بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وبعد:
بما أن التفرق والاختلاف في هذه الأمة واقع لا محالة ،وهذا الاختلاف تشهد له السنة النبوية ويشهد له التاريخ
فقال صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن: ( إِنَّهُ مَن يَعِشْ مِنكُم بَعدِي فَسَيَرَى اختِلاَفًا كَثِيرًا
ولا ننسى الحديث المشهور في افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة كشاهدٌ على ذلك .
في قوله صلى الله عليه وسلم : أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ ، ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ ، وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَهِيَ الْجَمَاعَة (إلى آخر الحديث على اختلاف الروايات طبعا إلا أنها تصب في المعنى ذاته(
إذاً فعلامة الفرقة واضحة وضوح الشمس في منتصف النهار حيث يمكن للمسلم أن يستدل بها على كونها هي الفرقة الناجية ،حيث من علاماتها اتباع ما عليه عامة علماء الأمة ، الذين يشهد لهم جميع الناس بالتفقه في الدين ولأمانة العلمية ، وعليه فالتباع ما كان عليه العلماء السابقون من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم ، هو السير في الطريق الصحيح الذي رسمه الرسول صلى الله عليه وسلم لنا وحذرنا من الخطوط المنشقة عن هذا الخط المستقيم كأمثال الفرق التي تميزت عن جماعة المسلمين ببدعها المستحدثة .
فلا يجوز أن يتصور أحد بعد ذلك أن تكون هذه الفرق المنحرفة التي حذر منه العلماء قديما وحديثا مثلا هي من الفرقة الناجية ، ، بل هذه فرق محدثة مبتدعة في الدين ما لم ينص عليه الشرع ، ولا تمثل إلا أفكارا مبتكريها ، حيث أنكرها أهل العلم وعامة المسلمين ، ويجدون في قلوبهم نفورا منها ، وعقائدهم هذه وأفكارهم التي ابتدعوها في الدين وحملها بعدهم أتباعهم كالأحمرة مصداقا لقوله
عز وجل ( كمثل الحمار يحمل أسفارا )قد يتساءل الإنسان المؤمن الفطن وكنت أشرت لذلك في مقالة سبقت هذا الموضوع هل غاب كل ذلك عن الرعيل الأول مثل
أبي بكر وعمر و عثمان و علي رضوان الله عنهم وغيرهم من الصحابة والتابعين أو تراها غابت أيضا عن الأئمة الأربعة ومن جاء بعدهم من العلماء الراسخين في العلم ،
فمن كان يظن أحدا أن عقيدة غابت عن هؤلاء كلهم فهو مكلوب وليس بعاقل لا يختلف اثنان في كون عقله فيه خلل وخبل والعياذ بالله سلمنا الله من مثل هذه العقول
ثم نأتي لنوضح مسألة أخرى وهي كون هذه الفرق الثنتين وسبعين فرقة
هل كلها فرق كافرة
فمن قال بهذا القول : فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة ، فليس فيهم من كفَّر كل هذه الثنتين وسبعين فرقة ،
فالكل حسب ضلالاته التي أتي بها .
منهم من كان منافقاً : فهو كافر فى الباطن ،ومنهم من كان ضلاله كفرا دون كفر ومنهم من كان مؤمنا بالله ورسوله ولا كنه أخطأ في التأويل كائناً ما كان خطؤه ، وقد يكون فى بعضهم شعبة من شعب النفاق أو خصلة من خصال المبتدعين الضلال وهكذا ,
فالكل يأتي بعده عن الفرقة أو قربه منها حسب ما جاء به من المخالفة للدين
ثم نأتي لتوضيح أمر آخر وهو أنه قد تتميز بعض الجماعات الإسلامية عن الأخرى بطريقة معينة في الدعوة والعمل للإسلام ،ما لم تخالف أهل السنة والجماعة في عقيدتهم
فلا تعد هذه من الفرق الهالكة ، بل هي من أهل الفرقة الناجية إن شاء الله تعالى إذا كانت تتبع ما كان عليه الصحابة والتابعون في العقيدة والعمل .
فهذا هو تعريف أهل السنة والجماعة باختصار ووضوح فهم تمسكوا بالكتاب والسنة وهم مجتمعون على هذا الفهم قولا وعملا
وأخيرا أقول اللهم إن أصبت فبتوفيق منك وحدك وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان أعوذك ربي منها .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وشكرا