مموزين حب نبت في الارض واينع في السماء - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > خيمة الأدب والأُدباء

خيمة الأدب والأُدباء مجالس أدبيّة خاصّة بجواهر اللّغة العربيّة قديما وحديثا / مساحة للاستمتاع الأدبيّ.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مموزين حب نبت في الارض واينع في السماء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-02-09, 20:49   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
fatizer
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي مموزين حب نبت في الارض واينع في السماء

الاهداء :

إلى كل قلب كتب عليه أن يتجرع الحب علقماولا يذوقه رحيقا
وأن يحترق في ناره ولا يقطف مرة من ثماره
أقدم هذه القصة
عسى أن يجد فيها بردا من العزاء والسلوى


محمد سعيد رمضان البوطي

حياة أحمد خاني :



صاغ أحداث هذه القصة شعرا , شاعر كردي كبير هوأحمد خاني, وهو واحد من علماء الأكراد الذين برعوا في علومالفقه والفلسفة والتصوف والأدب . وكان من آثاره ديوان شعر باللغة الكردية دون فيهأحداث هذه القصة .
في مدينة بيازيد ,التي أخذت مكانها على صدر منطقة هكاريبكردستان تركيا . المضطجعة في أحضان الجبال الشاهقة , والمتزينة بأبهى حلة منالسندس والياسمين , وبأشجار الصنوبر والسنديان , أضافت الحياة الى قائمة المشردينطفلا آخر , مشردا جديدا زاد في صفوف الفقراء الجائعين , هو أحمد خاني . نعم .. ولدأحمد جائعا , عاريا كغيره من أبناء الفقراء , حتى ان أحدا لم يبالي به فيدون يوممولده , مما أدى الى اختلاف كبير من قبل من جاء بعده في تحديد ذلك اليوم الذي شهدتشمسه ولادة طفل غير عادي , سوف يغدو شاعرا كبيرا , وعبقريا فذا وصوتا من أصوات الحقينادي بحرية شعبه . ولكن ما اتفق عليه المؤرخون هو 1650 م .
كغيره من أبناءعصره , تلقى خاني علومه الإبتدائية في الكتاتيب والجوامع , على أيدي شيوخ زمانه , ثم في المدارس التي كانت متوفرة أنذآك في المدن الكبيرة, مثل تبريز وبدليس , حيثظهرت فيه علائم النبوغ مبكرة , وهو لم يتجاوز الربيع الرابع عشر من عمره . وسعياوراء المزيد من العلم , زار مدنا كثيرة , وتجول فيها , وأقام في مرابعها ردحا منالزمن , مثل الآستانة-استانبول- ودمشق . كما زار مصر أيضا , فاطلع على علوم عصره . وتلقفها فجمع بين الأدب ولا سيما الشعر , وبين الفقه والتصوف , فذاعت شهرته مقرونةبالثقافة الواسعة والمعرفة العميقة في الأمور الأدبية والفلسفية والدينية .
فيهذه الفترة من التاريخ كانت كردستان ملعبا من ملاعب الصراع بين الدولة العثمانية , والدولة الصفوية , اللتين قسمتاها بينهما إثر معركة جالديران الشهيرة 1514 م , وراحت كل منهما تحاول أن تضم اليها الإمارات الكردية . فكانت الدماء الكردية تراقمدرارا على الرغم من انه لم يكن للأكراد في كل ذلك أي شأن وطني أو إنساني , بل كانتالخسارة تحصدهم من الطرفين في كلتا الحالتين . وكان خاني يتأمل هذا الوضع المترديويقلبه على كل اوجهه , عسى أن يجد فيه بعضا مما يستحق أن تراق , من أجل الوصول إليه , هذه الدماء , ولكن أنى له ذلك !! ليس في كل ذلك شيئ مما يخص الأكراد في أمورحياتهم , بل عليهم الطامة , وضياع البلاد , ولعل ذلك الواقع المر , بل ولادته فيخضمه , ثم تأمله فيه وتفاعله معه وإنفعاله به كان من أهم عوامل تكوينه الفكري .
كانت اللغات العربية والتركية والفارسية بالإضافة الى اللغة الكردية هي اللغاتالسائدة في المنطقة . فإنكب خاني عليها جميعا , وغرف من معينها إلى أن أتقنها كلها . ثم التفت للأطفال , فجسد حبه لهم من خلال تعليمهم وتلقينهم مبادئ اللغتين الكرديةوالعربية , فوضع قاموسه الكردي - العربي , الذي خصهم به , حتى انه أسماه ( الربيعالجديد للصغار ) وراح يفتح المدارس , ويتطوع للتعليم فيها بنفسه دون مقابل مجسدابذلك حبه للعلم .
وعلى الرغم من تمكنه من اللغات العربية والفارسية والتركية , تراه قد آثر أن يكتب مؤلفاته باللغة الكردية , ليؤكد بذلك مساهمة الأكراد في بناءالحضارة الإنسانية . فخلف من بعده أروع ما كتب في الأدب الكردي . مبدعا الشعرالقصصي في هذا الأدب وذلك من خلال ( ممي آلان ) و (ممو زين ) ديوانه الذائع الصيتالآن في الشرق والغرب , والمنتشر بين الآداب العالمية .
ويبدو أن المدينة التيانجبته قد استاثرت به طيلة حياته , ولم تستغن عنه إلا لبعض الوقت وآثرت أن يوارى فيثراها , فاختطفته يد المنون وتوفي - رحمه الله - في مدينة بيازيد مسقط راسه سنة 1708 م .



