اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
منكري السنة بين التشكيك والافتراء
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئا ت أعمالنا, من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له , و أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .أما بعد
(1) منكري السنة " الأصول وآلجذور
ظهرت بدعة جديدة في القرن الثاني الهجري تدعو إلى الاكتفاء بأحد مصدري التشريع الإسلامي
وهو القرآن الكريم والاستغناء عن المصدر الثاني وهو السنة النبوية المطهرة بحجة أن القرآن الكريم منقول إلينا بالتواتر القطعي الثبوت المحفوظ من الله تعالى, بينما السنة ظنية الثبوت , ومن ثم لا يجوز الاحتجاج بها.
وبهذا المنطق الفاسد شكك منكرو السنة في علم الحديث برمته دراية ورواية,
واتهموا الرواة وقدحوا في الصحابة الكرام والأئمة الأعلام واتهموهم بالكذب و التدليس ومخالفة نصوص القرآن
القاطعة الدلالة من وجهة نظرهم !! وانتهى بهم الأمر إلى إنكار كل معلوم بالدين بالضرورة والذي اتفق عليه علماء الأمة سلفاً وخلفاً,
وفي هذه الدراسة المنهجية أطرح موضوع منكري السنة من كافة جوانبه وأرد على ما أثاروه من شبهات حول سنة سيد المرسلين -صلى الله عليه وسلم
-ليكون القارئ الكريم على علم مما يحيط به من فتن, وليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة والله المستعان.
*من هم منكري السنة ؟
هم طائفة من شرار الخلق تدعوا إلى الاكتفاء بالقرآن القطعي الثبوت وترك الاحتجاج بالسنة المصدر الثاني للتشريع لأنها ظنية الثبوت وقالوا بلا مواربة " حسبنا كتاب الله ".
* النشأة والتطور :
أول ظهور لمنكري السنة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- لرجل يقال له "ذي الخويصرة " وفي كتاب( الملل والنحل لعبد الكريم الشهرستاني ج 1/22):جاء فيه :
"وكما قررنا أن الشبهات التي وقعت في آخر الزمان هي بعينها تلك الشبهات التي وقعت في أول الزمان، كذلك يمكن أن نقرر في زمان كل نبي، ودور صاحب كل ملة وشريعة
: أن شبهات أمته في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أول زمانه من الكفّار والملحدين، وأكثرها من المنافقين، وإن خفي علينا ذلك في الأمم السالفة لتمادي الزمان
فلم يخف في هذه الأمة أن شبهاتها نشأت كلها من شبهات منافقي زمن النبي عليه الصلاة والسلام ؛إذ ليرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى، وشرعوا فيما لا مسرح للفكر فيه ولا مسرى،
وسألوا عما منعوا من الخوض فيه، والسؤال عنه، وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه. اعتبر حديث ذي الخويصرة التميمي ؛إذ قال: اعدل يا محمد فإنك لم تعدل، حتى قال عليه الصلاة والسلام: (إن لم أعدل فمن يعدل؟ )
فعاد اللعين وقال (هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى)، وذلك خروج صريح على النبي عليه الصلاة والسلام، ولو صار من اعترض على الإمام الحق خارجيا
فمن اعترض على الرسول أحق بأن يكون خارجيا، أوليس ذلك قولا بتحسين العقل وتقبيحه، وحكما بالهوى في مقابلة النص، واستكبارا على الأمر بقياس العقل؟ " اهـ
قلت:ومن بعد" ذي الخويصرة " يمكن القول أن مصادر التلقي لمنكري السنة أو أصولهم ممن سبقوهم في الإنكار والتضليل تعود إلي عدة مصادر قديما وحديثا أذكر هنا ثلاثة منها وهم:
1- الشيعة :
من المعلوم عداوة الشيعة من صحابة رسول الله رضي الله عنهم , بعد بيعتهم لأبي بكر الصديق إماماً وخليفة للمسلمين ,لأنهم يروا أن علياً – رضي الله عنه أولي بالخلافة ,
وقد أدت هذه العداوة إلي الكبر والغلو ورفض كل ما يأتي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عن طريقهم بعد أن حكموا عليهم بالكفر والخروج من ملة الإسلام.
قال ابن تيمية في" الفتاوى ألكبري بتصرف- 6/369 "
والشيعة هم ثلاث درجات ، شرها الغالية الذين يجعلون لعلي شيئاً من الإلهية أو يصفونه بالنبوة. .
والدرجة الثانية : وهم الرافضة المعروفون ، كالإمامية وغيرهم ، الذين يعتقدون أن علياً هو الإمام الحق بعد النبي صلى الله عليه وسلم بنص جلي أو خفي وأنه ظلم ، ومنع حقه ، ويبغضون أبا بكر وعمر ويشتمونهما .
والدرجة الثالثة : المفضلة من الزيدية وغيرهم ، الذين يفضلون علياً على أبي بكر وعمر، ولكن يعتقدون إمامتهما وعدالتهما ويتولونهما.اهـ
2-الخوارج :
والخوراج هم الذين خرجوا علي حكم سيدنا عثمان حتى قتلوه ثم أنكروا علي سيدنا علي – رضي الله عنه- قبوله التحكيم في موقعة صفين وانقلبوا عليه ,
,ورفضوا قبول ما جاء من أحاديث عن الصحابة ممن شارك في الفتنة فهم أئمة الجور ( حسب زعمهم ) , ولذا نسب البغدادي في "كتابه أصول الدين -ص19 " إنكار السنة إلى الخوارج .
وقال ألأجري في ""الشريعة بتصرف- باب ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 1/29"
قال محمد بن الحسين : لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أن الخوارج قوم سوء ، عصاة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن صلوا وصاموا
واجتهدوا في العبادة ، فليس ذلك بنافع لهم .. لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون
ويموهون على المسلمين ...إلي أن قال : ثم إنهم بعد ذلك خرجوا من بلدان شتى ، واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى قدموا المدينة ، فقتلوا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه .
وقد اجتهد أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-ممن كان في المدينة في أن لا يقتل عثمان ، فما أطاقوا ذلك . ثم خرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
ولم يرضوا بحكمه ، وأظهروا قولهم ، وقالوا : لا حكم إلا لله ، فقال علي رضي الله عنه : كلمة حق أرادوا بها الباطل ، فقاتلهم علي رضي الله عنه فأكرمه الله عز وجل بقتلهم
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل من قتلهم أو قتلوه ، وقاتل معه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم . فصار سيف علي بن أبي طالب في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة ."اهـ
3-الأستشراق :-
بدأت أول مراحل الأستشراق عندما صارت الحضارة الإسلامية لا تضاهيها حضارة أخرى
في العلوم والمعارف , وبدافع من الحقد والكراهية للإسلام بدأ الإستشراق في التشكيك في مصدري التشريع الكتاب والسنة ولما عجزوا عن التشكيك في القرآن الذي وعد الله بحفظه-
كما قال تعالي : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون }-الحجر/9
انتقلوا بحقدهم إلي المصدر الثاني وهو السنة النبوية وابرزوا الخلافات وحرفوا النصوص وأنكروا حجية السنة وشككوا في كتب الصحاح والمسانيد واخضعوا الأحاديث للتجارب المعملية
وأساءوا إلي نبي الإسلام وإلى الصحابة الكرام , وأمثال هؤلاء المستشرقين المستشرق اليهودي المجري " جولد تسيهر " ومن افتراءاته في كتابه "العقيدة والشريعة في الإسلام"قوله:
إن القسم الأكبر من الحديث ليس إلا نتيجة للتطور الديني والسياسي والاجتماعي للإسلام في القرنين الأول والثاني , وأنه ليس صحيحاً ما يقال :
من أنه وثيقة الإسلام في عهدة الأول عهد الطفولة ولكنه أثر من أثار جهود الإسلام في عصر النضوج .اهـ
وكذلك المستشرق الأمريكي" جب " الذي قال: الإسلام بني على الأحاديث أكثر مما هو مبني على القرآن
ولكننا إذا حذفنا الأحاديث الكاذبة لم يبق من الإسلام شئ .. )
( أنظر التبشير والاستعمار د/ مصطفى خالد ),وغيرهما من المستشرقين الحاقدين علي الإسلام ونبي الإسلام .
وفي هذا الذي قالوه افتراء فاضح وتدليس تدحضه وتنفيه وقائع التاريخ ,وكل ذلك من أجل النيل من السنة النبوية,
ولن ينجحوا في مأربهم فإن السنة الشريفة قد ثبتت بأدق طرق التثبيت للرواية , والنقل الصحيح بالإسناد المتصل حسب علم وأصول خص الله به هذه الأمة حفظاً لسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
وبعد فهذه هي أهم مصادر منكري السنة قديماً وحديثاً التي بنوا عليها ترهاتهم وأباطيلهم
وتلك هي نشأتهم وتطورهم , وسوف نذكر في السطور التالية الأدلة على حجية السنة التي يحاول منكروها التشكيك فيها دواماً والله المستعان