من تضييق وتشديد على المسلمين في أمر دينهم وقد جعل فيه من المتسع ما يبشر ولا ينفر ..ما ييسر ولا يعسر .
.أولم تكن وصية الحبيب المصطفى لصاحبيه أن ( يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا)



ثم أستسمح في إضافة الى ماارتبط بأعلاه ..والإضافة منقولة .وقفة مع فائدة عظيمة وردت في آي من سورة البقرة ...

(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (البقرة:286)
التفسير:
هذه الآية، والتي قبلها وردت فيها نصوص تدل على الفضل العظيم؛ منها:
1 - أنها من كنز تحت العرش(1).
2 - أنها فتحت لها أبواب السماء عند نزولها(2).
3 - أنها لم يعطها أحد من الأنبياء قبل رسول الله ()(3).
4 - أن من قرأهما في ليلة كفتاه(4).
286 قوله تعالى: لا يكلف الله ؛ «التكليف» الإلزام بما فيه مشقة؛ يعني لا يلزم الله؛ نفساً إلا وسعها أي إلا طاقتها؛ فلا يلزمها أكثر من الطاقة.
قوله تعالى: لها ما كسبت أي ما عملت من خير لا ينقص منه شيء؛ وعليها ما اكتسبت أي ما اقترفت من إثم لا يحمله عنها أحد؛ و «الكسب» ، و «الاكتساب» بمعنًى واحد؛ وقيل بينهما فرق؛ وهو أن «الكسب» في الخير، وطرقه أكثر؛ و «الاكتساب» في الشر، وطرقه أضيق - والله أعلم.
قوله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا : هذه الجملة مقول لقول محذوف - أي «قولوا ربنا»؛ أو: «قالوا ربنا» عوداً على آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون - أي: و قالوا سمعنا وأطعنا ، وقالوا: ربنا لا تؤاخذنا.. ؛ و ربنا منادى حذفت منه «يا» النداء اختصاراً، وتيمناً بالبداءة باسم الله ؛ و لا تؤاخذنا أي لا تعاقبنا بما أخطأنا فيه.
قوله تعالى: إن نسينا أو أخطأنا : «النسيان» هو ذهول القلب عن معلوم؛ يكون الإنسان يعلم الشيء، ثم يغيب عنه؛ ويسمى هذا نسياناً، كما لو سألتك: ماذا صنعت بالأمس؟ تقول: «نسيت»؛ فأنت فاعل؛ ولكن غاب عنك فعله؛ و «الخطأ» : المخالفة بلا قصد للمخالفة؛ فيشمل ذلك الجهل؛ فإن الجاهل إذا ارتكب ما نهي عنه فإنه قد ارتكب المخالفة بغير قصد للمخالفة.
قوله تعالى: ربنا ولا تحمل علينا إصراً : أتى بالواو ليفيد أن هذه الجملة معطوفة على التي قبلها؛ وكرر النداء تبركاً بهذا الاسم الكريم، وتعطفاً على الله ؛ لأن هذا من أسباب إجابة الدعاء؛ و «الإصر» هو الشيء الثقيل الذي يثقل على الإنسان من التكاليف، أو العقوبات.
قوله تعالى: كما حملته على الذين من قبلنا أي اليهود، والنصارى، وغيرهم.
قوله تعالى: ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به أي لا قدرة لنا على تحمله من الأمور الشرعية، والكونية.
قوله تعالى: واعف عنا أي تجاوز عما قصرنا فيه من الواجبات؛ واغفر لنا أي تجاوز عما اقترفناه من السيئات؛ وارحمنا أي تفضل علينا بالرحمة حتى لا نقع في فعل محظور، أو في تهاون في مأمور.
قوله تعالى: أنت مولانا : الجملة هنا خبرية مكونة من مبتدأ، وخبر كلاهما معرفة؛ وقد قال علماء البلاغة: إن الجملة المكونة من مبتدأ، وخبر كلاهما معرفة تفيد الحصر؛ والمراد: متولي أمورنا.
قوله تعالى: فانصرنا على القوم الكافرين الفاء هنا للتفريع؛ يعني فبولايتك الخاصة انصرنا على القوم الكافرين - أي اجعل لنا النصر عليهم؛ وهو عام في كل كافر.
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: بيان رحمة الله بعباده، حيث لا يكلفهم إلا ما استطاعوه؛ ولو شاء أن يكلفهم ما لم يستطيعوا لفعل.
فإذا قال قائل: كيف يفعل وهم لا يستطيعون؟ وما الفائدة بأن يأمرهم بشيء لا يستطيعونه؟
فالجواب: أن الفائدة أنه لو كلفهم بما لا يستطيعون، وعجزوا عاقبهم على ذلك؛ وهذه قاعدة عظيمة من أصول الشريعة؛ ولها نظائر في القرآن، وكذلك في السنة.
2 - ومن فوائد الآية: إثبات القاعدة المشهورة عند أهل العلم؛ وهي: لا واجب مع العجز؛ ولا محرم مع الضرورة ؛ لكن إن كان الواجب المعجوز عنه له بدل وجب الانتقال إلى بدله؛ فإن لم يكن له بدل سقط؛ وإن عجز عن بدله سقط؛ مثال ذلك: إذا عجز عن الطهارة بالماء سقط عنه وجوب التطهر بالماء؛ لكن ينتقل إلى التيمم؛ فإن عجز سقط التيمم أيضاً - مثال ذلك: شخص محبوس مكبل لا يستطيع أن يتوضأ، ولا أن يتيمم: فإنه يصلي بلا وضوء، ولا تيمم؛ مثال آخر: رجل قتل نفساً معصومة خطأً: فعليه أن يعتق رقبة؛ فإن لم يجد فعليه أن يصوم شهرين متتابعين؛ فإن لم يستطع سقطت الكفارة؛ مثال ثالث: رجل جامع زوجته في نهار رمضان: فعليه أن يعتق رقبة؛ فإن لم يجد فعليه صيام شهرين؛ فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً؛ فإن لم يجد فلا شيء عليه.
ومثال سقوط التحريم مع الضرورة: رجل اضطر إلى أكل الميتة بحيث لا يجد ما يسد رمقه سوى هذه الميتة: فإنه يحل له أكلها؛ وهل له أن يشبع؛ أو يقتصر على ما تبْقى به حياته؟
والجواب: إن كان يرجو أن يجد حلالاً عن قرب فيجب أن يقتصر على ما يسد رمقه؛ وإن كان لا يرجو ذلك فله أن يشبع، وأن يتزود منها - وأن يحمل معه منها - خشية أن لا يجد حلالاً عن قرب.
ومعنى الضرورة أنه لا يمكن الاستغناء عن هذا المحرم؛ وأن ضرورته تندفع به - فإن لم تندفع فلا فائدة؛ مثال ذلك: رجل ظن أنه في ضرورة إلى التداوي بمحرم؛ فأراد أن يتناوله: فإنه لا يحل له ذلك لوجوه:
الأول: أن الله حرمه؛ ولا يمكن أن يكون ما حرمه شافياً لعباده، ولا نافعاً لهم.
الثاني: أنه ليس به ضرورة إلى هذا الدواء المحرم؛ لأنه قد يكون الشفاء في غيره، أو يشفى بلا دواء.
الثالث: أننا لا نعلم أن يحصل الشفاء في تناوله؛ فكم من دواء حلال تداوى به المريض ولم ينتفع به؛ ولهذا قال النبي في الحبة السوداء: «إنها شفاء من كل داء إلا السام - يعني الموت»(1)؛ فهذه مع كونها شفاءً لا تمنع الموت؛ ولذلك لو اضطر إلى شرب خمر لدفع لقمة غص بها جاز له ذلك، لأن الضرورة محققة، واندفاعها بهذا الشرب محقق.
الخلاصة الآن: أخذنا من هذه الآية الكريمة: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها قاعدتين متفقاً عليهما؛ وهما:
أ - لا واجب مع العجز .
ب - ولا محرم مع الضرورة .
3 - ومن فوائد الآية: أن الإنسان لا يحمل وزر غيره؛ لقوله تعالى: وعليها ما اكتسبت .
إذا قال قائل: ما تقولون في قول النبي : «من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء»(1)؟
فالجواب: أن هذا لا يرد؛ لأن الذي فعلها أولاً اقتدى الناس به؛ فكان اقتداؤهم به من آثار فعله؛ ولما كان هو المتسبِّب، وهو الدال على هذا الفعل كان مكتسباً له.
4 - ومنها: يسر الدين الإسلامي؛ لقوله تعالى: لا يكلف الله نفسها إلا وسعها .
ويتفرع على هذا أن يختلف الناس فيما يلزمون به؛ فالقادر على القيام في الفريضة يلزمه القيام؛ والعاجز عن القيام يصلي قاعداً؛ والعاجز عن القعود يصلي على جنب؛ وكذلك القادر على الجهاد ببدنه يلزمه الجهاد ببدنه إذا كان الجهاد فرضاً؛ والعاجز لا يلزمه؛ وكذلك القادر على الحج ببدنه وماله يلزمه أداء الحج ببدنه، والعاجز عنه ببدنه عجزاً لا يرجى زواله القادر بماله يلزمه أن ينيب من يحج عنه؛ والعاجز بماله وبدنه لا يلزمه الحج.
5 - ومن فوائد الآية: أن للإنسان طاقة محدودة؛ لقوله تعالى: إلا وسعها ؛ فالإنسان له طاقة محدودة في كل شيء: في العلم، والفهم، والحفظ، فيكلف بحسب طاقته.