إن لبطلي هذه القصة المؤثرة قبرين معرفين في جزيرة ابنعمر . وقد أقيم عليهما , فيما بعد , مدرسة كبيرة لطلاب العلوم الشرعية . والقبرانجاثمان هناك لكل من يريد رؤية الحب الذي نبت في الأرض , وأينع في السماء .

في محراب الإلهام



تعال ايها الساقي فاملأ هذا الجام خمرا ... املأه من تلكالخمرة الوردية التي اعتصرت من جنى الروح , واستخلصت من ذوب سر القلوب .ثم اسقنيهامن شفاه كؤوسك الدرية المجوهرة أقداحا إثر أقداح , اسقنيها نشوة تهيج مني فؤاديالغافي وتسكر عقلي الحيران .(1)
وأنت أيها الشادي ...تعال فاجلس الى جانبي لتتمسكرة الروح بشجي من غنائك , أسمعني أنغام الناي والكمان , أطربني بوقع الدفوفوالألحان .
أبهجوا عيني بمرآى الورود الفاتنة والأغصان المتمايلة , دعوا كل هذاياخذ بمشاعري وإحساسي ليسكرني عن هذا الوجود الذي حولي , فعسى أن تضمحل مني كثافةهذه المادة والجسم فأظل قلبا وروحا , وأبقى معنى وإحساسا . وعسى أن يدكرني إذيدركني إذ ذاك فيض من نور القدس , فيعكس إلى نفسي قبسا من إشراقه ويقذف فيها نورامن ضيائه , فيصفو مني القلب وتجلو أمام عيني أسرار هذه الحياة . لكي أغدو مع كلصباح فأترجم للناس حديث النسيم مع الأغصان , وأشرح لهم مغازلة الطيور للأزهار , ولكي أسير مع الأصائل فأقرأ لهم آيات الشمس المنبسطة فوق صفحة الخمائل والغدران , وأردد مع العنادل والبلابل أنغام الحب والجمال , ولكي أسكرهم من جمال هذا الكونبخمر من مداد قلمي , وأطربهم من ألحانه ببيان قلبي ولسني .
هات أيها الساقي... هاتها كؤوسا مترعة من هذه الراح , لكي أنفض بها من قلبي أحزانه , ولكي أغدو مخمورابحرارة لذعها ويسكر مني العقل بنشوتها .
هاتها ليهيج مني الفكر فأنطق بأسرارالقلوب , ولتستعلي مني الروح فأنثر من مكنون المعاني ودرها , وأكشف عن خلجات النفوسووجدها , وأبين عن آلام الأفئدة وحبها .
سأرسلها أنغاما تطرب القلوب من غيرأوتار , سأبعثها شذى عطرا يبهج النفوس من دون أزهار , سأبعث اليوم تاريخا منالحسرات والآلام أغمض عينيه من دهر ونام , سأشعل من جديد زفرات لمعت في صدور .. ونارا الهبت في قلوب , ثم خمدت بعد أن أحالتها إلى رماد ! سأعيد الحياة بروح منبياني إلى ( ممو ) و ( زين ) ضحيتي نار الحب والغرام . لأدواي قلبيهما بفيض من شعريوإحساسي , إذ لم يرحمهما أحد بدواء الوصل والإسعاد , سأزيح للناس الحجاب عن قلب ذلكالمسكين الذي كواه الحب المستعر وسحقه الكيد والحقد , وعن قلب تلك البريئة الطاهرةطهارة المزن بين السحب . تلك التي أذابها الشقاء واعتصرتها يد الظلم كما تعتصرالوردة الناعمة في كف غليظة قاسية . سألبس كلا من هذين الحبيبين ثوبا مطرزا منبياني , ثم أرفعهما إلى أوج التاريخ فليخلدا وليخلد صدى زفراتهما مدى الدهر والحياة , ثم ليمر من أمامهما كل مستعرض وناظر . فليبك أناس حرمانهما واحتراقهما , وليفتتنآخرون بلطف (زين ) وجمالها .
وعسى أن يسأل لي الرحمة أيضا كل من يسترحم لهما , وعسى أن يدركني أنا أيضا أثر من عطفهم وقبس من دعائهم , وعسى أن يقول أناس : رحمهالله فقد وشى حياتهما بوشي جميل , وغرس قصتهما في بستان الخلود .
وعسى أن يتلطفالناقدون لسفري هذا في نقدهم , فهو وإن لم يبلغ درجة الكمال ولكنه طفلي الغالي ... عزيز الى نفسي , مدلل عند قلبي , جميل في عيني . وهو بستان وإن كان قد يرى بينثماره ما هو فج غير يانع , غير يانع , غير أنها حديقة فؤادي وأزهار فكري ولبي . وحسبهما من جهدي ما قدمت , وحسبي منها ما أثمرت

الجزيرة الخضراء


حدث ذلك في حوالي عام 1393 م في جزيرة ( بوطان ) المعروفة اليوم باسم - جزيرة ابن عمر - تلك التي تقع على شاطئ دجلة , وتمتد فياتساع شاسع بين الهاب والتلال الخضر الواقعة في شمال العراق .
واسم هذه الجزيرةيتألق في مقدمة ربوع كردستان التي يمتاز معظمها بقسط وافر من جمال الطبيعة وبهائها , اذ ننشعب بين ريض طبيعية بديعة , وينعكس اليها من شائر أطرافها بريق دجلة الذييحف بمعظم جهاتها , كما يزيد في روعة جمالها جبالها الشاهقة في جو السماء , التيتفاخر في علوها العجيب وفتنتها الخضراء معظم جبال العالم , وتنتشر من حولها سرالخلود وآيات الجلال .
وانبعثت حوادث هذه القصة من قصر أمير الجزيرة ( الأميرزين الدين ) , حيث كانت بلا الأكراد آنذاك وما بعد ذلك العصر إلى أواسط عهدالعثمانيين منقسمة إلى عدة إمارات , يتولى إدارة كل منها أمير يتمتع بالجدارةوالقوة .
ولم يكن الأمير زين الدين ذا كفاءة عاليه فحسب ... بل كان يتمتع إلىذلك بغنى واسع وبمظهر كبير من القوة والسلطان . والغريب أن ذلك لم يكن ليمنعه منامتلاكه العجيب لقلوب أمته , واكتسابه محبة سائر طبقات شعبه , مما أذاع اسمه مقرونابالهيبة والإجلال لا في بوطان وحدها , بل في سائر أنحاء كردستان وإماراتها .
ولميكن قصره الذي كان يرى من بعيد كأنه برج هائل , كقصور بقية الأمراء من أمثاله , وإنما كان آية من آيات الفن والإبداع .. كان منتهيا إلى أقصى حد في البذخ المبذوللتصميمه وتشييده وإقامة أبهته ..!
ولم تكن في داخله أبهاء وقيعان فاخرة فحسب , وإنما كان يزدان أيضا بمتاحف تضم مختلف العجائب والنوادر , وأنواع المجوهراتالغريبة والفاخرة ..!
أما رحابه وشرفاته فكانت تميس بعشرات الغلمان .. وبمثل ذلكمن أجمل الجواري والفتيات ... يجبن في أنحائه , ويضفن على رحابه جوا سحريا يشعبالفتنة والجمال .
غير أن الآية الكبرى للجمال في ذلك القصر لم تكن منبعثة عن أيواحدة من تلك اجواري والحسان , وإنما كانت سرا لدرتين شقيقتين غير كل أولئك . خلقهما الله في ذلك القصر ، بل في تلك الجزيرة كلها مثلا أعلى للجمال ، ونموذجاكاملا للفتنة والسحر الإلهي في اسمى مظاهرهما ، وكأنما أبدعتهما يد الخلاق هذاالإبداع العجيب في ذلك القصر الرائع ليؤمن كل فنان بارع ، ومبدع وصانع ، بأن الجمالإنما هو هذا ..! لا رصف الأحجار وفن النقش وصنعة التلميع ، هذه فتنة تبهر القلوبوتسكر الألباب ، وذلك رونق يبرق في الأعين ويزيغ بالأبصار ، وشتان ما بينهما من فرق .
ولم تكن هاتان الشقيقتان سوى أختين للأمير زين الدين . كان اسم كبراهما ( ستي ) وكانت بين البياض الناصع والسمرة الفاتنة / قد أفرغ الجمال في كل جارحة من جسمهاعلى حدة ، ثم أفرغ بمقدار ذلك كله على مجموع جسمها وشكلها ، فعادت شيئا أبرع منالسحر وأبلغ من الفتنة .
وأما الصغرى واسمها ( زين ) فقد كانت وحدها البرهانالدال على أن اليد الإلهية قادرة على خلق الجمال والفتنة في مظهر أبدع من أختهاوأسمى .
كانت هيفاء بضة ذات قوام رائع ، قد ازدهر في بياضها الناصع حمرة اللهب ،ذات عينين دعجاوين أودعهما الله كل آيات الفتك واللطف التي تتسامى على التعبير .
ولم تكن شقراء ، غير أن شعرها الاسود الفاحم - وقد أحاط كسحر الليل بوجههاالذي قسمت ملامحه أبدع تقسيم وامتزج فيه عند الشفاه ولهب الوجنتين ببياضه الناصع - كان يثخن الألباب فتكا ويغمر العقل سكرا .
وكانت لها الى ذلك كله رقة عجيبة فيروحها ، وخفة متناهية في دمها . فكانت في مجموعها خلاصة لأروع أمثلة المال والخفةواللطف .
وعلى الرغم من أن هاتين الغادتين كانتا لؤلوتين محجوزتين في صدفة ذلكالقصر عن معظم الأبصار ، فقد كان اسماهما ذائعين منتسرين في سائر أطراف الجزيرة بلفي كثير من بلاد كردستان ، يتخذون من شهرتهما المقياس الأعلى والمثل الكامل للجمال .
وقد كان من الغريب في الواقع أن تخلق تلك الفاتنتان في قصر أمير بوطان لتصبحاأجمل زهرتين تحبسان في رحابه عن الأنظار ، لولا أن الشعب الكردي عامة وأولي الزعامةفيهم خاصة غرست في طبيعتهم غيرة ملتهبة لا تكاد تفارق جوانحهم ، مما يجعلهم يتحرجونمن اختلاط الجنسين ألا بمقدار ... هذا ألى أن شقيقهما الأمير كان قد أوتي مزيدا منهذه الغيرة بين جانبيه ، وزادها ما كانت تتمتع به اختاه من ذلك الجمال النادر الذيأبى إلا أن يذيع اسميهما في الجزيرة كلها وفي معظم البلاد الاخرى .. ولذلك فقد كانمن العسير جدا أن يكون لعشاق ذلك القصر الكثيرين نصيب منه غير السماع ... وتسقطالأخبار
نلتقي الجزء الثاني











 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مموزين, الارض, السلام, واينع

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc