ميرلوبونتي
- النص:
« إذا كان الكلام يقتضي وجود الفكر سلفا، وإذا كان فعل الكلام هو أولا الاقتران بالشيء قصد معرفته وتمثله، فإننا لا نفهم لماذا يتجه الفكر نحو التعبير كما لو كان يتجه نحو اكتماله. لماذا يبدو لنا الشيء الأكثر اعتيادا غير محدد ما لم نجد له اسما ؟ لماذا تكون الذات المفكرة في حالة جهل بأفكارها ما لم تعبر عنها لذاتها أو تصرح بها وتكتبها، كما يوضح ذلك مثال أغلبية المؤلفين الذين يبدأون بتأليف كتبهم بدون معرفة دقيقة بالمضامين التي سيكتبونها. عن الفكر الذي يكتفي بالوجود لذاته – خارج مورثات الكلام والتواصل – سيسقط في اللاشعور بمجرد ظهوره، الأمر الذي يعني أن هذا الفكر لن يوجد ولو من أجل ذاته …
إنها بالفعل تجربة تفكير، بالمعنى الذي نقدم فيه فكرتنا لأنفسنا بواسطة الكلام الداخلي والخارجي. إنها تتطور في الحين وبسرعة كبيرة، ولكن يبقى لنا بعد ذلك أن نمتلكها، وعن طريق التعبير تصبح ملكنا لنا.
إن تسمية الأشياء لا تتم بعد التعرف عليها، إنها التعرف عينه. فعندما أبصر شيئا في ضوء خافت، وأقول: ” هذه ممسحة ” فلا يوجد في ذهني مفهوم الممسحة الذي أدرج تحته الشيء، والذي سيكون – من جهة أخرى – مرتبطا بواسطة علاقة متواترة مع كلمة ممسحة. وبفرض الكلمة على الشيء، يصبح لدي وعي ببلوغ هذا الشيء. وكما سبق، فإن الشيء بالنسبة للطفل يبقى غير معروف حتى تتم تسميته، فالاسم هو ماهية الشيء التي تكمن فيه بنفس الطريقة التي يكمن فيها لونه وشكله. »