6 - ومنها: أن للإنسان ما كسب دون أن ينقص منه شيء، كما قال تعالى: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً [طه: 112] .
7 - ومنها: أن الأعمال الصالحة كسب؛ وأن الأعمال السيئة غُرْم؛ وذلك مأخوذ من قوله تعالى: لها ، ومن قوله تعالى: عليها ؛ فإن «على» ظاهرة في أنها غُرم؛ واللام ظاهرة في أنها كسب.
8 - ومنها: رحمة الله بالخلق، حيث علمهم دعاءً يدعونه به، واستجاب لهم إياه في قوله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .
9 - ومنها: أنه ينبغي للإنسان أن يتوسل في الدعاء بالوصف المناسب، مثل الربوبية - التي بها الخلق، والتدبير؛ ولهذا كان أكثر الأدعية في القرآن مصدرة بوصف الربوبية، مثل: «ربنا» ، ومثل: «ربِّ» .
10 - ومنها: رفع المؤاخذة بالنسيان، والجهل؛ لقوله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، فقال الله تعالى: «قد فعلت»(2)؛ ولا يلزم من رفع المؤاخذة سقوط الطلب؛ فمن ترك الواجب نسياناً، أو جهلاً، وجب عليه قضاؤه، ولم يسقط الطلب به؛ ولهذا قال النبي - صلوات الله وسلامه عليه: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها»(3)؛ ولما صلى الرجل الذي لا يطمئن في صلاته قال له: «ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ»(4)؛ ولم يعذره بالجهل مع أنه لا يحسن غير هذا؛ إذاً فعدم المؤاخذة بالنسيان، والجهل لا يسقط الطلب؛ وهذا في المأمورات ظاهر؛ أما المنهيات فإن من فعلها جاهلاً، أو ناسياً فلا إثم عليه، ولا كفارة؛ مثال ذلك: لو أكل وهو صائم ناسياً فلا إثم عليه؛ لقول النبي : «من نسي وهو صائم فأكل، أو شرب، فليتم صومه»(5)؛ وكذلك لو أكل وهو صائم جاهلاً فإن صومه صحيح سواء كان جاهلاً بالحكم، أو بالوقت؛ لأن أسماء بنت أبي بكر قالت: «أفطرنا على عهد رسول الله () يومَ غيم، ثم طلعت الشمس»(6)؛ ولم يؤمروا بالقضاء؛ ولكن لو فعل المحرم عالماً بتحريمه جاهلاً بما يترتب عليه لم يسقط عنه الإثم، ولا ما يترتب على فعله؛ مثل أن يجامع الصائم في نهار رمضان وهو يجب عليه الصوم عالماً بالتحريم - لكن لا يعلم أن عليه الكفارة: فإنه آثم، وتجب عليه الكفارة؛ لما في حديث أبي هريرة أن رجلاً أتى النبي فقال: «يا رسول الله، هلكت قال: ما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم»(7)؛ فألزمه النبي بالكفارة (2)؛ لأنه كان عالماً بالحكم بدليل قوله: «هلكت» .
فإن قال قائل: «قد ذكرتم أن المأمور لا يسقط بالجهل والنسيان»، فما الفائدة من عذره الجهل؟
فالجواب: أن الفائدة عدم المؤاخذة؛ لأنه لو فعل المأمور على وجه محرم يعلم به لكان آثماً؛ لأنه كالمستهزئ بالله وآياته، حيث يعلم أن هذا محرم، فيتقرب به إلى الله.
11 - ومن فوائد الآية: أن فعل الإنسان واقع باختياره؛ لقوله تعالى: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ؛ فيكون فيها رد على الجبرية الذين يقولون: «إنه لا اختيار للعبد فيما فعل»؛ وبيان مذهبهم، والرد عليهم بالتفصيل مذكور في كتب العقائد.
12 - ومنها: أن النسيان وارد على البشر؛ والخطأ وارد على البشر؛ وجهه: قوله تعالى: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ، فقال الله تعالى: «قد فعلت»(1)؛ وهذا إقرار من الله على وقوع النسيان، والخطأ من البشر.
فإذا قال قائل: ما الحكمة من أن الله يجعل البشر ينسى، ويخطئ؟
فالجواب: ليتبين للإنسان ضعفه، وقصوره: ضعفه في الإدراك، وضعفه في الإبقاء، وفي كل حال؛ وليتبين بذلك فضل الله عليه بالعلم، والذاكرة، وما أشبه ذلك؛ وليعرف الإنسان افتقاره إلى الله في دعائه في رفع النسيان، والجهل عنه؛ فيلجأ إلى الله ، فيقول: «رب علمني ما جهلت، وذكرني ما نسيت»، وما أشبه ذلك.
