الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا وبعد اخواني لقد اخترت لكم موقف تاريخي من مواقف الصحابة الطاهرين وهذا الموقف دار ما بين النجاشي والصحابي الجليل جعفر ابن ابي طالب رضي الله عنه وأرضاه وفيه ما يثلج قلب المؤمن و ما يعطي المسلم الصورة الحقيقة التي يجب ان يكون عليها كل مسلم يدعوا الى دين الله على بصيرة وفهم دقيق لتعاليم الاسلام ومنهاجه القويم ....
بعض مواقف جعفر بن أبي طالب مع التابعين :
مع النجاشي :
حينما هاجر المسلمون إلى الحبشة وعلم كفار مكة بذلك، قاموا على الفور بإرسال وفد قرشيٍّ إلى الحبشة، محمَّلاً بالهدايا إلى النجاشي ليردَّ لهم المسلمين، وأخبر الوفد القرشي النجاشي أن هؤلاء المسلمين غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاءوا بدينٍ مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم. ولكن النجاشي الملك العادل أراد أن يسمع الطرف الآخر (المسلمين)؛ كي يحكم بينهم، فأرسل إليهم فحضروا، وكان المتحدث عن المسلمين جعفر بن أبي طالب t، فدار هذا الحوار:
النجاشي: ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني ولا في دين أحد من هذه الأمم؟
جعفـر: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نحن نعبد وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور، وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا؛ خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا ألاَّ نظلم عندك أيها الملك.
النجاشي: هل معك مما جاء به عن الله من شيء؟
جعفـر: نعم. وقرأ عليه صدرًا من كهيعص (سورة مريم).
فبكى النجاشي حتى أَخْضَلَ لحيته وبكت أساقفته حين سمعوا ما تلا عليهم. ثم قال النجاشي: إن هذا والله والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فوالله لا أسلمهم إليكم أبدًا، ولا أكاد.
وأسلم النجاشي سرًّا؛ خوفًا على نفسه، وحفاظًا على ملكه، وعلى المسلمين من التقتيل والترويع والإخراج.
اللهم ارزفنا الثبات حتى الممات آمين ......