إن من يتأمل ويحلل ما دار بين الله عز وجل وإبليس من حوار، لما أمر الملائكة ومعهم إبليس أن يسجدوا لأدم، "فسجد الملائكة كلهم أجمعون" ، الذي نقله القرءان الكريم في سورة -ص- " إلا إبليس آستكبر وكان من الكافرين 73 قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين 74 قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين 75 قال فاخرج منها فإنك رجيم 76 وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين 77 قال ربي فإنظرني إلى يوم يبعثون 78 قال فإنك من المنظرين 79 إلى يوم الوقت المعلوم 80 ".
حتى وإن كان الله غاضبا على تصرفات إبليس بإخراجه من رحمته ورجمه ولعنه، إلى أنه نزل عند طلبه عندما قال "ربي فإنظرني إلى يوم يبعثون" فوافقه الله عز وجل بقوله "فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم".
إذا يستخلص من كلمة "المنظرين" التي أتت بصيغة الجمع، أن هناك من غير إبليس عليه اللعنة من هو منظر "إلى يوم الوقت المعلوم".
إذا فمن يا ترى، من هو من "من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم".
وهنا التفكير يذهب إلى الحوار الذي دار بين النبي موسى عليه السلام والسامري، عندما رجع موسى إلى قومه بعد لقاء ربه "غضبان آسفا" لما أخبره الله بالقول "قال فإن قد فتنا قومك بعدك وأضلهم السامري" لما وجدهم يعبدون العجل الذي صنعه لهم السامري.
ذلك الحوار نقله القرءان الكريم في سوره -طه- " قال فما خطبك يا سامري 93 بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من آثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي 94 قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه وأنظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا 95".
إن موسى كان "غضبان آسفا" ومن شدة ذلك الغضب أنه قضى على كل من كان عاكفا يعبد في العجل من قومه وبذلك أنزل عقابا عليهم، إلا السامري فلم يشمله العقاب.
فكان تصرفه مع السامري الذي هو الفاعل، تصرفا لينا وفي منتهى الرقة بقوله "فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس فإن لك موعدا لن تخلفه".
فهذا السامري الذي يختلف عن قوم موسى فهو يرى الملائكة بقوله "فقبضت قبضة من أثر الرسول فبذتها".
وعندما نحلل قول موسى للسامري "وإن لك موعدا لن تخلفه".
فإن بين السامري والخالق موعدا منظر.
إذا قد يكون هذا السامري من المنظرين.
بقلم الأستاذ محند زكريني