أختاه هل تريدين الجنة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أختاه هل تريدين الجنة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-09-15, 10:55   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
mima bl3idi
عضو جديد
 
إحصائية العضو










M001 أختاه هل تريدين الجنة

أُختـــاه .. هل تريدين الجنة؟

M
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.....


أما بعد...،
فإن أصدق الحديث كتاب الله – تعالى- وخير الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها، وكل
محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.




:88)
فبصوت الأخ المشفق، وكلام الناصح المنذر أقول لكِ:

أُختـــاه...قفي مع نفسكِ لحظة صدق وقولي لها:
يا نفس.. كيف أنت مني غداً؟ وقد رأيتِ ركاب أهل الجنَّة يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم .
كيف بك وقد حيل بينك وبينهم، هل سينفع الندم؟
هل ستغني الحسرات؟ أم هل سينفع طلب الرجوع عند الممات؟
يا نفس.. أما نظرتِ واعتبرتِ بمَن هم تحت الثرى من أهل الدنيا؟ كيف كانوا، وكيف صاروا؟
كيف جمعوا كثيراً فصار جمعهم بوراً، وبنوا مشيداً فأصبح بنيانهم قبوراً, وأمَّلوا بعيداً فصار أملهم غروراً؟
ويحكِ يا نفس.. أما لكِ إليهم نظرة؟! أما لكِ بهم عبرة؟ أتظنين أنهم دُعوا إلى الآخرة، وأنتِ من المخلدين؟ هيهات.. هيهات ساء ما تتوهمين، ما أنت إلا في هدم عمرك منذ أن سقطت من بطن أمك، ويحك يا نفس.. تعرضين عن الآخرة وهي مقبلة عليك، وتقبلين على الدنيا وهي فارة معرضة عنك، فكم من مستقبل يوماً لا يستكمله، وكم من مؤمل لغدٍ لا يبلغهُ.
ويحك يا نفس.. ما أعظم جهلك! أما تعرفين أن بين يديك جنة أو نار، وأنت سائرة إلى إحداهما؟!
فما لك تمرحين وتفرحين وباللهو تنشغلين، وأنت مطلوبة لهذا الأمر الجسيم، فعساك اليوم أو غداً بالموت تختطفين.
يا نفس.. كيف بك إذا جاءتك السكرات، وبلغت الروح منكِ التراق؟
كيف وقد صار إلى الله المساق؟ يا لهف نفسي.. أم كيف بك إذا وقفت مع العباد يوم التلاق؟
ليتني أعرف بأي رجْلٍ سأخطو إليه إذا نوديت على رءوس الأشهاد؟
وبأي بدن سأقف بين يديه يوم التناد؟ وبأي لسان سأجيب عليه؟
ما حيلتي وقد حلّ القضاء، وكيف احتيالي إذا شهدت الأعضاء؟
من سيلهمني حُجتي؟ من سيدافع عني؟
قد تبرَّأ الأصحاب... فلا أصحاب. وتقطعت الأسباب... فلا أنساب.
الدنيا الغرَّارة قد ولَّت عني، والشيطان الرجيم تبرَّأ مني.
كيف لم أقم لله حساباً؟! ولم أخشَ له عقاباً؟!
من لي إذا حُجِبتُ في ذلك اليوم عن ربي؟ فلم يُزكِّيني، ولم ينظر إليَّ، ولم يُكلمني.




يا نفس .... انظري... واعتبري بمَن سكن القبور بعد القصور، واعلمي أن الفرصة واحـدة لا تتكرر، فإذا جاءت السكرة فلا رجعة ولا عودة، فأنتِ في دار المهلة فجاهدي قبـــل النقلة.


يا نفس.. هي جنة أو نار، فوز أو خَسار، نعيم أو جحيم، سعادة أو عذاب.
ويبقى هنا سؤال... هل انتهي بي الأمل؟ هل كُتِبَ عليَّ أن أجازى بسوء العمل؟
لا وربي. بل لا يزال في العمر فسحة. وباب التوبة مفتوح.
فدعيني يا نفس .. دعيني أمضي بما تبقَّى من إيماني، لعل الله أن يلحقني بأهل الجنَّة.
دعيني.. أُبادر اليوم بعدما فرَّطت في أمسي، دعيني قبل أن تغيب عن الدنيا شمسي.
دعيني .. دعيني .. فإنه لا ملجأ ولا منْجَى من الله إلا إليه.


لذلك أدعوك أختاه أن تتذكري .

أختاه... تذكري..!!
أن الله لم يخلقكِ عبثاً، ولم يترككِ سدى، بل إن الله خلقك لغاية جليلة... ألا وهي عبادته.
قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (الذاريات:56)

والله I أوجدنا في هذه الدار للاختبار، فبعد انقضاء الأعمار الكل سيقف بـين يديه، ليس بينه وبين الله حجاب، فيسأله عن الصغير والكبير، والنقير والقطمير.






أُختـــاه... تذكري أن الموت قادم
قال تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ }(آل عمران:185)، ولك أن تتخيلي أيتها الأخت الفاضلة أن ملك الموت قد دخل عليك الآن، وسينادي عليك ويقول: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ ...} (الفجر:27)
وأنتِ بين تلك الكربات تعانين من ألم النزع والسكرات، وتسألين نفسك: يا ترى بأي نداء سيُنادَى علي؟
هل سيقول: يا أيتها النفس المطمئنة اُخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان؟

أم سينادي ويقول: يا أيتها النفس الخبيثة اُخرجي إلى سخط من الله وغضب؟!
فإذا جاء النداء الأول: فذاك هو الفوز الذي لا فوز بعده، وتلك هي البشرى التي لا تدانيها الـدنيا بما عليها، وأما إذا جاء النداء الثاني: عياذاً بالله، فتلك هي الحسرة التي لا تدانيها حسرةفي هذه الدنيا، فأي الندائين تُحبين أن تسمعي؟

الأمر كما قال بعضهم:

الموت باب وكل الناس داخله

يا ليت شعري بعد الموت ما الدار؟

الــدار جنة خلد إن عملت








أُختـــاه... اختـاري لنفسك قبل ألا تستطيعي، فأمـامـك الفرصة والسوق مقامة (الدنيا)
ومعك رأس مالك (عمرك).
وكان يزيد الرقاشي يُحدِّث نفسه ويقول:
"ويحك يا يزيد من ذا الذي يصلي عنك بعد الموت؟ ومن ذا الذي يصوم عنك بعد الموت؟
من ذا الذي يترضَّى عنك ربك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس ألا تبكون وتنحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ من كان الموت مصرعه، والتراب مضجعه، والدود أنيسه، ومنكر ونكير جليسه، والقبر مقره، وبطن الأرض مستقره، والقيامة موعده، والجنَّة والنار مورده كيف يكون حاله؟
ثم يبكي حتى يسقط مغشيَّاً عليه.
أُختـــاه...تذكري لحظة دخولك القبر
عندما يأتيك ملكان فيسألانك: مَن ربك؟ وما دينك؟ وماذا تقولين في الرجل الذي بعث فيكم؟
فمَن عاشت في طاعة الله غير متبرجة بزينة، فتقول بلسان الواثق بوعد الله: "ربي الله، وديني الإسلام، ومحمد رسول الله"، فيفسح لها في قبرها مد البصر ويفتح لها باب من أبواب الجنَّة، ويأتيها من روحها ونعيمها. أما الأخرى العاصية المتبرجة والتي جعلت إِلاهَهَا هواها كما قال تعالى:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}(الجاثية:23) فيأتيها الملكان فيسألانها: من ربك؟ وما دينك؟ وماذا تقوليـن في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فلا يجدوا منها إجابة إلا قولها: هـا..ها..لا أدري، فتُضرَب بمطرقة من حديد لو ضُرِب بها جبلٌ لصار تراباً، وترى مكانها في الجنَّة، ثم يقال لها: هذا مكانك إن كنتِ أطعت الله، ثم يُصرف عنها ـ إنها حسرة تعمل في النفوس كما تعمل الديدان في الأجساد ـ ثم ترى مكانها في النار التي تنتظرها يوم الحساب، فتقول: رب لا تُقِم الساعة، رب لا تُقِم الساعة، ويُضيَّق عليها قبرها حتى تختلف أضلاعها، ويُفتَح لها باب من النار، فيأتيها من حرِّها وسمومهِا، وتتمنى أن لو رجعت إلى الدنيا فتصرخ بأعلى صوتها وتقول:
{رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ } (المؤمنون:99 ـ 100) تتمنى الرجوع لتتوب إلى الله وتلبس حجابها وتعبد ربها، لكن هيهات.. هيهات، فلا هي إلى دنياها عائدة، ولا في حسناتها زائدة، قُضِي الأمر، وانقضى العمر، وليس لها بعد الموت مستعتب، وليس لها بعد الدنيا إلا جنة أو نار
كما أخبر الحبيب المختارr، فقد أخرج البيهقي بسند فيه مقال أن النبي r قال:
"والذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب، ولا بعد الدنيا من دار إلا الجنَّة أو النار"
وصدق القائل حيث قال:


