بدء الخلق وعجائب المخلوقات - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بدء الخلق وعجائب المخلوقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-04-01, 03:16   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى :
( رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ ).


السؤال:

قال تعالى في سورة الرحمن: ( رب المشرقين ورب المغربين ) ، هل نفسرها بأن نقول المقصود بالمشرقين: المشرق في هذه الدنيا على هذه الأرض ، والمشرق في الدار الآخرة ؟ أم إن لها تفسيرا آخر؟


الجواب
:

الحمد لله

جاء "المشرق والمغرب" في القرآن الكريم مفردا ومثنى وجمعاً .

قال الله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) الرحمن/ 17 ، وقال تعالى : (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ) الصافات/ 5 ، وقال سبحانه : (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) المعارج/ 40، 41 ، وقال سبحانه : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا) المزمل/ 9 .

فقوله عز وجل : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) : يعني بذلك : مشرقَي الصيف والشتاء ، ومغربي الصيف والشتاء ، فإن الشمس تتحرك في فصل الشتاء نحو شمال الأرض ، وتتحرك في فصل الصيف نحو جنوبها ، فيختلف مكان طلوعها في فصل الشتاء عنه في فصل الصيف ، وكذلك مكان غروبها ، فيكون لها مشرقان ، أحدهما في الشتاء والثاني في الصيف ، ويكون لها أيضا مغربان .

والمراد بقوله : (رَبّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) مشارق الشمس ومغاربها باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم، لأنها في كل يوم لها مشرق ومغرب ، غير مشرقها ومغربها بالأمس .

أو المراد : مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر .

والمراد بقوله : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ): جنس المشارق والمغارب ، فيكون المراد منه كل مشارق الشمس ومغاربها .

قال ابن كثير رحمه الله :

"(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) يَعْنِي: مَشْرِقَيِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ، وَمَغْرِبَيِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) ، وَذَلِكَ بِاخْتِلَافِ مَطَالِعِ الشَّمْسِ وَتَنَقُّلِهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَبُرُوزِهَا مِنْهُ إِلَى النَّاسِ. وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا) . وَهَذَا الْمُرَادُ مِنْهُ جِنْسُ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 492) .س

وقال الشنقيطي رحمه الله :

" قَوْلَهُ: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) الْمُرَادُ بِهِ جِنْسُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَهُوَ صَادِقٌ بِكُلِّ مَشْرِقٍ مِنْ مَشَارِقِ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ، وَكُلُّ مَغْرِبٍ مِنْ مَغَارِبِهَا الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ، كَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، مَا نَصُّهُ : وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ الَّذِي تُشْرِقُ مِنْهُ الشَّمْسُ كُلَّ يَوْمٍ ، وَالْمَغْرِبُ الَّذِي تَغْرُبُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ.

فَتَأْوِيلُهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ : وَلِلَّهِ مَا بَيْنَ قُطْرَيِ الْمَشْرِقِ وَقُطْرَيِ الْمَغْرِبِ، إِذَا كَانَ شُرُوقُ الشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَوْضِعٍ مِنْهُ لَا تَعُودُ لِشُرُوقِهَا مِنْهُ إِلَى الْحَوْلِ الَّذِي بَعْدَهُ ، وَكَذَلِكَ غُرُوبُهَا، انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ.

وَقَوْلُهُ: (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) ، يَعْنِي مَشْرِقَ الشِّتَاءِ، وَمَشْرِقَ الصَّيْفِ وَمَغْرِبَهُمَا، كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: مَشْرِقَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَغْرِبَهُمَا.

وَقَوْلُهُ: (بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ) أَيْ: مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَمَغَارِبِهَا كَمَا تَقَدَّمَ . وَقِيلَ: مَشَارِقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَمَغَارِبِهَا، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ".

انتهى من "أضواء البيان" (6/ 305) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" (رب المشرقين ورب المغربين) المراد بهما مشرقا الصيف والشتاء ، مشرق الصيف حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الشمال، ومشرق الشتاء حيث تكون الشمس في أقصى مدار لها نحو الجنوب .

ونص الله على ذلك لما في اختلافهما من المصالح العظيمة للخلق ، ولما في اختلافهما من الدلالة الواضحة على تمام قدرة الله سبحانه وتعالى وكمال رحمته وحكمته ، إذ لا أحد يقدر على أن يصرف الشمس من مشرق إلى مشرق ، ومن مغرب إلى مغرب إلا الله عز وجل ، ولهذا قال : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) فأشار في تعقيبه هذه الآية السابقة إلى أن هذا من آلاء الله ونعمه العظيمة على عباده .

وقال الله تعالى في آية أخرى : (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ) فجمع المشرق والمغرب، وقال تعالى في آية ثالثة : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) ولا تناقض بين هذه الآيات الكريمة ، فالمراد بآية التثنية ما أسلفناه، والمراد بآية الجمع : مشارق الشمس ومغاربها ، باعتبار مشرقها ومغربها كل يوم ، لأن كل يوم لها مشرق ومغرب غير مشرقها ومغربها بالأمس ، أو أن المراد بالمشارق والمغارب مشارق النجوم والكواكب والشمس والقمر.

وأما قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) فالمراد بها الناحية ، أي : أنه مالك كل شيء ، ورب كل شيء، سواء أكان ذلك الشيء في المشرق أو في المغرب " .

انتهى من"فتاوى نور على الدرب" (5/ 2) بترقيم الشاملة .

والمقصود بالمشرق والمغرب في هذه الآيات : المشرق والمغرب في الدنيا ، لا في الآخرة ، فإنه ليس في الآخرة شروق للشمس ولا غروب .

وقد روى الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (183) عن أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: ( الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ مُكَوَّرَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (124) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِمَا فِي النَّارِ تَعْذِيبُهُمَا بِذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ تَبْكِيتٌ لِمَنْ كَانَ يَعْبُدُهُمَا فِي الدُّنْيَا ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ عِبَادَتَهُمْ لَهُمَا كَانَتْ بَاطِلًا ، وَقِيلَ: إِنَّهُمَا خُلِقَا مِنَ النَّارِ فَأُعِيدَا فِيهَا. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِهِمَا فِي النَّارِ تَعْذِيبُهُمَا ؛ فَإِنَّ لِلَّهِ فِي النَّارِ مَلَائِكَةٌ وَحِجَارَةٌ وَغَيْرُهَا، لِتَكُونَ لِأَهْلِ النَّارِ عَذَابًا وَآلَةً مِنْ آلَاتِ الْعَذَابِ وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَا تَكُونُ هِيَ مُعَذَّبَةً "

انتهى من "فتح الباري" (6/ 300) .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-04-01, 03:22   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شكوك تراوده حول حديث القرآن
عن ظاهرة الغروب والشهب


السؤال :

قرأت مؤخراً أنّ هناك آيات تقول : بأن الشمس تغرب في عين حمئة ، وأنّ الشهب يرسلها الله لضرب الجن ، كما أنّ هناك بعض النصارى الذين يدَّعون أنّ المسلمين على ضلال ، وقد خدعهم الشيطان . ولتفنيد الشبه أستمع عادة لمحاضرات الدكتور زاكر نايك ، ولكنني أجد في بعض الأحيان أنّ ليس كل ما يقوله بصحيح

. ثم قرأت أنّ القرآن قد كتبه الصحابة على الورق والحجر . وكل ذلك يلقي بالشك في قلبي ، وفي كل مرة تساورني الشكوك قبل النوم أنطق بالشهادتين ثم أنام . فهل وقعت في الكفر من حيث لا أعلم ، فأنا أخشى عذاب النار

وأسأل الله دائماً أن يغفر لي ذنوبي ، ويهديني سواء السبيل . لذا أرجو منكم مساعدتي للتخلص من هذه الشبهات التي وردت علي بسبب هذه الآيات ، وما ذكرت من طريقة حفظ القرآن .


الجواب :


الحمد لله

لا تفتأ النفس الأمارة تُسَول لصاحبها الضلال بعد الهدى ، وتقرب إليه الكفر بعد الإيمان ، حتى تستنزف ما فيه من طمأنينة ويقين .

إياك - أخانا السائل - أن تنطلي عليك حيل المحتالين ، الذين لا يسعون إلى التلبيس عليك فحسب ، بل أول ما يسعون إليه هو إشغال قلبك بمثل هذه الشبهات ، وإيرادها تباعا عليك ، الواحدة بعد الأخرى ، حتى لو كانت شبها ساقطة كاذبة ، المهم أن يكاثروها في قلبك ، لتغرك كثرتها ، ويؤثر فيك تواردها

فتكون حيلتهم قد نجحت لا قدر الله .

ولو تأملت معنا أي حقيقة ناصعة ، وما يمكننا إيراده على هذه الحقيقة ولو اعتباطا ، لأدركت سر ما نقول . حتى الشمس في رابعة النهار ، لو كنت تراها بأم عينيك ، وأحد الملبِّسين يجلس بجانبك ، ويسألك مشككا برؤيتك للشمس : لعلك في حلم ولست في يقظة ! ولعل نظرك يغرك كما أنه يغرك حين ترى السراب في الصحراء !!

وما الذي يجعلك تؤمن يقينا بحاسة النظر عندك!! كم مرة أخطأ نظرك في نقل الحقيقة إليك !! ألا ترى ألعاب الخفة والخدع السحرية كيف تؤكد لك عدم الثقة بحواسك بحال من الأحوال !! ألا يحتمل أن يكون هذا التوهج الذي تراه أشعة منعكسة وأنوارا متلألئة مصدرها غير الشمس المعروفة !! إلى آخر مثل هذه الأسئلة التشكيكية .

ثم تخيل معنا أن مثل هذه الأسئلة ترد عليك يوميا ، وأصحابها ينوِّعون أساليبهم في عرضها ، ويستفرغون وسعهم في تعداد وجوهها وقوتها . فأي تأثير تظنه ستحدثه في قلبك ونفسك !!

والآية الكريمة التي ذكرتها ، وهي قوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) الكهف/86 ، ليس فيها أي إشكال ولا ما هو مثار للتشكيك ، ولكن الخطأ في فهم الآية سببه الجهل باللغة العربية وأساليبها وبلاغتها التي تتيح لك وصف غروب الشمس بما يبدو للناظر

حتى لو وقف على شاطئ البحر وشهد غروب الشمس ، وصفه العربي بأن قرص الشمس سقط في الماء ؛ وهو يعلم أن الشمس أكبر من أن يحويها البحر ، وأنها ستعاود الرجوع في اليوم التالي ، ولكنه وصفها بأنها غربت " في الماء " لأن هذا ما يبدو للعين البسيطة ، وليس لأن هذه الحقيقة ، وهو ما وقع لذي القرنين

ولهذا وصف القرآن الكريم ذلك بقوله ( وجدها )، أي هكذا وجدها ذو القرنين ، وعلى هذا الشكل بدت له في ظاهر الأمر ، وليس هو تقرير من القرآن الكريم لمشهد الغروب . بل هو وصف لما خطر في ذهن ذي القرنين عندما رأى المشهد . وهذا ما بينه المفسرون قبل مئات السنين ، وقبل صعود الإنسان للقمر وتصويره الأرض بجميع ما فيها .

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" أي : رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط ، وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله ، يراها كأنها تغرب فيه "

انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (5/191) .

وهو تعبير دقيق أيضا من الحافظ ابن كثير رحمه الله – وهو من أشهر المفسرين في القرن الثامن الهجري – حيث يقول : " يراها كأنها تغرب في البحر ". فانظر كيف استعمل كلمة ( كأنها ) الأمر الذي يدلك على الدقة البالغة للغة العربية ، وللقرآن الكريم .

ولهذا فحقيقة غروب الشمس بوصفها ظاهرة فلكية ، مختلفة بصورة كلية عن هذا الذي ظهر للعين المجردة أمر معلوم مستقر في القرآن الكريم في آيات عديدة ظاهرة ، كما قال تعالى: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّار) الزمر/5.

فتأمل معنا كلمة ( يكور ) التي تعني الكروية والاستدارة ، لتدرك حقيقة التطابق التام بين حقائق الكون وحقائق القرآن الكريم .

وأما حركة الشهب في السماء ، فليس ثمة عالم على وجه الأرض يدعي أنه يعلم السبب الذي يتحرك به كل شهاب منها ، أو يعلم الباعث الأول الذي أدى إلى انطلاقها ، وإنما نحن نملك تفسير هذه الظاهرة ببعض الأسباب الكونية المشاهدة أو المختبرة ، وفي بعض أحوالها .

أما أن ندعي أننا نملك التفسير المطلق الوحيد لكل شهاب انطلق في الماضي أو سينطلق في المستقبل ، ونعتقد أن حركة الشهب ناتجة عن هذا التفسير فحسب ، فهذا لا سبيل إليه ، ونحن نعلم أن الكون والمجرات وعالم الفضاء أوسع من أن نحيط بجزئه ، فكيف بعالمه الفسيح .

قال تعالى : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ . وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ . إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) الحجر/16-18.

وقال عز وجل : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ . وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ . لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ . دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ . إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) الصافات/6-10.

وهذه النصوص ليس فيها ما يدل على أن كل شهاب ظهر في السماء فإنما رُمي به شيطان ، فقد يكون هناك أسباب أخرى لظهور الشهب لم يتعرض لها القرآن الكريم .

ثم إن الإيمان – أخانا السائل – يقوم على ركن عظيم من الإيمان بالغيب ، أي ما وراء الطبيعة ، فنحن نشاهد كل ما في الكون من أسباب ، وفي الوقت نفسه نقول: إن ثمة مسببا أعظم وهو الله.

ونرى الأمطار والأرزاق تقسم بين الناس بالأسباب الطبيعية المشاهدة ، وفي الوقت نفسه نؤمن بالملائكة التي تسوق هذه الأقدار .

ونعيش أيامنا وليالينا ونواجه ما فيهما من أحداث جسام ، ونلمس أسباب تلك الأحداث ونقف على ظروفها ، وفي الوقت نفسه نقول : إنها قضاء الله وقدره .

ولا يشكل علينا هذا الإيمان بالغيب بشيء ، ولا نستشعر أن ثمة تناقضا بين " الأسباب الطبيعية " في هذا الكون ، وبين " الأسباب الغيبية ". وهو ما تميزنا به نحن المسلمين ، أننا جمعنا بين العلم والدين ، وبين الدنيا والآخرة ، وبين الطبيعة والغيب .

فأي ضير بعد ذلك أن نؤمن بأن الله تعالى يرسل الشهب على الشياطين التي تسترق السمع ، وتريد أن تستمع إلى ما تقوله الملائكة في السماء .

ولماذا ننسى أن أركان الإيمان الستة كلها تقوم على فكرة " الغيب "، وهي الفكرة نفسها التي يشاركنا فيها اليهود والنصارى أيضا - على تفاوت ظاهر في بعض الأركان -، فالنصراني الذي يطعن في القرآن بسبب تفسيره لبعض ظواهر الشهب ، فالأولى بالطعن عندئذ عقيدته كلها التي تسلم بالإله الخالق مسببا ومكونا لجميع ما في هذا الكون !!

ونحن دائما نذكِّر الناس بأن العقل البشري الذي يعجز عن تفسير ظاهرة الموت ، التي يشاهدها في كل حين ، ويقف على أسبابها في كل وقت ، ويعاني منها عبر تاريخ الإنسانية كلها، ومع ذلك يقف أسيرا أمامها ، مقهورا لوقوعها ، عاجزا عن الوقوف حتى على حدودها.

فكيف سيتجرأ هذا الإنسان الكليل الضعيف على الاعتداء على الفضاء البعيد الواسع ، فينفي عنه كل أسباب غيبية ، ويجازف في إطلاق " الأسباب المطلقة " التي يفسر بها كل شيء !

وقد بحثنا في كتب علماء الفلك والفضاء ، فلم نجد أحدهم يدعي هذه التفسيرات المطلقة لكل شيء ، بل كلهم يتحدث عن مشاهدات لنشأة تلك الشهب ، لا تتناقض أبدا مع ما ورد في القرآن الكريم .

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء السؤال الآتي :

كيف نوفق بين الدين والعلم في أمور ظاهرها التعارض بينهما ، فمثلا عرفنا في الدين : أن النجوم خلقت لثلاثة أشياء : خلقت زينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وجعلت علامات يهتدي بها .

وقرأنا في الجغرافيا : أنها مجموعة أجرام لها نظام معين في الدوران ، وأن ما نشاهده ليلا يحترق ويسقط ، إنما هو نيازك وشهب تخرج من جاذبية إلى جاذبية الأرض ، فتحترق وتسقط بسرعة 45 ميلا في الثانية .

فأجابت :

" إن الذي أنزل القرآن المجيد ، وأوحى إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بشريعة الإسلام : هو الله العليم الحكيم الذي خلق السماوات والأرض ، وخلق كل شيء وسخره لما خلق له ، وعلم ما أودعه فيه من الخصائص والأسرار ، فلا يمكن أن يتناقض ما أخبر به أو شرعه مع ما خلقه وسخره لعباده

بل كل ذلك متسق ، اتفق فيه خبره وشرعه مع كونه وقدره ، فخبره يطابق الواقع، وتكوينه وتسخيره يصدق مقتضى خبره ، فإن ظن إنسان التعارض بين خبر الله في كتابه ، أو خبر نبيه صلى الله عليه وسلم الثابت بالنقول الصحيحة ، فإنما أُتِيَ من قبل قصور عقله ، أو سوء فهمه وقلة اطلاعه أو تحصيلِه للعلوم الكونية والنصوص الشرعية .

مثال ذلك : ما جاء في كتاب الله تعالى من قوله سبحانه : ( إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ) ( وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ) ( لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ) ( دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ ) ( إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) وقوله : ( وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ

وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ ) وقوله : ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ) ( وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ ) ( إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ ) وقوله : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) وقوله : ( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) وجاء في السنة الصحيحة شيء من ذلك يتفق مع نصوص القرآن في المعنى .

ومن نظر في هذه الأخبار وجدها واضحة في بيان بعض خواص النجوم وفوائدها ، وليس فيها ما يدل على حصر فوائد النجوم ومزاياها في الأمور الثلاثة التي ذكرت فيها

كما أنه ليس فيها ما يدل على حصر الشهب التي نراها فيما ترجم به الشياطين من شهب النجوم ويرمى به مسترقو السمع منهم ، كما أنه ليس فيها تعرض لشهب أخرى نفيا أو إثباتا ، يعرف ذلك من درس لغة العرب ، وعرف ما في أساليبها من أدوات القصر التي يضمنونها كلامهم لإفادة الحصر والدلالة عليه .

فإذا ثبت في العلوم الكونية أن هناك حجارة وأجراما منتثرة في الجو ، وأنها مجموعات تقع كل مجموعة منها في دائرة جاذبية كوكب أكبر منها ، وأنها إذا انحرفت عن دائرة جاذبية هذا الكوكب

فبعدت منه وقربت من دائرة جاذبية كوكب آخر : سقطت بسرعة ، وتولد عن احتكاك سطحها بسطوح أخرى شعلة نارية هي الظاهرة الكونية التي تسمى : الشهب إذا ثبت هذا ، فإنه لا يتنافى مع ما جاء في نصوص الشريعة الإسلامية من النصوص التي فيها مجرد الإخبار برجم الشياطين بشهب من النجوم

إذ من الممكن أن تحدث ظاهرة الشهب من الأمرين ...

أما النيازك التي ذكرها السائل ، فهي عند علماء الجغرافيا رجوم ، إذا سقطت إلى سطح الأرض لا تحترق ولا تتحول إلى رماد ، فليست نوعا من الشهب ، بل نوع من الرجوم مقابل للشهب ، فعلى السائل أن يتثبت في معلوماته ، وأن يتبصر في شؤون دينه ودنياه . ورحم الله امرءا عرف قدره ، ووقف فيما يستشكل عند حدود مستواه .

الشيخ عبد العزيز بن باز – الشيخ عبد الرزاق عفيفي – الشيخ عبد الله بن غديان – الشيخ عبد الله بن قعود "

انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (1/ 627-629) .

والخلاصة :

أن غروب الشمس في عين حمئة الوارد في القرآن الكريم معناه أنها هكذا تبدو للناظر، وليس إخبارا من القرآن الكريم عن حقيقة ظاهرة الغروب .

وأن رجم الشياطين بالشهب لا يتعارض مع العلم الحديث ، ولا يستطيع أحد – مهما بلغ من العلم – أن يثبت عكس هذا .
وعلوم الفضاء الحديثة لا تدعي الوقوف على الباعث والمسبب الأول الذي تنطلق بسببه الشهب.

وفي جميع الأحوال فاعتمال بعض الشبهات في قلبك لا يعني الوقوع في الكفر والردة لا قدر الله، بشرط أن تستمر في مدافعتها ومجاهدتها ، وأن تبادر بصرف النظر عنها ، وسؤال العلماء عن الجواب عليها ، وأن تبتعد عن مواطن إثارتها ، وتشغل قلبك وفكرك وعقلك : بما ينفعك في أمر دينك .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-01, 03:27   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القرآن الكريم لم ينزل ليبين للناس حقيقة عالم الفضاء

السؤال:

يقول العلم : إن هناك مخلوقات فضائية ، بل ويشير إلى أن هناك أطباقاً طائرة أيضا ، وأقول : ربما هناك مخلوقات فضائية ، لكنني أريد أولاً معرفة رأي الشرع في هذه المسألة ؟


الجواب :

الحمد لله

لم يأت الشرع لبيان العلوم الكونية والاكتشافات الفضائية ، كما لم يأت بتفصيل المخلوقات البرية أو المائية أو الفضائية ، أو تبيين العلوم الطبيعية بأي من فروعها وأبوابها ، وإنما جاء الشرع برسالة الهداية لخير الأخلاق والأعمال والأحوال ، وبنور الدلالة إلى الله سبحانه وتعالى ، للتعرف على أسمائه وصفاته ومراده من خلقه وأمره وشرعه ، لتحصيل

السعادة الحقيقية لهذا الإنسان الضعيف ، بأقوم حياة في الدنيا ، وأسعد دار في الآخرة ، التي دعا الله عباده إليها ، وأنزل كتبه ، وأرسل رسله للدلالة عليها ، يقول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا . وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ) الأحزاب/45-47.

ويقول سبحانه : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا . لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ) الفتح/8-9.

ويقول تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ) الإسراء/82.

ولهذا فليس من محكم العلم ولا من الحكمة الجزم بنسبة مقولة خاصة للشريعة الإسلامية في شأن المخلوقات الفضائية ، أو الحياة على الكواكب والمجرات الأخرى ، سواء بالنفي أو بالإثبات ، وغاية ما يمكن أن يبذله الناظر هو الاجتهاد برأيه مستأنسا بإشارة بعض النصوص ، بعيدا عن لغة القطع والجزم ، وبعيدا عن التنطع في لي أعناق النصوص لموافقة ما في نفسه في هذا الشأن ، فتلك ممارسات ليست من المنهجية في شيء ، ولا تؤدي في آخر المطاف إلا إلى الاضطراب في الطرح ، والتناقض في التأصيل .

وما نؤمن به يقينا أن خلق الله عز وجل أعظم من أن نحيط به ، وأكبر من أن تحده أوهامنا وعقولنا ، كما قال سبحانه وتعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا ) الإسراء/99 .

وقال عز وجل : ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) القصص/68 ، ويقول جل وعلا : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ) الشورى/49.

والخلاصة

أن القرآن الكريم والسنة الصحيحة لم يأتيا بعلم المخلوقات الفضائية ، وإنما هي آراء واجتهادات في فهم النصوص ، خاضعة للتصويب أو التخطئة ، ولا تنسب للدين .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-01, 03:30   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القرآن الكريم كتاب هداية وليس كتاب
تفاصيل الأسماء أو العلوم الدنيوية


السؤال:


سمعت نكتة من بعض الناس يتحدثون فيها عن شخص أوربي اسمه كوك ، سأل مسلما قائلا : أنتم تقولون أن كل شيء موجود في القرآن ، فهل هذا صحيح . فأجابه : أن نعم ، فقال له : أنا اسمي كوك ، هل اسمي موجود . فقال له الشخص المسلم : قِف ، فلما وقف ، قال له : ( وتركوك قائما ) وهو يقصد بها ترى : أي تبصر كوك - وهو اسم الشخص – قائما .

فما هو حكم ذلك ؟


الجواب :


الحمد لله

لا ينبغي أن تدفعنا العاطفة والحماسة لكتاب الله تعالى إلى الخروج به عن سياقه الذي أنزله الله عز وجل ، فهو كتاب هداية للبشرية ، يخرجهم من ظلمات الشرك والهوى إلى أنوار التوحيد والاستقامة ، ويهديهم لأحسن الهدي الذي به سعادتهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة . وقد جاء هذا الهدف واضحا في كتاب الله عز وجل

في الكثير من الآيات الكريمات ، منها قول الله عز وجل : ( الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) إبراهيم/1، وقوله سبحانه : ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ . يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) المائدة/16.

فمن راح يثبت للناس اشتمال هذا الكتاب الكريم على تفاصيل كل شيء في الدنيا ، بأسمائها وأوصافها ، أو حتى بخصائصها التي تعرف بها ، أو مباحث العلوم الدنيوية جميعها ، كالطب والفلك والهندسة وغيرها ، فقد نسب إلى القرآن الكريم ما ليس فيه ، ولا يلائم مقاصده .

جاء في " تفسير الرازي مفاتيح الغيب " (20/ 258) – في تفسير قوله تعالى : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ) النحل/89 ، - قوله :

" العلوم التي ليست دينية : لا تعلق لها بهذه الآية ؛ لأن من المعلوم بالضرورة أن الله تعالى إنما مدح القرآن بكونه مشتملا على علوم الدين ، فأما ما لا يكون من علوم الدين فلا التفات إليه " انتهى .

ويقول العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله :

" ومِن الناس مَن قال : إن القرآن قد حوى علوم الأكوان كلها ، وأن الشيخ محيي الدين بن العربي وقع عن حماره فرُضت رجله ، فلم يأذن للناس بحمله إلا بعد أن استخرج حادثة وقوعه ورض رجله من " سورة الفاتحة "
.
وهذا القول لم يقل به أحد من الصحابة ، ولا علماء التابعين ، ولا غيرهم من علماء السلف الصالحين ، ولا يقبله أحد من الناس ، إلا من ينساق وراء كل ما يُسمع أو يقال ، يرون أن كل ما كتبه الميتون في كتبهم حق ، وإن كان لا يقبله عقل ، ولا يهدي إليه نقل ، ولا تدل عليه اللغة ، بل قال أئمة السلف :

إن القرآن لا يشتمل على جميع فروع أحكام العبادات الضرورية بدلالة النص ولا الفحوى ، وإنما أثبت وجوب اتباع الرسول ، فصار دالا على كل ما ثبت في السنة ، وأثبت قواعد القياس الصحيح وقواعد أخرى ، فصار مشتملا على جميع فروعها وجزئياتها ، ولا يخرج شيء من الدين عنها "

انتهى من " تفسير المنار " (7/ 330) .

وبهذا تُعلَم أن الحادثة المذكورة في السؤال ليست من الجواب العلمي المبني على دليل ظاهر من القرآن الكريم ، وإنما هي أقرب إلى العبث ، وتحريف الكلم عن مواضعه ، وهل يقول عاقل : إن القرآن يحتوي أسماء الناس جميعا ، التي ينطق بها العرب بلسانهم ؛ فضلا عن أن يكون اسما أعجميا ، من غير لسان العرب ؟!

لا شك أن من ادعى ذلك ، أو تكلفه ، فقد تكلف ما لا علم له به ، وأعظم على الله سبحانه وتعالى القول .

وإن صح أن قائلا قال ذلك ، أو نحوه ، من أهل العلم ، أو المنسوبين إليه ، فلا نظن أن يكون مراده بذلك : الاستدلال على وجهه ، وإقامة الحجة على مقتضاها ، وإنما هو أقرب إلى الملاطفة ، والإسكات ، ولو من غير طريق الحجة المستقيمة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-01, 03:35   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

متى وجد الكائن البشري ؟
ومتى عاش نوح وهود عليهما السلام ؟


السؤال:


منذ متى وجد الكائن البشري ، وفقاً للرؤية الإسلامية ؟

ومتى عاش نوح وهود عليهما السلام ؟

وهل هناك طريقة يمكن من خلالها تحديد عدد السنوات منذ عاشوا إلى الآن وببراهين صحيحة ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

تاريخ بداية وجود الإنسان على هذه الأرض وكذا تاريخ الرسل والأنبياء وأقوامهم ، هو من علم الغيب ، كما وصف الله تعالى ذلك بعد ذكره لقصة مريم في سورة آل عمران ، حيث قال الله تعالى : ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ) آل عمران / 44 .

وقال الله تعالى بعد ذكره لقصة نوح في سورة هود : ( قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ، تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود /48 – 49 .

وقال الله تعالى بعد ذكره لقصة يوسف في سورة يوسف : ( ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ) يوسف/ 102 .

فهذه التواريخ والأحداث من علم الغيب ، والغيب لا يعلمه إلا الله تعالى ، ولا نعلم منه إلا ما أخبرنا به الوحي .
قال الله تعالى : ( قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) النمل/ 65 .

وقال الله تعالى : ( وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ) هود / 123 .

وقال الله تعالى : ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) الجن / 26 – 27 .

فالحاصل أن تاريخ الرسل والأنبياء من علم الغيب الذي لا نعلم عنه شيئاً إلا عن طريق الوحي من كتاب أو سنة ، ولم يأت فيهما بيان تاريخ نزول آدم عليه السلام إلى الأرض ولا تاريخ نوح وهود عليهما السلام .

ثانياً :

فإن سألت ؛ ألا توجد طريقة لحساب ذلك ومعرفة هذه التواريخ ؟

فالجواب : أن هذا غير ممكن أبداً لأمرين :

الأمر الأول : أن أخبار الرسل والأمم الذين أخبرنا بهم الوحي ، رغم أن أهل العلم استطاعوا بالتقريب أن يرتبوا بينهم من حيث الزمن من خلال جمع النصوص إلى بعضها البعض وتحليلها ، إلا أن مدة بقاء كل أمة على هذه الأرض ، وكم كان بين كل رسول وآخر ، هذا كله أمر مجهول في الأغلب ، لا طريق لنا إلى معرفته بحساب ، ولم يأتنا به خبر ، كما سبق .

الأمر الثاني : أن هناك حقباً تاريخية مجهولة لا نعلمها ، ولا نعلم من عاش فيها ولا مدتها الزمنية .

فمثلاً المدة بين آدم ونوح عليهما السلام لا نستطيع القطع بمقدارها ، ولا نعلم شيئاً عن حالها ، وحال أهلها ، وقد ورد أن هذه المدة كانت عشرة قرون ، ولكن هذا ليس نصًّا في تحديدها ، لما سيأتي .

قال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" روى الحافظ أبو حاتم بن حبان في " صحيحه " : عن أبي أمامة رضي الله عنه ( أن رجلاً قال : يا رسول الله ، أنبي كان آدم ؟ قال : نعم ، مُكَلَّم . قال : فكم كان بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون ) . قلتُ ( ابن كثير ) : وهذا على شرط مسلم ، ولم يخرجه ... وعن ابن عباس قال : " كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام " .

فإن كان المراد بالقرن مائة سنة ، كما هو المتبادر عند كثير من الناس ، فبينهما ألف سنة لا محالة ، لكن لا ينفي أن يكون أكثر باعتبار ما قيد به ابن عباس بالإسلام ؛ إذ قد يكون بينهما قرون أخر متأخرة لم يكونوا على الإسلام ، لكن حديث أبي أمامة يدل على الحصر في عشرة قرون ، وزادنا ابن عباس أنهم كلهم كانوا على الإسلام . وهذا يرد قول من زعم من أهل التواريخ ، وغيرهم من أهل الكتاب ، أن قابيل وبنيه عبدوا النار ، والله أعلم .

وإن كان المراد بالقرن الجيل من الناس ، كما في قوله تعالى : ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ ) الإسراء / 17 . وقوله : ( ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ) المؤمنون / 31 ... وكقوله عليه السلام ( خير القرون قرني ... ) الحديث ، فقد كان الجيل قبل نوح يُعمَّرون الدهور الطويلة ، فعلى هذا يكون بين آدم ونوح ألوف من السنين ، والله أعلم " .

انتهى من " البداية والنهاية " ( 1 / 237 – 238 ) .

وكذلك المدة بعد قوم نوح وعاد وثمود ، وقبل إبراهيم عليه السلام ، هي فترة طويلة بنص القرآن ، لكننا لا نعلم عنها .
قال الله تعالى : ( وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا ، وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ) الفرقان / 37 – 39 .

قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

" أي : أهلكنا قوم نوح بالغرق ، وأهلكنا عاداً وثمود وأصحاب الرس ، وقروناً بين ذلك كثيراً ؛ أي : وأهلكنا قروناً كثيرة بين ذلك المذكور من قوم نوح وعاد وثمود .

والأظهر أن القرون الكثير المذكور : بعد قوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وقبل أصحاب الرس ، وقد دلت آية من سورة " إبراهيم " على أن بعد عاد ، وثمود خلقاً كفروا وكذبوا الرسل ، وأنهم لا يعلمهم إلا الله جلّ وعلا .

وتصريحه بأنهم بعد عاد وثمود يوضح ما ذكرنا ، وذلك في قوله تعالى: ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ) إبراهيم / 9 "

انتهى من " أضواء البيان " ( 6 / 359 ) .

ثم أصحاب الرس هؤلاء لا يُعلم متى عاشوا ، ولا كم كانت مدتهم .
قال الشنقيطي رحمه الله تعالى :
" وأما أصحاب الرس فلم يأت في القرآن تفصيل قصتهم ولا اسم نبيهم . وللمفسرين فيهم أقوال كثيرة تركناها ؛ لأنها لا دليل على شيء منها " انتهى من " أضواء البيان " (6 / 360) .

وقد أخبرنا القرآن بأن هناك رسلاً عاشوا ولم يخبرنا عنهم بشيء .