13 - ومن فوائد الآية: امتنان الله على هذه الأمة برفع الآصار التي حملها مَنْ قبلنا؛ لقوله تعالى: ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ، فقال الله تعالى: «قد فعلت»(2).
14 - ومنها: أن من كان قبلنا مكلفون بأعظم مما كلفنا به؛ لقوله تعالى: ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ؛ مثال ذلك: قيل لبني إسرائيل الذين عبدوا العجل: لن تقبل توبتكم حتى تقتلوا أنفسكم - أي يقتل بعضكم بعضاً؛ قيل: أنهم أمروا أن يكونوا في ظلمة، وأن يأخذ كل واحد منهم سكيناً، أو خنجراً، وأن يطعن من أمامه سواء كان ابنه، أو أباه، أو عمه، أو أخاه، أو غيرهم؛ وهذا لا شك تكليف عظيم، وعبء ثقيل؛ أما نحن فقيل لنا - حتى في الشرك: والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهاناً * إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات[الفرقان: 68 - 70] .
15 - ومن فوائد الآية: أن ينبغي للإنسان أن يسأل الله العافية، فلا يُحَمِّلُه ما لا طاقة له به؛ ففيه رد على الصوفية الذين قالوا: نحن لا نسأل الله تعالى أن يقينا ما يشق علينا؛ لأننا عبيده؛ وإذا حصل لنا ما يشق فإننا نصبر عليه لنكسب أجراً.
16 - ومنها: أنه ينبغي للإنسان سؤال الله العفو؛ لأن الإنسان لا يخلو من تقصير في المأمورات؛ فيسأل الله العفو عن تقصيره؛ لقوله تعالى: واعف عنا ؛ وسؤالُ الله المغفرة من ذنوبه التي فعلها؛ لقوله تعالى: واغفر لنا ؛ لأن الإنسان إن لم يُغفر له تراكمت عليه الذنوب، ورانت على قلبه، وربما توبقه، وتهلكه.
17 - ومن فوائد الآية: أنه ينبغي للإنسان أن يسأل الله أن يرحمه في مستقبل أمره؛ فيعفو عما مضى، ويغفر؛ ويرحم في المستقبل؛ لقوله تعالى: وارحمنا ؛ وبه نعرف اختلاف هذه الكلمات الثلاث: طلب العفو عن التفريط في الطاعات؛ والاستغفار عن فعل المحرمات؛ والرحمة فيما يستقبله الإنسان من زمنه - أن الله يرحمه، ويوفقه لما فيه مصلحته.
18 - ومنها: أن المؤمن لا وليّ له إلا ربه؛ لقوله تعالى: أنت مولانا ؛ وولاية الله نوعان: خاصة، وعامة؛ فالولاية الخاصة ولاية الله للمؤمنين، كقوله تعالى: الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور [البقرة: 257] ، وقوله تعالى: والله ولي المؤمنين ، وقوله تعالى: إن وليّ الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين [الأعراف: 196] ؛ والعامة: ولايته لكل أحد؛ فالله ولي لكل أحد بمعنى أنه يتولى جميع أمور الخلق؛ مثاله قوله تعالى: ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون[يونس: 30] .
19 - ومن فوائد الآية: التوسل إلى الله تعالى في الدعاء بما يقتضي الإجابة؛ لقوله تعالى: أنت مولانا بعد أن ذكر الدعاء في قوله تعالى: واعف عنا واغفر لنا وارحمنا .
20 - ومنها: أنه يجب على الإنسان اللجوء إلى الله في النصرة على القوم الكافرين؛ لقوله تعالى: فانصرنا على القوم الكافرين ؛ والنصر على الكافرين يكون بأمرين: بالحجة، والبيان؛ وكذلك بالسيف، والسلاح؛ وأما السيف، والسلاح فظاهر؛ وأما الحجة، والبيان فقد يجتمع كافر، ومسلم، ويتناظران في أمر من أمور العقيدة فإن لم ينصر الله المسلم خُذل، وكان في ذلك خُذلان له، وللدين الذي هو عليه؛ وهذا النوع من النصر يتعين في المنافقين؛ لأن المنافق لا يجاهَد بالسيف، والسلاح؛ لأنه يُظهر أنه معك؛ ولهذا لما استؤذن الرسول في قتل المنافقين قال: «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه»(1).

-----------------------
الهامش لكل الارقام .. مبتدأ من الأعلى
(1) راجع أحمد ص1571، حديث رقم 21672، وص1590، حديث رقم 21897، من حديث أبي ذر؛ قال الهيثمي: رواه أحمد بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح (مجمع الزوائد 6/315)؛ وقال الساعاتي: "وهو الذي أثبته هنا" (الفتح الرباني 18/99 – 101)؛ وقال الألباني: "إسناده صحيح على شرط مسلم" (السلسلة الصحيحة 3/471، حديث رقم 1482)؛ ومن حديث حذيفة راجع أحمد ص1726، حديث رقم 23640؛ والمعجم الكبير للطبراني 3/169، حديث رقم 3025؛ مسند أبي داود الطيالسي ص56، حديث رقم 418؛ قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح (مجمع الزوائد 6/327، 315)؛ وقال الألباني: "إسناده صحيح على شرط مسلم" (السلسلة الصحيحة 3/471، حديث رقم 1482).
(2) راجع مسلماً ص804، كتاب صلاة المسافرين، باب 43: فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة...، حديث رقم 1877 [254] 806؛ لكن فيه: "هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم...".
(3) راجع حاشية رقم 1.
(4) راجع البخاري ص327، كتاب المغازي، باب 12: حديث رقم 4008؛ ومسلماً ص804، كتاب صلاة المسافرين، باب 43: فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة...، حديث رقم 1878 [255] 807.
--
(3) أخرجه البخاري ص48، كتاب مواقيت الصلاة، باب 37: من نسي صلاة فليصلها...، حديث رقم 597، وأخرجه مسلم ص785، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب 55: قضاء الصلاة الفائتة...، حديث رقم 1566 [314] 684.
(4) أخرجه البخاري ص60، كتاب الأذان، باب 95: وجوب القراءة للإمام والمأموم...، حديث رقم 757؛ وأخرجه مسلم ص740، كتاب الصلاة، باب 11؛ وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة...، حديث رقم 885 [45] 397.
(5) أخرجه مسلم ص863، كتاب الصيام، باب 33: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر، حديث رقم 3716 [171] 1155.
(6) أخرجه البخاري ص153، كتاب الصوم، باب 46: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس، حديث رقم 1959.
(7) أخرجه البخاري ص151، كتاب الصوم، باب 30: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء...، حديث رقم 1936.
(1) سبق تخريجه 3/119.
(2) المرجع السابق.

--
(1) أخرجه البخاري ص487، كتاب الطب، باب 7: الحبة السوداء، حديث رقم 5687؛ وأخرجه مسلم ص1070، كتاب السلام، باب 29: التداوي بالحبة السوداء، حديث رقم 5766 [88] 2215.
(1) سبق تخريجه 2/42.
(2) سبق تخريجه 3/119.
---
(1) سبق تخريجه 3/325.










رد مع اقتباس
قديم 2016-07-25, 00:17   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
المهاجرة 50
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك اخي










رد مع اقتباس
قديم 2016-07-26, 00:17   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
إيزابيل
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية إيزابيل
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2016-07-26, 12:07   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
المهاجرة 50
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيك بارك الله اختي










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-03, 19:20   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
El Zou
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-10, 10:36   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ابن الجزائر11
مؤهّل منتديات التّصميم والجرافيكس
 
الصورة الرمزية ابن الجزائر11
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2018-11-16, 11:55   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
نورالمعرفة
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2019-03-11, 17:30   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
الطيب الشريف
مشرف منتدى الترحيب، التعارف و التهاني
 
الصورة الرمزية الطيب الشريف
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 16:51

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc