يتفـق أغلبية التربـويين على أن الوضعية المشكلة هي كلّ ما يضع عائقا أمام المتعلم، فـيجند هذا الأخير كلّ مهاراته و معارفه و مكتسباته لتجاوز العائق الذي أمامه، و بتجاوزه يتشكل لديه تعلّم يضاف إلى رصيده المعرفي، يوظفه في مواجهة وضعيات أخرى. و الهدف من هذا النوع من التدريس هو التحليل و الحجاج، بناء سلوكات ايجابية، و وعي بالمعارف و المهارات، التواصل، و النقد الذاتي و تنمية قدرة المتعلم على مواجهة المشكلات.
و لقـد انتقد عـدد من التربويين طريقة التـدريس بحل المشكـلات، لأنها لا تتعـدى كونها طريقة أخرى لنقل المعلومات ، و ليس فيها من بناء التعلّم و تطوره لدى المتعلم مثلما يجب أن يكون، و دليل ذلك ، أن الكثير ممن أكملوا دراساتهم، لا يتمكنون من حل مشكلاتهم الخاصة ، و ما كان تدريسهم إلا تحصيل معلومات استعملوها في الامتحانات و سيرورة دراستهم، و انتهى دور تلك المعلومات بانتهاء الدراسة ، و هاهم الآن ينتظرون فـرص توظيف كيف ما كان شكله و نوعه .
الحـقيقة أننا نـدرّس (أي نعلّم) بحـل المشكـلات و لا ندرس حل المشكلات التي من أهداف هذه الطريقة، تعلّم النقد الذاتي و القدرة على المواجهة، نقـد التعلّم سواء كان ذاتيّ أو خارجيّ هو جوهر العملية برمتها. و مثال ذلك الكتابة و القراءة، في كلا النشاطين نقدم نموذجا قرائيا أو كتابيا يتعين على المتعلم محاكاته، و هو أمر يمثل عائقا بالنسبة للتلميذ حتى يصل لمستوى ذلك النموذج، فيجند كل مهاراته و مكتسباته و قدراته لبلوغ الهدف، لو وضعنا المتعلم في موضع نقد و نجعله يقارن بين عمله و النموذج و يكتشف مواطن النقص و نطالبه بإيجاد الحلول اللازمة للوصول إلى الكمال، نكون بذلك علمناه كيف يحل المشاكل، و قس ذلك على مختـلف النشاطات ، وحين ندعمه و نؤيده لما يتـوصل للحلول المناسبة، نكون قد دفعناه للتطور المستمر و التقدم في تعلّمه، و لا يتسنى ذلك إلا بتوفير بيئة تعلمية حاضنة يستقي منها المتعلم المعلومات و المعارف من كل مكان ، فينمو في جو معرفي غني و ناقد و داعم ، فيكتسب بذلك مهارة حل المشكلات، حتى إذا واجهته مشكلة في مستقبله سعى لحلها و تجاوزها. بنقد نفسه و اكتشاف مواطن النقص و الخلل ، والبحث في محيطه و جمع كل المعلومات اللازمة ،و توظيفها و توظيف مكتسباته للتغلب على المشكلة التي تواجهه.
ص. نظور