العين تبكي على الدنيا وقد علمت





أن السلامة فيها تـرك ما فيها





لا دار للمرء بعد الموت يسكنها





إلا التي كانت قبل الموت يبنيها





فإن بنـاها بخير طـاب مسكنه





وإن بنـاها بشرٍّ خــاب بانيها





فلا تركن إلى الدنيا وزخرفهـا





فإن الموت لا شك يفنينا ويفنيها






أُختـــاه...تذكري شدائد يوم القيامة
فكيف بك يا أمة الله إذا رُجَّت الأرض رجاً، وبُسَّت الجبال بساً، وشخصت الأبصار، وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً، وتقطَّعت الأسباب، وزفرت النار؛ فشَابَ الصغير، وصاح الكبير.. واندماه، وصرخ المفرط.. واخيبتاه، وأزفت الآزفة، وبلغت القلوب الحناجر، وتوالت المحن على العباد.
ما حالك عندها يا أمة الله؟ أين عدتك أيتها الغافلة؟ كم في كتابكِ من حسنات؟ وكم فيه من السيئات؟ هل تنفع الأزياء والموديلات؟ وهل تنفع الأغاني والمسلسلات؟ فتأملي هذا اليوم وكيف سيقف الناس في أرض المحشر خمسين ألف سنة حفاة فهو أعظم يوم تنكشف فيه العورات ومع ذلك يُؤمَن فيه من النظر والالتفات
فيا من أبيتِ إلا التعري... ستقفين عارية يوم القيامة كيوم ولدتك أمك، ومع ذلك لا يأبه بـــك
ولا يُلتفت إليك.
ويا من أطلقتَ عينَك لتنهش في أجساد وعورات النساء، ستقف بينهن يوم القيامة وهن عـاريات، ولكنك لا تستطيع النظر إليهنّ لأَنك ساعتها مشغول بنفسك، فالأمر خطير جد خطير.
)

أُختـــاه...تذكري وقوفكِ بين يدي الله الجليل
عندما يأتيك النداء أين فلانة بنت فلان؟ فيلقى الله في روعك أنك أنت المقصودة من بين الخلائق، فتقبلي على عرش الواحد الديان، يا له من موقف عصيب، نوَّه بخطورته الرسول الحبيب r
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث عدي بن حاتم t أنه قال: قال رسول الله r:
"ما منكم من أحد إلا وسيكلِّمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلاّ النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة ولو بكلمة طيبة ".
أُختـــاه...هلا تذكرتي هذا الموقف، عندما يُنَـادَى عليكِ باسمكِ من بين الخلائق للحسـاب
أين فلانة بنت فلان؟ هلمي للعرض على الله U فتَثِبِي على قدميك ترتعد فرائصُكِ وتضطرب جوارحك، متغير لونكِ، فزعة مرعوبة من الوقوف بين يدي الله الواحد القهار للسؤال والحساب، فبأي لسان تجيبينه حين يسألكِ عن قبيح فعلك، وعظيم جُرْمك ؟
وبأي قدم ستقفين غداً بين يديه؟ وبأي عين تنظرين إليه؟ وبأي قلب تتحملين كلامه العظيم الجليل ومساءلته إياك؟ يوم يقول لك: يا أَمَتِي جسمك لماذا عريتيه؟ ولماذا لم تستريه؟ لماذا لم تتقيني فيه؟ والشباب لماذا فتنتيه؟ أما أجللتيني؟ أما استحييت مني؟ فما قولك عندها يا أمة الله؟
ولنعلم جميعاً أننا سنقف هذا الموقف المهيب بين يدي رب العالمين، ويسألنا على الصغير والكبير: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفي مِنكُمْ خَافِيَةٌ }(الحاقة:18)
فمَن علم أنه موقوف؛ فليعلم أنه مسئول، ومن علم أنه مسئول؛ فليعد للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، وهذه اللحظة آتية لا ريب فيها؛ فلنسْتعد لها من الآن.

أُختـــاه... تذكري يوم تشهد عليك الجوارح والأركان

نعم. سينطق كل شيء يوم القيامة بإذن من الله تعالى، حتى هذه الأرض التي تمشي عليها المتبرجة المتعطرة ستُحدِّث أخبارها وتشهد عليها.
فقد أخرج الترمذي من حديث أبي هريرة t أنه قال:
"قرأ النبي r هذه الآية: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا}(الزلزلة:4) قال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبدٍ وأَمَةٍ بما عمل على ظهرها، أن تقول: عملت كذا وكذا في يوم كذا وكذا، فهذه أخبارها".
فاتقِِ الله أختاه في هذه الجوارح التي ستشهد عليك يوم القيامة, وإذا أردت فعل معصية فابحثي عن أرض لا تشهد عليكِ. وأَنَّى لكِ هذا؟!
أُختـــاه...تذكري تطاير الصحف
والناس في هذا المشهد صنفان لا ثالث لهما، صنف يأخذ صحيفته بيمينه، فيصرخ بأعلى صوته وهو يجري في أرض المحشر، ويقول:{...هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ{19} إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ{20} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{21} فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} (الحاقة:19 ـ 22) تنادي عليه الملائكة وعلى أمثاله من أهل الجنَّة، وتقول: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (الحاقة:24)
الصنف الآخر – نسأل الله ألاّ نكون منهم – يأخذ صحيفته بشماله، أو من وراء ظهره فيصرخ بأعلى صوته في حسرة شديدة، ويقول:{يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيهْ{25} وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيهْ{26} يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ{27} مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ} (الحاقة:25 ـ 29) فيأمر الله الملائكة، ويقول لهم:{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ{30} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} (الحاقة:30ـ 31)
يقول القرطبي ـ رحمه الله ـ: فيبتدره مائة ألف ملك، ثم تجمع يده إلى عنقه، فذلك قوله:
{... فَغُلُّوهُ{30} ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ}أي: أدخلوه النار العظيمة المتأججة لِيَصْلَى حـرها
{ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ} (الحاقة:32) أي: ثم أدخلوه في سلسلة طولها سبعون ذراعاً، تدخل من دبره، وتخرج من حلقه، ثم يجمع بين ناصيته وقدمه، ثم يلقى في جهنم هكذا مكبلاً مغلولاً . نعوذ بالله من الخُذلان ومن حر النيران، ونسأله السكنى في أعلى الجنان.
أُختـــاه... تذكــــري المـيـزان
قال تعالى:{فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{102} وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ
فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}(المؤمنون: 102ـ 103)
وقال تعالى:{فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ{6} فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ{7} وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ{8}
فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ{9} وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ{10} نَارٌ حَامِيَةٌ{11} (القارعة:6 ـ11)
يقول أنس t: "يُؤتَى بابن آدم يوم القيامة حتى يوقف بين كفتي الميزان ويوكل به ملك، فإن ثقل ميزانه نادى الملك بصوت يُسمِع الخلائق: سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً، وإن خف ميزانه نادى بصوت يُسمِع الخلائق: شقى فلان شقاوة لا يسعد بها أبداً، وعند خفة كفة الحسنات تقبل الزبانية وبأيديهم مقامع من حديد، عليهم ثياب من نار، فيأخذون نصيب النار إلى النار.

اللـهم ثـقِّـل مـوازيـنـنـا

أُختـــاه... تذكري مجيء جهنم
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث عبد الله بن مسعود t أنه قال: قال رسول الله r:
"يؤتى بجهنم لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها".
فيا له من مشهد مهيب تتفطَّر منه القلوب، فإذا جيء بجهنم زفرت زفرة فلا يبقى ملــك مقرب، ولا نبي مرسل إلا جثى على ركبتيه، والكل يقول: اللهم سلم سلم، والكل يقول: نفسي.. نفسي، حتى أن عيسى بن مريم u يقول من هول ذلك اليوم: "لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا اسأله مريم التي ولدتني"
(تفسير ابن كثير)
يقول الحق تبارك وتعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً{21} وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً{22} وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى{23} يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} (الفجر:21ـ 24)
تأملي معي هذه الحسرة الشديدة لكل من فرَّط في طاعة الله Uإذا رأى جهنم فإنه يصرخ، ويقول:{يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي}(الفجر:24) كلمة يقولها كل من فرَّط في الصلاة، وكل من عقَّ والديه، وكل من ظلم العباد، وتقولها كل من تركت حجابها، وخرجت سافرة متبرجة ناسية قول الله U:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً
رَّحِيماً} (الأحزاب: 59)
أُختـــاه...تذكري أنها النار التي أُوقِد عليها ألف عام حتى احمرَّت، وألف عام حتى ابيضَّت، وألف عام حتى اسوَّدت، فهي الآن سوداء مظلمة !! لو أُلقي حجر فيها لظل يهوى سبعين خريفاً، حتى ينتهي إلى قعرها، فاتقوا النار فإن حرَّها شديد، ومقامعها حديد، وقعرها بعيد.

أُختـــاه... تذكري أن نعيم الدنيا كله لا يساوي غمسة في جهنم.
فقد أخرج مسلم من حديث أنس t قال: قال رسول الله r:
" يُؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيُصبغ في النار صبغة، ثم يقول: هل رأيت خيراً قط؟ هل مرَّ بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ويُؤتى بأشد الناس بؤساً في الدنيا من أهـــل الجنَّة، فيُصبغ صبغة في الجنَّة، فيُقال له يا ابن آدم: هل رأيت بؤساً قط؟ هل مرَّ بك شدة قط؟ فيقول: لا والله ما مرَّ بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط".
فواعجبا لمن سمعتْ هذا الكلام، وما زالت مصرة على العصيان، والبعد عن الواحد الدَّيان.
أُختـــاه... اعلميأنك ستموتين وحدك، وستحشرين وحدك، ستبعثين وحدك، وستحاسبين وحدك، واعلمي لو أن أهل الأرض جميعاً أطاعوا الله وعصيتِ أنتِ، فلن تنفعك طاعتهم، واعلمي لو أن أهل الأرض جميعاً عصوا الله وأطعتِ أنتِ، فلن تضرك معصيتهم، أُختــاه... ذنبك.. ذنبك إنما هو دمك ولحمك، فإن سلمت من ذنبك سلم لك دمك ولحمك، وإن تكن الأخرى فإنما هي نارٌ لا تُطفأ، وجسم لا يبلى، ونفس لا تموت.
أُختـــاه... تذكري قوله تعالى:
{ أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }(فصلت:40)

اعتذار:
أُختاه... أعتذرُ إن كان في كلامي تخويف أو تعنيف، لكن ما أردت بهذا إلا الإصلاح والخير لكِِ
فقد قيل للحسن البصري ـ رحمه الله ـ:
يا أبا سعيد كيف نصنع؟ نجالس أقواماً يُخوِّفُوننا حتى تكاد قلوبنا تطير، فقال: والله إنك إن تخالط أقواماً يُخوِّفُونك ثم تدرك أمناً خير لك من أن تصاحب أقواماً يُؤمِّنُونَك ثم تدرك خوفاً.

أُختـــاه... تأملي حال أهل النار، وقد قاسوا من دواهي القيامة ما قاسوا، وقد شُدَّت أقدامهم إلى النواصي، واسودَّت وجوههم من ظلمة المعاصي، وهم في النار ينادون من أكنافها، ويصيحون في نواحيها وأطرافها: يا مالك قد حق علينا الوعيد، يا مالك قد أثقلنا الحديد، يا مالك قد نضجت منا الجلود: يا مالك أخرجنا منها فإنا لا نعود، فيقول لهم: إنكم ماكثون فاخسأوا فيها ولا تكلمون، فعندئذٍ يقنطون، وعلى ما فرطوا في جنب الله يتأسفون، يوم لا ينفعهم الأسف، ولا يغني عنهم الندم، بل يُكبُّون على وجـوههم مغلولين، طعـامهم نار، وشرابهم نار، ولباسهم نار،
ومهادهم نار. {لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ } (الأعراف:41)
يلقي عليهم الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام، فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغنى من جوع، طعام ذي غصة، فيقولون أين الشراب؟ نريد الشراب، فيغاثون بشراب من حميم، يرفع بكلاليب الحديد، فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم، فإذا دخل الشراب بطونهم قطَّع ما في بطونهم.
فيقولون: ادعوا خزنة جهنم، فيدعون خزنة جهنم، ويقولون لهم:
{ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ الْعَذَابِ{49} قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاء الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} (غافر:49 ـ50)، فيقولون: ادعوا مالكاً، فيدعون فيقولون:
{يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}فيجيبهم:{إِنَّكُم مَّاكِثُونَ} (الزخرف:77)
قال الأعمش: أُنْبئت أن بين دعائهم وبين إجابة مالك إياهم ألف عام، فيقولون: ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم، فيقولون: { رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ{106} رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} فيجيبهم: { اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}(المؤمنون: 106- 108)
فإلى مَن بعد ذلك سيذهبون وقد هانوا على رب العالمين؟، فيأخذون في الزفير والحسرة والعويل
قال داود: إلهي لا صبر لي على حر شمسك، فكيف صبري على حر نارك؟
وقال أحمد بن حرب: إن أحدنا يؤثر الظل على الشمس، ثم لا يؤثر الجنَّة على النار.
أُختـــاه..تأملي حال الذين ضلوا، وهم في النار يقولون للذين أضلوهم:{لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}
(سبأ:31)
يريدون أن يحمِّلوهم تبعة الإغواء الذي صار بهم إلى هذا البلاء. لكن ُفوجِئوا بهذا الرد المفجع من قبل هؤلاء المضلين، فيقولون لهم:{أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءكُم بَلْ كُنتُم مُّجْرِمِينَ}
(سبأ:32)
نعم. زيَّنا لكم الحرام لكننا لم نقهركم عليه، نعم. عرضنا عليكم الملابس الخليعة الماجنة ولكن لم نحملْكم على لبسها، بل أنتم الذين اشتريتموها ولبستموها، ويكثر الجدال والنِقاش بين التابعين والمتبوعين، لكن الجميع يدرك أن هذا الحوار البائس لا ينفع، فقد قُضِي الأمر، عندها ينتهي الجدال والحوار ويسكت الجميع، كما أخبر رب العالمين: {وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ}(سبأ:33)
هنا يقوم إبليس فيخطب فيهم خطبته الشيطانية القاسمة يصبُّها على أوليائه {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ..} إنها طعنة أليمة نافذة لا يملكون أن يردوها عليه، وقد قُضي الأمر وفات الأوان، ثم قال: {..وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}، ثم يؤنِّبهم على أن أطاعوه {.. فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(إبراهيم:22)
نفض يده منهم وهو الذي وعدهم ومنَّاهم ووسوس لهم، وأما الساعة فلا هُم يستطيعون أن يدفعوا عنه العذاب، ولا هو يستطيع أن يدفع عنهم العذاب.
فيا حسرة المقصرين... ويا حسرة العاصين، لذاتٌ تمر، وتبعات تبقى، تريدون نيل الشهوات والحصول في الآخرة على الدرجات، جمع الأضداد غير ممكن يا تراب، فدع الذي يفنى لما هو باقي، واحذر زلل قدمك وخف حلول ندمك، واغتنم شبابك قبل هرمك
جعلنا الله وإياكم من الرابحين السعداء، يوم يخسر المبطلون الأشقياء، ويتحسر المتحسرون التعساء، إن ربي وليُّ النعماء وكاشف الضر والبلاء.
أُختـــاه...أما آن لك اليوم أن تتبرأي من كل ناعق لك باسم الحرية والتمدن، ومتابعة الأزياء والموضات قبل أن يتبروا منك غداً، كما قال تعالي:{إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ {166} وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}(البقرة:166- 167)
أُختـــاه...رددي معي قوله تعالى:{... إِنِّيَ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {15}
مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ}(الأنعام: 15- 16)
أُختـــاه... تذكري الصراط وأهواله
فالناس بعد هذه الأهوال يساقون إلى الصراط، وهو جسر ممدود على متن النار، أحَدُّ من السيف وأدقُّ من الشعر، كما صح بذلك الخبر عن أبي سعيد الخدري t والحديث في صحيح مسلم
فمن استقام في هذا العالم على الصراط المستقيم؛ خف على صراط الآخرة ونجا، ومن عدل عن الاستقامة في الدنيا، تعثَّر وتردَّى، فتفكري أختاه الآن فيما يحل من الفزع بفؤادك إذا رأيت الصراط ودقته، ثم وقع بصرك على سواد جهنم من تحته، ثم قرع سمعك شهيق النار وتغيظها، وقد كلفت أن تمشي على الصراط مع ضعف حالك، واضطراب قلبك، وتزلزل قدمك، وثقل ظهرك بالأوزار المانعة لك عن المشي على بساط الأرض، فضلاً عن حدة الصراط، فكيف بك إذا وضعتِ عليه إحدى رجليك فأحسستِ بحدته وأضررت إلى أن ترفعي القدم الثانية؟ والخلائق بين يديك يزلون ويتعثرون، وآخرون يتخطفون بالخطاطيف وبالكلاليب، وتسمعي العويل والبكاء، وتنظرين إلى الذين ينتكسون على رءوسهم، وآخرين على وجوههم... فيا له من منظر فظيع!، ومرتقى ما أصعبه؟! تتلفتي يميناً وشمالاً إلى من حولك من الخلق وتديري فيهم بصرك وهم يتساقطون أمامك في جهنم، والنبي يقول: "اللهم سلم.. سلم". فتصوري لو زلت القدم..
فهل ينفع الندم ؟ كلا .{...يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى{23} يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي }
(الفجر: 23ـ24)
نسأل الله لنا ولكِ ولعامة المسلمين السلامة في الدنيا والآخرة، وأن يُثبِّتَ على الصراط أقدامنا، وأن يجلعنا ممَّن يمرون عليه كالطرف أو كالبرق أو كالرياح .... آمين
وأخيراً أُختـــاه...تذكري أنها جنة نعيمها مقيم، أو نار عذابها أليم.
وتذكري قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ }(الحشر:20)

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنَّة

أُختـــاه...أما آن لكِ أن ترجعي إلى الله تعالى بعدما علمت حقيقة وخطورة الأمر؟!
وانظري إلى قصة هذه المرأة البَغِي التي راودت الربيع بن خُثَيم عن نفسه، فتعرضت له في ساعة خلوة، وأبدت مفاتنها، فنظر إليها ثم صرخ في وجهها، وقال لها: يا أمَة الله. كيف بكِ لو نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين ؟ أم كيف بك يوم يسألكِ منكر ونكير؟
أم كيف بك يوم تقفين بين يدي الله الجليل؟ أم كيف بك إن لم تتوبي فتُلقَين في نار الجحيم؟
فلما ذكَّرها بالموت وما بعده من أهوال، وسؤال الملكين، والوقوف بين يدي الله الجليل؛ فرَّت هاربة، ورجعتْ إلى الله تعالى تائبة عابدة، تصوم من النهار ما تصوم، وتقوم من الليل ما تقوم، حتى أنها سميت بعابدة الكوفة. ـ حبل الوتين: الشريان المتصل بالقلب.
أُختـــاه...آه لو علمت علم اليقين ! آه لو اطَّلعتِ على الجنة لحظة، أو نالك من النار لفحة، أو تقلَّبتِ في ظلمات القبر ليلة؛ لتغيرت أحوالك
لو كشف الله تعالى الحجاب للناس لحظة؛ ليروا الجنة والنار رأْي العين، لأفنوا أعمارهم في عبادته لا يفترون، وفي مرضاته يتنافسون، لكن شاء الله أن يختبر عباده في إيمانهم بالغيب.
وقد رُوي في الحديث الذي أخرجه الطبراني في المعجم الكبير عن أبي مالك الأشعري t عن رسول الله r قال:
"إن الله تعالي يقول: ثلاث خلال غَيَّبْتُهُنَّ عن عبادي؛ لو رآهن رجلٌ ما عمل بسوء أبداً، لو كشفت غطائي فرآني حتى استقينَ، ويعلم كيف أفعل بخلقي إذا أتيتهم، وقبضت السموات بيدي، ثم قبضت الأرضين، ثم قلت: أنا المَلِك. من ذا الذي له المُلك دوني؟ وأوريهم الجنة، وما أعددت لهم فيها من كل خير فيستيقنوها، وأوريهم النار، وما أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوها، ولكن عمداً غيَّبْتُ ذلك عنهم؛ لأعلم كيف يعملون وقد بيًّنتُهُ لهم"
لكن للأسف غاب عنا اليقين، فكان ما كان. رضينا من الدين بالكلام
وُعِِد الإنسان منا بالجنَّة فنام، ورُهِّب بالنار لكن هو منها في جراءة وإقحام، كحال بعض النساء اليوم، يعلمن أن التبرج حرام ومآله النار وغضب الجبار، ومع ذلك يتبرجن! فما لنا أيقنَّا بالموت ولا نرى له مستعداً؟! وأيقنا بالجنة ولا نرى لها عاملاً؟! وأيقنا بالنار ولا نرى لها خائفاً؟!

فيا أيتها الأخت المسلمة...
قد علمتِ أن الموت مصير كل حي سوى الله تعالى، وأنك ستصلين يوماٌ إلى اليوم الأخير في حياتك، صبح ليس بعده مساءٌ، أو مساءٌ ليس يليه صبحٌ، وتبدأ تلك السلسلة الرهيبة من الأحداث العظام التي تقدَّم ذكْرها، والتي تبدأ بالموت وهو بوابة الدار الآخرة، وما ينتظر المرء بعد موته إلا جنة نعيمها مقيم، أو نار عذابها أليم، فماذا يجب عليك أن تفعلي؟! أتركُ لكِ الإجابة، وأسأل الله أن يلهمك إياها.

لذا أقول لك: أختاه لا أرضى لكِ



1- أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن تكوني ملعونة:
فقد أخرج الطبراني في المعجم الصغير أن النبي r قال:"سيكون في آخر أُمتِي نساء كاسيات عاريات على رءوسهن كأسنمة البخت، الْعنُوهُنَّ، فإنهن ملعونات"
(صححه الألباني في كتابه "حجاب المرأة المسلمة صـ56")
ـ البخت: نوع من الإبل ـ اللعن: هو الطرد من رحمة الله
قال ابن عبد البر كما في "تنوير الحالك 3/103": أراد النبي rالنساء اللاتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فَهُنَّ كاسيات بالاسم عاريات في الحقيقة. أهـ

2 - أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن تكوني من المنافقات:
فقد أخرج البيهقي بسند صحيح عن أبي أذينة الصدفي t أن رسول الله r قال:
" خير نسائكم الودود، الولود، المواتية، المواسية إذا اتقيْنَ الله، وشر نسائكم المتبرجات، المتخيلات وهن المنافقات، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم " (السلسلة الصحيحة: 632، 1849)
ـ الغراب الأعصم: وهو أحمر المنقار والرجلين، وهو كناية عن قلة من يدخل من هؤلاء النسوة الجنة.

3- أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن تكوني من المجاهرات بالمعصية:
فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي r قال:"كل آمتي معافى إلا المجاهرين"
وهل هناك مجاهرة أشد من خروج الفتاة أو المرأة متبرجة عارية تبارز الله بالمعصية.
يا أيتها الأخت الفاضلة...
هلا تدبرتِ قول النبي r الثابت في صحيح مسلم:" إماطة الأذى عن الطريق صدقة"
فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق من شُعَبِ الإيمان التي أمر بها رسول الله r، فأيهما أشد أذى؟! شوكة أو حجر في الطريق، أم فتنة تفسد القلوب، وتعصف بالعقول، وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا؟
اعلمي أُختـــاه...أن ما من شابٍ يبتلى منك اليوم بفتنة تصرفه عن ذكر الله، وتصده عن صراطه المستقيم، كان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها، إلا أعقبك الله منها غداً نكالاً من لدنه عظيم، فبادري أختاه إلى التوبة ولبس الحجاب؛ صيانة لكِ وللشباب.
4- أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن تكوني سلاحاً وأداة هدمٍ يستخدمه أعداء الإسلام لهدم الإسلام:
أتعجب من استجابتك لدعاة التبرج والسفور، وإعراضك عن الرب الغفور، فأنتِ اليوم تواجهين حرباً شعواء ماكرة، يشنها أعداء الإسلام؛ بغرض الوصول إليك، وإخراجك من حصنك الحصين.
قال أحدهم: كأس وغانية تفعلان بالأمة المحمدية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات.
وقال غلادستون: لا يستقيم حال الشرق ما لم يُرفَع الحجاب عن وجه المرأة، ويُغطَّى به القرآن.
وتقول آنَّا مليجان: ليس هناك طريقة لهدم الإسلام أقصر مسافة من خروج المرأة المسلمة سافرة متبرجة.
وقال أحد دُعاة التقدم: إن الإيمان في القلوب، لا في ستر الوجه والجيوب.
وقال آخر: ارفـعي عنك الحجاب


أو مـا كفاك به احتجـابا





واستقبلي عهد السفور





اليوم واطرحي عنك النقابا





عهد الحجاب لقد تباعد





يـومـه عنـا وغـابـا




فيا أُختـــاه... أفيقي ولا تنخدعي بهذه الشعارات البراقة، وسارعي إلى مغفرة من ربك وجنَّة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، واقتحمي حصن الشيطان الرجيم وانسفيه بالذكر الحكيم، وارتدي الحجاب طاعة لرب العالمين، وتذكري دوماً قوله تعالى:
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} (الأحزاب:36)
واعلمي أُختـاه أن اليهود يعلمون يقيناً قوة هذا السلاح الذي يحاربون به ألا وهو فتنة النساء، إنه سلاح فتَّاك يفتك بشباب الأمة؛ لأنهم ذاقوا مرارة هذا السلاح، ووقعوا في هذه الفتنة من قبل
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري tأن الحبيب النبي r قال:
" فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء، فإنَّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء"
فأخذ أعداء الإسلام وعلماء الضلالة الذين تربُّوا على أعين الغرب ينادون بتحرير المرأة، وبخلع الحجاب والدعوة إلى التبرج والسفور باسم الحرية والتقدم.

وقالوا كلاماً لا يسُر عن الحجاب:


قـالـوا خيـاماً عُلقت فوق الرقاب





قـالـوا ظـلاماً حـالكاً بين الثيـاب





قـالـوا التأخر والتخلف في النقـاب





قـالـوا الرشـاقة والتطور في غياب





نـادوا بتحرير الفتاة وألَّفوا فيه كتاب





رسموا طريق للتبرج لا يُضيِّعه الشباب





يا أختنا هم ساقطون إلى الحضيض من التراب





يا أختنا هم سـافلون بغيِّهم مثل الكلاب





يا أختنا هذا عِواء الحاقدين من الذئـاب





يا أختنا صبراً تذوب ببحره كل الصعاب





يا أختنا أنت العفيفة والمصونة بالحجاب





يا أختنا فيكي العزيمة والنزاهة والشباب





فالنار مثوى الظـالمين هي لهم عقـاب





والله يـكشف ظـلمهم يـوم الحسـاب





والجنة المـأوى لمن لبست حجـابهـا





ويـا حـسـن الــمـــــــآب





اللهم حجب نساءنا، وارزقنا وإياهن الجنة... آمين


ولقد حذرنا النبي rمن اتِّباع طريق أعداء الدين والاستجابة لدعوتهم، وبيَّن أنه سيكون من أمَّتِهِ من يحذو حذوهم، ويتبع هديهم، فقال r:
"لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضبٍّ لاتبعتموهم، قيل: اليهود والنصارى؟ قال: فمَن" أي: مَن غيرهم
فوقع بعض من نسائنا فيما حذَّر منه النبي r، فنبذن كلام ربهن وراء ظهرهن، وقلن: سمعنا وعصينا، ثم انطلقن وراء مَن قضوا على عفتهن وحررهن من عقيدتهن وخلقهن
فهؤلاء نذكِّرهُنَّ بقوله تعالى:{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } (النساء:115)
وأوصيك أُختـــاه...بما وصَّى به محمد بن علي الترمذي حيث قال:
اجعل مراقبتك لمن لا تغيب عن نظره طرفة عين، واجعل شكرك لمن لا تنقطع نِعَمُه عنك، واجعل طاعتك لمن لا تستغني عنه، واجعل خضوعك لمن لا تخرج عن ملكه وسلطانه.



5- أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى:
قال تعالى:{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } (الأحزاب: 33)
ومعنى الآية كما جاء في تفسير السعدي ـ رحمه الله ـ:
لا تكثرن الخروج متبرجات متجملات، أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية الأولى، اللاتي لا علم عندهن ولا دين.
وانظري كيف قَرَن النبي r التبرُّج بالشرك والزنا والسرقة... وغيرها من المحرمات التي تغضب رب الأرض والسماوات.
فقد أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما – قال:
"جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله r تبايعه على الإسلام، فقال: أبايعك على ألا تشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديكِ ورجليكِ، ولا تنوحي ولا تتبرَّجي تبرج الجاهلية الأولى".
ولا تظُنِّي أيتها الأخت الكريمة أن تبرج الجاهلية الأولى هو خروج النساء عرايا كما تخرج نساؤنا اليوم، أو يلبسن القصير، أو الشفاف، بل جاء في وصف تبرج الجاهلية الأولى ستة أقوال كما ذكر ابن الجوزى ـ رحمه الله ـ في زاد المسير:
القول الأول: أن المرأة كانت تخرج فتمشي بين الرجال فهو التبرج. (قاله مجاهد)
القول الثاني: أنها مشية فيها تكسر وتغنج. (قاله قتادة)
القول الثالث: أنه التبختر. (قاله ابن أبي نجيج)
القول الرابع: أن امرأة منهن كانت تتخذ الدرع من اللؤلؤ فتلبسه ثم تمشي وسط الطريق ليس عليها غيره، وذلك في زمن ابراهيم u . (قاله الكلبي)
القول الخامس: أنها كانت تُلقي الخمار عن رأسها ولا تشده، فيرى قرطها وقلائدها. (قاله قتادة)
القول السادس: أنها كانت تلبس الثياب ولا توارى كل الجسد.(قاله الفرَّاء)
وزاد القرطبي ـ رحمه الله ـ فقال:
"إن المقصود بتبرج الجاهلية الأولى هو الخروج من البيت من غير ضرورة".
فالناظر في هذه الأقوال جميعاً يجد أن المرأة قديماً لم تصل إلى ما وصلت إليه المرأة اليوم من التبرج والسفور. بل كانت المرأة قديماً مهما بلغت من الفجور لا تتبرج بل تستر نفسها.
وانظري أختــاه لهذا الحديث والذي لا يحتاج إلى تعليق
ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة tأن النبي r قال:
" غُفر لإمرأة مومسة مرت بكلب ـ على رأس رَكْي ـ يلهث كاد يقتله العطش، فنزعت خفَّها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغُفِر لها بذلك"

6- أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن يَثْقُلَ ميزان سيئاتك:
لأن التبرج يجعل عدَّادَ السيئات في حركة مستمرة كعداد الكهرباء، لا يتوقف إلا إذا دخلت المرأة لبيتها أو لبست حجابها. فصوني أيتها الشريفة المؤمنة جسدك الطاهر من اعتداء الأعين الباغية، وحصِّنِيه بالاحتشام لتذودي عنه السهام الباغية، فليست الشريفة الطاهرة مَن تسمح لرجل أن يتمتع ببدنها وأن يلامسه؛ بل الطاهرة هي التي لا تسمح لعين أن تقع على جسدها الطاهر.
أخرج البخاري بسنده أن النبي r قال:
"رُب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة".
ومعنى ذلك أن تكون المرأة كاسية في الدنيا لغناها وكثرة ثيابها، وعارية في الآخرة من الثواب؛ لعدم العمل الصالح في الدنيا، أو تكون المرأة كاسية بالثياب، ولكنها ثياب شفافة أو ضيقة أو قصيرة لا تستر عورتها، فتعاقب في الآخرة بالعُري جزاءً وفاقاً.
فاحذري أُختـــاه... وبادري بستر جسدك في الدنيا، حتى يسترك الله في الآخرة.
وقـفــة:
جاءت فتاة متبرجة إلى شيخ ترجو منه أن يعظ الشباب أن يكفوا أعينهم ونظراتهم المسمومة نحو الفتيات، فقال لها الشيخ: أرأيت لو كان عندك إناء مكشوف فيه لحم وتحوم الكلاب حوله، ماذا تفعلين؟ قالت: أهش الكلاب وأدفعهم جهدي، فقال لها: وإن عادوا؟ فقالت: أدفعهم أيضاً، فقال لها: هذا سيطول عليك ولكن الحل بسيط، وهو أن تُغطِّي هذا اللحم المكشوف؛ فينصرفوا عنه ولا يستطيعون الوصول إليه... أَفَهِمتي؟.



7- أُختـــاه...لا أرضى لكِ بأن تكوني ممَّن رضي بهذه الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون:
فإياك أختاه أن تكوني ممَّن رضي بهذه الدنيا واطمأن إليها، وقد عاتب الله تعالى هذا الصنف فقال:{ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } (التوبة: 38)
والنبي r يبين لنا مدى نعيم الدنيا (والتي يحرص الناس عليها) بالنسبة لنعيم الآخرة (والتي يغفل الناس عنها) فقال فيما يرويه الإمام مسلم:
"ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع".
ـ اليم: البحر
فلو وضع إنسان منا إصبعه في البحر ثم نزعه فإنه سيتعلق به قطرة أو قطرتين، فهذه القطرات هي متاع الدنيا، وهذا البحر الواسع الشاسع هو متاع الآخرة.
فلا تكوني أختاه ممن رضي بهذه القطرات، وترك هذا اليم، لا تكوني ممَّن رضي بهذه الحياة الفانية، وترك هذا النعيم السرمدي المقيم، والله Uيُبيِّن لنا أن منَّا مَن سيرْضى ويُؤثِر هذا النعيم الزائل على النعيم السرمدي الأبدي (نعيم الجنَّة)، فاحذر أن تكون من هذا الصنف.
فقال تعالى:{ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا{16} وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (الأعلى:16 ـ17)
وقال تعالى:{ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ{20} وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} (القيامة:20 ـ21)
وقال تعالى: {مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ}(آل عمران: 152)
وقال تعالى:{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ{1} حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} (التكاثر:1 ـ2)
أي شغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها، وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر وصرتم من أهلها. (مختصر تفسير ابن كثير)
وما نراه اليوم من زنا وخنا وفجور، وتبرج وسفور، إلا نتيجة طبيعية لحب الدنيا، والركون إليها. وصدق عيسي u حيث قال:" حب الدنيا رأس كل خطيئة"



والنبيrبيَّن لنا أن العيش الحقيقي يكون في الجنة.
فكان النبي r يقول كما عند البخاري: "اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة".
ولزهده في الدنيا كان ينام على الحصير حتى أثَّر في جنبه الشريف، فقيل له: لو اتخذنا لك وطاء؟ فقال: مالي وللدنيا، ما أنا في الدنيا إلا كراكب أستظل تحت شجرة ثم راح وتركها" (الترمذي).
فشبه الرسول الدنيا بالظل الذي سرعان ما يزول، أو سنزول نحن عنه
ولذلك كان النبي rيقول لابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ كما في الصحيح:
"كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ".



أيـا عبدُ كَـمْ يـراك الله عاصياً





حريصاً على الدنيا وللموت ناسياً





أنسيت لقـاء الله واللحد والثـرى





ويوماً عبوساً تشيب فيه النواصي





لو أن المرء لم يبلس ثياباً من التقى





تجرد عريـاناً ولو كان كاسياً





لـو أن الـدنـيا تـدوم لأهـلهـا





لكـان رسول الله حياً وبـاقياً



ولكـنهـا تفـنى ويـفنى نعيمها


وتبقى الذنوب والمعاصي كما هي




أُختـــاه...يقول النبي r:
" الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالما أو متعلماً"(الترمذي)
ـ ملعونة: مبغوضة ساقطة.
ـ ما ولاه: قاربه من الطاعة الموصلة لمرضاة الله تعالى.
وإنها:"لا تساوي عند الله جناح بعوضة" كما أخبر بذلك النبي r (والحديث عند الترمذي)
فلا تغترِّي أختاه بالدنيا، ولا يغيب عنكِ قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ{5} إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (فاطر:5ـ6)


فيا أيتها الدرة المصونة... لا تعظِّمي ما حقَّر الله، ولا ترفعي ما أوضعه.
واعلمي... أن الدنيا إلى الجنَّة أو النار طريق، والليالي متجر الإنسان، والأيام سوق، فمن لم يزرع اليوم، تأوَّه نادماً يوم الحصاد.
واعلمي... أن تبرُّجَكِ علامة على إعراض الله عنك.
فقد أخرج الإمام أحمد من حديث محمود بن لبيد t أن النبي r قال:
"إن الله إذا أحب عبداً حماه من الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه من الطعام والشراب تخافون عليه ".


فلا تركني إلـى الـدنيـا وزخرفها





فالمـــوت لا شك يفنينا ويفنيها





واعملي لدارٍ غداً رضـوان خازنهـا





والجـار أحمــد والرحمن ناشيها





قصورها ذهـب والمـسـك طينتهـا





والزعفران حشــيش نابـت فيها





أنهارها لبـن مصـفى ومــن عسل





والخمر يجري رحيقاً في مجاريها





والطير تجري على الأغصان عاكفـة





تسبـح لله جهـراً فـي مغانيهـا





فمن يشتري الدار في الفردوس يَعْمُرها





بركعةٍ في ظـلام اللـيل يُحييهـا





أُختـــاه...إذا أردت أن تعرفي أدنى أهل الجنة منزلة فاقرئي هذه الأحاديث
حديث أخرجه الإمام مسلم عن المغيرة بن شعبة tأن النبي r قال:
" سأل موسي u ربه: ما أدنى أهل الجنة منزلة؟، فقال رب العزة: هو رجل يجيء بعدما أُدخل أهل الجنةِ الجنةَ، فيقال له: أدخل الجنة، فيقول: رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟، فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلْكِ مَلِك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب، فيقول له: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة: رضيت رب، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك، فيقول: رضيت رب، قال موسى u: رب فأعلاهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم ترعين ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر"


فانظرى أُختـــاه...بين من تتقلب في السعادة الموهومة، مهما بلغت من مال أو شهرة أو جاه أو منصب، وبين أدنى أهل الجنة منزلة؛ لتعلمى أين السعادة الحقيقة، فأكثر الناس يعرضون عن الله Uويظنون أن السعادة المفقودة والغاية المنشودة هي في طلب المال أو الشهرة أو التبرج أو الشهوات أو الوصول إلى المناصب وأعلى الشهادات، فتضيع الأعمار النفسية في طلب الأغراض الخسيسة، والشهوات الدنيوية، واللذات الدنية، ولا يجدون إلا الهمّ والغمّ والحزن والضنك، فالسعادة الحقيقية هي في طاعة رب البرية، فالقلوب لا تصل إلى مُناها حتى تتصل بمولاها، وصدق ربنا U حيث قال: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {123}وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه: 123- 124)
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ كما في "الداء والدواء":
فإن الله I رتب المعيشة الضنك على الإعراض عن ذكره، فالمُعرض عنه له من ضنك المعيشة بحسب إعراضه وإن تَنَعَّم في الدنيا بأنواع النعم، ففي قلبه من الوحشة والذل والحسرات التي تقطع القلوب، والأماني الباطلة والعذاب الحاضر. أهـ

8- أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن تطيلي الأمل فتسيئي العمل:
فالله تعالى حذرنا أن نكون من هؤلاء الذين أطالوا الأمل فأساءوا العمل.
قال تعالى:{ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلْهِهِمُ الأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }(الحجر:3)، أي: دعهم يعيشوا كالأنعام ولا يهتمون بغير الطعام والشراب، ويشغلهم طول الأمل عن الاستقامة والأخذ بطاعة الله؛ لأنه بسبب طول الأمل تقل الطاعة، وتتأخر التوبة، وتكثر المعصية، ويشتد الحرص ويقسو القلب وتَعْظُم الغفلة.
ولذلك كان النبي r يخاف علينا طول الأمل فقال فيما يرويه الحاكم:
"إن أخوف ما أخاف على أمتي الهوى وطول الأمل:فأما الهوى فيضل عن الحق، وأما الأمل فينسي الآخرة " (والصحيح أن هذا الحديث موقوف على عليٍّ بن أبي طالب t)
وصدق القائل حيث قال:


يا من بدُنياه اشتغل





وغرَّه طـول الأمل





وقد مضى في غفلة





حتى دنـا منه الأجل





المـوت يأتي بغتة





والقبر صندوق العمل




فلابد أن تعلمي:أن الدنيا مهما طالت فهي قصيرة، ومهما عظمت فهي حقيرة، وأن الليل مهما طال فلابد من طلوع الفجر، وأن العمر مهما طال فلابد من دخول القبر
ولابد أن تعلمي أيضاً أن طول الأمل له سببان:أحدهما الجهل، والآخر حب الدنيا
أما حب الدنيا: فهو أنه إذا أنِس الإنسان بها وبشهواتها ولذاتها وعلائقها ثقل على قلبه مفارقتها، وكل من كره شيئاً دفعه عن نفسه، والإنسان مشغوفاً بالأماني الباطلة، فيُمنِّى نفسه أبداً بما يوافق مراده، وإنما يوافق مراده البقاء في الدنيا، فلا يزال يتوهمه ويقدره في نفسه، ويقدِّر توابع البقاء وما يحتاج إليه من مال وأهل ودار وأصدقاء ودواب وسائر أسباب الدنيا، فيصير قلبه عاكفاً على هذا الفكر موقوفاً عليه، فيلهو عن ذكر الموت، فلا يقدر قربه، فإن خطر له في بعض الأحوال قربه والحاجة إلى الاستعداد له سَوَّف ووَعَدَ نفسه، وقال: الأيام بين يديك إلى أن تكبر ثم تتوب، وإذا كبر يقول: إلى أن أصير شيخاً، فإذا صار شيخاً قال: إلى أن تفرغ من بناء هذه الدار وعمارة هذه الضيعة، أو ترجع من هذا السفر، فلا يزال يُسوِّف ويؤخِّر، ولا يخوض في شغل إلا ويتعلق بإتمام ذلك الشغل عشرة أشغال أُخَر، وهكذا على التدريج إلى أن تخطفه المنية في وقت لا يحتسبه فتطول عند ذلك حسرته.
كما قال يحيى بن معاذ الرازي ـ رحمه الله ـ:
"الدنيا خمر الشيطان، من سكِر منها لم يفِق إلا في عسكر الموت نادماً مع الخاسرين " وأكثر أهل النار وصياحهم من سوف، والمُسوِّف المسكين لا يدري أن الذي يدعوه إلى التسويف اليوم هو معه غداً.
وأما الجهل: فهو أن الإنسان قد يعول على شبابه، فيستبعد قرب الموت مع الشباب، وليس يتفكر المسكين أن مشايخ بلده لو عُدوا لكانوا أفراداً قلائل، وإنما قلوا لأن الموت في الشباب أكثر، فإلى أن يموت شيخ يموت ألف صبي وشاب، ولو تفكر هذا الغافل وعلم أن الموت ليس له وقت من شباب وشيب وكهولة، ومن صيف وشتاء، ومن ليل ونهار لعظم به استشعاره واشتغل بالاستعداد له، وهو أبداً يظن إن شيَّع جنازة ولا يقدر أن تشيع جنازته؛ لأن هذا قد تكرَّر عليه وأَلِفَه وهو مشاهد موت غيره، فأما موت نفسه فلم يألفه، فسبيله أن يقيس نفسه بغيره أنه لابد وأن تُحمل جنازته ويُدفن في قبره، ولعل اللبِن الذي يغطى به لحده قد ضُرب وفُرغ منه وهو لا يدري، ولعل أكفـانه قد نُسِجت وهو لا يدري، فتسويفه جـهـل محض وإذا عرفـت أن سبب طول الأمل هو الجهل وحب الدنيا، فعلاجه دفع سببه.
أما حُب الدنيا فالعلاج: في إخراجها من القلب، وهذا شديد، وهو الداء العضال الذي أعيا الأولين والآخرين، ولا علاج له إلا الإيمان باليوم الآخر، وبما فيه من عظيم العقاب وجزيل الثواب، ومهما حصل له اليقين بذلك ارتحل عن قلبه حب الدنيا، فإن حب الخطير هو الذي يمحو عن القلب حب الحقير.
وأما علاج الجهل: فلينظر الإنسان كل ساعة في أطرافه وأعضائه، وليتدبر أنها كيف ستأكلها الديدان لا محالة، وكيف تتفتَّت عظامها، فما من شيء من لحمه وشحمه إلا وهو طعمة للدود، وما من شيء من عظامه إلا وسيبلى، ويعلم أن عينيه اللتين ينظر بهما إلى ما أحل الله وما حرم سوف يأكلها الدود، وسوف يأكل الدود لسانه الذي يتكلم به، وأن مفاصله التي كان يتحرك بها سوف تذهب أربطتها وتتناثر عظامها.
فيا مغرور بطول الأمل، يا مسرور بسوء العمل، كن من الموت على وجل، فما تدرى متى يهجم الأجل، كما قال القائل:


كل امرئ مصبح في أهله





والموت أدنى من شراك نعله




وقال آخر:


أؤمل أن أُخلَّـد والمنـايـا





تدور علي من كل النواحى





وما أدرى وإن أمسيت يوماً





لعلِّي لا أعيش إلى الصباح





فاحذري أُختـــاه... من السين وسوف فإنهما من أكبر جنود إبليس، فلا تقولي: سأتحجب، أو سوف أتحجب، أو سأصلي ولكن يجب عليك المبادرة، فالموت يأتي فجأة.


فلا ترجي فعل الخير إلى غد





لعلَّ غداً يأتي وأنت فقيدة




واعلمي أختاه ... أن كل يوم يمر عليك يقرِّبُكِ إلى أجلك، ويبعدكِ عن أملك.
كما قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ:
ياابن آدم.. اعلم أنك أيام معدودة، كلما مرَّ يوم؛ مرَّ جزء منك.
وقال بعضهم: ياابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك.
وقال آخر:


إنـا لنفـرح بالأيـام نقطعهـا





وكل يوم مضى يُدني من الأجل





فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً





فإنما الربح والخسران في العمل




وقال آخر:


نسـير إلى الآجال في كل لحظة





وأيـامنا تطـوى وهن مراحل





فارحل من الدنيا بزاد من التقي





فعــمرك أياماً وهـن قلائل




قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ:
اغتنم يرحمك الله حياتك النفيسة، واحتفظ بأوقاتك العزيزة، واعلم أن مدة حياتك محدودة وأنفاسك معدودة، فكل نفس ينقص به جزء منك، والعمر كله قصير والباقي منه هو اليسير، وكل نفس جوهرة نفيسة لا عدل لها ولا خلف منها، فإن بهذه الحياة اليسيرة خلود الأبد في النعيم المقيم أو العذاب الأليم، فلا تضع جواهر عمرك بغير عمل، وتذهبها بغير عوض، واجتهد ألا يخلو نفس من أنفاسك إلا في عمل طاعة، أو قربة تتقرب بها إلى الله، فإنه لو كان معك جوهرة من جواهر الدنيا لساءك ذهابها، فكيف تفرط في ساعاتك وأوقاتك؟ وكيف لا تحزن على عمرك الذاهب بغير عوض؟ أهـ
أُختـــاه... انظري إلى قول النبي r كما عند الترمذي:
" من قال: سبحان الله العظيم وبحمده؛ غُرِست له نخله في الجنَّة".
فأي مجهود بذلتيه؟ وأي وقت استغرقتيه وأنت تقولي هذا الكلام؟
فكم ضيَّعنا من نخيل؟ وكم ضيَّعنا من أوقات؟
فالمبادرة ... المبادرة أختاه، فعند دخول القبر يتمنى الإنسان الرجوع إلى الدنيا ليقول: "سبحان الله، أو الحمد الله"، أو يركع بين يدي الله ركعة ليزيد في حسناته، أو يمحو من سيئاته، ولكن هيهات... هيهات، رُفِعت الأقلام وجفَّت الصحف، فلا هو في حسناته زائد ولا إلى دنياه عائد.
وقد جاء في الحديث الذي أخرجه أبو نعيم عن أبي هريرة t قال:
" مر النبي r على قبر دُفِن حديثاً، فقال: ركعتان خفيفتان مما تُحقِّرون وتنفلُون يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم " (صحيح الجامع: 3518)
فهذا الميت يتمنى أن لو خرج من قبره ليُصلِّي ركعتين مما نترك نحن، فاحمدي الله أختاه، واصطلحي مع الله...فأنتِ في أمنية كثير من الأموات.
وأوصيك بما أوصى به النبي r هذا الرجل، حيث قال له كما عند الحاكم في "المستدرك":"اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحَّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك "
ألستِ معي أختاه أن الأمر خطير ويحتاج إلى وقفة؟!
9- أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن تنخلعي من حيائك:
فان الحياء بالنسبة للفتاة كالسياج الذي يكون سبباً في عصمة المرأة وصيانتها، وفعل ما يجملهــا ويزينها واجتناب ما يدنسها ويشينها، والحياء يكسب المرأة بهاء وجلالاً وجمالاً، فعندما تتبرج المـــرأة تفقد حياءها ويقل إيمانها.
لأن النبي r يقول كما في صحيح مسلم من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ:
"الحياء من الإيمان".
وفي مستدرك الحاكم بسند صحيح عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي r قال:" إن الحياء والإيمان قُرنا جميعاًً، فإذا رُفع أحدهما رُفع الآخر "
فتجد أن المرأة الحيية هي التي تستر نفسها، وكلما قل حياؤها كلما تكشِف أكثر من جسدها، وكلما زاد الحياء زاد الستر.
ولله در القائل:


لعمرك مـا في العيش خير





ولا في الدنيا إذا ذهـب الحياء





يعيش المرء ما استحيا بخير





ويبقى العـود ما بقي اللحـاء




أيتها الفتيات: نَزْع الحياء من القلب عقوبة من الله تعالى
قال مالك بن دينار: ما عاقب الله تعالى قلباً بأشد من أن يسلب منه الحياء.
وهذا التبرج والسفور والعري دليل على نزع الحياء من القلب، وهذه عقوبة من الله تعالي.

نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة .

جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن معاوية بن حيدة tقال:
قلت: يا رسول الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك، قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض، قال: إن استطعت ألا يَرَينَّها أحدُ فلا يَرَينَّها ، قلت: يا رسول الله، إذا كان أحدنا خالياً، قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس"
وفي رواية ـ: "الله أحق أن يُستَحْيا منه"

يا الله ... النبي r يأمرنا بستر العورة في الخلوة حياءً من الله ([1])
وهناك من النساء من تكشف عورتها، لا أقول عندما تكون بمفردها، ولكن أمام أعين الناس ... فأين الحياء من الله؟!!
جاء في كتاب " مكارم الأخلاق " لابن أبي الدنيا صـ 20:
إن الصدِّيقtخطب الناس فقال:
"أيها الناس استحيوا من الله، فوالله ما خرجت لحاجة منذ بايعت رسول الله rـ أريد الغائط ـ إلا وأنا مُقنع رأسي حياءً من الله"
ويقول الحسن البصري ـ رحمه الله ـ عن عثمان وحيائه:
"إنه ليكون في البيت والباب عليه مُغلق، فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء، يمنعه الحياء أن يقيم صلبه".
بل انظري أختــاه... إلي هذه المرأة السوداء، إنها امرأة من أهل الجنة، ما حالها؟
تعالي لنرى قصتها:ففي صحيح البخـاري ومسلم عن عطـاء بن رباح عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ فقلت: بلى، فقال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي r فقالت: إنى أُصرع وإنى أتكشَّف، فادع الله تعالى لي، فقال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله تعالى أن يعافيك، فقالت: أصبر، ثم قالت: إنى أتكشَّف فادع الله تعالى لى ألا أتكشف فدعا لها ".
سبحان الله... ! هذه المرأة بشَّرها النبي r بالجنة لكن لم تُنْسها هذه البشارة أمراً آخر وهو في غاية الخطورة، وهي أنها تخاف أن يظهر شيء من جسدها وهي تُصرع، وهذا عذر، فهي تصبر على المرض وآلامه، ولكنها لا تصبر على التكشُّف، فما بال اللاتي يكشفن عن أجسادهن بلا مرض ولا صرع ولا علة "


اللهم اهد نساء المسلمين...،



أختاه... اقرئي هذا الحديث وعِيه جيداً، وانظري أين أنت منه؟
أخرج الترمذي وأبو داود عن ابن عمرـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله r:"من جرَّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟، قال: يرخينه شبراً، قالت: إذاً تتكشَّف أقدامهن، قال: يرخين ذراعاً ولا يزدن عليه".
يا سبحان الله ! الرسول يقول لأم سلمة يرخينه شبراً، ولكنها تقول إن النساء لا تطيق هذا؛ لأن أقدامهن ستَتَكشَّفُ عند المشي، فلم ترضَ أن يُرْخى الثوب شبراً، ولكن فتيات هذا الزمان رضين بهذا الشبر، ولكنه ليس شبراً يجرجر في الأرض، ولكنه شبراً فوق الركبتين.


لحد الركبـتيـن تشمِّرينا





بربك أي نهر تعبرينـا





كأن الثوب ظل في صباح





يزيد تقلصاً حينـاً فحيناً





تظنين الرجـال بلا شعور





أم لأنك ربما لا تشعرينا




بل انظري أُختـــاه... إلى حياء عائشة ـ رضي الله عنها ـ وهو حياء يعجز القلم عن كتـابته ويعجز اللسان عن وصفه
فقد أخرج الحـاكم في المستدرك عن أم المؤمنين عـائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:" كنت أدخل البيت الذي دُفن فيه رسول الله rوأبي t واضعة ثوبي، وأقول إنما هو زوجى وأبي، فلما دُفن عمر tوالله ما دخلت إلا مشدودة عليّ ثيابي حياءً من عمر t "
يا الله ! تستحي عائشة ـ رضي الله عنها ـ من عمر t وهو تحت التراب.
وهذا الحديث لا يحتاج إلى تعليق، فهذا حياء يعجز القلم أن يكتب عنه شيئاً، ويعجز اللسان عن وصفه، لكن هي رسالة إلى المتبرجات اللاتي يكشفن عوراتهن أمام الرجال الأجانب، لعل هذا الكلام يؤثر في هذا القلب الخامد فيتحرك، فتستحي من الله فتستر نفسها، وتلبس حجابها، وتحافظ وتحمى نفسها من أعين الذئاب التي تنهش في جسدها، وهذا شأن كل ما هو نفيس وغالى، فإنه يُستر عن أعين الناس.


وقـفـة:
أُختــاه... علمتي فيما سبق أن التعرِّي دليل على عدم الحياء، أزيدك علماً وأقول لك:
إن التعري سُنَّة إبليسيَّة، فإن قصة آدم وحواء مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله إبليس على كشف السوءات، وهتك الأستار أو إشاعة الفاحشة، وأن التهتك والتبرج هدف أساسي له
قال تعالي: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ } (الأعراف:27)
فإبليس إذن هو مؤسس دعوة التبرج والتكشف، وهو إمام كل من أطاعه في معصية الرحمن، خاصة هؤلاء المتبرجات اللائي يؤذين المسلمين ويفتن شبابهم، فالشيطان يؤز النساء أزَّاً إلى التعري، والتبرج، والسفور، وهُنَّ يستجبْن له استجابة عمياء، معرضين عن شرع رب الأرض والسماء.
وأزيدك علماً أختاه وأقول لكِ: إن التبرج علامة على فساد الفطرة
لأن فطرة الإنسان تميل دوماً وأبداً إلى الستر، كما قال ربنا Uعن آدم وزوجه:
{فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ } (الأعراف: 22)
فالحجاب مؤشر على سلامة الفطرة وقوة الإيمان، التي كلما زادت زاد حاجة المرأة إلى ستر بدنها والعكس بالعكس، فالتبرج والتعرِّي والتكشف هو فطرة حيوانية تتنافى مع أصحاب الفطر السليمة.






10ـ أُختـــاه...لا أرضى لكِ أن تكوني من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا:
فإن المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان، فهو يتعمد إخراج المرأة من خدرها بارزة عن مفاتنها أمام الأجانب، ولا عجب في ذلك فهي سهمه الذي يصيب به فلا يخطئ، فيصيب به الشباب في مقتل، فتكون هذه المتبرجة سبب لفتنته وإغوائه وصرفه عن عبادة ربه.
ولذا قال ربنا I:
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ } (النور:19)
ولَكَمْ سمعنا عن فواحش قد اُرتُكِبت، ونساء قد اُغْتُصبت، ومحارم قد انتُهِكت بسبب تبرج النساء.








 


رد مع اقتباس
قديم 2011-09-15, 11:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2011-09-15, 11:07   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
NEWFEL..
عضو فضي
 
الصورة الرمزية NEWFEL..
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أختاه, الجنة, تريدين

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc