الحمد لله والصلاه والسلام على رسول الله
اما بعد
الاخوة الافاضل والاخوات الفضليات
تعالوا نشاهد بقلوبنا كيف كان قيامهم
قيام أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه )
صديق الأمة وخليفة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحبه في الغار ، وفضله في الإسلام معلوم لا ينكره إلا جاحد ، تواترت بذلك الأخبار ، وشهدت بذلك الآثار .
روى البخاري ـ رحمه الله ـ بإسناده عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : ( خرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مرضه الذي مات فيه عاصبٌ رأسه بخرقةٍ فقعد على المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إنه ليس من الناس أحدٌ أَمَنَّ علىَّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ، ولو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتَّخذتُ أبا بكر خليلاًً ولكن خُلَّة الإسلام أفضلُ سُدُّوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر) .
هكذا كانت منزلة أبي بكر في قلب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ، وله في قلب كل مسلم سُني حب جارف وود وارف .
فإذا سألت عن صلاة أبي بكر وقيامه ، فدونك أخبار هذا الولي الصادق تشع فيض إخبات وإنابة ، وصدق وعبادة .
فلقد كان رضي الله عنه رجلاً بكاءً غزير الدمعة ، قريب العَبْرة ، وهذا شأن المحب ، لا راحة له في الدنيا، إن أحس َّ الحجاب بكى على البعد ، وإن فتح باب القرب خاف الطرد .
فيبكي إن نأوا شوقاُ إليهم ويبكي إن دنوا خوف الفراق
وهذه عائشة بنت الصديق أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ تحكي عن أبيها ، وتقول : ( بدا لأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رجلاً بكاءً لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن) … [رواه البخاري].
إنها رقة أبي بكر التي أعطته منزلة ( أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ) كما قال ـ صلى الله عليه وسلم [رواه الترمذي]
ولما مرض النبي ـ صلى الله عليه وسلم قال : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، وكانت عائشة تعرف أباها فقالت : إن أبا بكر رجل أسيف [ أي : شديد الحزن رقيق القلب ] إن يقم مقامك يبكي فلا يقدر على القراءة فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : ( مروا أبا بكر فليصل بالناس ) [رواه البخاري ]
هكذا كان أبو بكر ـ رضي الله عنه مع الصلاة ومع القرآن رأساً في العبادة والتأله والزهد والتنسّثك .
صدق المرسَـل إيماناً بـه ولحا في الله من كان كقرْ
ثـم بالغـار لـه منقبــة خصه الله بها دون البشرْ
(ثاني اثنين) وقول المصطفى معنا الله فلا تُبدي الحذَرْ
رضي الله عن أبي بكر الصديق فقد طار والله بعنائها ، وفاز بحبائها ، وذهب بفضائلها ، فكيف يدرك حاله وعبادته ؟!
منقول
يتبع باذن الله
--------------------------------------------------------------------------------
قيام الفاروق عمر رضي الله عنه
القانتون المخبتون لــربهـم الناطقون بأصدق الأقـوال
يحيون ليلهم بطاعة ربهــم بتلاوة ، وتضرع، وسؤال
وعيونهم تجري بفيض دموعهم مثل انهمال الـوابل الهطَّال
في الليل رهبان، وعند جهادهم لعدوهـم من أشجع الأبطال
و إذا بدا علم الرِّهان رأيتهـم يتسابقون بصالح الأعمـال
بوجوههم أثر السجود لربهـم وبها أشعة نـوره المتلالي
مهما سطر القلم وخطّ المداد ، ومهما أوتينا من لسان وفصاحةٍ فلن نوفِّيَ أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حقهم وصدق الله تعالى إذ يقول : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ … (التوبة: من الآية100) .
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( والذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحدٍ ذهباً ما أنفق مدَّ أحدهم ولا نصيفه ) . رواه البخاري ومسلم
وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )
أخرجه الحاكم في المستدرك والترمذي في سننه وصححه الألباني في صحيح الجامع
وقال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ( إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ) .
نعم ، كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً ، فكم فيهم من أوَّاهٍ تالي … بل كلهم أواه متهجد تالي … كل فرد منهم نسيج وحده في التهجد والعبادة … وما المتهجد فيمن بعدهم إلا كاللاعب .
وهاهو عمر بن الخطاب فاروق الإسلام آية وحده في العبادة والتنسك
قال الحسن: " تزوج عثمان بن أبي العاص امرأة من نساء عمر بن الخطاب، فقال: والله ما نكحتها رغبةً في مال ولا ولد، ولكني أحببت أن تخبرني عن ليل عمر فسألتها، فقلت: كيف كانت صلاة عمر بالليل ؟! قالت كان يصلى العشاء ثم يأمرنا أن نضع عند رأسه تَوراً فيه ماء فيتعارَّ (يتقلب) من الليل فيضع يده في الماء فيمسح وجهه ويديه ثم يذكر الله عز وجل حتى يُغفى، ثم يتعارَّ حتى تأتي الساعة التي يقوم فيها.
وقال لمعاوية بن خديج وقد دخل عليه في وقت الظهيرة فظنه قائلاً[أي نائماً]: قال: بئس ما قلت، أو بئس ما ظننت، لئن نمت بالنهار لأضيعن الرعية، ولئن نمت بالليل لأضيعن نفسي فكيف بالنوم مع هذين يا معاوية ؟!
ولذا كان ينعس وهو قاعد فقيل له: ألا تنام يا أمير المؤمنين ؟! فيقول: كيف أنام ؟! إن نمت الليل ضيعت حظي مع الله.
لله درك يا فاروق الإسلام خفقات برأسك فقط ولا تركن إلى الفراش.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: " وكان يصلى بالناس العشاء ثم يدخل بيته فلا يزال يصلى إلى الفجر ".
وقال أسلم مولى عمر رضي الله عنه: " قدم المدينة رِفقة من تجار، فنزلوا المصلى فقال عمر لعبد الرحمن بن عوف: هل لك أن نحرسهم الليلة ؟ قال: نعم، فباتا يحرسانهم ويصليان "
وعن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يصلي من الليل ما شاء الله حتى إذا كان من آخر الليل أيقظ أهله للصلاة يقول لهم: " الصلاة الصلاة " ثم يتلو هذه الآية: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾(طـه:132).
وورد عن عمر رضى الله عنه أنه قال: " لولا ثلاث لما أحببت البقاء، لولا أن أحمل على جياد الخيل في سبيل الله، ومكابدة الليل ومجالسة أقوام ينتقون أطيب الكلام كما ينتقى أطايب التمر ".
رضى الله عنك يا فاروق الإسلام ……… كان في وجهه خطان أسودان مثل الشراك من البكاء وكان يمر بالآية من ورده فيبكى حتى يسقط ويبقى في البيت حتى يُعَاد للمرض.
نعم …… فمن يجارى أبا حفص وسيرتَه … أو من يحاول للفاروق تشبيها
" صدقت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها لما قالت: إذا شئتم أن يطيب المجلس فعليكم بذكر عمر بن الخطاب "
ولما توفي عمر رضى الله عنه قال على بن أبي طالب رضى الله عنه: " ما خَلَّفتُ أحداً أحبُّ أن ألقى الله بمثل عمله منك يا عمر ".
وبعدُ يا داعية الإسلام:
إن من جَدَّ وجد وليس من سهر كمن رقد.
وهاهي أعلام القيام منشورة، ورايات الصلاة والصيام مرفوعة، فاقصُد ساحاتها، واغش باحاتها
هيا يا أخي ... أغلق باب الراحة، وافتح باب الجهد
أغلق باب النوم، وافتح باب السهر
هيا إلى صحبة الساهرين مع النجوم، الآنفين من الهجود
وليكن نشيدك:
صبراً على لأوائها والموعد الله.
يتبع ان شاء ربى
--------------------------------------------------------------------------------
قيام عثمان بن عفان (رضي الله عنه)
أمير المؤمنين وثالث الخلفاء الراشدين ، وأحد السابقين الأولين ، صاحب الهجرتين ، وزوج الابنتين ، الملقب بذي النورين ـ رضي الله عنه ـ صدق فيه قول القائل:
ولا عيب في أخلاقه غير أنها فرائـد در مالهـا من نظـائـر
يُقرُّ لها بالفضل كل منـازع إذا قيل يوم الجمع هل من مفاخر
وأعمال عثمان في الإسلام لا يحصرها العد وليس لها حد
إلا أن عبادته كانت مضرب المثل ـ رضي الله عنه ـ وفيه قال حسان بن ثابت شاعر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :
ضَحَّوا بأشمط عُنوان السجود به يُقطِّع الليل تسبيحاً وقرآناً
قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله : وقد روى من غير وجه أنه صلى بالقرآن العظيم في ركعة واحدة عند الحجر الأسود أيام الحج ، وقد كان هذا من دأبه ـ رضي الله عنه ـ ولهذا روينا عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال في قوله تعالى { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ } … (الزمر: من الآية9) قال : هو عثمان بن عفان .
فمن يطيق ما كان يطيقه هذا الولي العابد …… يصلي بالقرآن كله في ركعة واحدة ؟! فسبحان من يؤتي الفضل لمن يشاء ، وهو ذو الفضل العظيم .
قال محمد بن سيرين : قالت امرأة عثمان حين قتل : " لقد قتلتموه ، وإنه ليحيي الليل كله بالقرآن في ركعة ".
ولا عجب أن مات مقتولاً فقد بشره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالشهادة حينما اهتز جبل أحد وكان عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبو بكر وعمر وعثمان فقال عليه الصلاة والسلام : ( اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) رواه البخاري والترمذي وغيرهما
فهنيئاً بالشهادة لك يا عثمان ، وسحقاً لمن ظلم نفسه بسفك دمك ، وعند الله تجتمع الخصوم .
وكيف تكون الخصومة مع رجل يقوم الليل كله ، يصلي لله تعالى ، فرضي الله عن الإمام الشهيد ( المبشر بالجنة ) الذي كانت الملائكة تستحي منه .
رضي الله عن عثمان بن عفان ،،
يتبع ان شاء الله مع أكثر من 50 شخصية من أعلام الزهد و الورع