الفلسفة الحديثة سؤال المعرفة أهم من سؤال الوجود - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الفلسفة الحديثة سؤال المعرفة أهم من سؤال الوجود

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-02-01, 18:16   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ناصري 12
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ناصري 12
 

 

 
إحصائية العضو










Mh47 الفلسفة الحديثة سؤال المعرفة أهم من سؤال الوجود

الفلسفة الحديثة سؤال المعرفة أهم من سؤال الوجود
افترقت الفلسفة الحديثة عن الفلسفة القديمة في أنها ركزت على نظرية المعرفة أكثر من تركيزها على نظرية الوجود بالرغم من وجود جوانب كثيرة بين الفلسفتين تحمل شكلا واحدا قد توهم البعض بان لا فروق كبيرة بين الفلسفتين وفي الواقع فان هذه الفروق كانت من الاتساع بحيث رأينا تحول الفلسفة إلى تناول مفهوم المعرفة وتقديمه على مفهوم الوجود مدركة بان فهم المعرفة هو الذي يحدد إن كنا قادرين على اعتماد هذه المعرفة في فهم العالم المحيط بنا أم لا
ولعل (ديكارت) أول من ركز على هذا الأمر الذي غدا بعد ذلك لب الفلسفة الحديثة بالرغم من أن منهجه لم يكن مرنا كفاية ولعل ابرز ما يحسب عليه هو ثقته العالية بمنهجه الشكي الذي اعتقد انه الباب الموصل إلى الحقيقة مؤكدا إيمانه بمنهج الشك النظامي وبقدرة التفكير على بلوغ الحقائق أو التأكيد بوجود العالم الموضوعي مسلما بان الله لا يؤتي خداعا جاعلا التفكير مضاهيا للوجود بل هو المبدأ الذي تنطلق منه جميع معارفنا لأنني عندما أفكر فأنني أمارس وجودي وابني عليه ليكون التفكير قاعدتي لفهم ما حولي وانطلاقا من ذلك تولدت مدرستين أحداهما أشادت بالعقل وعولت عليه وهي مدرسة العقليين أو الميتافيزيقيين وأخرى وجدت أن الأساس في التجربة التي تضع العقل دائما أمام مواقف جديدة لم يشهدها من قبل ولو عاينا المشهد الفلسفي الأوربي لوجدنا أن نطاق العقليين قد تمثل في قلب القارة الأوربية حيث تأثير الكاثوليكية والاستبداد السياسي وحيث غلبة الطابع الزراعي على مجتمعات القارة عكس المدرسة الأخرى التجريبية التي تبلورت في فضاء ديمقراطي بعد تبلور الملكية الدستورية في انكلترا وغلبة العقل التجاري والقيم البروتستانتية
ف (سبينوزا) الذي هو احد أقطاب المدرسة الأولى اتجه نحو جعل المعرفة سبيلا لرؤية العالم جسدا واحدا معيدا إلى الأذهان فكرة وحدة الوجود القديمة التي ربما كان لانتمائه اليهودي دور في تبلورها بالرغم من وجود اختلافات عميقة بين النظرتين ف سبينوزا عكس القدماء يميل إلى اعتماد المعارف المعقولة لأدراك الوحدة الكونية معتبرا أن كل ما يفكر به المرء يقود إلى شيء أخر ذو صلة وان نزوع شيء ما إلى الحفاظ إلى استمرار وجوده ما هو إلا جوهر الشيء ذاته فبنظر سبينوزا لا يوجد شيء فوق الطبيعة إنما كل شيء ذا أساس منطقي متتابع معتبرا أن هذا التتابع ماهو إلى تصاعد الأشياء إلى الله وان السعادة الأسمى في بلوغ الوعي الكوني والشعور بالامتلاء أو الطفح بالبهجة الرفيعة إزاء المشهد السامي لوحدانية كل الحقيقة تعبيرا عن القانون الفطري الباطني
أما معاصره ( ليبنتس )فقد تناول المسالة من منظور مختلف مبرزا أهمية الفردانية في نشوء الكون معيدا إلى الأذهان المفاهيم الذرية للفلسفة القديمة وإذا كان سبينوزا قد أكد على الوحدة فان ليبنتس قد أشار إلى واقع الانفصال الذي عبر عنه من خلال مفهوم ( المونادة ) مشيرا إلى أن الكون هو حشد من عقول صغيرة مكتفية بذاتها لا يربطها مع بعضها البعض إلا رباط عرضي مصدره الله أو المونادة الأسمى مؤكدا على أن المكان وأيضا الزمان ما هما إلا شيء نسبي صرف
أما المدرسة الثانية فقد تزعمها البريطاني جون لوك والذي سار على خطاه العديد من الفلاسفة التجريبيين من أمثال بركلي وبيكون ولعل أهم إسهام قدمه هذا الفيلسوف هو تشكيكه بمنهج الفلسفة السائد وطعنه بنتاجات الفلاسفة عادا المشاكل الفلسفية مجرد أوهام زائفة وجدالات تعبيرية لا غير حيث أشار إلى أن الفلاسفة شيدوا عالما من العقل لا صلة له بعالم الخبرة التي عدها المصدر الأساس لفهم الحقيقة لان الأشياء بنظره ليست كينونة موجودة أمام العقل يقوم الأخير بإدراكها على ماهي عليه بل أنها نتاج العقل نفسه لأنه يراها مثلما يريد أن يراها وليس كما هي عليه ورغم هذا التحول الكبير الذي أحدثه لوك في جسد الفلسفة إلا انه لم يتطرف ابعد من ذلك لان التشكيك في موضوعية الأشياء قد بلغ مداه في عهد بركلي الذي قسم الوجود بين بناء تحتي تمثله المادة الخام أو الهيولي وأشياء تحددها المعرفة الحسية كما يحصل عندما نلمح الكرسي فيبدوا لنا شيئا ثابتا فيما هو في حقيقة الأمر نتاج الإدراك لأنه بدونه ( أي الإدراك ) لن يكون إلا مادة وحسب لكن هذه الأفكار الجريئة لم يشأ لها الرواج دون عوائق إذ سرعان ما برز فيلسوف جديد وقف من هذه المسالة موقفا متوازنا عماده التقليل من زخم التجريبية ومحاولة التوفيق بينها وبين العقلانية لأنه من العبث البحث عن عالم خارجي بدون حواس تمثل مجسات العقل لبلوغ الحقيقة وإذا كان انطباعنا مغلقا من العبث البحث عن صلاة ضرورية سببية ضاربا عرض الحائط مفهوم السببية التي عدها مفهوما لاحقا ومن نتاج التصور لا أكثر لان العقل حين يتأمل الموجودات موضوعيا لايدرك أبدا أي صلة بين هذه الموجودات وبدون هذه الصلة الضرورية (السببية) أي باعث يوجد حتى لمحاولة عد الموجودات ضرورية وإذا لم تكن هذه الموجودات ضرورية كيف يسعنا الأمل بإيجاد الأسباب طالما أنها ليست في البال ففي نظره العقل نوع من المسرح حيث تتعاقب على منصته الادراكات من حيث الظهور والاختفاء المرور والعودة لتمتزج مع بعضها في تنويعه مفتوحة من المواقف والأوضاع
والملاحظ أن هذا التنظير الفلسفي كان باهرا إلى درجة لم يصل إلى مثلها كثيرون من بعده بل عدت أفكاره متقدمة حتى على ( كانت ) الفيلسوف الكبير اللاحق له والذي يبدوا انه حاول أن يوجد تخريجات فلسفية تعيد الاعتبار للدين والأخلاق بعد أن داهمتها المتغيرات الاجتماعية والعلمية في عصر المخاض الأوربي بل هو اعترف بذلك حين قال (اضطررت لإتلاف المعرفة لأفسح المجال للإيمان) الأمر الذي جعل فلسفته أشبه بانطباع ثقافي لا غير رغم ما حملته من أفق فلسفي عميق وموسوعية كبيرة جعلتها مفترق الطرق إلى الفلسفة المعاصرة ولعل ابرز آراءه التي أثارت جدلا كبيرا تساؤله عن حدود المعرفة موضحا أن هذه المعرفة لا يمكن أن تبلغ الكمال أو تشارف نهايتها لسبب بسيط وهو أن العقل غير قادر على مسايرتها لان عدته ضعيفة وهو ينتج المعرفة نتيجة انسكاب الخبرة في أوعية العقل ومثلما يأخذ الماء شكل الوعاء تأخذ الخبرة شكل الأوعية التي يمتلكها العقل سلفا فتغدوا المعرفة جماع بين الخبرة و ما يمتلكه العقل من آلية تفرض نفسها على الواقع فيغدوا الواقع ليس مجرد صناعة عقلية كما طرح ذلك العقليون وليس نتاج الخبرة المجمعة وحسب بل مزيجا من هذا وذاك فإذا قلت أن الكرسي ابيض فهذا يعني أن هناك شيئا زمانيا ومكانيا موجود له خاصية تجريبية هي البياض ونتيجة لذلك رأى أن المعرفة هي مزيج من معلومات نابعة كليا من الخبرة ومعلومات تجمع بين الخبرة والية العقل والية العقل في فحص المعرفة تعتمد على أليه التمييز بين الأحكام المحتملة للصدق والأحكام المحتملة للكذب والأحكام التحليلية والتركيبية فهناك أحكام تحليلية سابقة على التجربة لا يزيد محمولها معرفة بموضوعها مثل عبارة ( الكل أعظم من الجزء ) فعندما نقول جزء نحن ندرك بديهيا انه اصغر من الكل دون الحاجة إلى الإشارة إلى فكرة الكل أما الأحكام التركيبية فهي خلاف ذلك تقوم على تأليف جديد بين المحمول والموضوع فيزيد محمولها معرفة بموضوعها مثل عبارة (كل الأجسام لها وزن )فالتأليف بين المحمول ( الوزن ) والموضوع ( الجسم )تم من خلال التجربة وليس في الذهن وحسب لكن موقفه المعرفي هذا وتفريقه التام بين الشيء والشيء في ذاته قد خلق وضعا مربكا لان هذا معناه إطلاق رصاصة الرحمة على الطموح البشري وعلى الرغبة في مواصلة المعرفة إلى النهاية ما دفع البعض إلى رفض هذه النتيجة الكانتية بل والكثير من رؤى الفلسفة العقلية
ولعل أهم ناقديه هو الفيلسوف هيغل الذي نقد فرضية الحدود المعرفية طارحا ( أن الدراية بحدود تقضي معرفة ما الذي يقع وراءها فان كان حقا يوجد حد مطلق للمعرفة فكيف سندرك تلك الحقيقة ؟ كيف نستطيع أن نعرف أننا وصلنا الجدار مالم يسعنا النظر إلى ما وراءه ) هذا الاعتراض الهيغلي قطع وبشكل شبه نهائي أي سبيل للتشكيك بمصداقية المعرفة وبالاعتقاد بعجز العقل عن مسايرة الخبرة فالعقل ينمو مع نمو المعرفة والحقيقة كامنة في الشيء الذي يمثل موضوعا كاملا للعقل ولابد أن نبحث في الشيء ما دمنا قادرين على البحث فيه فالعالم مشرع أمام عقلنا ولابد من التماس حقائقه وما نجهله اليوم سيكون معلوما في الغد وما نعجز عن تحصيله في الحاضر قد يكون متاحا في المستقبل فكل شيء يتغير حتى عقلنا . لكن هذه النتيجة التي طرحها هيغل لم تكن إلا البداية لجهد عقلي جديد حمل على كل رؤى الفلسفة السابقة بالرغم من وجود المشككين الذين رأوا في تفاؤل هيغل سذاجة فكرية ف شوبنهاور رأى الكون عمل شرير والحياة شيء اشر ولا سبيل لفهمهما أو النجاح معهما فيما ابرز نيتشه غموض المعرفة التي عدها من نتاج الذات مبرزا دور الإيجاب في مسار الفكر معارضا طرح هيغل الذي وضع السلب كمحور أساس للحركة وأساس للمعرفة لان الإيجاب يشجع على إيجاب أعلى وهكذا إلى نهاية المسيرة الايجابية فالسيد ليس عبدا متحررا كم تعرض فلسفة هيغل إنما علينا أن نراه سيدا وحسب وان العبد هو سيد فقد حريته أي أن الأولوية لابد أن تكون للإيجاب الذي يشرع الفرصة وهكذا تضخمت الفلسفة الهيغلية لتلف بعباءتها كل الأسئلة الأخرى فالحداثويون ركزوا على مبدأ التقدم في حيازة المعرفة وبلوغ نتائج أفضل والوجوديون على الحرية التي عدوها مبدأ الوجود الأخلاقي والماديون على الديالكتيك لبلوغ المجتمع الناجح أو الفاضل وصولا إلى مابعد الحداثة أو الردة إلى الكانتية حيث التشكيك من جديد بالمعرفة فهل ينجح الكانتيون الجدد في زعزعة الثقة بنجاح الإنسان أم نستمر في سعينا لاستحصال المعرفة حتى بدون وجود أفق نهائي ؟ لعل هذا هو سؤال الفلسفة الآن .









 


قديم 2010-02-01, 18:17   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ناصري 12
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ناصري 12
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفلسفة الحديثة






1- عصر النهضة و فرانسيس بيكون.


يحدد بعض الباحثين عصر النهضة على أساس انه حقبة من تاريخ أوروبا الغربية،تمتد من سنة 1300 م
إلى سنة
1600 م
تقريباً، ومهما يكن تاريخ هذه الحقبة
فإنها تمثل حلقة الاتصال بين العصر الوسيط والعصور الحديثة، وهو العصرالذي أضحى بوابة لدخول أوروبا في حياتها الحديثة ومغادرتها نهائياً لتسلطالكنيسة.



وكانت النهضة بوصفها حركة فكرية إحيائية قد بدأت في ايطاليا ثم امتدت منهاإلى شتى أنحاء أوروبا، ففي عصر النهضة بدأت حركة مزدوجة تتمثل في العودةإلى التراث اليوناني والتحرر من الفلسفة الكنسية المدرسية، عَبْرَ إحياءذلك التراث وتحقيقه وتفسيره تفسيراً يبتعد به عن النزعة التأويلية لفلسفةالعصر الوسيط. وفي الوقت نفسه بدأت في الانفصال عن التراث اليوناني كماتبلور ذلك تدريجياً في موقف مناهض لأرسطو. فتمت إعادة قراءة التراثاليوناني، وازدهار العلوم الطبيعية والرياضيات، والتبشير بفلسفة (فرنسيسبيكون) التي تدعو إلى الملاحظة والتجريب، ازدادت الانتقادات الموجهةلفلسفة أرسطو، فمثلا انتقد لورنزو (1407 _ 1457 م
) في ايطاليا فلسفة أرسطو
الفاسدة، كذلك انتقد بتريز(1529 _
1557 م
) تناقضات أرسطو مستخلصاً ضرورة
الإقلاع عن تدريس مصنفاته. أما كامبانيلا (1568 _
1639 م
) فقد أبان عن نزعة
أفلاطونية وانتقد تصنيف أرسطو للكائنات. وفي فرنسا انتقد راموس (1515 _
1572 م
) فلسفة أرسطو في رسالته المقدمة بعنوان "كل ما قاله أرسطو وهم" وانتقد منطقه على وجه الخصوص لما فيه من تناقضات. وقد كان فرانسيس بيكون أهم أعلام الفلسفة في العصر الوسيط.




ولد فرنسيس بيكون في سنة 1561م في إحدى ضواحي لندن وتوفي سنة 1626م، وهوالرائد الأول في الفلسفة الأوروبية للمنطق الاستقرائي، وواضع الأسسالمنطقية للمذهب التجريبي.


كانت الاكتشافات العلمية تجري عن طريقالصدفة أو المحاولة والخطأ، حتى جاء بيكون فوضع أسس منهج البحث العلمي،الذي يقود الباحث إلى اكتشاف القوانين الطبيعية.لقد حاول بيكون التعويل على الطريقة الاستقرائية ونبذ الطريقة القياسيةالموروثة من أرسطو. فقد كان من اكبر المناهضين لأرسطو، حيثُ ابرز نقائضالمنطق الصوري، ودعا إلى ضرورة الاعتماد على التجربة، لأنه يرى أنالعلم الصحيح هو القائم‏ على التجربة والملاحظة. وكان كتابه "الاورغانون الجديد" او "العلامات الصادقة لتأويل الطبيعة" الذي بدأ يعملفيه منذ سنة 1608م ثم عدَّل فيه 12 مرة، ونشره نشرة نهائية سنة 1620م،من أهم الأعمال التي فتحت الطريق لإصلاح العلوم باعتماد المنهج التجريبي. ومن طريف ما يؤثر عنه أن آخر عبارة خطها قلمه وهو على سرير الموت هي: "لقدنجحت التجربة نجاحاً عظيما".








2- ديكارت وبداية العقلانية الحديثة.


يرى بعض الباحثين أن الكوجيتو الديكارتي "أنا أفكر إذن أنا موجود" هو نقطة بداية الوعي الأوروبي العقلاني الحديث. لقد استهدفت فلسفة ديكارت تحقيق ثلاثة أمور:


1 ـ إيجاد علم يقيني فيه من اليقين بقدر ما في العلوم الرياضية، بدلاً من العلم الموروث من الفلسفة المدرسية.


2 ـ تطبيق هذا العلم اليقيني تطبيقاً عملياً يمكّن الناس "من أن يصيروا بمثابة سادة ومالكين للطبيعة".


3 ـ تحديد العلاقة بين هذا العلم وبين الموجود الأعلى أي الله، وذلك بإيجاد ميتافيزيقا تتكفل بحل المشاكل القائمة بين الدين والعلم.


وتتحقق الغاية الأولى بإيجاد منهج علمي دقيق، وهذا ما عرضه ديكارت فيكتابه: (مقال في المنهج) و(قواعد لهداية العقل). ويقوم هذا المنهج علىأربع قواعد، أهمها هي القاعدة الأولى التي تعبر عن الشك الذي سينعت بالشكالديكارتي و (الكوجيتو الديكارتي)، وهو ما عبر عنه ديكارت في التأمل الأولمن تأملاته بقوله: "مضت عدة سنوات منذ أن لاحظت أن كثيراً من الأشياءالباطلة، كنت اعتقد إبان شبابي أنها صحيحة، ولاحظت أن الشك يعتور كل ماأقمته على أساس هذه الأمور الباطلة، وانه لابد أن تأتي لحظة في حياتي اشعرفيها بان كل شيء يجب أن يقلب رأساً على عقب تماماً، وان ابدأ من أساس جديدإذا شئت أن أقرر شيئاً راسخاً وباقياً". ويستمر ديكارت في‏ توكيد هذا الشكفيقول: "إني افترض إذن أن كل الأمور التي أشاهدها هي باطلة، وأقنع نفسيبأنه لم يوجد شي‏ء مما تمثله لي ذاكرتي المليئة بالأكاذيب، وأتصور انه لايوجد عندي أي حسّ، واعتقد أن الجسم والشكل والامتداد والحركة والمكان ليستإلا تخيلات من صنع عقلي، فماذا عسى أن يعدّ حقيقياً؟ ربما انه لا شي‏ء فيالعالم يقيني. لكن من يدريني لعل هناك شيئاً مختلفاً عن تلك الأشياء التيحسبتها غير يقينية، شيئاً لا يمكن ابداً الشك فيه؟ ألا يوجد اله أو قوةأخرى تصنع في عقلي هذه الأفكار؟ يجب عليّ أن استنتج وأتيقن أن هذه القضيةأنا كائن، أنا موجود هي قضية صحيحة بالضرورة في كل مرة انطلق بها أوأتصورها في عقلي".


ولد رينيه ديكارت في فرنسا سنة 1596م وتوفي سنة 1650 م، و يعد رائد الفلسفةالعقلانية في العصر الحديث، كان في الوقت نفسه رياضياً ممتازاً إذ ابتكرالهندسة التحليلية.


إن الحاجة إلى تطور علوم طبيعية عقلانية، كانت تصطدم بشكل حاد،مع السلطة المعرفية للكنيسة. وهذا التناقض بين سلطة العقل وسلطة الكنيسة، في مجالالعلوم الطبيعية، هو الذي عبرت عنه تاريخيا فلسفة ديكارت. إن الكوجيطو الديكارتيالشهير: «أنا أفكر إذن أنا موجود»، ليست له من دلالة فلسفية، سوى الإدانة لمبدأالسلطة المعرفية للكنيسة في مجال العلوم الطبيعية. فديكارت ذهب في عدائه لسلطةالكنيسة، إلى حد اعتبار أن الموجود... وأن الواقع، هو فقط ما أتوصل إليه أنا،كنتيجة، عن طريق التفكير العقلاني، المستقل عن كل سلطة معرفيةخارجية.


3- فلسفة عصر الأنوار.


التنوير تيار عقلي ظهر في الفلسفة الأوروبية وبلغت الدعوة إليه ذروتها فيالقرن الثامن عشر، أما نقطة بدايته فهي موضع خلاف بين مؤرخي الفلسفة،مثلما هو الموقف من تاريخ الأفكار الذي يميل الباحثون فيه على الدوام إلىالتفتيش عن بدايات ترتد إلى عصور تسبق تداول تلك الأفكار وشيوعها في الوسطالثقافي.


ومهما يكن فالرأي الشائع والمألوف أن القرن الثامن عشر هو عصر التنوير،وهو عصر من صنع الفلاسفة. وقد تأثر التنوير بمفكرين عظيمين هما: لوك (1632 _ 1704 م
) ونيوتن (1634 ـ
1727 م
) اللذين عارضا ديكارت.




بحث لوك في أصل الأفكار في كتابه "محاولة في الإدراك الإنساني" فردها إلىمعطيات التجربة الحسية، فالعقل في الأصل كلوح مصقول لم ينقش فيه شي‏ء، وانالتجربة هي التي تنقش فيه المعاني والمبادئ جميعاً. أما نيوتن فقد كانلمنهجه العلمي ولمكتشفاته اثر في فلاسفة التنوير، وكان اكتشافه للجاذبيةمؤيداً للمذهب الآلي وموطداً للثقة في المنهج الرياضي.


وكان ديدرو (1713 ـ 1784م ) قد أعلن عن رفض الميتافيزيقيا التقليدية وألحعلى تبني عقلانية المنهج العلمي، وكانت روح التنوير شديدة العداء للكنيسة،وللسلطة متمثلة بالدولة، وللخرافة والجهل والفقر، وغالى التنويريون فيدعوتهم للعودة بالإنسان إلى الطبيعة حتى كان بعضهم من دعاة البدائية.


ويمكن التعرف على مجموعة سمات عامة لفلسفة التنوير في كل البلدانالأوروبية، مثل اعتبار أن للعقل سلطانً على كل شي‏ء، وانه مقياس لصحة العقائد، وأساس للعلم، ووسيلة للقضاء على الخرافةوالجهل والخوف، واتجاه نحو العالم الحسي، فأصبح العقل والطبيعة أساسينللوحي القديم.


4- الفلسفة الألمانية:


تميزت الفلسفة الألمانية عن مثيلاتها في القارة الأوروبية منذ النصفالثاني من القرن الثامن عشر، بعد بروز إمانويلكانط(1724 _ 1804م) الذي أصبح "أعظم فلاسفة العصر الحديث" كما يقولعبد الرحمن بدوي، فريدريك هيغل(1770 ـ 1831م) الذي تلونت بديالكتيكه أوسع الفلسفات السياسية في العصر الحديث فيفترة لاحقة، وهي (المادية الديالكتيكية) التي صاغها كارل ماركس(1818 ـ 1883م) مؤسس الاشتراكية العلمية.


لقد اتسمت الفلسفة الألمانية وقتئذ بسمات تميزها عن الفكر الفلسفي في عمومأوروبا، فبينما طغت بين الفلاسفة الانجليز النزعة التجريبية الحسية، تميزتالفلسفة الألمانية بنزعتها العقلية والروحية، وبالعودة إلى الأنا كنقطةابتداء في البحث الفلسفي.


ومنذ ذلك التاريخ اصطبغت التجربة الفلسفية في ألمانيا بلون خاص نحا بهامنحى آخر لا يتطابق مع ما عليه تيار الفلسفة خارج ألمانيا، وصارت بعضمقولات الفلاسفة الألمان ذات دور تأسيسي لغير واحد من الأنساق الفلسفيةالراهنة في فرنسا وبريطانيا بل وفي الغرب عامة.


كانط:


ولد كانط في بروسيا الشرقية (ألمانيا الشرقية) وتلقى تعليمه بالمدرسة الثانويةفي المدينة، ثم بجامعاتها التي أصبح محاضراً فيها ثم أستاذاً ثم مديراًلها، وكانت حياته العقلية هي كل حياته، فلقد استمر يُدرِّس الفلسفة 42سنة، وعاش 80 سنة قضاها كلها في مدينة واحدة لم يبرحها، وكانت حياتهمنظمة، وكان أول فيلسوف يقضى حياته مدرساً للفلسفة.


ويعد الفيلسوف كانط قمة عصر التنوير بلا منازع، وهو ما تلخصه مقالته التينشرها سنة 1784م بعنوان (جواب عن سؤال: ما هو التنوير؟) والتي جاء فيها: التنوير هجرة الإنسان عن القصور، والقصور هو عجز الإنسان عن الإفادة منعقله من غير معونة من الآخرين. كما أن القصور سببه الإنسان ذاته، هذا إذا لم يكن سببه نقصاً في العقلوإنما نقصاً في التصميم والجرأة على استخدام العقل من غير معونة منالآخرين. كن جريئاً في استخدام عقلك، هذا هو شعار التنوير..انه يطيب لنا أن يكونالكتاب بديلاً عن عقلي، والكاهن بديلاً عن وعيي، والطبيب مرشداً لما ينبغيتناوله من طعام. وليس ثمة مبرر للتفكير إذا كان في مقدوري شراؤه، فالآخركفيل بتوفير جهدي


كتب كانط عدة مؤلفات، من أشهرها: "نقد العقل الخالص أو النظري" (1781م)، "نقد العقل العملي" (1788م)، "نقد الحكم الجمالي" (1790م)، "الدين في حدودالعقل الخالص" (1793م)، "ميتافيزيقيا الأخلاق" (1797م) في جزأين، الأولهو: "المبادئ الميتافيزيقية للحق". والثاني: "المبادئ الميتافيزيقيةللفضيلة".


هيغل:


ولد هيغل بشتوتغارت في ألمانيا، وكان تلميذاً لشلّنغ مع انه كان يكبرهبخمس سنوات. يعد من أعظم الفلاسفة تأثيراً في تاريخ الفلسفة الحديثة، إذلا يمكن أن نفهم: الوجودية، والماركسية، والبراجماتية، والفلسفةالتحليلية، والنزعة النقدية، من دون أن نفهم هيغل وتأثيره فيها جميعاًبالسلب والإيجاب.


كتب عدة مؤلفات اتسم أسلوبه فيها بالتعقيد والإبهام وكثرة استخدامالمصطلحات، أولها: "فينومنولوجيا الذهن" (1807م) وهو وصف للظواهر الذهنيةوآثارها في حياة الإنسان، (المنطق) في ثلاثة مجلدات (1812 _ 1816م) وهوعرض للمعاني الأساسية الميتافيزيقية والمنطقية، ولذلك صار حجر الزاوية فيبناء مذهبه، بينما عالجت كتبه الأخرى أقسام المذهب، "موسوعة العلومالفلسفية" (1817م)، "دروس في فلسفة الدين"، "تاريخ الفلسفة"، "فلسفةالجمال"، نُشرت الثلاثة الأخيرة بعد وفاته.










 

الكلمات الدلالية (Tags)
المعرفة, الحديثة, الفلسفة, الوجود, سؤال

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc