في مكان بعيد عن ضجيج المدينة توجد حضيرة الدواجن ، وجد عامل الحضيرة بيضة في حقل قريب منه فوضعها مع البيض الدي سيفقس إن لم تفقس فلن يخسر شيئا
مرت الأيام على البيض ففقست منها الصالحة ورميت الطالحة
في عمرها الأول كانت كلها متشابهة ، صفراء اللون ، في المرحلة الموالية أصبح الدجاج يملك لونا آخر وهو الأبيض إلا فرخا واحدا كان ذو لون ساطع لكنه نحيف الجسد لا ينمو كالآخرين
أما طبعه مختلف تماما يهوى الحركة والجري والقفز المستمر دون تعب يلتقط الأكل من الأرض لا من الأداة الموضوعة فيها
يختال ويتبختر الحضيرة الإصتناعية للفقص وقال في نفسه البيض الغير الناجح إفتخارا على الجميع قال للدجاجة :
إن ريشي ناعم و ألواني زاهية أنفرد بها عليكم ، خلقني الله بطبع غير طبعكم وبحب الحياة ليس مثلكم ، تأكلون من مكان واحد وتنتمون في مكان واحد ، أما أنا نشيط وجميل ،رغم أن حجمي ليس كحجمكم لكنكم لن تغلبوني _وهم لا يحاولون حتى _
وكل ديك ابيض يخالف تعليماته يلقنه درسا يرده مهزوما ، يحرضهم على الهروب ويشجعهم على تعلم الخفة والجري السريع
أما أفكاره كانت مختلفة ومميزة يحلم بالحرية ولا يرضى بالمستقبل المحتوم وهو الذبح ، يعلمهم السعي وراء تحقيق الأحلام ولو كانت مستحيلة
في يوم ، إغتنم فرصة دخول العمال إلى الحضيرة لنقلهم لمكان ذبحهم كي يهرب، إختاروا الدجاج الأكثر سمنة ، ولم يكن هو من ضمن المجموعة وركبوا في الشاحنة وتركوه يائسا لكن ليس مستسلما .
بعد شهر من الأكل الجيد والحرص على جعل من جسمه النحيف أداة النجاة ، أصبح
مقبول الوزن وكان من بين المبشرين لركوب الشاحنةوالسفر بعيدا عن الحضيرة ، رماه العامل داخل القفص وهو يمتمت ويعيد في قرارة نفسه الحيلة المقررة ويسأل الله نجاح مهمته .
حين شعر الديك المغرور أنه إبتعد بما يكفي من الحضيرة المشؤمة ، تسلل من بين القضبان مستعملا حركاته الملتوية كالثعبان
وخرج منه والكل يهتف له ولم يصدقوه حين قال لهم أنه المغامر الذي لا يخاف .
وبفضل النشاط والخفة المكتسبة حقق ما كان يريد.
سقط على الأرض هم ّ بالركض ، لم يلتفت إلى الوراء كي لا يجعل خوفه يسيطر عليه، لحظة تمنى تحقيقها جعلت منه أسير الحلم ولم يفكر في المخاطر التي قد تحدث .
كما تخيل المحيط ،الدنيا في خيال طبق الأصل .بدأ يرقص من الفرح بين المروج والريحان ، والشاحنة غادرت المكان
يا لا روعة المساحات الخضراء وشلال تنزل منه المياه والأشجار عالية ومختلفة الرائحة والفاكهة والشكل . .
جنة وصل إليها بعد شقاء .
إستمتع بيومه دون أن يشعر به أحدا ، لكن بعد إنقضاء النهار جاء دور الليل الذي يخيفه وينعسه في وسط غير مضمون ، نسي أن يفكر في إيجادمكان يقضي فيه الليلة خاصة بعد سماع أصوات الذئاب والحيونات المفترسة تقترب .
فزع في الأول ووجد بعدها الصعود أعلى الشجرة حلا ،هذا لأنه رأى العصافير في الأعشاش تتطاير وتحوم حوله ليتأكد أن النوم فوق الأغصان سيساعده وكان موفقا في أول ليلة خارج الحضيرة .حيث إنقلب الحلم إلى كابوس مع الحيوانات التي لم تغادر المكان إلا فجرا كان هو قد إستيقظ .
في صباح اليوم التالي ، اشرقت الشمس ثانية بأشعة عكست ألوانه الذهبية فبدى متلألأ مثل الجوهرة ، وعاد الحلم إليه من جديد
حقول خضراء ، مياه صافية ، ورياح تهز الزهور و الطيور تزقزق . لكن درجة سعادته نقصت من جديد لأنه لا يعرف المصير الذي يسير إليه ونقص عنصر الأمان وهو المهم .
يجب أن يجد حلا لليلة الموالية أو أصدقاء.
سار إتجاه النهر وإذا به يرى ديارا وحيوانات وناس ودجاج . تعجب للمنظر ، دجاج قرب حيوانات كبيرة مخيفة لا تتعرض لهم وليسوا خائفين منها لكنها ليست كالتي رآها بالليل . قال في نفسه :
سأقترب أكثر لأرى لعلى فقط أتخيل ، من شدة الخوف من المصير المجهول ، إقترب أكثر فرفع يده ليحك رأسه قائلا :
يلا الصدفة دجاج تملك نفس ألواني الزاهية ، لم تكن ميزتي الوحيدة على وجه الأ رض، آه لست مميز، هذا شيئ لا يسرني.
أضاف : إنهم يمشون أمام الحيوانات الضخمة وعاملة تقدم لهم الأكل ، تزرعه في الأرض ويلتقطونه بنفس طريقتي المفضلة ،الآن فهمت أنهم ربما عائلتي التي فقدتني منذ الولادة .
في تلك اللحظة التي كان يكلم فيها نفسه مرت أمامه بقرة أسقطت قلبه أرضا ذعرا ،.
هرب في إتجاهات مختلفة ولم يكن بالضجة التي قام بها خفيا وإنما مكشوفا للجميع ، والبقرة لم تكن تعلم أنه سيخاف بهذه الطريقة والشجاعة التي يمتلكها يتبع ....
والشجاعة التي يمتلكها قبل ضاعت بإحتكاكه للعالم الخارجي ، إصطاده صاحب المزرعة بسهولة وأحضره عند زوجته قائلا : هذا الديك ليس لنا ؟ من أين أتى يا ترى .
المزارعة : َغه في القفص الآن وفي الغد أسأل عن صاحبه .
في الصباح الباكرلفت على كل الجيران لم تجد له صاحب ، إحتفظت به مع بقية الدجاج .
نفر الديك الجديد عن الجماعة الموجودة وغار منه ديك كان قائد المجموعة .لديه دجاجات يحافظ عليها ويحرصها لكن الدجاجات تسترق النظر وتريد الإقتراب منه في كل مرة يطارده الديك حتىشب عراك كبير بينهم وأصبح الريش الذهبي ملطخا بالدم من قوة الديك الضخم ، إعترف في قرارة نفسه أنه يواجه أقوى الديوك ن وتخلى على فكرة تسلطه على دجاج العالم وفهم أن سلالته برية وليس من دواجن الحضيرة .
جاء يوم تعيس على الديك القوي ، حمله صاحبه من خمه مع مساعدين له ،وكانت نهايته على يده بسكين حاد قطعت رقبته .
الديك الضائع بدل أن يفرح لنيل الدنيا من خصمه القوي حزن لنهايته بعد تلك القوة التي حضي بها ، والسكين الحاد نهاية كل واحد منهم .
اصبح يفكر مرة أخرى في الهروب والعيش في بر الأمان عند الحيوانات المفترسة متوكلا على قوة الحيلة التي ضن أن الله خلقها فيه وهي ميزة تصره ، والتي لا يضن أن أحدا يملكها . وبينما هم أحرار يتجولون بين الحقول تعمد أن يبتعد رويدا رويدا عن المزرعة دون لفت الإنتباه ، عله يهرب من السكين والموت السريع .
جمعت المزارعة دجاجها حين غربت الشمس لكنالديك ليس من ضمن المجموعة . غريب ... الضيف الذي حل عليهم فجأة إختفى فجأة ، علما أنه أصبح قائد الدجاج بعد إقصاء الخصم الاقوى ، وأب لفراخالموجودة ،وتهرب من المسؤولية وفرّ بجلده .
هل المكان الجديد ملائما لا، لق وقع ثانية في مصيدة كانت موضوعة للحيوانات الغابية التي تتلف المحاصل الزراعية وتسرق الدواجن والأ كل المخزون . وجدوه ثانية أعادوه للمزرعة بعدما بحثوا عن صاحبه .
أرجعه وهو مجروح بين الحياة والموت ، فهم بعد هجرته وسفره المتعدد بأن الموت ستدركك أينما كنت ولا هروب من الموت لا أحد يعلم أين يموت وكيف يموت والهروب من القدر ليس كالهروب من السجن .نجى بأعجوبة ولو إنتظر ساعته الحقيقية لوفّر على نفسه الشقاء والعناء .
عاد إلى فراخه الصغيرة يعلمها ما تعلم في حياته وحين جاء موعد ذبحه كان مستعدا لمواجهة القدر بكل شجاعة .
إدن:
إن الربح يا أولادي قدر أيضا كما والموت ، يرزق الله عباده أينما كانوا ، من رضي بقدره وآمن بالمكتوب سيعيش حياة أفضل من الذي يطمح في درجة أكبر من حقه.