معني اسم الله تعالى الرفيق
الدَّلَالات ُاللُّغويةُ لاسمِ (الرَّفِيق)
أسماء الله الحسنى للرضواني (2/ 113).
الرفيقُ في اللُّغَةِ مِن صيَغِ المبالغةِ
فَعِيلٌ بمعنى فاعلٍ
فِعْلُه: رَفَقَ يَرْفق رِفْقًا.
وَالرِّفْقُ: هو اللُّطفُ وهو ضدُّ العنْفِ
ويعني: لِينَ الجانبِ ولَطافةَ الفعلِ
رفقَ بالأَمرِ وله وعليه وهو به رَفِيقٌ يعني لَطيف.
وعند أحمدَ من حديثِ عائشةَ؛ أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَا كَانَ الرِّفْقُ في شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ وَلَا عُزِلَ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ"
أحمد في المسند (6/ 206) (25748)
وصححه الألباني من حديث أنس
انظر: صحيح الجامع (5654).
فالرفقُ هو اللّطفُ.
ورَفِيقُكَ: هو الَّذي يُرَافِقُكَ في السفَرِ تَجْمَعُكَ وإِيّاه رُفقةٌ واحدةٌ.
والرفيقُ أيضًا هو الذي يَتولَّى العملَ برفقٍ، أو يتَرفَّقُ بالمريضِ ويتلَطَّفُ به.
وعند أبي داودَ وصححهُ الألبانيُّ من حديثِ أبي رمثة؛ أَنَّ أباه
قَالَ للرسول صلى الله عليه وسلم: أَرِنِي هَذَا الَّذِي بظَهْرِكَ فَإِنِّي رَجُلٌ طَبِيبٌ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "اللهُ الطَّبِيبُ، بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ رَفِيقٌ، طَبِيبُهَا الذِي خَلَقَهَا"
أخرجه أبو داود في كتاب الترجُّل
باب في الخِضاب (4/ 86) (4207)
وانظر: صحيح أبي داود (2/ 792) (3544)
والطبيب لم يدخل مع الأسماء الحسنى للتقييد الذي وَرَد بَعده
وهو قوله: "طَبِيبُهَا الَّذِي خَلَقَهَا" فحسن الاسم على ما قيِّد به.
والمرْفَقُ مِنْ مَرَافِق الدارِ الأماكنُ المصاحبةُ للدارِ مِن خدماتٍ مختلفةٍ كَمصَابِّ الماءِ ونَحوِها.
والمرفِقُ من الإِنسانِ والدَّابَّةِ أَعلى الذراعِ وأَسفل العَضُدِ
لسان العرب (10/ 118)
وتهذيب اللغة (9/ 109)
وكتاب العين (5/ 149)
والمغْرب للمطرزي (1/ 339).
والرفيقُ سبحانه هو اللطيفُ بعبادهِ
القَريبُ منهم، يغفرُ ذنوبَهم، ويتوبُ عليهم.
وهو الذي تَكَفَّلَ بهمِ مِن غيرِ عِوَضٍ أو حاجةٍ، فيَسَّرَ أسبابَهم
وقدَّرَ أرزاقَهم
وهداهم لِـمَا يُصلحُهم، فنعمتُه عليهم سابغةٌ
وحكمتُه فيهم بالغةٌ
يحبُّ عبادَهُ الموَحِّدِينَ
ويَتقبَّلُ صالحَ أعمالهِم
ويُقرِّبُهم وينصُرُهم على عدوِّهم
ويُعامِلُهم بعَطْفٍ ورحمةٍ وإحسانٍ
ويدعو مَنْ خالفه إلى التوبةِ والإيمانِ.
فهو الرفيقُ المحسِنُ في خفاءٍ وسِتْرٍ
يحاسبُ المؤمنينَ بفضلِهِ وَرَحْمتِه
ويحاسبُ المخالفين بعدلِهِ وحكمتِهِ
ترغيبًا لهم في توحيدِهِ وعِبادتِهِ
وحِلمًا منه لِيدخلوا في طاعتهِ
انظر في تفسير الاسم:
الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/ 556).
والله عز وجل رفيقٌ يُتابعُ عِبادَهُ في حركاتِهم وسكناتِهم
ويتولَّاهُم في حِلِّهم وترحالِهم بمعيةٍ عامَّةٍ وخاصَّةٍ:
فالمعيَّةُ العامَّةُ
كقوله تعالى: ﴿ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ﴾ [المجادلة: 7].
والمعيَّةُ الخاصَّةُ كقوله: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنفال: 19].
وعند الترمذي وصححه الألبانيُّ من حديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنه
أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال له: "يَا غُلاَمُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ"
الترمذي في صِفة القيامة والرقائق والورَع (4/ 667) (2516)
وانظر: صحيح الجامع (7957).
وعند مسلمٍ مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يقولُ إذا خرجَ للسَّفرِ: "اللهُمَّ أنْتَ الصَّاحِبُ في السفرِ والخلِيفة في الأَهْلِ...."
الحديث رواه مسلم في الحجِّ
باب يقول إذا ركب إلى سفر الحجِّ وغيره (2/ 978) (1342).
وهو الرفيق الذي يجمعُ عبادَهُ الموحِّدين عندَه في الجَنَّةِ
كما قالتِ امرأةُ فرعونَ: ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ﴾ [التحريم: 11].
وعند البخاريِّ من حديثِ عائشةَ قالتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهْوَ صَحيحٌ: "لَنْ يُقْبَضَ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ ثُمَّ يُخَيَّرُ"
فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي، غُشِيَ عَلَيْهِ سَاعَةً، ثُمَّ أَفَاقَ فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ
ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى"، قُلْتُ: إِذًا لَا يَخْتَارُنَا، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ الحَدِيثُ الَّذي كَان يُحَدِّثُنَا، وَهْوَ صَحِيحٌ، قَالَتْ: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: "اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى
البخاري في الدَّعوات، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته (4/ 1613) (4173).