بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله المعافي الشافي، والصلاة والسلام على المبعوث بالدواء الكافي، وعلى آله وصحبه وأتباعه أهل النبع الصافي، وبعد:
فالرقية لغةً: هي العلو والارتفاع، نقول: ارتقى؛ أي: علا وارتفع، وشرعًا: هي علاج الأمراض بالقرآن الكريم والذكر، وقد فتح الشرع باب الاجتهاد فيها والتجربة لكونها من الطب؛ فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فقال: ((لا بأسَ بالرُّقى ما لم يكن فيه شِركٌ))، وقد وضع الشرع الحنيف لها شروطًا تجعلها مُباحة نافعة مباركة، بعيدة عن الشعوذة والدجل والخرافات، ينبغي لكل راقٍ ومَرقيّ معرفتها؛ ليكون على بينة من أمره.
الشرط الأول: أن يعتقد الراقي والمَرقي أن الشفاء بيد الله وحده لا شريك له، وأن تَسلم الرقية من دعاء غير الله؛ كسؤال الملائكة، والصالحين، والجن، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا بأسَ بالرُّقى ما لم يكن فيه شِركٌ)).
الشرط الثاني: أن تكون الرقية باللغة العربية، وبعبارات مفهومة، والدليل على ذلك الإجماع.
الشرط الثالث: أن تكون الرقية بالقرآن الكريم والذكر، تُقرأ على المريض أو يقرؤها على نفسه، وتُقرأ على الماء فيشرب ويغتسل منه المريض، وعلى الزيوت والعسل، ويباح - أيضًا - أن تُكتب آيات الشفاء والأسماء الحسنى بالزعفران أو مادة طيبة على الإناء، فتُمحى بماء زمزم ويَشربه المريض؛ قال سبحانه: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82]، وقال – أيضًا -: ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ﴾ [فصلت: 44]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالشفاءين: العسل، والقرآن)).
الشرط الرابع: ألا يدخل فيها مُحرَّم؛ كاللعن، والشتم؛ فعن جابر بن عبدالله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب - أو أم المسيب - وهي ترفرف، فقال: ((ما لك يا أم السائب - أو: يا أم المسيب؟))، قالت: الحُمَّى، لا بارك الله فيها، فقال: ((لا تسبّي الحمى؛ فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يُذهب الكير خبث الحديد)).
الشرط الخامس: ألا تكون الرقية من كافر أو ساحر؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]، ويجوز أن يَرقي المسلم الكافر؛ لأن الصحابة رَقَوا سيد القبيلة الذي لسعته العقرب، وكان كافرًا، فأقرّهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما جهلنا، وأن يجعلنا هداة مهتدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.