النفاق يمشي على الأرض إنسانا

~~عكس التيار~~ · 2013-04-25, 06:10

النفاق يمشي على الأرض إنسانا

عشت عجبا زمانا ، حتى رأيت النفاق يمشي على الأرض إنسانا ، فهذا يدهن ، وذاك مثله ، وكلاهما في النفاق سواء ، فالنفاق في هـذا الزمان صار فعـلا إنسانا ، يمشي على الأرض ، تلمسه اليد ، وتراه العين ، وتسمع حديثه الأذن ، ويشعر به كل الناس فلا ينكرونه على أحد ، ولا يستنكرونه سوء خلق بينهم ، فالكل ألفه ، وهو صار مألوفا، أحبه الناس بينهم في طباعهم ، واستأ نسوه في أحاديثهم ، في مقولاتهم ، في بيوتهم، في أعمالهم ، في أسواقهم ، لقد صار متجسدا بشرا ، يمشي على الأرض خطرا ، ومع ذلك، لا يأبـه الناس بـه وإن استحضروا خطـره عليهـم ، لا يخافـون عواقبـه السيئـة وإنتصوروا جسامتها على أنفسهم ، وأزواجهم ، وذرياتهم أو ممتلكاتهم ، أو على أخوتهم من الناس ، يرجفون به صباح مساء فيما بينهم ، وكأنه من أعظم مبادئهم الإنسانيةوالخلقية ، مع أن الإسلام لا يزال في حالة حرب معه ومع أهله ، فقد أورد الحق سبحانه النفاق والمنافقين في كثير من آيات القرآن الكريم لما له من خطر ساحق مع استمرار وجود أهله وذويه في كل زمن وجيل .إذا جاءك المنافقون ، تذكر قول الله في سورة المنافقين : ( والله يشهد إن المنافقيـن لكاذبـون ) ، واعلـم أن المنافـقـيـن ما جـاء أحـدهـم إليك لينافقـك بقوله ، وعمله ، أو تصرفاته إلاَّ لأنه يريد أنيحصل على حاجته منك ، ومتى ما تحققت له وحصل عليها ، صد عنك وولى ثم وصفك بالغباءلأنه استطاع أن يطلي عليك حيله ومكره وكيده في ثوب النفاق ، وإن لم يتمكـن مـن الحصـول على حاجتـه سبك وشتمك في غيبتك ، ووصفك باللؤم ، واعلم أيضا أن المنافقين الذين ينافقونك اليوم في غيرك ، فغدا ينافقون غيرك فيك ، لأنهم لا ذمة لهم ولاضمير ولا خلق يمنعهم من ذلك ، وليس لديهم وجه كريم يطالعون الناس به ، إنهم من أسافل الناس وأحقرهم وأشدهم مكرا ودهاء ، واعلم أنهم إن صادقوك اليوم عند مقدرتك على مساعدتهم وتحقيق رغباتهم ومصالحهم ، فإنهم في الغد خصم لدود لك إذا ما امتنعت عن تلبية وتحقيق تلك المصالح ، وهم الذين كلما قضيت لهم حاجة وبلغوها ، أظهروا لك حاجة أخرى وألحوا عليك فيها . واعلم ، أن المنافق ليريك الحق باطلا ، والباطل حقاحتى لتوشك أن تقع في الإثـم دون أن تـدري ، أو تقـع فـي المخالفـة دون أن تعـي ،وأن المنافـق شيطان أحمق في ثوب إنسان ، فلا هو الصديق الحميـم لتطمئن إليه ، ولاهو بالعدو الواضح لتأخذ حذرك منه ، إنه يأتيك في ثوب الصديق ، ويغيب عنك بثوب العدو ، واعلم أن المنافق ليرينك بسوق كلامه الأبيض أسود ، والبار من أهلك عاقا ،والعاق بارا ، وذلك بما ابتلاه الله وبالا له ووبالا عليه من بداهة في انتقاءالقول الذي يغريك به . فكن ، على حـذر دائـم من المنافقيـن ، ولا تركـن إلى نصحهم وكلام المحبة منهم ، ولا تطمئن لهم ، فهم بأبي وأمي شـر عليك ، وفتنة لك ، ولنيكونوا خيرا لك ، فما أكثر المنافقين في هذا الزمان ، وما أعظم أساليبهم وحيلـهم قولا وفعلا وعملا وتصرفات لا يفطنهـا إلاَّ العاقـل المخلـص بإيمانـه لله وحـده ،ولا يسـأل مخلوقـا حمدا وشكورا دونه سبحانه وتعالى .
إن المنافقين يتمثلون لك بالخير ، لكنهم يمثلون الشر بأم عينه ، يود أحدهم أن يمزقنك بأنيابه ليأكلنك لحما طريا من شدة حسده وحقده عليك ، وجوههـم بيضاء وقلوبهم كالفحم الداكن ، ألا قاتلهم الله وقطع دابرهم ، فهم الشر في الدنيا لأنفسهم ولمن اتبع أهواءهم .