قال الله تعالى : ( وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ) النساء / 164
.
وقال الله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) غافر / 78 .

فإذا كان الأمر كذلك فإنه يستحيل الحساب مع وجود هذه الحقب التاريخية الكثيرة المجهولة .

قال ابن حزم رحمه الله تعالى :

" وأما اختلاف النّاس في التّاريخ ، فإن اليهود يقولون : للدنيا أربعة آلاف سنة . والنّصارى يقولون : للدنيا خمسة آلاف سنة ، وأمّا نحن فلا نقطع على علم عدد معروف عندنا . ومن ادّعى في ذلك سبعة آلاف سنة أو أكثر أو أقل فقد كذب ، وقال ما لم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه لفظة تصح

بل صحّ عنه عليه السّلام خلافه ، بل نقطع على أنّ للدنيا أمداً لا يعلمه إلّا الله عز وجل ، قال الله تَعَالَى ( مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ ) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مَا أَنْتُم فِي الْأُمَم قبلكُمْ إِلَّا كالشعرة الْبَيْضَاء فِي الثور الْأسود ، أَو كالشعرة السَّوْدَاء فِي الثور الْأَبْيَض ) هذا عنه عليه السّلام ثابت ، وهو عليه السّلام لا يقول إلّا عين الحق ، ولا يسامح بشيء من الباطل لا بإعياء ولا بغيره

فهذه نسبة من تدبرها وعرف مقدار أعداد أهل الإسلام ، ونسبة ما بأيديهم من معمور الأرض وأنه الأكثر ، علم أن للدنيا عدداً لا يحصيه إلّا الله تعالى ... – ثم قال ابن حزم - إلّا أَن لكل ذلك أولاً ومبدأ ولا بُدّ من نهاية ، لم يكن شيء من العالم موجوداً قبلها ، وللّه الأمر من قبل ومن بعد "

انتهى من " الفصل في الملل والأهواء والنِحَل " ( 2 / 257 - 258 ) .

ثالثاً :

فإن سألتَ ؛ ألا يمكن الاستعانة بالبحوث الأثرية واكتشافاتها لنعرف منها زمن بداية وجود الإنسان على هذه الأرض ؟

فالجواب :

هذه البحوث الأثرية ؛ وإن كانت تعتمد على تقنيات تستطيع تحديد عمر المكتشفات الأثرية إلا أنه تبقى هناك عقبات :
العقبة الأولى : هذه التقنيات لا تستطيع أن تعطي زمن المكتشفات الموغلة في القدم بالدقة المطلوبة ، وكلما كان الأثر أكثر قِدماً ، زادت نسبة الخطأ وصعب معرفة تاريخها .

العقبة الثانية : أن عملية الجمع بين هذه المكتشفات وتحليلها والمنهج المتبع للوصول إلى النتائج المرجوة منها ، هي كلها اجتهادات بشرية قابلة للخطأ والصواب ، ومعرضة لدخول الأهواء والاعتقادات فيها والتلاعب بنتائجها ، ولا يمكن لأحد من أصحاب هذه المناهج أن يزعم أن ما توصل إليه من نتائج هي حقائق علمية مطلقة ، قامت عليها البراهين التي يجب على الجميع التسليم بها .

العقبة الثالثة : أن ما توصلوا إليه من نظريات معرضة للتغيير أو للبطلان مع كل اكتشاف جديد ، والإنسان لم يحط علماً بكل ما في باطن الأرض من آثار .

والذي على المسلم أن يعتقده هو ما دلت عليه النصوص الشرعية ؛ أن لهذا الإنسان بداية على هذه الأرض ، وأن الله خالقه بعد أن كان عدماً ، وأن بداية هذا النوع الإنساني : هو آدم عليه السلام ، أبو البشرية . وأما زمن وجوده فهو من علم الغيب الذي لا ندركه ، ومن جزم بشيء من ذلك فهو رجم بالغيب وقول بلا علم .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-02, 02:32   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل ثبت أن إبليس دخل الجنة عن طريق
الحية ليوسوس لآدم وحواء عليهما السلام


السؤال:

وقع بين يدي كتاب مترجم إلى البنجالية اسمه " قصص الأنبياء " ووجدت فيه بعض التساؤلات . فقد ذكر فيه مثلاً أن الطاووس والثعبان ساعدا إبليس ضد أبينا آدم وأمّنا حواء قبل أن ينزلا إلى الأرض ، فما صحة ذلك ؟ لقد بحثت عن هذه القصة فوجدت كلاماً لابن عباس شبيهاً بهذا .

الجواب :


الحمد لله

ذكر غير واحد من المفسرين أن إبليس لما أراد أن يدخل الجنة ، ليستزل آدم وحواء عليهما السلام ، فدَخل في جوف الحية ، فلما دخلت الحية الجنة ، خرج إبليس من جوفها .

وقيل : إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض أيُّها يحمله ، حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم وزوجته ، فكلّ الدواب أبى ذلك عليه ، حتى كلّم الحية ، فقال لها : أمنعك من ابن آدم ، فأنت في ذمتي إن أنت أدخلتِني الجنة . فجعلته بين نابين من أنيابها ، ثم دخلت به ، فكلمهما من فيها .

وقيل : إن الْحَيَّةَ كَانَتْ خَادِمَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْجَنَّةِ ، فَخَانَتْهُ بِأَنْ مَكَّنَتْ عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ نَفْسِهَا ، وَأَظْهَرَتِ الْعَدَاوَةَ لَهُ هُنَاكَ ، فَلَمَّا أُهْبِطُوا تَأَكَّدَتِ الْعَدَاوَةُ ، وَجُعِلَ رِزْقُهَا التُّرَابَ ، وَقِيلَ لَهَا : أَنْتِ عَدُوُّ بَنِي آدَمَ وَهُمْ أَعْدَاؤُكِ ، وَحَيْثُ لَقِيَكِ مِنْهُمْ أَحَدٌ شَدَخَ رَأْسَكِ .

انظر : " تفسير عبد الرزاق " (2/75) ، " تفسير الطبري " (1/526) ، (1/530) ، " تفسير ابن عطية " (1/128) ، " تفسير ابن كثير " (1/236) ، " تفسير القرطبي " (1/313) .

وهذا كله من الإسرائيليات التي لم يثبت منها شيء عن المعصوم .

قال ابن كثير رحمه الله :

" ذكر المفسرون من السلف كالسدي بأسانيده ، وأبي العالية ، ووهب بن منبه وغيرهم ، هاهنا أخبارا إسرائيلية عن قصة الحية ، وإبليس ، وكيف جرى من دخول إبليس إلى الجنة ووسوسته "

انتهى من " تفسير ابن كثير " (1/236) .

وقال المطهر بن طاهر المقدسي رحمه الله :

" زعم القصاص وأهل الكتاب مراجعات كثيرة وعجائب في هذه القصة ، وأن إبليس عرض نفسه على دواب الأرض كلها فأبت ذلك ، حتى كلم الحية وقال : أمنعك من ابن آدم وأنت في ذمتي إن أدخلتني الجنة ، فجعلته في فمها أو بين نابيها ، وكانت الحية من أحسن الدواب وخزان الجنة ، فكلّمهما من فيها ... وفيما قص الله تعالى في القرآن كفاية عن زيادة رواية غيره "

انتهى مختصرا من " البدء والتاريخ " (2/95-96) .

ومثل هذه الإسرائيليات لا يوثق بها ، ولا يعول عليها ، ولا يحتج بها ، ونكتفي بما ورد في الكتاب المجيد لا نزيد عليه ، قال تعالى : ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) طه/120 .

ولا نعلم شيئا من ذلك يصح عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، وإنما هو شيء يروى عن وهب بن منبه وأبي العالية ومحمد بن قيس والسدي وغيرهم ممن أخذ ذلك عن أهل الكتاب .

وأما ما رواه الطبري في " تفسيره " (1/530) :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن ليث بن أبي سُليم ، عن طاوس اليماني ، عن ابن عباس ، قال : " إن عدو الله إبليس عرض نفسه على دوابّ الأرض أيُّها يحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم وزوجته ، فكلّ الدواب أبى ذلك عليه ، حتى كلّم الحية ... " الحديث ، وفيه : قال ابن عباس : " اقتلوها حيث وَجَدتُموها ، أخفروا ذمَّةَ عدوّ الله فيها "
.
فهذا إسناد ضعيف جدا ، ليث بن أبي سليم ، قال الحافظ في التقريب (ص 464) : " صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك " .

وابن حميد ، هو محمد بن حميد الرازي ، كذبه أبو زرعة وإسحاق الكوسج ، وجاء عن غير واحد أنه كان يسرق الحديث . وقال النسائي : ليس بثقة .

انظر : " ميزان الاعتدال " (3/530) .

وروى ابن أبي حاتم في " تفسيره " (5/1450) عَنِ السُّدِّيِّ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " فَآتَاهُمَا إِبْلِيسُ فَقَالَ : ( مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ ) ، فَلَمْ يُصَدِّقَاهُ حَتَّى دَخَلَ فِي جَوْفِ الْحَيَّةِ فَكَلَّمَهُمَا " وهذا إسناد ضعيف ، لجهالة الراوي عن ابن عباس .

والخلاصة :

أن مثل هذا مما لا يعول عليه ، لأنه متلقى عن الإسرائيليات ، وأحاديث أهل الكتاب ، وما يروى فيه عن ابن عباس لا يصح عنه .

والله أعلم .


,,,,,,,,,,,,,,

يسأل عن السبيل الذي وسوس به إبليس لأبينا آدم

السؤال

أخبرنا الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أنه عندما رفض إبليس لعنه الله السجود لسيدنا آدم قام سبحانه وتعالى بطرده من الجنة . أريد من فضيلتكم توضيح أمر قد أشكل علي ، وهو كيف وسوس إبليس لسيدنا آدم وهو في الجنة ، مع أن الله تعالى طرده ؟ جزاك الله كل خير .

الجواب

الحمد لله

أولا :

لا نرى للسائل الكريم ، ولا لغيره من المسلمين الاشتغال كثيرا بتفاصيل القصص التي طوى القرآن ذكرها ، ولم يَرِد بها أثرٌ صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ لو كان فيها كبير فائدة أو حكمة لذكرها الله عز وجل في كتابه ، أو علَّمها الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه ، فلا ينبغي للمسلم أن ينشغل بالمفضول عن الفاضل ، وبالفروع عن الأصول .

عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ ) رواه البخاري (2408) ومسلم (593)

يقول ابن حجر في "فتح الباري" (3/342) :

" قال ابن التين : يحتمل أن يكون المراد السؤال عن المشكلات ، أو عما لا حاجة للسائل به ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( ذروني ما تركتكم ) قلت : وحمله على المعنى الأعم أولى " انتهى.

ثانيا :

ومن ذلك الخوض في تفاصيل الطريقة التي وسوس بها إبليس لعنه الله ، لأبينا آدم وأمنا حواء عليهما السلام ، فقد اقتصر القرآن الكريم على ذكر أصل الحادثة من غير تفصيل طبيعة الوسوسة ولا طريقتها ، وأوضح ما جاء في ذلك

قوله عز وجل :

( فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ . وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ) الأعراف/20-21

وقوله سبحانه :

( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ) طه/120

فإذا وقفنا مع ظاهر الآيات بدا لنا أن هذه الوسوسة كانت مشافهة ومخاطبة مباشرة ، وقد نقل بعض أهل العلم ذلك عن جمهور المفسرين ، فقال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (1/312) : " قال ابن مسعود وابن عباس وجمهور العلماء : أغواهما مشافهة ، ودليل ذلك قوله تعالى : ( وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) ، والمقاسمة ظاهرها المشافهة " انتهى.

غير أن هذا الظاهر لا يفسر كيف استطاع إبليس أن يخاطب آدم وحواء بهذا الخطاب ، وهل كان على هيئته المعروفة أم تمثل لهما ، وهل دخل الجنة دخولا حقيقيا أم عارضا ، كل ذلك من الغيب الذي لا يمكننا أن نخوض فيه من غير أثارة من علم

إلا أن نذهب إلى ما روي عن بعض الصحابة والتابعين ، ومال إليه ابن جرير الطبري (1/532) ، وأصله من كلام وهب بن منبه عن علوم أهل الكتاب أنه : " لما أراد إبليس أن يستزلَّهما دَخل في جوف الحية ، وكانت للحية أربع قوائم كأنها بُخْتِيَّة ، من أحسن دابة خلقها الله ، فلما دخلت الحية الجنة ، خرج من جوفها إبليس " انتهى باختصار.

أو يقال بما قرره الشيخ الأمين الشنقيطي في "أضواء البيان" حين قال :

" والمفسرون يذكرون في ذلك قصة الحية ، وأنه دخل فيها فأدخلته الجنة ، والملائكة الموكّلون بها لا يشعرون بذلك ، وكل ذلك من الإسرائيليات ، والواقع أنه لا إشكال في ذلك ، لإمكان أن يقف إبليس خارج الجنة قريباً من طرفها ، بحيث يسمع آدم كلامه وهو في الجنة ، وإمكان أن يدخله الله إياها لامتحان آدم وزوجه ، لا لكرامة إبليس ، فلا محال - عقلاً - في شيء من ذلك ، والقرآن قد جاء بأن إبليس كلّم آدم ، وحلف له حتى غره وزوجه بذلك " انتهى .

وإنما يعنينا من ذلك أن نؤمن إيماناً لا شك فيه ، أن هذه القصة وقعت ، كما أخبرنا الله في كتابه ، وأن سوق العداوة قد قامت بين إبليس وجنده وآدم وذريّته : ( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً) الإسراء / 53 ، فاحذره كما حذّرك الله ، واستعن عليه بإخلاص الدين لله ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) ص/82-83 ، واحذر يا عبد الله أن تكون من حزب الغاوين ( قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) الحجر41-44 .

والله تعالى أعلم


.......

الموقف من الإسرائيليات

السؤال

ما موقفنا من الإسرائيليات ؟.

الجواب

الحمد لله

قال الشيخ الشنقيطي :

ومن المعلوم أن ما يروى عن بني إسرائيل من الأخبار المعروفة بالإسرائيليات له ثلاث حالات في واحدة منها يجب تصديقه وهي ما إذا دل الكتاب أو السنة الثابتة على صدقه ، وفي واحدة يجب تكذيبه وهي إذا ما دل القرآن والسنة على كذبه ، وفي الثالثة لا يجوز التكذيب ولا التصديق … وهي ما إذا لم يثبت في كتابٍ ولا سنَّة صدقه ولا كذبه .

وبهذا التحقيق تعلم أن القصص المخالفة للقرآن والسنة الصحيحة التي توجه بأيدي بعضهم زاعمين أنها في الكتب المنزلة يجب تكذيبهم فيها لمخالفتها نصوص الوحي الصحيح التي لم تحرف ولم تبدل والعلم عند الله تعالى .

" أضواء البيان " ( 4 / 203 ، 204 ).









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-02, 02:47   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خلق الله الجبال ثابتة لتثبيت الأرض ومنعها من الحركة والاضطراب

السؤال:


هل هناك نص في القرآن أو السنة يشير إلى أنّ الجبال هامدة ولا تتحرك لأنني درست في علوم الأرض أنّ الجبال تتحرك ولكن بشكل لا يمكن ملاحظته؟ وإن لم يكن هناك نص في المسألة فما دليل بعض المفسرين الذين يقولون بهذا القول؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

حديث القرآن الكريم عن الجبال يبين أن الله تعالى خلقها ليثبت بها الأرض حتى لا تضطرب ولا تتحرك .

قال الله تعالى : ( وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ) الحجر ( 19 ) .

وقال تعالى :( وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ) الأنبياء ( 31 ) .

وقال تعالى : ( أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ) النبأ ( 6 – 7 ) .

وقال تعالى : (وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) النازعات/32.

ووصْفُ الجبالِ بأنها (رَوَاسِيَ) وأن الله تعالى (أَرْسَاهَا) معناه أنها ثابتة . فإن هذا معنى كلمة (رسا) في اللغة العربية

. انظر القاموس المحيط (ص 1662) ولسان العرب (14/321) .

وهذا الإرساء لا ينكره علم الأرض ، فبحوثه تثبت أن الجبال راسية في الأرض ، وأنها تُثَبِّت الأرض ، وأن أصولها (جذورها) تحت سطح الأرض أطول من أجزائها الشامخة فوق السطح بعدة أضعاف .

ولذلك فإن الله تعالى ذكر أنه جعل الجبال أوتادا ، والوتد ما يكون منه في باطن الأرض أطول مما يكون خارجها ، وذلك مما يعطيه مزيدا من القوة حتى تثبت فيه حبال الخيمة .

وأما ما يذكره علم الأرض من أن الجبال تتحرك أفقيا عدة مليمترات كل سنة ، وأنها تتحرك رأسيا بزيادة ارتفاعها عن سطح الأرض أو نقصانه عدة مليمترات سنويا أيضا ، فهذه النظريات لا تنافي وصف الجبال بأنها ثابتة وراسخة ، لأنها حركة يسيرة جدا لا يمكن ملاحظتها إلا بالأجهزة بالغة الدقة ، وتظهر آثار تلك الحركة بعد ملايين السنين .

كذا قالوا !! والله أعلم بصدق ذلك ، وظواهر القرآن لا تساعد على ذلك كثيرا .

ثانيا :

مما يذكر هنا قوله تعالى : ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) النمل ( 88 ) .

فإن بعض المعاصرين ذهب إلى أن المراد بها الإشارة إلى دوران الأرض حول نفسها ، وأن الأرض إذا دارت ، دارت معها الجبال .

وهذا القول ليس بصواب ، بل الصواب في معنى الآية : أنها تتحدث عن يوم القيامة ، وأن الله تعالى ينسف الجبال ويزيلها عن مواضعها ، ويدل لذلك : سياق الآيات ، فإنها تتحدث عن يوم القيامة .

وأيضا : الآيات الأخرى التي جاءت في تسيير الجبال ، فإنها كلها تتحدث عن يوم القيامة .

قال الله تعالى :( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ، وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ) النمل ( 87 – 88 ) .

قال الشيخ المفسر محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى :

" قوله تعالى: (وَتَرَى الْجِبَالَ ) معطوف على قوله: ( فَفَزِعَ ) ، وذلك المعطوف عليه مرتّب بالفاء على قوله تعالى: ( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ ) الآية . أي : ويوم ينفخ في الصّور ، فيفزع من في السّماوات ، وترى الجبال . فدلّت هذه القرينة القرآنيّة الواضحة على أنّ مرّ الجبال مرّ السّحاب كائن يوم ينفخ في الصّور لا الآن " انتهى .

وقال أيضا :

" جميع الآيات الّتي فيها حركة الجبال كلّها في يوم القيامة ، كقوله تعالى : ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ، وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ) وقوله تعالى: ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ) وقوله تعالى : ( وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ) وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ) "

انتهى من " أضواء البيان " ( 6 / 490 ) .

وقال ابن كثير رحمه الله تعالى :

" وقوله : ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ) أي : تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه ، وهي تمر مر السحاب ، أي: تزول عن أماكنها ، كما قال تعالى: ( يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا ، وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ) ، وقال : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ، فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا ، لَّا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ) ، وقال تعالى : ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ) "

انتهى " تفسير ابن كثير " ( 6 / 217 ) .

والحاصل : أنه ليس في القرآن ما يدل على "إثبات حركة الجبال" ، وهي في دار الدنيا .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-02, 02:53   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إشراقات علمية حول آيات الجبال
والرواسي في القرآن


د. حسني حمدان الدسوقي حمامة

لو تكلمت بلسان حالي لعرفتموني، فأنا ابتداءً خلق عظيم شهدت ما لن تشهدوه أبدًا، شهدت آثار قدرة الخالق وهي تحيي الموتى؛ ليطمئن قلب أبيكم إبراهيم - عليه السلام - وها أنتم عاجزون عن إدراك كنه حقيقة الحياة والموت، بل أنتم غير قادرين على مجرد تعريف الحياة والموت.

أشهد أنه وحده الذي يحيي ويميت، وأنتم لن تخلقوا ذبابًا، أنا خلق تجلى له الله، نعم دكني الله دكًّا، ولكني شرفت بتجلي ربي لي، فقولوا عباد الله سبحان الله تبنا إليه؛ كما قال نبي الله موسى.

أقول لكم عباد الله:

خذوا أمر دينكم بقوة، وإلا نتقني الله فوقكم كأني ظلة تخشون أن تقع عليكم إن شاء ربي، أما رسالة التعريف الرابعة بي، فلا تركنوا إلى ما ترون من شموخي، فأنا أعجز من أن أكون عاصمًا لكم من دون الله، وإياكم أن تسلكوا مع الله سلوك الابن العاصي لنوح - عليه السلام - وأخيرا ها كم الرسالة الخامسة في التعريف بي، أنا أخشع وأتصدع لو نزل على القرآن، وأنا في نظركم جماد، فما بالكم أيها الأحياء لا تخشعون لآيات القرآن، ولم لا تنكسرون تذللاً لربكم الكريم.

لو عرفتم ما يعرفه العالمون بعلوم الأرض من أن الخشوع (الإجهاد بلغة العلم)، يسبق التصدع، لعلمتم دقة إحكام كلمات الله، تلك هي خمس مواضع ذكر فيها اسمي مفردًا في كتاب الله بلفظ جبل.

شرفني الله بذكري مفردًا، وشرفني بذكري جمعًا، فكان حديث الإفراد (جبل) باعتباري شاهدًا على عظمة الخالق، وكان ذكري جمعًا (الجبال) شهادة على إشراقات يشهد بها علماء علوم الأرض الذين يخشون الله، في كلمات ربي في كتابه العزيز وصف لي في الدنيا، ووصف لي قبل وعند قيام الساعة.

ذكرني ربي بصيغة الجمع، وستجدون في كتاب الله كيف خلقت الجبال، وكيف نصبت، وكيف رست، وكيف ألقيت، وكيف جعلت لأرضكم ميزان يحفظ كوكبكم من الاضطراب، وصف جنسي من الجبال في القرآن بالشموخ الذي بسببه سقاكم الله ماءً فراتًا.

وبعد وصفي الذي يعجِز العلماء عن الإتيان بمثله، يخبركم ربكم أن الرواسي الشامخات والجبال الأوتاد والجدد مختلفة الألوان، والغرابيب شديدة السواد، ومناكب الأرض التي تمشون فيها؛ لتأكلوا من رزق الله، مع كل مظاهر القدرة في خلقي، فمصيري الفناء؛ حيث أُسيَّر سيرًا، وأُدَكُّ دكًّا، وأصير هباءً منبثًّا، فتزول الأوتاد وتصبح قاعًا صفصفًا، لا عوج فيها ولا أَمْتًا، سأصير كالعهن (الصوف)، أو كالعهن المنفوش (الصوف المصبوغ).

ما نفعني شموخي، فاعتبروا وارجعوا عن غروركم وتكبُّركم، فجميع الخلائق تفنى ويبقى صاحب الملك والملكوت.

في هذا البحث سنحاول استشراف العلم من الإشارات العلمية حول ثلاثين آية ذكرت فيها كلمة الجبال، وتسع آيات ذكرت فيها كلمة رواسي في القرآن الكريم، وسوف أناقش وجوه الإعجاز حول تلك الآيات في النقاط التالية:

1- الإعجاز التاريخي المتعلق بالجبال.

2- الإعجاز الوصفي للجبال.

3- سير ومرور الجبال وتقطيع الأرض.

4- إزالة الجبال.

5- ترتيب معجز في بيوت النحل.

6- أكنان من الجبال.

7- طول الجبال.

8- خرور الجبال.

9- شموخ الجبال والماء كمًّا وكيفًا.

10- الرواسي والأنهار.

11- رواسي فيها من فوقها.

12- اتِّزان الأرض بالجبال.

13- رسو الجبال.

14- جدد من الجبال.

المعنى اللغوي لكلمة جبل وجبال:

ورد في لسان العرب لابن منظور أن الجَبَل: اسم لكل وَتِدٍ من أَوتاد الأَرض، إِذا عَظُم وطال من الأَعلام والأَطواد والشَّناخِيب، وأَما ما صغُر وانفرد، فهو من القِنان والقُور والأَكَم، والجمع أَجْبُل وأَجْبال وجِبال.

وورد في موسوعة الويكيبديا (https://en.wikipedia.org/wiki/Mountain) ما يلي حول تعريف الجبل:

There is no universally accepted definition of a mountain. Elevation, volume, relief, steepness, spacing and continuity have been used as criteria for defining a mountain.[1] In the Oxford English Dictionary a mountain is defined as "a natural elevation of the earth surface rising more or less abruptly from the surrounding level and attaining an altitude which, relatively to the adjacent elevation, is impressive or notable."[1]

Whether a landform is called a mountain may depend on local usage. The highest point in San Francisco, California, is called Mount Davidson, notwithstanding its height of 300 m (980 ft), which makes it twenty feet short of the minimum for a mountain by American designations.[citation needed] Similarly, Mount Scottoutside Lawton, Oklahoma is only 251 m (823 ft) from its base to its highest point. Whittow's Dictionary of Physical Geography[2] states "Some authorities regard eminences above 600 m (2,000 ft) as mountains, those below being referred to as hills."

Within Great Britain and Ireland, a mountain is now usually defined as any summit at least 2,000 feet (or 610 metres) high,[3][4] whilst the official UK government's definition of a mountain is a summit of 600 metres or higher.[5] In addition, some definitions also include a topographical prominence requirement, typically 100 feet (30 m) or 500 feet (152 m).[6] For a while, the US defined a mountain as being 1,000 feet (304.8 m) or more tall. Any similar landform lower than this height was considered a hill. However, today, the United States Geological Survey (USGS) concludes that these terms do not have technical definitions in the US.[7]


وفي موسوعة الويكيبيديا: الموسوعة الحرة ورد أنه يوجد تعريف مقبول عالميًّا للجبل، وقد استخدم الارتفاع والحجم والكثافة والوعورة كمعايير لتسمية الجبل، ولكن جاء في قاموس أوكسفورد الإنجليزي أن "الجبل: هو عبارة عن ارتفاع طبيعي عن سطح الأرض، يرتفع أكثر أو أقل من سطع البحر؛ ليحقق مستوى ارتفاع نسبي عن الارتفاعات المجاورة له."

في الولايات المتحدة الأمريكية: استخدم التعريف القادم لتحديد مسميات الجبل عن غيره من المرتفعات:

♦ مسطح ارتفاعه 500 قدم يسمى سهلاً.

♦ نقطة ارتفاعها من 501-999 قدم يسمى تلاًّ.

♦ نقطة أعلى من 1000 قدم أو أكثر يسمى جبالاً.

تعريف آخر للمركز العالمي للرصد والحفظ كامبريدج، المملكة المتحدة: يعتبر الجبل جبلاً إذا كان:

♦ ارتفاعه على قاعدة بما لا يقل عن 2500م.

♦ ارتفاعه على قاعدة بين 1500-2500م مع ميل أكبر من 2 درجة.

♦ ارتفاعه على قاعدة بين 1000-1500م مع ميل أكبر من 5 درجات.

♦ إذا كان ارتفاعه أكثر من 300م وكان نصف قطره 7 كلم.

وحسب هذا التعريف، فإن الجبال تغطي 64 ٪ من قارة آسيا، و25 ٪ من قارة أوروبا، و22 ٪ من قارة أمريكا الجنوبية، و17 ٪ من قارة أستراليا، و3 ٪ في قارة إفريقيا، وعلى ذلك فإن 24 ٪ من مساحة الأرض الإجمالية جبلية، و10 ٪ من الناس يعيشون في المناطق الجبلية، ومعظم الأنهار في العالم تتغذى من المصادر الجبلية، وأكثر من نصف البشرية يعتمدون على الجبال في الحصول على المياه.

وحيث إنه لا يوجد تعريف محدد عالميًّا للجبل، وجب الاسترشاد بإشارات القرآن الكريم حول الجبل والجبال.

1- الإعجاز التاريخي المتعلق بالجبال:

وردت كلمة الجبال ثلاث مرات في معرض وصف البيوت المنحوتة في الجبال، على يد ثمود قوم صالح، وبينما ورد في سورة البقرة أن ثمود كانوا ينحتون الجبال عامة بيوتًا, فإن القرآن استخدم التبعيض (من الجبال) مرتين: الأولى منهما متعلقة بالفاصلة "آمنين"، والثانية متعلق بالفاصلة "فارهين".

وهنا يتجلى إعجاز بياني مُفاده أن ثمود كانوا قومًا بارعين في فن النحت، لدرجة أن لا يستعصي عليهم جميع مواد الجبال مهما اختلفت قَسوتها من الرخو إلى القاسي جدًّا؛ سواء كانت من الصخور الرسوبية، أو النارية، أو المتحولة بأنواعها المختلفة، فحينما كانوا يبحثون عن الأمان اختاروا أنواعًا مخصوصة من حجارة الجبال تصلح للسكن الآمن.

أما في حالة رغبتهم في إبراز براعتهم الحضارية الفائقة في فن النحت, فإن ثمود كانت تختار أنواعًا من حجارة الجبال التي تتحدى الزمن في ثباتها.

يقول تعالى في سورة البقرة: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف: 74].

ويقول تعالى في سورة الحجر:

﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 82].

في تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ ﴾ [الحجر: 82].

النحت في كلام العرب: البري والنجر، نحته ينحته (بالكسر) نحتًا؛ أي براه، والنحاتة البراية، والمنحت ما يُنحت به، وفي التنزيل أتعبدون ما تنحتون؛ أي: تنجرون وتصنعون، فكانوا يتخذون من الجبال بيوتًا لأنفسهم بشدة قوتهم.

آمنين؛ أي: من أن تسقط عليهم أو تخرب، وقيل: آمنين من الموت، وقيل: من العذاب.

وفي تفسير ابن كثير: وذكر تعالى: أنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين؛ أي: من غير خوف ولا احتياج إليها، بل أشرًا وبطرًا وعبثًا، كما هو المشاهد من صنيعهم في بيوتهم بوادي الحجر، الذي مر به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو ذاهب إلى تبوك، فقنع رأسه وأسرع دابَّته، وقال لأصحابه: "لا تدخلوا بيوت القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تبكوا، فتباكوا خشية أن يصيبكم ما أصابهم".

وفي تفسير الطبري: يقول تعالى ذكره: وكان أصحاب الحجر، وهم ثمود قوم صالح، ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين من عذاب الله، وقيل: آمنين من الخراب أن تخرب بيوتهم التي نحتوها من الجبال، وقيل: آمنين من الموت.

وفي تفسير البغوي: وكانوا ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين من الخراب ووقوع الجبل عليهم.

وفي تفسير التحرير والتنوير: وجملة وكانوا ينحتون معترضة، والنحت: بَرْي الحجر أو العود من وسطه أو من جوانبه، و(من الجبال) تبعيض متعلق بـ(ينحتون)، والمعنى من صخر الجبال؛ لما دل عليه فعل (ينحتون) ص74 و(آمنين) حال من ضمير (ينحتون)، وهي حال مقدرة؛ أي: مقدرين أن يكونوا آمنين عقب نحتها وسكناها، وكانت لهم بمنزلة الحصون لا ينالهم فيها العدو.









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-02, 02:59   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وفي تفسير فتح القدير: وكانوا ينحتون من الجبال بيوتًا: النحت في كلام العرب: البري والنجر، نحته ينحته بالكسر نحتًا؛ أي: براه، وفي التنزيل: ﴿ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ ﴾ [الصافات: 95]؛ أي: تنجرون، وكانوا يتخذون لأنفسهم من الجبال بيوتًا؛ أي: يخرقونها في الجبال، وانتصاب آمنين على الحال؛ قال الفراء: آمنين من أن يقع عليهم، وقيل: آمنين من الموت، وقيل: من العذاب؛ ركونًا منهم على قوتها ووثاقتها.



ويقول تعالى في سورة الشعراء:

﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾ [الشعراء: 149].

وفي تفسير ابن كثير: وقوله: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾، قال ابن عباس وغير واحد: يعني حاذقين، وفي رواية عنه: شرهين أشرين، وهو اختيار مجاهد وجماعة، ولا منافاة بينهما، فإنهم كانوا يتخذون تلك البيوت المنحوتة في الجبال أشرًا وبطرًا وعبثًا من غير حاجة إلى سكناها، وكانوا حاذقين متقنين لنحْتها ونقْشها، كما هو المشاهد من حالهم لمن رأى منازلهم.

وفي تفسير الجلالين: وتنحتون من الجبال بيوتًا فارهين: بطرين وفي قراءة فارهين حاذقين.

وفي تفسير الطبري: وَقَوْله: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾، يَقُول تَعَالَى ذِكْره: وَتَتَّخِذُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا، وَاخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة قَوْله: ﴿ فَارِهِينَ ﴾: فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْكُوفَة: ﴿ فَارِهِينَ ﴾ بِمَعْنَى: حَاذِقِينَ بِنَحْتِهَا، وَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء أَهْل الْمَدِينَة وَالْبَصْرَة: "فَرِهِينَ" بِغَيْرِ أَلِف، بِمَعْنَى: أَشِرِينَ بَطِرِينَ، وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ عَلَى نَحْو اِخْتِلَاف الْقُرَّاء فِي قِرَاءَته، فَقَالَ بَعْضهمْ: مَعْنَى فَارِهِينَ: حَاذِقِينَ.

تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَال بُيُوتًا فَارِهِينَ ﴾: النحت النجر والبري؛ نحته ينحته بالكسر نحتًا إذا براه، والنحاتة: البراية، والمنحت ما ينحت به، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع ﴿ فرهين ﴾ بغير ألف، فارهين حاذقين بنحتها؛ قاله أبو عبيدة، وروي عن ابن عباس وأبي صالح وغيرهما، وقال عبدالله بن شداد: فارهين: متجبرين، وروي عن ابن عباس أيضًا أن معنى فرهين بغير ألف: أشِرين بطِرين، وقاله مجاهد، ورُوي عنه شرِهين، الضحَّاك: كيِّسين، قتادة: معجبين؛ قاله الكلبي، وعنه: ناعمين، وعنه أيضًا: آمنين، وهو قول الحسن، وقيل: متخيرين.




2- الإعجاز الوصفي للجبال:

قبل أن يصف العلم الجبال وفقًا لطريقة نشأتها، يشير القرآن إلى الجبال التي تشبه الموج، وفي الواقع توجد الجبال المنثنية أو جبال التثني (folded mountains)، وهذه ما تعبر عنه الآية التالية والصورة المصاحبة؛ يقول تعالى: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 42، 43].




تفسير المنار: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ [هود: 42]؛ أي: تجري في أثناء موج يشبه الجبال في علوه وارتفاعه وامتداده، وهو ما يحدث في ظاهر البحر عند اضطرابه من التموج والارتفاع بفعل الرياح، ومن عرَف ما يحدث في البحار العظيمة من الأمواج عندما تُهيجها الرياح الشديدة، رأى أن المبالغة في هذا التشبيه غير بعيدة.

تفسير القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾ الموج جمع موجة، وهي ما ارتفع من جملة الماء الكثير عند اشتداد الريح، والكاف للتشبيه، وهي في موضع خفض نعت للموج، وجاء في التفسير أن الماء جاوَز كل شيء بخمسة عشر ذراعًا.

تفسير ابن كثير: وقوله: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾؛ أي: السفينة سائرة بهم على وجه الماء، الذي قد طبق جميع الأرض، حتى طفت على رؤوس الجبال، وارتفع عليها بخمسة عشر ذراعًا، وقيل: بثمانين ميلاً، وهذه السفينة على وجه الماء سائرة - بإذن الله - وتحت كنَفه وعنايته وحراسته وامتنانه؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 11، 12].

تفسير البغوي: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ﴾: والموج ما ارتفع من الماء إذا اشتدت عليه الريح، شبهه بالجبال والموج: ما يرتفع من الماء على سطحه عند اضطرابه، وتشبيهه بالجبال في ضخامته، وذلك إما لكثرة الرياح التي تعلو الماء، وإما لدفع دفقات الماء] ص [75الواردة من السيول، والْتقاء الأودية الماء السابق لها، فإن حادث الطوفان ما كان إلا عن مثل زلازل تفجَّرت بها مياه الأرض وأمطار جمَّة تلتقي سيولها مع مياه العيون، فتختلط وتجتمع وتصب في الماء الذي كان قبلها، حتى عم الماء جميع الأرض التي أراد الله إغراق أهلها في عظمه وارتفاعه على الماء.

تفسير التحرير والتنوير:

3- سير ومرور الجبال وتقطيع الأرض:

﴿ وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88].

تفسير القرطبي: قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب: قال ابن عباس: أي قائمة، وهي تسير سيرًا حثيثًا، قال القتبي: وذلك أن الجبال تُجمَع وتُسيَّر، فهي في رؤية العين كالقائمة وهي تسير، وكذلك كل شيء عظيم، وجمع كثير يقصر عنه النظر، لكثرته وبُعد ما بين أطرافه، وهو في حسبان الناظر كالواقف وهو يسير.

قال القشيري: وهذا يوم القيامة؛ أي: هي لكثرتها كأنها جامدة؛ أي: واقفة في مرأى العين، وإن كانت في أنفسها تسير سير السحاب - والسحاب المتراكم - يظن أنها واقفة وهي تسير؛ أي: تمر مر السحاب؛ حتى لا يبقى منها شيء.

وهي تمر مر السحاب: تقديره: مرًّا مثل مر السحاب، فأُقيمت الصفة مقام الموصوف والمضاف مقام المضاف إليه، فالجبال تزال من أماكنها من على وجه الأرض، وتجمع وتسير كما تسير السحاب، ثم تكسر فتعود إلى الأرض.

تفسير ابن كثير: وقوله: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب؛ أي: تراها كأنها ثابتة باقية على ما كانت عليه، وهي تمر مر السحاب؛ أي: تزول عن أماكنها.

تفسير الطبري: القول في تأويل قوله تعالى: يقول تعالى ذكره: (وترى الجبال يا محمد تحسبها قائمة، وهي تمر، كالذي حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن-ص506- ابن عباس قوله: وترى الجبال تحسبها جامدة: يقول: قائمة، وإنما قيل: وهي تمر مر السحاب؛ لأنها تجمع ثم تسير، فيحسب رائيها لكثرتها أنها واقفة، وهي تسير سيرًا حثيثًا؛ كما قال الجعدي.

تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: بعض الناس قد زعم أن قوله تعالى: وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب، يدل على أن الجبال الآن في دار الدنيا يحسبها رائيها جامدة؛ أي: واقفة ساكنة غير متحركة، وهي تمر مر السحاب، والنوعان المذكوران من أنواع البيان، يبينان عدم صحة هذا القول، أما الأول منهما - وهو وجود القرينة الدالة على عدم صحته - فهو أن قوله تعالى: وترى الجبال معطوف على قوله: ففزع، وذلك المعطوف عليه مرتب بالفاء على قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ ﴾ [النمل: 87]؛ أي: ويوم ينفخ في الصور، فيفزع من في السموات وترى الجبال، فدلت هذه القرينة القرآنية الواضحة على أن مر الجبال مر السحاب كائن يوم ينفخ في الصور، لا الآن، وأما الثاني - وهو كون هذا المعنى هو الغالب في القرآن - فواضح؛ لأن جميع الآيات التي فيها حركة الجبال كلها في يوم القيامة؛ كقوله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا ﴾ [الطور: 9، 10]، وقوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً ﴾ [الكهف: 47]، وقوله تعالى: ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾ [النبأ: 20]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾ [التكوير: 3].









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-02, 03:07   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي



﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [الرعد: 31].




4- سير إزالة الجبال: ﴿ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾ [إبراهيم: 46].



5- ترتيب معجز في بيوت النحل: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴾ [النحل: 68].



6- أكنان من الجبال:





7- طول الجبال:

﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيد ﴾ [ق: 1].

واختلف في معنى "ق" ما هو؟ فقال ابن زيد وعكرمة والضحاك: هو جبل محيط بالأرض من زمردة خضراء اخضرت السماء منه، وعليه طرفا السماء، والسماء عليه مقبية، وما أصاب الناس من زمرد كان مما تساقط من ذلك الجبل، ورواه أبو الجوزاء عن عبدالله بن عباس.

قال الفراء: كان يجب على هذا أن يظهر الإعراب في " ق "; لأنه اسم وليس بهجاء، قال: ولعل القاف وحدها ذكرت من اسمه؛ كقول القائل:

قلت لها قفي، فقالت: قاف.




8- خرر الجبال:

﴿ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴾ [مريم: 90].




.









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-02, 03:21   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

9- شموخ الجبال والماء كمًّا وكيفًا:




10- الرواسي والأنهار:



:11- رواسي فيها من فوقها:



12- اتزان الأرض بالجبال:



13- رسو الجبال:




14 : جُدَد من الجبال:



.

و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-03, 23:50   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
الفتاة السعيدة
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الفتاة السعيدة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك.الله.فيك










رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 16:56   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة حزينة مشاهدة المشاركة
بارك.الله.فيك

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات

انارتي واكثر اختي الفاضلة
بارك الله فيكِ

وجزاكِ الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 17:02   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




شبهات تثار حول الطوفان الذي كان
في زمن نوح عليه السلام


السؤال:

لطالما أرَّقني هذا السؤال ، بل وأرَّق على الأرجح معظم الشباب ، ولم نجد إلى الآن من يُجيب عنه إجابة مقبولة على المستوى الفكري ، ولم نستطع فهمه ولا استيعابه ، وأصبح البعض ينظر إلى الدين على أنه مجموعة قصص خيالية لا حقائق . السؤال ببساطة هو : هل كان فيضان نبي الله نوح عليه السلام عالمياً شاملاً ، هلك فيه جميع من في الأرض ، أم محليا ؟

فإن كان عالمياً فكيف استطاعت كل الحيوانات التكدس في سفينة واحدة ؟

معنى ذلك أن السفينة كان لا بد أن يكون حجمها على الأقل مئات الكيلو مترات المربعة ، وهذا بالطبع مستحيل لأنه لا يمكن بناء سفينة خشبية ، أو غير خشبية ، بهذه الصورة ، ولكن دعونا نفترض أنها كانت ممكنة الحدوث فكيف إذا استطاعت الحيوانات أن تختار وجهتها فهذه إلى استراليا وهذه إلى أمريكا ، وبالخصوص تلك الحيوانات النادرة التي لا توجد إلا في مكان واحد ، كالكنغر مثلاً في استراليا ؟

لا يبدوا الأمر منطقياً على الإطلاق ! أمّا إن قيل إن الحيوانات كلها بدأت من نقطة واحدة فكيف نفسر عندئذ هذا التنوع العجيب في مملكة الحيوان ، واختصاص كل قارة بحيوانات لا توجد في غيرها من القارات . والأهم من هذا كله : هل كان هناك على الأرض ماء كاف لتغطية الأرض كلها وإحداث هذا الفيضان العظيم ؟!

وان قيل إنه كان فيضاناً محلياً ، فسنقول إن هذا يعارض ظاهر القرآن ، لأن السياق القرآني يوحي بأنه كان فيضاناً كونياً والدليل على ذلك أن كل الجبال بما في ذلك الجبال الشاهقة كانت تحت الماء (بالإشارة إلى قصة بن نوح) ، وقد مات كل كافر على الأرض آنذاك..الخ . فأرجو منكم التوضيح ، وأسأل الله أن يعفو عني لجهلي وزللي وأن يهديني إلى الحق .


الجواب :


الحمد لله


أولاً :

من الإنصاف للحقيقة أن يعلم الناظر والباحث ، أن العالم إذا ألف كتابا واحتوى علما كثيرا ثم بعد ذلك اطلعوا على مكان واحد من كتابه يصعب على الفهم ، فالمتعارف عليه عند جميع العقلاء ، والذي تقتضيه الموضوعية العلمية أنّ هذا الكتاب لا يُطعن فيه ، ولا يُطرح جميع ما فيه من علم ، بمجرد وجود هذه الصعوبة ، بل عليه أن يستعمل الأدوات المناسبة لفهم ما يشكل عليه ، وحل معضلات الكلام .

وهذا في كلام البشر ؛ فكيف بكتاب مثل " كتاب الله " جل جلاله ، وقد مر عليه من القرون ما مر ، وآمن به من العقلاء من آمن ، وعاداه من البشر من عاداه ، وسعوا إلى الطعن فيه بكل سبيل ؛ فلم يستطيعوا أن يأتوا فيه بطائل ؛ بل يضطر المنصفون منهم إلى الإقرار بفضل هذا الكتاب ، وعظيم شأنه ، ومنهم من شرح الله صدره للإيمان به ، بعدما جهد طويلا ليطعن فيه !!

ثانياً :

القصص في القرآن : جاءت لمقاصد إيمانية ودعوية أشار القرآن إليها بوضوح منها :
1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم وقلوب المؤمنين عند الشدائد :

قال الله تعالى : ( وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) هود/ 120 .

2- للتدليل على أن هذا القرآن من الله تعالى المحيط بكل شيء علما ، والعالم بما كان وبما سيكون ، كما قال الله تعالى بعد ذكره لقصة نوح عليه السلام :

( تِلْكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلَا قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود / 49 .
فالقرآن يذكر من الحادثة ما يحقق المقصود الدعوي والإيماني منها

كما نرى في قصة نوح عليه السلام مع قومه ، فقد كان التركيز على جهد نوح في دعوته ، وبيان مدى إعراض قومه عن الحق ، ثم بيّن الله العقاب الذي لحق هؤلاء القوم المعرضين عن الحق ، وذكر لنا من صفات هذا العقاب ما نستطيع أن نأخذ منه صورة عامة لهوله ، أما باقي تفصيلاته التي لا تفيدنا فلم يتعرض لها القرآن .

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :

" ففي القرآن الكريم أشياء كثيرة لم يبيِّنها الله لنا ولا رسوله ، ولم يثبت في بيانها شيء ، والبحث عنها لا طائل تحته ولا فائدة فيه .

وكثيرٌ من المفسرين يطنبون في ذكر الأقوال فيها بدون علم ولا جدوى ، ونحن نُعرض عن مثل ذلك دائماً ، كلون كلب أصحاب الكهف ، واسمه ، وكالبعض الذي ضرب به القتيل من بقرة بني إسرائيل ، وكاسم الغلام الذي قتله الخضر ، وأنكر عليه موسى قتله ، وكخشب سفينة نوح من أي شجر هو ، وكم طول السفينة وعرضها ، وكم فيها من الطبقات ، إلى غير ذلك مما لا فائدة في البحث عنه ، ولا دليل على التحقيق فيه "

انتهى من " أضواء البيان " (4/58) .

فالأولى أن نترك التدقيق في المعلومات التي لم يذكرها القرآن ولا السنة عن هذا الطوفان وذلك لسببين :
1- عدم وجود الفائدة من ذلك التدقيق ، فلو كان فيه فائدة لأخبرنا به القرآن أو السنة .

2- أن الأسانيد العلمية ، والأدلة التاريخية : لن توصلنا إلى نتيجة قطعية في مثل ذلك ؛ لأن واقع الحياة وتفاصيلها في ذلك الزمن البعيد جدا : مجهولة للإنسان ، وما يذكره العلم الحديث عن تلك الأزمان البعيدة في القدم : ليس كله من الحقائق العلمية المطلقة ، بل كثير منه هو نظريات وتفسيرات علمية ، قابلة للتغير والتخطئة والإبطال .

ثالثاً :

ظاهر النصوص القرآنية والذي عليه المفسرون أنه عمّ الأرض ، وصرح القرآن أيضا أنّ قوم نوح قد عمّهم الطوفان بماء هائل ، ولم ينج منهم إلا من ركب مع نوح في السفينة ، والبشرية اليوم هي من نسل نوح عليه السلام ، فهذا الذي يشير إليه القرآن ، أما كيف تمّ جمع هذه الحيوانات ، وكم طول السفينة ، وكم كانت كمية الماء وإلى أي مدى بالضبط وصل ؛ فلا يوجد نص قاطع من قرآن أو سنة على ذلك ، فلا نشغل بها أنفسنا .

قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله :

" وعموم الطوفان هو مقتضى ظواهر الكتاب والسنة "

انتهى من " التحرير والتنوير " (23/131) .

والقرآن الكريم لم يخبر أن جميع الحيوانات التي كانت على ظهر الأرض يومئذ ، كانت معه في السفينة ، وإنما كان معه من كل صنف منها زوجان اثنان .

قال الله تعالى : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ) هود/40 .

قال الشوكاني رحمه الله -

في تفسير هذه الآية - : " أي : قلنا يا نوح ، احمل في السفينة من كلّ زوجين ، مما في الأرض من الحيوانات : اثنين ؛ ذكرا ، وأنثى "

انتهى من " فتح القدير " (2/ 565) .

فنوح عليه السلام لم يحمل جميع الحيوانات ، وإنما حمل من كل نوع منها اثنين ، ذكرا وأنثى ؛ ليحصل التوالد والنسل منهما بعد ذلك .

والحيوانات الكبيرة الحجم ليست بالكثيرة جدا في عالم الحيوان ، وعدد مثل هذا لا يحتاج إلى سفينة تصل إلى مئات الكيلومترات كما ذكر في السؤال .

ثم من قال ، وبأي دليل يقول : إن جميع الحيوانات التي يعرفها الناس اليوم ، الكبير منها والصغير ، كانت موجودة على ظهر الأرض في زمن الطوفان ، ليركب من كل من صنف منها : زوجان في تلك السفينة ، التي يفترض أنها لن تسع ذلك كله ؟!

وبأي دليل يمنع المانع من أن يكون الله تعالى قد خلق من الكائنات الحية ، ما خلق ، وأوجدها على ظهر الأرض ، بعد زمن الطوفان ، لا قبله ؟!

إن من يستشكل ذلك : يجب أولا أن يكون عنده تصور عن طبيعة الحياة في ذلك العصر ، ومدى التنوع الحيواني وأماكن انتشار الحيوانات ...الخ ، وهذا كله لا نملك عنه معلومات قاطعة وهي واقعة خارج التاريخ المعلوم للإنسان ، فالله وحده أعلم به .

رابعاً :

أما كيف كان في بلاد كذا من الحيوان ما لا يوجد في غيره ؟ وكيف توجه حيوان كذا إلى بلد ، دون غيره ... ؟

فجوابه سهل ميسور ؛ ألم تعلم أن الله تعالى خلق كل كائن حي ، وهداه إلى منافعه وما يصلح شأنه ؟!

فاستمع ـ يا عبد الله ـ إلى هذا الحوار الذي دار بين نبي الله موسى ، وعدو الله الجاحد : فرعون : ( قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى * مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى * وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى ) طه/49-56 .

فتأمل كيف دله موسى عليه السلام إلى أن الله جمع بين خلق الخلق ، وبين هدايته لما ينفعه ويصلح له شأنه .
وتأمل ، كيف دله ونبهه على آيات الخلق والإعادة بما حوله من أمر الكون ، والخلق ، والحياة والموت ، وتمهيد الأرض ، وإحيائها بالمطر ، ونبات الزرع منها !!

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

" أي : ربنا الذي خلق جميع المخلوقات ، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به ، الدال على حسن صنعه من خلقه ، من كبر الجسم وصغره وتوسطه ، وجميع صفاته ، ( ثُمَّ هَدَى ) كل مخلوق إلى ما خلقه له ، وهذه الهداية العامة المشاهدة في جميع المخلوقات ، فكل مخلوق تجده يسعى لما خلق له من المنافع ، وفي دفع المضار عنه ، حتى إن الله تعالى أعطى الحيوان البهيم من العقل ، ما يتمكن به من ذلك "

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " (ص/590) .

ثم إن في عالمنا المشاهد اليوم بعض الحيوانات تهاجر المسافات الطويلة وتعود إلى أماكنها ولا تخطئها ، وبدراسة قريبة الغور لعالم الأسماك ، وعالم الطيور ، وعالم الحيوان كله : تقف من ذلك على ما يذهل العقل ، ويحير اللبيب ، ويدل الفطن على قدرة اللطيف الخبير !!

كيف تتعرف هذه الحيوانات على الطريق الصحيح لرحلاتها ، وكيف تنتبه للتوقيت المناسب للرحلة ؛ وكيف ، وكيف ؟!
الباحثون حاولوا الإجابة على هذه الأسئلة ؟

لكنّ الله أعطانا الجواب من قبل فقال تعالى : ( قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ) طه/50 .

ونعود ونذكر بما قلناه سابقا :

من أدرانا أن الله لم يخلق ما شاء من خلقه ، في زمان معين ، ومكان معين : ابتداء ؟!

ومن أين لنا العلم أن الله تعالى كان قد خلق جميع الكائنات الحية ، قبل طوفان نوح عليه السلام ؟!

ثمّ هذه القصة التي أشكلت عليك ، هي نفسها من الأدلة الواضحة على عظمة القرآن وأنه منزّل من الله تعالى ، وليس من قول البشر ، راجع مثلا كتاب موريس بوكاي " القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم " وكلامه عن موضوع الطوفان في القرآن الكريم .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-04-04, 17:05   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل غرق جميع من على الأرض بعد
الطوفان العظيم زمن نوح عليه السلام؟


السؤال

: هل غرق جميع من في الأرض - عدا من كان مع نوح - على ظهر السفينة عندما أرسل الله الطوفان ؟

وهل كل مَن في الأرض الآن يعتبرون مِن نسل مَن كان في السفينة ؟


الجواب :

الحمد لله

يدل صريح القرآن الكريم على أن جميع من على الأرض أغرقوا بالطوفان ، ولم ينج من البشر ولا من الحيوان إلا مَن حمله نوح عليه السلام معه في السفينة .

قال الله تعالى : (فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ) الشعراء/119-120 .

وقال عز وجل : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) هود/40 .

وقال تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) يونس/73 .

كما جاء النص في القرآن الكريم على أن الأرض إنما عمرت بعد ذلك من نسل ذرية نوح عليه السلام فقط ، وأما المؤمنون الذين نجوا معه في السفينة فلم تبق لهم ذرية ، فجميع أهل الأرض الآن من ذرية نوح عليه السلام .

قال الله تعالى : (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ . وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ . وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ . إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) الصافات/77-81 .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : لم تبق إلا ذرية نوح عليه السلام .

وقال قتادة في قوله : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ) قال : الناس كلهم من ذرية نوح عليه السلام .

"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (7/22) .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

"وقد اختلف العلماء في عدة من كان معه في السفينة :

فعن ابن عباس رضي الله عنهما : كانوا ثمانين نفسا معهم نساؤهم . وعن كعب الأحبار : كانوا اثنين وسبعين نفسا ، وقيل : كانوا عشرة .

قال جماعة من المفسرين : ارتفع الماء على أعلى جبل بالأرض خمسة عشر ذراعا ، وهو الذي عند أهل الكتاب ، وقيل : ثمانين ذراعا ، وعَمَّ جميع الأرض طولها والعرض ، سهلها وحزنها وجبالها وقفارها ورمالها ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ، ولا صغير ولا كبير .

قال الإمام مالك عن زيد بن أسلم : كان أهل ذلك الزمان قد ملؤوا السهل والجبل .

فإن الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوى نوح عليه السلام . قال تعالى : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ) فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة ، وهم : سام وحام ويافث" انتهى باختصار .

"البداية والنهاية" (1/111-114) .

وقال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" ضمير الفصل في قوله : ( هُمُ الْبَاقِينَ ) للحصر ، أي : لم يبق أحد من الناس إلا من نجاه الله مع نوح في السفينة من ذريته ، ثم من تناسل منهم ، فلم يبق من أبناء آدم غير ذرية نوح ، فجميع الأمم من ذرية أولاد نوح الثلاثة ، وظاهر هذا أن من آمن مع نوح غير أبنائه لم يكن لهم نسل . قال ابن عباس :

لما خرج نوح من السفينة مات من معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءه . وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين قوله في سورة هود : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) هود/40 ، وهذا جار على أن الطوفان قد عم الأرض كلها ، واستأصل جميع البشر ، إلا من حملهم نوح في السفينة" انتهى .

"التحرير والتنوير" (23/47) .

وأما قوله سبحانه وتعالى : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) الإسراء/3 . وقوله عز وجل : (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) مريم/58.

فلا يدل على استمرار نسل المؤمنين الذين حملهم نوح عليه السلام معه ، بل المقصود أبناء نوح عليه السلام الذين استمر نسلهم دون باقي المؤمنين .

قال العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله : "قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) ، بين أن ذرية من حمل من نوح لم يبق منها إلا ذرية نوح في قوله : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ)" انتهى .

"أضواء البيان" (3/13) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التاريخ والسيره


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 22:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc