السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله اما بعد,
إخواني - أخواتي
أكرمنا الله عز وجل بهذا الدين العظيم الذي قال عنه في سورة المائدة: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }.
وقد أمرنا الله عز وجل أن ندعوا إلى هذا الدين العظيم فقال في سورة فصلت: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }.
لا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الأجر فهم يطلبون الأجر من الله كما قال الله عز وجل في سورة هود: { يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } وكما قال الله عز وجل في سورة الشعراء: { وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ } .
- ولا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الشهرة فلا بد للدعوة من الإخلاص لله، كما قال الله في سورة الزمر: { فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ . أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } .
ولا ينبغي أن يتطلع الدعاة الصادقون إلى الشكر والثناء من الناس كما قال الله عز وجل في سورة الإنسان: { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً . إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً }.
ولكن إذا شكرهم الناس بدون تطلع إلى ذلك فلا بأس، كما في صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويحمده الناس عليه؟ قال: « تلك عاجل بشرى المؤمن » رواه مسلم.
- وليحذر الدعاة الصادقون من الألفاظ الحديثة على الدعوة والتي تفسد القلوب وتكون مدخلا للشيطان إلى النفوس والعياذ بالله مثل (مشاهير الدعاة) (نجم الدعاة) (أفضل الدعاة) (كوكب الدعاة) (محبوب الجماهير) إلى آخر هذه الألفاظ التي "تنفخ" النفس البشرية خاصة إذا كانت الذات متورمة أصلا.
- مصيبة هذه الألفاظ أنها تؤدي بالداعي إلى الكبر والغطرسة والتعالي على الدعوة وعلى الدعاة وفي تصرفاته الشخصية.
أولا: على الدعوة:
1- فلا يستدل الداعي المفتون بالشهرة والنجومية بالأدلة والبراهين الشرعية التي تؤكد دعوته معتمدا على شهرته ونجوميته والله تعالى يقول في سورة الفرقان: { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً } ويقول في سورة ق: { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }.
2- تمييع الأحكام والقضايا الإسلامية حتى يحافظ على شهرته ونجوميته لدرجة أن أحد الدعاة ميع قضية التعدد قائلا لمن راجعه في هذا الأمر "معلش، متنساش إن 90% من الذين يستمعون إليّ من النساء".
3- التساهل في أحكام الإسلام كعدم غض البصر والجلوس أمام المذيعات والكلام بطرقة معينة حتى يحافظ على نجوميته وشهرته.
4- عدم التعرض للقضايا الهامة والبعد عن ما يغضب الحكام الظلمة والطغاه والمجرمين بعدم الكلام عن ظلمهم وإجرامهم حتى يحافظ على نجوميته ولو أدى ذلك إلى تضليل الناس وتفهيمهم الإسلام فهما خاطئا مثل من يقول لا للسياسة متجاهلا أن الإسلام دين ودولة وأنه منهج حياة، كما قال الله تعالى في سورة الأنعام: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ }، وفي سورة البقرة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً } أي التزموا بالإسلام كله وقد ذكر الله عز وجل فرعون الملعون (كمثال للحاكم الظالم) 74 مرة في 29 سورة في القرآن.
ثانيا: على الدعاة:
1- فلا يتصل بإخوانه الدعاة إلى الله مثله ويستفيد من خبرتهم وأفكارهم وعلمهم فهو يرى أنه يتفضل عليهم بشهرته ونجوميته.
2- لا يستجيب لنصائح إخوانه الدعاة إذا نصحوه وحذروه، فهو يري نفسه أكبر من النصيحة والنبي صلي الله عليه وسلم يقول: « الدين النصيحة ».
3- لا يحترم إخوانه الذين سبقوه في الدعوة ولا يعترف بأقدميتهم في العلم والخبرة والله يقول في سورة الحشر: { وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }.
ثالثا: في تصرفاتة الشخصية:
الاشتراط على المدعوين عندما توجه إليه دعوة أن يكون الحجز له في الدرجة الأولى في الطائرة وفي جناح في الفندق وليس حجرة وأن يكون الدفع بالدولار حتى وصل الأمر بأحدهم أن يشترط التحرك داخل البلد بسيارة من طراز معين. فهو يري أنه لابد أن يتميز بهذه الشكليات والمظاهر الكاذبة ورحم الله الإمام حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عندما سئل "أنت ليه بتركب درجة ثالثة" قال: "علشان مفيش درجة رابعة". وما ذنب من لا يملك المال أن يحرم من العلم.
أنا لا أعيب أن يكون الداعي إلى الله مكرما وأن تطير به طائرة خاصة فلسنا كدعاة أقل من الذي أخذ طائرة أبيه وطار بها إلى أمريكا مثلا أو أننا أقل ممن يركبون درجة أولى، أو يقيمون في أجنحة في أفخم الفنادق فنحن مكرمون أكرم تكريم من الله بالعلم الشرعي والدعوة في سبيله، ولكن أعيب على الدعاة أن تكون هذه المظاهر شروطا للدعوة فلا ينبغي أن ننسي أننا كدعاة نجاهد في ميدان الدعوة ولكن هناك من إخواننا من يجاهدون في ميادين القتال وساحات الوغى في فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرهم، فهم أولى بالأموال التي تصرف على هذه المظاهر.
ورحم الله سيدنا عمر بن الخطاب عندما ذهب ليتسلم مفاتيح القدس وخاض في مخاضة الماء فعاب عليه سيدنا أبو عبيدة بن الجراح ذلك فرد عليه سيدنا عمر قائلا: "إنا كنا أذل قوم فاعزنا الله بالإسلام فلا نبتغي العزة في سواه".
أخيرا أذكر نفسي وإخواني الدعاة:
1- بتقوى الله في السر والعلانية.
2- تقوى الله في الألفاظ التي تخرج من ألسنتنا للناس.
3- عدم التعالي والتكبر على الناس.
4- إننا محاسبون اشد الحساب عما نقدمه للناس باسم الإسلام.
5- إن أناسا في الجنة يطلبون من الله أن يريهم الذين كانوا سببا في هدايتهم وأدخولهم الجنة فيجدونهم والعياذ بالله في جهنم.
6- لا نغتر بالكثرة التي تسمعنا فلن ينفعنا في الآخرة إلا عملنا الصالح وليس شهرتنا.
7- إن الناس سيعلقون في رقابنا أي تضليل أو تمييع للقضايا الشرعية لأن الدعوة أمانة وتضليل الناس خيانة.
8- إننا كدعاة مهما كرمنا في هذه الدنيا فان تكريم الله لنا أكبر وأعظم ومن تواضع لله رفعه الله.
9- إننا إذا أخطأنا علانية فلابد أن نعتذر ونرجع عن الخطأ علانية ولا نصر على الخطأ بدعوى أن الاعتذار ينقص من شهرتنا.
أسأل الله أن يبصرنا بعيوبنا وأن يقينا شر أنفسنا اللهم آمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.