في بداية تسعينيات القرن الماضي تم إتخاذ قرار لقي ترحاب الناس بفتح المجال أمام أرباب المال لإستيراد سيارات جديدة من الخارج وبيعها بالسوق الداخلية، والبلاد لم تتعافى بعد من الأزمة الاقتصادية، وكانت في حالة إستنزاف نتيجة الحرب مع الإرهاب.
وكانت المركبات في متناول الطبقة الوسطى من الناس كونها بيعت سواءا النفعية أو السياحية بأقل من 100 مليون سنتيم، وإمتدت تلك الأسعار بمعقوليتها الى غاية سنة 2013، لتعرف زيادات من عام الى أخر.
ولكون أن سلطات البلاد كانت تسعى الى خلق صناعة للسيارات، طلبت من المتعاملين أصحاب المال التقيد بدفر الشروط الذي يلزمهم بفتح معامل التركيب بنسبة ادماج معينة.
ومن سنة 2018 صدر كلام كثير مفاده أن هذه المعامل تقوم فقط بتركيب كل أجزاء المركبات ونفخ العجلات ليس إلا، ولا نسبة ادماج.
وبعد سقوط بوتفليقة في خلال شهر مارس 2019, إعتلى السلطة الجناح القوي في منظومة الحكم، وشرع في رمي أرباب المال بالعصابة والفساد، وتم جرجرتهم أمام العدالة والزج بهم في السجون، وبدأت تلك المعامل تغلق واحدة تلو الأخرى، حتى مصنع رونو (وقد سعت السلطات الكثير لدى الجانب الفرنسي لجلبه) شمله الغلق، بعد أن تم توقيف استيراد أجزاء السيارات، وبذلك انتهت التجربة الى الفشل.
كان الأجدر بأصحاب السلطة تقويم التجربة لا بقبرها، وقد صرفت أموال طائلة على تلك الهياكل وتجهيزها بالماكينات ورسكلة اليد العاملة.
لماذا في بلادي كل ما يعتلي جناح السلطة يعلن القطيعة مع السلطة التي قبله؟ ولا وجود للاستمرارية لا في مجال التصنيع ولا في المجالات الأخرى.
وقد كانت صناعة السيارات موروثة من الحقبة الاستعمارية، وكانت رونو الجزائر تقوم بتصنيع الإر 4 والإر8 حتى أواخر الستينيات من القرن الماضي بنسبة ادماج جد عالية، إلا أنه تم قبر التجربة.
كما تم قبر تجربة الصوناكوم الرائدة في صناعة الشاحنات والحافلات، فشاحنة ك66 أو ك120 ذاع صيتها بين الناس لصلابتها.
وكما تم قبر تجربة صناعة الجرارات، فجرار دوتس ذاع صيته بين الفلاحين لصلابته وقوة تحكمه.
كانت الأماني والأمال التي تراود الناس، هو اكتساب سيارة جديدة من صنع جزائري بأسعار معقولة، الا كل شيء تبخر، وتم قبر التجربة.
والى اللقاء مع تجربة جديدة
من اخراج السلطات الجديدة.
الأستاذ/ محند زكريني